من رأى هلالا طلع من مطلعه في غير أول الشهر، فإنه طلعة ملك أو ولادة مولود عظيم الخطر، أو قدوم غائب أو ورود أمر جديد، وليس طلوع الهلال كطلوع القمر. وطلوع النجم رجل شريف.
ومن عانق رجلا: حيا أو ميتا طالت حياته، وكذلك إن صافحه.
من رأى أن القبلة حولت من مكانها إلى جهة أخرى وهو متبع ذلك فهو على ثلاثة أوجه تغير الملك وانتقال الرائي نحو جهة انتقال القبلة وظهور ملك من تلك الجهة واستيلاؤه بعقد صحيح هذا إذا رأى الناس تابعيها، وقد تقدم في الباب الثامن في فصل الصلاة تعبير من رأى أنه يصلي إلى جهة غير القبلة.
من رأى أنه يخطب على المنبر وهو أهل لذلك يحصل له علو وقدر وعز وجاه، وإن لم يكن أهلا لذلك فإن كان في السفر يتعذر رجوعه بالسلامة، وإن كان غنيا يفتقر وإن كان فقيراً مرض وأصابه بلاء وشدة، وإن كان جاهلاً فحقارة في أعين الناس، وإن كان من أهل الذمة يدل على إسلامه أو قرب أجله، وإن كان سلطاناً مصلحاً يدل على عدل وإنصافه، وإن كان مفسدا يتوب الله عليه، وإن كان امرأة فيفتضح زوجها، وقيل يشتهر على رؤوس الأشهاد بكلام لا خير فيه، وقيل انها تتزوج وربما تطلق أو تأتي بولد من الزنا وعلى كل حال لا خير فيه.
ومن رأى أن جميع أسنانه سقطت وذهبت فإنه يؤول على خمسة أوجه موت أقاربه وطول عمره وذهاب ماله وعيشة رديئة وربما يموت وإن سقطت في حجره أو يده أو فيما يحصل به حفظ فتؤول على عشرة أوجه حصول مال وكثرة نسل واجتماع اقاربه بمكان وهدم بئر له ووفاء ديون وذهاب مال في مصلحة ومضى ثمان وعشرين سنة من عمره وحياة مدة اثنتين وثلاثين سنة وغرم ثلاثين درهما إلى ثلاثين ألفا على حسب المقام واذهاب مال في نفقة ويستفيد غيره.
وكل ما رؤي في غير مكانه وفي ضد موضعه فمكروه، كالنعل في الرأس، والعمامة في الرجل، والعقد في اللسان. وكل من استقضى أو استفتى أو استحلف ممن لا يليق به ذلك، نالته بلايا الدنيا واشتهر بذلك وافتضح.
ومن رأى أنه يتكلم بالعربي فصيحاً فحصول عز وشرف، وإن تكلم بالعجمي فإنه يصحب الأكابر ويحصل منهم منفعة وإن تكلم بالعبراني فإنه يحصل له منه ميراث، وإن تكلم بالهندي يدل على مصاحبة دنيء الأصل، ومن تكلم بالتركي يسمع ما يضره، ومن تكلم بالرومي يكون حريصا على كسب المال ومن تكلم بالفرنجي يحصل له من شغله خير ومنفعة، ومن تكلم بالأرمني يدل على مصاحبة دنيء الأصل، ومن تكلم بجميع الألسن يدل على أنه يحصل له دنيا ويكون عزيزا عند الناس.
عن مخرمة بن نوفل-رضي الله عنه-عن أمه رقيقة بنت أبي صيفي ابن هاشم وكانت لدة عبد المطلب قالت: تتابعت على قريش سنون
جدبة أقحلت الجلد وأرقت العظم,قالت: فبينما انا راقدة اللهم أو مهومة إذا أنا بهاتف صيت يصرخ بصوت صحل يقول: يامعشر
قريش إن هذا النبي مبعوث منكم وهذا إبان مخرجه فحي هلا بالخير والخصب,ألا فانظروا منكم رجلا طوالا عظاما أبيض بضا أشم
العرنين,له فخر يكظم عليه وسنة تهدي إليه,ألا فليخلص هو وولده وليدلف إليه من كل بطن رجل,ألا فليشنوا من الماء وليمسوا من
الطيب وليستلموا الركن, وليطوفوا بالبيت سبعا ثم ليرتقوا أبا فبيس فليستسق الرجل وليؤمن القوم,ألا وفيهم الطاهر والطيب لذاته,ألا
فغشم إذا ما شئتم وعشتم.
قالت: فأصبحت علم الله مفئودة مذعورة قد قف جلدي ووله عقلي فاقتصصت رؤياي فنمت في شعاب مكة .
فوالحرمة والحرم إن بقى بها أبطحي إلا قال هذا شيبة الحمد,هذا شيبة,وتتامت عنده قريش.
وانفض إليه من كل بطن رجل فشنوا وطيبوا واستلموا وطافوا ثم ارتقوا أبا قبيس وطفق القوم يدفنون حوله ما إن يدرك سعيهم مهله
حتى قر لذروته فاستكنوا جنابيه ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ غلام قد أيفع أو كرب
فقام عبد المطلب فقال: اللهم ساد الخلة وكاشف الكربة أنت عالم غير معلم ومسؤول غير مبخل وهولاء عبداؤك وإماؤك بعذرات حرمك
يشكون إليك سنتهم التي قد أقحلت الظلف والخف,فاسمعن اللهم وامطرن غيثا مريعا مغدقا,فما راموا حتى انفجرت السماء بمائها
وكظ الوادي بشجيجه فلسمعت شيخان قريش وهي تقول لعبد المطلب:
هنيئا لك يا أبا البطحاء هنيئا,أي لك عاش أهل البطحاء وفي ذلك تقول رقيقة:
بشيسة الحمد أسقى الله بلدتنا وقد فقدنا الحيا واجلوذ المسطر
فجاد بالماء جوفي له سبل دان فعاشت به الأمصار والشجر
سيل من الله بالميمون طائرة وخير من بشرت يوما به مضر
مبارك الأمر يتقى الغمام به ما في الأنام له عدل ولا خطر
وفي هذا الحديث غريب نشرحه مختصرا,قوله: لدة عبد المطلب اي عمل سنة .
وأقحلت ايبست .
وأرقت العظم أي جعلته ضعيفا من الجهد .والتهويم أول النوم والإبان الوقت .
وحي هلا كلمة تعجيل .
والحيا -مقصور-المطر والخصب, أي أتاكم المطر والخصب عاجلا .
والعظام بضم العين أبلغ من العظيم .
والبعض الرقيق البشرة .
والأشم المرتفع .
وقوله: له فخر يكظم عليه أن يخفيه ولا يفاخر به .
والسنة الطريقة . وتهدي إليه,أي تدل الناس عليه.
فليشنوا,بالسين والشين , أي فليصبوا , ومعناه فليغتسلوا .
فغثم أي أتاكم الغيث والغوث .
ونمت أي فشت وشيبة الحمد لقب عبد المطلب .
وتتامت إليه,أي جاءوا كلهم.ومهلة سكونه وقوله: كرب أي قرب. والخلة الحاجة. والعذرات الأفنية. والسنة القحط والشدة .
ويعني بالظلف والخف الغنم والأبل. والمغدق الكثير. واكتظ أي ازدحم. والثجيج سيلان كثرة الماء. والشيخان المشايخ. واجلوذ أي تأخر
والجوني السحاب الأسود.
قوله: بصوت صحل أي فيه بحوحة. وقوله: رجلا طوالا أي طويل فإذا أفرط في الطول قيل طوال بالتشديد. وقوله: فليدلف,الدليف
هو المشي الرويد يقال: دلف إذا مشى وقارب الخطو. وقولها: وفيهم الطاهر والطيب لذته -تعني به رسول الله صلى الله عليه وسلم-
وقولها: مفئودة,المفئود هو الذي أصيب فؤاده -أي قلبه- بوجع. والذعر بالضم الخوف والفزع. وقوله: وقف جلدي أي تقبض
وقيل: أرادت قف شعري فقام من الفزع. والوله دهاب العقل والتحير من شدة الوجد.
وقولها: فوالحرمة والحرم,هذا من الحلف بغير الله وهو شرك,وقد وقع ذلك منها في زمن الجاهلية وهي إذا ذاك مشركة.
وقولها: يدفون حوله أي يسيرون سيرا لينا. والميمون طائرة وخير من بشرت به مضر هو النبي صلى الله عليه وسلم
ولا يبعد أن تكون إغاثة قريش بسبب كونه صلى الله عليه وسلم من المستغيثين منهم والله أعلم .
رؤيا جويرية بنت الحارث
أن رسول الله - صلي الله علية وسلم - سيتزوجها
59 - عن حزام بن هشام عن أبيه قال: قالت جويرية بنت الحارث -رضي الله عنها - : رأيت قبل قدوم النبي - صلي الله علية وسلم - بثلاث ليال كأن القمر أقبل يسير من يثرب حتي وقع في حجري فكرهت أن أخبر بها أحداً من الناس حتي قدم رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فلما سبينا رجوت الرؤيا فلما أعتقني وتزوجني والله ما كلمته في قومي حتي كان المسلمون هم الذين أرسلوهم وما شعرب إلا بجارية من بنات عمي تخبرتي الخبر فحمدت الله - عز وجل - (2).
فإن رأى موضع قاضٍ. ونال فزعاً وخصومة. وقيل موضع الحكم والقضاة والمتكلمين والأحكام والمعلمين للسنن والشرائع والفرائض في الرؤيا، يدل على اضطراب وحزن وتلف مال كثير في جميع الناس، وعلى ظهور الأشياء الخفية. ويدل في المرض على البحران.
أن رسول الله - صلي الله علية وسلم - سيتزوجها
58 - عن ابن عباس قال : كانت سودة بنت زمعة عند السكران بن عمرو أخي سهيل بن عمرو فرأت في المنام كأن النبي - صلي الله عليه وسلم - أقبل يمشي حتي وطىء علي عنقها فأخبرت زوجها بذلك فقال : وأبيك لئن صدقت رؤياك لأموتن وليتزوجنك رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فقالت: حجراً وستراً قال هشام : الحجر تنفي عن نفسها ذاك، ثم رأت في المنام ليلة أخري أن قمراً انقض عليها من السماء وهي مضطجعة فأخبرت زوجها فقال: وأبيك لئن صدقت رؤياك لم ألبث إلا يسيراً حتي أموت وتزوجين من بعدي فاشتكي السكرات من يومه ذلك فلم يلبث إلا قليلاً حتي مات وتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
زيت التربنتين
تدل رؤية زيت التربنتين في الحلم على ارتباطات ومشاغل غير مربحة في المستقبل. إذا حلمت امرأة أنها تضع زيت تربنتين على جروح الآخرين فهذا يعني أنها ستكسب صداقات وعطف واحترام الآخرين بسبب أعمالها الطيبة الخيرة.
فإن رأى للإمام قرنين، فإنه يملك المشرق والمغرب، لقصة الإسكندر، فإن رأى الإمام هيئته هيئة السوقة، أو رأى كأنه يمشي في السوق مع غيره تواضعاً، لم يخل ذلك بسلطانه، بل زاده قوة.
وقيل من رأى كأنّه جندي، فإنّه يصيبه غم أو خسران. وإن كان مريضاً مات. وقيل إذا رأى العبد كأنّه جندي، أصاب عزاً وكرامة، ومن رأى كأنّه أثبت اسمه في ديوان، من غير أن يصير جندياً، فإنّه يصيب كفاية في العيش من غير أذى ولا مشقة،
وقال السالمي من رأى أن شيئا من أسنانه سقط إلى حجره أو صره في ثوبه أو وقعت في يده فإنه يؤول على وجهين فاما وضع حامل أو استفادة مال، ومن رأى أن بأسنانه عيبا ينكر في اليقظة فإنه يؤول على ثلاثة أوجه هم وحزن وافلاس وموت قرابة أو ضعف همه.
82 - ذكر ابن القيم أيضآ عن القيرواني أنه ذكر في (كتاب البستان) عن بعض السلف قال : كان لي جار يشتم أبا بكر وعمر-رضى الله عنهما- فلما كان ذات يوم أكثرمن شتمهما فتناولته وتناولني فانصرفت الى منزلي وأنا مغموم حزين فنمت وتركت العشاء فرأيت رسول الله (ص) , فى المنام فقلت: يا رسول الله فلان يسب أصحابك قال: (من اصحابى)؟ قلت: ابو بكر وعمر فقال:(خذ هذه المدية فاذبحه بها), فأخذتها فأضجعته وذبحت ورأيت كأن يدى أصابها من دمه فألقيت المدية وأهويت بيدي الى الأرض لأمسحها فانتبهت وأنا أسمع الصراخ من نحو داره فقلت: ما هذا الصراخ: قالوا: فلان مات فجأة فلما أصبحنا جئت فنظرت اليه فاذا خط موضع الذبح.
83- قال: وقال محمد بن عبدالله المهبلي : رأيت في المنام كأني في رحبة بني فلان واذا النبي(ص) , جالس على أكمة ومعه أبوبكر وعمر واقف قدامه فقال له عمر:يا رسول الله ان هذا يشتمني ويشتم أبا بكر , فقال :(جئ به يا أبا حفص), فأتى برجل فاذا هو العماني وكان مشهورآ بسبهما فقال له النبي (ص) )اضجعه), فاضجعه ثم قال (اذبحه) فذبحه,قال:فما نبهني الا صياحه فقلت:ما لي لا أخبره عسى أن يتوب فلما تقربت من منزله سمعت بكاء شديدآ, فقلت : ما هذا البكاء؟ فقالوا: العماني ذبح البارحة على سريره,قال : فدنوت من عنقه فاذا من أذنه الى أذنه طريقة حمراء كالدم المحصور.
وقيل يحتاج المعبر أن يسأل ممن يرأى رؤيا فنسيها لما استيقظ من منامه كيف وجد حاله فإن وجد يده على أصابعه فيكون قد رأى أشجارا صغارا وإن وجدها على ظهره فيكون قد رأى بادية وإن وجدها على جنبه فيكون قد رأى شخصا مضطجعا وإن وجدها على أضلاعه فيكون قد رأى نسوة وإن وجدها على استه فيكون قد رأى مزبلة وإن وجدها على رأسه فيكون قد رأى عمودا ضخما أو شجرة كبيرة وإن وجدها على فخذه فيكون قد رأى شجرة
طويلة وإن وجدها على ركبته فيكون قد رأى نهرا وإن وجدها على أصابع رجله فيكون قد رأى غابة صغيرة.
56 - عن محمد بن إسحاق قال : حدثني محمد بن مسلم الزهري وعاصم ابن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير وغيرهم من علمائنا عن ابن عباي - رضي الله عنهما - كل قد حدثني بعض هذا الحديث فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث بدر، قالوا : لماسمع رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بأبي سفيان مقبلاً من الشام ندب المسلمين إليهم وقال : هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله - صلي الله علية وسلم - يلقي حرباً ، وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتحسس الأخبار ويسأل من لقي من الركبان تخوفاً علي امر الناس حتي أصاب خبراً من بعض الركبان أن محمداً قد أستنفر أصحابه لك ولعيرك فحذر عند ذلك فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه إلى مكة وأمره أن يأتي قريشاً فيستنفرهم إلي أموالهم ويخبرهم أن محمداً قد عرض لها في أصحبه فخرج ضمضم بن عمرو سريعاً إلي مكه.
قال ابن إسحاق : فأخبرني من لا أتهم عن عكرمة عن ابن عباس ، ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قالا : وقد رأت عاتكة بنت المطلب قلا قدوم ضمضم مكة بثلاث ليال رؤيا أفزعتني وتخوفت ان يدخل علي قومك منها شر ومصيبة فاكتم عني ما أحدثك به ، فقال لها : وما رأيت؟ قالت : رأيت راكباً أقبل علي بعير له حتي وقف بالأطبح ثم صرح بأعلي صوته : ألا انفروا يا آل غُدر لمصارعكم في ثلاث فأرى الناس اجتمعوا إليه ثم دخل المسجد والناس يتبعونه فبينما هم حوله مثل به بعيره علي ظهر الكعبة ثم صرخ بمثلها ، ألا انفروا يا آل غُدر لمصارعكم في ثلاث ، ثم مثل بعيره علي رأس أبي قبيس فصرخ بمثلها ثم أخذ صخرة فأرسلها فأقبلت تهوي حتي إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت فما بقي بيت من بيوت مكة ولا دار إلا دخلتها منها فلقة . قال العباس: والله إن هذه لرؤيا وأنت فاكتميها ولا تذكريها لأحد. ثم خرج العباس فلقي الوليد بن عتبة بن ربيعة وكان له صديقاً فذكرها له وإسكتمته إياها فذكرها الوليد لأبيه عتبه ففشا الحديث بمكة حتي تحدثت به قريش.
قال العباس : فغدوت لأطوف بالبيت ، وأبو جهل بن هشام في رهط من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة ، فلما رآني أبو جهل قال : يا أبا الفضل إذا فرغت من طوافك فأقبل إلينا فلما فرغت أقبلت حتي جلست معهم فقال لي أبو جهل : يا بني عبد المطلب متي حدثت فيكم هذه النبية؟ قال : وما ذاك؟ قال : تلك الرؤيا التي رأت عاتكة ، قال : فقلت : وما رأت؟ يا بني عبد المطلب أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتي تتنبأ نسائكم وقد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال، انفروا في ثلاث فسنتربص بكم هذه الثلاث فإن يك حقاً ما تقول فسيكون وإن تمض الثلاث ولم يكن من ذلك شيء نكتب عليكم كتاباً أنكم أكذب أهل بيت العرب، قال العباس: فوالله ما كان مني إليه كبير شيء إلا أني جحدت ذلك وانككرت أن تكون رأت شيئاً، قال: ثم تفرقنا فلما أمسيت لم تبق أمرأة من بني عبد المطلب إلا أتتني فقالت: أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم ثم قد تناول النساء وأنت تسمع ثم لم يكن عندك عير لشيء مما سمعت، قال: قلت: قد والله فعلت ما كان مني إليه من كبير وأيم الله لأتعرضن له فإن عاد لأكفيكنه، قال: فغدوت في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة وأناا حديد مغضب أرس أني ثد فاتني منه أمر أحب أن أدركه منه، قال: فدخلت المسجد فرأيته فوالله إني لأمشي نحوه أتعرضه ليعود لبعض ما نحو باب المسجد يشتد, قال: فقلت في نفسي: ما له لعنه الله، أكل هذا فرق مني أن أشاتمه، قال: وإذا هو قد سمع ما لم أسمع، صوت ضمضم بن عمرو الغفاري وهو يصرخ ببطن الوادي واقفاً علي بعيره قد جدع بعيره وحول رحله وشق قميصه وهو يقول: يا معشر قريش، اللطيمة اللطيمة، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابة لا أري أن تدركوها، الغوث الغوث، قال: فشغلني عنه وغلع عني ما جاء من الأمر (1).
*وفي رواية: فشغلني عنه ما جاء من الأمر فلم يكن إلا الجهاز حتي خرجنا فأصاب قريشاً ما أصابها يوم بدر من قتل أشرافهم وأسر خيارهم. فقالت عاتكة بنت عبد المطلب فيما رأت وما قالت قريش في ذلك :
ألم تكن الرؤيا بحق وجاءكم بتصديقها فلً من القوم هارب
فقلتم ولم أكذب كذبت وإنما يكذبنا بالصدق من هو كاذب
فمن رأى أنه في مدينة مجهولة لم يعرفها فإن ذلك علامة الصالحين، وربما نال ما يسأله لقوله تعالى " اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم " يعني أي مصر كان، وربما كانت المدينة المجهولة دار الآخرة فإن عرفت وقد كان دخلها في اليقظة فلا بد من إعادته إليها، وربما كان آمنا من خوف لقوله تعالى " ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين " .
ومن رأى أن داره انهدمت أو بعضها فإنه يموت انسان بها أو يصيب صاحبها مصيبة كبيرة أو حادث شنيع، ورؤيا هدم الحصون والأبراج نقص في الدين وخلل في المعيشة، وهدم القناطر ارتكاب أمر شنيع يحصل منه الضرر لجماعة متكبرين، وربما كان فسادا في الدين، وقيل خراب البيت والحانوت وما أشبه ذلك نقصان مال وضلال في مهمات الدنيا.
ومن رأى أن في أسنانه فلجاً فهو عيب أهل بيته يرجع إليه وربما دل ذلك على زيادة الحسن لأنه مستحسن عند الناس، وقيل فلج الأسنان ثناء جميل على بيته وكلال الأسنان كلال حال وضعف ونقاء الأسنان يدل على بذل مال في نفي الهموم، وبياض الأسنان وطولها وكمالها زيادة قوة وجاه.
ومن رأى أنه مات ورأى الموت عيانا وعليه هيئة الأموات فإنه فساد في دينه ويرجى له الصلاح ما لم يدفن، فإن دفن لقي الله على غير توبة إلا ان يرى أنه عاش وخرج من القبر بعد ذلك فإنه يتوب ويحسن حاله لقوله تعالى " أو من كان ميتا فأحييناه " .
ومن رأى أن له سفينتين فرأى أحدهما قد خرقت فإن التي انخرقت هي التي يرجى نجاتها لقوله تعالى " أخرقتها لتغرق أهلها " ، وربما دل العطب على السلامة إن كانت رؤياه صادقة لتجارتها.