ومن رأى أنه قد خرج من ميت شيء من الأشياء كالبول والغائط والقيح والدم والبصاق والبلغم وما أشبه ذلك فهو على وجهين قيل لا تأويل له لكونه لا يمكن صدور ذلك منه، وقيل يؤول لكل شيء من ذلك من معنى ما تقدم ويجيء على عقبه، وربما كان بنوع غير ذلك مما يراه المعبرون بفراسة في المعنى، وقال آخرون غير ذلك وتقدم أنه إذا رأى في حق الميت ما لا يمكن وقوعه منه يعبر بالنظير أو السمى أو العقيب ونحو ذلك.
فإن رأى في محلته نسوة ميتات معروفات قد قمن من موضعه مزينات، فإنه يحيا لأصحاب الرؤيا والأعقاب أولئك النسوة أمور على قدر جمالهن وثيابهن، فإن كانت ثيابهن بيضا فإنه أمور في الدين، وإن كانت حمرا فأمور في اللهو، وإن كانت سوداء ففي الغنى والسؤدد، وإن كانت خلقانا فإنها أمور في فقر وهم، وإن كانت وسخة فإنها تدل على كسب الذنوب فإن رأى ميتا كأنه نائم، فإن نومه راحته في الاخرة.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت رجلاً أسود ميتاً، يغسله رجل عليه. فقال أما موته فكفره، وأما سواده فماله، وأما هذا القائم يغسله فإنّه يخادعه ماله.
من رأىَ أنّه تزوج بامرأة ميتهَ ودخل بها، فإنّه يظفر بأمر ميت يحتاله، وهو في الأمور بقدر جمال تلك المرأة، فإن لم يكن دخل بها ولا غشيها فإنّ ظفره بذلك الأمر يكون دون ما لودخل بها.
ومن رأى أنه على منبر يتكلم بالعلوم والحكمة أو يخطب فإن كان من أهل ذلك المكان يحصل له من الامام أو من يقوم مقامه علو قدر وشرف وإن لم يكن كذلك يحصل ذلك الخير لأحد من أهله أو جيرانه إن كان فيهم من هو بتلك المثابة.
ومن رأى ميتا حمل شيئا ثقيلا يعني بحمله فإنه يكسب ذنوبا وأوزارا ثقيلة ولا خير فيمن يرى ان الميت ركب فرسه أو تقلد بسيفه أو لبس ثيابه، وربما كان ذلك جميعه خسرانا أو ضلالا أو قهرا.
فإن رأى كأن أقواما معروفين قاموا من موضع لابسين ثيابا جددا مسرورين، فإنه يحيا لهم وتعقبهم أمور ويتجدد لهم إقبال ودولة فإن كانوا محزونين أو ثيابهم دنسة، فإنهم يفتقرون ويرتكبون الفواحش.
ومن رأى أنه ينكح أمه وكانت ميتة فإنه يدل على انقضاء أجله لقوله تعالى " منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم " الآية، وأول بعضهم هذه الرؤيا إذا كان صاحبها غائبا بالاجتماع على أمه إن كانت موجودة.
ومن رأى أنه سكن بمكان كان فيه ميت فإنه يبلغ مبلغه من أمور الدين والدنيا، ومن رأى أن مكانا سقط فوق من به فجاء الرائي وكشف ذلك فوجدهم أمواتا فإنه يؤول على وقوع موت بتلك الناحية والله أعلم بالصواب.
ن رأى ميتاً معروفاً: مات ثانية كان لموته بكاء من غير نوح أو صراخ، فإنّه يتزوج بعض أهله فيكون فيهم عرس، وإلا مات من عقبه إنسان. وكذلك إذا كان لموته صراخ أو نوح أو رنة مما يكرهه أصله في التأويل.
من رأى أنه يخطب على المنبر وهو أهل لذلك يحصل له علو وقدر وعز وجاه، وإن لم يكن أهلا لذلك فإن كان في السفر يتعذر رجوعه بالسلامة، وإن كان غنيا يفتقر وإن كان فقيراً مرض وأصابه بلاء وشدة، وإن كان جاهلاً فحقارة في أعين الناس، وإن كان من أهل الذمة يدل على إسلامه أو قرب أجله، وإن كان سلطاناً مصلحاً يدل على عدل وإنصافه، وإن كان مفسدا يتوب الله عليه، وإن كان امرأة فيفتضح زوجها، وقيل يشتهر على رؤوس الأشهاد بكلام لا خير فيه، وقيل انها تتزوج وربما تطلق أو تأتي بولد من الزنا وعلى كل حال لا خير فيه.
ومن رأى أن ميتا يغسل نفسه فإنه دليل على خروج عقبه من الهموم وزيادة في ما لهم، والمغتسل في الأصل تاجر نفاع ينجو بسببه أقوام من الهموم أو رجل شريف يتوب على يده أقوام مفسدون.
ومن رأى أنه أخذ كفن ميت فهو على وجهين إن كان من أهل الصلاح فإنه يشتغل بعلم غريب دقيق، وربما حصل له مال من وجه حرام، وإن كان من أهل الفساد فإنه يدل على قلة دينه وتشويشه على الناس وأن يكون غمازا فتانا.
ومن رأى أنه جامع امرأة ميتة معروفة فإنه حصول خير وبلوغ ما يؤمله من حيث لا يحتسب، وإن كان الميت رجلاًمعروفا فحصول الخير لذلك الرجل والصدقة والأجر والاحسان من الرائي، وإن كان الميت رجلاًمجهولا لم يعرفه فإنه ظفر ونصرة على الأعادي.
ومن رأى ميتا قد ناوله ثوبا مخيطا ليس من ملبسه وتناوله ولبسه ثم قلعه وناوله للميت ثم لبسه الميت فإنه دليل على موت أهل بيته ولو لم يناول ذلك الثوب للميت لما حصل له ذلك النقص بل كان يزيد ماله.
لو رأت امرأة أنَّ رجلاً ميتَاَ تزوجها ودخل بها في دارها أو عندها، فإنَّ ذلك نقصان في مالها وتغير حالها وتفريق أمرها. فإن كان دخل بها الميت في دار الميت فهي مجهولة، فإنّها تموت. وإن كانت الدار معروفة للميت، فهي علىٍ ما وصفت نقصان في مالها.
من رأى ميتاً مقبلاً عليه ضاحكاً إليه، فقد شكر له عمله في وصيته أو أهله، أو لما وصل إليه من دعائه. فإن لم يكن هناك شيء من ذلك فقد بشره بحسن حاله وطاعته لربه. ومن دعا له ميت، فدعاؤه أخبار عما في غيب الله عزّ وجلّ.
من رأى أنّه حمل ميتاً على غير هيئة الجنائز فإنّه يتبع ذا سلطان وينال منه براً، ومن رأى أنّه نبش عن قبر ميت معروف، فإنّه يطلب طريقة ذلك الميت في الدنيا إن كان علماً أو مالا فينال منه بقدر ذلك.
ومن رأى أنه يخطب وكان أميراً أو عالماً أو صاحب وظيفة وأتم خطبته فإنه ثبوت في رياسته ومنصبه واتمام لقضاء حوائجه وإن لم يتم خطبته فالأمر الذي يطلبه يتعذر عليه وربما يعزل عن وظيفته ومنصبه.
ومن رأى أنه ناول ميتا ثوبه ثم قال خطه أو اغسله بحيث لم يخرج من يده ولم يدخل في ملك الميت فإنه حصول غم وشدة وضيق صدر، وإن تناوله الميت ولبسه فإنه يموت عاجلا.