عن وهب بن منبه أن بختنصر بعد أن خرب بيت المقدس واستدل بني إسرائيل بسبع سنين رأي في المنام رؤيا عظيمة هالته فجمع
الكهنة والحزار وسألهم عن رؤياه تلك,فقالوا : ليقصها الملك حتى نخبره بتأويلها,فقال : إني نسيتها وإن لم تخبروني بها إلى
ثلاثة أيام قتلتكم عن أخركم فذهبوا خائفين وجلين من وعيده فسمع بذلك دانيال-عليه السلام-وهو في سجنه فقال للسجان: اذهب إليه,
فقل له : إن هنا رجلا عنده علم رؤياك وتأويلها فذهب إليه فأعلمه فطلبه فلما دخل عليه لم يسجد له فقال له: ما منعك من السجود
لي؟ فقال: إن الله اتاني علما وعلمني وأمرني أن لا أسجد لغيره,فقال له بختنصر: إني أحب الذين يوفون لأربابهم بالعهود فأخبرني
عن رؤياي,فقال له دانيال:رأيت صنما عظيما رجلاه في الأرض ورأسه في السماء,أعلاه من ذهب ووسطه من فضة وأسفله من نحاس
وساقاه من حديد ورجلاه من فخار فبينما أنت تنظر إليه قد أعجبك حسنه وإحكام صنعته قذفه الله بحجر من السماء فوقع على قمة رأسه
حتى طحنه واختلط ذهبه وفضته ونحاسه وحديده حتى تخيل إليك أنه لو اجتمع الإنس والجن على أن يميزوا بعضه من بعض لم يقدروا
على ذلك ونظرت إلى الحجر الذي قذف به يربو ويعظم وينتشر حتى ملأ الأرض كلها فصرت لاترى إلا الحجر والسماء,فقال بختنصر:
صدقت هذه الرؤيا التي رأيتها فما تأويلها؟ فقال دانيال: أما الصنم فأمم مختلفة في أول الزمان وفي وسطه وفي وسطه وفي أخره,
وأما الحجر الذي قذف به اصنم فدين يقذف الله به هذه الأمم في أخر الزمان فيظهره عليها فيبعث الله نبيا أميا من العرب فيدوخ به
الأمم والأديان كما رأيت الحجر دوخ اصناف الصنم ويظهر على الأديان والأمم كما رأيت الحجر ظهر على الأرض كلها فيمحص الله
به الحق ويزهق به الباطل ويهدي به أهل الضلالة ويعلم به الأميين ويقوي به الضعفة ويعز به الأذلة وينصر به المستضعفين .
وفي رواية أخرى : عن وهب بن منبه,وفيه أن بختنصر رأي رؤيا فبينما هو قد أعجبه ما رأي إذ رأي شيئا أصابه فأنساه الذي
كان فدعا دانيال وحنانيا وعزاريا وميشايل من ذراري الأنبياء فقال : أخبروني عن رؤيا رأيتها ثم أصابني شئ فأنسانيها وقد كانت
أعجبتني,ما هي ؟ قالوا له : أخبرنا بها نخبرك بتأويلها,قال:ما أذكرها وإن لم تخبروني بتأويلها لأنزعن أكتافكم,فخرجوا من عنده
فدعوا الله واستغاثوا وتضرعوا إليه وسألوه أن يعلمهم إياها فأعلمهم الذي سألهم عنه فجاءوه فقالوا له: رأيت تمثالا؟ قال: صدقتم,
قالوا:قدماه وساقاه من فخار وركبتاه وفخذاه من نحاس وبطنه من فضة وصدره من ذهب ورأسه وعنقه من حديد؟ قال:صدقتم,
قالوا: فبينما أنت تنظر إليه قد أعجبك فأرسل الله عليه صخرة من السماء فدقته فهي التي أنستكها؟ قال: صدقتم,فما تأويلها؟
قالوا: تأويلها أنك رأيت ملك الملوك فكان بعضهم ألين ملكا من بعض,وبعضهم كان أحسن ملكا من بعض,وبعضهم كان أشد ملكا من بعض
فكان أول الملك الفخار وهو أضعفه وألينه,ثم كان فوقه النحاس وهو أفضل منه وأشد,ثم كان فوق النحاس الفضة وهي أفضل من ذلك
وأحسن,ثم كان فوق الفضة الذهب فهو أحسن من الفضة وأفضل,ثم كان الحديد ملكك فهو كان أشد الملوك وأعز مما كان قبله,
وكانت الصخرة التي رأيت أرسل الله عليه من السماء فدقته نبيا يبعته الله من السماء فيدق ذلك أجمع ويصير الأمر إليه.
وفي رواية أخرى : أن دانيال وأصحابه قالوا لبختنصر: رأيت كذا وكذا فقصوها عليه,فقال: صدقتم,قالوا: نحن نعبرها لك,أما
الصنم الذي رأيت رأسه من ذهب فإنه ملكك حسن مثل الذهب,وكان قد ملك الأرض كلها,وأما العنق من الشبه فهو ملك ابنك بعدك
يملك فيكون ملكه حسنا ولا يكون مثل الذهب,وأما صدره الذي من حديد فهو ملك أهل فارس يملكون بعد ابنك فيكون ملكهم شديدا مثل
الحديد,وأما بطنه الأخلاط فإنه يذهب ملك أهل فارس ويتنازع الناس الملك في كل قرية حتى يكون الملك يملك اليوم واليومين والشهر
والشهرين ثم يقتل فلا يكون للناس قوام على ذلك كما لم يكن للصنم قوام على رجلين من فخار,فبينما هم كذلك إذ بعث الله-تعالى-
نبيا من أرض العرب فأظهره على بقية أهل فارس وبقية ملك ابنك وملكك فدمره وأهلكه حتى لا يبقى منه شئ كما جائت الصخرة
فهدمت الصنم .
إن الله أعلى و أعلم وأدرى ومانحن سوى موقع لعرض ماتم جمعه من الأنترنت ولانؤكد صحة ماتم جمعه