السمك: فقد حكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّ على مائدتي سمكة آكل أنا وخادمي منها من ظهرها وبطنها. قال: فتش خادمك فإنّه يصيب من أهلك. ففتش خادمه فإذا هو رجل.
والسمك المالح المشوي سفر في طلب علم، أو صحبة رئيس، لقوله تعالى: " نَسِيَا حُوتَهُمَا " . ومن أصاب سمكة طرية مشوية، فإنّه يصيب غنيمة وخيراً، لقصة مائدة عيسى عليه السلام، والسمك المشوي قضاء حاجة أو إجابة دعوى أو رزق واسع، إن كان الرجل تقياً. وإلا كانت عقوبة تنزل عليه. فإن رأى أنّه مرغ صغار السمك في الدقيق وقلاها بالدهن، فإنّه ينفق ماله في شيء لا قيمة له حتى يصير له قيمة ويصير لذيذاً شريفاً.
وقيل السمك محمود وخاصة المشوي منه، ما خلا السمك الصغار، فإنّ شوكها أكثر من لحمها، ويدل على عداوة بينه وبين أهل بيته، ويدل على رجاء شيء لا ينال. وأكل السمك المالح يدل على خير ومنفعة في ذلك الوقت.
وأما ذوق الأشياء: فيختلف تأويله حسب اختلاف الأحوال، فإن رأى كأنّه ذاق شيئاً فاستلذه واستطابه، فإنّه ينال الفرج والنعمة، لقوله تعالى: " وإِنّا إذا أذَقْنَا الإنْسَانَ مِنّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا " . فإن رأى كأنّه ذاق شيئاً فوجد له طعماً مراً، فإنّه يطلب شيئاً يصيب منه أذى. فإن رأى كأنّه ابتلع طعاماً حاراً خشناً، دل على تنغيص عيشه ومعيشته.
وحكي أنّ رجلاً قال: رأيت رأسي حلق وخرج من فمي طائر، وأنّ امرأة لقيتني فأدخلتني في فرجها، ورأيت أبي يطالبني طلباً حثيثاً، ثم حبس عني. فقصها على أصحابه، وقال إني تأولتها، أما حلق رأسي فوضعه، وأما الطائر الذي خرج مني فروحي، والمرأة التي أدخلتني في فرجها فالأرض تحفر لي وأغيب فيها، وأما طلب أبي إياي ثم حبسه عني، فإنه يجتهد أن يصيبه ما أصابني. فقتل صاحب الرؤيا شهيداً. ورأى آخر كأنّه يحلق رأسه بيده، فقصها على معبر فقال: تقضي دينك.
ومن رأى أن رأسه كرأس الخنزير فربما يكون ميله إلى الكفر أو أهل المعاصي أو الرفض وقال بعض المعبرين من رأى رأسه كرأس بهيمة مما يجوز أكلها فلا بأس به وإن كان مما لا يجوز أكلها فلا خير فيه.
وقال الكرماني رؤيا أكل العدس ليست بمحمودة لأن قوم موسى عليه السلام لما حصل لهم الملل من أكل المن والسلوى سألوا الله في انبات العدس فعاتبهم الله على ذلك.
ومن رأى على رأسه قلنسوة من ديباج ملون أو غير ملون فإنه يدل على عزل الدنيا وفساد الدين، وقلنسوة البرد والكرباس تدل على خيرات الدنيا والدين، والقلنسوة التي تكون تحت العمامة فإنه يعمل شيئا ويخفي عن الناس شيئا.
ومن رأى شابا مجهولا نزع قلنسوة من على رأسه فإنه يؤول بموت رئيسه، والقلنسوة البيضاء النقية من أي شيء كانت صلاح في الدين والدنيا، والسوداء سودد، والخضراء زيادة تقوى وصلاح في الأمور ولبس القلنسوة مقلوبا يدل على تغيير رئيسه عليه بسبب أمر دنيوي.
ومن رأنه أصاب بيضا فأكل قشورة وترك ما بوسطه فإنه يؤول على وجهين أكل أموال الموتى أو أخذ أكفانهم وقيل رؤيا جميع البيض تؤول بطلب عدة من النساء ويكون حريصا على المرأة.
ومنِ رأى كأنّ له رأسين أو ثلاثة، فإنّه ينال ظفراً بالأعداء، وإن كان مبارزاً. وإن كان فقيراَ استغنى، وإن كان غنياً يكون له أولاد بررة، وإن كان عزباً يتزوج وينال ما يريد.
والسائس رجل صاحب رأي وتدبير. ونخاس الدواب رجل يؤثر صحبة الأشراف على المال. ومن رأى كأنّه يأكل ديوان السلطان نال ولاية بلدة، لقوله تعالى: " كُلُوا مِنْ رِزَقْ رَبِّكُم واشْكُروا لَهُ بَلْدَةٌ طيِّبَةٌ ورَبٌ غَفُورٌ " .
يأكل اللبان، فإنَّ اللبان بمنزلة بعض الأدوية. ولو يرى أنّه يمضغ اللبان والعلك فإنّه يصير إلى أمر يكثر فيه الكلام وترداده، مثل منازعة أو شكوى أو ما يشبه ذلك.
ومن أكل شيئاً من المواعين والمستخدمات: أكلاً لا ينقص المأكول، أكل من عمله أو من مال من يدل عليه من الناس. وإن أكله كله، باعه وأكل ثمنه. وإن أكل من حيوان أو جارح، أفاد منه أو ممن يدل عليه، أو من كده وسعيه. وإن لم ينقصها أكله، اغتاب من يدل عليه من الناس.
إن رأى أنّه جمل القرع نيئَاً: على غير ما وصفت، فهو يصيبه فزع من الجن والإنس، أو يقاتل إنساناً يقارعه بالمنازعة في حرب، أو كلام صخب يكون فيها بينهما، وإنّما اشتق ذلك من كلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه وسعيد بن المسيب رضي الله عنه في التأويل، وكانا يأخذان فيه بالأسماء ومعانيها ويتأولانه، فلذلك دار أكل القرع الطري النيء شبيهاً في الأسماء بالقارعة، وهي الفزع الأكبر، ومقارعة الرجل صاحبه بالمنازعة والحرب بينهما وباسم المقرعة يقرع بها الرجل من يؤذيه، وإنما اشتق تأويل شجرة القرِع وورقه بما ارتفق يونس عليه السلام بشجرة القرع حين خرج من بطن الحوت راجعاً إلى بلاده بالموصل وقومه، واستأنس من وحشته.
وحدث مقاتل، أنّ نبياً من بني إسرائيل شكا إلى الله ذهاب ذهنه، فأمره أن يأكل الدباء مطبوخاً وهو القرع وهو اليقطين، فلذلك صار القرع مطبوخاً رجوع ذهن صاحبه إليه.
ن رأى أنه قائم بين يدي الله تعالى ناكسا رأسه يدل على أنه يصل إليه ظالم لقوله تعالى " ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم " .
وقال الكرماني من أعطاه الله تعالى شيئا في منامه سلط الله البلاء والمحنة على بدنه في الدنيا.
وقال بعض المعبرين من رأى أنه حلق رأسه ما لم يكن في حرب فإنه يستغنى ويقوى بعياله وهو محمود ولا بأس به، فإن كان في حرب فليس بجيد، وقيل ان كان في الأشهر الحرم يكون كفارة للذنوب وقضاء للديون وزوالا لهمومه وغمومه وقيل موت أحد الوالدين أو كلاهما.
وقال جابر المغربي من رأى أنه يأكل رئة فإن كانت مشوية وهي لحيوان يؤكل لحمه فإنه حصول مال بمسرة، وإن كانت لمن لا يؤكل لحمه فإنه مال حرام وقيل الرئة رأي الانسان.
ومن رأى أن رأسه رض فإنه يكون تاركا لصلاة العتمة لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به رأي رجلاًيرض رأسه على صخرة فقال: ما هذا يا جبريل قال هذا تارك صلاة العتمة.
وقال الكرماني من رأى أنه يأكل بلحا أو بسرا فإنه يأتيه رزق وربح لم يكن أمله أو أيس منه، وأما الطلع فإنه مال مبارك نام " والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد " .
وقال جابر المغربي ان كان طعمه حلوا فإنه منفعة من قبل أقاربه وأصدقائه، وإذا كان حامضا فإنه ندامة على فعله، وأما القلقاس فإنه رزق بمشقة وتعب، وربما يدل على تغير المزاج وخشونة الطباع، وأما الكمأة فإنها تدل على رجل دنيء تحبه الأشراف أو على أمر لا خير فيه، وإذا رآها كبيرة دلت على رزق من قبل النساء.
رأس جالوت
من رأى في المنام أنه رأس جالوت فإنه رجل مكار يدعو الناس إلى خداع ومكر وغش. ومن رأى أنه يسمى رأس جالوت وهو كاره لذلك، فإنه يُرمَى بمكر وخديعة أو بمصيبة أو غش، وهو بريء من ذلك.
فإن رأى كأنّه أخذ رأس ماله بيده، فهو مال يصير إليه، أكثره دية وأقله ألف درهم، وهذه الرؤيا تدل على وقوع صلح بينه وبين رجل له عليه دين، لقوله تعالى: " وإنْ تُبْتُمْ فَلَكُم رُؤُوسُ أمْوالِكُم " .
والرأس على رمح أو خشبة رئيس مرتفع الشأن، ومن رأى كأنّ رأساً من رؤوس الناس في وعاء عليه دم، فهوِ رجل رئيس يكذب عليه. ومن رأى كأنّ رقبته ضربت وبان رأسه عنه، فإن كان مريضاً شفي، أو مديوناً قضي دينه، أو صرورة حج. وإن كان في كرب أو حرب فرج عنه، فإن عرف الذي ضريه فإنّ ذلك يجري على يدي من ضربه، فإن كان الذي ضربه صبياً لم يبلغ، فإنّ ذلك راحته وفرجه مما هو فيه من كرب أو مرض، وهو موته على تلك الحال. وكذلك لو رأى وهو مريض قد طال مرضه، وتساقطت عنه ذنوبه، أو معروف بالصلاح، فهو يلقى الله على خير حالاته ويفرج عنه. وكذلك المرأة النفساء، والمريض المبطون، أو من هو في بحر العدو، وما يستدل به على الشهادة. فإن رأى ضرب العنق لمن ليس به كرب ولا شيء مما وصفت، فإنّه ينقطع ما هو فيه من النعيم، ويفارقه بفرقة رئيسه، ويزول سلطانه عنه، ويتغير حاله في جميع أمره.
ومن رأى كأنّه يأكل الخبز مع الجبن، فإنّه معاشه بتقدير، وقيل: من أكل الخبز مع الجبن، أصابته علة فجأة. والمصل قيل هو دين غالب لحموضته، وقيل هو مال نام، يقوم قليله مقام كثير من الأموال، يناله بعد كد. والأقط مال عزيز لذيذ.
ومن رأى شعر رأسه تناثر حتى صلع، فإنّه يخاف عليه ذهاب ماله وسقوط جاهه عند الناس. ومن رأى امرأة صلعاء، دل على أمر مع فتنة. ومن رأى كأنّه أجلح، ذهب بعض رأس مال رئيسه، وأصابه نقصان من سلطان أو جهة. وقيل إن كان صاحب هذه الرؤيا مديوناً، أدى دينه. ومن رأى كأنّه أقرع، فإنّه يلتمس مال رئيسه، لا ينتفع به لا يحصل منه إلا على العناء، والمرأة القرعاء سنة جدبة. والآفة في الصدغ تدل على الآفة في المال. والمرض في الجبهة، نقصان في الجاه.
رأى أنّه يأكل القرع: مطبوخاً قطعاً لا يخالطه شيء ما يغيره عن جوهره وطعمه من التوابل، أو مما يكره نوعه في التأويل، لأنّ التوابل هم وحزن، إذا كان يأكل من القرع مطبوخاً لم يتغير عن طعمه، فهو يرجع إليه شيء قد كان افتقده في نفسه أو من ماله أو من دينه أو دنياه، أو من قومه أو من صحة جسمه أو ذهاب وهن يرجع إليه ذهنه فيه وعقله بعد إدبارهما عنه، أو قرة عين فاتته ترجع إليه، أو اجتماع شمل كان تفرق عنه، أو حفظ لعلم قد كان نسيه وذهب عنه لحفظه، ويرجع إليه ذهنه فيه وعلمه على قدر ما أكل من القرع المطبوخ، على نحو ما وصفت من طيب طعمه وقلته وكثرته، وكلما كان طعمه أطيب وألين فالأمر يكون عليه فيما يرجع إليه من تلك النعم أضعف وأشد.
وقال ابن سيرين من رأى أنه حلق رأسه في أيام الحج فإنه صلاح في الدين وكفارة للذنوب، وإن كان في الأشهر الحرم أو في بعضها فإنه قضاء دين وزوال هم وغم، وقيل إن رأى ذلك ذو منصب فليس بمحمود، وإن رأت المرأة ذلك فإنه يدل على موت زوجها أو أحد محارمها، وإن رأت أن شعرها قطع أو بعضه فإنه يدل على مخاصمة مع زوجها وقيل حصول مصيبة، وإن رأت ان شعرها جميعه صار أبيض فإنه يدل على ان زوجها رجل فاسق على غير الطريقة.
ومن رأى أن عنقه ضرب وابان رأسه منه ان كان غنيا نقص ماله، وإن كان فقيرا استغنى، وإن كان عبدا عتق، وإن كان مديونا قضى الله دينه، وإن كان مغموما أو مكروبا فرج الله غمه وكربه، وإن كان مريضا شفاه الله، وإن كان مريضا ومرضه لا يوجد له طب يدل على موته.