وكذلك لبنة القميص: إذا كانت صحيحة جديده بأزرارها، كان صاحبها لذلك مجتمع الشأن حسن الحال. وإن كانت اللبنة بالية متقطعة، أو رأى أنّها سقطت عن قميصه، فإنِّه يتفرق على صاحب القميص شأنّه وأمره، لأنّ جيب القميص شأنّه وأمره.
الشهر
إذا كانت الرؤيا في شهر المحرم فإنها صحيحة لا تخطئ. ورؤيته في المنام تدل على الفَرَج والخلاص من السجن والشفاء من الأمراض. وإن كان الرائي قد اعتزل قومه أو بلده عاد إليهم قياساً على قصة يونس عليه السلام لخروجه فيه من بطن الحوت. وربما شاهد فتنة عظيمة كموت إمام عادل أو ظهور عالم لأن اللّه تعالى خلق فيه آدم وحواء عليهما السلام. وإن كان الرائي عاصيا تاب إلى اللّه تعالى، لأن اللّه تعالى تاب فيه على آدم عليه السلام. وإن كان الرائي ممن يرجو المنزلة والشرف حصل له ذلك لأن اللّه تعالى رفع فيه إدريس عليه السلام مكاناً عالياً. وإن كان المسافر في البحر نجا هو ومن معه لأن السفينة استوت فيه على الجودي. وإن كان الرائي يرجو الولد رزق ولداً صالحاً لأن فيه ولد إبراهيم وعيسى عليهما السلام. وإن كان الرائي في ضيق فُرِّج عنه أو نجا من عدوه لأن اللّه تعالى نجّى فيه إبراهيم عليه السلام من نار النمرود. وربما رجع الرائي عن بدعته وضلالته وتاب إلى اللّه تعالى وأقلع عن ذنوبه، لأن اللّه تعالى تاب فيه على داود عليه السلام. وإن كان الرائي معزولاً عن ولايته عاد إلى منصبه لأن اللّه تعالى رد فيه الملك على سليمان عليه السلام، وإن كان فقيراً أو مريضاً شُفي من مرضه وأغناه اللّه تعالى لأن اللّه تعالى كشف فيه الضر عن أيوب عليه السلام. وربما أرسل الرائي رسلاً لأن اللّه تعالى كلّم فيه موسى عليه السلام، وربما فتح على المسلمين بلد من بلاد الكفر.
وإذا كانت الرؤيا في شهر صفر فليست محمودة. ورؤيته لمن كان في هم أو شدة لا ضرر فيها، وإن كان مريضاً دلّت رؤياه على شفاء وصحة. وشهر ربيع الأول إذا كانت الرؤيا فيه فإنه يربح في تجارته ويبارك فيها ويسر ويفرح. وربما رزق ولداً صالحاً، وإن كان الناس في شدة زالت عنهم، وإن كانوا مظلومين انتصروا، ففيه. ولد النبي صلى اللّه عليه وسلّم. وربما غزا الناس غزوة مباركة ففيه كانت غزوة دومة الجندل. وشهر ربيع الآخر إذا كانت رؤياه دالة على الخير أبطأت، وإن دلّت على الشر تعجلت. وفيه ينتصر الإنسان على عدوه، أو يُرزق ولداً عالماً ففيه ولد الإمام علي كرم اللّه وجهه. وشهر جمادى الأولى إذا كانت الرؤيا فيه فلا يُرغَب فيه البيع والشراء. ومن رآه فقد ابنته أو زوجته، ففيه توفيت فاطمة الزهراء رضي اللّه عنها. وشهر جمادى الآخرة إن دلّت رؤياه على الخير أبطأت. ومن رأى شهر رجب في المنام دلّ على رفع المنزلة ففيه عُرِج بالنبي صلى اللّه عليه وسلّم إلى السماء. وشهر شعبان إذا كانت الرؤيا فيه خيراً تصح وتنمو ويتضاعف الخير، وقد يعزل ولاة الأمور. وشهر رمضان تنغلق فيه أبواب العسر والفواحش والبخل، وتتعجل فيه رؤيا الخير وهي لا تبطئ، والرؤيا تدل على البركة والخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن كان طالباً للعلم حصل له لأن فيه نزل القرآن الكريم. وإن كان مريضاً بالصرع أفاق منه ففيه تصفد الشياطين. وشهر شوال في المنام يدل على الخلاص من الشدائد، وعلى السرور والأفراح، لأن مستهله عيد وفرح وفيه بناء الكعبة وغزوة الخندق. وشهر ذي القعدة إذا دلّت الرؤيا فيه على السفر فلا يسافر، وإن دلّت على هم فليجتنبه. وشهر ذي الحجة إذا دلّت الرؤيا فيه على السفر فليسافر وليسعَ في الأمور فإنه شهر مبارك وفيه العيد والأضحية، وفيه كانت وفاة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي اللّه عنهما.
وأتى أبن سيرين رجل فقال: رأيت امرأة من أهلي كأنّ بين ثدييها إناء من لبن، كلما رفعته إلى فيها لتشرب، أعجلها البول، فوضعته ثم ذهبت، فبالت. فقال هذه امرأة مسلمة صالحة، وهي على الفطرة، وهي تشتهي الرجال وتنظر إليهم، فاتقوا الله وزوجوها. فكان كذلك.
فإن رأى أنّه يتكلّم بكلام له يضارع الحكمة، إلا أنّه مزاح منه، فإنَّ تأويل المزاح هو البطر من فعاله، المكروه في الدين. وإن كان المتمطي ميتاً، فإنَّ تأويل الرؤيا لعقبه من الأحياء، لأنّ الميت لا يتطاول ولا يستبد ولا يبغي، لما صار إلى دار الحق واشتغل بنفسه.
ولبن الخنزير تغيير عقل صاحبه وذهنه وقيل إنّ الكثير منه مال حرام، والقليل منه حلال، لقوله تعالى: " فَمَنْ اضْطُرّ غَيْرَباغ ولا عاد فَلاَ إثْمَ عَلَيْهِ " . فقد رخص في القليل، وحرم الكثير.
قال بعضهم أنّ من رأى أنّه يفطر في شهر رمضان، فإنّه يصيب الفطرة وقال بعضهم أنّه يسافر في رضا الله تعالى، لقوله عزّ وجلّ: " فَمَنْ كَانَ مِنْكُم مَرِيضاً أَوْ عَلَىِ سَفَر " .