تأويل رؤيا جهنم نعوذ ب الله منها
أخبرنا أبوعمرو محمد بن جعفر بن مطر، قال: حدثنا حمد بن سعيد بن محمد، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكرابسي، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا الحكم بن ظهير، حدثنا ثابت بن عبد الله بن أبي بكرة عن أبيه عن جده، قال: من رأى أنّه يحرق، فهو في النار. فإن رأى كأنّ ملكاً أخذ بناصيته فألقاه في النار، فإنّ رؤياه توجب له ذلاً. فإن رأى مالكاً خازن النار طلقاً بساماً، سر من شُرطي أو جلاد أو صاحب عذاب السلطان. فإن رأى النار من قريب، فإنّه يقع في شدة ومحنة لا ينجو منها، لقول الله تعالى: " وَرَأى المجْرِمُونَ النّارَ فَظَنّوا أنّهُمْ مُوَاقِعُوهَا ولمِ يَجدوا عَنْها مَصْرِفا " . وأصابه خسران فاحش، لقوله عزّ وجلّ: " إنّ عَذَابَها كَان غَرَامَا " . وكانت رؤياه نذيراً له ليتوب من ذنب هو فيه.
الحلم بثعلب الماء غاطساً وسابحاً في الماء يعني السعادة والحظ الجيد. إذا كنت عازباً فهذا يعني أنك ستتزوج بعد فترة قصيرة وتعيش سعيداً. وبالنسبة للزوجات عليهن بعد هذا الحلم أن يتوقعن حب وعطف أزواجهن.
الرآس
تدل رؤيته على المتصرف في رؤوس أموال الناس كالصراف والصيرفي وربما دلّت رؤيته على الموت أو الوقوع في الشدائد. وإن كانت الرؤوس مجهولة، وأنها بشعرها وقرونها ودمائها، دلّ ذلك على فناء العلماء ومسك الرؤساء خاصة إن كان بائعها متجولاً شديد البأس. والرآس مالك رؤوس الناس وقاهر رؤوسهم سلطاناً أو صناعة، تدبيراً. والرآس يعبر بالسلطان.
وقيل من رأى رأسه مقلوباً، فإن ذلك يدل فيمنِ يريد سفراً، على مانعِ يمنعه من خروجه، على أنّه لا يرى ما يتمنّاه عاجلاً لكن آجلاً. ويدل لمن كان مسافراً غريباً على رجوعه إلى بلده، بعد إبطاء على غير طمع. والرأس والعنق، وإذا رآهما الإنسان وكان فيهما قرحة أو ألم، فإن ذلك مرض يكون في جميع الناس بالسوية.
وأما العنْق: فموضع الأمانة، وزيادتها زيادة في الدين وأداء الأمانة، ونقصانها نقصان في أداء الأمانة: فإن رأى كأنّ فى عنقه حيه مطوقة، فإنّه لا يزكي ماله، لقوله تعالى: " سَيُطًوّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ " . فإن رأى كأنّ ودجيه انفجرا دماً، فإنّه يموت. فإن رأى الإمام في عنقه غلظاً، فهو قوته في عدله، وقهره لأعدائه، والغلظ في القفا قوة علىِ ما قلّده الله، وحسن القفا يدل على الفرار والهرب. وشعر القفا يدل على أنّ له مالاً وعليه مال. وحلق القفا أداء الأمانة وقضاء الدين. فإن رأى كأنّ لا شعر عليه، دل على إفلاسه. ورأى رجل كأنّ عنقه لا بطويل ولا بقصير، فقص رؤياه على معبر، فقالط: إن كنت سيئ الخلق حسن خلقك، وإن كنت شجاعاً ازدادت شجاعتك، وإن كنت رديء الطبع كرمت.
وقال الكرماني من رأى النبي فرحا مسروراً ذا بشاشة يدل على العز والجاه والظفر، وإن رآه غضبان عبوس الوجه يدل على الشدة والعلة وربما يجد يعدها فرجاً، وإن رأى أنه سمع أو أخذ شيئا من نبي يصيب نصيبا من علم ذلك النبي ويكون مسرورا.
وأما شعر الجسد: فنباته للرجل حمل امرأته. وكثرة شعر الجسد للمكروب زيادة كربه، وتساقطه ذهاب كربه. وكثرة شعر الجسد للمسرور، زيادة سرور وغنى، وسقوطه ذهاب غناه. وزيادة شعر البدن للغني مال، وللفقير دين يجتمع. ومن تنور وكان غنياً، فإنّه يذهب ماله بالإستلاب. وإن كان فقيراً، فإنّه يقضي دينه بالجد والتعب والمطالبة. فإن رأى شعر جسده أبيض، فإنّه إن كان غنياً نالت خسراناً في ماله، وأشرف على الفناء. وإن كان فقيراً فإنّه دين يمكنه قضاؤه. وأما استحالة شعر جسده شعر بهيمة أو سبع، فتدل على وقوعه في الشدائد.
ضيق الصدر ضلال. فإن رأى ذمي أنّ صدره ضيق، نال خسراناً في ماله. وقيل إنّ سعة صدر الإنسان سخاوة، وضيقه بخله. وكثرة الشعر على الصدر دين يركبه، فإن رأى كأنّ صدره تحول حجراً فإنّه يكون قاسي القلب. جاء ابن سيرين رجل فقال: رأيت شعراً كثيراً نبت في صدري، وأنا أعقده. فقال: عقدت أمانة فأديتها. وسعة الصدر أيضاً تدل على العلم. وأما الثدي، فامرأة الرجل وابنته، فجماله جمالها، وفساده فسادها. فمن رأى امرأة معلقة بثديها، فإنّها تزني وتلد ولداً من الزناء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أُسري بي رأيت امرأة معلقة بثديها، فقلت يا جبريل من هذه؟ فقال إنها ولدت من الزناء.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّ لي ثدياً عظيماً قد بلغ الغابة،، إنك تزني بمحرمٍ. وذلك لأنّ الثدي منه ومن جلده، وذلك محرم. وإنما يكون بر هذه الرؤيا نكاحا حراماً.
وقيل إن رأى رجل في ثدييه لبناً، فإن كان عزباً فإنّه يتزوج ويولد له، وإن كان براً دل على يساره، وإن كان شاباً دلت على طوله عمره. وأما المرأة الشابة إذا رأت ذلك دل على حملها وولادتها، وأما العجوز فإذا رأته دل على فقرها وذهاب مالها، لعذارء إذا رأته دل على عرسها، والصغيرة إذا رأته دل على موتها. وطول ثدي الرجل حتى يضربا صدره، دليل على هوى في غير رضا الله تعالى، وقيل هو دليل على صوت للأولاد. فإن لم يكن له ولد، دل على الفقر والحزن. وطوله ثدي المرأة فوق الحد، دليل على غاية الحزن. فإنّ النساء إذا أصابهن حزن جذبن أثداءهن وخدشنها. ومن رأى كأنّه يرتضع امرأة، فإنّه يمرض، إلا أن تكون امرأته حبلى، فإنّها تلد ابناً. وإن كان صاحب الرؤيا امرأة، فإنها تلد بنتاً.
والبطن: من ظاهر ومن باطن مالك الرجل وولده، أو قرابة من عشيرته، أو خزانته ومأوى عياله. وصغره قلة هؤلاء، وكبره كثرة هؤلاء. وصغره من غير جوع قلة المال، فإن رأى أنّه جائع، فإنّه يكون حريصاً، ويصيب مالاً بقدر مبلغ الجوع منه.
وقيل إن عظمٍ البطن أكل الربا، والمشي على البطن اعتياد على المال. فإن رأى أنّ بطنه صار صغيراً، فإنّه يكون كثير الأمتعة. والشبع ملاله من المال، والعطش سوء حال في دينه، والري صلاح في دينه.
فصل في رؤيا المصحف الشريف رؤياه تؤول بالعلم والحكمة فمن رأى أنه يقرأ في المصحف أو ينظر فيه يدل على انتشار علمه وحكمته وعدله في الخلق وربما يحصل له ميراث وقيل يرزقه الله حكمة وصلاحا في الدين.
ومن رأى أنه اشترى مصحفا فإنه يتفقه في الدين ومن رأى أنه أحرق مصحفا يدل على فساد دينه وقلة عقله وفساد عقيدته.
والسيف مع غيره من السلاح سلطان والقتال بالسيف منازعة لقوم. والضرب بالسيف بسط اللسان، واليدين إذا كانت فيها سلاطة تشبه بالسيف. والسيف على الانفراد بغير شيء من السلاح، فإنّه ولد غلام. فإن رأى سيفاً في يده قد رفعه فوق رأسه مخترطاً وهو لا ينوي أن يضرب به، نال سلطاناً مشهوراً له فيه صيت. وقال ابن سيرين الأقرب من السيف إن كان ينبغي له السلطان فالسلطان، وإلا فهو ولد ذكر.
وقال جعفر الصادق من رأى آدم عليه السلام إن كان أهلاله يصيب السيادة والولاية العظيمة لقوله تعالى " اني جاعل في الأرض خليفه " وإن لم يكن أهلاله يتوب لقوله تعالى " فتاب عليه وهدى " .
من رأى جماعة من الحجاب أو حاجبا واحدا فلا خير فيه خصوصا إن كان عبوسا، وقيل رؤيا الحاجب تدل على حجب شيء عن الرائي وكان بعض المعبرين يكره تعبيره أي تعبير رؤيا الحاجب من حيث الجملة.
وقال أبو سعيد الواعظ رؤيا الأمراض من الرطوبة يدل على التهاون بالفرائض والطاعات، والأمراض الحارة دليل على هم من قبل الملك، وأما الأمراض من اليبوسة فانها تؤول باسراف المال في غير مرضاة الله تعالى وأخذ ديون من الناس ولم يعزم على قضائها.
وهو إصابة مال من كثرة انفاقه في غير طاعة الله تعالى لقوله تعالى " يوم يحمي عليها في نار جهنم فتكوى بها " الآية وربما دل على بخل صاحبها وقيل الكي كلام موجع، وربما كان لذوي المناصب ثباتاً في الأمور، وربما دل الكي على التزويج والسفر وللنسوة على الولادة.
وروي أنّ رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله رأيت رأسي قطع، فكأني أنظر إليه بإحدى عيني. فتبسم صلى الله عليه وسلم وقال: بأيهما كنت تنظر إليه: فلبث ما شاء الله أن يلبث؟ ثم مات صلى الله عليه وسلم. والنظر إليه اتباع السنة، والرأس الإمام.
ورأى ابن مريم ستين جارية يدخلن داره، وفي يد كل جارية طبق، وعليه رأس إنسان مغسول ممشوط، فكأنّ تالياً يتلو: " ومَا كَانَ لِبَشَرِ أنْ يُكَلِّمَهُ الله إلا وَحْياً أوْ مِنْ وراءِ حِجَاب " . فقص رؤياه، فقيل له أنّ الخليفة يقَلدك حجته، وأنّك تنال ستين ألف دينار،ً فكان كذلك.
والجبهة: جاه الرجل وهيبته، والعيب فيها نقصان في الجاه، والهيبة. والزيادة فيها إذا لم تتفاحش، توجب أن يولد له ابن يسود أهل بيته. وقيل من رأى جبهته من حديد أو نحاس أو حجر، فإنّ ذلك محمي للشرط أو السوقة. ولمن كان تدبير معاشه من قمحه، وأما الباقون، فهذه الرؤيا تبغضهم إلى الناس.
ومن رأى كأنّ ذكره دخل جوفه، دل ذلك على أنّه يكتم شهادة. ومن رأى كأنّه يقبل إحليله، فإن لم يكن له ولد فإنّه يولد له ولد، فإن كان له أولاد هم مسافرون، فإنّهم يرجعون إليه ويقبلهم. ورأت امرأة كأنّ الشعر على إحليل ابنها، فقصتها على معبر، فقال لها: قد فني عمره. فما لبث إلا قليلاً حتى مات. ورأى آخر كأنّ على إحليله شعراً كثيراً إلى طرفه، فقص رؤياه على معبر فقال: يدل على فجورك. وانهماكك في الفساد. ورأي آخر كأنّه أطعم إحليله طعاماً، فعرض له أنّه مات ميتة سوء، لأنّ الطعام ينبغي أن يقدا إلى الفم، كأنه لم يكن له وجه ولا فم.
وأما الدم الفاسد: فإنه يدل على المرض في جميع الناس عاماً. فإن كان الدم قليلاً كالنفثة، دل على أهل البيت والقرابة، وعلى نيل الشر ثم يتخلص منه. وقيل أنّ قيء الدم توبة من إثم أو مال حرام، ويؤدي أمانة في عنقه.
وأما البول: فهو في التأويل مال حرام، فمن رأى كأنّه بال في موضع مجهول تزوج في ذلك الموضع امرأة، ويلقي فيها نطفته بمصاهرة أهل الموضع أو جاره، وقيل رأى كأنّه يبول، فإنّه ينفق نفقة تعود إليه، لقوله تعالى: " وَمَا أنْفَقْتم مِنْ شَيءٍ فهوَ يخلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقين " . فإن رأى كأنّه بال في بئر فإنّه ينفق من كسب مال حلال. فإن رأى كأنّه بال على سلعة، فإنّه نجس على تلك السلعة فإن بال في محراب، فإنّه يولد له ولد عالم.
راعي البخاتي وال على العجم.
والرائض: صاحب ولاية. وبياع الرصاص صاحب أمر ضعيف. والزجاج: نخاس الجواري. والسقاء: رجل ذو دين وتقوى يجري على يديه الخير ما لم يأخذ عليه أجراً، فإن ملأ سقاء الملأ وحمله إلى منزلِه ولم ينو شربه، فإنّه يجمع مالاً يأكله غيره. فإن حمل الماء إلى رجل وأخذ عليه ثمناً، فإنّه يحمل وزراً وينال المحمول إليه مالاً من جهة سلطان، لأنّ النهر سلطان، والماء في الإناء مال مجموع والذي يسقي الناس بالكؤوس والكيزان صاحب أفعال حسنة ودين كالعالم والواعظ، وأما من يحمل القرب والجرار فهو المأمون على الأموال والودائع.
الشمس: في الأصل الملك الأعظم، لأنها أنور ما في السماء من نظرائها، مع كثرة نفعها وتصرف كل الناس في مصالحها، وربما دلت عن ملك المكان الذي يرى الرؤيا فيه، وفوقه أرفع منه تدل السماء عليه، وهو ملك الملوك وأعظم السلاطين، لأن الله سبحانه وتعالى ملك الملوك وجبار الجبابرة ومدير السماء ومن فيها والأرض ومن عليها. وربما دلت الشمس على سلطان صاحب الرؤيا، إذا رآها خاصة دون الجماعة والمجامع، كأميره وعريفه أو أستاذه أو والده، أو زوجها إن كانت امرأة، وربما دلت على المرأة الشريفة كزوجة الملك أو الرئيس أو السيد أو ابنته، أو أمه أو زوجة الرائي، أو أمه أو ابنته، أو جمالها. والشعراء يشبهون جمال العذارى بالشمس في الحسن والجمال. وقد قيل أنها كانت في رؤيا يوسف عليه السلام دالة على أمه، وقيل بل على خالته زوجة أبيه، وقيل بل على جدته، وقيل بل كانت دالة على أبيه والقمر على أمه،كل ذلك جائز في التعبير، فإن دلت الشمس على الوالد فلفضلها على القمر بالضياء والإشراق، وإن دلت على الأم فلتأنيثها وتذكير القمر، فما رؤي في الشمس من حادث، عاد تأويله على من يدل عليه ممن وصفناه على أقدار الناس ومقادير الرؤيا ودلائلها وشواهدها. وإن رؤيت ساقطة إلى الأرض، أو ابتلعها طائر، أو سقطت في البحر أو احترقت بالنار وذهبت عينها، أو اسودت وغابت في غير مجراها من السماء، أو دخلت في بنات نعش، مات المنسوب إليها. وإن رأى بها كسوفاً أو غشاها سحاب و تراكم عليها غبار أو دخان حتى نقص نورها، أو رؤيت تموج في السماء بلا استقرار، كان ذلك دليلاً على حادث يجري على المضاف إليهِا، إما من مرض أو هم أو غم أو كرب أو خبر مقلق، إلا أن يكون من دلت عليه مريضاً في اليقظة، فإن ذلك موته، وإن رآها قد اسودت من غير سبب غشيها ولا كسوف، فإن ذلك دليل على ظلم المضاف وجوره، أو على كفره وضلالته وإن أخذها في كفه أو ملكها في حجره أو نزلت عليه في بيته بنورها وضيائها، تمكن من سلطانه وعز مع ملكه، إن كان ممن يليق به ذلك، أو قدوم رب ذلك المنزلة إن كان غائباً، سواء رأى ذلك ولده أو عبده أو زوجته، لأنه سلطان الجميع وقيم الدار، وإلا ولدت الحامل ان كانت له جارية أو غلاماً يفرق بين الذكر والأنثى بزيادة تلتمس من الرؤيا، مثل أن يأخذها فيسترها تحت ثوبه، أو يدخلها في وعاء من أوعيته، فيشهد بذلك فيها بالإناث المستورات، ويكون من يدل عليه جميلاً مذكوراً بعلم أو سلطان. وإن كانت في هذه الحال مظلمة ذاهبة اللون، غدر بالملك في ملكه، أو في أهله، إن لاق ذلك به وإلا تسور عليه سلطان، أو عداه عليه عامل، أو قدم غائب، أو مات من عنده من المرضى، والحوامل سقط جنينها، أو ولدت ابناً يفرق بين هذه الوجوه، بزيادة الأدلة.
وإن رآها طالعة من المغرب أو عائدة بعد غروبها أو راجعة إلى المكان الذي منه طلوعها، ظهرت آية وعبرة يستدل على ما هيأتها بزيادة أدلتها. وربما دل ذلك على رجوع المنسوب إليها عما أمله من سفر أو عدل أو جور، على قدر منفعة طلوعها ومغيبها، وأوقات ذلك. وربما دل على نكسة المنسوب إليها من المرضى، وربما دل مغيبها من بعد بروزها لمن عنده حمل، على موت الجنين من بعد ظهوره. وربما دل على قدوم الغائب من سفره والأموال العجيبة، وربما دل مغيبها على إعادة المسجون إلى السجن بعد خروجه، وربما دل على من أسلم من كفره، أو تاب من ظلمه على رجوعه إلى ضلالته. وإن رأى ذلك من يعمل أعمالاً خفية صالحة أو رديئة، دل على سترته وإخفاء أحواله، ولم تكشف أستاره لذهاب الشمس عنه، إلا أن يكون ممن أهديت إليه في ليلته زوجة، أو اشترى سرية، قال الزوجة ترجع إلى أهلها، والسرية تعود إلى بائعها. وقد يدل أيضاً طلوعها من بعد مغيبها لمن طلق زوجته على ارتجاعها، ولمن عنده حبلى على خلاصها، ولمن تعذرت عليه معيشته أو صنعته على نفاقها، وخاصة إن كان صلاحها بالشمس كالقصار والغسال وضرائب اللبن وأمثال ذلك، ولمن كان مريضاً على موته، لزوال الظل المشبه بالإنسان مع قوله تعالى: " ثمَّ جَعَلْنا الشّمْسَ عليْهِ دليلاً ثَمّ قبَضْناهُ إليْنا قَبْضَاً يَسيرا " ولمن كان في جهاد أو حرب، على النصر، لأنها عادت ليوشع بن نون عليه السلام في حرب الأعداء له، حتى أظهره الله عليهم، ولمن كان فقيراً في يوم الشتاء، على الكسوة والغنى، وفي يوم الصيف على الغم والمرض والحمى والرمد.
وجلوس الميت في الشمس في الصيف دلالة على ما هو فيه من العذاب والحزن، من أجل مصاحبة السلطان، أو من سبب من نزلت الشمس عليه على قدره وناحيته.
ومن رأى أنه تحول شمساً، أصاب ملكاً عظيماً على قدر شعاعها. ومن أصاب شمساً معلقة بسلسلة، ولي ولاية وعدل فيها. وإن قعد في الشمس وتداوى فيها، نال نعمة من سلطان، ومن رأى أن ضوء الشمس وشعاعها من المشرق إلى المغرب، فإن كان أهلاً للملك نال ملكاً عظيماً، وإلا رزق علماً يذكر به في جميع البلاد، ومن رأى أنه ملك الشمس أو تمكن منها، فإنه يكون مقبول القول عند الملك الأعظم. فمن رآها صافية منيرة قد طلعت عليه، فإن كان والياً نال قوة في ولايته، وإن كان أميراً نال خيراً من الملك الأعظم، وإن كان من الرعية رزق رزقاً حلالاً، وإن كانت امرأة رأت من زوجها ما يسرها. ومن رأى الشمس طلعت في بيته، فإن كان تاجراً ربح في تجارته، وإن كان طالباً للمرأة أصاب امرأة جميلة، وإن رأت ذلك امرأة تزوجت واتسع عليها الرزق من زوجها.
وضوء الشمس هيبة الملك وعدله، ومن كلمته الشمس نال رفعة من قبل السلطان، ومن رأى الشمس طلعت على رأسه دون جسده، فإنه ينال أمراً جسيماً ودنيا شاملة. وإن طلعت على قدميه دون سائر جسده، نال رزقاً حلالاً من قبل الزراعة، فإن طلعت على بطنه تحت ثيابه والناس لا يعلمون، أصابه برص، وكذلك على سائر أعضائه من تحت ثيابه. ومن رأى بطنه انشق وطلعت فيه الشمس، فإنه يموت، فإن رأت امرأة أن الشمس دخلت من جربانها وهو طوقاً ثم خرجت من ذيلها، فإنها تتزوج ملكاً ويقيم معها ليلة، فإن طلت على فرجها، فإنها تزني، وإن رأى أن الشمس غابت كلها وهو خلفها يتبعها، فإنه يموت، فإن رأى أنه يتبع الشمس وهي تسير ولم تغب، فإنه يكون أسيراً مع الملك. فإن رأى الشمس تحولت رجلاً كهلاً، فإن السلطان يتواضع للهّ تعالى ويعدل وينال قوة، وتحسن أحوال المسلمين، فإن تحولت شاباً، فإنه يضعف حال المسلمين ويجور السلطان. فإن رأى ناراً خرجت من الشمس فأحرقت ما حواليها، فإن الملك يهلك أقواماً من حاشيته، فإن رأى الشمس احمرت، فإنه فساد في مملكته. فإن رآها اصفرت، مرض الملك. فإن اسودت يغلب، وتتم عليه آفة. فإن رأى أنها غابت فاته مطلبه.
أخبرنا الوليد بن أحمد، عن عبد الرحمن بن أبي حاتم، عن محمد بن يحيى الواسطي، عن محمد بن الحسين، عن يحيى بن بسطام الأصغر، عن يحيى بن ميمون، عن واصل موالي ابن عيينة، عن رجل من بلحارث، يقال له صالح البراد، قال: رأيت زرارة بن أوفى بعد موته في منامي فقلت يرحمك الله، ماذا قيل لك وماذا قلت؟ فأعرض عني، فقلت ماذا صنع الله بك؟ فأقبل علي فقال: تفضل علي بوجوده وكرمه. قال: قلت وأبو العلاء يزيد أخو مطرف؟ قال بخ بخ صار إلى رضوان الله عزّ وجلّ. قلت وأخوه مطرف؟ قال: ذاك في الدرجات العلا. قلت فأي الأعمال أنفع عندكم؟ قال: التوكل وقصر الأمل.
ومن رأى ادريس يحسن أمره ويكون عاقبته محموده وقيل من رأى ادريس يدل على اجتهاد في العبادة وان يكون فيها بصيرا فإن ادريس كان أعدل أهل زمانه وأعرفهم بالحكمة.
ومن رأى موسى عليه السلام فإنه يبتلي بالأهل والعيال ثم يستقيم حاله ويظفر لقوله تعالى " ووهبنا له أخاه هارون نبيا " وقال بعضهم يهلك في تلك الديار سلطان ظالم، وقيل من رأى موسى فإنه يدل على أنه رجل مغلوب ثم يظفر بالنصر على أعدائه ويقهر من يعاديه، وإن كان في بحر ينجو سالما، ومن أعطى له عصا موسى في منامه فإنه يرزق علم الكيمياء حقا وينجو مما يخاف، ومن أعطى سيف على يرزق الشجاعة حقا.
ومن رأى أحداً من النواب فإنه عز ودولة وربما دلت رؤيا النائب على السلطان لأنه قائم مقامه ويقال في اللغة العامل للنائب وقيل رؤيا النائب تدل على ثبات الأمور لكون تصحيفه كذلك.
وأما الفرح فإنه ليس بمحمود ومن رأى أنه فرحان مسرور فإنه غم وحزن وإن رأى أنه فرح من جهة أحد فإنه يحزن منه ورؤية الفرح للميت بشارة وخاتمة خير ودلالة على أن الميت راض عنه وقال بعضهم من رأى أنه فرح بغير سبب فإنه يدل على قرب أجله
وأما العناق فمن رأى أنه عانق أحدا سواء كان حيا أو ميتا فإنه يدل على طول حياته وقال بعضهم المعانقة مخالطة ومحبة وأما الوداع فمن رأى أنه يودع أحدا فإنه يفارقه إما بموت أو بحياة وربما كان الموت للمودع وأما الكنس فإنه يدل على الفقر وضيق المعيشة وقال بعضهم من رأى أنه يكنس مكانه وعنده مريض فإنه يدل على موته ومن رأى أنه يكنس مكانا لأجل التعبد فإنه صالح وربما دلت رؤية كنس المسجد على محبة الله تعالى
قال الأستاذ أبو سعد رحمه اللهّ: من رأى الجنة ولم ير دخولها، فإن رؤياه بشارة بخير عمل عمله أو يهم بعمله، وهذه رؤيا متصف ظالم. وقيل من رأى الجنة عياناً، نال ما اشتهى وكشف عنه همه.
وأما العورة: فظهورها هتك الستر، وشماتة الأعداء، وهي ما بين السرة والركبة.فمن رأى أنّه أبداها أو كشفت عنها ثيابه أو بعضها، فإنّه يظهر منه بقدر ما بدا منها. وإذا كان عليه من الثياب شيء قليل قدر ما يسترها خاصة، فإنّه قد تجرد في أمر أمعن فيه. فإن كان ذلك الأمر يدل على دين، فهو يبلغ في الدين والصلاح مبلغاً يتجرد فيه. وإن كان ذلك في معصية، فإنّه يبلغ في معصيته مبلغاً يمعن فيها. فمن لم يعرف في منامه تجرده في دين ولا معصية، وكان الموضع الذي تجرد فيه مثل السوق أو وسط الملأ، والعورة بارزة يراها بعينه، كأنّه مستحي منها، وعليه بعض ثيابه، ولم ير مع ذلك شيئاً يدل على أعمال البر، فإنّه يهتك ستره، ولا خير فيه. وإن كان تجرده على ما وصفت، ولم ير العورة بارزة، ولم يصر على الاستحياء منها، ولم يكن عليه من ثيابه شيء، فإنّه يسلم من أمر هوِ به مكروب، إن كان مريضاً شفاه الله، وإن كان مديوناً قضى دينه، وإن كان خائفاً أمن، وإن لم يكن عليه من الثياب شيء، فهو يسقط من رجاء من كان يرجوه، أو يعزل من سلطان هو فيه، أو ينتقض عليه أمر هو مستمسك به.
وكل ذلك إذا كانت عورته بارزة ظاهرة، وهو كالمستحي منها. فإن لم تكن العورة ظاهرة، ولا هو مستحي منها، فإنّ تحويل حالته التي وصفت، يدل على حال السلامة، ولا يشمت به عدو إن شاء الله.
إن رأى أنّه دخل جهنم: ثم خرج منها في يومه ذلك، فإنّ ذلك براءة أصحاب المعاصي والكبائر، وذلك نذير ينذره ليتوب ويرجع. فإن رآها ولم يصبه مكروه منها، فإنَّ ذلك من غموم الدنيا وبلاياها، يصيبه من ذلك على قدر ما يناله منها أو رآه. فإن رأى أنّه لم يزل فيها لم يدر متى دخلها، فذلك لا يزال مضيقاً عليه متفرقاً أمره مخذولاً ذليلاً حتى يخرج منها. فإن رأى أنّه يأكل من طعامها أو شرابها أو ناله من حرها أو أذى من خزانها. فإنّ كل ذلك أعمال المعاصي منه. وقال القيرواني: أما من أدخل جهنم، فإن كان كافراً مريضاً مات، وإن كان مؤمناً تقياً مرض واحتم، لأنّ الحمى من فيح جهنم، وافتقر وسجن. وإن كان سوقياً أتى كبيرة، أو داخل الكفرة والفجرة في دورهم، أو خالطهم في أعمالهم وأسواقهم. وقال إنَّ دخول الجنة للحاج، يتم حجه ويصل إلى الكعبة بيت الله المؤدية إلى الجنة. وإن كان كافراً أو مذنباً رأى ذلك في غيره، أسلم من كفره وتاب. وإن كان مريضاً مات المؤمن من مرضه، وأفاق الكافر من علته، لأنّ الجنة آخرة للمؤمنين، والدنيا جنة الكافرين. وإن كان عزبَاً تزوج امرأة، لأنّ الجنة دار الزواج والإنكاح. وإن كان فقيراً استغنى، وقد يرث ميراثاً. ويدل دخولها على السعي إلى الجماعة، أو إلى دار علم وحلق ذكر وجهاد ورباط، وإلى كل مكان يؤدي إليها.
خبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن العباس الأخميمي بمصر قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن سلامة الطحاوي، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن جناد. وإبراهيم بن أبي داود، وأبو أمية قالوا: حدثنا سليمان بن حرب، واللفظ لابن جناد، قال: حدثنا حماد بن زيد عن الحجاج الصواف، وأبي الزبير عن جابر، أن الطفيل بن عمرو أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هل لك في حصن حصنه ومنعه حصين، كان لدوس في الجاهلية فأفتى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكر الله تعالى للأنصار، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، هاجر إليه الطفيل بن عمرو، وهاجر معه رجل من قومه، فاحتوى المدينة، فمرض فخرج فأخذ مشاقص، وقطع بها براجمه، وشخبت يداه حتى مات. فرآه الطفيل بن عمرو في هيئة حسنة فقال: ما صنع بك ربك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى المدينة إلى نبيه صلوات الله عليه وسلامه، فقال: ما لي أراك مغطياً يديك؟ فقال: قيل لي أنّه لا تصلح منك ما أفسدت. فقال قصها على النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم وليديه فاغفر.
أخبرنا أبو علي الحسن بن الحسن بن شيظم البلخي قال: حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا أحمد بن أبي صالح الكرابيسي قال: سمعت إبراهيم الدلال ابن أخي مكي بن إبراهيم يقول: سمعت ابن عيينة يقول: رأيت سفيان الثوري في النوم، فقلت ما صنع الله بك؟ قال فذكر شيئاً. قلت بما نجاك الله؟ قال بقلة معرفتي بالناس. قال فقلت له أوصني. قال: أقلل من معرفة الناس.
ومن رأى لوطا فإنه يتحول من مكان إلى مكان وعاقبة أمره تكون محمودة في تسهيل اشغاله، وقيل من رأى لوطا فإنه يكون له امرأة فاسقة لا خير فيها فلينظر في مصلحته معها وإن كان ممن يعمل عمل قومه فليتق الله وليتب.
ومن رأى يوسف فإنه يحصل له من جهة أقاربه بهتان وفي عاقبته يصل إلى مرتبة السلطنة ويعلو قدره ويبلغ مراده، وقيل من رأى يوسف ربما يحصل له هم من قبل امرأة وعاقبته إلى خير وربما دلت رؤيته على بشرى.
وأما الهدية فمن رأى أنه يهدي هدية لأحد وكان نوعها محبوبا فهو صالح للفاعل والمفعول وكل ينال من صاحبه ما يريد وإن كان نوع ذلك مكروها فإنه ينال كل منهم من الآخر ما يكرهه ومن رأى أنه أهدي إليه هدية من شيخ أو عجوز فإنه محمود وإن كان من شاب أو شابة فخلافه ومن رأى أنه أهدى لأحد هدية فردها عليه فإنه يدل على حصول كلام بينهما يكره مثله ومن رأى أنه وهب لأحد هبة فإنه يتفضل عليه إلا هبة العبد فإنه يرسل إليه عدوا
ما رسالتك للمهتمين برؤي الأموات , وممن يفزع من رؤية هذا النوع , أو يضخم الأمر بشكل لافت ؟
1 - أنت الآن من الأحياء، وأنت في دار العمل، فاليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل، فماذا ستعمل اليوم؟ وماذا ستعمل غداً .
2- عليك بالبر والإحسان للوالدين في حياتهما. ولا تنتظر حتى إذا ماتا، أو مات أحدهما – بعد عمر مبارك إن شاء الله – بدأت تندم وتتمنى أن تراهما في الرؤى، وتنفّذ تعليماتهما التي قد تكون من أضغاث الأحلام ومن التفكير الطويل والندم على وفاتهما.
3- إن كان لديك والدان أو أحدهما، وهما كبيران في السن فاجلس معهما وآنس وحدتهما وتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم :" رغم أنف رغم أنف رغم أنف – قالها ثلاثا – قالوا من يا رسول الله ؟ قال من أدرك أبويه أحدهما أو كلاهما فلم يدخلاه الجنة" والمعنى إن برّ بهما وفي رواية " على الكبر " ومعناه حين يهزلان وتضعف حركتهما ويحتاجان لقوة الابن أو الابنة.
4- هل كتبت وصيتك ؟ قد يكون القارئ صغيراً في السن فيقول وما الداعي ؟ فأقول : الموت لا يعرف صغيراً ولا كبيراً ورسولنا الكريم كما جاء عن ابن عمر – رضي الله عنه – قال :" ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده" ولا شك أن تنفيذ وصية الميت مطلوبة ما لم يأمر بمحرم مثلاً أو قطيعة رحم, كما أن كتابة الوصية تمنع الخلاف بين الورثة أيضاً والله أعلم .
الراعي
هو في المنام صاحب ولاية، ويدل على معلم الصبيان، ومن يتولى أمر السلطان والحاكم. ومن رأى أنه أعرابي يرعى الغنم، ولا يعرف مواضع الرعي، فإنه يقرأ القرآن ولا يحسن فهم معانيه. وراعي الجيل البخاتي وال على العجم. والراعي وال على رعيته يحتشد لمصلحتهم. فإن رأى أنه راع فهي ولاية يليها على نحو ما رأى من الأغنام. وتدل رؤية الراعي على علو القدر والتحكم في الرعية بالعدل والإنصاف، إلا أن يرعى الخنازير فإنه يدل على معاشرة الكفار والمبتدعين.
وأما العجوز: فهي دنياه. فإن رآها متزينه مكشوفة نال دنياه مع بشارة عاجلة وإن رآها عابسة دلّت على ذهاب الجاه لأجل الدنيا. وإن رآها قبيحة انقلبت عليه الأمور، وإن رآها عريانة فإنّه فضيحة. وإن رآها متنقبة فإنّه أمر مع ندامة. فإن رأى كأن عجوزاً دخلت داره، أقبلت دنياه، وإن رآها خرجت عن داره زالت عنه دنياه. فإن تكن العجوز مسلمة، فهي دنيا حرام. فإن كانت مسلمة فهي دنيا حلال. وإن كان قبيحة فلا خير فيها. والعجوز المجهولة في التأويل أقوى. فإن رأت امرأة شابة في منامها كأنّها قد تحولت عجوزاً، دلت رؤياها على حسن دينها. فإن رأى الرجل عجوزاً لا تطاوعه وهو يهم بها. فهي دنيا تتعذر عليه. فإن طاوعته نال من الدنيا بقدر مطاوعتها.
الهتف: فمن رأى أنّه سمع صوت هاتف بأمر أو نهي أو بشارة أو نذارة، فهو كما سمعه بلا تفسير. وكذلك كلام الموتى. وكذلك كلام كل الطيور لصاحب الرؤيا مبشر بنيل ملك عظيم، وعلم وفقه. وأما الكلام بلغات شتى، فمن رأى ذلك فإنّه يملك ملكاً عظيماً.
ومن رأى أنه في السماء، فإنه يأمر وينهي. وقيل أن السماء الدنيا وزارة، لأنها موضع القمر، والقمر وزير، والسماء الثانية أدب وعلم وفطنة ورياسة وكفاية، لأن السماء الثانية لعطارد. ومن رأى أنه في السماء الثالثة، فإنه ينال نعمة وسروراً وجواري وحلياً وحللاً فرشاً، ويستغني ويتنعم، لأن سيرة السماء الثالثة للزهرة. ومن رأى أنه في السماء الرابعة، نال ملكاً وسلطنة وهيبة، أو دخل في عمل ملك أو سلطان، لأن سيرة السماء الرابعة للشمس. فإن رأى أنه في الخامسة، فإنه ينال ولاية الشرط أو قتالاً أو حرباً أو صنعة مما ينسب إلى المريخ، لأن سيرة السماء الخامسة للمريخ، فإن رأى أنه في السماء السادسة، فإنه ينال خيراً من البيع والشراء، لأن سيرة السماء السادسة للمشتري، فإن رأى أنه في السماء السابعة، فإنه ينال عقاراً وأرضاً ووكالة وفلاحة وزراعة ودهقنة في جيش طويل، لأن سيرة السماء السابعة لزحل، فإن لم يكن صاحب الرؤيا لهذه المراتب أهلاً، فإن تأويلها لرئيسه أو لعقبه أو لنظيره أو لسميه
أخبرنا أبو يعقوب إسحاق بن بدران الفقيه بمكة، قال حدثنا إبراهيم بن محمد، قال حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: قال محمد حدثني مالك بن ضيغم، قال سمعت بكر بن معاذ يذكر عن عنبسة الخواص، أنّ رجلاً من الصدر الأول دخل المقابر، فمر بجمجمة بادية من بعض القبور، فحزن حزناً شديداً وواراها بالثرى، ثم التفت يميناً وشمالاً، فلم ير أحداً ولم ير إلا قبراً. قال فحدث نفسه فقال: لو كشف لي عن بعضهم فسألته عما أرى. قال فأتى في منامه فقيل له: لا تغتر بتشييد القبور من فوقهم، فإنَّ القوم قد بليت خدودهم في التراب، فمن بين مسرور ينتظر ثواب الله، ومن بين مغموم أشفى على عقابه، فإياك والغفلة عما رأيت. فاجتهد الرجل بعد ذلك اجتهاداً كثيراً حتى مات.
وأما رؤيا المدفع فهم وخصم وغالب وحجره كلمة ذلك الخصم، وقيل انه يعبر بنوع من المنجنيق، وربما كان المدفع أقوى من المنجنيق، وقيل المنجنيق هو ما يقوم مقام الملك والمدفع الكبير الجديد هو الملك بعينه، فيعتبر المعبر المعاني في ذلك ويؤول ما ظهر له بتوفيق الله تعالى.
وأما الدماغ: فإنّه يدل على العقل، ومن رأى أنّ له دماغاً كبيراً، دل على كثرة عقله، فإن رأى كأنّه لا دماغ له، دل على جهله وقلة عقله. وقيل أنّ الدماغ مال نزر مدخور طاهر. فإن رأى كأنّه أكل دماغه أو مخ بعض عظامه، فإنه يأكل ماله. وقال بعضهم أكل دماغ الميت، يوجب سرعة الموت.
ومن رأى أحداً من الأنبياء وهو يأمره بما يخالف الشريعة يكون ذلك نهياً له وزجراً وتهديداً لقوله عليه السلام: إذا لم تستح من الله فاصنع ما شئت فإن ذلك ليس بأمر على فعل وإنما هو تهديد.
ومن رأى أنه خرج منه غائط فهو على وجهين خوف من سلطان وغرامة وللمسافر قطع الطريق ومن رأى أنه أحدث في مكان حدثا فإنه ينفق ماله في شهوته وإن كان الموضع مجهولا أنفق مالا حراما وإن أحدث في ثيابه ارتكب فاحشة أو على فراشه مرض مرضا شديدا أو ربما فارق امرأته أو في موضع وستره بالتراب فإنه يدفن مالا ومن رأى أنه يأكل غائطا فإنه يصيب مالا حراما وربما يتكلم بكلام فحش يندم عليه وكل شيء يخرج من بطون الناس والدواب والأرواث فإنه مال فأما ما يؤكل لحمه فروثه مال حلال وما لا يؤكل فروثه مال حرام ومن رأى أنه تغوط حيوانا فإن كان ممن يستحسن فإنه يولد له أولاد جياد فما كان مؤنثا دل على البنت وما كان مذكرا دل على الولد ومن رأى أنه جلس على الروث فإنه يصيب مالا من قرابته وربما كان من جهة ميراث
وأما الحجامة فهي أمانة أو شرط أو عزلة وذهاب مال أو نجاة من كرب فمن رأى أنه احتجم فإنه يتقلد أمانة أو يكتب عليه كتاب وإن كان مريضا برئ ومن رأى أنه احتجم وتلطخ سرادقه بدمه فإنه يموت وقال أبو سعيد الواعظ الحجامة للوالي عزل وربما كانت ذهاب مال في منفعة أو نجاة من كرب وإن رأى أنه احتجم وكان في حبس فإنه يطلق ومن رأى أنه احتجم ولم يخرج منه شيء فإنه دفن ما لا يهتدى إليه أو دفع وديعة إلى من لا يردها إليه فإن خرج منه دم صح جسمه في تلك السنة وإن كسرت المحجمة فإنه يطلق امرأته أو يموت ومن رأى حجاما فإنه ينجو من شر أو خوف
وأما الجنائز فمن رأى أن جماعة ماشين في جنازة فإنه يدل على أن صاحب الجنازة يسود على تلك الجماعة أو على مقدارهم من الناس لكنه يقهرهم ويظلمهم ومن رأى أنه سقط من جنازته فإنه يقع من مرتبته وعزه وجاهه ومن رأى أنه حامل جنازة فإنه يتبع ذا سلطان وينتفع منه بمال ومن رأى الناس يزدحمون على جنازته وهو مرفوع على أيديهم فهو ينال سلطانا ورفعة ومن رأى الناس يبكون خلف جنازته حمدت عاقبته وكذلك إن أثنوا عليه ودعوا له ومن رأى جنازة في سوق فإنه يدل على نفاق السلع التي بذلك السوق ومن رأى أن جنازة تسير في الهواء فإنه يدل على موت رجل كبير ومن رأى جنازة تسير على الأرض وهو موضوع بها فإنه يركب في سفينة ومن رأى أن جنازة كبيرة موضوعة في مكان فإن أهل ذلك المكان يركبون الفواحش
قال جعفر الصادق رضي الله عنه: رؤيا الله تعالى في المنام تؤول على سبعة أوجه حصول نعمة في الدنيا، وراحة في الآخرة، وأمن وراحة، ونور وهداية، وقوة للدين، والعفو والدخول إلى الجنة بكرمه، ويظهر العدل ويقهر الظلمة في تلك الديار، ويعز الرائي ويشرفه وينظر إليه نظرة الرحمة.
ومن رأى داود فإنه يحصل له ضرر وضيق صدر من جهة العيال، وقيل من رأى داود يكون خليفة في أهله وربما ينال خير أو حكماً وملكاً، وربما يبتلى بسبب امرأة، وربما كان عنده شيء مدخر فأثر فيه السوس فليفقده.
وقال أبو سعيد الواعظ رؤيا الجبهة والوجه جميعا تدل على ثلاثة أوجه مال وعز وامرأة حسنة وجاه وقاصد الإنسان، والصدغان ابنتان شريفتان مباركتان فمهما رأى في ذلك فهو منسوب لهما وقاله الكرماني أيضاً ووافقه السالمي.
رؤية التزويج)
وأما التزويج فمن رأى أنه تزوج بامرأة وله زوجة أصاب سلطانا وخير بقدر جمال المرأة إذا عاينها أو عرفها وإن لم يعرفها ولم يعاينها ولا سميت له وهي مجهولة فإن ذلك يدل على موته أو موت إنسان على يديه وكذا إذا رأى عريسا ولم ير زوجته ولا عرفها ومن رأى أنه تزوج امرأة شيخه أو أخيه فإنه يصيب خيرا كثيرا وكذلك المرأة رؤيتها الزواج من هذا النوع ومن رأى رجلا مريضا تزوج وليس له امرأة وزواجه مجهول فيدل على موته وحسن حاله ومن رأى أنه تزوج ذات رحم فإنه يسود أهل بيته ومن رأى أنه تزوج بامرأة ميتة ودخل بها فإنه يظفر بأمر ميت يحيى له وإن لم يكن دخل بها ولا غشيها وإن ظفر في ذلك الأمر يكون غير ثابت وقال بعضهم رؤية الزواج تدل على ثروة وإصابة غنى ومن رأى أن امرأة تزوجت بزوج آخر فإنها على ثلاثة أوجه إن كانت حبلى ولدت ابنة أو أنها تسعى في تزويجها أو وقوع بينها وبين زوجها ومن رأى أنه تزوج امرأة وغشيها فإنه يدل على الشرف وحصول ملك ما لم يملكه وإن رأت امرأة أنها متزوجة متوجهة إلى زوج وهي مزينة وما وصلت إليه فإنه يدل على حصول منفعة وسرور لها بقدر زينتها إلى زوجها وغشيها فإنه يدل على حصول منفعة وسرور لها بقدر زينتها ومن رأى أنه تزوج بشيء من الحيوان فإنه يدل على أنه يتزوج بامرأة تنسب إلى ذلك الحيوان