ومن رأى الكعبة فربما يرى الخليفة أو السلطان ومن راى أن داره الكعبة فهو لا يزال مع الخليفة ومن رأى أن الكعبة في داره فهو لا يزال ذا سلطان وصيت في الناس وإن لم يكن أهلا فإنه ينكح امرأة شريفة ومن رآها انهدمت أو سقط منها حائط دل على موت الإمام الأعظم وإن رآها ولم يعمل فيها شيئا من المناسك فإنه يقصد الخليفة وينال منه شيئاوإن رآها وأدى المناسك دل على أنه يؤدي ما عليه من الدين ومن رأى أنه مستقبل الكعبة شاخص إليها فهو يقبل على صلاح دينه ودنياه أو يخدم سلطانا وإن رآها مريض فإنه يعافى ويستجاب دعاؤه ومن رأى أنه طاف بالكعبة فإنه أمان
ومن رأى أن له فرجا مثل فرج المرأة فإنه يدل على المذلة وإن رأت المرأة أن لها فرجين فربما تؤتي في القبل والدبر وإن رأت أنه ينزل من فرجها ماء فهو حصول ولد وقطع الفرج ليس بمحمود وقيل ظفر على الأعداء وإن رأت أنه يخرج من فرجها ما يكره نوعه فهو ولد لا خير فيه وإن كان نوعه محبوبا فهو ولد صالح ومن رأى أنه ينظر إلى فرج امرأته فإنه يخرج من شدة وخروج من ضيق إلى سعة ومن رأى على فرج امرأة معروفة حيوانا يلعقه أو يمصه أو يحوم حوله فإنه يدل على أنها فاسقة لا خير فيها وإن كانت مجهولة فليس بمحمود للرائي
ومن رأى أن له صقرا مطواعا فإنه يصيب سلطانا ويكون ظلوما غشوما ومن رأى أنه اصطاد صقرا غير مطواع فإنه يصيب غلاما لا يبلغ مبلغ الرجال ومن رأى أنه أصاب بازا مطواعا فإنه يصيب سلطانا ويكون ظلوما غشوما وإن كانت له امرأة حبلى ولدت غلاما وإن رأى أنه ذهب عنه الباز ذهب عنه سلطانه
رؤيا جويرية بنت الحارث
أن رسول الله - صلي الله علية وسلم - سيتزوجها
59 - عن حزام بن هشام عن أبيه قال: قالت جويرية بنت الحارث -رضي الله عنها - : رأيت قبل قدوم النبي - صلي الله علية وسلم - بثلاث ليال كأن القمر أقبل يسير من يثرب حتي وقع في حجري فكرهت أن أخبر بها أحداً من الناس حتي قدم رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فلما سبينا رجوت الرؤيا فلما أعتقني وتزوجني والله ما كلمته في قومي حتي كان المسلمون هم الذين أرسلوهم وما شعرب إلا بجارية من بنات عمي تخبرتي الخبر فحمدت الله - عز وجل - (2).
وقال أبو سعيد الواعظ رؤيا الجبهة والوجه جميعا تدل على ثلاثة أوجه مال وعز وامرأة حسنة وجاه وقاصد الإنسان، والصدغان ابنتان شريفتان مباركتان فمهما رأى في ذلك فهو منسوب لهما وقاله الكرماني أيضاً ووافقه السالمي.
ومن رأى أنه أعطي سوطا فإنه يصيب سلطانا ومن راى أن سوطه انقطع أو انتزع منه فإنه يذهب سلطانه ومن رأى أنه ضرب أحدا بعصا فإنه يبسط عليه لسانه ومن رأى أنه ضرب حجرا بعصا فانفجر منه الماء فإن كان فقيرا استغنى أو غنيا ازداد غنى وربما كان رزقا هنيا ومن رأى أنه اعتمد على عصا فإنه يعتمد على رجل شريف وربما كانت العصا رجلا خبيث الدين
ومن رأى أنه اصطاد عصفورا فإنه يظفر برجل عظيم القدر ويستمكن منه وإن رأى أنه ذبحه فإنه يظفر بما أراد من ذلك الرجل ومن رأى أنه ينتف من ريشه ويأكل من لحمه فإنه يصيبه من ماله وإن كان العصفور أنثى فهي امرأة كذلك وإن رأى أنه ذبح عصفورة فإنه يفتض جارية وقد يكون العصفور ولدا فمن رأى أنه أصاب فرخ عصفور فإنه يولد له غلام يبلغ مبلغ الرجال الضخام ومن رأى أنه يعبث بالعصافير أو بفراخها أو يذبحها من أقفيتها فإنه يعبث بالصبيان وقد تكون العصافير مالا وفراخها أولادا فمن رأى أنه أصاب عصافير كثيرة فإنه يصيب رياسة ومالا وإن رأى أنه أصاب فراخ العصافير فإنه يصيب أولادا كثيرين
والجواب على هذا: أن أهل التعبير قد اتفقوا على جواز رؤية الله تعالى في المنام وصحتها, بخلاف رؤية النبي صلي الله علية وسلم .
قال ابن الباقلاني :
رؤية الله تعالى في المنام خواطر في القلب وهي دلالات للرائي على أمور مما كان او يكون كسائر المر ئيات , والله اعلم (1).
س : ما اداب الرؤيا الصالحة ؟ وما مثالها ؟
ج : ذكر العلماء ادابا يعملها من رآى رؤية صالحة وهي:
1 أن يحمد الله عليها .
2 • آن يستبشر بها.
3 • آن يتحدث بها لكن لمن يحب دون من يكره.
قال صلي الله علية وسلم : اذا رأى احدكم رؤيا يحبها فانما هي من الله , فليحمد الله عليها وليحدث بها. ."(2) .
ومن اقسام الرؤيا الصحيحة الالهام كما سبق وهو مايلقية الله في قلب العبد وهو كلام يكلم به الرب عبده في المنام، كما قاله عبادة بن الصامت وغيره، ومنها: التقاء روح النائم بأرواح الموتى من أهله وأقاربه وأصحابه , وسأتحدث عنه لاحقأ بمزيد من التفعيل ان شاء الله. ومنها: عروج روحه الى الله سبحانه وخطابها له. ومنها: دخول روحه الجنة ومشاهاتها وغير ذلك(3).
____________________
(1) ابن حجر – مرجع سابق – (38812)
(2) رواة البخاري كما في الفتح – المرجع السابق – (36912)
(3) ابن القيم – الروح – مرجع سابق – ص 63
ومن رأى أنه عقد له لواء فإن كان أهلا له فقد رأى خيرا وإن لم يكن أهلا فإنه له شهرة ومن رأى بيده لواء فهو فلاح يعقده وقيل من رأى بيده رمحا فيه لواء مات سريعا أو مات له ولد وإن رأى اللواء في دار مات فيها رجل
وأما الطير فمن رأى أنه أصاب نسرا أو ملكه وكان له مطواعا فإنه يصيب مالا عظيما ويستمكن من سلطان أو ذي سلطان ومن رأى أنه أصاب من لحم النسر ومن ريشه فإنه يصيب مالا من سلطان وشرفا ورفعة ومن رأى أنه يركب على ظهر نسر فإنه يظفر بسلطان قوي ومن رأى أنه احتمله فطار به حتى بلغ السماء أو دونها فإنه يسافر سفرا بعيدا في سلطان ويعلو ذكره فإن رأى أنه لم يرجع من السماء إلى الأرض فإنه لا يتم له أمره ويزول عنه سلطانه وماله
ومن رأى أنه أصاب غرابا وأمسكه بيده فإنه في غرور من أمره وباطل مما يطلبه ومن رأى غرابا في دار أو محلة فإن في ذلك الموضع إنسانا فاسقا ومن رأى غرابا يقع بين يديه فإنه يصيبه قرة عين وإن رآه يبحث في الأرض فإنه موت القريب وقيل من رأى غرابا يبحث في الأرض بين يديه فإنه يفعل شيئا يندم عليه أو يظهر له أمر قد التبس عليه
وأما السرطان فهو إنسان عظيم النسب بعيد الهمة عسر الأخلاق فمن رأى أنه أصاب سرطانا أو ملكه أو اتخذه فإنه يظفر برجل كذلك ومن رأى أنه يأكل من لحم سرطان فإنه يصيب مالا وخيرا من مكان بعيد وأما دواب البحر فهم رجال على قدر أخطارها ومنافعها وعداوتها للإنسان فمن رأى أنه أصاب دابة من دواب البحر فإنه يصيب رجلا يكون في الرجال على قدر تلك الدابة في الدواب
عن ابي بكر بن عبد الله بن أبي الجهم عن أبيه عن جده قال: سمعت أبا طالب يحدث عن عبد المطلب قال: بينما أنا نائم في الحجر إذ رأيت رؤيا هالتني ففزعت
منها فزعا شديدا فأتيت كاهنة قريش على مطرف خز وجمتي تضرب منكبي فلما نظرت إلى عرفت في وجهي التغير وأنا يومئذ سيد قومي,فقالت: مابال سيدنا قد
أتانا متغير اللون هل رأيت من حدثان الدهر شيئا؟ فقلت: بلى,وكان لا يكلمها أحد من الناس حتى يقبل يدها اليمنى ثم يضع يده على أم رأسها ثم يذكر حاجته ولم أفعل
لأني كنت كبير قومي,فجلست فقلت: إني رأيت الليلة وأنا نائم في الحجر كأن شجرة نبتت قد نال رأسها السماء وضربت بأغصانها المشرق والمغرب وما رأيت
نورا أزهر منها أعظم من نور الشمس سبعين ضعفا ورأيت العرب والعجم ساجدين لها وهي تزداد كل ساعة عظما ونورا وارتفاعا,ساعة تخفى وساعة تزهر ورأيت
رهطا من قريش قد تعلقوا بأغصانها ورأيت قوما من قريش يريدون قطعها فإذا دنوا منها أخرهم شاب لم أر قط أحسن منه وجها ولا أطيب منه ريحا فيكسر أضلعهم ويقلع
أعينهم فرفعت يدي لأتناول منها نصيبا فمنعني الشاب فقلت: لمن النصيب؟ فقال:
النصيب لهؤلاء الذين تعلقوا بها وسبقوك إليها,فانتبهت مذعورا فزعا,فرأيت وجه الكاهنتة قد تغير ثم قالت: لئن صدقت رؤياك ليخرجن من صلبك رجل يملك
المشرق والمغرب ويدين له الناس,ثم قال لأبي طالب: لعلك تكون هذا المولود قال: فكان أبو طالب يحدث بهذا الحديث والنبي صلى الله عليه وسلم,قد خرج ويقول
(كانت الشجرة) والله أعلم أبا القاسم الأمين,فيقال له: ألا تؤمن به؟ فيقول: (السبة والعار).
فإن رأى للرجل سوأة كسوأة المرأة، فإنّه يصيبه ذل وخضوع. فإن رأى أنه ينكح في ذلك الفرج، فإنّ الفاعل به يظفر بحاجته منه أو من سميه، إن لم يكن لذلك موضعاً. وقيل أنّ استحالة فرج المرأة ذكراً، دليل علىِ بذاءة لسانها وتسلطها على زوجها بالكلام. ومن رأى أنّه يمتص فرج امرأة، نال فرجاً ضعيفاً قليلاً. ومن نظر إلى فرج امرأة أو غيرها نظر شهوة أو مسه، فإنه يتجر تجارة مكروهة.
النصل: في النشابة رسالة في بأس وقوة. والنصل من رصاص رسالة في وهن. ومن صفر متاع الدنيا، ومن ذهب رسالة من كراهية. وإن كانت نشابته بغير نصل، فإنّه يريد رسالة إلى امرأة ولا يصيب رسولاً، فإن كانت بلا فواق، فإنّ الرسول غير حازم. واضطراب السهم خوف الرسول على نفسه. فإن رأى أنّه رمى سهماً فأصاب، فإنّه إن رجا ولداً، كان ذكراً.
الشمس: في الأصل الملك الأعظم، لأنها أنور ما في السماء من نظرائها، مع كثرة نفعها وتصرف كل الناس في مصالحها، وربما دلت عن ملك المكان الذي يرى الرؤيا فيه، وفوقه أرفع منه تدل السماء عليه، وهو ملك الملوك وأعظم السلاطين، لأن الله سبحانه وتعالى ملك الملوك وجبار الجبابرة ومدير السماء ومن فيها والأرض ومن عليها. وربما دلت الشمس على سلطان صاحب الرؤيا، إذا رآها خاصة دون الجماعة والمجامع، كأميره وعريفه أو أستاذه أو والده، أو زوجها إن كانت امرأة، وربما دلت على المرأة الشريفة كزوجة الملك أو الرئيس أو السيد أو ابنته، أو أمه أو زوجة الرائي، أو أمه أو ابنته، أو جمالها. والشعراء يشبهون جمال العذارى بالشمس في الحسن والجمال. وقد قيل أنها كانت في رؤيا يوسف عليه السلام دالة على أمه، وقيل بل على خالته زوجة أبيه، وقيل بل على جدته، وقيل بل كانت دالة على أبيه والقمر على أمه،كل ذلك جائز في التعبير، فإن دلت الشمس على الوالد فلفضلها على القمر بالضياء والإشراق، وإن دلت على الأم فلتأنيثها وتذكير القمر، فما رؤي في الشمس من حادث، عاد تأويله على من يدل عليه ممن وصفناه على أقدار الناس ومقادير الرؤيا ودلائلها وشواهدها. وإن رؤيت ساقطة إلى الأرض، أو ابتلعها طائر، أو سقطت في البحر أو احترقت بالنار وذهبت عينها، أو اسودت وغابت في غير مجراها من السماء، أو دخلت في بنات نعش، مات المنسوب إليها. وإن رأى بها كسوفاً أو غشاها سحاب و تراكم عليها غبار أو دخان حتى نقص نورها، أو رؤيت تموج في السماء بلا استقرار، كان ذلك دليلاً على حادث يجري على المضاف إليهِا، إما من مرض أو هم أو غم أو كرب أو خبر مقلق، إلا أن يكون من دلت عليه مريضاً في اليقظة، فإن ذلك موته، وإن رآها قد اسودت من غير سبب غشيها ولا كسوف، فإن ذلك دليل على ظلم المضاف وجوره، أو على كفره وضلالته وإن أخذها في كفه أو ملكها في حجره أو نزلت عليه في بيته بنورها وضيائها، تمكن من سلطانه وعز مع ملكه، إن كان ممن يليق به ذلك، أو قدوم رب ذلك المنزلة إن كان غائباً، سواء رأى ذلك ولده أو عبده أو زوجته، لأنه سلطان الجميع وقيم الدار، وإلا ولدت الحامل ان كانت له جارية أو غلاماً يفرق بين الذكر والأنثى بزيادة تلتمس من الرؤيا، مثل أن يأخذها فيسترها تحت ثوبه، أو يدخلها في وعاء من أوعيته، فيشهد بذلك فيها بالإناث المستورات، ويكون من يدل عليه جميلاً مذكوراً بعلم أو سلطان. وإن كانت في هذه الحال مظلمة ذاهبة اللون، غدر بالملك في ملكه، أو في أهله، إن لاق ذلك به وإلا تسور عليه سلطان، أو عداه عليه عامل، أو قدم غائب، أو مات من عنده من المرضى، والحوامل سقط جنينها، أو ولدت ابناً يفرق بين هذه الوجوه، بزيادة الأدلة.
وإن رآها طالعة من المغرب أو عائدة بعد غروبها أو راجعة إلى المكان الذي منه طلوعها، ظهرت آية وعبرة يستدل على ما هيأتها بزيادة أدلتها. وربما دل ذلك على رجوع المنسوب إليها عما أمله من سفر أو عدل أو جور، على قدر منفعة طلوعها ومغيبها، وأوقات ذلك. وربما دل على نكسة المنسوب إليها من المرضى، وربما دل مغيبها من بعد بروزها لمن عنده حمل، على موت الجنين من بعد ظهوره. وربما دل على قدوم الغائب من سفره والأموال العجيبة، وربما دل مغيبها على إعادة المسجون إلى السجن بعد خروجه، وربما دل على من أسلم من كفره، أو تاب من ظلمه على رجوعه إلى ضلالته. وإن رأى ذلك من يعمل أعمالاً خفية صالحة أو رديئة، دل على سترته وإخفاء أحواله، ولم تكشف أستاره لذهاب الشمس عنه، إلا أن يكون ممن أهديت إليه في ليلته زوجة، أو اشترى سرية، قال الزوجة ترجع إلى أهلها، والسرية تعود إلى بائعها. وقد يدل أيضاً طلوعها من بعد مغيبها لمن طلق زوجته على ارتجاعها، ولمن عنده حبلى على خلاصها، ولمن تعذرت عليه معيشته أو صنعته على نفاقها، وخاصة إن كان صلاحها بالشمس كالقصار والغسال وضرائب اللبن وأمثال ذلك، ولمن كان مريضاً على موته، لزوال الظل المشبه بالإنسان مع قوله تعالى: " ثمَّ جَعَلْنا الشّمْسَ عليْهِ دليلاً ثَمّ قبَضْناهُ إليْنا قَبْضَاً يَسيرا " ولمن كان في جهاد أو حرب، على النصر، لأنها عادت ليوشع بن نون عليه السلام في حرب الأعداء له، حتى أظهره الله عليهم، ولمن كان فقيراً في يوم الشتاء، على الكسوة والغنى، وفي يوم الصيف على الغم والمرض والحمى والرمد.
وجلوس الميت في الشمس في الصيف دلالة على ما هو فيه من العذاب والحزن، من أجل مصاحبة السلطان، أو من سبب من نزلت الشمس عليه على قدره وناحيته.
ومن رأى أنه تحول شمساً، أصاب ملكاً عظيماً على قدر شعاعها. ومن أصاب شمساً معلقة بسلسلة، ولي ولاية وعدل فيها. وإن قعد في الشمس وتداوى فيها، نال نعمة من سلطان، ومن رأى أن ضوء الشمس وشعاعها من المشرق إلى المغرب، فإن كان أهلاً للملك نال ملكاً عظيماً، وإلا رزق علماً يذكر به في جميع البلاد، ومن رأى أنه ملك الشمس أو تمكن منها، فإنه يكون مقبول القول عند الملك الأعظم. فمن رآها صافية منيرة قد طلعت عليه، فإن كان والياً نال قوة في ولايته، وإن كان أميراً نال خيراً من الملك الأعظم، وإن كان من الرعية رزق رزقاً حلالاً، وإن كانت امرأة رأت من زوجها ما يسرها. ومن رأى الشمس طلعت في بيته، فإن كان تاجراً ربح في تجارته، وإن كان طالباً للمرأة أصاب امرأة جميلة، وإن رأت ذلك امرأة تزوجت واتسع عليها الرزق من زوجها.
وضوء الشمس هيبة الملك وعدله، ومن كلمته الشمس نال رفعة من قبل السلطان، ومن رأى الشمس طلعت على رأسه دون جسده، فإنه ينال أمراً جسيماً ودنيا شاملة. وإن طلعت على قدميه دون سائر جسده، نال رزقاً حلالاً من قبل الزراعة، فإن طلعت على بطنه تحت ثيابه والناس لا يعلمون، أصابه برص، وكذلك على سائر أعضائه من تحت ثيابه. ومن رأى بطنه انشق وطلعت فيه الشمس، فإنه يموت، فإن رأت امرأة أن الشمس دخلت من جربانها وهو طوقاً ثم خرجت من ذيلها، فإنها تتزوج ملكاً ويقيم معها ليلة، فإن طلت على فرجها، فإنها تزني، وإن رأى أن الشمس غابت كلها وهو خلفها يتبعها، فإنه يموت، فإن رأى أنه يتبع الشمس وهي تسير ولم تغب، فإنه يكون أسيراً مع الملك. فإن رأى الشمس تحولت رجلاً كهلاً، فإن السلطان يتواضع للهّ تعالى ويعدل وينال قوة، وتحسن أحوال المسلمين، فإن تحولت شاباً، فإنه يضعف حال المسلمين ويجور السلطان. فإن رأى ناراً خرجت من الشمس فأحرقت ما حواليها، فإن الملك يهلك أقواماً من حاشيته، فإن رأى الشمس احمرت، فإنه فساد في مملكته. فإن رآها اصفرت، مرض الملك. فإن اسودت يغلب، وتتم عليه آفة. فإن رأى أنها غابت فاته مطلبه.
وأما الرماد فمال باطل من قبل السلطان ولا بقاء له وقيل علم لا نفع فيه وقيل من رأى أنه أصاب رمادا أو حمله أو جمعه فإنه يحمل باطلا من الكلام والعلم ولا ينتفع به لقوله تعالى مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد الآية.
عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (رأيتك في المنام مرتين
أرى رجلا يحملك في سرقة حرير فيقول هذه امرأتك فأكشفها فإذا هي أنت فأقول إن يكن هذا من عند الله يمضه).
وفي رواية قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (أريتك في المنام يجبئ بك الملك في سرقة من حرير فقال لي هذه
امرأتك فكشفت عن وجهك الثوب فإذا أنت هي فقلت إن بك هذا من عند الله يمضه)
وتحققت رؤياه صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي وتزوج بأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وهي أحب زوجاته إليه.
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين: (قد رأيت دار هجرتكم أريت سبخة ذات نخل
بين لابتين وهما حرتان).
فخرج من كان مهاجرا قبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض
الحبشة من المسلمين .
ومن المنامات التي راها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يؤولها وأولها الصحابي بالخلافة ما جاء في حديث الأسود بن هلال عن رجل من قومه أنه كان يقول في
خلافة عمر بن الخطاب: لايموت عثمان بن عفان حتى يستخلف قلنا: من أين تعلم ذلك؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
(رأيت الليلة في المنام كأن ثلاثة من أصحابي وزنوا فوزن أبو بكر فوزن ثم وزن عمر فوزن قم وزن عثمان فنقص وهو صالح).
عنوان البخاري في صحيحة : باب : الرؤيا من الله , وهكذا معناة مطلقا وورد في الحديث : "
الرؤيا الصادقة من الله والحلم من الشيطان " وظاهر هذا القول : أن التي تضاف الي الله لا يقال لها حلم والتي تضاف الي الشيطان لا يُقال لها رؤيا ، وهو تصرف شرعي يقوم علي التفاؤل والا فالكل يسمي رؤيا ، وقد جاء في حديث اخر (الرُّؤْيَا ثَلاَثَةٌ)
ثم ذكر الحديث وفية أطلق علي كل نوع اسم رؤيا , ويؤيد التفاؤل قولة صلي الله علية وسلم " الرؤيا الحسنة من الله " وفي رواية : " الرؤية الصالحة " فسماها حسنة
والرجل: قوام الرجل وماله ومعيشته التي عليها اعتماده، وربما كانت الساق عمر صاحبها. فإن رأى أنّ ساقه من حديد، طال عمره وبقي ماله. وإن رأى أنّ ساقه من قوارير، لم يلبث أن يموت ويذهب ماله، وقوامه، لأنّ القوارير لا بقاء لها. فإن رأى. رجله قطعت، ذهب نصف ماله. فإن قطعتا جميعاً ذهب ماله وقواه، أو مات كل ما بانت منه. وقيل الرجلان الأبوان، والمشي حافياً يدل على التعب والمشقة، وقيلِ من رأى له أرجلاً كثيرة، فإن كان مسافراً سهل عليه سفره، ونال خيراً. وإن كان فقيراً نال ثروة، وإن كان غنياً مرض. ورؤية الرجلين مخضوبتين منقوشتين، للرجل موت الأهل، والمرأة موت بعلها. ومن رأى كأنّه رفع ساقاً ومد ساقاً فالتفت إحدى ساقيه بالأخرى، فإنّه قرب أجله، ويلقاه أمر صعب. ويدل على أنّ صاحب الرؤيا كذاب. ورؤية الرجل ساق امرأة دليل على التزوج. وكشف المرأة عن ساقها حسن دينها وإصابتها أمراً خيراً مما كانت فيه.
والبصاق: فهو مال الرجل وقدرته. فمن رأى أنّه يبصق، فإنّه يقذف إنساناً. فإن كان مع البصاق دم، فهوكسب من حرام. فإن بصق على حائط فإنّه ينفق ماله في جهاد، أو يشغل ماله في تجارة. فإن بصق على الأرض، اشترى ضيعة أو أرضاً.فإن بصق على شجرة، نكث عهداً أوحنث في يمين. فإن بصق على إنسان، فإنه يقذفه.
والبصاق الحار، دليل طول العمر. وأما البارد فدليل الموت.
كبد الشاة: مال مدفون يصيبه من أصاب منها شيئاً أو أكلها نيئاً أو مشوياً أو مطبوخاً. وكذلك الأكباد من كل الحيوان مال مدفون، إلا أن أفضلها وأكثرها كبد الإنسان.
ومن رأى أنه يخطب على المنبر وهو أهل لذلك فإنه ينال رفعة وسلطانا في الدين وإن لم يكن أهلا فإنه يصيبه بعض بلاء الدنيا ومن رأى أنه لم يتم خطبته وهو ذو منصب فإن الأمر الذي يطلبه متعذر عليه وربما يعزل عن منصبه ومن رأى أن الخطيب عزل عن خطابته وبدل بغيره أو حدث له حادث فيعتبر ذلك في ملك ذلك المكان ومن رأى أنه يعظ الناس فإنه يتولى أمرا يحكم فيه إن كان أهلا وقيل إنه يدعو قوما إلى الحق وسبيل الرشاد وإن رأى أنه يتم وعظه فإن حاجته تتعذر عليه ولا يتم له أمر هو طالبه ومن رأى أنه يتكلم بكلام يخالف الشريعة فإنه يشتهر بالفضائح فليستغفر الله ومن رأى مجلسا يحتوي على جماعة من العلماء وهو جالس بصدر المكان وليس هو أهلا لذلك فسبيلى ببلية يذكرها الناس ويقبل قولهم فيه وإن كان أهلا فهو زيادة علم ورفعة فإن كان المجلس انعقد بسبب محاكمة أو زواج فهو دليل على الدخول في أمر مهول وعاقبته إلى خير وإن كان بسبب تدريس أو حديث أو فقه أو ما أشبه ذلك فهو حصول خير وبركة وقيل رحمة من الله تعالى وربما دل ما أشبه ذلك على أمانة
ومن رأى أنه يملك فيلا ويصرفه حيث يشاء فإنه ينال سلطانا أعجميا ومن رأى أن قوما يركبون فيلا أو يضربونه فإن كانوا في حرب فإنهم مغلوبون وربما دل ركوبه على ظلم وكذب وربما يصيب امرأة أعجمية إذا لم يركبه على هيئة الركوب ولا في أرض حرب ومن رأى أنه قتل فيلا فإنه يقهر رجلا ضخما أو يستمكن من امرأة أعجمية إذا كان في الرؤيا دليل على ذلك ومن رأى أنه يأكل من لحم فيل فإنه يصيب مالا من سلطان أو من رجل مسلط بقدر ذلك
ومن رأى أنه ملك عقابا مطواعا فإنه يصيب سلطانا أو يسافر سفرا بعيدا ومن رأى أن عقابا ضربه بمخالبه أو بغيرها فإنه يناله مكروه في سلطانه بقدر ذلك ومن رأى أن عقابا انقض عليه من السماء فإنه يموت سريعا ومن رأى أنه ملك حدأة وهو يطيعه ويصيد له فإنه يصيب سلطانا ورفعة ومالا كثيرا وإن رأى أن الحدأة ذهب منه بعدما ملكه فإن ابنه يموت ولا يبلغ مبلغ الرجال
وأما رؤية الحيتان ودواب الماء فمن رأى أنه اصطاد سمكا أو نحوه طريا فإنه يصيب مالا وغنيمة وخيرا على قدرها في الكثرة والكبر وإن كانت حيتانا صغارا فإنها هموم وأحزان تصيبه في طلب رزقه وإن كانت كبارا وصغارا فإنها بمنزلة الكبار ومن رأى أنه اصطاد حوتا طريا من ماء صاف فأكل منه فإنه يصيب قرة عين وإن كان الماء كدرا أصابه هم وحزن وإن اصطاد صغارا مما يكره الناس فإنه يقع بينه وبين أصهاره خصومة شديدة وصيد سمك كبار من نهر عميق خير ما يكون لصاحبه ومن رأى أنه أصاب سمكة أو سمكتين فإنه يصيب امرأة أو امرأتين ومن رأى أنه أصاب حوتا مالحا فإنه يصيبه هم من قبل الملوك ولا خير في الحوت المالح ومن رأى أنه طلب حوتا في حوض أو بركة فانفلت منه فليبادر غريمه فإنه يريد أنه يجحد ماله ومن رأى حوتا كبيرا فاغرا فاه فإنه سجن له ومن رأى أنه أصاب في بطن سمكة لؤلؤة أو لؤلؤتين أو أكثر فإنه يصيب من امرأة يتخذها غلاما أو غلامين أو أكثر على قدر اللآلئ وإن أصاب في بطنها خاتما فإنه دولة وعز لصاحب الرؤيا ومن رأى سمكة خرجت من إحليله فإنه يولد له جارية
عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم,أنهم قالوا له: أخبرنا عن نفسك,قال: نعم انا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيشى ورأت أمي
حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام .
وعن أبي أمامة -رضي الله عنه-قال: قلت يا نبي الله ما كان أول بدء أمرك؟ قال: دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسي ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت
منه قصور الشام .
كما قال الهيثمي : إسناده حسن وله شواهد تقوية.
عن مخزوم بن هاني المخزومي عن أبيه-وأتت عليه مائة وخمسون سنة-قال: لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم
ارتجس إيوان كسري وسقطت منه أربع عشرة شرفة وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام,وغاضت بحيرة ساوة,ورأي الموبذان
إبلا صعابا تقود خيلا عرابا وقد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها,فلما أصبح كسري أفزعه ما رأي فصبر تشجعا,ثم رأي أن لا يكتم
ذلك عن وزرائه ومرازبته فلبس تاجه وقعد على سريره وجمعهم إليه فلما اجتمعوا إليه أخبرهم بالذي بعث إليهم فيه ودعاهم,فبينما هم
كذلك إذ ورد عليه كتاب بخمود النار فازداد عما إلى غمه,فقال الموبذان: وأنا أصلح الله الملك,قد رأيت في هذه الليلة-وقص عليه الرؤيا
في الأبل-فقال: أي شئ يكون هذا ياموبذانوكان اعلمهم عند نفسه بذلك-فقال: حادث يكون من عند العرب,فكتب عند ذلك:
من كسري ملك الملوك إلى النعمان بن المنذر,أما بعد فوجه إلى رجلا عالما بما أربد أن اسأله عنه,فوجه إليه عبد المسيح بن عمرو
بن حيان بن بقيلة الغساني فلما قدم عليه قال له: أعندك علم بما أريد أن أسألك عنه؟قال: ليخبرني الملك فإن كان عندي منه علم
وإلا أخبرته بمن يعلمه له.
فأخبره بما رأي, فقال: علم ذلك عن خال لي يسكن مشارف الشام يقال له سطيح,قال: فأته فاسأله عما سألتك عنه وأتني بجوابه,
فركب عبد المسيح راحلته حتى قدم على سطيح وقد أشرف على الموت فسلم عليه وحياه فلم يحر سطيح جوايا فأنشأ عبد المسيح يقول
أصم أم يسمع غطريف اليمن
وذكر سبعة أبيات من الشعر .
فلما سمع سطيح شعره رفع رأسه وقال: عبد المسيح على جمل يسيح إلى سطيح وقد أوفى على الضريح بعثك ملك بني ساسان لارتجاس
الأيوان وخمود النيران ورؤيا الموبذان رأي إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها يا عبدالمسيح إذا كثرت التلاوة
وبعث صاحب الهراوة وفاض وادي السهاوة وغاضت بحيرة ساوة وخمدت نار فارس فليست الشام لسطيح شاما يملك منهم ملوك وملكات
على عدد الشرفات وكل ما هو ات ات ثم قضى سطيح مكانه فقام عبد المسيح إلى رحلة وهو يقول-وذكر له سبعة أبيات من الشعر
فلما قدم عبد المسيح على كسري أخبرة بقول سطيح فقال إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكا كانت أمور وأمور فملك منهم عشرة في
أربع سنين والباقون إلى خلافة عثمان بن عفان -رضي الله عنه-
ومن الرؤيا التي وقعت ما أمر به عبد المطلب بن هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم من حفر زمزم بعدما اندرس موضعها وعفى أثرها
قال ابن إسحاق حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري عن مرثد بن عبد الله اليزني عن عبد الله بن زرير الغافقي أنه سمع على بن أبي طالب
-رضى الله عنه- يحدث حديث زمزم حين أمر عبد المطلب بحفرها فقال عبد المطلب إني لنائم في الحجر إذ أتاني ات فقال:
احفر طيبة قال: قلت وما طيبة؟ قال: ثم ذهب عني فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجائني فقال: احفر برة,
قال: فقلت: وما برة,قال: ثم ذهب عني .
فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال: احفر المضنونة,قال: فقلت: وما المضنونة؟ قال: ثم ذهب عني.
فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال: احفر زمزم,قال:قلت: وما زمزم؟ قال: لا تنزف أبدا ولا تذم,تسقى الحجيج
الأعظم,وهي بين الفرث والدم,عند نقرة الغراب الأعصم,عند قرية النمل.
قال ابن إسحاق: فلما بين له شانها ودل على موضعها وعرف أنه قد صدق غدا بمعولة ومعه ابنه الحارث بن عبد المطلب ليس له
يومئذ ولد غيره فحفر فلما بدا لعبد المطلب الطي كبير فعرفت قريش أنه قدر أدرك حاجته فقاموا إليه فقالوا: يا عبد المطلب إنها بئر
أبينا إسماعيل وإن لنا فيها حقا فأشر كنا معك فيها,قال: ما أنا بفاعل إن هذا الأمر قد خصصت به دونكم وأعطيته من بينكم,
فقالوا له فأنصفنا فإنا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها,قال: فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه,قالوا: كاهنة بني سعد بن هذيم ؟
قال: نعم,قال: وكانت بأشراف الشام فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني أبيه من بني عبد مناف وركب من كل قبيلة من قريش نفر
قال: والأرض إذ ذاك مفاوز,قال:فخرجوا حتى إذا كانوا ببعض تلك المقاوز بين الحجاز والشام فني ماء عبد المطلب وأصحابه فظمئوا
حتى أيقنوا بالهلكة فاستقوا من معهم من قبائل قريش فأبوا عليهم وقالوا: إنا بمفازة ونحن نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم,فلما
رأي عبد المطلب ما صنع القوم وما يتخوف على نفسه وأصحابه قال: ماذا ترون؟ قالوا: ما رأينا إلا تبع لرأيك فمرنا بما شئت,
قال: فإني أري أن يحفر كل رجل منكم حفرته لنفسه لما بكم الأن من القوة فكلما مات رجل دفعه أصحابه في حفرته ثم واروه حتى يكون
أخركم رجلا واحدا,فضيعة رجل واحد أسير من ضيعة ركب جميعا.
قالوا: نعم ما أمرت به.
فقام كل واحد منهم فحفر حفرته ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشا.
ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه: والله إن إلقاءنا بأيدينا فكذا للموت لا نضرب في الأرض ولا نبتغي لأنفسنا لعجز فعسى الله أن يرزقنا
ماء ببعض البلاد ارتحلوا فارتحلوا حتى إذا فرغوا ومن معهم من قبائل قريش ينظرون إليهم ما هم فاعلون تقدم عبد المطلب إلى راحلته
فركبها فلما أنبعثت به انفجرت من تخت خفها عين ماء عذب فكبر عبد المطلب وكبر أصحابه ثم نزل فشرب وشرب أصحابه واستقوا
حتى ملئوا أسقيتهم ثم دعا القبائل من قريش فقال: هلم إلى الماء فقد سقانا الله فاشربوا واستقوا فجاءوا فشربوا واستقوا ثم قالوا:
قد والله قضى لك علينا يا عبد المطلب والله لا نخاصمك في زمزم أبدا .
إن الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم فأرجع إلى سقايتك راشدا,فرجع ورجعوا معه ولم يصلوا إلى الكاهنة وخلوا
بينه وبينهم.
قال ابن إسحاق: فهذا الذي بلغني من حديث علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-في زمزم .
وفي رواية للبيهقي بسياق غير السياق الذي تقدم ذكره وقال فيه: فحفر حتى أنيط الماء فخرقها في القرار ثم تبحرها حتى لا تنزف
ثم بنى عليها حوضا فطفق هو وابنه بنتزعان فيملأن ذلك الحوض فيشرب منه الحاج فيكسره أناس حدة من قريش بالليل فيصلحه عبد المطلب
حين يصبح,فلما أكثروا إفساده دعا عبد المطلب ربه فأرى في المنام فقيل له: قل: اللهم إني لا أحلها لمغتسل ولكن هي لشارب
حل وبل,ثم كفيتهم,فقام عبد المطلب حين أختلفت قريش في المسجد فنادى بالذي أرى ثم أصرف فلم يكن يفسد حوضه عليه أحد
من قريش إلا رمي في جسده بداء حتى تركوا حوضه وسقايته .
أما رؤيا الطفل فإن كان هذا الطفل ممن يَقُصُّ رؤياه ويذكرها فتصح رؤياه وتُعْبر، وأما إن كان لا يُبِن وليس يُجيد قَصَّ رؤياه فلا اعتبار لها فالمرجع في هذا لبراعة هذا الطفل في صياغة رؤياه، ويوسف عليه الصلاة والسلام كان ابن سبع سنين حين رأى رؤياه، وقد صحت، وهنا شيء مهم وهو أنَّ الطفل في الغالب لا يعرف الكذب وهذا يقوي من درجة رؤياه والسماع من الصغير جائز.
وقد عنون البخاري في صحيحه باب متى يصح سماع الصغير.
وذكر فيه ابن حجر قوله: مقصود الباب الاستدلال على أن البلوغ ليس شرطاً في التحمّل بدليل أن محمود بن الربيع وهو أحد صغار الصحابة
قال: ( عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجّةً مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو )
رواه الإمام البخاري في كتاب العلم باب متى يصح سماع الصغير كما في الفتح (1/172)
فهو نقل لنا سُنَّة مقصوده وفي المجة التي مجّها الرسول صلى الله عليه وسلم في وجهه ، فإن جاز تحمل الطفل للعلم كما في هذا الحديث فيجوز له تحمل قصّ الرؤيا شريطة أن يكون ذا فهم للخطاب وقادر على قص رؤياه، وقد وجِدَ الكثير من الأطفال الذين رأوا رؤىً وعبرت قديماً وحديثاً.
ورؤيا الحائض والجنب
تصح كذلك ولا يمنع منها حيضٌ أو جنابة، لأنَّ الكافر تصح رؤياه ، بدليل رؤيا المَلِك وقد عبرها يوسف وهو كافر، ونجاسة الحيض والجنابة أقلّ من نجاسة الكافر.
سؤال / لماذا يكثر عند البعض رؤية الأحلام المفزعة ، لا الرؤى المفرحة والمبشرة ، وهل لهذا تفسير علمي ؟
بين يدي هذا السؤال أجد أني بحاجة لأن ألفت النظر إلى بعض النقاط المهمة :
1) أن الحلم من الشيطان حقيقة لا مجازا ، وهذا الرأي قاله أكثر من إمام وصرح به ، ومنهم الإمام محمد السفاريني في شرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد ، وهو فعل للشيطان ، كأفعاله الأخرى ، من مثل :
الوسوسة ، والإغواء ، والعقد على قافية النائم ، والبكاء عند سجود ابن آدم ، والفرار عند النداء للصلاة ، ولا تنس هنا أن الشيطان يجري مجرى الدم من الإنسان ، وانظر لكي تتأكد من هذا إلى وجه الغضبان كيف يتغير ويحمر !!!
2) ورد في الصحيـح عن أبى هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
[ يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد ، يضرب على مكان كل عقدة عليك ليل
طويل فارقد . فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة ، فإن توضأ انحلت عقدة ، فإن صلى انحلت عقدة ،
فأصبح نشيطا طيب النفس ، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان] .
وقد عنون البخاري رحمه الله بقوله : باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصل من الليل ، والمراد بها صلاة العشاء ، كما قاله ابن حجر في شرحه على الفتح .
فانظر يا رعاك الله إلى الصلاة كيف تحمي صاحبها ، وهي بمثابة خط الدفاع الأول ـ أي العشاء ـ ضد الشيطان الرجيم ووسوسته وكيده ، ثم تأمل معي قوله تعالى :
[ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ] الإسراء : 65.
وقوله تعالى : [ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ] الحجر : 42.
فمن تخلى عن هذه الأعمال من الذكر والصلاة والأوراد فقد أسقط حصونه باختياره ، ورضي باجتياح
عدوه ، ولذا فعليكم بقراءة الأوراد ومن أهمها آية الكرسي ؛ فقد ثبت أنها تحفظ قارئها حتى يصبح ،
وعليكم ملازمة الطاعة ، لكي تكونوا في مأمن من الشيطان الرجيم في يقظتكم ، وفي نومكم ، والله أعلم .
56 - عن محمد بن إسحاق قال : حدثني محمد بن مسلم الزهري وعاصم ابن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير وغيرهم من علمائنا عن ابن عباي - رضي الله عنهما - كل قد حدثني بعض هذا الحديث فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث بدر، قالوا : لماسمع رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بأبي سفيان مقبلاً من الشام ندب المسلمين إليهم وقال : هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله - صلي الله علية وسلم - يلقي حرباً ، وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتحسس الأخبار ويسأل من لقي من الركبان تخوفاً علي امر الناس حتي أصاب خبراً من بعض الركبان أن محمداً قد أستنفر أصحابه لك ولعيرك فحذر عند ذلك فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه إلى مكة وأمره أن يأتي قريشاً فيستنفرهم إلي أموالهم ويخبرهم أن محمداً قد عرض لها في أصحبه فخرج ضمضم بن عمرو سريعاً إلي مكه.
قال ابن إسحاق : فأخبرني من لا أتهم عن عكرمة عن ابن عباس ، ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قالا : وقد رأت عاتكة بنت المطلب قلا قدوم ضمضم مكة بثلاث ليال رؤيا أفزعتني وتخوفت ان يدخل علي قومك منها شر ومصيبة فاكتم عني ما أحدثك به ، فقال لها : وما رأيت؟ قالت : رأيت راكباً أقبل علي بعير له حتي وقف بالأطبح ثم صرح بأعلي صوته : ألا انفروا يا آل غُدر لمصارعكم في ثلاث فأرى الناس اجتمعوا إليه ثم دخل المسجد والناس يتبعونه فبينما هم حوله مثل به بعيره علي ظهر الكعبة ثم صرخ بمثلها ، ألا انفروا يا آل غُدر لمصارعكم في ثلاث ، ثم مثل بعيره علي رأس أبي قبيس فصرخ بمثلها ثم أخذ صخرة فأرسلها فأقبلت تهوي حتي إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت فما بقي بيت من بيوت مكة ولا دار إلا دخلتها منها فلقة . قال العباس: والله إن هذه لرؤيا وأنت فاكتميها ولا تذكريها لأحد. ثم خرج العباس فلقي الوليد بن عتبة بن ربيعة وكان له صديقاً فذكرها له وإسكتمته إياها فذكرها الوليد لأبيه عتبه ففشا الحديث بمكة حتي تحدثت به قريش.
قال العباس : فغدوت لأطوف بالبيت ، وأبو جهل بن هشام في رهط من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة ، فلما رآني أبو جهل قال : يا أبا الفضل إذا فرغت من طوافك فأقبل إلينا فلما فرغت أقبلت حتي جلست معهم فقال لي أبو جهل : يا بني عبد المطلب متي حدثت فيكم هذه النبية؟ قال : وما ذاك؟ قال : تلك الرؤيا التي رأت عاتكة ، قال : فقلت : وما رأت؟ يا بني عبد المطلب أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتي تتنبأ نسائكم وقد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال، انفروا في ثلاث فسنتربص بكم هذه الثلاث فإن يك حقاً ما تقول فسيكون وإن تمض الثلاث ولم يكن من ذلك شيء نكتب عليكم كتاباً أنكم أكذب أهل بيت العرب، قال العباس: فوالله ما كان مني إليه كبير شيء إلا أني جحدت ذلك وانككرت أن تكون رأت شيئاً، قال: ثم تفرقنا فلما أمسيت لم تبق أمرأة من بني عبد المطلب إلا أتتني فقالت: أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم ثم قد تناول النساء وأنت تسمع ثم لم يكن عندك عير لشيء مما سمعت، قال: قلت: قد والله فعلت ما كان مني إليه من كبير وأيم الله لأتعرضن له فإن عاد لأكفيكنه، قال: فغدوت في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة وأناا حديد مغضب أرس أني ثد فاتني منه أمر أحب أن أدركه منه، قال: فدخلت المسجد فرأيته فوالله إني لأمشي نحوه أتعرضه ليعود لبعض ما نحو باب المسجد يشتد, قال: فقلت في نفسي: ما له لعنه الله، أكل هذا فرق مني أن أشاتمه، قال: وإذا هو قد سمع ما لم أسمع، صوت ضمضم بن عمرو الغفاري وهو يصرخ ببطن الوادي واقفاً علي بعيره قد جدع بعيره وحول رحله وشق قميصه وهو يقول: يا معشر قريش، اللطيمة اللطيمة، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابة لا أري أن تدركوها، الغوث الغوث، قال: فشغلني عنه وغلع عني ما جاء من الأمر (1).
*وفي رواية: فشغلني عنه ما جاء من الأمر فلم يكن إلا الجهاز حتي خرجنا فأصاب قريشاً ما أصابها يوم بدر من قتل أشرافهم وأسر خيارهم. فقالت عاتكة بنت عبد المطلب فيما رأت وما قالت قريش في ذلك :
ألم تكن الرؤيا بحق وجاءكم بتصديقها فلً من القوم هارب
فقلتم ولم أكذب كذبت وإنما يكذبنا بالصدق من هو كاذب
أن رسول الله - صلي الله علية وسلم - سيتزوجها
58 - عن ابن عباس قال : كانت سودة بنت زمعة عند السكران بن عمرو أخي سهيل بن عمرو فرأت في المنام كأن النبي - صلي الله عليه وسلم - أقبل يمشي حتي وطىء علي عنقها فأخبرت زوجها بذلك فقال : وأبيك لئن صدقت رؤياك لأموتن وليتزوجنك رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فقالت: حجراً وستراً قال هشام : الحجر تنفي عن نفسها ذاك، ثم رأت في المنام ليلة أخري أن قمراً انقض عليها من السماء وهي مضطجعة فأخبرت زوجها فقال: وأبيك لئن صدقت رؤياك لم ألبث إلا يسيراً حتي أموت وتزوجين من بعدي فاشتكي السكرات من يومه ذلك فلم يلبث إلا قليلاً حتي مات وتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
والكليتان: موضع الغنى والصواب والبيان والخطأ، فإن راهما شحيمتين، فإنه رجل غني صاحب نطق وصواب. وهزالهما فقر، وخطأ رأيه. وقيل الكلى القرابات وصلاحهما وفسادهما يرجعان إلى ذلك.
قال السالمي: رؤية الكرسي خير على كل حال ما لم يكن فيه ما ينكر في الشريعة، فإن كان فيه ما ينكر فليس بجيد في حق الرائي إما في الدين أو في أمر يطلبه من أمور الدنيا.
ومن رأى الملائكة تنزل في مكان دل على حصول عز ونصر لأهله وقيل تدل على وقوع مطر نافع ويسر وزوال عسر ورؤية المريض للملك موته ولغيره نصر ومن رأى أنه يطير مع الملائكة يستشهد ومن رأى أنه يجامع ملكا فإن وجد لذة أصاب مالا والأدل على موته ومن رأى أحدا من الملائكة على هيئة إنسان حسن الملبس والمنظر فإنه سرور وخير وإن رآه بضد ذلك كان بضد ذلك ومن رأى أحدا من الملائكة الروحانيين والكرام الكاتبين فإنه يرزق شهادة إن شاء الله تعالى ومن رأى جبريل عليه السلام فإنه يسافر في طلب العلم ويدرس أمنية وإن تكررت رؤياه ظفر على الأعداء وربما أمر بمعروف ونهى عن منكر ومن رأى ميكائيل نال مناه في الدارين ومن رأى إسرافيل حصل له خير وسفر فيه منفعة وإن سمعه ينفخ في الصور مات قريبا فإن ظن أن الناس يسمعونه حصل الوباء ورؤيته نجاة لأهل الخير وبلاء لغيرهم ومن رأى ملك الموت فليستعد للموت وإن كان هناك عليل دل على موته وربما دل ذلك على عدو قاصد بسوء وإن رآه في موضع ليس فيه عليل دل على خلائه وفقر أهله وافتراقهم ومن رأى أنه يقبله فإنه يصيب ميراثا
أما الخيل فمن رأى أنه على فرس وعليه سرجه ولجامه وهو يسير عليه رويدا فإنه يصيب سلطانا وشرفا بقدر تمكنه من الفرس فإن كان الفرس أدهم فهو فرج من هم وفرح يصيبه من سلطان وقيل السواد سؤدد وإن كان أشقر فهو هم وحزن في الدين وإن كان أصفر فهو مرض يصيبه في سلطان وإن كان أبلق فهو شهرة يشتهر بها ومن رأى أنه يركب فرسا وفي سرجه أو لجامه أو ركابه نقص فهو نقصان من سلطانه وشرفه ومن رأى أن له فرسا مربوطا فإنه يصيب بعض عز وشرف ومن رأى أن له خيلا مربوطة فإنه يقهر عدوه ومن رأى أنه يركب فرسا بلا لجام فلا خير فيه في الدين والدنيا ومن رأى أن الفرس يجري فإن ذلك شرف له ومن رأى أنه سقط عن فرس أو غيره ونزل عنه فإن منزلته تتضع وتنحط وربما يكون نزوله إذا أضمر العود إليه أنه ينفق ماله ومن رأى أنه نزل عن فرسه وركب غيره فإنه تحويل من حال إلى حال ومن رأى أنه يأكل لحم فرس فإنه يصيب اسما صالحا وذكرا في الناس ومن رأى خيلا مسرجة بلا ركاب فهن نساء يجتمعن لمأتم أو عرس ومن رأى أنه رديف رجل معروف على فرس فإنه يتوصل بذلك الرجل إلى ما يطلبه من أمر دين أو دنيا وإن كان الرجل مجهولا فإنه عدو على كل حال
وأما البقر فمن رأى أنه يركب ثورا أو ملكه وعليه أداته فإنه يصيب عملا من سلطان ومالا كثيرا وأفضل الثيران للركوب ما كان أسود فإن كان أصفر أو أحمر وليس عليه أداة المركوب فإنه مرض لراكبه ولا خير فيه ومن رأى أن له ثورا نطحه وأزاله عن موضعه فإنه يعزل عن عمله وإن لم يزله عن موضعه فإنه يناله مكروه ولا يعزل ومن رأى أن جماعة من الثيران أو البقر مجهولة لا أرباب لها أقبلت أو أدبرت أو دخلت موضعها أو خرجت منه فإن كانت ألوانها صفرا فإن ذلك أمراضا تقع في ذلك الموضع ذلك الموضع وإن كانت ألوانها مختلفة فإنه سنون مخصبة بقدر السمان منها والمهازيل فإن البقرات السمان سنون مخاصيب والمهازيل سنون مجاديب ومن رأى أنه يملك بقرة برسنها فإنه يتزوج امرأة ذات خلق ودين ومن رأى أنه راكب بقرة فإن امرأته تموت ويرثها وقيل إنه يتزوج أو يتسرى أو يلحقه من الغنى أو الفقر بقدر سمنها أو عجفها ومن رأى أنه يأكل لحم البقر أو يشرب من لبنها فإنه يصيب زيادة في سلطانه وماله وفطرة في الدين وإن كان مريضا شفاه الله ومن رأى أنه يأكل شحم بقرة يصيب خصبا ونعمة حسناء ومن رأى أنه يأكل سمن البقر فإنه زيادة في ماله وهو أفضل من سمن الغنم
وأما الكلب فهو عدو ضعيف دنيء فمن رأى أنه ينبح عليه كلب فإنه يسمع من إنسان صغير المودة ما يكرهه ومن رأى أن كلبا مزق ثيابه فإنه يمزق عرضه أو يغرق ماله أو يناله مكروه بقدر مبلغ التمزيق ومن رأى أن كلبا تناوله أو عضه فإنه ما يناله من ذلك فوق الكلام وإن رأى أنه يقتل كلبا فإنه يظفر بعدوه ومن رأى أنه اشترى كلبا أو وهب له فإن بعض أهله يخالفه إلى بعض نفقته ثم يرده ومن رأى كلبا أو غيره من الحيوان على سريره أو على مائدته أو يبول في كنيفه أو في موضع ينكر فإن رجلا دنيئا يخالفه إلى أهله ومن رأى كلبا مزق عضوا منه أو نحوه فإنه رجل فاسق يفسق بولده وابنته أو غلامه
وأما القرد فهو عدو ملعون قد تغيرت نعمة الله عليه فمن رأى أنه راكب قرد يصرفه كيف يشاء فإنه يقهر عدو كذلك ومن رأى أنه أكل من لحمه أصابه هم شديد أو مرض يشرف منه على الموت ومن رأى أنه يقاتل قردا وكان القرد هو المغلوب فإنه يصيبه داء ويبرأ منه وإن كان هو المغلوب فإنه يصيبه داء لا دواء له أو عيب لا يذهب منه أبدا ومن رأى أن له قردا فإنه خائن فيما أئتمن ومن رأى أن على كتفه قردا يحمله فإنه يخرج من بيته قردة يشتهر بها
ومن المرائي الواقعة رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه أن الوجع الذي أصابه كان بسبب السحر فعن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي من يهود بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم
قالت: حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه يفعل الشئ وما يفعله حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا
رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دعاء ثم دعا ثم قال: (ياعائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه جاءني رجلان فقعد
أحدهما عند رأسي والأخر عند رجلي فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي أو الذي عند رجل للذي عند رأسي: ماوجع الرجل؟
قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم قال: في أي شئ؟ قال: في مشط ومشاطة قال: وجب طلعة ذكر قال: فأين هو
قال: في بئر ذي أروان قالت: فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه ثم قال: (يا عائشة والله لكأن ماءها
نقاعة الحناء ولكأن نخلها رؤوس الشياطين) .
قالت: فقلت: يارسول الله أفلا أحرقته؟ قال: (لا أما أنا فقد عافاني الله وكرهت أن أثير على الناس شرا فأمرت بها فدفنت).
وعن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لبث رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر يرى أنه
يأتي ولا يأتي فأتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه والأخر عند رجليه فقال أحدهما: ماباله؟ قال: مطبوب قال: من طبه؟
قال: لبيد بن الأعصم قال: فيم؟ قال: في مشط ومشاطة في جف طلعة ذكر في بئر ذروان تحت رعوفة فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم
من نومه فقال: (أي عائشة ألم ترين أن الله أفتاني فيما أستفتيته) فأتي البئر فأمر به فأخرج فقال: (هذه البئر التي أريتها
والله كأن ماءها نقاعة الحناء وكأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين)
فقالت عائشة: لو أنك كأنما تعني أن ينتشر قال: (أما والله قد عافاني الله وأنا أكره أن أثير على الناس منه شرا
عن ابن شهاب قال: رأي النبي صلى الله عليه وسلم رؤيا فقصها على أبي بكر فقال: (يا أبا بكر رأيت كأني استبقت أنا وأنت درجة فسبقتك بمرقاتين ونصف)
قال خير يارسول الله يبقيك الله حتى ترى ما يسرك ويقر عينك قال: فأعاد عليه مثل ذلك ثلاث مرات وأعاد عليه مثل ذلك قال: فقال له في الثالثة:
(يا أبا بكر رأيت كأني استبقت أنا وأنت درجة فسبقتك بمرقاتين ونصف)
قال: يارسول الله يقبضك الله إلى رحمته ومغفرته وأعيش بعدك سنتين ونصفا .
رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم وابن عباس وأم سلمة -رضي الله عنهم- في قتل الحسين بن علي -رضي الله عنهما- فأما رؤيا
النبي صلى الله عليه وسلم لذلك فهي عن أم سلمة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أضطجع ذات ليلة للنوم
فأستيقظ وهو حائر ثم اضطجع فرقد ثم استيقظ وهو حائر دون ما رأيت به المرة الأولى ثم اضطجع فاستيقظ وفي يده تربه حمراء
يقبلها فقلت: ما هذه التربة يارسول الله؟ قال: (أخبرني جبريل أن هذا يقتل بأرض العراق للحسين فقلت لجبريل: أرني تربة الأرض
التي يقتل بها فهذه تربتها) .
وفي رواية عن الطبري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطجع ذات يوم فاستيقظ وهو خائر النفس وفي يد تربه حمراء يقبلها
فقلت: ما هذه التربة يارسول الله؟ فقال: (أخبرني جبريل عليه السلام أن هذا يقتل بأرض العراق للحسين فقلت لجبريل: أرني
تربة الأرض التي يقتل بها فهذه تربتها) .
عن أبن عباس -رضي الله عنهما- قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام بنصف النهار أشتعث أغبر معه قارورة فيها دم
يلتقطه أو يتتبع فيها شيئا قال: قلت: يارسول الله ماهذا؟ قال: (دم الحسين وأصحابه لم أزل أتتبعه منذ اليوم) .
قال عمار أحد رواة الحديث: فحفظنا ذلك اليوم فوجدناه قتل ذلك اليوم .
رؤيا الطفيل بن سخبرة
عن طفيل بن سخبرة أخي عائشة لأمها أنه رأي فيها يرى النائم كأنه مر برهط من اليهود فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن اليهود
قال: إنكم أنتم القوم لولا أنكم تزعمون أن عزيرا ابن الله فقالت اليهود: وأنتم القوم لولا أنكم تقولون ماشاء الله وشاء محمد
ثم مر برهط من النصارى فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن النصارى فقال: إنكم أنتم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله قالوا:
وإنكم أنتم القوم لولا أنكم تقولون ماشاء الله وماشاء محمد قلما أصبح أخبر بها من اخبر ثم أتي النبي صلى الله عليه وسلم
فأخبره فقال: (هل أخبرت بها أحدا)؟ قال: نعم فلما صلوا خطبهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (إن طفيلا رأى رؤيا فأخبر
بها من أخبر منك وإنكم كنتم تقولون كلمة كان يمنعني الحياء منكم أن أنهاكم عنها قال: لاتقولوا ماشاء الله وماشاء محمد
كبد
إذا حلمت بكبد مضطرب الوظائف فإن هذا يدل على أن قرينتك ستكون نكدة الطباع وسوف يملأ البحث عن الهفوات وقتها وسيملأ الانزعاج ساعاتك.
إذا حلمت بأكل كبد فإن هذا يشير إلى أن شخصاً مخادعاً قد نصب نفسه في عاطفة حبيبتك.
وإذا رأى يده قصرت عما يريد من العمل بها والبطش أو يبست، فإن تأويلها في ذات اليد والمقدرة لا ينال ما يريد، ويخذله من يستعين به. ولو رأى في يده فضل قوة وانبساط في بطش، فإنَّ تأويله في ذات يده ومقدرته على ما يريد، ومعونة من يستعين به، وفيها وجه آخر، أنَّ طولها وقصرها وقوتها وضعفها هو صنيعة من صنائع صاحبها، إلى من تصير إليه اليد، ويد من الأيادي الحسنة عنده، كقول أبي بكر وسعيد بن المسيب، وكانا يأخذان في عبارة الرؤيا بالأسماء ومعانيها، ويتأولون على ذلك الرؤيا.
فلو رأى أنّ يده ضعفت أو فتحت أو يبست أو نتنت ريحها: دون غيرها من الجوارح، فإنَّ ذلك فساد صنيعة من صنائع صاحبها، إلى ما صارت إليه، أو ترك إتمامها عنده، أو ضعف عن اقتداره عليه. فإن رأى أنّ يده تحولت يد نبي من الأنبياء أو بعض الصالحين، فانظر كيف كان حال ذلك النبي أو ذلك الصالح فيمن هدى الله على أيديهم من الضلالة، أو نجا به من الهلكة، وكيف كان قدره في قومه، وما لقي منهم من الأذى، وكيف كان عاقبة أمرهم وأمره، فكذلك يهدي الله قوماً على يد صاحب الرؤيا، وهي اليد التي وصفت، وبها ينجي الله قوماً من ضلالة إلى هدى، وما يلقى في ذلك من الأذى، شبيه بما لقي ذلك النبي في الله، فتكون حاله وصنائعه في عاقبتها، كنحو صنائع ذلك النبي، وهذه رؤيا شريفة لا يكاد يراها إلا أهل الفضائل والتقى. ومن رأى مثل هذه الرؤيا بعينها من غير أهل الفضائل والتقى والقدرة، وما وصفت منها فهي محال لا تقبلها وأعرض عنها.
أخبرنا أبو علي الحسن بن الحسن بن شيظم البلخي قال: حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا أحمد بن أبي صالح الكرابيسي قال: سمعت إبراهيم الدلال ابن أخي مكي بن إبراهيم يقول: سمعت ابن عيينة يقول: رأيت سفيان الثوري في النوم، فقلت ما صنع الله بك؟ قال فذكر شيئاً. قلت بما نجاك الله؟ قال بقلة معرفتي بالناس. قال فقلت له أوصني. قال: أقلل من معرفة الناس.
وقال أبو سعيد الواعظ: من رأى كأنه قائم بين يدي الله تعالى والله ينظر إليه فإن كان من الصالحين فليحذر الله تعالى لقوله تعالى " يوم يقوم الناس لرب العالمين " .
وهو إصابة مال من كثرة انفاقه في غير طاعة الله تعالى لقوله تعالى " يوم يحمي عليها في نار جهنم فتكوى بها " الآية وربما دل على بخل صاحبها وقيل الكي كلام موجع، وربما كان لذوي المناصب ثباتاً في الأمور، وربما دل الكي على التزويج والسفر وللنسوة على الولادة.
وأما البلور فإنه يؤول بامرأة دنيئة الأصل فمن رأى أن له بلورا وقد ضاعت فإنه يطلق امرأته أو يغيب عنها وبيعه يؤول بالحنطة لمثل ذلك المرأة والمثقوب منه ثيب وكذلك كل ما يراه من آنية من هذا الصنف فهو من المعنى والتعبير فيه سواء وأما العقيق فإنه يؤول بالصلحاء وربما كان جوهريا.
وحكي أن كسرى أنوشروان رأى كأنه يشرب الخمر في جام ذهب ومعه خنزير يشرب في جام فضة فقص رؤياه على بعض المعبرين فقال احتجز نساءك عن الخصيان والأغلمة واجمعهن وأدخلني عليهن ففعل ذلك ودعا به فدخل ومعه عود وقال لكسرى عر كل واحدة منهن ومرها فلترقص ففعل ذلك فوصلت نوبة الرقص إلى واحدة فقامت بعض حظاياه فقالت إنها جارية حيية فلا تأمرها بالرقص فقال لا بد أن تفعل مثل ما فعلت صواحباتها فلما عريت وجدت رجلا فقال أيها الملك هذا تأويل رؤياك وأما شربك الخمر فتمتعك بها والخنزير هو هذا الرجل ورؤيا الخنزير الوحشي رجل ذو قوة وغنى دون همة بلا خير ومنفعة ورؤيا الخنزير الإنسي رجل واسع القلب قبيح الفعال بلا دين ولا ديانة.
ومن رأى حريرا وكان من ذوي المناصب فإنه رفعة ويحصل له منفعة في الدنيا لكونه متمكنا منها وأما إذا كان من أهل الصلاح فإنه يؤول بحسن الآخرة وقيل رؤيا الحرير الأبيض منفعة وعطاء وإن كان مصبوغا فهو أجود وإن كان أخضر فهو جيد حسن وإن كان أحمر فإنه غير محمود ولكنه للنساء محمود وإن كان أسود فهو هم وغم وإن كان أصفر فهو سقم.
وأما الفخذ فقوة الإنسان وقومه وعشيرته فمن رأى في ذلك ما يزين أو يشين فهو منسوب لذلك ومن رأى أن فخذه قطع فإنه يفارق أهله ويموت غريبا وأما الركبتان فهما كد الإنسان ومطلبه فمن رأى في ذلك من شين أو زين فيؤول على ذلك وأما الساقان فهما مال الإنسان واعتماد سلوكه فمن رأى في ذلك ما يزين أو يشين فهو منسوب لهما وربما كانت الساق عمر الإنسان فمن رأى أن ساقه من حديد طال عمره وبقي ماله أو من خشب ضعف عن طلب معيشته في التماس رزقه ومن رأى أن ساقه التفت بساق أخرى فهو علامة الهلاك ...
وأما الخنزير فمن رأى أنه أصاب خنزيرا فإنه يستمكن من رجل دنيء شديد الشوكة ومن رأى أنه ركب خنزيرا فإنه يصيب سلطانا ويظفر بعدوه ومن رأى أن يقاتل خنزيرا فإنه يظفر بعدو ظالم ومن رأى أنه يرعى الخنازير فإنه يلي على أناس سفلة ومن رأى أنه أصاب من شعر الخنازير أو شيئا منها فإنه يصيب مالا لا خير فيه
وأما طير الماء فهو أفضل الطير وأخصبه فمن رأى أنه أصاب طيرا من طيور الماء فإنه يصيب مالا وخصبا ورياسة ويدرك ما أراد بقدر ذلك الطير الذي أصابه في عظمه وريشه ومن يسمع في المنام أصوات الأوز والبط أو نحوهما من طير الماء في دار أو بلد فإنه صوت مصيبة في ذلك الموضع وبيض الأوز من رأى أنه يملكه مال كثير يأخذه ومن رأى أنه يملك جماعة فراخ من طير الماء فإنها هم لصاحبه
عن وهب بن منبه أن بختنصر بعد أن خرب بيت المقدس واستدل بني إسرائيل بسبع سنين رأي في المنام رؤيا عظيمة هالته فجمع
الكهنة والحزار وسألهم عن رؤياه تلك,فقالوا : ليقصها الملك حتى نخبره بتأويلها,فقال : إني نسيتها وإن لم تخبروني بها إلى
ثلاثة أيام قتلتكم عن أخركم فذهبوا خائفين وجلين من وعيده فسمع بذلك دانيال-عليه السلام-وهو في سجنه فقال للسجان: اذهب إليه,
فقل له : إن هنا رجلا عنده علم رؤياك وتأويلها فذهب إليه فأعلمه فطلبه فلما دخل عليه لم يسجد له فقال له: ما منعك من السجود
لي؟ فقال: إن الله اتاني علما وعلمني وأمرني أن لا أسجد لغيره,فقال له بختنصر: إني أحب الذين يوفون لأربابهم بالعهود فأخبرني
عن رؤياي,فقال له دانيال:رأيت صنما عظيما رجلاه في الأرض ورأسه في السماء,أعلاه من ذهب ووسطه من فضة وأسفله من نحاس
وساقاه من حديد ورجلاه من فخار فبينما أنت تنظر إليه قد أعجبك حسنه وإحكام صنعته قذفه الله بحجر من السماء فوقع على قمة رأسه
حتى طحنه واختلط ذهبه وفضته ونحاسه وحديده حتى تخيل إليك أنه لو اجتمع الإنس والجن على أن يميزوا بعضه من بعض لم يقدروا
على ذلك ونظرت إلى الحجر الذي قذف به يربو ويعظم وينتشر حتى ملأ الأرض كلها فصرت لاترى إلا الحجر والسماء,فقال بختنصر:
صدقت هذه الرؤيا التي رأيتها فما تأويلها؟ فقال دانيال: أما الصنم فأمم مختلفة في أول الزمان وفي وسطه وفي وسطه وفي أخره,
وأما الحجر الذي قذف به اصنم فدين يقذف الله به هذه الأمم في أخر الزمان فيظهره عليها فيبعث الله نبيا أميا من العرب فيدوخ به
الأمم والأديان كما رأيت الحجر دوخ اصناف الصنم ويظهر على الأديان والأمم كما رأيت الحجر ظهر على الأرض كلها فيمحص الله
به الحق ويزهق به الباطل ويهدي به أهل الضلالة ويعلم به الأميين ويقوي به الضعفة ويعز به الأذلة وينصر به المستضعفين .
وفي رواية أخرى : عن وهب بن منبه,وفيه أن بختنصر رأي رؤيا فبينما هو قد أعجبه ما رأي إذ رأي شيئا أصابه فأنساه الذي
كان فدعا دانيال وحنانيا وعزاريا وميشايل من ذراري الأنبياء فقال : أخبروني عن رؤيا رأيتها ثم أصابني شئ فأنسانيها وقد كانت
أعجبتني,ما هي ؟ قالوا له : أخبرنا بها نخبرك بتأويلها,قال:ما أذكرها وإن لم تخبروني بتأويلها لأنزعن أكتافكم,فخرجوا من عنده
فدعوا الله واستغاثوا وتضرعوا إليه وسألوه أن يعلمهم إياها فأعلمهم الذي سألهم عنه فجاءوه فقالوا له: رأيت تمثالا؟ قال: صدقتم,
قالوا:قدماه وساقاه من فخار وركبتاه وفخذاه من نحاس وبطنه من فضة وصدره من ذهب ورأسه وعنقه من حديد؟ قال:صدقتم,
قالوا: فبينما أنت تنظر إليه قد أعجبك فأرسل الله عليه صخرة من السماء فدقته فهي التي أنستكها؟ قال: صدقتم,فما تأويلها؟
قالوا: تأويلها أنك رأيت ملك الملوك فكان بعضهم ألين ملكا من بعض,وبعضهم كان أحسن ملكا من بعض,وبعضهم كان أشد ملكا من بعض
فكان أول الملك الفخار وهو أضعفه وألينه,ثم كان فوقه النحاس وهو أفضل منه وأشد,ثم كان فوق النحاس الفضة وهي أفضل من ذلك
وأحسن,ثم كان فوق الفضة الذهب فهو أحسن من الفضة وأفضل,ثم كان الحديد ملكك فهو كان أشد الملوك وأعز مما كان قبله,
وكانت الصخرة التي رأيت أرسل الله عليه من السماء فدقته نبيا يبعته الله من السماء فيدق ذلك أجمع ويصير الأمر إليه.
وفي رواية أخرى : أن دانيال وأصحابه قالوا لبختنصر: رأيت كذا وكذا فقصوها عليه,فقال: صدقتم,قالوا: نحن نعبرها لك,أما
الصنم الذي رأيت رأسه من ذهب فإنه ملكك حسن مثل الذهب,وكان قد ملك الأرض كلها,وأما العنق من الشبه فهو ملك ابنك بعدك
يملك فيكون ملكه حسنا ولا يكون مثل الذهب,وأما صدره الذي من حديد فهو ملك أهل فارس يملكون بعد ابنك فيكون ملكهم شديدا مثل
الحديد,وأما بطنه الأخلاط فإنه يذهب ملك أهل فارس ويتنازع الناس الملك في كل قرية حتى يكون الملك يملك اليوم واليومين والشهر
والشهرين ثم يقتل فلا يكون للناس قوام على ذلك كما لم يكن للصنم قوام على رجلين من فخار,فبينما هم كذلك إذ بعث الله-تعالى-
نبيا من أرض العرب فأظهره على بقية أهل فارس وبقية ملك ابنك وملكك فدمره وأهلكه حتى لا يبقى منه شئ كما جائت الصخرة
فهدمت الصنم .
قال ابن إسحاق : كان ربيعة بن نصر ملك اليمن بين أضعاف ملوك .التبابعة فرأي رؤيا هالته وفظع بها فلم يدع كاهنا ولا ساحرا ولا عائفا ولا منجما من أهل مملكته
إلا جمعه إليه فقال لهم إني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها فأخبروني بها وبتأويلها,فقالوا له: اقصصها علينا نخبرك بتأويلها,قال: إني أخبرتكم بها لم اطمئن
إلي خبركم عن تأويلها فإنه لا يعرف تأويلها إلا من عرفها قبل أن أخبره بها,فقال له رجل منهم: فإن كان الملك يريد هذا فليبعث إلي سطيح وشق فإنه ليس أحد أعلم
منهما فهما يخبرانه بها سأل عنه,فبعث إليهما فقدم عليه سطيخ قبل شق فقال له: إني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها فأخبرني بها فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها
قال: أفعل,رأيت حممة خرجت من ظلمة,فوقعت بأرض تهمة فأكلت منها كل ذات جمجمة,فقال له الملك: ما اخطأت منها شيئا يا سطيح فما عندك في تأويلها؟
فقال: أحلف بها بين الحرتين من حنش لتهبطن أرضكم الحبش,فليملكن ما بين أبين إلي جرش,فقال له الملك: وأبيك يا سطيح إن هذا لنا لغائط موجع فمتي
هو كائن,أفي زماني هذا أم بعده؟ قال: لا بل بعده بحين أكثر من ستين أو سبعين,يمضين من السنين,قال: أفيدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع؟ قال: لا بل ينقطع
لبضع وسبعين من السنين,ثم يقتلون ويخرجون منها هاربين,قال: ومن يلي ذلك من قتلهم وإخراجهم؟ قال: يليه إرم بن ذي يزن,يخرج عليهم من عدن,فلا يترك
أحدا منهم باليمين,قال: أفيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع؟ قال: لا بل ينقطع,قال: ومن يقطعه؟ قال:نبي ذكي,يأتيه الوحي من قبل العلي قال: وممن هذا
النبي؟ قال: رجل من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر,يكون الملك في قومه إلي أخر الدهر,قال : وهل للدهر من أخر؟ قال: نعم,يوم يجمع فيه الألون
والأخرون,يسعد فيه المحسنون,ويشقى فيه المسيئون,قال أحق ما تخبرني؟ قال: نعم,والشفق والغسق,والفلق إذا اتسق, إن ما أنبأتك به لحق.
ثم قدم عليه شق فقال له كقوله لسطيح وكتمه ما قال سطيح لينظر أيتفقان أم يختلفان,فقال: نعم,رأيت حممة خرجت من ظلمة فوقعت بين روضة وأكمة فأكلت
منها كل ذات نسمة قال: فلما قال له ذلك عرف أنهما قد أتفقا,فإن قولهما واحد إلا أن سطحيا قال: وقعت بأرض تهمة فأكلت منها كل ذات جمجمة,وقال شق:
وقعت بين روضة وأكمة فأكلت كل ذات نسمة فقال الملك: ما أخطأت يا شق منها شيئا فما عندك في تأويلها؟ قال: أحلف بها بين الحرتين من إنسان,لينزلن
أرضكم السودان,فليغلبن على كل طفلة البنان,وليملكن ما بين أبين إلى نجران,فقال له الملك: وأبيك يا شق إن هذا لنا لغائط موجع فمتى و كائن؟
أفي زماني أم بعده؟ قال: ومن هذا العظيم الشأن؟ قال: غلام ليس بدني ولا مدن,يخرج عليهم من بيت ذي يزن,فلا يترك أحدا منهم باليمن,قال: أفيدوم
سلطانه أم ينقطع؟ قال: بل ينقطع برسول مرسل,يأتي بالحق والعدل,بين أهل الدين والفضل ,يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل,قال: وما يوم الفصل؟
قال: يوم تجزي فيه الولاة,ويدعى فيه من السماء بدعوات,يسمع منها الأحياء والأموات,ويجمع فيه الناس للميقات,يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات,قال:
أحق ما تقول؟ قال: إي ورب السماء والأرض,وما بينهما من رفع وخفض,إن ما أنبأتك به لحق ما فيه أمض.
قال ابن إسحاق: فوقع في نفس ربيعة بن نصر ماقلا فجهز بنيه وأهان بيته إلى العراق بما يصلحهم وكتب لهم إلى ملك من ملوك فارس يقال له سابور بن خرزاد
فأسكنهم الحيرة,فمن بقية ولد ربيعة بن نصر النعمان بن المنذر,فهو من نسب اليمن وعلمهم النعمان بن المنذر بن النعمان بن المنذر بن عمرو بن عدي ابن ربيعة بن نصر
ذلك الملك.
قال ابن هشام: النعمان بن المنذر بن المنذر فيها اخبرني خلف الأحمر.
وقد ذكر هذه القصة ابن هشام في السيرة وابن جرير في تاريخه وأبونعيم الأصبهاني في دلائل النبوة وابن كثير في البداية والنهاية كلهم عن ابن إسحاق وزاد ابن جرير
في رواية له عن ابن إسحاق قال: ولما قال سطيح وشق لربيعة بن نصر ذلك وصنع ربيعة بولده وأهل بيته ما صنع ذهب ذكر ذلك في العرب وتحدثوا به حتى فشا
ذكره وعلمه فيهم,فلما نزلت الحبشة اليمن ووقع الأمر الذي كانوا يتحدثون به من أمر الكاهنين,قال الأعشى:أعشى بن قيس بن ثعلبة البكري في بعض ما يقول
وهو يذكر ما وقع من أمر ذينك الكاهنين سطيح وشق
ما نظرت ذات أشفار كنظرتها حقا كما نطق الذئبي إذ سجعا .
عن مخرمة بن نوفل-رضي الله عنه-عن أمه رقيقة بنت أبي صيفي ابن هاشم وكانت لدة عبد المطلب قالت: تتابعت على قريش سنون
جدبة أقحلت الجلد وأرقت العظم,قالت: فبينما انا راقدة اللهم أو مهومة إذا أنا بهاتف صيت يصرخ بصوت صحل يقول: يامعشر
قريش إن هذا النبي مبعوث منكم وهذا إبان مخرجه فحي هلا بالخير والخصب,ألا فانظروا منكم رجلا طوالا عظاما أبيض بضا أشم
العرنين,له فخر يكظم عليه وسنة تهدي إليه,ألا فليخلص هو وولده وليدلف إليه من كل بطن رجل,ألا فليشنوا من الماء وليمسوا من
الطيب وليستلموا الركن, وليطوفوا بالبيت سبعا ثم ليرتقوا أبا فبيس فليستسق الرجل وليؤمن القوم,ألا وفيهم الطاهر والطيب لذاته,ألا
فغشم إذا ما شئتم وعشتم.
قالت: فأصبحت علم الله مفئودة مذعورة قد قف جلدي ووله عقلي فاقتصصت رؤياي فنمت في شعاب مكة .
فوالحرمة والحرم إن بقى بها أبطحي إلا قال هذا شيبة الحمد,هذا شيبة,وتتامت عنده قريش.
وانفض إليه من كل بطن رجل فشنوا وطيبوا واستلموا وطافوا ثم ارتقوا أبا قبيس وطفق القوم يدفنون حوله ما إن يدرك سعيهم مهله
حتى قر لذروته فاستكنوا جنابيه ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ غلام قد أيفع أو كرب
فقام عبد المطلب فقال: اللهم ساد الخلة وكاشف الكربة أنت عالم غير معلم ومسؤول غير مبخل وهولاء عبداؤك وإماؤك بعذرات حرمك
يشكون إليك سنتهم التي قد أقحلت الظلف والخف,فاسمعن اللهم وامطرن غيثا مريعا مغدقا,فما راموا حتى انفجرت السماء بمائها
وكظ الوادي بشجيجه فلسمعت شيخان قريش وهي تقول لعبد المطلب:
هنيئا لك يا أبا البطحاء هنيئا,أي لك عاش أهل البطحاء وفي ذلك تقول رقيقة:
بشيسة الحمد أسقى الله بلدتنا وقد فقدنا الحيا واجلوذ المسطر
فجاد بالماء جوفي له سبل دان فعاشت به الأمصار والشجر
سيل من الله بالميمون طائرة وخير من بشرت يوما به مضر
مبارك الأمر يتقى الغمام به ما في الأنام له عدل ولا خطر
وفي هذا الحديث غريب نشرحه مختصرا,قوله: لدة عبد المطلب اي عمل سنة .
وأقحلت ايبست .
وأرقت العظم أي جعلته ضعيفا من الجهد .والتهويم أول النوم والإبان الوقت .
وحي هلا كلمة تعجيل .
والحيا -مقصور-المطر والخصب, أي أتاكم المطر والخصب عاجلا .
والعظام بضم العين أبلغ من العظيم .
والبعض الرقيق البشرة .
والأشم المرتفع .
وقوله: له فخر يكظم عليه أن يخفيه ولا يفاخر به .
والسنة الطريقة . وتهدي إليه,أي تدل الناس عليه.
فليشنوا,بالسين والشين , أي فليصبوا , ومعناه فليغتسلوا .
فغثم أي أتاكم الغيث والغوث .
ونمت أي فشت وشيبة الحمد لقب عبد المطلب .
وتتامت إليه,أي جاءوا كلهم.ومهلة سكونه وقوله: كرب أي قرب. والخلة الحاجة. والعذرات الأفنية. والسنة القحط والشدة .
ويعني بالظلف والخف الغنم والأبل. والمغدق الكثير. واكتظ أي ازدحم. والثجيج سيلان كثرة الماء. والشيخان المشايخ. واجلوذ أي تأخر
والجوني السحاب الأسود.
قوله: بصوت صحل أي فيه بحوحة. وقوله: رجلا طوالا أي طويل فإذا أفرط في الطول قيل طوال بالتشديد. وقوله: فليدلف,الدليف
هو المشي الرويد يقال: دلف إذا مشى وقارب الخطو. وقولها: وفيهم الطاهر والطيب لذته -تعني به رسول الله صلى الله عليه وسلم-
وقولها: مفئودة,المفئود هو الذي أصيب فؤاده -أي قلبه- بوجع. والذعر بالضم الخوف والفزع. وقوله: وقف جلدي أي تقبض
وقيل: أرادت قف شعري فقام من الفزع. والوله دهاب العقل والتحير من شدة الوجد.
وقولها: فوالحرمة والحرم,هذا من الحلف بغير الله وهو شرك,وقد وقع ذلك منها في زمن الجاهلية وهي إذا ذاك مشركة.
وقولها: يدفون حوله أي يسيرون سيرا لينا. والميمون طائرة وخير من بشرت به مضر هو النبي صلى الله عليه وسلم
ولا يبعد أن تكون إغاثة قريش بسبب كونه صلى الله عليه وسلم من المستغيثين منهم والله أعلم .
** رؤيا أم سلمة في قتل الحسين .
فعن رزين -وهو الجهني- قال: حدثتني سلمى -وهي البكرية- قالت: دخلت على أم سلمة وهي تبكي فقلت: ما يبكيك؟ قالت:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تعني في المنام وعلى رأيه ولحيته التراب فقلت: مالك يارسول الله؟ قال: (شهدت قتل
الحسين انفا) وفي رواية قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام يبكي وعلى رأسه ولحيته التراب .
وقد انتقم الله تبارك وتعالى من قتلة الحسين رضي الله عنه على يد المختار بن أبي عبيد الثقفي الكذاب فتتبعهم وقتلهم وقد رأى
الشعبي في ذلك رؤيا رواها الطبراني في (الكبير) عن الشعبي قال: رأيت في النوم كأن رجالا نزلوا من السماء معهم حراب
يتتبعون قتلة الحسين رضي الله عنه قما لبث أن نزل المختار فتلهم .
قال الهيثمي: إسناده حسن .
ماذا عن رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم ، هل هي ممكنة ؟ وما معناها ؟
وهل هي رؤيا حق دائما سواء أكان الرسول صلى الله عليه وسلم رؤي كما جاء وصفه في السيرة النبوية ، أو كان مختلفا ؛ في القول أو الوصف ؛ كأن يُرى شابا ، أو بلحية بيضاء ، أو يلبس ملابس لم يعتد لبسـها ، أو يُرى وهو يأمر ببعض ما يُخالف الشريعة المطهرة ، كتعظيم القبور ، أو قطيعة الأرحام ، أو القتل ، ...وغيرها مما ثبت لدي من القصص والروايات عمن رآه ...؟
ابتداءً أقول رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم ممكنة ، وهي من أبرز الأمثلة على الرؤيا الصالحة ،
فقد أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي . ]
وفي رواية عنه : [ من رآني في المنام فسيراني في اليقظة أو لكأنما رآني في اليقظة لا يتمثل الشيطان بي . ]
وفي رواية : [ من رآني فقد رأى الحق ] .
لكن يجب أن تكون هذه الرؤية على وفق ما جاء في السنة والسيرة من أوصافه ، ولذا قال الإمام محمد ابن سيرين بعد الحديث السابق ، [ من رآني فقد رأى الحق ] ،: إذا رآه في صورته .
وكان هذا الإمام إذا قصَّ عليه رجل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال : ِصْف لي الذي رأيته ، فإن وصف له ِصفة لا يعرفها قال : لم تره . قال ابن حجر وسنده صحيح .
ولذا فمن رأى الرسول على خلاف صفته فالرؤيا لا تكون على ظاهرها ، أو رؤيا حق ، بل تكون رؤيا تحتاج للتأويل ؛ وهذا التأويل يتعلق بالرائي.
ولذا قال بعض العلماء : من رآه على هيئته وحاله كان دليلا على صلاح الرائي وكمال جاهه وظفر بمن عاداه ، ومن رآه متغير الحال عابسا ، أو فيه شين أو نقص في بعض بدنه ، كان دليلا على سوء حال الرائي .
لكن لا شك في أن من رأى الرسول صلى الله عليه وسلم علـى أي صفة كانت فليستبشر ، وليعلم أنه إما أن يكون المعنى خيرا يُدل عليه ، أو شرا ُينهى عنه ، وهذا ما قرره الإمام ابن حجر رحمه الله
54 - عن حرام بن عثمان الأنصاري قال : قدم أسعد بن زرارة من الشام تاجراً في أربعين رجلاً من قومة فرأي رؤيا أن آتياً أتاه فقال : إن يخرج بمكة با أبا أمامة فأتبعه ، وآيه ذلك أنكم تنزلون منزلاً فيضاب أصحابك فتنجو أنت وفلان يطعن في عينه ، فنزلوا منزلاً فبيتهم الطاعون فأصيبوا جميعاً غير أبي أمامة وصاحب له طعن في عينه (2) ، وتحقق ما رآه وأسلم - رضي الله عنه - .
95 - وروى الخطيب فى ((تاريخه )) عن عبدالله بن محمد بن أسحاق السمسار قال سمعت شيخى يقول : ذهبت عينا محمد بن إسماعيل - يعنى البخارى - فى صغره فرأت والدته فى المنام إبراهيم الخليل -عليه الصلاة والسلام - فقال لها : يا هذه قدر ردٌ الله على ابنك بصره لكثرة بكائك أو لكثرة دعائك ، قال : فأصبح وقد رد الله عليه بصره (1) .
قال بعض المعبرين رؤيا أهل التقوى خير فمن رأى أنه سلك طريق شيء من ذلك فإنه يسلك الطريق المجيدة ويكون الله تعالى معه في جميع أحواله لقوله تعالى " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون " وأما المعصية فتعبيره ضد ذلك.
وأما رؤيا كل من الفتيين فقد ذكرهما الله -تعالى- في قوله : ( ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أعصر خمرا وقال الأخر إني أراني أحمل فوق رأسي
خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين ) . سورة يوسف الأيام 41 .
ثم أخبرهما بتأويل كل منهما فقال ( ياصاحبي السجن أما أحدكما فيسقى ربه خمرا وأما الأخر فيصلب فتأكل الطبي من رأسه قضي الأمر الذي فيه تستفتيان )
سورة يوسف الأية 36 .
وقد وقع تأويل يوسف عليه السلام كما أخبر , فأحدهما صلب حتى أكلت الطير من رأسه , والأخر خرج من السجن وخدم الملك .
وقد روى ابن جرير والحاكم عن عبد الله بن مسعود -رضى الله عنه-قال :
(الفتيان اللذان أتيا يوسف -عليه الصلاة والسلام- في الرؤيا إنما كانا تكاذبا فلما أول رؤياهما قالا : إنا كنا نلعب
فقال يوسف : ( قصى الأمر الذي فيه تستفتيان ) .
قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ووافقة الذهبي في تلخيصه, قال ابن كثير : وكذا فسره مجاهد وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم ,
وحاصله أن من تحلم بباطل وفسره فإنه يلزم بتأويله .
ومن الرؤيا التي تحققت رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة البحر الذين غزوا قبرص في زمان عثمان -رضي الله عنه-
والذين غزوا الروم في زمان معاوية -رضي الله عنه- .
فعن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب
إلى قباء يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه وكان أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوما فأطعمته وجلست تفلي رأسه فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ وهو يضحك قالت: فقلت: ما يضحكك يارسول الله؟
قال: (ناس من أمتي عرضوا على غزاه في سبيل الله يركبون ثيج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو قال: مثل الملوك على الأسرة)
يشك إسحاق فقلت: يارسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها ثم وضع رأسه فنام ثم أستيقظ وهو يضحك فقلت : ما يضحكك
يارسول الله؟ قال: (ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة) كما قال في الأولى
قالت: فقلت: يارسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال: (أنت من الأولين) قال: فركبت البحر في زمان معاوية فصرعت عن دابتها
حين خرجت من البحر فهلكت .
الفائدة ::::
وأم حرام بنت ملحان هي أخت أم سليم وهي خالة أنس بن مالك .
ترجم البخاري لهذا الحديث بقوله: (باب رؤيا النهار) قال: وقال ابن عون عن ابن سيرين: رؤيا النهار مثل رؤيا الليل وذكر
الحافظ بن حجر عن علي بن أبي طالب القيرواني أنه قال: لافرق في حكم العبارة بين رؤيا الليل والنهار وكذا رؤيا النساء والرجال.
وعن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن امرأة حدثته قالت: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أستيقظ وهو يضحك فقلت:
تضحك مني يارسول الله؟ قال: (لا ولكن من قوم من أمتي يخرجون غزاة في البحر مثلهم مثل الملوك على الأسرة) قالت :
ثم نام ثم استيقظ أيضا يضحك فقلت: تضحك يارسول الله مني؟ قال:(لا ولكن من قوم من أمتي يخرجون غزاة في البحر فيرجعون
قليلة غنائمهم مغفور لهم)
قلت: ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها قال: فأخبرني عطاء بن يسار قال: فرأيتها في غزاة غزاها المنذر بن الزبير إلى أرض الروم
وهي معنا فماتت بأرض الروم .
ما رسالتك للمهتمين برؤي الأموات , وممن يفزع من رؤية هذا النوع , أو يضخم الأمر بشكل لافت ؟
1 - أنت الآن من الأحياء، وأنت في دار العمل، فاليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل، فماذا ستعمل اليوم؟ وماذا ستعمل غداً .
2- عليك بالبر والإحسان للوالدين في حياتهما. ولا تنتظر حتى إذا ماتا، أو مات أحدهما – بعد عمر مبارك إن شاء الله – بدأت تندم وتتمنى أن تراهما في الرؤى، وتنفّذ تعليماتهما التي قد تكون من أضغاث الأحلام ومن التفكير الطويل والندم على وفاتهما.
3- إن كان لديك والدان أو أحدهما، وهما كبيران في السن فاجلس معهما وآنس وحدتهما وتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم :" رغم أنف رغم أنف رغم أنف – قالها ثلاثا – قالوا من يا رسول الله ؟ قال من أدرك أبويه أحدهما أو كلاهما فلم يدخلاه الجنة" والمعنى إن برّ بهما وفي رواية " على الكبر " ومعناه حين يهزلان وتضعف حركتهما ويحتاجان لقوة الابن أو الابنة.
4- هل كتبت وصيتك ؟ قد يكون القارئ صغيراً في السن فيقول وما الداعي ؟ فأقول : الموت لا يعرف صغيراً ولا كبيراً ورسولنا الكريم كما جاء عن ابن عمر – رضي الله عنه – قال :" ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده" ولا شك أن تنفيذ وصية الميت مطلوبة ما لم يأمر بمحرم مثلاً أو قطيعة رحم, كما أن كتابة الوصية تمنع الخلاف بين الورثة أيضاً والله أعلم .