كف اليد
هو في المنام قوة الرجل، وانبساط الكف انبساط دنياه، وانفضاضه انفضاض دنياه. وإن رأى أن الشعر نبت في كفه فإنه يصيبه غم ودين. وقيل: هو مال ينبو عن يده. وإن نبت الشعر على ظهر الكف قوي حاله أو ذهب ماله. ومن رأى كفه معلقة وكان متصلاً بالسلطان أصاب منفعة وخيراً، وإن كان صياداً كثر صيده، وإن كان صاحب عقار نال منفعة. ومن رأى أنه صغير الكف فإنه يصير جباناً ضعيفاً في نفسه. والكف كف عن الأمور. ومن رأى كفاً وهو خائف من أمر انكف عنه. ومن رأى كفه متسعاً حسناً كان دليلاً على سعة رزقه وسخائه، وإن رآه مقبوضاً دلّ على بخله وقلة خيره. والكف إذا حسن كان دليلاً على الكف عن. الشر وعن معاصي اللّه تعالى أو الكف عن الصدقة. وربما دلّ حسن الكف على قبول الدعاء. والكف الراحة وهي الراحة من التعب أو إيجاد الراحة لغيره. وقيل: رؤية الكف تدل على ستة أوجه: العيش والمال والرئاسة والولد والشجاعة والبعد عن الحرام. انظر أيضاً اليد.
من رأى أنّ حاكماً أو مسلطاً قطع يمينه وبانت منه، فإنّه يحلف بالله عنده بيمين كاذبة، وأما اليد اليسرى إذا قطعها حاكم أو غيره وبانت منه، فهو موت أخ أو أخت، أو انقطاع ما بينه وبينهم. أو بينه وبين أخ مؤاخ غير ذي رحم. أو انقطاع شرِيك أو امرأة.
ومعنى هذه الآية، أنَّ الله يُنهي حياة العباد بقبض أرواحهم عند نهاية آجالهم
( وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا )
أي وقت النوم يحبسها عن التصرف كأنها شيء مقبوض فالتي حكم عليها بالموت حال النوم يقبضها حال النوم، ويرسل الأخرى التي لم يحكم عليها بالموت فيعيش صاحبها إلى نهاية أجله.
قال ابن عباس وغيره من المفسرين: إنَّ أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام، فتتعارف ما شاء الله منها فإذا أراد جميعها الرجوع إلى الأجساد أمسك الله أرواح الأموات عنده وأرسل أرواح إلى أجسادها.
( أبو بكر الجزائري _ص1124)
فالموت الحقيقي يسمى الوفاة الكبرى، ووفاة النوم تسمى وفاة صغرى، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ من نومه
يقول: (( الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور ))، فسمى النوم موتاً.
وشاهد هذا من السنة أعني مسك الروح ما أخرجه الشيخان من حديث الدعاء قبل النوم،
قال صلى الله عليه وسلم:
(( إذا أوى أحدُكُم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خَلَفَهُ عليه، ثم يقول: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين)).
والشاهد في إمساك الروح في المنام وإرسالها، ولأن الشيء بالشيء يذكر،
كان واحدٌ ممن اشْتُهر بالطاعة والصلاة والصيام والصدقة
دائماً ما يشكو عدم رؤياه لأبيه المتوفى، مع كثرة اشتهاره برؤية الموتى وأحوالهم، وكثيراً ما سُئِلَ من القريبين منه عن موتاهم، وكان يعجب من عدم رؤيته لأبيه،
وذاتَ مرًّة لقيته فرحاً مستبشراً مسروراً، وقل ما شئت من الصفات الحسنة عن حالته، وقبل أن أسأله عن سرِّ سروره، بادرني وكأنما كشف عن سؤالي بقوله، رأيت أبي البارحة، رأيت أبي البارحة، وقص عليّ رؤياه،
فقلت له: خيراً رأيت وشراً كُفيتَ إن شاء الله، الحمد لله هذه رؤيا خير لك، وقد نفع الله بك والدك فرفعه الله إلى منزلتك، هكذا نحسبك والله حسيبك ولا نزكي على الله أحداً،
( وقد اتفق أهل السنة أنَّ الأموات ينتفعون من سعي الأحياء، بدعائهم واستغفارهم لهم والصدقة والصوم وقراءة القرآن وغيرها من الأعمال، وقد فُصّل هذا الكلام في شرح العقيدة الطحاوي للعلاّمة ابن أبي العز الحنفي ص115 وما بعدها)
فبكى كثيراً وحمد الله واستغفر، وقد ثبت أنَّ أرواح الأموات متفاوتة في مستقرّها في البرزخ أعظم تفاوت،
فمنها: أرواح في أعلى علّيين كأرواح الأنبياء،
ومنها: أرواح في حواصل طير خضر كبعض الشهداء، ومنهم مَن يكون محبوساً على باب الجنة، ومنهم مَن يكون محبوساً في قبره، ومنهم مَن يكون مقرُّ باب الجنة، ومنهم من يكون محبوساً في الأرض
وأما آفات اليد: فإن الآفة في اليد تدل على محنة الأخوة. وفي أصابعها تدل على أولاد الأخوِة. ومنِ رأى كأنّ ليس له يدان، فإنّه يطلب ما لا يصل إليه. ومن رأى كأنّه صافح رجلاً مسلماً فخلع يده، فإنّه يدفع إليه أمانة فلا يؤديها. ومن رأى كأن يمينه لم تزل مقطوعة، فإنّه رجل حلاف، ومن رأى كأنّ يمينه مقطوعة موضوعة أمامه، فإنّه يصيب مالاً من كسب.
والنقص في اليد دليل على نقصان القوة والأعوان، وربما دل قطع اليد على ترك عمل هو بصدده. فإن رأى كأنّ يده قطعت من الكف، فهومال يصير إليه، فإن قطعت من المفصل، فإنّه يصيب جور حاكم، فإن قطعت من العضد وذهبت، مات أخوه، إن كان له أخ. لقوله تعالى: " سَنَشّدُّ عَضُدَكَ بِأخيكَ " . فإن لم يكن له أخ ولا من يقوم مقامه، قل ماله، فإن رأى كأنّ والياً قطع أيدي رعيته وأرجلهم، فإنّه يأخذ أموالهم ويفسد عليهم كسبهم ومعاشهم.
وسئل ابن سيرين عن رجل رأى كأنّ يده قطعت، فقال: هذا رجل يعمل عملاً فيتحول عنه إلى غيره. وكان نجاراً فتحول إلى عمل آخر.
وأتاه رجل آخر فقال: رأيت رجلاً قطعت يداه ورجلاه، وآخر صلب: فقال: إن صدقت رؤياك عزل هذا الأمير وولي غيره. فعزل من يومه فطن بن مدرك، وولي الجراح بن عبد اللهّ.
فإن رأى كأنّ حاكماً قطع يمينه، حلف عنوة يميناً كاذبة. فإن رأى كأنّه قطع يساره، فإنّ ذلك موت أخ أو أخت أو انقطاع الألفة بينه وبينهما، أو قطع رحم، أو مفارقة شريك، أو طلاق امرأة. فإن رأى كأنّ يده قطعت بباب السلطان، فارق ملك يده.
وأما قصر اليد، فدليل على فوت المراد والعجز عن المراد، وخذلان الأعوان والإخوان إياه.
وسئل ابن سيرين عن رجل رأى أنّ يمينه أطول من يساره، فقال: هذا رجل يبذل المعروف ويصل الرحم.
ومن رأى كأنّه قصير الساعدين والعضدين، دلت رؤياه على أنّه لص أو خائن أو ظالم. فإن رأى كأن ساعديه وعضديه أطول مما كان، فإنّه رجل محتال سخي شجاع. وأما الشلل في اليدين وأوصالهما، فمن رأى كأنّ يديه قد شلتا، فإنّه يذنب ذنباً عظيماً. فإن رأى كأنّ يمينه شلت، فإنّه يضرب بريئاً ويظلم ضعيفاً. فإن رأى كأنّ شماله شلت، مات أخوه أو أخته، وإن يبست ابهامه، مات والده، وإن يبست سبابته، ماتت أخته، وإن يبست وسطاه، مات أخوه. وإن يبست البنصر، أصيب بابنته. وإن يبست الخنصر، أصيب بأمه وأهله.
فإن رأى في يده اعوجاجاً إلى وراء، فإنّه يتجنب المعاصي. وقيل انّه يكسب إثماً عظيماً يعاقبه الله عليه. ومن رأى يديه ورجليه قطعت من خلاف، فإنّه يكثر الفساد أو يخرج على السلطان. لقوله تعالى: " إنّمَا جَزَاءُ الّذينَ يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ " الآية. وقيل انّ من رأى يمينه قطعت، فإنّه يسرق، لقوله تعالى: " فاقْطَعُوا أيْدِيَهُمَا " .
ورأى رجل كأن يده مقطوعة، فقص رؤياه على معبر فقال: يقطع عنه أخ أو صديق أو شريك، فعرض له أنّه مات صديق له. ورأى رجل أن يده قطعها رجل معروف، فقال: تنال على يده خمسة آلاف درهم إن كنت مستوراً، وإلا فتنتهي عن منكر على يده.
ومن رأى أنه دخل حماما فوجد فيه ما لا يمكن دخوله ولا يحل به فإن كان نوعه محبوبا فلا بأس به، وإن كان مكروها فلا خير فيه، وقيل فتح الجامة أو الطاقة أو الأبواب من الحمام نقص من الهم والغم، وأما المستوقد فلا يحمد في الرؤيا بما يعبر بالوالي الظالم الذي يأكل أموال الناس ظلما.
وقال جابر المغربي من رأى أنه قطع ابهامه فإنه ذهاب ابهته وإن قطعت سبابته فيدل على قلة مواظبته للصلاة وإن قطع اصبعه الوسطى يدل على موت رئيس يتعلق به وإن قطع البنصر فهو اتلاف مال وإن قطع الخنصر يدل على موت ولد الولد.
وإذا رأى يده قصرت عما يريد من العمل بها والبطش أو يبست، فإن تأويلها في ذات اليد والمقدرة لا ينال ما يريد، ويخذله من يستعين به. ولو رأى في يده فضل قوة وانبساط في بطش، فإنَّ تأويله في ذات يده ومقدرته على ما يريد، ومعونة من يستعين به، وفيها وجه آخر، أنَّ طولها وقصرها وقوتها وضعفها هو صنيعة من صنائع صاحبها، إلى من تصير إليه اليد، ويد من الأيادي الحسنة عنده، كقول أبي بكر وسعيد بن المسيب، وكانا يأخذان في عبارة الرؤيا بالأسماء ومعانيها، ويتأولون على ذلك الرؤيا.
فلو رأى أنّ يده ضعفت أو فتحت أو يبست أو نتنت ريحها: دون غيرها من الجوارح، فإنَّ ذلك فساد صنيعة من صنائع صاحبها، إلى ما صارت إليه، أو ترك إتمامها عنده، أو ضعف عن اقتداره عليه. فإن رأى أنّ يده تحولت يد نبي من الأنبياء أو بعض الصالحين، فانظر كيف كان حال ذلك النبي أو ذلك الصالح فيمن هدى الله على أيديهم من الضلالة، أو نجا به من الهلكة، وكيف كان قدره في قومه، وما لقي منهم من الأذى، وكيف كان عاقبة أمرهم وأمره، فكذلك يهدي الله قوماً على يد صاحب الرؤيا، وهي اليد التي وصفت، وبها ينجي الله قوماً من ضلالة إلى هدى، وما يلقى في ذلك من الأذى، شبيه بما لقي ذلك النبي في الله، فتكون حاله وصنائعه في عاقبتها، كنحو صنائع ذلك النبي، وهذه رؤيا شريفة لا يكاد يراها إلا أهل الفضائل والتقى. ومن رأى مثل هذه الرؤيا بعينها من غير أهل الفضائل والتقى والقدرة، وما وصفت منها فهي محال لا تقبلها وأعرض عنها.
هل يمكن لغير المسلم ؛ كاليهودي أو النصراني ، أن يعبر الرؤيا أو يفسرها ، أم أن هذا العلم خاص بالمسلمين فقط ....؟
جوابنا على هذا السؤال هو أننا يجب أن نعلم شيئا مهما ، وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال في الصحيح : { لم يبق من النبوة إلا المبشرات . قالوا وما هي يا رسول الله ؟ قال الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرا له . } ، فقد وضع الأصل للرؤيا ، وهو ديني في المقام الأول ؛ لأن من قال هذا الكلام ، ثبت أنه يعبر الرؤيا مستعينا بالقرآن الكريم ، والقرآن هو كلام الله المعجز في كل زمان ومكان ، ولذا غالبا ما يكون في بعض الرؤى بعضا من الأمور المغيبة ، التي إن استعنا بالقرآن في فك رموزها نرى الصدق والتحقق فيها .
وكذلك ثبت أنه يعبر الرؤيا من خلال الوحي الثاني ؛ وهو السنة المطهرة ، والتي صارت مرجعا للمعبرين بما حوته من الأمثال النبوية ، وصاحبها وصفه الله بقوله : [ إن هو إلا وحي يوحى. علمه شديد القوى ] . ومن يرجع في تعبيره إلى واحد من هذين المصدرين ، فإنه يبرع أيما براعة ، ولكن هناك تعبير باستخدام أمور أخرى أو بالاستعانة بأمور أخرى ، كالاستعانة بالفراسة ، أو بمعرفة حال الرائي عن قرب ، أو الاستعانة بمعرفة أحوال المجتمع ، وهذه يمكن لغير المسلم القيام بها ، ولكن لا أحبذ تسميته تعبيرا للرؤيا ، وإنما تحليلا للمجتمع أو الشخصية ، أو دراسة لها ، وهذا لكون التعبير فتوى وتسميتها لها منطلق قرآني ، أو ديني ، وينزه عنه غير المسلم ، كما لا يجوز التجرؤ عليها من غير المسلمين ، ولو مسمى فقط .
كما أنه لابد من معرفة الأدوات الرئيسية للتعبير ، وهما القرآن والسنة في المقام الأول ، وهذه قد لا تكون متوفرة لغير المسلم ، ولا يرجع لها غير المسلمين . وقد ذكرت بعض المراجع وأثبتت وجود بعض المعبرين من غير المسلمين وقسمتهم أقساما ، ومنها :
1/ المعبرون من الفلاسفة ، مثل : أفلاطون ، وبطليموس .
2 / المعبرون من الأطباء ، مثل : جالينوس ، وأبقراط .
3 / المعبرون من اليهود ، مثل : حيي بن أخطب ، وكعب بن الأشرف .
4 / المعبرون من النصارى ، مثل : حنين بن إسحاق ، وأبو مَخلد .
5 / المعبرون من المجوس ، مثل : كسرى أنو شر وان ، وكشمور ، وهرمز .
6 / المعبرون من مشركي العرب ، مثل : أبو جهل ، وأبو طالب ، وعبد الله بن أبي .
7 / المعبرون من الكهنة ، مثل : سطيح ، وأبو زرارة ، وعوسجة .
8 / المعبرون من السحرة ، مثل : عبد الله بن هلال ، وقرط بن زيد الأبلي .
ولكن يلاحظ من تتبع تعبيرات هؤلاء ، اعتمادهم على أمور لا علاقة لها بالقرآن أو السنة في التعبير ، بل تراهم يعتمدون على الكهانة ، أو الجن ، أو السحر بأنواعه ، وغيرها من طرق محاولة معرفة الغيب المحرمة .
أهل الملل السابقة هل يهتمون بالأحلام ؟
نعم جاء ما يدل على هذا ؛ ومن ذلك : جاء في سفر التكوين : إصحاح/8:40 ،ص:66 ما يلي: قال يوسف لصاحبي السجن :[ أليست لله التعابير قصا علي ] . وجاء في تعبير يوسف للملك قوله : [ أن الحلمين حلم واحد . وتكرر لأن الأمر مقرر من قبل الله ، والله مسرع ليصنعه]، سفر التكوين :إصحاح /32:41 ، ص:69 . وهناك غيرها كثير من النقول ولكن هذه نماذج ،، والله أعلم.
ورد في بعض الأحاديث الصحيحة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى بعضاً من الرؤى واكتفى بتفسيرها الذي ورد في المنام،
ومثاله على سبيل المثال لا الحصر : رؤياه لأمّ حرام وأنها تكون مع من يغزون في البحر،
ورؤياه لعائشة :: حين أُريها قبل أن يتزوجها ،
ورؤياه: في المسيح الدجال،
وقد ذكر ابن حجر في الفتح عن ابن بطال كلاماً يدلُّ على إمكانية ذلك،
قال ابن بطال عند حديثه على حديث ابن عمر حين رأى جهنم وأنها مطوية كطي البئر: في هذا الحديث أنَّ بعض الرؤيا لا تحتاج إلى تعبير وعلى أن ما فُسر في النوم فهو تفسيره في اليقظة لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يزد في تفسيرها على ما فسرها المَلَك، والله أعلم.
هل يمكن تعلم تعبير الأحلام ؟
أو هي موهبة يهبها الله لمن يشاء من عبادة , كما هو شائع بين قطاع كبير من معبري الأحلام , ومن الناس ?
وهل هو علم يمكن أن يكتسب ويتعلم ومن ثم يتقدم صاحبة فية - حسب مواهبة - أو يستمر علي مستوي واحد فية نتيجة لقدراتة , التي لا يمكنة تجاوزها ؟
وهل هي فراسة يقطع بها صاحبها , أم تخمين وظن , والظن يخطي ويصيب ؟
ان الواضح لمن يقرأ هذا الكتاب , أن صاحبة يميل الي أن علم التعبير علي رفيع ، واختص بالله به بعضا من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كيوسف وابراهيم ويعقوب ومحمد ، وبرع فية الكثير من الصحابة الأجلاء كابي بكر ، وعمر ، وعائشة ، وغيرهم ، ولكن ليس هذا العلم فراسة تولد مع صاحبها ، وليس الهامأ فحسب ، و ان كان المعبر للرؤيا من أصحاب هذين النوعين أفضل ورأيه أصوب ، لكن هذا لا يجعلنا نغلق باب تعليم الرؤيا لغير هذين النوعين !
نعم من يعبر الرؤيا من باب الفراسة أو الالهام مقدم علي غيرة ، ولكن لي هنا تساؤل بسيط :
من الذي يصنف على انة من هذين النوعين من غير الرسل م من غير السلف الصالح ، من الصحابة والتابعين المشهود لهم ؟
ومن الذي يملك أن يعطي الاخرين هذا الحق غير الرسل - عليهم الصلاة والسلام . ؟ ولعل منهم محمد صلي الله علية وسلم حين شهد لبعض صحابته بتفوقهم في بعض العلوم والمعارف ، ولذا فقد شهد لابي بكر رضي الله عنه بتفوقة في هذا الجانب ، ولعمر في جانب الالهام ، ولابن عباس في علم التفسيروهكذا ، يوجد الكثير من الاسئلة ، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام قال فية الله سبحانة :" وما ينطق عن الهوي (3) ان هو الا وحي يوحي (4)" .
من هذا المنطلق نحلل السؤال للتوصل لإجابته من خلال فهمنا للنصوص ، وبإستعراضنا للقصص التي وردت عن كبار المعبرين ، فماذا نجد ؟
نجد أن هذا العلم منحة الهية في أصلة ، ولكنه يمكن تعلمية وتعلمه من خلال دراسة كيفية التعبير عند اولئك المصطفين به ، من الرسل والصالحين ، أو من برع فيه ممن جاء بعدهم ممن شهد له بهذا من اهل العلم .
ومما يسند وجهة النظر هذة ، بروز الكثير من الصحابة في هذا الجانب وتعلمهم إياه على يدي رسول الله صلي الله علية وسلم . ولعلنا ننظر عند قول أبي بكر للرسول صلي الله علية وسلم في احدى المرات حين قص عليه الرسول رؤيا وهي :
عن ابن شهاب قال : رأى النبي صلي الله علية وسلم رؤيا فقصها على أبي بكر فقال : " يا أبا بكر ، رأيت كاني استبقت أنا وأنت درجة فسبقتك بمرقاتين ونصف " ، فقال:يا رسول الله ، يقبضك الله الي رحمتة ومغفرته وأعيش بعدك سنتين ونصفأ ، ذكره السيوطي في الخصائص الكبري وعزاة لابن سعد ´1`).
وهنا نجد الرسول صلي الله علية وسلم بسكوته علي تعبير أبي بكر فكانما يعطيه شهادة الصحة لهذا التعبير. . نجده في موقف اخر يقول رؤيا اخرى وهي : قال صلي الله علية وسلم : " رأيت كأني أتيت بكتلة تمر فعجمتها في فمي فوجدت فيها نواة اذتني فلفظتها, ثم أخذت اخري فعجمتها فوجدت فيها نواة فلفظتها ، ثم أخذت ثالثة فعجمتها فوجدت فيها نواة فلفظتها " ، فقال أبوبكر: دعني فلأعبرها ، قال: قال: " اعبرها " .
قال: هو جيشك الذي بعثت يسلم ويغنم فيلقون رجلا فينشدهم ذمتك فيدعونة . قال : " كذلك قال الملك " . رواة أحمد في مسندة ، هنا لاحظ أن الرسول صلي الله علية وسلم حين طلب منة أبو بكر أن يعبرها لا
يجامل في الحق ولولا معرفته ببراعة أبي بكر ما وافق على طبلة ، ولاحظ هنا أن الرسول الكريم بقولة هذة . المرة لأبي بكر:" كذلك قال الملك " ، يعطيه شهادة عالية على صحة كلامه .
وقد يقول قائل اذا : ان أبا بكر ممن ألهموا هذا العلم فلا مجال للخطأ عنده ، ويرد على وجهة النظر هذه أن من صوب لأبي بكر وشهد لة ، هنا ، خطأة في موضوع اخر وهذا يثبت أن هذا علم يتعلم ، قد ينجح صاحبة في تعلمة وقد يفشل وقد يخطئ.
انظر لهذا الموقف الاخر . عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يحدث أن رجلا اتي رسول الله صلي الله علية وسلم فقال :
" إني رايت الليلة في المنام ظلة`1` تننظف`2` السمن والعسل ، فأرى الناس يتكففون منها `3` فالمستكثر والمستقل ، و اذا سبب `4`) واصل من الارض الى السماء ، فاراك اخذت ب فعلوت ، ثم أخذ بة رجل من بعدك فعلا ، تم أخذ بة رجل اخر فعلا ، ثم اخذ بة رجل اخر فانقطع بة ثم وصل لة فعلا .
فقال ابو بكر : يا رسول الله ، بأبي انت والله لتدعني فلاعبرنها
فقال لة رسول الله : " أعبرها " ، وفي رواية لابن ماجه : " عبرها "
قال أبو بكر : اما الظلة فالاسلام .
وأما الذي ينطف من العسل والسمن ، فالقران حلاوته تنطف فالمستكثر من القران والمستقبل .
وأما السبب الواصل من السماء الى الارض ، فالحق الذي أنت عليه تأخذ به فيعليك الله ، ثم يأخذ بة رجل فيعلو به ، ثم يأخذ به رجل اخر
فيعلو به ، ثم يأخذ به رجل فينقطع به ، ثم يوصل لة فيعلو به . فاخبرني يا رسول الله بأبي أنت اصبت أم أخطأت ؟
فقال النبى صلي الله علية وسلم : "أصبت بعضا وأخطأت بعضا ؟
قال أبو بكر: فوالله يا رسول الله لتحدثني بالذي أخطأت ؟
قال : " لا تقسم " , متفق علية .
ولي مع هذا الحديث وقفة طويلة وهي :
ان أبا بكر هنا لم يصب في بعض تعبيره وبهذا يرد على قائل يقول : ان ابا بكر ممن يعبر الرؤيا فراسة أو الهامأ فلا مجال ولا سبيل للأستشهاد بحكاية تعلمة لتعبير الرؤيا. فهو ومن معة قبل النبوة لم يرد عنهم تعبير الرؤى . وانما هم في وجهة نظرى خريجون من مدرسة معلم الأمة ، الذي كان يسألهم عند رؤاهم ، وكان كثيرا ما قال لهم كما مر بنا : " من رأى منكم رؤيا " . كما في صحيح مسلم`2` ، وقد قال أهل العلم : أن من فوائد هذا الحديث:
الحث على علم الرؤيا والسؤال عنها وتأويلها ، وكان الرسول صلي الله علية وسلم يعلمهم تأويل الرؤى وفضائلها ، وما اشتملت علية من الاخبار بالغيب ، فهذه كما ترى دروس يومية من الرسول صلي الله علية وسلم على مسامع الصحابة ، ليس فيها تلقين فحسب ، بل تلقين ومحاورة وافهام واستنباط ، وهولاء الذين برعوا فى تعبير الرؤى منهم هم كالتلاميذ بين يدي أستاذهم ، فمنهم من برع في علم التفسير، ومنهم من برع في الفقه ، ومنهم من برع في علم المواريث ، ومنهم من برع في علم الحديث ، فلا عجب أن يوجد منهم من برع في علم التعبير. واذا سلمنا بهذة . النظرية نظرية التعلم ، فيمكن كذلك أن يبرع
في زمننا بعض العلماء في علم التعبير ويمكن لهؤلاء ان يدرسوا هذا الفن لغيرهم وهذا الرأي قد يكون غريبا على البعض في هذا العلم بخاصه ولكن ربما تحرجهم من هذا العلم كونه اشبه بالالهام والفراسه وكأن فيه تشبها بالرسل فوجد الحرج من هذه الجهه ,ومن وجهه نظرالكاتب ان هذا الرأي قاصر وفيه الزام للاخرين بما لا يلزم وهذا يقال لمن يعنف من يحاول السؤال عن الرؤى وتعلم التعبير قال النووي تعليقا على حديث سمره بن جندب :كان النبي اذا صلى الصبح اقبل عليهم بوجهه فقال "هل رأى احد منكم البارحه رؤيا؟".
فيه استحباب السؤال عن الرؤيا والمبادرة الى تأويلها وتعجيلها اول النهار وفيه اباحه الكلام في العلم وتفسير الرؤيا ونحوها.
قال الامام ابن السعدي في تفسيرة ( 2 / 442 ) تعليقأ على الاية التي امتن الله بها على يوسف بتأويل الأحاديث: ان فيها اصلا لتعبير الرؤيا فإن علم التعبير من العلوم المهمة التي يعطيها الله لمن يشاء من عباده ، وأن هذا العلم يثاب الإنسان على تعليمة وتعلمه .
ولذا ثبت أن عمر بن الخطاب كان يسأل أسماء بنت عميس الخثعمية عن تعبيرالرؤيا كما في تهذيب التهذيب لابن حجر ( 12399 ).
وذكر ابن سعد في الطبقات ( 7124 ): أن سعيد بن المسيب كان من أعبر الناس للرؤيا ، وكان أخذ ذلك من أسماء بنت أبي بكر وأخذته اسماء عن أبيها وأخذة ابو بكرعن الر سول الكريم صلي الله علية وسلم .
وقال ابن عبد البر كما في التمهيد ( 1 / 313 ) تعليقأ على حديث سمرة ايضأ : وهذا الحديث يدل على شرف علم الرؤيا وفضلها ; لانة صلي الله علية وسلم انما كان يسال عنها لتقص عليه ويعبرها ; و ليعلم اصحاب كيف الكلام في تأويلها
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما في مجموع مؤلفاتة ( 5 130 ) علم التعبير علم صحيح يمن الله بة علي من يشاء من عبادة .
وقال ايضأ ( 5 143 ) : عبارة الرؤيا علم صحيح ذكره الله فى القران ولاجل ذلك قيل : لا يعبر الرؤيا إلا من هو من أهل العلم بتأويلها ، لأنها من أقسام الوحي .
وقد نبة الشاطبي رحمة الله في الموافقات ( 2 415 ) : أنة ما من مزية و منقبة اعطيها النيي صلي الله علية وسلم سوى ما استثني ، إلا وقد أعطيت أمته نموذجأ ، وهذا يعلم بالاستقراء ، ومن ذلك أنة أعطي الوحي لة ، ولامتة أعطيت الرؤيا الصالحة .
وقال ابن حجر:
الحث على تعليم علم الرؤيا وعلي تعبيرها وترك إغفال السؤال عنة وفضيلتها لما تشتمل عليا من الاطلاع على بعض الغيب واسرار الكائنات ا.هـ كلامه.فاذا توفر في المتعلم ادوات هذا العلم من المعرفه بالقران والسنه والبراعه باللغه العربيه والامثال السائره ودقائق هذا العلم فما المانع ان يتعلم التعبير ومن ثم يعبر؟
اظن ان هذا حق مشروع والعلم واسع ولا يحاط به لكن لا بد من وجهه نظري من التتلمذ على من يجيد هذا العلم ويجيد تصديره للاخرين ممن وهبهم الله تبسيط المعلومه وتسهيلها على المتلقين وعلينا الا نفتح المجال للعامه الذين ليس عندهم ادوات هذا الفن من الذين يحلون لانفسهم ويحرمون بناء على حلم عابر.
واليك صورأ بسيطة من سخف عقول البعض منهم :
لقد حرر البعض فلسطين بالأحلام وصلى البعض الاخر في القدس ،
وتواعد البعض في ساحة الحرم المكي بانتظار أن يخسف بالجيش الذي سيأتي ويطهر بيت الله من تدنيسهم وأسقطت طائرات وصرفت وصفات طبية بناء على أحلام وهكذا القائمة تطول فهل ياترى أصبحت أمتنا أمة أحلام؟
حتى العبادة دخلتها الأحلام من أوسع أبوابها ، انظر الى ليلة القدر تجدها حددت من خلال الرؤى ، وانظر للصدقة تجد دافعها الأكبرما يقولة الموتي لهولاء العامة !
ان الكثير من الناس يرى باب الصدقة مفتوحأ ولا يتصدق حتى يفسر لة حلم على أنة مقصر في بابها .
هل تريدون امثة أكثر، وصورا أعظم ، والله ان منهم من رمى امراتة بالزني بسبب حلم شاهد فية امرأتة فعبرة لنفسة من خلال قراءة بعض الكتب أنها زانية فطلقها!
بل ان هناك من يزعم أن رسول الله صلي الله علية وسلم جاءه في المنام فأمرة ونهاه ، فلما أصبح شرع يعلم الناس ويعمل بما في هذه الرؤى !
ان المتصفح مثلا للانترنت يشاهد الكم الها ئل من التحليلات والاطروحات التي ان تصفحها وجدها ترتكز على رؤيا من هنا او هناك ، ولعل من طرائف ما قرأت من يؤكد أن المهدي كان من حجاج عام كذا وكذا، وحادثة طعن أحد الحجاج بزعم طاعنة انة المسيح الدجال بناء على رؤيا راها ليلة الحادثة !
إن الكاتب يتسائل سؤالا مهمأ: متى تفيق خذه الامة من أحلامها وتلحق بالعلم في زمن العلم ؟
العلم لة شروطة وأدواته وطرائقة ، التي لا يمكن تجاوزها ، فعلم التعبير من أشرف العلوم ولا يجدر بأي إنسان ان يعبر الرؤى فلا بد من المعرفة بالقران وألفاظة فاذا رأى أحد مثلا شيئا ما ، علية أن ينظر في القران الكريم اولا فان وجد علاقة بين الرؤيا واية من الايات ربط بينهما وهنا أضرب أمثلة : السفينة مثلا قد تعبر بالنجاة لقولة تعالي : وَقَوْله تَعَالَى : " فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَاب السَّفِينَة " ( العنكبوت : 15 ) .
والخشب قد يعبر بالمنافقين لقولة تعالي : " كأنهم خشب مسندة " ( المنافقون : 4 ) .
والطفل الرضيع قد يعبر بالعدو لقولة تعالي :" فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ۗ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ " (8) .
والرماد قد يعبر بالعمل الباطل لقولة تعالي : مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ ( ابراهيم : 18 ) .
وهكذا السنة ، فالرسول صلي الله علية وسلم وضع الأصول والقواعد الأساسية لهذا الفن ، وكان يخبر الصحابة بادابها وأنواعها ويسألهم عن رؤاهم ويعبرها لهم ، مما قد ذكرت أمثلة وجانبا منة في ثنايا الكتاب فلا داعي للتكرار ، لكن يجب أن يعلم هنا أن رؤي الأنبياء حق فهي وحي من الله واجب التنفيذ علي ظاهرها ، أو هي ترد علي صورة رموز وهذة الرموز يفسرها الرسول صلي الله علية وسلم لصحابتة ومن ثم يشاهدونها تتحقق كوقائع مادية ملموسة . وهذا من الخبرات التي مر بها هولاء الصحابة فاستفادوا منها ، وأفادوا فيما بعد رضي الله عنهم .كذلك لا بد من المعرفة بأصول هذا الفن من أن وقت الربيع هو من أفضل الأوقات للرؤي بدليل قولة صلي الله علية وسلم : " اذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب . . . " (1) رواة مسلم ، وقد أشرت لة وأن معناة اذا تساوي ليلة ونهارة وهذا وقت الربيع يحصل أكثر من غيرة . .
كذلك علية أن يعلم بمقادير الناس الذين يقصون رؤاهم علية فرؤيا العمال البسطاء غير رؤيا أصحاب المناصب والعلماء ، وأن يعلم ببلدانهم ومذاهبهم ووقت الرؤيا .
كذلك علية أن يعلم أن السباع والطيور – الا ما ندر – هي في التعبير رجال وأن القمح والشعير والعسل والصوف والحديد غالبا أموال ، وهكذا هذا الفن لة قواعدة وهي ليست سهلة المنال بل لا بد من دراستها والتتلمذ علي يد مجيد متقن لها لمن أراد التعلم ، والله أعلم .
قطع اليد
قطع اليد في المنام يدل على ترك الصلاة، أو غنى المقطوع عن السؤال بغنى يناله أو توبة. وقطع اليد والرجل من خلاف فساد في الدين. وقطع اللسان إبطال حجة، أو إحسان إليه بقطع لسانه عن السؤال. ومَن رأى أن أعضاءه قطعت فإنه يسافر ويبتعد عن أهله وولده وقبيلته.
اليد
هي في المنام إحسان الرجل وظهره وسنده. فمن رأى أن يده طالت وقويت وكان والياً فهو ظفره بأعدائه، وقوة أعوانه، وقواده. ومن رأى أن يديه مبسوطتان فإنه رجل سخي ينفق كل ما له. ومن رأى أنه يمشي على يديه فإنه يعتمد في أمر يطلبه على أخيه أو ولده أو شريكه. وإن رأى أن يده اليمنى من ذهب فيذهب كسبه وبطشه. وإن رأى أن يده اليسرى كلمته فإن إخوانه ينكرونه أو تنكره زوجته أو شريكه. وإن رأى أن يده أدخلها تحت إبطه ثم أخرجها ولها نور، وكان طالب علم نال رئاسة في علمه، وإن كان تاجراً نال رئاسة وذكراً. وإن خرج من يده ماء فإنه ينال مالاً. واليدان تدلان على المرتبة والولدين والدولة، ويدلان على صلاح الأعمال لمن يأخذ ويعطي بيديه. واليد اليمنى تدل على ابن أو أب أو صديق أو من يحل عندك محل اليمين. واليد اليسرى تدل على المرأة والأم والأخت والبنت والجارية. وإن رأى أنه فقد إحدى يديه دلّ ذلك على فقدانه بعض من دلّت تلك اليد عليه. ومن رأى يده قطعت دلّ على موت أخيه أو صديقه أو كاتبه، أو سقط ما بينهما من الألفة. ومن رأى في يده طولاً فإنه يكون كثير الطول على الناس. بالفضل والأنعام والجود والكرم. ومن رأى سلطاناً قطع يديه ورجليه من غير خلاف فإنه يتوب. ومن رأى أنه ليس له يد فإنه عاشق. ومن رأى من الولاة أن يديه ورجليه قطعت. فإنه يُعزَل. ومن رأى أن يديه مقبوضتان دلّ على بخله. ومن رأى أنه يمشي على يديه استعان بهما على معاشه. ومن رأى أنه يجرح يديه بسكين، فإنه يتعجب من شيء، لقوله تعالى: (فلما رأينه وأكبرنه وقطعن أيديهن). ومن رأى أن يمينه شلت توقفت معيشته، أو ارتكب ذنباً عظيماً. ومن رأى يده صارت ذهباً دلّ على ذهاب ما في يده. ومن رأى أن يده صارت يد نبي فإن اللّه تعالى يهدي قوماً على يديه ويسوق الخير والبركة إليه. وإن رأى أنه أخضب يده في وعاء فيه دم فإنه يحضر فتنة. ومن رأى أنه يأكل يده أو بعضها فإنه يفعل أمراً يندم عليه، أو يكون ظالماً، لقوله تعالى: (ويوم يعض الظالم على يديه).
واليد المنقوشة بالحناء ذل يصيبه أو حاجة أو ضرورة. ومن رأى يمينه قُطعت فإنه يحلف يميناً فاجرة، وربما دلّ على سرقة، ومن قطعت يداه ورجلاه فإنه يموت، وربما حبس أو قيد أو مرض مرضاً شديداً، وربما كان فقراً أو حاجة. ومن طالت يده حتى صارت كالرمح فهو ظالم يطعن في أعراض الناس. ومن قطعت يده تغّرب عن أهله، أو تحول عن عمله، أو يكون قاطعاً لرحمه، وربما كف عن المحارم والمعاصي. والغريب إذا رأى يده قطعت وسال منها الدم أصاب مالاً ورجع إلى بلده. ومن رأى أنه تربت يداه فإنه فقر من مال أو نقصان من ولد أو أخ أو علم أو خبر، وتدل اليد على الصناعة التي تصدر عنها، وعلى المبايعة، وعلى العهد. وربما دلّ فقد اليد على الغنى عن السؤال. وربما دلّ حسن اليد على النصر على الأعداء. ومن رأى أنه ينفض يديه دلّ على الفراغ من العمل والمقاطعة. والغل في اليد دليل على فساد الدين. ومن فقدت يداه وكان من أهل الطاعة حسن توكله على اللّه تعالى. وإن كثرت أياديه دلّ على طمعه في الدنيا واهتمامه بكسبها. ومن صارت يده يد سبع أضاع الصلاة واتبع الشهوات. ومن صار أعسر فإنها فائدة ورزق لأن بعد العسر يسراً. انظر أيضاً الكف.
من رأى أنّه يمشي على يديه أو بطنه، أو يده ورجله، أو شيء غير اللسان، فإنَّ كلاً من ذلك بر أو فجور وعلى الذي ينسب إليه العضو يستظهر به في ذلك ومن رأى أنّه ملزوم بدين في المنام وهو مقر به ولا يعرفه في اليقظة، فإنَّ ذلك تبعات ذنوب أحاطت به، وأعمال معاص اجتمعت عليه يعاقب عليها في الدنيا، أو إسقام أو بعض بلايا الدنيا.
ومن رأى أنه يضرب بالسيف يمينا وشمالا فيؤثر ضربه على شيء من المخلوقات سواء كان حيوانا أو جمادا أو نباتا أو سائلا فإنه يبسط لسانه بالكلام الذي لا يجوز وأولوا السيف باللسان لقوله تعالى سلقوكم بألسنة حداد.
قد يري الانسان شيئا من الأمور الحديثة فكيف يمكن تعبريها ؟
هذا السؤال مهم جدا ولة علاقة بسؤال سبق طرحة هو : هل يمكن تعليم التعبير ؟ أو هو توقيف وفراسة علي البعض ولا يمكن تعليمة ؟ ونحن من خلال تتبع النصوص وجدنا ان رسول الله صلي الله علية وسلم كان يعرض أحيانا الرؤيا علي الصحابة , ويسمع منهم التعبير , ويعلمهم أحيانا التعبير ولذا برع البعض منهم في هذا العلم واذا كان هذا ما توصلنا الية هنا هو الصحيح فيلزم منة أن نحاول معرفة تعبير ما لم يرد في كتب الأقدمين من الأمور الحديثة الناشئة في هذا العصر .
قال الأشعري : ان أصل التعبير بالتوقيف من قبل الأنبياء وعلي ألسنتهم , وتعقبة ابن بطال بقولة : وهو كما قال , لكن الوارد عن الأنبياء في ذلك وان كان اصلا لا يعم جميع المرائي .
فلا بد للحاذق في هذا الفن أن يستدل بحسن نظرة فيرد ما لم ينص علية الي حكم التمثيل , ويحكم لة بحكم النسبة الصحيحة فيجعل أصلا يلحق بة غيرة كما يفعل الفقية في فروع الفقة .
ومن الأمثلة علي الأمور التي قد تري وهي حديثة لا تجدها في كتب التعبير ولم يسبق لأحد ممن كتب في هذا الفن الكتابة عنها ما يلي .
ما حكم اطلاق لفظ التجسم علي الله حين بحث مسألة : هل يمكن رؤية الله في المنام ؟
تجد عند بحث هذه المسألة بعض الأوصاف التي لا تليق به سبحانه قال القاضي: اتفق العلماء على جواز رؤية الله تعالى في المنام وصحتها وإن رآه الإنسان على صفة لا تليق بحاله من صفات الأجسام لايجوز عليه سبحانه وتعالى التجسم ولا اختلاف الأحوال
إنَّ لفظ الجسم والحيز والعرض والحدّ وغيرها من أمثال هذه الألفاظ من الألفاظ المحدثة التي لم ترد من كلام الله، ولا كلام رسوله ولذلك لا تنفى ولا تثبت إلاَّ بعد الاستفصال، فإن كان معناها صحيحاً أُثبت وإلا نُفي. ولذلك لا يجوز قول: بحاله من صفات الأجسام، ولا يجوز عليه التجسّم؛ لأنَّ هذا من الألفاظ المحدثة.
هذا السؤال لكي نجيب عليه ، فلا بُدَّ من أن يكون واضحا لنا
أمر هام ؛ وهو: هل نناقش هنا الرؤيا التي هي من عند الله ،
أو الحلم الذي هو من الشيطان حقيقة ، لا مجازا ،أو أضغاث الأحلام التي هي من الإنسان وتفكيره .......؟
الحقيقة أن الدراسات التي اطلعت عليها ، وجدتها تشير إلىأن هناك عقاقير تستخدم في معالجة بعض الحالات كالانهيار
العصبي ، أو حالات الاكتئاب وتساعد هذه العقاقير بإلغاءالأحلام !!!!!!
بل إن بعض هذه الحالات سُجِّل عندها النوم من دون أحلام لمدة ستة أشهر!! ولكن وُجد أن هذا الإجراء لما أُلغي ، قام الدماغ بعملية تعويض ، ففي الليلة الأولى التي يعود فيها الدماغ إلى وضعه الطبيعي يحلم 250 دقيقة مثلا بدلا من
100 دقيقة ، وفي النهاية سلمت الدراسة بعجزها عن تحديد سبب وجود ظاهرة الأحلام . لكن الأمر الذي حيّر هؤلاء العلماءالغربيين ، يمكن حله ببساطة ، إذا أُخرج موضوع الرؤيا من القالب المادي البيولوجي ؛ لأن الرؤيا من الله ، ومتعلقة بالروح ،وليست متعلقة بالجسد والمادة ، وهي خارجة عن حدود الحس والتحكم البشري أو المخبري ، والرسول الكريم صلى الله عليه
وسلم يقول في الحديث المتفق عليه من طريق أبي قتادة :
[ الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان ] .
أما بالنسبة للأحلام فهي من الشيطان حقيقة لا مجازا ، وعداوته دائمة للإنسان ، وقد تعهد بالقعود لنا وصدنا عن الصراط المستقيم ، وحربه دائمة سواء في اليقظة أو المنام ، ويمكن صدُّ هذا الهجوم أو تقليله في النوم بالمداومة على الأوراد الشرعية ، وبالمحافظة على شرائع الله ، وبعدم الإعراض عن ذكر الله ،
وتجدون مصداق ذلك في قول الرب سبحانه وتعالى :
[ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة
أعمى ، قـال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا ، قال كذلك (أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسى ] !(طة : 124 - 126 ) .
هل يمكن تعبير رؤى المجنون , المريض قبل دخوله غرفة العمليات ، مريض الأعصاب, والكبير في السن ؟ ويري الكاتب التالي :
1) المجنون قد يخبرنا برؤية رآها ويمكن تعبيرها ، ولكن لا شك أن الجنون درجات ،فالبعض منهم قد يكون قادرا على إخراج ما رآه ، وقادرا على إفهام من يحدثه ، وأما المرضى المنجوليين ، ففي الغالب أنهم لا يقدرون على إيصال ما رأوه ، ولذا فقد يتعذر التعبير لهم . 2) المرضى الذين يرون ما قبيل العمليات ما يدل على بشائر لهم ، فهذا يعبر ، وقد يساعدهم المعبر المتفائل على الرغبة في الشفاء ويقوي عزائمهم ، وأما ما يرى بعد العمليات وما بعد تأثير البنج أو أثناءه ، فلا وهي من الهلوسة ، كما يفعل ذلك من غاب بسبب المسكر عافانا الله وإياكم .
3) وما جاء في القسم الثالث ، فهم مثل المجنون الذي يستطيع أحيانا إفهام المعبر ، فيجري عليه ما قلناه هناك .
4) كبار السن ؛ ممن ابتلوا بمرض الزهايمر ، يؤخذ بما يقولونه أثناء كونهم في لحظات يقدرون فيها على الحوار ، ومن ذلك إذا ما قصوا رؤيا مثلا .
وأما الأصابع فقال ابن سيرين أصابع اليد اليمنى الخمس تدل على الصلاة الخمس فالابهام صلاة الصبح والسبابة صلاة الظهر والوسطى صلاة العصر والبنصر صلاة المغرب والخنصر صلاة العشاء وأما أصابع اليد اليسرى فتؤول بأولاد أخ.
ومن رأى أنه أحرز ماء بمالا يمكن الحرز فيه فإنه يعتمد على من لا ينفعه، وأما الماء إذا كان في شيء من الأواني فيؤول بكل واحد على قدر ما يأتي في فصله في الباب الثاني والسبعين.
لقد ذكرتُ في أثناء حديثي عن قصة يوسف عليه السلام حين رأى رؤياه وهو غلام أن رؤياه تحققت بعد أربعين سنة،
وذكرت هناك دليلاً عن سلمان الفارسي
قال: (( كان بين رؤيا يوسف وعَبَارتها أربعون عاماً ))
وقد ذهب أكثر المعبرين بناءً على هذا الحديث إلى أنَّ حدّ الرؤيا الذي تنتهي إليه أربعون سنة
قال ابن حجر: ذكر البيهقي شاهداً لحديث سلمان الفارسي، عن عبد الله بن شداد
قال: (( كان بين رؤيا يوسف وعبارتها أربعون عاماً وإليها ينتهي أمر الرؤيا ))
ابن حجر (12_377 )
قلت: وهذا دليلٌ صريح في أنَّ أكثر وقت يمكن أن يتأخر فيه وقوع الرؤيا هو أربعون سنة، هذا هو الراجح وهو القول الأقوى،
وفي المسألة أقوال أخرى:
فقيل: خمساً وثلاثين سنة، وقيل: تسعين سنة، وقيل : اثنتين وعشرين سنة، وقيل : ثمانين سنة، وقيل: ثلاثاً وثمانين، وقيل: سبعاً وسبعين، وقيل: ثمانية عشر عاماً،
والأول وهو أربعين سنة هو الأقوى والله أعلم.
الرؤي هل يمكن أن تحدد جنس أو اسم المواليد ؟
يكثر الاختلاف بين المعبرين فيمن يري أنة يرزق بنتا فيكون ولدا أو العكس , أنها من قبيل الأضغاث الناتج عن التفكير ,ولهذا الحامل التي من هذا النوع يكثر لديها الأحلام عن الولادة وجنس المولود , ولا يميز هذا الا المدقق من المعبرين . أما بالنسبة الي اختيار اسم المولود بناء علي رؤية , فانة لا يجب تنفيذ الوصية التي ترد من خلال الرؤي أو الأحلام بعامة , ويجب هنا أن نفرق بين رؤي الأنبياء التي هي وحي واجب التنفيذ , ورؤي غيرهم , التي لا يجب تنفيذها , ويخاصة اذا ما جاءت بأمر مخالف للشريعة مثلا , وأما ما يرد من خلال الرؤي للبعض ويحمل أمرا بتسمية ما , فلا يجب التقيد بها ولا اثم علي من خالفها .
لا يخفى على أي مهتم بهذا الفن أن هذا العلم شريف جدا ، ولذلك امتن الله على نبيه يوسف بقوله تعالى [وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ...] ، وكان نبينا محمد [صلى الله عليه وسلم ] يعبر الرؤى وكثيرا ما سأل الصحابة كما في حديث سمرة بن جندب : كان النبي [صلى الله عليه وسلم ] إذا صلى الصبح أقبل عليهم بوجهه فقال : هل رأى أحد منكم البارحة رؤيا .
والحقيقة أن لي وجهة نظر في هذه المسألة ؛ أقصد إمكانية تعلم ، وتعليم هذا العلم ، وهي أنه يمكن تعلمه ، وتعليمه .
وقد يكون في هذا الرأي غرابة لدى البعض ؛ وذلك لكون هذا العلم أشبه بالإلهام والفراسة ، وكأن فيه تشبها بالرسل ، فوجد الحرج من هذه الجهة ولكن آمل أن نطرح هذه المسألة للنقاش ليكون طرحنا موضوعيا .
وإليكم أهم ما يجعلني أميل لهذا الرأي ، وقد تكلمت عليه بالتفصيل في كتابي :تعبير الرؤيا مصطلحات معاصرة أسئلة وأجوبة،ص:96، وما بعدها، الناشر : دار التدمرية .
قال النووي تعليقا على حديث سمرة السابق :
فيه استحباب السؤال عن الرؤيا ، والمبادرة إلى تأويلها ، وتعجيلها أول النهار ، وفيه إباحة الكلام في العلم وتفسير الرؤيا ، ونحوهما .15/30
وقال ابن حجر تعليقا على الحديث السابق كما في الفتح 12/437:
الحث على تعليم علم الرؤيا وعلى تعبيرها ، وترك إغفال السؤال عنه ، وفضيلتها لما تشتمل عليه من الاطلاع على بعض الغيب ، وأسرار الكائنات .
وقال ابن عبد البر كما في التمهيد 1/313 تعليقا على الحديث السابق : وهذا الحديث يدل على شرف علم الرؤيا وفضلها ، لأنه [ صلى الله عليه وسلم ] إنما كان يسأل عنها لتقص عليه ، ويعبرها ، ليعلم أصحابه كيف الكلام في تأويلها.
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما في مجموع مؤلفاته 5/130 :
علم التعبير علم صحيح يمن الله به على من يشاء من عباده.
وقال في موضع آخر 5/143 :
عبارة الرؤيا علم صحيح ذكره الله في القرآن ولأجل ذلك قيل : لا يعبر الرؤيا إلا من هو من أهل العلم بتأويلها ، لأنها من أقسام الوحي .
وقد نبه الشاطبي رحمه الله في الموافقات 2/415 :
أنه ما من مزية ومنقبة أعطيها النبي [صلى الله عليه وسلم] سوى ما استثني ، إلا وقد أعطيت أمته نموذجا ، وهذا يعلم بالاستقراء ، ومن ذلك أنه أعطي الوحي له ، ولأمته أعطيت الرؤيا الصالحة .
وقال الإمام مالك ، وقد سئل : أيفسر الرؤيا كل أحد ؟ فقال : أبالنبوة يلعب ، ثم قال : لا يعبر الرؤيا إلا من أحسنها . فإن رأى خيرا أخبره ، وإن رأى مكروها فليقل خيرا أو ليصمت .
وقال الإمام ابن السعدي في تفسيره 2/442 : ومنها أي الفوائد على الآية السابقة :أن فيها أصلا لتعبير الرؤيا فإن علم التعبير من العلوم المهمة التي يعطيها الله من يشاء من عباده .
وقال أيضا 2/449 : ومنها أن علم التعبير من العلوم الشرعية ، وأنه يثاب الإنسان على تعلمه ، وتعليمه .
ومما يدل على وجود التعلم والتعليم عند الصحابةـ أشرف الخلق ـ ما ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يسأل أسماء بنت عميس الخثعمية عن تعبير الرؤيا كما في تهذيب التهذيب لابن حجر 12/399 .
وذكر ابن سعد في الطبقات 7/124 : أن سعيد بن المسيب كان من أعبر الناس للرؤيا ، وكان أخذ ذلك عن أسماء بنت أبي بكر ، وأخذته أسماء عن أبيها أبي بكر، وأبو بكر أخذ هذا العلم من الرسول الكريم ، الذي كان يدعه أحيانا يعبر بعض الرؤى ، ويصوبه أحيانا ، وقد يخطئه شانه شأن أي معلم وتلميذه ، وقد كان هذا التلميذ بارعا في الكثير من المواقف التي امتحن فيها ، ولذلك نجده بعد إحدى المرات ، وكان يعبر رؤيا رآها الرسول يقول الرسول له إعجابا بتعبيره : كذلك قال الملك . ، ولكن حصل له أيضا أن أخطأ في اجتهاده ، وكان الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] لا يجامله ، بل يخطئه ولذا قال له مرة بعد أن عبر عنده : أخبرني يا رسول الله بأبي أنت أصبت أم أخطأت ؟ فقال النبي : أصبت بعضا وأخطأت بعضا .
كذلك حصل لعائشة رضي الله عنها مواقف تعليمية مع أبيها ، فكانت تعرض عليه الرؤى ، وحصل لها مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعض المواقف ، ولذا فقد عنفها مرة حين عبرت رؤيا لامرأة بأن زوجها يموت وتلد غلاما فاجرا بقوله :
[ مه يا عائشة إذا عبرتم الرؤيا للمؤمن فاعبروها له على الخير .... ] والشاهد من الحديث طلب الرسول من عائشة أن تسلك منهجا محددا في التعبير ، وهو صرفها على الخير .
وقد ذكر الإمام ابن خلدون في مقدمته ص:389 أن هذا العلم من العلوم الشرعية وهو حادث في الملة عندما صارت العلوم صنائع وكتب الناس فيها ، وتعبيره موجود في السلف والخلف ، ولم يزل هذا العلم متناقلا بين السلف .
هل يمكن أن أقص الرؤيا على أحد المعبرين فيعبرها ، ثم أقصها على آخر فيعبرها بشكل مختلف تماما ؟
والجواب هو : نعم يمكن وقوع هذا الشيء . والسبب في هذا اختلاف الفهم ، والملكات ، والقدرات ، والتمكن ، بين معبر وآخر ، وعلم التعبير له أدواته التي بواسطتها ، يتم تعبير الرؤى ، وبحسب براعة المعبر من التمكن من هذه الأدوات ، يحكم عليه بالجودة أو عدمها . ولكي أوضح الصورة قليلا ، اضرب مثالا بالأطباء ، فبعضهم ينجح في تشخيـص الداء ببراعة ، في حين أن البعض يفشل في التعرف عليه ، مع تساويهم في المؤهلات العلمية ، ولذلك المعنى العميق للرؤيا قد لا يغوص إليه المعبر ، وقد يغوص إليه ببراعة ، إذا فالمعبرون بعضهم يجيد الغوص المسافات البعيدة ، وبعضهم لا يستطيع تجاوز الساحل ، وبعضهم يغاص ، لكن لمسافات قليلة ، فمن كانت قدرته أقوى ، وأعلى ، في العبور ، كان أشد براعة ، والعكس صحيح ، ولذا قال الملك لجلسائـه ( إن كنتم للرؤيا تعبرون ) يوسف/43 ، أي تصلون إلى نهايتها وتذكرون مآلها ، وعلماء اللغة يقولون :تجاوز الماء بسباحة أو سفينة أو غيرها يطلق عليه : العبور ، فكأن المعبر يعبر من ظاهر الرؤيا إلى باطنها ، وهذا هو الغوص الذي أعنيه