إبراهيم عليه السلام
تدل رؤيته في المنام على الخير والبركة، والعبادة والسيادة، والرزق والإيثار، والاهتمام بالذرية الصالحة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعلم والهدى، وهجر الأهل والأقارب في سبيل طاعة اللّه تعالى.
الله تعالى. كما تدل رؤيته أيضاً الوالد المشفق، وإن إبراهيم عليه السلام أبو الإسلام، وهو الذي سمانا مسلمين. وربما دلّت رؤيته على الوقوع في الشدائد والسلامة منها. كما قد تدل.
رؤيته على ما يرجوه من الخير أو على التشريع، أو المحافظة على الخير، وهجر إخوان السوء. ماذا رأى إنسان أنه لمسه دلّ ذلك على محبة اللّه تعالى، كما تدل رؤيته على الحج. وإن رأت المرأة إبراهيم عليه السلام في منامها، فتجري شدة على بعض أولادها لكن اللّه تعالى يسلُمه منها. ومن صار في منامه إبراهيم عليه السلام دلّ ذلك على البلاء من الأعداء لكنه يتنصر. وربما تولى ولاية أو إمامه ويكون عدلاً فيها، أو يُرزق بعد يأس، وربما قدمت عليه رسل الأكابر بالبشارة. ومن رأى إبراهيم عليه السلام فإنه ينتصر على أعدائه، أو يحصل على زوجة مؤمنة، أو يتعرض لشدة وضيق من مَلك ثم ينجو من ذلك. ومن رآه يدعوه إليه فأجابه بالتلبية وأسرع إليه ارتفعت منزلته. لمن رآه قد ناداه فلم يجبه، أو رآه يتهدده أو يتوعد أو رأى عبوساً فقد يكون متخلفاً عن الحج مع توفر الإمكانية إليه، أو يكون تاركاً للصلاة، أو طاعناً على الإمام، أو منافقاً، وإن رآه كافراً أسلم، أو مذنباً تاب، أو كان تاركاً للصلاة عاد إليها. ومن تحوَل إلى صورة إبراهيم عليه السلام أو لبث ثوبه أصابته بلوى. وربما دلّت رؤيته على ذهاب الغم والهم، وأصابه الخير والهداية. وقيل: إن رؤية إبراهيم عليه السلام عوق للأب.
ومن رأى أن قوسه أتسع عليه ان يوتر أو استرخى في يده فإنه ينال ما يطلب من ملك أو امرأة أو ولد وربما يعسر عليه أمر ويلتوي.
ومن رأى أن قوسه بخلاف ذلك فتعبيره ضده.
أزواج النبي صلى اللّه عليه وسلّم
تدل رؤيتهن في المنام على الأمهات، كما تدل على الخير والبركة والأولاد وأكثرهم البنات. وربما دلّت رؤيتهن على الأنكاد واليمين بسبب إظهار سر أو كتمانه، وعلى القذف. والمرأة إذا رأت عائشة رضي اللّه عنها في المنام نالت منزلة عالية وشهرة صالحة وحظوة عند الآباء والأزواج، وإن رأت حفصة رضي اللّه عنها دلّت رؤيتها على المكر، وإن رأت خديجة رضي اللّه عنها دلّت على السعادة والذرية الصالحة، وتدل رؤية فاطمة رضي اللّه عنها بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم على فقدان الأزواج والآباء والأمهات، وأما رؤية الحسن والحسين رضي اللّه عنهما فإنها دالة على الفتنة وحصول الشهادة، وربما دلّت على كثرة الأزواج والأولاد والأسفار والتغرب وعلى أن الرائي يموت شهيداً. ومن رأى من الرجال أحداً من أزواج النبي صلى اللّه عليه وسلّم وكان أعزب تزوج امرأة صالحة. وإذا رأت المرأة أحداً منهن دلّت رؤيتها على بعل صالح يكفيها.
حواء عليها السلام
تدل رؤيتها في المنام على البركة في الزرع، والثمار ونتاج الأولاد، وإدرار الفوائد من الصناعة كالنسيج والحراثة والحدادة وغير ذلك. وربما دلت رؤية آدم وحواء عليهما السلام على النقلة منمحل شريف إلى ما دونه، وعلى الزلل والوقوع في المحذور، وشماتة الحاسدين، وعلى الهموم والأنكاد من الجيران. وتدل رؤيتهما على النكد من الأزواج والأولاد، وعلى قبول المعذرة والتوبة والندم على ما فات. فإن رأت المرأة حواء عليها السلام في المنام أدخلت الهموم والأنكاد وربما ابتليت في نفسها ببلوى شديدة لأنها أول من حاضت من النساء، وربما عالجت الحبل والولادة، وربما رزقت أولاداً صالحين. وإن كانت مفارقة لزوجها او غائبة عنه، عادت إليه، واجتمعت به، وربما رزقت رزقاً حلالاً من كدها. وربما كان من نسلها من يسفك الدم، و يقتل النفس التي حرم اللّه تعالى قتلها. ومن رأى حواء عليها السلام فإنه يغتر بقول امرأة. ومن رأى حواء عليها السلام بوجه جميل فإنها أمه لأنها أم المسلمين. وأن كان في غم فرج عنه. وإن نفذّ كلام امرأة تدم وزالت رئاسته.
فإن رأى كأنّه يعادي جبريل وميكائيل أو يجادلهما، فإنّه في أمر يحل به نقمة الله تعالى من ساعة إلى ساعة، وكان رأيه موافقاً لرأي اليهود، نعوذ بالله.
وإن رأى أنّه أخذ من جبريل طعاماً، فإنّه يكون من أهل الجنة إن شاء الله وإن رآه حزيناً مهموماً أصابته شدة وعقوبة، لأنّه ملك العقوبة.
في رؤيا الملائكة عليهم السلام
سمعت أبا الفضل أحمد بن عمران الهروي بمكة حرسها الله تعالى. قال سمعت أبا بكر بن القاري، يقول: سمعت أبا بكر جعفر بن الخياط الشيخ الصالح يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم جالساً معه جماعة من الفقراء، متسمين بالتصوف، فإذا بالسماء قد انشقت، فنزل جبريل ومعه ملائكة بأيديهم الطسوت والأباريق، فكانوا يصبون الماء على أيدي الفقراء ويغسلون أرجلهم، فلما بلغوا إلي مددت يدي فقال بعضهم لبعض: لا تصبوا الماء على يديه، فإنّه ليس منهم فقلت يا رسول الله فإن كنت لست منهم فإنّي أحبهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن مع من أحب، فصب الماء على يدي حتى غسلتهما.
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: رؤية الملائكة في النوم إذا كانوا معروفين مستبشرين، يدل على ظهور شيء لصاحب الرؤيا، وعزّ وقوة وبشارة ونصرة بعد ظلم، أو شفاء بعد مرض، أو أمن بعد خوف، أو يسر بعد عسر، أو غنى بعد فقر، أو فرج بعد شدّة. وتقتضي أن يحج صاحبها أو يغزو فيستشهد.
هود عليه السلام
من رآه في المنام فيسلّط عليه قوم سفهاء جهال، ثم يظفر بهم، وينجو من شدة عظيمة، لقوله تعالى: (ونجيّناهم من عذاب غليظ). ومن رأى هوداً عليه السلام يرى رشداً وخيراً، وينجو قوم على يده.
ومن رأى في جسمه قوباً كثيراً أو واحدة فإنه مال يخشى صاحبه من مطالبته، وقيل القوبة في الجسم كلام يطبع فيه يحصل به نقص، وربما يكون حصول أمر يكرهه، وأما الصحة من هؤلاء فمحمودة وإن لم يكن فيه حصول مال.
وحكي أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله رأيت الليلة روحي وعقلي مجتمعين على صورة آدميين فجاء إلي وشربا معي الخمر كما كنا نفعل في الجاهلية فقال عليه السلام: العقل يؤول بقسمة الدنيا والروح تؤول بقسمة الآخرة.
ومن رأى إبراهيم عليه السلام، رزق الحج إن شاء اللهّ، وقيل أنه يصيبه أذى شديد من سلطان ظالم ثم ينصره الله عليه وعلى أعدائه، ويكثر الله له النعمة ويرزقه زوجة صالحة. وقيل أنّ رؤيا إبراهيم عليه السلام عقوق الأب.
وحكي أنّ سماك بن حرب كف، فرأى في منامه كأن إبراهيم عليه السلام مسح على عينيه، وقال إئت الفرات فاغتمس فيه، يرد الله عليك بصرك، فلما انتبه فعل ذلك، فأبصر.
تدل رؤيته في المنام على الملك أو القضاء، وربما دانت له الصعاب، ونال من الله تعالى المنزلة العظيمة مع حسن العاقبة في الآخرة. وربما دلت رؤيته على المحنة من جهة النساء. وإن كان الرائي واليا عزل، وربما تزوج بالاحتيال امرأة غنية وشريفة. وإن كان الرائي يرزق من جهة الطيور أو إحضار الجان أو عمل القوارير أفاد من ذلك رزقا كبيرا. وربما ينتصر على عدوه بعد ظفره به وانتصار عليه. ومن رأى سليمان عليه السلام ظهرت نعمة الله تعالى عليه، وربما دلت رؤيته على العلم باللغات أو على سلامة المريض، وإن من اسمه سليم كما أن من اسمه أمان. وكما أن من إبراهيم إبراء خلافا لرؤية نوح عليه السلام، فإن رؤيته في المنام دالة على موت المريض وإن منه ناح ينوح. فمن عصاه في المنام كان نماما، وإن كان مريضا مات. ورؤية خاتمه عليه السلام تجديد ولاية لمن ملكه. ومن رآه عليه السلام تكثر أسفاره وينال ولاية يطيعه فيها العدو والصديق. ومن رآه عليه السلام يكسب مالا وينال ملكا وينال خيرا وسلامة.
أخبرنا أبو القاسم عمر بن محمد البصري بتنيس، قال حدثنا علي بن المسافر قال حدثنا أحمد بن عبدالرحمن بن وهب، قال حدثني عمي. قال أخبرني أبو بشر عن ابن شهاب، قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أنّ أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رآني في المنام فكأنما رآني في اليقظة، فإنّ الشيطان لا يتمثل بي. قال أبو سلمة، قال أبو قتادة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رآني فقد رأى الحق.
وأخبرنا أبو الحسن عبد الوهاب بن الحسن الكلابي في دمشق، قال حدثني أبو أيوب سليمان بن محمد الخزاعي، عن محمد بن المصفى الحمصي، عن يحيى بن سعيد القطان، عن سعيد بن مسلم، عن أنس بن مالك. أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رآني في المنام فلن يدخل النار.
وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد الأصفهاني بمكة حرسها الله تعالى في المسجد الحرام، قال حدثنا أبو الحسن محمد بن سهل، عن محمد بن المصفى، عن بكر بن سعيد، عن سعيد بن قيس، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن يدخل النار من راني في المنام.
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: قد بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين فطوبى لمن رآه في حياته فاتبعه، وطوبى لمن يراه في منامه، فإنّه إن رآه مديون قضى الله دينه، وإن رآه مريض شفاه الله، وإن رآه محارب نصره الله، وإن رآه صرور حج البيت، وإن رؤي في أرض جدبة أخصبت، أو في موضع قد فشا فيه الظلم بدل الظلم عدلاً، أو في موضع مخوف أمن أهله، هذا إذا رآه على هيئته. وإن رآه شاحب اللون مهزولاً أو ناقصاً بعض الجوارح فذلك يدل على وهن الدين في ذلك المكان وظهور البدعة، وكذلك إن رأى كسوة رثة. وإن رأى أنّه شرب دمه حباً له في خفية فإنّه يستشهد في الجهاد، وإن رأى أنّه شرب علانية دل ذلك على نفاقه ودخل في دم أهل بيته وأعان على قتلهم. فإن رآه كأنه مريض ففاق من مرضه فإنّ أهل ذلك المكان يصلحون بعد الفساد، وإن رآه عليه السلام راكباً فإنّه يزور قبره راكباً، وإن رآه راجلاً توجه إلى زيارته راجلاً، وإن رآه قائماً استقام أمره وأمر إمام زمانه، وإن رآه يؤذن في مكان خراب عمر ذلك المكان، وإن رأى كأنّه يؤاكله فذلك أمر منه إياه بإيتاء زكاة ماله.
فإن رأى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد مات فإنّه يموت من نسله واحد، وإن رأى جنازته في بقعة حدثت في تلك البقعة مصيبة عظيمة، فإن رأى أنه شيعِ جنازته حتى قبر فإنّه يميل إلى البدعة. وإن رأى أنّه قد زار قبره أصاب مالاً عظيماً، وإن رأى كأنه ابن النبي وليس من نسله، دلت رؤياه على خلوص إيمانه، وإن رأى كأنه أبو النبي عليه السلام دل على وهن دينه وضعف إيمانه ويقينه.
ورؤية الرجل الواحد رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه لا تختص به بل تعم جماعة المسلمين. روي أنّ أم الفضل قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت في المنام كأن بضعة منِ جسدك قطعت فوضعت في حجري، فقال: خيراً رأيت، تلد فاطمة إن شاء الله غلاماً فيوضع في حجرك. فولدت فاطمة الحسين عليهما السلام فوضع في حجرها.
وروي أنّ امرأة قالت: يا رسول الله رأيت في المنام كأن بعض جسدك في بيتي، قال: تلد فاطمة غلاماً فترضعيه، فولدت الحسين فأرضعته. فإن رأى النبي صلى الله عليه وسلم قد أعطاه شيئاً من مستحب متاع الدنيا أو طعام أو شراب، فإنّه خير يناله بقدر ما أعطاه، وإن كان ما أعطاه رديء الجوهر مثل البطيخ وغيره، فإنّه ينجو من أمر عظيم، إلا أنّه يقع به أذى وتعب. فإن رأى أنّ عضواً من أعضائه عليه السلام عند صاحب الرؤيا، قد أحرزه، فإنه على بدعة في شوائعه قد استمسك بها دون سائر الشرائع من الإسلام وترك سواها دون سائر المسلمين.
سمعت أبا الحسن علي بن البغدادي بمشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: قال ابن أبي طبيب الفقير: كان بي طرش عشر سنين، فأتيت المدينة وبت بين القبر والمنبر، فرأيت نبي الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت: يا رسول اللهّ، أنت قلت من سأل لي الوسيلة وجبت له شفاعتي، قال: عافاك الله ما هكذا قلت، ولكني قلت: من سأل لي الوسيلة من عند الله وجبت له شفاعتي، قال فذهب عني الطرش ببركة قوله عافاك اللهّ.
حكى عبد الله بن الجلاء، لمحالة دخلت مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي فاقة، فتقدمت إلى قبر رسول الله له، فسلمت عليه وعلى صاحبيه رضوان الله عليهما ثم قلت: يا رسول الله بي فاقة وأنا ضيفك، ثم تنحيت ونمت دون القبر، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم جاء إليّ، فقمت فدفع إلي رغيفاً، فأكلت بعضه، وانتبهت وفي يدي بعض الرغيف. وعن أبي الوفاء القاري الهروي، قال رأيت المصطفى صلى الله عليه وسلم في المنام بفرغانة سنة ستين وثلاثمائة، وكنت أقرأ عند السلطان، وكانوا لا يسمعون ويتحدثون، فانصرفت إلى المنزل مغتماً، فنمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم كأنه تغير لونه، فقال لي عليه السلام: أتقرأ القرآن كلام الله عزّ وجلّ بين يدي قوم يتحدثون ولا يسمعون قراءتك؟ لا تقرأ بعد هذا إلا ما شاء اللهّ. فانتبهت وأنا ممسك اللسان أربعة أشهر، فإذا كانت لي حاجة أكتبها على الرقاع، فحضرني أصحاب الحديث وأصحاب الرأي، فأفتوا بأني آخر الأمر أتكلم، فإنّه قال: إلا ما شاء الله، وهو استثناء، فنمت بعد أربعة أشهر في الموضع الذي كنت نمت فيه أولاً، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يتهلل وجهه، فقال لي: قد ثبت؟ قلت: نعم يا رسول الله. قال: من تاب تاب الله عليه، أخرج لسانك. فمسح لساني بسبابته وقال: إذا كنت بين يدي قوم وتقرأ كتاب اللهّ، فاقطع قراءتك حتى يسمعوا كلام الله. فانتبهت وقد انفتح لساني بحمد الله ومنه.
وحكي أنّ رجلاً من المياسير، مرض، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة كأنّه يقول له إن أردت العافية من مرضك، فخذ لا ولا. فلما استيقظ، بعث إلى سفيان الثوري رضي الله عنه، بعشرة آلاف درهم، وأمره أن يفرقها على الفقراء، وسأله عن تعبير الرؤيا، فقال معنى قوله لا ولا الزيتونة، فإنّ الله تعالى وصفها في كتابه فقال: لا شرقية ولا غربية. وفائدة مالك ارتفاق الفقراء بك، قال فتداوى بالزيتون، فوهب الله له العافية ببركة استعماله أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمه رؤياه.
وبلغنا أنّ رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فشكا إليه ضيق حاله، فقال له اذهب إلى علي بن عيسى، وقل له يدفع إليك ما تصلح به أمرك، فقال يا رسول الله بأي علامة؟ قال قل له بعلامة إنّك رأيتني على البطحاء، وكنت على نشز من الأرض، فنزلت وجئتني، فقلت ارجع إلى مكانك. قال وكان علي بن عيسى قد عزل، فردت إليه الوزارة. فلما انتبه جاء إلى علي بن عيسى وهو يومئذٍ وزير، فذكر قصته فقال صدقت، ودفع إليه أربعمائة دينار، فقال اقض بهذه دينك، ودفع إليه أربعمائة دينار أُخرى، فقال اجعلها رأس مالك، فإذا أنفقت ذلك ارجع إلي.
وذكر رجل يعرف بمرادك من أهل البصرة، وكان يبيع الطيالسة، قال بعث ساجاً من بعض ولاة الأهواز، وكنت أختلف إليه في ثمنه، فسب أبا بكر وعمر رضوان الله عليهما، فمنعتني هيبته من الرد عليه، فانقلبت وأنا مغموم، فبت ليلتي كذلك، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت له يا رسول اللهّ، إنّ فلاناً سب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، قال ائتني به، فجئت به، فقال اضجعه فأضجعته، فقال اذبحه، فتعاظم الذبح في عيني، فقلت يا رسوله الله اذبحه؟ فقال اذبحه حتى قالت ثلاث مرات، فأمررت السكين على حلقه فذبحته، فلما أصبحت قلت أذهب إليه أعظه وأخبره بما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهبت فلما بلغت داره سمعت الولولة، فقيل إنّه مات.
وأتى ابن سيرين رجل غير متهم في دينه قلقاً، فقال إني رأيت البارحة في النوم، كأني قد وضعت رجلي على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له هل بت البارحة مع خفيك؟ قال نعم، قال فاخلعهما، فخلعهما فكان تحت إحدى رجليه درهم عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو في المنام دليل على الخير والراحة، وقضاء الحاجة، والقرب من الأكابر. وتدل رؤية الوقاد على العلم إلا أن يحرق بالنار ثياب الناس من غير فائدة فإن رؤية ذلك تدل على الشر والفتن والتفريط في المال.
من رأى أنه تحول عن الإسلام إلى أحد الأديان الباطلة فإنه ارتكاب معاصي وقيل ذلة وحقارة ومن رأى أنه يعبد النار فإنه يفتن مع السلطان فإن كانت النار خامدة فإنه يطلب مالا حراما ومن رأى أنه يعبد صنما من خشب فإنه يتقرب برجل باطل إلى رجل خبيث وإن كان من فضة فإنه يأتي إلى امرأة بما لا يليق وإن كان من ذهب فإنه يتقرب إلى أمر يكرهه ويحصل له من ذلك ضرر وإن كان من نحاس أو حديد أو رصاص أو ما أشبه ذلك فإنه يتقرب إلى طلب الدنيا وإن كان من حجر فإنه يتقرب لرجل قاسي القلب وإن كان من فخارا وما أشبه ذلك فإنه يتقرب لمن ليس فيه فائدة وبالجملة فإن رؤية الأصنام ليست بمحمودة
فإن رأى كأنه يشرب من حميمها أو طعم من زقومها، فإنّه يشتغل بطلب علم، ويصير ذلك العلم وبالاً عليه، وقيل إنّ أموره تعسر عليه، وتدل رؤياه على أن يسفك الدم.
فإن رأى كأنّه طرح الجنة في النار، فإنّه يبيع بستاناً ويأكل ثمنه. فإن رأى كأنّه يشرب من ماء الكوثر، نال رياسة وظفراً على العدو، لقوله تعالى: " إنّا أعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرْ فَصَلِّ لرَبِّكَ وانْحَرْ " .
ما رأيك بالذين يلحون عليك بتفسير بعض الأحلام المفزعة ؟
أعاملهم بما علمته من السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدم تعبير مثل هذه الأحلام والاحتراز عنها بما ورد.
وحقيقة أحزن من عدم فهم الكثير لوجهة النظر هذه ،ولكني أود أن يعلمون أن الخير لهم يكون في عدم تعبيرها ، ولا يبحثون لمن يعبرها لهم ، فقد يعبرها بشكل متعجل ، ومفزع ، وحينها قد تقع بإذن الله ، وحينها قد لا ينفع الندم.
إذا حلمت بالصعود إلى علية فإن هذا يعني رغبتك في ملاحقة النظريات تاركاً وقائع الحياة الباردة للآخرين والذين هم أقل مقدرة منك على تحملها. بالنسبة للفقراء يبشر هذا الحلم بظروف أسهل. بالنسبة للمرأة يعني هذا الحلم أن عليها أن تكبح غرورها وأنانيتها.
إذا حلمت أنك في علية فإن هذا يدل على أنك تضمر آمالاً سوف تخفق بسبب ماديتها.
إذا حلمت فتاة أنها تنام في علية فإن هذا ينبئ بأنها سوف تفشل في إيجاد رضى في مهنتها الحالية.
" العلية: موضع يقع تحت سطح المنزل مباشرة " .
ومن رأى موسى وهارون عليهما السلام، أو أحدهما، فإنّه يهللك على يديه جبار، ظالْم، وإن رآهما وهو قاصد حرباً رزق الظفر. وحكي أنّ جارية لسعيد بن المسيب، رأت كأنّ موسى عليه السلام ظهر بالشام وبيده عصا، وهو يمشي على الماء. فأخبرت سعيداً برؤياها، قال إن صدقت رؤياك فقد مات عبد الملك بن مروان. فقيل لْه بم علمت ذلك؟ قال: لأنّ الله تعالى بعث موسى ليقصم الجبارين، وما أجد هناك إلا عبد الملك بن مروان، فكان كما قال.
ومن رأى أيوب عليه السلام، ابتلى في نفسه وماله وأهله وولده، ثم يعوضه الله من كل ذلك، ويضاعف له، لقوله تعالى: " ووهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ ومِثْلَهُمْ " .
فإن رأى كأنّه يعادي جبريل وميكائيل أو يجادلهما، فإنّه في أمر يحل به نقمة الله تعالى من ساعة إلى ساعة، وكان رأيه موافقاً لرأي اليهود، نعوذ بالله.
ومن رأى ميكائيل عليه السلام، فإنّه ينال مناه في الدارينِ إن كان تقياً. وإن لم يكن تقياً فليحذر. فإن راه في بلدة أو قرية مطر أهلها مطراً عاماَ، وأرخصت الأسعار فيها، فإن كلم صاحب الرؤيا أو أعطاه شيئاً فإنّه ينال نعمة وسروراً لأنه ملك الرحمة.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين، فقال رأيت كأنّي أؤذن، فقال تحج. وأتاه آخر فقال رأيت كأنّي أؤذن فقال تقطع يدك، قيل له كيف فرقت بينهما؟ قال رأيت للأول سيماً حسنة، فأولت " وأذن في الناس بالحج " . ورأيت للثاني سيماً غير صالحة فأولت " فأذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون " .
ومن رأى أنه ينازع انسانا في أمر أبهم عليهما فإنه يدل على أنه محاكمة إلى الشرع الشريف ويعود أمره إلى الكتاب والسنة لقوله تعالى " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول " ، وقيل المنازعة مع النسوة والصبيان الصغار ليست بمحمودة.
ومن رأى أن أحدا ألقاه في النار ولم يحرقه فإنه يؤول على جور السلطان عليه ثم بعد ذلك يرضى عنه سريعا ويحظى ببشارة لقوله عز وجل قلنا يا نار كوني بردا وسلاما وإن أحرقته النار فإنه يسافر بكره أو يحصل له ضرر أو مرض أو يقع في محنة أو عناء ومصيبة وبلاء وإن)
قوى لهب النار الذي أحرق فيها وخرج منها صوت عظيم فإن المحنة والبلاء والمصائب التي اتصلت إليه تكون بسبب السلطان وإن كانت النار بدخان فتحصيل مال من الأيتام حراما وإن رمت النار شررا فإنه يحصل له خصومة وقتال بسبب أخذه مال الأيتام.
لم يترك الأب الحنون والشيخ الجليل ابنه في ذلك المكان الموحش القفر بصحراء مكة , دون أن يحن إليه ويذكره , ودون ان يزروه بين الحين والحين ,
وفي إحدى هذه الزيارات , وكان الغلام قد شب وارتحل , أطاق ما يفعله أبوه من السعي والعمل , رأي الخليل - عليه الصلاة والسلام -
أنه يؤمر بذبح ولده هذا , ولما كانت أنبياء الله تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم , فإن ( رؤيا الأنبياء وحي ) , ولهذا صمم الخليل على تنفيذ
أمر ربه , ولم يثنه على عزمه هذا , أن أسماعيل وحيده , وأنه قد رزق به وهو شيخ كبير , على رأس ست وثمانين سنة من عمره ,
وبعد أن ظل يرجوه أعواما وأعواما , رغم ذلك كله , فإن خليل الله قد عقد العزم على إنجاز ما امر به , بإيمان المؤمنين ,
وأستسلام المسلمين لله وحده , مما يدل على منتهى الطاعة والامتثال لأمر الله , وهذا هو الإسلام بعينه , إذ أن الإسلام هو الطاعة والأمتثال لله , وهو دين الأولين والأخرين ,
ولهذا فقد وصف الله - سبحانه وتعالى - هذا الأمر بقوله تعالى ( إن هذا لهو البلاء المبين ) من سورة العافات الأية 106
على أن الخليل إنما رأي أن يعرض ذلك على ولده ليكون أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قسرا ويذبحه قهرا .
ولنقرأ هذه الأيات الكريمات ( وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين , رب هب لي من الصالحين , فبشرناه بغلام حليم , فلما بلغ معه السعي قال يابي إني أري في المنام أني أذبحك
فانظر ماذا ترى , قال يا أبت أفعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين , فلما أسلما وتله للجبين , وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزؤ المحسنين ,
إن هذا لهو البلاء المبين , وفديناه بذبح عظيم , وتركنا عليه في الأخرين , سلام على إبراهيم , كذلك نجزي المحسنين , إنه من عبادنا المؤمنين , وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ).
لا يخفى على أي مهتم بهذا الفن أن هذا العلم شريف جدا ، ولذلك امتن الله على نبيه يوسف بقوله تعالى [وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ...] ، وكان نبينا محمد [صلى الله عليه وسلم ] يعبر الرؤى وكثيرا ما سأل الصحابة كما في حديث سمرة بن جندب : كان النبي [صلى الله عليه وسلم ] إذا صلى الصبح أقبل عليهم بوجهه فقال : هل رأى أحد منكم البارحة رؤيا .
والحقيقة أن لي وجهة نظر في هذه المسألة ؛ أقصد إمكانية تعلم ، وتعليم هذا العلم ، وهي أنه يمكن تعلمه ، وتعليمه .
وقد يكون في هذا الرأي غرابة لدى البعض ؛ وذلك لكون هذا العلم أشبه بالإلهام والفراسة ، وكأن فيه تشبها بالرسل ، فوجد الحرج من هذه الجهة ولكن آمل أن نطرح هذه المسألة للنقاش ليكون طرحنا موضوعيا .
وإليكم أهم ما يجعلني أميل لهذا الرأي ، وقد تكلمت عليه بالتفصيل في كتابي :تعبير الرؤيا مصطلحات معاصرة أسئلة وأجوبة،ص:96، وما بعدها، الناشر : دار التدمرية .
قال النووي تعليقا على حديث سمرة السابق :
فيه استحباب السؤال عن الرؤيا ، والمبادرة إلى تأويلها ، وتعجيلها أول النهار ، وفيه إباحة الكلام في العلم وتفسير الرؤيا ، ونحوهما .15/30
وقال ابن حجر تعليقا على الحديث السابق كما في الفتح 12/437:
الحث على تعليم علم الرؤيا وعلى تعبيرها ، وترك إغفال السؤال عنه ، وفضيلتها لما تشتمل عليه من الاطلاع على بعض الغيب ، وأسرار الكائنات .
وقال ابن عبد البر كما في التمهيد 1/313 تعليقا على الحديث السابق : وهذا الحديث يدل على شرف علم الرؤيا وفضلها ، لأنه [ صلى الله عليه وسلم ] إنما كان يسأل عنها لتقص عليه ، ويعبرها ، ليعلم أصحابه كيف الكلام في تأويلها.
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما في مجموع مؤلفاته 5/130 :
علم التعبير علم صحيح يمن الله به على من يشاء من عباده.
وقال في موضع آخر 5/143 :
عبارة الرؤيا علم صحيح ذكره الله في القرآن ولأجل ذلك قيل : لا يعبر الرؤيا إلا من هو من أهل العلم بتأويلها ، لأنها من أقسام الوحي .
وقد نبه الشاطبي رحمه الله في الموافقات 2/415 :
أنه ما من مزية ومنقبة أعطيها النبي [صلى الله عليه وسلم] سوى ما استثني ، إلا وقد أعطيت أمته نموذجا ، وهذا يعلم بالاستقراء ، ومن ذلك أنه أعطي الوحي له ، ولأمته أعطيت الرؤيا الصالحة .
وقال الإمام مالك ، وقد سئل : أيفسر الرؤيا كل أحد ؟ فقال : أبالنبوة يلعب ، ثم قال : لا يعبر الرؤيا إلا من أحسنها . فإن رأى خيرا أخبره ، وإن رأى مكروها فليقل خيرا أو ليصمت .
وقال الإمام ابن السعدي في تفسيره 2/442 : ومنها أي الفوائد على الآية السابقة :أن فيها أصلا لتعبير الرؤيا فإن علم التعبير من العلوم المهمة التي يعطيها الله من يشاء من عباده .
وقال أيضا 2/449 : ومنها أن علم التعبير من العلوم الشرعية ، وأنه يثاب الإنسان على تعلمه ، وتعليمه .
ومما يدل على وجود التعلم والتعليم عند الصحابةـ أشرف الخلق ـ ما ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يسأل أسماء بنت عميس الخثعمية عن تعبير الرؤيا كما في تهذيب التهذيب لابن حجر 12/399 .
وذكر ابن سعد في الطبقات 7/124 : أن سعيد بن المسيب كان من أعبر الناس للرؤيا ، وكان أخذ ذلك عن أسماء بنت أبي بكر ، وأخذته أسماء عن أبيها أبي بكر، وأبو بكر أخذ هذا العلم من الرسول الكريم ، الذي كان يدعه أحيانا يعبر بعض الرؤى ، ويصوبه أحيانا ، وقد يخطئه شانه شأن أي معلم وتلميذه ، وقد كان هذا التلميذ بارعا في الكثير من المواقف التي امتحن فيها ، ولذلك نجده بعد إحدى المرات ، وكان يعبر رؤيا رآها الرسول يقول الرسول له إعجابا بتعبيره : كذلك قال الملك . ، ولكن حصل له أيضا أن أخطأ في اجتهاده ، وكان الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] لا يجامله ، بل يخطئه ولذا قال له مرة بعد أن عبر عنده : أخبرني يا رسول الله بأبي أنت أصبت أم أخطأت ؟ فقال النبي : أصبت بعضا وأخطأت بعضا .
كذلك حصل لعائشة رضي الله عنها مواقف تعليمية مع أبيها ، فكانت تعرض عليه الرؤى ، وحصل لها مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعض المواقف ، ولذا فقد عنفها مرة حين عبرت رؤيا لامرأة بأن زوجها يموت وتلد غلاما فاجرا بقوله :
[ مه يا عائشة إذا عبرتم الرؤيا للمؤمن فاعبروها له على الخير .... ] والشاهد من الحديث طلب الرسول من عائشة أن تسلك منهجا محددا في التعبير ، وهو صرفها على الخير .
وقد ذكر الإمام ابن خلدون في مقدمته ص:389 أن هذا العلم من العلوم الشرعية وهو حادث في الملة عندما صارت العلوم صنائع وكتب الناس فيها ، وتعبيره موجود في السلف والخلف ، ولم يزل هذا العلم متناقلا بين السلف .
عيسى عليه السلام
مَن رآه في المنام فإنه رجل مبارك كثير الخير، كثير السفر، صاحب نسك ويرضى بالقليل ويرزق معرفة الطلب، أو أنه لا يصيبه مكروه في تلك السنة، أو يصير زاهداً سائحاً في الأرض وينجو مما يخاف. ومَن رآه كثيراً فإنه يرزق علم الطب. ومَن رآه في مدينة أو جامع وكان الناس في شدّة أو بلاء فإنهم ينجون من ذلك لأنه روح اللّه ورحمته، وإن كانت أمه معه فهي آية عظيمة تظهر في ذلك المكان. ومَن رأى أنه تحوّل في صورته أو لبس ثوباً من أثوابه وكان سلطاناً عظم سلطانه، وإن كان عالماً كثر نفعه وظهرت فضائله، وإن كان طبيباً كثر توفيقه. وإن رآه وكان خائفاً أمن، وتدل رؤياه على العز والبركة أينما حلّ، وإذا رآه المريض نجا وشفي. ورؤياه تدل على ظهور شيء يتعجب الناس منه، وعلى حصول العدل والرخاء. والمرأة الحامل إذا رأت عيسى عليه السلام ولدت غلاماً طبيباً. ورؤيا عيسى عليه السلام تدل على الشك في الدين، فإن اليهود قالوا: قتلناه وصلبناه، قال تعالى: (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم). وقال تعالى: (وقالت النصارى المسيح ابن الله). وقال تعالى: (ما اتخذ اللّه من ولد). وربما اتهم الرائي بتهمة وهو منها بريء، أو ربما كذب عليه أو على أمه. وربما دلّت رؤيته على البشارة لأنه بشّرنا بالنبي صلى اللّه عليه وسلّم. وربما دلّت رؤيته على إجابة الدعاء أو على الغضب والسخط ولأن الذين سألوا المائدة ولم يؤمنوا بها ولا بعيسى مسخوا خنازير، كما مسخ الذين اعتدوا في السبت من قوم موسى عليه السلام قردة. وتدل رؤيته على التردد من مصر إلى الشام ومن الشام إلى مصر، وإن كان الرائي خامل الذكر في بدء أمره دلّ على حسن توفيقه لأنه ينزل من السماء في آخر الزمان ويقتل الدجال ويملأ الأرض عدلاً كما مُلئت ظلماً. وهذا النزول يدل على البركات وهلاك الكافرين ونصر المؤمنين.
فإن رأى كأنّه يعبد النار: فإنّه يعصي الله تعالى بطاعة الشيطان، أو يطلب الحرب. فإن لم يكن للنار لهب، فإنّه حرام يطلبه بدينه، لأنّ الحرام نار. فإن رأى أنه تحول كافراً، فإنَّ اعتقاده يوافق اعتقاد ذلك الجنس من الكفار.
ومن رأى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فإنه يكون عالي المحل ورفيع المكان وطلق اللسان وشجاعاً وقوى القلب مؤثراً مصدقاً، وقيل من رآه وهو طلق الوجه ينال علماً وشجاعة ومن رآه حياً في مكان ينال أهل ذلك المكان العلم والعدل والإنصاف ويرفع عنهم الجور والإجحاف.
** رؤيا فيها الخلفيات الأربعة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن سقينة مولى أم سلمة -رضي الله عنها- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح أقبل على أصحابه فقال: ( ايكم رأي الليلة رؤيا)؟
قال: فصلى إذا صلى الصبح أقبل على أصحابه فقال: (أيكم رأي الليلة رؤيا)؟ قال: فصلى ذات يوم فقال: (أيكم رأى رؤيا)؟ فقال رجل: أنا رأيت
يارسول الله كأن ميزانا دلي به من السماء فوضعت في كفة ووضع أبوبكر في كفة أخرى فرجحت بأبي بكر فرقعت وترك أبوبكر مكانه فجئ بعمر بن الخطاب فوضع في الكفة
الأخرى فرجح به أبوبكر فرفع أبوبكر وجئ بعثمان فوضع في الكفة الأخرى فرجح عمر بعثمان ثم رفع عمر وعثمان ورفع الميزان قال: فتغير وجه رسول الله
صلى الله عليه وسلم ثم قال: (خلافة النبوة ثلاثون عاما ثم تكون ملكا) قال سعيد بن جهمان: فقال لي سفينة: أمسك سنتي أبي بكر وعشر عمر وثنتي عشرة
عثمان وست على -رضي الله عنهم-
وعن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- أن رجلا قال: يارسول الله إني رأيت كأن دلوا دلي في السماء فجاء أبوبكر فأخذ بعراقيها فشرب شربا ضعيفا ثم جاء عمر
فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع ثم جاء عثمان فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع ثم جاء علي فأخذ بعراقيها فانتشطت وانتضح عليه منها شئ .
أدم عليه السلام
من رأى في المنام وكان قد أذنب فيتوب منه. وربما دلّت رؤيته على الوالد أو السلطان. ومن رأى أنه يقتل أدم عليه السلام فإنْه يغدر بالسلطان، أو يعق والديه، أو أستاذه. ومن رأى آدم عليه السلام على هيئة معينة نال ولاية إن كان أهلاً لها، فإن رأى أنه كلُمه نال علماً. وقيل: من رأى لدم عليه السلام اغتر بقول بعض أعدائه، ثم فرج اللّه تعالى عنه بعد مدة، فإن رأى متغير اللون أو الحال، دلّ ذلك على الانتقال من مكان إلى مكان، ثم العودة إلى المكان الأول. ومن صار آدم عليه السلام أو صاحبه فإن كان أهلاً للرئاسة نالها، وإن كان عالماً انتفع الناس بعلمه. أو نال علماً لا يجاريه أحد من الناس. وربما دلّت رؤية آدم عليه السلام على الحج والاجتماع الأحباب، أو على كثرة النسل، أو على المكيدة والحيلة، وعلى معاشرة من يصنع السموم، أو يرتزق من استحضار الشياطين ويتكلم على ألسنتهم. وربما دلّت رؤيته على اللباس الخشن أو البكاء، أو على تنكيد الرائي من حيث المأكول، أو على السفر البعيد، أو على الخدم والسجود للملوك. ومن رأى أدم عليه السلام في حال حسن كان ذلك خيراً كبيراً عليه.
من رآهم في منامه في الصفات الحسنة كان ذلك دليلاً على حسن اعتقاده فيهم وأتباعه لسنتهم. وربما دلّت رؤيتهم على حركات الجنود وإرسال البعثات. وربما دلّت على انتشار العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. كما تدل رؤيتهم على الألفة والمحبة والأخوة والمساعدة والسلامة من العداوة والحسد، وزوال الغل من الصدور، لأنهم رضي اللّه عنهم كانوا على ذلك. فإن كان الرائي فقيراً استغنى لأنهم رضي اللّه عنهمِ فتحوا الدول. وإن كان الرائي غنياً آثر الآخرة على الدنيا وبذل نفسه وماله في مرضاة اللّه تعالى. وقد تدل رؤيتهم رضي اللّه عنهم على الأبنية الشريفة كالمساجد وطهارة النسب والقبائل والعشائر. ويدل إعراضهم عن الرائي أو شتمهم له في المنام على الوقوع فيما شجر بينهم، وتفضيل بعضهم على بعض، وبغضهم له، وتدل رؤيتهم على التوبة والإقلاع عما سوى اللّه تعالى. وتدل رؤيتهم رضي اللّه عنهم على الخير والبركة حسب منازلهم ومقاديرهم المعروفة في سيرهم وطريقتهم. وربما دلّت رؤية كل واحد منهم على ما نزل به وما كان في أيامه من فتنة أو عدل. ومن رأى أنه حشِر مع أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم فإنه ممن يطلب الاستقامة في الدين. ومن رأى أحداً من الصحابة فليتأول له بالاشتقاق مثل سعد وسعيد فإنه يكون سعيدا. وربما كان له من سيرته وأفعاله نصيب. ومن رأى أحداً منهم حياً، أو أن جميعهم أحياء، دلّت رؤياه على قوة الدين، ودلت على أن صاحب الرؤيا ينال عزاً وشرفاً ويعلو أمره. فإن رأى كأنه صار واحداً منهم تناله شدائد ثم يُرزَق الظفر. وإن رآهم في منامه مراراً ضاقت معيشته. أما الأنصار وأبناؤهم وأحفادهم فرؤيتهم في المنام تدل على التوبة والمغفرة. وتدل رؤية المهاجرين على حسن اليقين والثقة بالله تعالى، والخروج عن الدنيا والزهد فيها، والصدق في القول والعمل.
ومن رأى نبينا محمداً وكان مهموماً فرج عنه، أو سجيناً خرج من سجنه، وإذا كان في غلاء فُرّج عنه، وإن كان مظلوماً نصر، أو خائفاً أمن. ورؤيته بشارة للرائي بحسن العاقبة في دينه ودنياه. فإن رآه مقبلاً عليه، أو مؤتماً به في صلاته أطعمه شيئاً حسناً أو كساه ملبوساً لائقاً، وإن كان عالماً عمل بما علم، وإن كان عابداً بلغ منازل أهل الكرامات، وإن كان عاصياً تاب، وإن كان كافراً اهتدى، لقوله تعالى: (فآمنوا باللّه ورسوله النبي الأمي). وتدل رؤية الرسول على إظهار الحجج وصدق المقالة والوفاء بالوعد، وربما حصلت من أهله وأقاربه العداوة والحسد والبغضاء، وربما فارق أهله وانتقل من وطنه إلى غيره، وربما أدركه اليتم من أبويه. وقد تدل رؤيته على إظهار الكرامات، لأن الظبي سلَّم عليه، والبعير قبّل قدميه، وأسري به إلى السماء، وكلمه الذراع، ومشت الأشجار إليه. وإن كان الرائي من الكحالين الذين يعالجون الأبصار بلغ في صناعته مبلغاً عظيماً لأنه عليه السلام ردّ عين قتادة. وإن أجهد الناس العطش دلّ على نزول الغيث لأنه صلى اللّه عليه وسلّم نبع الماء من بين أصابعه. وإن رأته امرأة بلغت مرتبة عظيمة، وشهرة صالحة، وعفة وأمانة، وربما ابتليت بالضرائر ورزقت نسلاً صالحاً، وإن كانت ذات مال أنفقته في طاعة اللّه تعالى. لرؤيته عليه السلام تدل على الصبر على الأذى. وربما دلّت رؤيته على نصر المؤمنين ودمار الكافرين، وإن رآه مدين قُضي دينه وإن رآه مريض شفاه اللّه تعالى، وإن رآه محارب نصره اللّه تعالى، وإن رؤي في أرض مجدبة أخصبت ومن رأى جنازة الرسول عليه السلام فيحدث تلك البقعة مصيبة فظيعة، وإن شيع جنازته فإنه يميل إلى البدعة، وإن زار قبره أصاب مالاً عظيماً وإن رأى أنه ابن الرسول عليه السلام دلّ عن خلوص إيمانه ويقينه. ومن رأى أنه تحول في صورته عليه السلام وكان طالباً للملك ناله ودانت له الأرض، وإن كان في ذل أعزه اللّه، وإن كان طالب علم ناله، وإن كان فقيراً استغنى، أو عازباً تزوج، أو كان في مكان ضرب فإنَّه يعمر ببركته ومن رآه عليه السلام يؤذن في موضع كثر خصبه ورجاله. وإن رأته حامل أو رآه زوجها فإنَّ الحق كلام. ومن رآه حسناً فهو زيادة في دين الرائي ومن رأى لحيته سوداء فينال سروراً وخصباً. وإن رأى عنقه غليظاً فالإمام حافظ لأمانة المسلمين ومن رآه عليه السلام في عسكر وعليه سلاح وهم يضحكون فإن جيش المسلمين ينهزم. وإن رأى أنه عليه السلام يمشط رأسه ولحيته فإنَّه يدل عن زوال هم. ومن رآه يؤاخي بين الصحابة فينال علماً وفقهاً. ومن رأى قبره عليه السلام وكان تاجراً ربح في تجارته. وإن رأى أنه أبو النبي على السلام فيفسد دينه ويضعف يقينه. وإن رأى واحدة من زوجات النبي عليه السلام هي أمه زاد إيمانه. وإن رأى أنه يمشي وراء النبي عليه السلام فإنه يتبع السّنة. ومن رأى أنه يأكل وحده فإن الرائي يمنع السائل ولا يتصدق. وإن رأى النبي عليه السلام بلا نعل فإنَّه تارك الصلاة مع الجماعة، ومن رآه لابساً خفيه فإنَه يأمره بالجهاد في سبيل اللّه تعالى. ومن رأى دمه مخلوطاً بدم النبي عليه السلام فإنَّه يصاهر شريفاً. فإن ناوله النبي شيئاً مما يستحب كالرطب والعسل فإنَّه يحفظ القرآن وينال من العلم بقدر ما ناوله. ومن رأى النبي عليه السلام في صورة شاب طويل فتكون بين الناس فتنة وقتل، فإن رآه وهو شيخ كبير فإنَّ الناس في عافية، وإن رآه أبيض اللون فإنه يتوب إلى اللّه تعالى ويحسن عمله. ومن رآه يعاتبه أو يجادله فإن ذلك بدع قد أحدثها في الدين.
ومن رأى شعيبَاً عليه السلام، مقشعراً فإنّه يذهب بصره، فإن رآه على غير تلك الحالة، فإنه يبخسه قوم حقه عليهم ويظلمونه، ثم يقهرهم. وربما دلْت هذه الْرؤيا على أنّ صاحبها له بنات.
ومن رأى دانيال الحكيم، رزق حظاً وافراً، وعلم الرؤيا، وظفر بجبار بعد أن تصيبه منه شدة، وقيل إنّه يصير أميراً أو وزير أمير. وحكي أنّ أبا عبد الله الباهلي رأى كأنه حمل دانيال على عاتقه، فوضعه على جدار وأحياه فكلمه، وقال له أبشر فإنّك دخلت في جملة ورثة الأنبياء، وصرت إماماً من جملة المعبرين.
هي في المنام بشارة وإنذار، وحرب وعذاب، وسلطان وحبس، وخسارة وذنوب فمن رأى ناراً ولها شرر ولها صوت وجلبة فإنها فتنة يهلك فيها عالم من الناس. ومن رأى ناراً في قلبه فذلك حب غالب وقهر من هجر محبوبه. ومن رأى نارين فإنهما عسكران. وكلما كانت النار بدخان عال فهي أعظم هولاً وعذاباً. ومن أوقد ناراً في ليلة مظلمة ليهدي الناس إلى الطريق نال علماً يهدي به الناس، ومن أوقدها من غير ظلام فإنه في بدعة. وقيل: اذا رؤيت النار نهاراً فهي دليل حرب وفتنة. ومن رأى أنه يعبد النار فإنه يحب الحرب، وربما كان يطيع الشيطان في معصيته. ومن رأى أنه يصطلي بالنار في الشتاء فإنه ينال غنى. ومن رأى أنه يأكل النار فإنه يأكل أموال اليتامى ظلماً أو يأكل مالاً حراماً. ومن رأى أنه باع ناراً واشترى جنة فإنه يبيع حماماً ويشتري بستاناً وبالعكس. ومن رأى شخصاً دخل النار وعذب فإنه يخسر ماله أو يرتكب ذنوباً يستوجب بها النار. ومن أصابته النار ولم تحرقه وفي له بموعده. ومن رأى النار قد أحرقت شيئأ من الحبوب فإنه يغلو سعره. والنار المحرقة نكبة من سلطان. ومن رأى من الولاة أنه يوقد ناراً وهي تطفأ فإنه يعزل وتخمد ناره. ومن رأى شعلة نار على بابه من غير دخان فإنها تدل على الحج. والنار في الأصابع تدل على ظلم الكتبة. والنار في الكف ظلم في الصنعة. ومن رأى ناراً تأكل كل ما أتت. عليه ولها صوت هائل فإنها حرب أو طاعون أو جدري أو موت يقع هناك. وإن رأى أنها صعدت من موضع إلى السماء فإن أهل ذلك الموضع قد حاربوا الله تعالى بالمعاصي. ومن رأى ناراً أحرقت بعض ثيابه أو بعض أعضائه فتصيبه مصيبة. ومن رأى أنه أصابه وهج نار فإنه يقع في ألسنة الناس ويغتابونه. والنار النافعة المضيئة أمن للخائف وقرب من السلطان. ومن رأى ناراً خرجت من داره نال ولاية أو تجارة. ومن رأى أن شعاع ناره أضاء من المشرق إلى المغرب فإنه علم يذكر به في المشرق والمغرب. وإن رأى ناراً سطعت من رأسه ولها نور وشعاع وكانت امرأته حبلى ولدت غلاماً يسود ويكون له ذكر عظيم. ومن رأى أنه يشعل ناراً في رأس جبل فإنه يتقرب إلى الله تعالى أوتقضى حوائجه وإن كان غائباً عاد سالماً. ومن رأى في تنوره ناراً موقدة وكان متزوجاً فإن امرأته تحمل. والنار في الصحراء حرب. وإن أخذ جمراً من وسط النار فإنه يصيب مالاً حراماً من السلطان. ومن أشعل النار في الناس أوقع بينهم العداوة والشحناء. ومن سطعت من رأسه نار أصابه مرض شديد. ومن رأى أنه في وسط النار ولا يجد لها حراً فإنه ينال صدقاً ويقيناً وظفراً على أعدائه. ومن رأى ناراً أطفئت فتسكن الفتنة. وإن كانت النار في بلد فهو موت رئيسها أو عالمها، وإن أطفئت في بستانه فهو موته. والنار ربما دلّت على الحسب لأنهم خلقوا من نار السموم، وربما دلّت على القحط والجراد. ومن رأى النار تتكلم في جرة أو قربه أصابه صرع من الجن. والنار المؤذية تدل على السلطان الجائر وإن انتفع الناس بها دلّت على السلطان العادل. وتدل النار في الشتاء على الفاكهة لقولهم: النار فاكهة الشتاء. وأكل النار يدل على الأكل والشرب في الأواني المحرّمة كالذهب والفضة. وربما دلّت على عابدها. وكذلك النور والظلمة.
هارون عليه السلام
من رآه في المنام فانه خليفة لرجل يصيبه بسببه بلاء وخصومة. ومن رآه صار إماماً، وإن كانت له حاجة قضيت، ومن رأى هارون وموسى عليهما السلام فيهلك على يديه جبار ظالم، ومن رأى أحدهما وكان قاصداً حرباً فإنه ينتصر.
النار: دالة على السلطان لجوهرها وسلطانها على ما دونها مع ضرها ونفعها، وربما دلت على جهنم نفسها، وعلى عذاب الله، وربما دلت على الذنوب والآثام والحرام، وكل ما يؤدي إليها ويقرب منها. من قول أو عمل. وربما دلت على الهداية والإسلام والعلم والقرآن، لأنّ بها يهتدى في الظلمات، مع قول موسى عليه السلام: " أو أجد على النار هدى " فوجد وسمع كلام الله تعالى عندها بالهدى. وربما دلت على الأرزاق والفوائد والغنى، لأنّ بها صلاحاً في المعاش للمسافر والحاضر، كما قال الله عزّ وجلّ: " نَحْن جَعَلْنَاهَا تَذْكرَةً وَمَتَاعاً لِلْموِقين " . ويقال لمن افتقر أو مات، خمدت ناره. لأن العرب كانت تقدمها هداية لابن السبيل والضيف المنقطع، كي يهتدي بها ويأوي إليها، فيعبرون بوجودها عن الجود والغنى، وبخمودها عن البخل والفقر. وربما دلت على الجن لأنّهم خلقوا من نار السموم. وربما دلت على السيف والفتنة، إذا كان لها صوت ورعد وألسنة ودخان. وربما دلت على العذاب من السلطان، لأنّها عذاب الله وهو سلطان الدارين. وربما دلت على الجدب والجراد. وربما دلت على الأمراض والجدري والطاعون.
فمن رأى ناراً وقعت من السماء في الدور والمحلات، فإن كانت لها ألسنة ودخان فهي فتنة وسيف يحل في ذلك المكان، سيما إن كانت في دور الأغنياء والفقراء، ومغرمِ يرميه السلطان على الناس، سيما إن كانت في دور الأغنياء خاصة، فإن كانت جمراً بلا ألسنة، فهي أمراض وجدري أو وباء، سيما إن كانت عامة على خلط الناس.
وأما إن كان نزول النار في الأنادر والفدادين وأماكن الزراعة والنبات، فإنّها جدب يحرق النبات أو جراد يحرقه ويلحقه. وأما من أوقد ناراً على طريق مسلوك، أو ليهتدي الناس بها إن وجدها عند حاجته إليها، فإنّها علم وهدى يناله، أو يبثه وينشره إن كان لذلك أهلاً، وإلا نال سلطانَاً وصحبة ومنفعة وينفع الناس معه.
وإن كانت النار على غير الطريق، أو كانت تحرق من مر بها أو ترميه بشررها أو تؤذيه بدخانها، أو حرقت ثوبه أو جسمه أو ضرت بصره، فإنّها بدعة يحدثها أو يشرف عليها، أو سلطان جائر يلوذ به أو يجور عليه على قدر خدمته لها أو فراره منها.
وأما إن كانت ناراً عظيمة لا تشبه نار الدنيا، قد أوقدت له ليرمى فيها، كثر أعداؤه وأرادوا كيده فيظفر بهم ويعلو عليهم، ولو ألقوه فيها لنجا، لنجاة إبراهيم عليه السلام. وكل ذلك إذا كان الذين فعلو به أعداءه، أو كان المفعول به رجلاً صالحاً. وأما إن رآها تهدده خاصة، أو كان الذين تولوا إيقادها يتواعدونه، فليتق الله ربه ولينزع عما هو عليه من أعمال أهل النار من قبل أن يصير إليها، فقد زجر عنها إذ خوف بها.
وأما من رأى النار عنده في تنور أو فرن أو كانون أو نحو ذلك من الأماكن التي يوقد فيها، فإنّها غنى ومنفعة تناله، سيما إن كانت معيشته من أجل النار، وسيما إن كان ذلك أيضاً في الشتاء. وإن رأى ناره خمدت أو طفئت أو صارت رماداً أو أطفأها ماء أو مطر، فإنّه يفتقر ويتعطل عن عمله وصناعته. وإن أوقدها من لا يتعيش منها في مثل هذه الأماكن ليصلح بها طعاماً، طلب مالاً أو رزقاً بخدمة سلطان أو بجاهه ومعونته، أو بخصومة أو وكالة أو منازعة وسمسرة، وإلا هاج كلاماً وشراً وكلام سوء. وأما من رآها أضرمت في طعام أو زيت أو في شيء من المبيعات، فإنّه يغلو، ولعل السلطان يطلبه فيأخذ الناس فيه أمواله.
وأما مات أكل النار، فإنّه مال حرام ورزق خبيث يأكله، ولعله أن يكون من أموال اليتامى، لما في القرآن، فإن رأى النار تتكلم في جرة أو قربة أو وعاء من سائر الأوعية الدالة على الذكور والإناث، أصاب المنسوب إلى ذلك الوعاء صرع من الجن ومداخله، حتى ينطق على لسانه. وقال بعضهم: النار حرب إذا كان لها لهب وصوت، فإن لم يكن الموضع الذي رؤيت فيه أرض حرب، فإنّها طاعون وبرسام وجدري، أو موت يقع هناك.
قال أبو عمرو النخعي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت ناراً خرجت من الأرض فحالت وبيني وبين ابن لي، ورأيتها تقول: لظى لظى بصير وأعمى، أطعموني آكلكم كلكم أهلكم ومالكم، فقال عليه السلام: تلك فتنة تكون في آخر الزمان، تقتل الناس الناس أمامهم، ثم يشتجرون اشتجار أطباق وخالف بين أصابعه، ويحسب المسيء أنّه محسن، ودم المؤمنين عند المؤمنين أحل من شرب الماء.
ومن أجج ناراً ليصطلي بها، هاج أمراً يسد به فقره، لأن البرد فقر.
وقد سئل ابن سيرين عن رجل رأى على إبهامه سراجاً فقال: هذا رجل يعمى ويقوده بعض ولده. فإن أججها ليشوي بها لحماً، أنار أمراً فيه غيبة للناس. فإن أصاب من الشواء أصاب رزقاً قليلاً مع حزن. فإن أججها ليطبخ بها قدراً فيها طعام، أثار أمراً يصيب فيه منفعة من قيم بيته. فإن لم يكن في القدر طعام، هاج رجلاً بكلام وحمله على أمرِ مكروه. وما أصابت النار فأحرقت من بدن أو ثوب، فهو ضرر ومصائب. ومن قبس ناراً أصاب مالاً حراماً من سلطان. ومن أصابه وهج النار اغتابه الناس.
وقيل من رأى أنه يحاصر قوما ورمى عليهم بأنواع آلات القتال فإنه ينازع مع قوم ويرميهم بالكلام فإن أصاب ما رمى به شيئا أثر كلامه، وإن لم يصب لم يؤثر وكذلك ان رأى أنه يرمي عليهم من أعلى شيء مما ذكر.
جبريل عليه السلام
من رآه في المنام مستبشراً به، وكان يكلمه بكلام خير وموعظة أو وصية أو بشرى فإنه ينال شرفاً وعزاً وقوة وظفراً وبشارة. وإن كان مظلوما انتصر، وإن كان مريضاً شفي، وإن كان خائفاً شعر بالأمن، وإن كان في هم فرج اللّه عنه، أو لم يحج حج. وإن رأى كأنه يعادل جبريل وميكائيل عليهما السلام فإنه يوافق رأي اليهود في الجبر، ويباشر أمراً فيه الخلاف على اللّه تعالى. ومن رأى أنَ جبريل عليه السلام يسلم عليه فإنه يصير عالماً رفيعا، ويسمو ذكره، ويعز بين نظرائه. ورؤية جبريل عليه السلام تدل على رسول الملك، وعلى الأمين على الأسرار، وعلى البشارة بحمل الأولاد الذكور. كما تدل رؤيته على التعبد، أو العلم، وعلى تعليم الأسرار لأربابها. وتدل رؤيته على سريان الروح فيمن يشرف على التلف والموت. وربما دلّت رؤيته على التنقل والحركات والجهاد والنصر على الأعداء، وتدل رؤيته على الاطلاع على العلوم الشرعية والتنجيم وغيرهما. ومن رأى جبريل عليه السلام حزينا مهموما أصابته شدة وعقوبة. ومن رأى أنه صار في صورة جبريل عليه السلام فإنه يكون سخياً كثير الخير والبركة.
ومن رأى إسماعيل عليه السلام، رزق السياسة والفصاحة، وقيل إنّه يتخذ مسجداً أو يعين عليه، لقوله تعالى: " وإذْ يرفعُ إبراهيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإسْماعِيل " . وقيل إن من رآه أصابه جهد من جهة أبيه، ثم يسهل الله ذلك عليه.
وقال الكرماني من رأى النبي فرحا مسروراً ذا بشاشة يدل على العز والجاه والظفر، وإن رآه غضبان عبوس الوجه يدل على الشدة والعلة وربما يجد يعدها فرجاً، وإن رأى أنه سمع أو أخذ شيئا من نبي يصيب نصيبا من علم ذلك النبي ويكون مسرورا.
ما المستند علية في قلب المعني في التعبير , كالبكاء يعبر بالفرح , والموت في الحياة ؟
مما هو شائع بين المعبرين من مناهج التعبير; التعبير بقلب المعني , كالبكاء يعبر بفرح , والموت يعبر بحياة , وهذا أري استخدامة عند وجود معني سئ , فيقلب تفاؤلا , ومما وجدتة من أدلة تعضد هذا المنهج ما جاء في قولة تعالي : ( اذا يريكهم الله في منامك قليلا ولو أرئكهم كثيرا لفشلتم ولتنزعتم في الأمر ولكن الله سلم انة عليم بذات الصدور (43)واذ يريكموهم اذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا والي الله ترجع الأمور (44)(الأنفال : 43 , 44 ) .
قال مجاهد : أراهم الله اياة في منامة قليلا , وأخبر النبي صلي الله علية وسلم أصحابة بذلك فكان تثبيتا لهم .
قال سيد قطب : والرؤيا صادقة في دلالتها الحقيقية , فقد راهم النبي قليلا وهم كثير عددهم , ولكن قليل غناؤهم , قليل وزنهم في المعركة . . . الخ .
ولما تقابل الطرفان وجها لوجة تكررت الرؤيا النبوية الصادقة في صورة عيانية من الجانبين , بحيث يري المؤمنون الكافرين قلة , ويري الكافرون المؤمنين قلة , بحيث أن كلا من الفريقين أغري بخوض المعركة .
والسبب في أن الكافرين يرون المؤمنين قلة ; كما قال الرازي : ألا يستعد الكافرون كا الاستعداد , وأن يجترؤوا علي المؤمنين معتمدين علي قلتهم , ثم تفجؤهم الكثرة فيدهشوا ويتحيروا . . . الي أن قال : وفي التقليل من الطرفين معارضة تعرف بالتأمل .
اذا الكافرون كانوا في الحقيقة كثير , والمؤمنون قلة , ورؤية النبي صلي الله علية وسلم لهم قليل في الرؤيا , جاء لحكمة عظيمة , وهي أن يجرأ الله المؤمنين علي الكافرين في ميدان القتال , وهذا مما ساعد المؤمنين علي تحقيق النصر , والله أعلم .
ويوجد صورة قريبة من هذة , فالأقارب أحيانا ينوب بعضهم عن الاخر في المنام , فقد نري العم , ويكون المعني عم اخر , وقد نري أحد الاخوة , ويكون المعني منصرفا لأخ اخر , وهكذا .
عليق
الحلم بثمر العليق يدل على شرور كثيرة.
يدل تجميعها على سوء الحظ أما تناولها فيدل على خسارات.
إذا حلمت بالعليق وهو يربكك فسوف يكون هذا رسول شر. سوف تقام ضدك دعاوى قضائية، ومرض مؤذ يهاجمك أو يهاجم بعض أفراد عائلتك.