رؤيا الرعد خوف من عامل الملك أو من أعوانه، وإن كان مع الرعد مطر يكون الأمن والرخاء وإن كان الرعد شديداً والمطر قليلا يدل على خوف الرائي من دعاء والديه عليه ومن سمع صوت الرعد في وقت نزول المطر فإنه يدل على حصول الخير والبركة والرخاء في ذلك المكان.
ومن رأى امرأة حسناء دخلت داره، نال سروراً وفرحاً. والمرأة الجميلة مال لا بقاء له، لأنّ الجمال يتغيّر. فإن رأى كأدن امرأة شابة أقبلت عليه بوجهها، أقبل أمره بعد الإدبار. والمرأة العربية الادماء المجهولة الشابة المتزينة، يطول وصف خيرها ونفعها في التأويل والسمينة من النساء في التأويل، خصب السنة. والمهزولة جدبها، وأفضل النساء التأويل العربيات الأدم، والمجهولة منهن خير من المعروفة، وأقوى والمتصنعات منهن في الزينة والهيئة، أفضل من غيرهن.
وكل مواتاة العربيات والأدم ومعاملتهن في التأويل خير بقدر مواتاتهن، ولهن فضل على من سواهن من النساء. وإٍذا رأت امرأة في منامها امرأة شابة، فهي عدوة لها على أية حالة رأتها. وإذا رأت عجوزا فهي جدها.
رؤيا الله جل شأنه
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: من رأى في منامه كأنه قائم بين يدي الله تعالى، و الله تعالى ينظر إليه، فإن كان الرائي من الصالحين، فرؤياه رؤيا رحمة، وإن لم يكن من الصالحين فعليه بالحذر، لقوله تعالى: (يَوْمَ يَقُومُ النَاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ). فإن رأى كأنه يناجيه، أكرم بالقرب، وحبب إلى الناس قال الله تعالى: (وقَرّبْناهْ نَجيّاً). وكذلك لو رأى أنّه ساجد بين يدي الله تعالى، لقوله تعالى: " واسْجُدْ واقْتَرِبْ " . فإن رأى أنّه يكلمه من وراء حجاب، حسن دينه وأدى أمانة إن كانت في يده، وقوي سلطانه. وإن رأى أنّه يكلمه من غير حجاب، فإنّه يكون خطأ في دينه، لقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لبَشَرِ أن يُكَلِّمَهُ الله إلا وَحْياً أوْ مِنْ وراءِ حِجَاب)، فإن رآه بقلبه عظيماً، كأنه سبحانه قرَّبه وأكرمه وغفر له، أو حاسبه أو بشره ولمً يعاين صفة، لقي الله تعالى في القيامة.
كذلك فإن رآه تعالى قد وعده المغفرة والرحمة، كان الوعد صحيحاً لا شك فيه، لأنّ الله تعالى لا يخلف الميعاد، ولكنه يصيبه بلاء في نفسه، ومعيشته مادام حياً. فإن رآه تعالى كأنه يعظه، انتهِى عما لا يرضاه الله تعالى، لقوله تعالى: " يَعِظُكُمْ لعَلّكُمْ تَذَكّرونَ " . فإن كساه ثوباَ، فهو هم وسقم ما عاش، ولكنه يستوجب بذلك الشكر الكثير.
فقد حكي أنّ بعض الناس رأى كأن الله كساه ثوبين، فلبسهما مكانه، فسأل ابن سيرين، فقال استعد لبلائه، فلم يلبث أن جذم إلى أن لقي الله تعالى، فإن رأى نوراً تحير فيه فلم يقدر على وصفه، لم ينتفع بيديه ما عاش. فإن رأى أنّ الله تعالى سماه باسمه أو اسم آخر. علا أمره وغلب أعداءه، فإن أعطاه شيئاً من متاع الدنيا فهو بل يستحق به رحمته. فإن رأى كأن الله تعالى ساخط عليه فذلك يدل على سخط والديه عليه، فإن رأى كأنّ أبويه ساخطان عليه، دل ذلك على سخط الله عليه. لقوله عز اسمه " اشْكُرْ لي ولِوالِدَيْكَ " . وقد روي في بعض الأخبار، رضا الله تعالى رضا الوالدين، وسخط الله تعالى في سخط الوالدين.
وقيل: من رأى كأن الله تعالى غضب عليه، فإنّه يسقط من مكان رفيع. لقول الله تعالى: (ومن يَحلِلْ عَلَيْهِ غَضبيَ فَقَدْ هَوَى). ولو رأى كأنه سقط من حائط أو سماء أو جبل، دل ذلك على غضب الله تعالى عليه. فإن رأى نفسه بين يدي الله عزّ وجلّ، في موضع يعرفه، انبسط العدل والخصب في تلك البقعة، وهلك ظالموها ونصر مظلوموها. فإن رأى كأنه ينظر إلى كرسي الله تبارك وتعالى، نال نعمة ورحمة. فإن رأى مثالاً أو صورة، فقيل له إنّه إلهك أو ظن أنّه إلهه سبحانه، فعبده وسجد له، فإنّه منهمك في الباطل، على تقدير أنّه حق، وهذه رؤيا من يكذب على الله تعالى. فإن رأى كأنّه يسب الله تعالى، فإنّه كافر لنعمة ربه عزّ وجلّ غير راضٍ بقضائه.
وأما المخاط: فمن رأى كأنّه امتخط. فإنّه يقضي دينه، أو ينجو من هم، أو أيجازي قوماً بشيء فعلوه. وقيل إنّ المخاط دليل الولد، بدليل أَنّ الهرة تولدت من مخاط الأسد. ومن رأى كأنِّه امتخط على الأرض، ولدت له ابنة. فإن رأى كأنّه امتخط على امرأته، فإنّها تحبل وتسقط ابناً. وإن رأى امرأته امتخطت عليه، فإنّها تلد ابناً أو تفطمٍ ولداً صغيراً، ومن امتخط في دار رجل، نكح امرأة من تلك الدار حلالاً أو حراماً. فإن امتخط في فراش رجل، فإنّه يخون امرأته، فإن امتخط في منديله، خانه في خادمته، فإن رأى كأنّه امتخط، فأخذت امرأة مخاطه، فإنّها تخدعه وتحمل منه. وإن رأى كأنّه يغسل مخاط غيره فإنّ رجلاً يخدع امرأته، وهو يجتهد في ستره، ولا يستر. فإن رأى كأنِّه أكل مخاط نفسه، فإنّه يأكل مال ولده. وإن أكل مخاط غيره، أكل مال ولد غيره. فإن رأى كأنّ في أنفه مخاطاً، دلت رؤياه على حبل امرأته. وإن رأى كأنّه عطس فخرج من أنفه حيوان، ينسب إليه ولد غيره. فإن كان الخارج سنوِراً، فهو ولد لص. وإن كان حمامة فابنة محبوبة. فإن رأى مخاطه يسيل، أصاب أولاداً شبهه، ومن رأى إنساناً مخط في ثوبه، ياصله بمصاهرة.
الهتف: فمن رأى أنّه سمع صوت هاتف بأمر أو نهي أو بشارة أو نذارة، فهو كما سمعه بلا تفسير. وكذلك كلام الموتى. وكذلك كلام كل الطيور لصاحب الرؤيا مبشر بنيل ملك عظيم، وعلم وفقه. وأما الكلام بلغات شتى، فمن رأى ذلك فإنّه يملك ملكاً عظيماً.
وهو على أوجه منهاج الحق وطرق الرشاد وحاكم عادل ودليل للخير وأمر محمود، وقد تقدم الكلام فيما يراه الإنسان في ذلك جميعه من أمور شتى في الباب الثالث والعشرين فإنها محل ذكر ذلك لكون الصادر فيها من فعل الإنسان في يقظته، وقد نبهت عليها وذكرت المعنى لئلا تصير الأرض خالية من ذكر الطريق.
وأما الصقر فإنه مختلف فيه منهم من قال إنه سلطان الطيور ومنهم من قال العقاب سلطان الطيور وتأويله في علم التعبير كتأويل العقاب لكونهما منسوبين إلى سلطنة الطيور.
57 - ذكر ابن إسحاق أن قريشا لما نزلوا الجحفة رأي جهيم بن اللت ابن مخرمة بن الطلب بن عبد مناف رؤيا فقال : إني رأيت فيما يرى النائم وإني لبين النائم واليقظان إذ نظرت إلي رجل قد أقبل علي فرس حتي وقف ومعه بعير له ثم قال : قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو الحكم بن هشام وامية بن خلف وفلان وفلان غعدد رجالاً ممن قتل يوم بدر من أشراف قريش، ثم رأيته ضرب في لبه بعيره ثم أرسله في العسكر فما بقي خباء من أخبية العسكر إلا أصابة نضح من دمه، قال: فبلغت أبا جهل فقال: وهذا أيضاً نبي آخر من بني المطلب سيعلم غدًا من المقتول إن نحن التقينا (1).
* وفي رواية (2) : إن قريشًا ساروا حتي نزلوا الجحفة نزلوها عشاء يتروون من الماء وفيهم رجل من بني المطلب بن عبد مناف يقال له جهيم بن الصلت بن مخرمة فوضع جهيم رأسه فأغفي ثم فزع فقال لأصحابة: هل رأيتم الفارس الذي وقف عليً آنفا؟ فقالوا: لا ، فإنك مجنون ، فقال : قد وقف علًي فارس آنفاً ، فقال : قتل أبو جهل وعتبة وشيبة وزمعة وأبو البختري وأمية بن خلف فعد أشرافاً من كفار قريش، فقال له أصحابه : إنما لعب بك الشيطان . ورفع حديث جهيم إلى أبي جهل فقال : قد جثتمونا يكذب بني المطلب مه كذب بني هاشم سترون غداً من يقتل. وتحققت رؤيا جهيم بن الصلت فقد مات كل من رآهم في المنام.
وأما الأسنان: فإنّهم أهل بيت الرجل، فالعليا هم الرجال من أهل البيت، والسفلى هم النساء، فالناب سيد بيته، والثنية اليمنى الأب، والثنية اليسرى العم وإن لم يكونا فأخوان أو ابنان، فإن لم يكونا فصديقان شقيقان، والرباعية ابن العم، والضواحك الأخوال والخالات، ومن يقوم مقامهم في النصح، والأضراس الأجداد، والبنون الصغار، والثنية السفلى اليمنى الأم، واليسرى العمة، فإن لم يكون فأُختان أو ابنتان أو من يقوم مقامهما، والرباعية السفلى بنات العم وبنات العمات، والناب السفلى سيدة أهل بيتها، والضواحك السفلى بنات الخال والخالة وأضراس السفل الأبعدون من أهل بيت الرجل، من النساء والبنات الصغار.
وحركة بعض الأسنان، دليل على من هو تأويله في المرض، وسقوطه وضياعه دليل على موته أو غيبته عنه غيبة من لا يعود إليه، فإن أصابه بعدما فقده، فإنّه يرجع، وتآكله دليل على بلاء يصيب من ينتسب إليه. واصطكاك الأسنان على جدال بين أهل بيته. فإن رأى في أسنانه قلحاً، فهو عيب بأهل بيته يرجع إليه. ونتن الأسنان قبح الثناء على أهل البيت، وكلال الأسنان ضعف حال أهل بيته، وتنقية الأسنان من القلوحة، يدلي على بذل المالي في نفي الهموم عنهم. وبياض الأسنان وطولها وجمالها، زيادة قوة ومال وجاه لأهل البيت. فإن رأى كأنه نبت مع ثنيته مثلها، فإنّ أهلِ بيته يزيدون. فإن رأى كأنّ النابت معها يضرها، كان الزائد في أهل البيت عاراً ووبالاً عليه.
فإن رأى كأنّه قلع أسنانه، دلت رؤياه على قطع رحمه، أو ينفق ماله على كره منه. فإن رأى كأنّه يرمي أسنانه بلسانه، فسدت أمور أهل بيته بكلام يتكلّم به. فإن رأى كأنّ أسنانه من ذهب، فإن كان من أهل العلم والكلام حمدت رؤياه، وإلا فلا تحمد، لأنّها تدل في غير العلم وأهله، على مرض أو حريق، فإن رأى كأنّها من فضة، دلت على خسران في المال. فإن رآها من زجاج أو خشب، دلت على الموت. فإن رأى مقاديم أسنانه سقطت فنبت مكانها أخرى، دلت على تغيير أموره وتدابيره.
وقيل أنّ من رأى أسنانه العليا سقطت في يده، فهو مال يصير إليه. فإن رآها قطت في حجره، فهو ابن، لقوله تعالى: " ويكلم الناس في المهد " . يعني في حجر. فإن رآها سقطت إلى الأرض، فهي الموت. فإن رأى كأنّه أمسك الساقط من ضانه فلم يدفنه، فإنّه يستفيد بدل من هو مثله في الشفقة والنصيحة وكذلك التأويل في سائر الأعضاء إذا أصابتها آفة فلم يدفنها. فإن رأى كأنه نبت في قلبه أسنان، دل على موته، وقيل أنّ سقوط الأسنان يدل على عائق يعوق فيما يريده، وقيل هو دليل قضاء الديون. فإن رأى كأنّ جميع أسنانه سقطت، وأخذها في كمه أو حجره، فإنه يعيش عيشاً طويلاً حتى تسقط أسنانه، ويكثر عدد أهل بيته. وإن رأى كأنّ جميع أسنانه قطت وذهبت عن بصره، فإنّ أهل بيته يموتون قبله، وربما كان ذلك موت ذوي سنه. من الناس ،وأقرانه في العمر. فإن رأى كأنّ الناس يلكوه بأضراسهم أو يعضوه، فإنّه يمكنه أن يتضع للناس فلا يتضع، وقيل ينبغي أن يجعل الفم بمنزلة المنزل، والأسنان بمنزلة السكان، فما كان فيها من ناحية اليمنى فهو يدل على الذكور، وما كان من اليسرى فهو يدل على الإناث، في جميع الناس إلا قليلاً منهم. وقيل من رأى أسنانه تنكسر فإنه يقضي دينه قليلاً قليلاً. فإن تساقط أسنانه بلا وجع، يدل على أعمال تبطل. فإن رأى كأنّها تسقط بلا وجع، يدل على ذهاب شيء مما في منزله. ومقاديم الأسنان إذا سقطت، منعت من أن يفعل الإنسان شيئاً مما يعمل بالكلام والقول. فإن كان مع ذلك وجع أو خروج دم أو لحم، فإنّ ذلك يبطل أو يفسد الأمر الذي يراد.
وأما الأصحاء والأحرار والمسافرون، إذا سقطت جميع أسنانهم، دل على مرض طويل ووقوع في السل من غير أن يموتوا، وذلك أنّ الإنسان لا يمكنه أن ينال الغذاء القوي بلا أسنان، لكنه يستعمل الإحساء والعصارات، وإنّما لا يموتون لأنّ الموتى لا تسقط أسنانهم، والشيء الذي لا يعرض للموتى هو مخلص للمرضى فلهذا السبب صار محموداً في المرض. وإن تساقطت أسنانهم جميعاً فإنّه يدل على سرعة نجاتهم من المرض، وأما التجار المسافرون فيدل على خفة حملهم، وخاصة إن رأى أنّ تلك الأسنان تتحرك، فإن رأى كأنّ بعض أسنانه قد طال وازداد عظماً، دل على جدال وخصومة في منزل. ومن كانت أسنانه سوداً متآكلة معوجة، فرأى سقوطها، فإنه ينجو من جميع الشدائد. فإن رأى كأنّ أسنانه تسقط وهو يأخذها بيده أو بلحيته وفي حجره، فذلك يدل على أنّ أولاده تنقطع، فلا يولد له، وما يلد فلا يبقى ولا يتربى.
وحكي أنّ رجلاً رأى أسنانه كلها سقطت، فاغتم لذلك غماً شديداً، وقص رؤياه على معبر، فقال: تموت أسنانك كلها قبلك، فكان كذلك. ورأى اخر كأنّه أخذ ثلاث أسنان من فمه في كفه، وضم عليهم أنامله، فعرض له أنّه وجد درهماً ونصفاً.
والرجل: قوام الرجل وماله ومعيشته التي عليها اعتماده، وربما كانت الساق عمر صاحبها. فإن رأى أنّ ساقه من حديد، طال عمره وبقي ماله. وإن رأى أنّ ساقه من قوارير، لم يلبث أن يموت ويذهب ماله، وقوامه، لأنّ القوارير لا بقاء لها. فإن رأى. رجله قطعت، ذهب نصف ماله. فإن قطعتا جميعاً ذهب ماله وقواه، أو مات كل ما بانت منه. وقيل الرجلان الأبوان، والمشي حافياً يدل على التعب والمشقة، وقيلِ من رأى له أرجلاً كثيرة، فإن كان مسافراً سهل عليه سفره، ونال خيراً. وإن كان فقيراً نال ثروة، وإن كان غنياً مرض. ورؤية الرجلين مخضوبتين منقوشتين، للرجل موت الأهل، والمرأة موت بعلها. ومن رأى كأنّه رفع ساقاً ومد ساقاً فالتفت إحدى ساقيه بالأخرى، فإنّه قرب أجله، ويلقاه أمر صعب. ويدل على أنّ صاحب الرؤيا كذاب. ورؤية الرجل ساق امرأة دليل على التزوج. وكشف المرأة عن ساقها حسن دينها وإصابتها أمراً خيراً مما كانت فيه.
وأما الرماد فمال باطل من قبل السلطان ولا بقاء له وقيل علم لا نفع فيه وقيل من رأى أنه أصاب رمادا أو حمله أو جمعه فإنه يحمل باطلا من الكلام والعلم ولا ينتفع به لقوله تعالى مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد الآية.
وأما العنْق: فموضع الأمانة، وزيادتها زيادة في الدين وأداء الأمانة، ونقصانها نقصان في أداء الأمانة: فإن رأى كأنّ فى عنقه حيه مطوقة، فإنّه لا يزكي ماله، لقوله تعالى: " سَيُطًوّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ " . فإن رأى كأنّ ودجيه انفجرا دماً، فإنّه يموت. فإن رأى الإمام في عنقه غلظاً، فهو قوته في عدله، وقهره لأعدائه، والغلظ في القفا قوة علىِ ما قلّده الله، وحسن القفا يدل على الفرار والهرب. وشعر القفا يدل على أنّ له مالاً وعليه مال. وحلق القفا أداء الأمانة وقضاء الدين. فإن رأى كأنّ لا شعر عليه، دل على إفلاسه. ورأى رجل كأنّ عنقه لا بطويل ولا بقصير، فقص رؤياه على معبر، فقالط: إن كنت سيئ الخلق حسن خلقك، وإن كنت شجاعاً ازدادت شجاعتك، وإن كنت رديء الطبع كرمت.
وأما الظهر: فظهر الرجل وسنده وقيمته وملتجؤه الذي يستظهر به، وموضع قوته. فإن رأى أنّ ظهره منحن، أصابته نائبة، وقيل هو دليل الشيب. ورؤية ظهر الصديق، إعراضه وهجرانه. ورؤية ظهر العدو، الأمن من شره. ورؤية ظهر العجوز، إدباره الدنيا وزوالها. ورؤية ظهر الشابة، تأخير نيل المراد قليلاً. ورؤية ظهر المرأة النصف، دليل على طلب أمر قد تعسر عنه، وتولى عنه ذلك الأمر.
وأما الدم الفاسد: فإنه يدل على المرض في جميع الناس عاماً. فإن كان الدم قليلاً كالنفثة، دل على أهل البيت والقرابة، وعلى نيل الشر ثم يتخلص منه. وقيل أنّ قيء الدم توبة من إثم أو مال حرام، ويؤدي أمانة في عنقه.
وأما البول: فهو في التأويل مال حرام، فمن رأى كأنّه بال في موضع مجهول تزوج في ذلك الموضع امرأة، ويلقي فيها نطفته بمصاهرة أهل الموضع أو جاره، وقيل رأى كأنّه يبول، فإنّه ينفق نفقة تعود إليه، لقوله تعالى: " وَمَا أنْفَقْتم مِنْ شَيءٍ فهوَ يخلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقين " . فإن رأى كأنّه بال في بئر فإنّه ينفق من كسب مال حلال. فإن رأى كأنّه بال على سلعة، فإنّه نجس على تلك السلعة فإن بال في محراب، فإنّه يولد له ولد عالم.
الشمس: في الأصل الملك الأعظم، لأنها أنور ما في السماء من نظرائها، مع كثرة نفعها وتصرف كل الناس في مصالحها، وربما دلت عن ملك المكان الذي يرى الرؤيا فيه، وفوقه أرفع منه تدل السماء عليه، وهو ملك الملوك وأعظم السلاطين، لأن الله سبحانه وتعالى ملك الملوك وجبار الجبابرة ومدير السماء ومن فيها والأرض ومن عليها. وربما دلت الشمس على سلطان صاحب الرؤيا، إذا رآها خاصة دون الجماعة والمجامع، كأميره وعريفه أو أستاذه أو والده، أو زوجها إن كانت امرأة، وربما دلت على المرأة الشريفة كزوجة الملك أو الرئيس أو السيد أو ابنته، أو أمه أو زوجة الرائي، أو أمه أو ابنته، أو جمالها. والشعراء يشبهون جمال العذارى بالشمس في الحسن والجمال. وقد قيل أنها كانت في رؤيا يوسف عليه السلام دالة على أمه، وقيل بل على خالته زوجة أبيه، وقيل بل على جدته، وقيل بل كانت دالة على أبيه والقمر على أمه،كل ذلك جائز في التعبير، فإن دلت الشمس على الوالد فلفضلها على القمر بالضياء والإشراق، وإن دلت على الأم فلتأنيثها وتذكير القمر، فما رؤي في الشمس من حادث، عاد تأويله على من يدل عليه ممن وصفناه على أقدار الناس ومقادير الرؤيا ودلائلها وشواهدها. وإن رؤيت ساقطة إلى الأرض، أو ابتلعها طائر، أو سقطت في البحر أو احترقت بالنار وذهبت عينها، أو اسودت وغابت في غير مجراها من السماء، أو دخلت في بنات نعش، مات المنسوب إليها. وإن رأى بها كسوفاً أو غشاها سحاب و تراكم عليها غبار أو دخان حتى نقص نورها، أو رؤيت تموج في السماء بلا استقرار، كان ذلك دليلاً على حادث يجري على المضاف إليهِا، إما من مرض أو هم أو غم أو كرب أو خبر مقلق، إلا أن يكون من دلت عليه مريضاً في اليقظة، فإن ذلك موته، وإن رآها قد اسودت من غير سبب غشيها ولا كسوف، فإن ذلك دليل على ظلم المضاف وجوره، أو على كفره وضلالته وإن أخذها في كفه أو ملكها في حجره أو نزلت عليه في بيته بنورها وضيائها، تمكن من سلطانه وعز مع ملكه، إن كان ممن يليق به ذلك، أو قدوم رب ذلك المنزلة إن كان غائباً، سواء رأى ذلك ولده أو عبده أو زوجته، لأنه سلطان الجميع وقيم الدار، وإلا ولدت الحامل ان كانت له جارية أو غلاماً يفرق بين الذكر والأنثى بزيادة تلتمس من الرؤيا، مثل أن يأخذها فيسترها تحت ثوبه، أو يدخلها في وعاء من أوعيته، فيشهد بذلك فيها بالإناث المستورات، ويكون من يدل عليه جميلاً مذكوراً بعلم أو سلطان. وإن كانت في هذه الحال مظلمة ذاهبة اللون، غدر بالملك في ملكه، أو في أهله، إن لاق ذلك به وإلا تسور عليه سلطان، أو عداه عليه عامل، أو قدم غائب، أو مات من عنده من المرضى، والحوامل سقط جنينها، أو ولدت ابناً يفرق بين هذه الوجوه، بزيادة الأدلة.
وإن رآها طالعة من المغرب أو عائدة بعد غروبها أو راجعة إلى المكان الذي منه طلوعها، ظهرت آية وعبرة يستدل على ما هيأتها بزيادة أدلتها. وربما دل ذلك على رجوع المنسوب إليها عما أمله من سفر أو عدل أو جور، على قدر منفعة طلوعها ومغيبها، وأوقات ذلك. وربما دل على نكسة المنسوب إليها من المرضى، وربما دل مغيبها من بعد بروزها لمن عنده حمل، على موت الجنين من بعد ظهوره. وربما دل على قدوم الغائب من سفره والأموال العجيبة، وربما دل مغيبها على إعادة المسجون إلى السجن بعد خروجه، وربما دل على من أسلم من كفره، أو تاب من ظلمه على رجوعه إلى ضلالته. وإن رأى ذلك من يعمل أعمالاً خفية صالحة أو رديئة، دل على سترته وإخفاء أحواله، ولم تكشف أستاره لذهاب الشمس عنه، إلا أن يكون ممن أهديت إليه في ليلته زوجة، أو اشترى سرية، قال الزوجة ترجع إلى أهلها، والسرية تعود إلى بائعها. وقد يدل أيضاً طلوعها من بعد مغيبها لمن طلق زوجته على ارتجاعها، ولمن عنده حبلى على خلاصها، ولمن تعذرت عليه معيشته أو صنعته على نفاقها، وخاصة إن كان صلاحها بالشمس كالقصار والغسال وضرائب اللبن وأمثال ذلك، ولمن كان مريضاً على موته، لزوال الظل المشبه بالإنسان مع قوله تعالى: " ثمَّ جَعَلْنا الشّمْسَ عليْهِ دليلاً ثَمّ قبَضْناهُ إليْنا قَبْضَاً يَسيرا " ولمن كان في جهاد أو حرب، على النصر، لأنها عادت ليوشع بن نون عليه السلام في حرب الأعداء له، حتى أظهره الله عليهم، ولمن كان فقيراً في يوم الشتاء، على الكسوة والغنى، وفي يوم الصيف على الغم والمرض والحمى والرمد.
وجلوس الميت في الشمس في الصيف دلالة على ما هو فيه من العذاب والحزن، من أجل مصاحبة السلطان، أو من سبب من نزلت الشمس عليه على قدره وناحيته.
ومن رأى أنه تحول شمساً، أصاب ملكاً عظيماً على قدر شعاعها. ومن أصاب شمساً معلقة بسلسلة، ولي ولاية وعدل فيها. وإن قعد في الشمس وتداوى فيها، نال نعمة من سلطان، ومن رأى أن ضوء الشمس وشعاعها من المشرق إلى المغرب، فإن كان أهلاً للملك نال ملكاً عظيماً، وإلا رزق علماً يذكر به في جميع البلاد، ومن رأى أنه ملك الشمس أو تمكن منها، فإنه يكون مقبول القول عند الملك الأعظم. فمن رآها صافية منيرة قد طلعت عليه، فإن كان والياً نال قوة في ولايته، وإن كان أميراً نال خيراً من الملك الأعظم، وإن كان من الرعية رزق رزقاً حلالاً، وإن كانت امرأة رأت من زوجها ما يسرها. ومن رأى الشمس طلعت في بيته، فإن كان تاجراً ربح في تجارته، وإن كان طالباً للمرأة أصاب امرأة جميلة، وإن رأت ذلك امرأة تزوجت واتسع عليها الرزق من زوجها.
وضوء الشمس هيبة الملك وعدله، ومن كلمته الشمس نال رفعة من قبل السلطان، ومن رأى الشمس طلعت على رأسه دون جسده، فإنه ينال أمراً جسيماً ودنيا شاملة. وإن طلعت على قدميه دون سائر جسده، نال رزقاً حلالاً من قبل الزراعة، فإن طلعت على بطنه تحت ثيابه والناس لا يعلمون، أصابه برص، وكذلك على سائر أعضائه من تحت ثيابه. ومن رأى بطنه انشق وطلعت فيه الشمس، فإنه يموت، فإن رأت امرأة أن الشمس دخلت من جربانها وهو طوقاً ثم خرجت من ذيلها، فإنها تتزوج ملكاً ويقيم معها ليلة، فإن طلت على فرجها، فإنها تزني، وإن رأى أن الشمس غابت كلها وهو خلفها يتبعها، فإنه يموت، فإن رأى أنه يتبع الشمس وهي تسير ولم تغب، فإنه يكون أسيراً مع الملك. فإن رأى الشمس تحولت رجلاً كهلاً، فإن السلطان يتواضع للهّ تعالى ويعدل وينال قوة، وتحسن أحوال المسلمين، فإن تحولت شاباً، فإنه يضعف حال المسلمين ويجور السلطان. فإن رأى ناراً خرجت من الشمس فأحرقت ما حواليها، فإن الملك يهلك أقواماً من حاشيته، فإن رأى الشمس احمرت، فإنه فساد في مملكته. فإن رآها اصفرت، مرض الملك. فإن اسودت يغلب، وتتم عليه آفة. فإن رأى أنها غابت فاته مطلبه.
ومن رأى ادريس يحسن أمره ويكون عاقبته محموده وقيل من رأى ادريس يدل على اجتهاد في العبادة وان يكون فيها بصيرا فإن ادريس كان أعدل أهل زمانه وأعرفهم بالحكمة.
ومن رأى سليمان فإنه يعلو قدره ويصل إلى مرتبة السلطان ان كان ممن يليق به ويزداد ماله ونعمته وقيل نفاذ أمر وحصول خير على كل حال، وقيل من رأى سليمان فإنه يدل على السفر والرجوع عنه عن قريب وربما ينال سلامة لاشتقاق الاسم.
من رأى أنه خرج مع القوم إلى موسم من المواسم فإنه خروج من هم وغم وإن كانوا في حرب وكرب كشف الله عنهم ذلك، وقيل خلاص من أسر أو سجن أو قيل فرح وسرور، وربما دل على راحة وأمن الخاطر وقيل رؤيا الموسم تعبر على ستة أوجه عرس وطهور ووليمة وغزو وأمر مشهور وسفر.
وهو إصابة مال من كثرة انفاقه في غير طاعة الله تعالى لقوله تعالى " يوم يحمي عليها في نار جهنم فتكوى بها " الآية وربما دل على بخل صاحبها وقيل الكي كلام موجع، وربما كان لذوي المناصب ثباتاً في الأمور، وربما دل الكي على التزويج والسفر وللنسوة على الولادة.
وأما الزبرجد فإنه يدل على الخير والسرور والكثير منه منفعة ومال. وقال أبو سعيد الواعظ الزبرجد يدل على الرجل الثابت القوي العالي الهمة الحسيب أو مال حلال طيب.
ومن رأى أنه دخل الجنة فإنه يعمل عملا صالحا يستوجب به الجنة وإن كان خائفا أمن وأن كان مريضا انتقل من الدنيا إليها فإن رأى أنه آتى إليها ليدخل فرد أفاق من مرضه ومن رأى أنه تناول من ثمارها أو أعطاها له غيره وأكل منها فإنه ينتفع بعمل من أعمال البر ومن رأى أنه فيها ولا يدري متى دخلها فإنه لا يزال في الدنيا منعما عزيز ومن رأى من حورها أو ولدانها فإنه من أعمال البر على حال ومن رأى أن بيده مفتاح الجنة فإنه يتوفى على التوحيد
وأما الغسل فمن رأى أنه يغسل ميتا فإنه يتوب على يديه رجل فاسد الدين ومن رأى أنه على مغتسل فإنه يرتفع مرة ويخرج من الهموم ومن رأى ميتا والناس يطلبون له الغسل ولا يجدون فإنه يدل على أن ذلك الميت مرتكب معاصي والناس يدلونه على الخير ولكن لا يؤثر عنده ومن رأى أن ميتا يغسل بما لا يحل به الغسل فإنه رجل فاسد الدين وهو يوعظ بما ليس له معنى ولا فائدة ومن رأى أنه يغسل شيئ من النجاسات فإنه فاسد الدين
أحيانا أري في المنام رؤيا حسنة وأفرح بها ,ولكن لا يكون عندي في اليقظة ما يدل عليها ؟ فعلام يدل ؟
ذكر أهل العلم أنه إذا كان ما يراه الإنسان أحيانا ، لا يجده في اليقظة ، ولا يجد شيئا يدل عليه ، فإنه يدخل في قسم أضغاث الأحلام ، وهذا يرجع غالبا إلى اشتغال الخاطر قبل النوم به ، ثم إذا نام الإنسان قد يرى شيئا يدل عليه ، وهذا لا يضر ولا ينفع (3) .
وأما العين: فدين الرجل وبصيرته التي يبصر بها الهدى والضلالة. فإن رأى في جسده عيوناً كثيرة، دل على زيادة صلاحه ودينه. فإن رأى كأنّ بطنه انشق فرأى في باطنه عيوناَ، فإنّه زنديق، لقوله تعالى: " مَا جَعَلَ الله لِرَجُل منْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ " . فإن رأى كأنّ عينيه عينا إنسان آخر غريب مجهول، دلت رؤياه على ذهاب بصره، ويكون غيره يهديه الطريق. فإن كان الرجل معروفاً فإنّ صاحب الرؤيا يتزوج ابنته وتصيب منه خيراً. فإن رأى كأنّ عينيه ذهبتا، مات أولاده، ومن رأى أنّه أعمى العينين وهو في غربة، دل على امتداد غربته إلى أن يموت. فإن رأى كأنّ عينيه من حديد، ناله همّ شديد يؤدي إلى هتك ستره. فإن رأى أنّه فتح عينيه على رجل، فإنّه ينظر في أمره ويعينه. وإن رأى كأنّه نظر إليه شزراً، فإنّه يحقد عليه، ومن رأى كأنّه يسمع بالعين وينظر بالأذن، فإن يحمل أهله وابنته على ارتكاب المعاصي. ومن رأى على كفه عين رجل أو عين بهيمة، نال مالاً عيّناً. ومن رأى كأنّه نظر إلى عين فأعجبته فاستحسنها، فإنّه يعمل شيئاً يضر بدينه. والعين السوداء الدين. اوالزرقاء البدعة، والشهلاء مخالفة الدين. والخضراء دين يخالف الأديان. فإن رأى لقلبه عيناً أو عيوناً، فهو صلاح في الدين بقدر نورها. فإن رأى أنّه زنى بالعين، فإنّه ينظر إلى النساء. فإن رأى أنّ عينه مسمرة، فإنّه ينظر بريبة إلى امرأة صديقه، وحدة البصر محمودة لجميع الناس، ومن كان له أولاد ورأى هذه الرؤيا، دل على أنّهم يمرضون، لأن الأولاد بمنزلة العينين محبوبتان. ورأى الحجاج بن يوسف كأنّ عينيه سقطتا في حجره، فنعي إليه أخوه محمد وابنه محمد. ورأى بعض اليهود جارية في السماء أو عين جارية، فقص رؤياه على برهمي، فقال تصيب مالاً من التجارة. فإن رآها صانع، أصاب مالاً من صناعته.
وأهداب العينين: في التأويل وقاية للدين. فإنّه أوقى للعينين من الحاجبين. وقيل الصلاح والفساد فيهما راجعان إلى الولد والمال. فإن رأى كأنّ أهداب عينيه كثيرة حسنة، فإنّ دينه حصين. فإن رأى كأنه قعد في ظل أهداب عينيه، فإن كان صاحب دين وعلم، فإنّه يعيش في ظل دينه. وإن كان صاحب دنيا، فإنّه يأخذ أموال الناس ويتوارى، فإن رأى كأنّه ليس لعينيه هدب، فإنّه يضيع شراثع الدين. فإن نتفها إنسان، فإن عدوه ينصحه في دينه. فإن رأى كأنّ أشعاره ابيضّت دل على مرض يصيبه من الرأس أو العينين أو الأذنين أو الضرس.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت كأنّي قابض على لحية عن وقرضتها حتى استأصلتهها. فقال: إنك تأكل ميراث عمك ولا يكون له وارث غيرك فإن تناولت منها شيئاً ورثت بقدر ذلك. ومن رأى أنّ لحيته بيضاء براقة نال عزاً وجاهاً واسماً وذكراً في البلاد، لأنّ لحية إبراهيم عليه السلام كانت بيضاء. فإن رأى أنها شمطاء، فإنّه يصيب جاهاً ووقاراً. فإنّ رأى أنّه أشد سواداً وأحسن مما كانت في اليقظة، وكانت سوداء في اليقظة، فإنّه يصيب هيبة وعزاً وجاهاً وجمالاً. فإن رأى أنه شابت وبقي من سوادها شيء، فإنّه وقار. فإن لم يبق من سوادها شيء، فإنّه يفتقر ويذهب جاهه. وأتى ابن سيرين رجلِ فقال: رأيت أنّ لحيتي بيضاء، وأنّي أخضبها فلا يعلق بها الخضاب، وكان الرجل شاباَ أسود اللحية، فقال: البياض نقص من ملكك وأنت تريد ستره، وقد علم به. قال: صدقت.
والعصب: سيد قومه والمؤلف بين القرابات. والعروق أهل بيته مما ينسب إلى ذلك العضو، وجمالها جمالهم، وفسادها فسادهم، فإن رأى أنّه فصد عرقاً بالعرض، فهو موت قريب من أقربائه بمنزلة ذاك العرق. وربما كان هو نفسه المنقطع عن اقربائه بموت، إذا كانت الرؤيا في تأويلها ما يدلي على مكروه أو معصيه. وإن كان ذلك في مكروه التأويل، فهو فراق ما بينه وبينهم. وربما كان فراق بغير موت.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن بكر بن هارون، عن أبي محمد المرعشي، عن أحمد بن محمد بن الحجاج، قال: تفقهت للشافعي ولمالك ولأحمد بن حنبل رضي الله عنهم، وجميع من يوصل إليه الفقه، فاختلفت على أقاويلهم واختلافاتهم في المسائل، فأحببت أن آخذ بأصح أقوالهم، فسألت الله تعالى أن يريني النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فوقع في روعي أنّك سترى ليلة الجمعة، فلما كان ليلة الجمعة في السحر وأنا قد فرغت من وردي، وقد قعدت على ظهري منتظراً المؤذن، غلبتني عيناي فوقع في روعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قادم علي، فدخل رجل نجراني عليه طيلسان وثياب بيض فسلم وجلس، ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وقبلت بين عينيه ورأيته على النعت الذي كان معي، وعلى الصفة التي كانت معي، ومعه جماعة من أصحابه، فجلس وجلست بين يديه، فسألته من مسائل ثم انتهيت إلى ما كان في نفسي من الفقه، فسألته عن مسألة فقال: إني على ما يقول هذا، وأومأ إلى الداخل قبله. ثم سألته عن أخرى، فقال: على ما يقول هذا ثم سألته على مسائل الاختلاف فكان يومي بيده ويقول على ما يقول هذا فوقع في روعي أنّه أحمد بن حنبل. فقلت يا رسول الله لقد ابتلي فيك. فصبر فقال لي: انظر ما فعل الله به، ثم التفت إليّ فقال: تصلي معنا الغداة، فقلت يا رسول الله ما أحوجني إلى ذلك. فأقيمت الصلاة وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا وهو يقول: سلام عليكم ورحمة الله. فسلمت عن يميني ثم انتبهت وأنا مستقبل القبلة.
وأما الترس فإنه يؤول على وجوه فمن رأى أن بيده ترسا مع سلاح دونه فإنه يدل على من يحرسه ويكون ملجأ له من الآفات ومن رأى أن معه ترسا لا غيره من السلاح فإنه يدل على رجل معتبر يحرس أصدقاءه وأخوانه من أمور مكروهة.
وأما الدف فإنه يؤول على أوجه. قال الكرماني من رأى أنه يضرب بالدف كما ينبغي ضربه عند أربابه بشيار وطرب فإنه يؤول بتزويج امرأة بواسطة إنسان معتبر وتكون المرأة مشتهرة بالاسم الجيد وفعلها بخلاف ذلك.
عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم,أنهم قالوا له: أخبرنا عن نفسك,قال: نعم انا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيشى ورأت أمي
حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام .
وعن أبي أمامة -رضي الله عنه-قال: قلت يا نبي الله ما كان أول بدء أمرك؟ قال: دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسي ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت
منه قصور الشام .
كما قال الهيثمي : إسناده حسن وله شواهد تقوية.
عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (رأيتك في المنام مرتين
أرى رجلا يحملك في سرقة حرير فيقول هذه امرأتك فأكشفها فإذا هي أنت فأقول إن يكن هذا من عند الله يمضه).
وفي رواية قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (أريتك في المنام يجبئ بك الملك في سرقة من حرير فقال لي هذه
امرأتك فكشفت عن وجهك الثوب فإذا أنت هي فقلت إن بك هذا من عند الله يمضه)
وتحققت رؤياه صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي وتزوج بأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وهي أحب زوجاته إليه.
رؤيا الجهاد
حدثنا محمد بن شاذان، قال حدثني محمد بن سليمان، عن الحسن بن علاء عن حسام بن محمد بن مطيع المقدسي، عن سعيد بن منصور، عن ابن جريج، عن عطاء قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت يا رسول الله مسألة، قال هاتها، قلت الجهاد أفضل أم الرباط؟ فقال عليه السلام: الرباط، رباط يوم وليلة، خير من عبادة ألف سنة.
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله.
والصبية في المنام: خصب وفرج، ويسر بعد عسر ينمو ويزيد. والوصيفة، خير محدث فيه ثناء حسن وخيرِ مرجو. ومن رأى كأنّه اشترى غلاماً، أصابه هم. ومن اشترى جارية، أصاب خيراً. وإن رأى العبد غير البالغ كأنه قد أدرك الحلم فإنّه يعتق. فإن رأى كأنّه أدرك وطرح عليه رداء أبيض، فإنّه يتزوج امرأة حرة. وإن رأى كأنّه طرح عليه رداء أسود، فإنّه يتزوج مولاة. ومن رأى كأنّه طرح عليه رداء أرجواني، تزوج بامرأة شريفة الحسب. فإن رأى مثل هذه الرؤيا شاب دلت رؤياه على أنّ ابنه يبلغ. وإن رآها شيخ، دلت رؤِياه على موته. وإن رآها مرتكب لمعصية خفية، فإنّه يفتضح. ومن رأى أنّه أصاب ولداً بالغاً، فهو له عز وقوة، وأمه أولى به في أحكام التأويل من أبيه، وإذا رأت امرأة ذكراً أمرد، فهو خيرِ يأتيها على قدر حسنه أو قبحه. وقيل: من كان له ابن صغير، ورأى أنه قد صار رجلاً، دل على موته. وقيل: من كان من الصبيان قد أدرك ولحق بالرجال، فإنّه يدل على تقوية ومساعدة. ومن الناس من يرى أنّه ولد له غلام وكانت امرأته حبلى، فإنّها تلد جارية. ويرى أنّها ولدت جارية، فتلد غلاماً، وربما اختلفت الطبيعة في ذلك، فيرى أنّه ولد له غلام، فهو غلام، أو يرى أنّه ولد له جارية فهي جارية، فسل عن ذلك الطبائع، فإنّه تخبرك. وقيل الوصيف خير.
وحكي أنّ امرأة بمكة تقرأ القرآن، رأت كأنّ حول الكعبة وصائف بأيديهن الريحان وعليهن معصفرات، وكأنّها قالت سبحان الله هذا حول الكعبة؟ قيل لها: أما علمت أنّ عبد العزيز بن أبي داود تزوج الليلة. فانتبهت، فإذا عبد العزيز بن أبي داود قد مات.
والقلب: شجاعة الرجل، وسماحته وجراءته وجلادته وجوده وسخاؤه وغلظته وصلاحه وفساده راجع إلى البدن، لأنّه ملك البدن، والقائم بتدبيره. وخروج القلب من البطن، حسن الدين والإخلاص، والتفريغ عنه هو الاهتداء إلى الحق وقيل القلب يدل علىِ امرأة صاحب الرؤيا، فإنها هي المدبرة لأموره، فإن رأى كأن قلبه تقطع فإن كان عليلاً برىء وشفي وفرج عن كربه.
وقال أيضاً رؤيا السجود على خمسة أوجه حصول مقصود دولة ونصر وظفر والامتثال لأمر الله لقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم " الآية وقيل ان الصلاة على الميت دعاء مستجاب وقيل شفاعة تقبل.
فصل في رؤيا المصحف الشريف رؤياه تؤول بالعلم والحكمة فمن رأى أنه يقرأ في المصحف أو ينظر فيه يدل على انتشار علمه وحكمته وعدله في الخلق وربما يحصل له ميراث وقيل يرزقه الله حكمة وصلاحا في الدين.
ومن رأى أنه اشترى مصحفا فإنه يتفقه في الدين ومن رأى أنه أحرق مصحفا يدل على فساد دينه وقلة عقله وفساد عقيدته.
فمن رأى أنه تقيأ وكان ذلك سهلا عليه فإنه يدل على التوبة من المعصية والرجوع إلى الله تعالى أو رد الحق إلى أهله وإن عسر عليه ذلك يكون عقوبة والتسهيل خير يناله، وإن رأى ذلك المريض فهو موته، وإن رأت ذلك امرأة حبلى فانها تسقط.
من رأى أن به امتلاء فإنه يؤول على وجهين: لسعة وتغير البدن، وقيل رؤياه للتاجر تدل على صدقه فإن خرج منه شيء بين يدي شاب فإنه يفشي سره لعدوه، وربما يحصل ثم يذهب.
والصياد يؤول برجل يحتال في رزقه بالمكر والخديعة وربما يكون كسبه من النسوة لتغلبه عليهن وصياد الكواسر من الوحوش والطيور يؤول بملك ظالم يقهر الظلمة والأكابر وصياد السمك يؤول بطلب معيشة من جهة النسوة لتمكنه من السمك.
والعض على أوجه فمن رأى أنه عض أحدا بمحبة ومودة فإنه يدل على ازدياد محبته في قلبه وإن عضه بالغضب والحقد فإنه يدل على خطر يناله في مهماته وأشغاله بسبب عضه.
وأما رؤيا ملك مصر فقد ذكرها الله -تعالى- وذكر تأويلها الذي أولها به يوسف-عليه السلام-فقال-تعالى-:
(وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون,
قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين, وقال الذي نجا منهما واذكر بعد أمه أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون, يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان
يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون , قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله ألا قليلا مما تأكلون ,
ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون , ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ) .
سورة يوسف الأيات 43-49.
وقوله -تعالى-: (قالوا أضغاث أحلام)
قال ابن جرير : يعنون أها أخلاط رؤيا كاذبة لا حقيقة لها,وهي جمع ضغث,والضغث أصله الحزمة من الحشيش يشبه بها الأحلام المختلطة التي لا تأويل لها .
وذكر الماوردي والقرطبي عن أبي عبيدة أنه قال : الأضغاث ما لا تأويل له من الرؤيا,وروى ابن جرير أيضا عن قتادة في قولة
(أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف) .
قال :أما السمان فسنون منها مخصبة,وأما السبع العجاف فسنون مجدبة لا تنبت شيئا ,وقوله :
(وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات) .
أما الخضر فهن السنون المخاصيب,وأما اليابسات فهن الجدوب المحول,والعجاف هي المهازيل.
وقوله : (قال تزرعون سبع سنين دأبا)
قال القرطبي : لما أعلمه بالرؤيا جعل يفسرها له فقال : السبع من البقرات السمان والسنبلات الخضر سبع سنين مخصبات,وأما البقرات العجاف والسنبلات
اليابسات فسبع سنين مجدبات فذلك قوله :(تزرعون سبع سنين دأبا).أي متوالية متتابعة .
قال القرطبي : وهذه الأية أصل في صحة رؤيا الكافر وأنها تخرج على حسب ما رأي.
وقوله :(ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون).
قال ابن جرير: هذا خبر من يوسف -عليه السلام-للقوم عما لم يكن في رؤيا ملكهم ولكنه من علم الغيب الذي أتاه الله دلالة على نبوته وحجة على صدقه,
ثم روى عن قتادة أنه قال زاده الله علم سنة لم يسألوه عنها فقال : (ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون).
ويعني بقوله :(فيه يغاث الناس) بالمطر والغيث,وروى أيضا عن ابن جرج قال: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-:(ثم يأتي من بعد ذلك عام)
قال أخبرهم بشئ لم يسألوه عنه وكان الله قد علمه إياه عام فيه يغاث الناس بالمطر.وذكر القرطبي عن قتادة أنه قال: زاده الله علم سنة لم يسألوه عنها إظهار لفضله,
وإعلاما لمكانه من العلم وبمعرفته.
ومن أحلام الملوك أيضا رؤيا ابن بختنصر.وقد ذكرها ابن جرير في تفسيره في خبر طويل رواه عن سعيد بن جبير وفيه أن ابن بختنصر
رأي كفا خرجت بين لوحين ثم كتبت سطرين فدعا الكهان والعلماء فلم يجدوا لهم في ذلك علما فقالت له أمه: إنك لو أعدت إلى دانيال
منزلته التي كانت له من أبينك أخبرك,وكان قد جفاه فدعاه فقال: إني معيد إليك منزلتك من أبي فأخبرني ماهذان السطران؟ فقال:
أما تعيد إلي منزلتي من أبيك فلا حاجة لي بها,وأما هذان السطران فإنك تقتل الليلة,فأخرج من في القصر أجمعين وأمر بقفله فأقفلت
الأبواب عليه وأدخل معه امن أهل القرية في نفسه معه سيف فقال: من جاءك من خلف الله فاقتله وإن قال أنا فلان,وبعث الله عليه
البطن فجعل يمشي حتى كان شطر الليل فرقد ورقد صاحبه ثم نبهه البطن فذهب يمشي والأخر نائم فرجع فاستيقظ به فقال له :
انا فلان فضربه بالسيف فقتله .
عن ابي بكر بن عبد الله بن أبي الجهم عن أبيه عن جده قال: سمعت أبا طالب يحدث عن عبد المطلب قال: بينما أنا نائم في الحجر إذ رأيت رؤيا هالتني ففزعت
منها فزعا شديدا فأتيت كاهنة قريش على مطرف خز وجمتي تضرب منكبي فلما نظرت إلى عرفت في وجهي التغير وأنا يومئذ سيد قومي,فقالت: مابال سيدنا قد
أتانا متغير اللون هل رأيت من حدثان الدهر شيئا؟ فقلت: بلى,وكان لا يكلمها أحد من الناس حتى يقبل يدها اليمنى ثم يضع يده على أم رأسها ثم يذكر حاجته ولم أفعل
لأني كنت كبير قومي,فجلست فقلت: إني رأيت الليلة وأنا نائم في الحجر كأن شجرة نبتت قد نال رأسها السماء وضربت بأغصانها المشرق والمغرب وما رأيت
نورا أزهر منها أعظم من نور الشمس سبعين ضعفا ورأيت العرب والعجم ساجدين لها وهي تزداد كل ساعة عظما ونورا وارتفاعا,ساعة تخفى وساعة تزهر ورأيت
رهطا من قريش قد تعلقوا بأغصانها ورأيت قوما من قريش يريدون قطعها فإذا دنوا منها أخرهم شاب لم أر قط أحسن منه وجها ولا أطيب منه ريحا فيكسر أضلعهم ويقلع
أعينهم فرفعت يدي لأتناول منها نصيبا فمنعني الشاب فقلت: لمن النصيب؟ فقال:
النصيب لهؤلاء الذين تعلقوا بها وسبقوك إليها,فانتبهت مذعورا فزعا,فرأيت وجه الكاهنتة قد تغير ثم قالت: لئن صدقت رؤياك ليخرجن من صلبك رجل يملك
المشرق والمغرب ويدين له الناس,ثم قال لأبي طالب: لعلك تكون هذا المولود قال: فكان أبو طالب يحدث بهذا الحديث والنبي صلى الله عليه وسلم,قد خرج ويقول
(كانت الشجرة) والله أعلم أبا القاسم الأمين,فيقال له: ألا تؤمن به؟ فيقول: (السبة والعار).
63 - عن عمران بن عبدالله قال : رأي الحسن بن علي - رضي الله عنهما - فيما يري النائم بين عينيه مكتوباً: (قل هو الله أحد) - سورة الأخلاص، الآية :2).
فقصها على سعيد بن المسيب فقال : إن صدقت رؤياك فقد حصر أجلك، قال: فُسمً في تلك السنة ومات - رحمة الله عليه
وأما العاتق: فصديق أو شريك أو أجير وكتفه امرأة، ومنكبه زينته وجماله وطيشه، فما رأى بهما من حال أو حدث، فهو بهؤلاء. وقيل إذا كانت العواتق غلاظاً حسنة اللحم، دل على رجولة وقوة في الأعمال، ويدل في المحبوسين على طول اللبث في الحبس، حتى يمكنهم أن يحملوا ثقل قيودهم. فإن رأى كأنّ في عاتقيه عله، فإنّه يدل على مرض الإخوة أو موتهم، لأنّ العاتقين إخوان. ورأى رجل كأنّه يريد أن يرى أحد كتفيه فلا يقدر على ذلك، فعرض له أنه انعور، ذلك بالواجب، لأنّه لم يقدر أن يرى الكتف في جانب العين العوراء.
وأما اليد اليمنى فسبب لمعاش الرجل وماله وإحسانه، وطول اليد في التأويل للوالي ظفر، وللتاجر ربح، وللسوقي حذق. وقيل إنّ طول يدي الإمام وقوتهما يدل على قوة أعوانه وزيادة عمره، ورؤيته عظمهما زيادة في ماله. فإن رأى كأنّهما تحولتا رخاماً، طال عمره في سرور. وقيل صحة اليدين في التأويل وحسنهما يدل على حسن الأخذ والإعطاء، وقيل اليمنى تدل على الأقرباء من الرجال، واليسرى تذل على النساء منهما، فإن رأى كأنّه فقد إحدى يديه، فإنّ ذلك يدل على فقد بعض أقربائه بغيبة أو موت. فإن رأى كأنّه أدخل يده تحت إبطه فأخرجها ولها نور، فإنّه ينال علماً إن كان من أهله، أو ربحاً إن كان تاجراً. وإن خرجت ولها نار. فإنّه ينال قوة وغلبة وعزاً في أمره الذي يتعاطاه وإن أخرجها ولها ماء، فإنّه مال.
وأما اليد الزائدة: مع اليدين، فإنّها زيادة دولة وقوة، وتدل على ولد أو قدوم غائب، أو يولد له أخ. فإن رأى كأنّه أعسر، فإنّه يعسر عليه أمره. فإن رأى أنّه يعمل بيده اليسيرى على جهد منه، نال حاجته أخيراً. وبسط اليدين يدل على السخاء، فإن رأى كأنه يمشي على يديه فإنه يعتمد في أمره على بعض أقربائه، فإن رأى كأنه يبصر بيديه كما يبصر بعينيه، فإنّه يكثر ملامسة من يحرم عليه. ومن رأى كأنّ يده اليمنى كلمته كلاماً حسناً، فإنّ معيشته تحسن. فإن رأى كأن الشمال كلمته بالخير، شكرته أقاربه، وإن كلمتاه أو إحداهما بالتوبيخ، دل ذلك على سوء فعله.فإن رأى كأنّ يمينه من ذهب، مات شريكه أو امرأته. ومن ريئت يده تحولت يد سلطانه فإنّه ينال سلطاناً، وجري على يديه ما جري على يد ذلك السلطان، من عدل أو جور. فإن رأى كأنّ له جناحين، ولد له ابنان.
ومن رأى داود فإنه يحصل له ضرر وضيق صدر من جهة العيال، وقيل من رأى داود يكون خليفة في أهله وربما ينال خير أو حكماً وملكاً، وربما يبتلى بسبب امرأة، وربما كان عنده شيء مدخر فأثر فيه السوس فليفقده.
وأما الركاب فإنه يؤول على أوجه إذا كان منفصلا عن السرج يؤول بالولد وإذا كان متصلا بالسرج فإنه ولد معتمد في جميع الأشغال وأمين لا يخون أمانته وقال الكرماني من رأى أن ركابه منقوش فيكون ولده متكبرا معجبا بنفسه وإن كان مطليا فيكون ولده مغترا بمال الدنيا وإن كان من شبة أو نحاس فيكون ولده قصير الهمة قليل الفهم وإن كان من حديد يكون ولده قويا شديد البأس.
61 - عن عمرو بن حبيب بن قليع قال : كنت جالساً عند سعيد بن المسيب يوماً وقد ضاقت عليَ الأشياء ورهقتي دين فجلست إلى ابن المسيب ما أدري أين أذهب فجاءه رجل فقال : يا أبا محمد إني رأيت رؤيا، قال: ما هي؟ قال: رأيت كاني أخذت عبد الملك بن مروان فأضجعته إلي الأرض ثم بطحته فأوتدت في ظهره أرعة اوتاد، قال: ما أنت رأيتها،قال:بلى أنا رأيتها، قال: لا أخبرك أو تخبرني، قال: ابن الزبير رآها وهو بعثني إليك، قال: لئن صدقت رؤياه قتله عبد الملك ابن مروان وخرج من صلب عبد الملك أربعة كلهم يكون خليفة، قال: فرحلت إلى عبد الملك بالشام فأخبرته بذلك عن سعيد بن المسيب فسره وسألني عن سعيد وعن حاله فأخبرته وأمر لي بقضاء دين وأصبت منه خيراً. وتحقق ما رآه فقد أرسل عبدالملك بن مروان الحجاج بن يوسف الثقفي وقتل بن الزبير وصلبه ثم تولي الحكم بعد الحكم عبدالملك بن مروان أربعة من أبنائه.