الأرق هو امتناع النوم ليلا . وقد انتشر ، واستفحل ، وبخاصة في هذا العصر الحديث ، ولا أنفع ، أو أنجع من الوصفات النبوية المطهرة لعلاج هذا الداء ، وبعد دخولنا لميدان السنة الفسيح أحضرت لكم الأدوية التالية ، فكلوا منها ، واشربوا ، وأطعموا البائس الفقير .
روى الترمذي في سننه ، عن بريدة قال : شكى خالد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! ما أنام الليل من الأرق ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أويت إلى فراشك فقل : اللهم رب السماوات السبع وما أظلّت ، ورب الأرضين وما أقلت ، ورب الشياطين وما أظلت ، كن لي جارا من شر خلقك كلهم جميعا أن يفرط علي أحد منهم ، أو يبغي علي ، عزَّ جارك ، وجل ثناؤك ، ولا إله غيرك . قال الترمذي : هذا حديث ليس إسناده بالقوي .
ولكن يعضد هذا الحديث ما كان يعلمهم إياه من الفزع : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ، وشر عباده ، ومن همزات الشياطين ، وأعوذ بك رب أن يحضرون .
وجاء أيضا في رواية لابن السني ، أن زيد بن ثابت رضي الله عنه شكا الأرق إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له : قل : اللهمّ غارت النجوم ، وهدأت العيون ، وأنت حي قيوم ، لا تأخذك سِنة ولا نوم يا حي يا قيوم ، أهْدِئْ ليلي ، وأنم عيني . فقالها فأذهب الله عز وجل عنه ما كان يجد .
وكان عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه يعلمهن من عقل من بنيه ، ومن لم يعقل كتبه ، فيعلق عليه ، ولا يخفى مناسبة هذه العُوذة لعلاج هذا الداء . انظر : زاد المعاد لابن قيم الجوزية : 4/212 .
. التخلص من العادات السيئة التي تؤثر على النوم , مثل: الأكل بإفراط في وجبة العشاء . . .أو شرب سوائل كثيرة قبل النوم , او شرب المنبهات مثل الشاي والقهوة والكوكاكولا والشوكولا والتدخين.
. عدم اصطحاب المشكلات التي لم تحل وهموم اليوم السابق إلى غرفة النوم.
. أن يتصف الفرد بتأكيد ذاته والتعبير عن نفسه , ومصارحة الأخرين حتى لا يحمل نفسه فوق طاقتها أو يشعر بتأنيب ضمير مما يعرضه للكوابيس والأحلام المفزعة بسبب التفكير في هذه الأمور والاخطاء التي حدثت في النهار.
.اختيار الوضع المناسب للنوم علي الجنب , ويعتبر اتباع الهدي النبوي الشريف في ذلك أمرا مفيد جدا . والبدء بالنوم علي الجانب الأيمن وقراءة بعض الادعية المأثورة قبل النوم .
.العناية بغرفة النوم ومراعاة أن تكون بعيدة عن الضوضاء والاضاءة العالية وجعلها مكانا للنوم فقط
** نقلا عن الدكتور فهد العصيمي
تنجم بعض اضطرا بات النوم كالكوابيس والأحلام المزعجه والمشي أثناء النوم والتكلم أثناء النوم من المشكلات والصراعات غير المحلولة والخبرات المحيطة
ولذلك ينبغي أن يخضع الفرد للعلاج النفسي حيث يتم من خلال عملية التفريغ الانفعالي والتداعي الحر للتعرف على مثل هذه الصراعات ومحاولة تفسيرها للمريض ومن ثم زيادة استبصاره بها وهو ما يساعده على العودة إلى النوم الطبيعي
وانظر : " موسوعة الطب النفسي " - المجلد الأول - د. عبد المنعم الحفني . " الاضطرابات السلوكية وعلاجها " . د جمعة سيد يوسف
ج : الجاثوم: مشتق من قولنا: جثم الإنسان أو الحيوان جثوما , ومعناه لزم مكانه فلم يبرح ,أو معناه : لصق بالأرض فهو جاثم. وهو الكابوس ويسمى الجثام وورد في القران:( فأصبحوا في دارهم جثمين ) ( الأعراف: 78 ) وهذا لفظ عربي ويسمى الباروك والنئدلان , وقد يكون بصورة ضغط يقع على صدر النائم لا يقدر معه أن يتحرك(1).
ولتوضيح هذا الأمر , أشرحه لكم بما إذا رأى إنسان في منامه ما يسمى بالجاثوم وصفته أن يحس النائم بشي ء يكتم على نفسه , ولا يستطيع منه خلاصا , ويحاول الاستيقاظ , ولا يستطيع إلا بعد محاولات مضنية ،فيستيقظ وقد بلغ به التعب مبلغأ شديدا وتعرق وجهة , واضطرب نفسه , ويشعر من جاءته هذه الحالة أنه كالمشلول قبل الاستيقاظ , ويتمني أن يقوم أحد بتحريكه , ولا شك أن هذه الحالة إن أصابت الإنسان يقوم من نومه فزعا.
وكان صلي الله علية وسلم يعلم أصحابه عند الفزع هذا الدعاء:"أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه ومن شر عباده ومن شر همزات الشياطين , وأن يحضرون " (2).
وقد ورد في الاستعاذة من التهويل في المنام ما أخرجه مالك قال: بلغني أن خالد بن الوليد قال: يا رسول الله , إني في المنام .
قال صلى الله عليه وسلم : " قل : أعوذ يكلمات الله التامات من شر غضبه وعذابه وشر عبادة , ومن همزات الشياطين , وان يحضرون "(3) .
وهنا المتأمل في هذه الأحاديث يلحظ أن الرسول صلي الله علية وسلم يوجه العبد عند رؤيته لمثل هذه المنامات المزعجة , والكوابيس , يوجهه للالتجاء إلى الله والاستعاذة به من شر غضبه وعذابه , ومن همزات الشياطين وأذاهم , لكي لا يحضروا عنده , ومن اعتصم بالله عصمه الله.
ولا شك أن التأمل لحال الناس اليوم يلحظ عند أغلبهم البعد عن الله والركون إلى الدنيا وملذاتها والبعد عن كتاب الله والأوراد المأثورة , واستبدالها بالاستماع إلى المعازف والأغاني ، حتي أن بعض الشباب ينام
وسماعة الموسيقى في أذنيه وهل مثل هذا ستحضر عنده الملا ئكة وتتنزل عليه الرحمة ؟
بل ان المساجد اليوم صارت تعج بالمعازف , فأصبحت وكأنها لاحرمة لها ; وهذا بسبب أجهزة الجوال التي صارت أغلب نغماتها عبارة عن مقطوعات موسيقية تؤذي مسامع المصلين أثناء صلاتهم , والتي قد يتسبب أصحابها بمنع نزول الرحمة وحضور الملا ئكة , عن أبي بكر بن موسى قال : كنت مع سالم بن عبد الله بن عمر , فمرت رفقة لأم البنين فيها أجراس , فحدث سالم عن ابيه عن النبي صلي الله علية وسلم انه قال: " لا تصحب الملائكه ركبأ معهم جلجل " , والجلجل: الجرس الصغير الذي يعلق على أعناق الدواب(4).
لقد اختار كثير من الناس اليوم البعد عن الله , والبعد عن القران , والبعد عن الذكر, ولذا استبدل وباختياره الرفقة الصالحة بالرفقة السيئة, أليس الله في كتابه يقول:
والمراد: من يعرض عن الرحمن وتوحيده وكتابه نقيض أي نجعل له قرينأ من الشيطان فهو له مصاحب في الدنيا وفي النار(5). وهذا الشيطان يزين له الباطل والمنكر , ويملله من الأذ كار والطاعات ويجعل أسعد أوقاته مع اللهو والمعازف والغناء , ومثل هذا يجدر به أن يحاسب نفسه ويصلح من شأنها, وليتشبه بالصالحين والأخيأر الذين يذكرون الله قيامأ وقعودأ وعلى جنوبهم , لا ينفك الذكر من لسانهم , الناس في غفلاتهم وهم في قطع
فلاتهم.
كما أن من رأى مثل هذا النوع من الرؤى الموحشة وخاف منها, يشرح له الاستعاذة منها , قال ابن حجر في الفتح وقد ورد في صفة التعوذ من شر الرؤيا أثر صحيح , أخرجه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبدالرزاق بأسانيد صحيحة عن إبراهيم النخعي قال: " إذا رأى أحدكم في منامه ما يكره فليقل إذا استيقظ :أعوذ بما عاذت به ملائكة الله ورسله من شر رؤياي هذه أن يصيبني فيها ماأكره في ديني ودنياي "(6).
وأنصح هنا كل من أراد النوم أن يقرأ الأوراد المأثورة قبل نومه ويمكن الاطلاع عليها بيسر وسهولة من الكثير من النشرات في المساجد والمكتبات , ومن أهم هذه الأوراد :
1 – اية الكرسي .
2 – " قل هو الله أحد "
3 - المعوذتان : (قل اعوذ برب الناس )، (قل أعوذ برب الناس ).
4 - أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق.
5 _ أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة.
6 _ بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم.
7 _ باسمك ربي وضعت جنبي وبك ربي أرفعه , إن أمسكت نفسي فارحمها , وان أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين.
8 _ اللهم إني أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك , وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك , لا ملجأ ولا منجى منك إلأ إليك , امنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت.
9 _ باسمك اللهم أموت وأحيا.
10 - الايات الثلاث الأواخر من سورة البقرة ابتداء من قولة تعالي . : " لله ما في المسموت وما في الارض وان تبدوا ما في انفسكم . . . " الايات .
وهذه الاوراد تكون - بأذن الله - كالدرع الذي يقيك من همز الشيطان الرجيم وأذاه , وهذا يشبه تمامأ من دخل المعركة وعليه لباس الحرب، فوصول الرماح والسيوف اليه يكون بصعوبة , وقد تصل اليه ولا تؤذيه لاتقائه لها بلباسه فكذلك الذي ينام ويحتمي قبل نومه بهذه الأوراد المأثورة فلا يصل اليه الشيطان بعون الله (7).
____________________________
( 1 ) المعجم الوسيط - مرجع سابق - ص ( 107 ).
( 2 )حديث حسن ، رواه الإمام الترمذي في كتاب الدعوات باب ما جاه في عقد التسبيح باليد - مرجع سابق - 0 ورواه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة ، مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما - مرجع سابق - ورواه أبو داود في كتاب الطب باب كيف الرقى - مرجع سابق -.
( 3 ) رؤى النبي صلي الله علية وسلم (ص 19 ) - مرجع سابق - وأورده الإمام ابن حجر في الفتح ( 371/12 ) وعزاه إلى الإمام مالك والنسائي ، بأسانيأ مختلفة ، قال وأصله عند أبي داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه.
وانظر: زاد المعاد لابن القيم ( 2 / 468 ) - مرجع سابق -.
( 4 ) رواه الإمام النسائي في كتاب الزينة باب الجلا جل , والإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة , مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو مخرج في السلسلة الصحيحة للألباني ( 4 493 ) - مرجع سابق -.
( 5 ) تفسير ابن عباس - مرجع سابق - (ص 413 ).
( 6 ) انظر: ابن حجر - فتح الباري , ( 12 / 371) - مرجع سابق - .
( 7 ) انظر: زاد المعاد لابن القيم - مرجع سابق - ( 3652 ) ، قلت : أثبت الكثير من العلماء المحدثين تاثير الجن بالإنسان، وقالوا: هو تاثير حقيقي ولو كانت ظاهرة غير مرئية ; واستدلوا بذلك على دخول الهواء والميكروبات وغيرها إلى جسم الإنسان. وهذا يؤكد إمكانية دخول الجن إلى جسم الإنسان كذلك.
** نقلا عن الدكتور فهد العصيمي