ج : الرؤيا سبق أن عرفناها , واستخلصنا من تعريفها , أنها أفعال مضروبة يضربها الملك الذي وكلة الله بالرؤيا ، ليستدل بها الرائي بما ضرب له من المثل على نظيره ، و يعبر منة الى شبيهه ، ولهذا سمي تأويلها تعبيرا.
وهذا الملك قيل: ان اسمه (صديقون) ولم أقف على خبر صحيح بهذه التسمية ، وانما تقول ملك الرؤيا ، أو الملك بلا تخصيص اسم بدليل ما أخرجه أحمد فى مسنده ، بسنده عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلي الله علية وسلم قال "رأيت كأني أُتيت بكتلة تمر فعجمتها في فمي، فوجدت فيها نواة آذتني فلفظتها، ثم أخذت أخرى فعجمتها فوجدت فيها نواة فلفظتها، ثم أخذت ثالثة فعجمتها فوجدت فيها نواة فلفظتها ". فقال أبو بكر : دعني فلأعبرها ، قال : قال اعبرها .
قال أبو بكر رضي الله عنه : هو جيشك الذي بعثت يسلم ويغنم، فيلقون رجلا فينشدهم ذمتك فيدعونه، ثم يلقون رجلا فينشدهم ذمتك فيدعونه، ثم يلقون رجلا فينشدهم ذمتك فيدعونه، قال صلى الله عليه وسلم : كذلك قال الملك .
والذي يهمني من إيراد الحديث، أن الرسول الكريم أطلق عليه الملك ، ولم يسمه، ولو كان له اسم لسماه ، كما سمى غيره من الملائكة ، مثل جبرائيل واسرافيل وميكائيل ، وغيرهم .
وقد ورد عن هذا الملك بعضا من الأوصاف التي لم أقف على صحتها ؛ ومن ذلك أن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة.
قال ابن حجر في الفتح : قال الحكيم : وكل الله بالرؤيا ملكا اطلع على أحوال بني آدم من اللوح المحفوظ، فينسخ منها ويضرب لكل على قصته مثلا، فإذا نام الإنسان مثل له الملك الأشياء على طريق الحكمة، لتكون له بشرى، أو نذارة، أو معاتبة .
نادرة روى بسند صحيح متصل إلى جماعة قال دخلت على حمزة ابن حبيب الزيات فوجدته يبكي فقلت ما يبكيك قال وكيف لا أبكي وقد رأيت في منامي كأني عرضت على الله تبارك وتعالى الليلة فقال لي يا حمزة اقرأ القرآن كما علمتك فوثبت قائما فقال لي يا حمزة اجلس فإني أحب أهل القرآن ثم قال لي أقرأ فقرأت حتى بلغت سورة طه فقلت طوى وأنا اخترتك فقال لي بين وإنا اخترناك ثم قال لي أقرأ فقرأت حتى بلغت سورة يس فقالت تنزيل العزيز الرحيم برفع اللام فقال عز وجل تنزيل العزيز الرحيم بالنصب يا حمزة كذا قرأت وكذا قرأت حملة العرش وكذا يقرأ المقرئون ثم دعا بسوار فسورني فقال عز وجل هذا بقراءتك القرآن ثم بمنطقة فمنطقني بها ثم قال عز وجل هذا بصومك النهار ثم دعا بتاج فتوجني بها ثم قال هذا بقراءتك القرآن للناس يا حمزة لا تدع تنزيل يعني بنصب اللام فإني نزلته تنزيلا أفتلوموني إن أبكي.)
نادرة وبسند متصل إلى سليم بن عيسى قال دخلت على حمزة بن حبيب الزيات رضي الله عنه فوجدته يمرغ خديه في الأرض ويبكي فقال أعيذك بالله ما هذا البكاء فقال رأيت البارحة في منامي كأن القيامة قد قامت وقد دعي بقراء القرآن فكنت ممن حضر فسمعت قائلا يقول بكلام عذب لا يدخل إلا من عمل بالقرآن فرجعت القهقري فهتف هاتف بإسمي أين حمزة ابن حبيب الزيات فقلت لبيك داعي الله لبيك فبادرني ملك فقال قل لبيك اللهم لبيك فقلت كما قال فأدخلت دارا سمعت بها ضجيج القراء فوقفت أرعد فسمعت قائلا يقول لا بأس عليك ارق واقرأ فرقيت فادرت وجهي فإذا أنا بمنبر من در أبيض ومرقاة من ياقوت أحمر ومرقاة من زبرجد أخضر فقيل ارق واقرأ فرقيت فقال لي أقرأ سورة الأنعام فقرأت وأنا لا أدري على من أقرأ حتى بلغت رأس الستين آية وهو القاهر فوق عباده قال يا حمزة ألست القاهر فوق عبادي فقلت بي قال صدقت اقرأ فقرأت الأعراف حتى بلغت آخرها فأوميت بالسجود فقال حسبك فأمض لا تسجد يا حمزة من أقرأك هذه القراءة قلت سليمان قال صدق من أقرأ سليمان قلت يحيى قال صدق يحيى قال على من قرأ يحيى قلت على أبي عبد الرحمن قال صدق أبو عبد الرحمن قال من أقرأ أبا عبد الرحمن قلت ابن عم نبيك علي بن أبي طالب قال صدق علي فمن اقرأ عليا فقلت نبيك صلى الله عليه وسلم قال صدق نبيي فمن أقرأ نبيي قلت جبريل عليه السلام قال فمن أقرأ جبريل فسكت قال يا حمزة قل أنت فقلت لا أحسن أن أقول قال قل أنت فقلت أنت قال صدقت يا حمزة وحق القرآن لأكرمن أهل القرآن لا سيما أن عملوا بالقرآن يا حمزة القرآن كلامي ما أحببت أحدا كحبي لأهل القرآن ادن مني يا حمزة فدنوت فغمس يده سبحانه في الغالية ثم ضمخني بها ثم قال لست افعل بك وحدك هذا يا حمزة قد فعلت بنظرائك من فوقك ومن دونك ومن قرأ القرآن كما قرأت لم يرد غيري وما خبأت لكم عندي فأكثر فأعلم أصحابك بما كان من حبي لأهل القرآن فهم المصطفون الأخيار يا حمزة وعزتي وجلالي لا أعذب لسانا تلا القرآن بالنار ولا قلبا وعاه ولا أذنا سمعته ولا عينا نظرته فقلت سبحانك يا رب فقال يا حمزة أين نظار المصاحف فقلت يا رب أي حفاظها فقال هم ولكني لهم حتى يلقوني إلى يوم القيامة فإذا لقوني رفعت لهم بكل آية درجة أفتلوموني أن أبكي وأمرغ وجهي في التراب.
ومن رأى إسماعيل عليه السلام، رزق السياسة والفصاحة، وقيل إنّه يتخذ مسجداً أو يعين عليه، لقوله تعالى: " وإذْ يرفعُ إبراهيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإسْماعِيل " . وقيل إن من رآه أصابه جهد من جهة أبيه، ثم يسهل الله ذلك عليه.
ومن رأى شيئا من الزهور لا يعرف اسمه ولا يعرف ما هو فإنه يؤول على وجهين، إما رؤية أناس مختلفة الملبوس لا يعرفهم، وإما وشي منسوج يكون فيه ألوان متعددة، وقيل رؤيا الأزهار الزكية الرائحة من حيث الجملة سواء كانت صفراء أو غيرها فإنه يؤول بالثناء الحسن خصوصا لمن شمه، وإذا كانت ليس لها رائحة ربما يكون هما أو أمرا لا يدوم لصاحب الرؤيا، وربما دام قليلا، وقيل رؤيا الزهرة الواحدة إذا كانت حسنة وهي مفردة تؤول بدنياه فمهما رأى فيها من حادث فهو يؤوب بحياته لقوله تعالى " زهرة الحياة الدنيا " .
وقال إسماعيل بن الأشعث من رأى أن له سيفين وهو متقلد بهما يمينا ويسارا فإنه يدل على حصول ولاية في عملين أو وظيفتين إن كان أهلا لذلك وإن لم يكن فهو ولدان.
الرؤي هل يمكن أن تحدد جنس أو اسم المواليد ؟
يكثر الاختلاف بين المعبرين فيمن يري أنة يرزق بنتا فيكون ولدا أو العكس , أنها من قبيل الأضغاث الناتج عن التفكير ,ولهذا الحامل التي من هذا النوع يكثر لديها الأحلام عن الولادة وجنس المولود , ولا يميز هذا الا المدقق من المعبرين . أما بالنسبة الي اختيار اسم المولود بناء علي رؤية , فانة لا يجب تنفيذ الوصية التي ترد من خلال الرؤي أو الأحلام بعامة , ويجب هنا أن نفرق بين رؤي الأنبياء التي هي وحي واجب التنفيذ , ورؤي غيرهم , التي لا يجب تنفيذها , ويخاصة اذا ما جاءت بأمر مخالف للشريعة مثلا , وأما ما يرد من خلال الرؤي للبعض ويحمل أمرا بتسمية ما , فلا يجب التقيد بها ولا اثم علي من خالفها .
أما معنى الأحلام المشابهة لرؤية امى ولد اسمه حمزة في المنام فيؤول إلى التالي