فإن رأى كأنّه دخل عليه، أصاب غنى وسروراً. ودخول الإمام العدل إلى مكان، نزول الرحمة والعدل على أهل ذلك الموضع ومكاشفة الرعية السلطان الجائر، وهن للسلطان وقوة للرعية.
وأما الفرح فإنه ليس بمحمود ومن رأى أنه فرحان مسرور فإنه غم وحزن وإن رأى أنه فرح من جهة أحد فإنه يحزن منه ورؤية الفرح للميت بشارة وخاتمة خير ودلالة على أن الميت راض عنه وقال بعضهم من رأى أنه فرح بغير سبب فإنه يدل على قرب أجله
ما المستند علية في قلب المعني في التعبير , كالبكاء يعبر بالفرح , والموت في الحياة ؟
مما هو شائع بين المعبرين من مناهج التعبير; التعبير بقلب المعني , كالبكاء يعبر بفرح , والموت يعبر بحياة , وهذا أري استخدامة عند وجود معني سئ , فيقلب تفاؤلا , ومما وجدتة من أدلة تعضد هذا المنهج ما جاء في قولة تعالي : ( اذا يريكهم الله في منامك قليلا ولو أرئكهم كثيرا لفشلتم ولتنزعتم في الأمر ولكن الله سلم انة عليم بذات الصدور (43)واذ يريكموهم اذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا والي الله ترجع الأمور (44)(الأنفال : 43 , 44 ) .
قال مجاهد : أراهم الله اياة في منامة قليلا , وأخبر النبي صلي الله علية وسلم أصحابة بذلك فكان تثبيتا لهم .
قال سيد قطب : والرؤيا صادقة في دلالتها الحقيقية , فقد راهم النبي قليلا وهم كثير عددهم , ولكن قليل غناؤهم , قليل وزنهم في المعركة . . . الخ .
ولما تقابل الطرفان وجها لوجة تكررت الرؤيا النبوية الصادقة في صورة عيانية من الجانبين , بحيث يري المؤمنون الكافرين قلة , ويري الكافرون المؤمنين قلة , بحيث أن كلا من الفريقين أغري بخوض المعركة .
والسبب في أن الكافرين يرون المؤمنين قلة ; كما قال الرازي : ألا يستعد الكافرون كا الاستعداد , وأن يجترؤوا علي المؤمنين معتمدين علي قلتهم , ثم تفجؤهم الكثرة فيدهشوا ويتحيروا . . . الي أن قال : وفي التقليل من الطرفين معارضة تعرف بالتأمل .
اذا الكافرون كانوا في الحقيقة كثير , والمؤمنون قلة , ورؤية النبي صلي الله علية وسلم لهم قليل في الرؤيا , جاء لحكمة عظيمة , وهي أن يجرأ الله المؤمنين علي الكافرين في ميدان القتال , وهذا مما ساعد المؤمنين علي تحقيق النصر , والله أعلم .
ويوجد صورة قريبة من هذة , فالأقارب أحيانا ينوب بعضهم عن الاخر في المنام , فقد نري العم , ويكون المعني عم اخر , وقد نري أحد الاخوة , ويكون المعني منصرفا لأخ اخر , وهكذا .
فإن رأى كأنّه دخلها من أيّ باب شاء، فإنّهما عنه راضيان، فإن أى كأنّه دخلها، نالت سروراً وأمناً في الدراين، لقوله تعالْى: " ادخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنين " .
دخول الدار وغيرها
من رأى في المنام أته دخل دار رجل فإنَّه يغلبه على دنياه. ومن رأى أنه دخل دار الإمام، واستقر فيها واطمأن، فإنه يداخله في خواص أمره. ودخول الإمام العدل إلى مكان يدلّ على نزول البركة والعدل فيه. وإن كان إماماً جائرا فدخوله فساد ومصائب، وإن كان قد اعتاد الدخول إلى ذلك المكان فلا يضره. ومن رأى أنَّه دخل الجنة فهو يدخلها إن شاء اللّه تعالى، وذلك بشارة له بها لما قدم لنفسه أو يقدمه من خير. ومن رأى أنه دخل جهنم ثمّ خرج منها، فإن ذلك يراه أصحاب المعاصي والكبائر، وهو نذير ينذره ليتوب ويرجع. وقيل: من دخل جهنم، سواء كان كافراً أو مؤمنا، أصابته الحمى وافتقر وسجن، وإن كان سوقيا أتى كبيرة، أو داخل الكفّار والفجّار وقيل: إنَّ دخول الجنة للحاج دليل على أنَّه يتم حجه، ويصل إلى الكعبة، وإن كان كافراً أسلم، وإن كان مريضاً مؤمنا شفي من مرضه، وإن كان كافراً تخلص من كفره، وإن كان عازباً تزوج، وإن كان فقيراً استغنى، وقد يرث ميراثاً. ومن دخل داراً مجهولة البناء والتربة والموضع والأهل، وكانت منفردة عن الدور، لا سيما إن رأى فيها موتى يعرفهم فهي الدار الآخرة فإنه يموت، فإن دخلها وخرج منها، فإنَّه يشرف على الموت ثم ينجو. ومن رأى نفسه في الدار الآخرة وكان مريضاً أفضى إليها سالماً معافى من فِتَن الدنيا وشرورها، وإن كان غير مريض فهي بشارة على قدر عمله من حج أو جهاد أو زهد أو عبادة أو علم أو صدقة أو صلة أو صبر على مصيبة. ومنٍ رأى أنه يدخل الدار الآخرة ويرى ما فيها فإن الرؤيا فيمن كان حسن الفعال يفعل بعلم واستطاعة، ويدل على بطالة ومضرة، ومن كان خائفاً أو مهموما أو مغموماً ذهب خوفه وهمه وغمه، ومن رأى أنه عاد من الآخرة بعد دخوله إليها، فإنه يرجع من الغربة إلى بلاده. وإن بَعُدَ الوقت دلّ على أنَّه يبقى في الغربة. ودخول مكة في المنام للعاصي توبة، وللكّافر إسلام، وللأعزب زوجة، وإن كان الرائي مخاصماً دلّ على انتصاره في مخاصمته، ويدل دخوله مكة على الأمن من الخوف. ومن دخل مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام وكان خائفاً أمن، وربما دلّ دخول المقام على تولية المنصب الجليل كالملك، أو التصدي لإفادة العلم، أو يرث وراثة من أبيه أو أمه. ودخول البيت والمسجد الحرام دليل على دخول البيت بعروس. ويدل دخول المسجد الحرام على الأمن من الخوف وصدق الوعد. والدخول إلى السوق اجتهاد في طلب الرزق. والدخول إلى الدار يدلّ على قصد الزواج. والدخول إلى المسجد استقالة من الذنوب. والدخول إلى الكنيسة فساد الدين.
ومن رأى أنه دخل روضة وهي ملك لغيره ثم أراد بدخوله التنزه فإنه يدل على مجالسته الصالحين وحجة معهم، وأما حرقها أو قلعها أو يبسها فتأويله كما تقدم في ذكر البساتين، وكذلك إذا رأى فيها من الوحوش أو هوام الأرض، وأما الروضة التي بحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد تقدم تعبيرها في الباب العاشر.
الفرح
هو في المنام يدل على الهم والحزن، لقوله تعالى: (لا تفرح إن اللّه لا يحب الفرحين). وربما دلّ على التشاغل عن الطاعة، فإن كان الفرح لخبر خير كخلاص سجين أو عافية مريض فإنها انتقالات صالحة. والفرح في المنام هم، فمن رأى أنه فرح فإنه يغتم. انظر أيضاً السرور.
ومن رأى أنه دخل حماما فوجد فيه ما لا يمكن دخوله ولا يحل به فإن كان نوعه محبوبا فلا بأس به، وإن كان مكروها فلا خير فيه، وقيل فتح الجامة أو الطاقة أو الأبواب من الحمام نقص من الهم والغم، وأما المستوقد فلا يحمد في الرؤيا بما يعبر بالوالي الظالم الذي يأكل أموال الناس ظلما.