رايت امي وهي ميتة في الواقع ببيت وسيع ومنور لكن هي كانت راجعه من العمر وتقول قديش رحت عمرات هاي اكثر عمرة تعبت فيها كثير كثير وقلت لها تعي معنا يوم نامي ورفضت انها تيجي ونامت بالبيت الوسيع وانا ذهبت لبيتي
وخلاصة ماتم نشره حول تفسير شخص يشكو التعب من خلال أفضل إجابة
ومن رأى أنّه سلم على من ليس بينه وبينه عداوة، أصاب المسلم عليه من المسلم فرحاً. وإن كانت بينهما عداوة، فإنّه يظفر بالمسلم، ويأمن بوائقه. ومن رأى كأنّه سلم على شيخ لا يعرفه، فإنّ ذلك أمان من عذاب الله عزّ وجلّ.
هل يمكن تعلم تعبير الأحلام ؟
أو هي موهبة يهبها الله لمن يشاء من عبادة , كما هو شائع بين قطاع كبير من معبري الأحلام , ومن الناس ?
وهل هو علم يمكن أن يكتسب ويتعلم ومن ثم يتقدم صاحبة فية - حسب مواهبة - أو يستمر علي مستوي واحد فية نتيجة لقدراتة , التي لا يمكنة تجاوزها ؟
وهل هي فراسة يقطع بها صاحبها , أم تخمين وظن , والظن يخطي ويصيب ؟
ان الواضح لمن يقرأ هذا الكتاب , أن صاحبة يميل الي أن علم التعبير علي رفيع ، واختص بالله به بعضا من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كيوسف وابراهيم ويعقوب ومحمد ، وبرع فية الكثير من الصحابة الأجلاء كابي بكر ، وعمر ، وعائشة ، وغيرهم ، ولكن ليس هذا العلم فراسة تولد مع صاحبها ، وليس الهامأ فحسب ، و ان كان المعبر للرؤيا من أصحاب هذين النوعين أفضل ورأيه أصوب ، لكن هذا لا يجعلنا نغلق باب تعليم الرؤيا لغير هذين النوعين !
نعم من يعبر الرؤيا من باب الفراسة أو الالهام مقدم علي غيرة ، ولكن لي هنا تساؤل بسيط :
من الذي يصنف على انة من هذين النوعين من غير الرسل م من غير السلف الصالح ، من الصحابة والتابعين المشهود لهم ؟
ومن الذي يملك أن يعطي الاخرين هذا الحق غير الرسل - عليهم الصلاة والسلام . ؟ ولعل منهم محمد صلي الله علية وسلم حين شهد لبعض صحابته بتفوقهم في بعض العلوم والمعارف ، ولذا فقد شهد لابي بكر رضي الله عنه بتفوقة في هذا الجانب ، ولعمر في جانب الالهام ، ولابن عباس في علم التفسيروهكذا ، يوجد الكثير من الاسئلة ، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام قال فية الله سبحانة :" وما ينطق عن الهوي (3) ان هو الا وحي يوحي (4)" .
من هذا المنطلق نحلل السؤال للتوصل لإجابته من خلال فهمنا للنصوص ، وبإستعراضنا للقصص التي وردت عن كبار المعبرين ، فماذا نجد ؟
نجد أن هذا العلم منحة الهية في أصلة ، ولكنه يمكن تعلمية وتعلمه من خلال دراسة كيفية التعبير عند اولئك المصطفين به ، من الرسل والصالحين ، أو من برع فيه ممن جاء بعدهم ممن شهد له بهذا من اهل العلم .
ومما يسند وجهة النظر هذة ، بروز الكثير من الصحابة في هذا الجانب وتعلمهم إياه على يدي رسول الله صلي الله علية وسلم . ولعلنا ننظر عند قول أبي بكر للرسول صلي الله علية وسلم في احدى المرات حين قص عليه الرسول رؤيا وهي :
عن ابن شهاب قال : رأى النبي صلي الله علية وسلم رؤيا فقصها على أبي بكر فقال : " يا أبا بكر ، رأيت كاني استبقت أنا وأنت درجة فسبقتك بمرقاتين ونصف " ، فقال:يا رسول الله ، يقبضك الله الي رحمتة ومغفرته وأعيش بعدك سنتين ونصفأ ، ذكره السيوطي في الخصائص الكبري وعزاة لابن سعد ´1`).
وهنا نجد الرسول صلي الله علية وسلم بسكوته علي تعبير أبي بكر فكانما يعطيه شهادة الصحة لهذا التعبير. . نجده في موقف اخر يقول رؤيا اخرى وهي : قال صلي الله علية وسلم : " رأيت كأني أتيت بكتلة تمر فعجمتها في فمي فوجدت فيها نواة اذتني فلفظتها, ثم أخذت اخري فعجمتها فوجدت فيها نواة فلفظتها ، ثم أخذت ثالثة فعجمتها فوجدت فيها نواة فلفظتها " ، فقال أبوبكر: دعني فلأعبرها ، قال: قال: " اعبرها " .
قال: هو جيشك الذي بعثت يسلم ويغنم فيلقون رجلا فينشدهم ذمتك فيدعونة . قال : " كذلك قال الملك " . رواة أحمد في مسندة ، هنا لاحظ أن الرسول صلي الله علية وسلم حين طلب منة أبو بكر أن يعبرها لا
يجامل في الحق ولولا معرفته ببراعة أبي بكر ما وافق على طبلة ، ولاحظ هنا أن الرسول الكريم بقولة هذة . المرة لأبي بكر:" كذلك قال الملك " ، يعطيه شهادة عالية على صحة كلامه .
وقد يقول قائل اذا : ان أبا بكر ممن ألهموا هذا العلم فلا مجال للخطأ عنده ، ويرد على وجهة النظر هذه أن من صوب لأبي بكر وشهد لة ، هنا ، خطأة في موضوع اخر وهذا يثبت أن هذا علم يتعلم ، قد ينجح صاحبة في تعلمة وقد يفشل وقد يخطئ.
انظر لهذا الموقف الاخر . عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يحدث أن رجلا اتي رسول الله صلي الله علية وسلم فقال :
" إني رايت الليلة في المنام ظلة`1` تننظف`2` السمن والعسل ، فأرى الناس يتكففون منها `3` فالمستكثر والمستقل ، و اذا سبب `4`) واصل من الارض الى السماء ، فاراك اخذت ب فعلوت ، ثم أخذ بة رجل من بعدك فعلا ، تم أخذ بة رجل اخر فعلا ، ثم اخذ بة رجل اخر فانقطع بة ثم وصل لة فعلا .
فقال ابو بكر : يا رسول الله ، بأبي انت والله لتدعني فلاعبرنها
فقال لة رسول الله : " أعبرها " ، وفي رواية لابن ماجه : " عبرها "
قال أبو بكر : اما الظلة فالاسلام .
وأما الذي ينطف من العسل والسمن ، فالقران حلاوته تنطف فالمستكثر من القران والمستقبل .
وأما السبب الواصل من السماء الى الارض ، فالحق الذي أنت عليه تأخذ به فيعليك الله ، ثم يأخذ بة رجل فيعلو به ، ثم يأخذ به رجل اخر
فيعلو به ، ثم يأخذ به رجل فينقطع به ، ثم يوصل لة فيعلو به . فاخبرني يا رسول الله بأبي أنت اصبت أم أخطأت ؟
فقال النبى صلي الله علية وسلم : "أصبت بعضا وأخطأت بعضا ؟
قال أبو بكر: فوالله يا رسول الله لتحدثني بالذي أخطأت ؟
قال : " لا تقسم " , متفق علية .
ولي مع هذا الحديث وقفة طويلة وهي :
ان أبا بكر هنا لم يصب في بعض تعبيره وبهذا يرد على قائل يقول : ان ابا بكر ممن يعبر الرؤيا فراسة أو الهامأ فلا مجال ولا سبيل للأستشهاد بحكاية تعلمة لتعبير الرؤيا. فهو ومن معة قبل النبوة لم يرد عنهم تعبير الرؤى . وانما هم في وجهة نظرى خريجون من مدرسة معلم الأمة ، الذي كان يسألهم عند رؤاهم ، وكان كثيرا ما قال لهم كما مر بنا : " من رأى منكم رؤيا " . كما في صحيح مسلم`2` ، وقد قال أهل العلم : أن من فوائد هذا الحديث:
الحث على علم الرؤيا والسؤال عنها وتأويلها ، وكان الرسول صلي الله علية وسلم يعلمهم تأويل الرؤى وفضائلها ، وما اشتملت علية من الاخبار بالغيب ، فهذه كما ترى دروس يومية من الرسول صلي الله علية وسلم على مسامع الصحابة ، ليس فيها تلقين فحسب ، بل تلقين ومحاورة وافهام واستنباط ، وهولاء الذين برعوا فى تعبير الرؤى منهم هم كالتلاميذ بين يدي أستاذهم ، فمنهم من برع في علم التفسير، ومنهم من برع في الفقه ، ومنهم من برع في علم المواريث ، ومنهم من برع في علم الحديث ، فلا عجب أن يوجد منهم من برع في علم التعبير. واذا سلمنا بهذة . النظرية نظرية التعلم ، فيمكن كذلك أن يبرع
في زمننا بعض العلماء في علم التعبير ويمكن لهؤلاء ان يدرسوا هذا الفن لغيرهم وهذا الرأي قد يكون غريبا على البعض في هذا العلم بخاصه ولكن ربما تحرجهم من هذا العلم كونه اشبه بالالهام والفراسه وكأن فيه تشبها بالرسل فوجد الحرج من هذه الجهه ,ومن وجهه نظرالكاتب ان هذا الرأي قاصر وفيه الزام للاخرين بما لا يلزم وهذا يقال لمن يعنف من يحاول السؤال عن الرؤى وتعلم التعبير قال النووي تعليقا على حديث سمره بن جندب :كان النبي اذا صلى الصبح اقبل عليهم بوجهه فقال "هل رأى احد منكم البارحه رؤيا؟".
فيه استحباب السؤال عن الرؤيا والمبادرة الى تأويلها وتعجيلها اول النهار وفيه اباحه الكلام في العلم وتفسير الرؤيا ونحوها.
قال الامام ابن السعدي في تفسيرة ( 2 / 442 ) تعليقأ على الاية التي امتن الله بها على يوسف بتأويل الأحاديث: ان فيها اصلا لتعبير الرؤيا فإن علم التعبير من العلوم المهمة التي يعطيها الله لمن يشاء من عباده ، وأن هذا العلم يثاب الإنسان على تعليمة وتعلمه .
ولذا ثبت أن عمر بن الخطاب كان يسأل أسماء بنت عميس الخثعمية عن تعبيرالرؤيا كما في تهذيب التهذيب لابن حجر ( 12399 ).
وذكر ابن سعد في الطبقات ( 7124 ): أن سعيد بن المسيب كان من أعبر الناس للرؤيا ، وكان أخذ ذلك من أسماء بنت أبي بكر وأخذته اسماء عن أبيها وأخذة ابو بكرعن الر سول الكريم صلي الله علية وسلم .
وقال ابن عبد البر كما في التمهيد ( 1 / 313 ) تعليقأ على حديث سمرة ايضأ : وهذا الحديث يدل على شرف علم الرؤيا وفضلها ; لانة صلي الله علية وسلم انما كان يسال عنها لتقص عليه ويعبرها ; و ليعلم اصحاب كيف الكلام في تأويلها
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما في مجموع مؤلفاتة ( 5 130 ) علم التعبير علم صحيح يمن الله بة علي من يشاء من عبادة .
وقال ايضأ ( 5 143 ) : عبارة الرؤيا علم صحيح ذكره الله فى القران ولاجل ذلك قيل : لا يعبر الرؤيا إلا من هو من أهل العلم بتأويلها ، لأنها من أقسام الوحي .
وقد نبة الشاطبي رحمة الله في الموافقات ( 2 415 ) : أنة ما من مزية و منقبة اعطيها النيي صلي الله علية وسلم سوى ما استثني ، إلا وقد أعطيت أمته نموذجأ ، وهذا يعلم بالاستقراء ، ومن ذلك أنة أعطي الوحي لة ، ولامتة أعطيت الرؤيا الصالحة .
وقال ابن حجر:
الحث على تعليم علم الرؤيا وعلي تعبيرها وترك إغفال السؤال عنة وفضيلتها لما تشتمل عليا من الاطلاع على بعض الغيب واسرار الكائنات ا.هـ كلامه.فاذا توفر في المتعلم ادوات هذا العلم من المعرفه بالقران والسنه والبراعه باللغه العربيه والامثال السائره ودقائق هذا العلم فما المانع ان يتعلم التعبير ومن ثم يعبر؟
اظن ان هذا حق مشروع والعلم واسع ولا يحاط به لكن لا بد من وجهه نظري من التتلمذ على من يجيد هذا العلم ويجيد تصديره للاخرين ممن وهبهم الله تبسيط المعلومه وتسهيلها على المتلقين وعلينا الا نفتح المجال للعامه الذين ليس عندهم ادوات هذا الفن من الذين يحلون لانفسهم ويحرمون بناء على حلم عابر.
واليك صورأ بسيطة من سخف عقول البعض منهم :
لقد حرر البعض فلسطين بالأحلام وصلى البعض الاخر في القدس ،
وتواعد البعض في ساحة الحرم المكي بانتظار أن يخسف بالجيش الذي سيأتي ويطهر بيت الله من تدنيسهم وأسقطت طائرات وصرفت وصفات طبية بناء على أحلام وهكذا القائمة تطول فهل ياترى أصبحت أمتنا أمة أحلام؟
حتى العبادة دخلتها الأحلام من أوسع أبوابها ، انظر الى ليلة القدر تجدها حددت من خلال الرؤى ، وانظر للصدقة تجد دافعها الأكبرما يقولة الموتي لهولاء العامة !
ان الكثير من الناس يرى باب الصدقة مفتوحأ ولا يتصدق حتى يفسر لة حلم على أنة مقصر في بابها .
هل تريدون امثة أكثر، وصورا أعظم ، والله ان منهم من رمى امراتة بالزني بسبب حلم شاهد فية امرأتة فعبرة لنفسة من خلال قراءة بعض الكتب أنها زانية فطلقها!
بل ان هناك من يزعم أن رسول الله صلي الله علية وسلم جاءه في المنام فأمرة ونهاه ، فلما أصبح شرع يعلم الناس ويعمل بما في هذه الرؤى !
ان المتصفح مثلا للانترنت يشاهد الكم الها ئل من التحليلات والاطروحات التي ان تصفحها وجدها ترتكز على رؤيا من هنا او هناك ، ولعل من طرائف ما قرأت من يؤكد أن المهدي كان من حجاج عام كذا وكذا، وحادثة طعن أحد الحجاج بزعم طاعنة انة المسيح الدجال بناء على رؤيا راها ليلة الحادثة !
إن الكاتب يتسائل سؤالا مهمأ: متى تفيق خذه الامة من أحلامها وتلحق بالعلم في زمن العلم ؟
العلم لة شروطة وأدواته وطرائقة ، التي لا يمكن تجاوزها ، فعلم التعبير من أشرف العلوم ولا يجدر بأي إنسان ان يعبر الرؤى فلا بد من المعرفة بالقران وألفاظة فاذا رأى أحد مثلا شيئا ما ، علية أن ينظر في القران الكريم اولا فان وجد علاقة بين الرؤيا واية من الايات ربط بينهما وهنا أضرب أمثلة : السفينة مثلا قد تعبر بالنجاة لقولة تعالي : وَقَوْله تَعَالَى : " فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَاب السَّفِينَة " ( العنكبوت : 15 ) .
والخشب قد يعبر بالمنافقين لقولة تعالي : " كأنهم خشب مسندة " ( المنافقون : 4 ) .
والطفل الرضيع قد يعبر بالعدو لقولة تعالي :" فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ۗ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ " (8) .
والرماد قد يعبر بالعمل الباطل لقولة تعالي : مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ ( ابراهيم : 18 ) .
وهكذا السنة ، فالرسول صلي الله علية وسلم وضع الأصول والقواعد الأساسية لهذا الفن ، وكان يخبر الصحابة بادابها وأنواعها ويسألهم عن رؤاهم ويعبرها لهم ، مما قد ذكرت أمثلة وجانبا منة في ثنايا الكتاب فلا داعي للتكرار ، لكن يجب أن يعلم هنا أن رؤي الأنبياء حق فهي وحي من الله واجب التنفيذ علي ظاهرها ، أو هي ترد علي صورة رموز وهذة الرموز يفسرها الرسول صلي الله علية وسلم لصحابتة ومن ثم يشاهدونها تتحقق كوقائع مادية ملموسة . وهذا من الخبرات التي مر بها هولاء الصحابة فاستفادوا منها ، وأفادوا فيما بعد رضي الله عنهم .كذلك لا بد من المعرفة بأصول هذا الفن من أن وقت الربيع هو من أفضل الأوقات للرؤي بدليل قولة صلي الله علية وسلم : " اذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب . . . " (1) رواة مسلم ، وقد أشرت لة وأن معناة اذا تساوي ليلة ونهارة وهذا وقت الربيع يحصل أكثر من غيرة . .
كذلك علية أن يعلم بمقادير الناس الذين يقصون رؤاهم علية فرؤيا العمال البسطاء غير رؤيا أصحاب المناصب والعلماء ، وأن يعلم ببلدانهم ومذاهبهم ووقت الرؤيا .
كذلك علية أن يعلم أن السباع والطيور – الا ما ندر – هي في التعبير رجال وأن القمح والشعير والعسل والصوف والحديد غالبا أموال ، وهكذا هذا الفن لة قواعدة وهي ليست سهلة المنال بل لا بد من دراستها والتتلمذ علي يد مجيد متقن لها لمن أراد التعلم ، والله أعلم .
أولا يجب أن يعلم هنا أنه ليس صحيحا أن كل الرؤى تتحقق ، حتى ولو كان الرائي مؤمنا ، فقد لا تتحقق رؤيا المؤمن مباشرة ، وقد تتأخر ، وقد لا تتحقق مطلقا ، كذلك رؤيا المؤمن قد تكذب ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :[ إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب ، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا ، ورؤيا المسلم جزء من خمسة وأربعين جزءا من النبوة ] متفق عليه واللفظ لمسلم .
ومن رأى ما يسره ، فالأفضل له أن يعرضها على من يعبرها له . وأما من رأى ما يفزعه ، أو يحزنه ، فلا يقصها على أحد ، وليعمل ما ورد من الاحترازات . وبعض الناس قد يقول لماذا لا ندع الرؤى أو الأحلام ليتكفل بها الزمن أو الوقت ، وهي وجهة نظر تحترم ، ودائما أقول : رأيي خطأ يحتمل الصواب ، ورأي غيري صواب يحتمل الخطأ،ولكن على هؤلاء عدم لوم الذين يبحثون عن تعبير رؤاهم أو حتى أحلامهم ؛ فقد يكون فيها بشارة ، أو نذارة لصاحبها ، وكان الإمام أحمد رحمه الله يقول :الرؤيا تسر المؤمن ولا تغره. وقد ينتفع الرائي بما يراه في نومه ، قال الإمام الذهبي في السيرٍٍٍٍ[1/81]ٍٍ في رؤيا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ، أنه يدخل الجنة حبوا ، مع أنه من أهل الجنة ، وأحد العشرة المبشرين ، قال : إسناده حسن.فهو وغيره منام ، والمنام له تأويل ، وقد انتفع ابن عوف رضي الله عنه بما رأى، وبما بلغه ، حتى تصدق بأموال عظيمة أطلقت له ـ ولله الحمد ـ قدميه ، وصار من ورثة الفردوس فلا ضير . والله أعلم ،،
ما الفرق بين تعبير الأحلام والكهانة ؟ أو ماذا عن طرق الناس في ادعاء علم الغيب ، وهل تفسير الأحلام من ادعاء علم الغيب ؟ وكيف ترد على من يقول إن تعبير الأحلام ضرب من ضروب الكهانة أو التنجيم..!؟
هذا الكلام متناقل بين الناس ، وهو موجود ، وأصحاب هذا الكلام بحاجة إلى أن يسألوا أنفسهم أولا سؤالا : ما الفرق بين من يمسك كرة بلورية ويدعي أنه من خلالها يشاهد المستقبل ، أو يسألك عن اسم أمك ؛ وهو هنا يسخر بالزواج و يلحقك بالزنى الذي ُيدعى من ُولد بواسطته لأمه ، أو يطلب منك رفع إحدى يديك ويقرأ ما فيها من خطوط بكفك ومن ثم يخبرك بما سيحصل لك ، أو يخط بالرمل ، أو يسألك عن برجك....، وغيرها من الطرق التي توجد عند أصحاب الأبراج والمشعوذين، ما الفرق بينها، وبين من يربط الرؤيا بآيات القرآن الكريم، أو السنة المطهرة ، ويقول في بدء التفسير ما ورد وما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو ثبت عن صحابته ، مثل : [ خيرا رأيت وشرا كفيت ، إن صدقت رؤياك حصل كذا وكذا] ويقول قبل تفسيره أو بعده : والله أعلم ؟
أظن الفرق واضح لكل منصف ولكل من يتجرد من الهوى ،أما من يحارب هذا المجال لأسباب شخصية ، أو كان معاديا لبعض مناهج المعبرين الذين أدخلوا في التعبير ما ليس منه ، كالعبادات ، وعلامات الساعة ، أو التنبؤ بأحداث ستقع ، والجزم بها ، وتحديد مدد محددة لوقوعها ، ويظن عن غير علم بمنهجنا ، وغير متابعة لما نطرحه ، وقد يكون لم يشاهد حلقة واحدة من هذا البرنامج ، ولكنه لا يزال راكبا موجة المعارضة ، يظن أننا من هؤلاء القوم ، أقول قف ..... ولا تستمر في معارضتك حتى ترى حجتنا ، وتسمع لقولنا ، ولا تكن كحاطب ليل .
وأدعو كل منصف لقراءة ما قاله ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد [ 4/255] قال لما تعرض لطرق الناس في ادعاء معرفة الغيب :
ويكفي الاعتبار بفرع واحد من فروعه وهو عبارة الرؤيا ، فإن العبد إذا أنفذ فيها وكمل اطلاعه جاء بالعجائب .وقد شاهدنا نحن وغيرنا من ذلك أمورا عجيبة يحكم فيها المعبر بأحكام متلازمة صادقة سريعة وبطيئة ، ويقول سامعها هذه علم غيب ! وإنما هي معرفة ما غاب عن غيره بأسباب انفرد هو بعلمها وخفيت على غيره ...... إلى أن قال :
بخلاف علم الرؤيا ، فإنه حق لا باطل ؛ لأن الرؤيا مستندة إلى الوحي المنامي ، وهي جزء من أجزاء النبوة. ولهذا كلما كان الرائي أصدق وأبرأ وأعلم كان تعبيره أصح ، بخلاف الكاهن والمنجم وأضرابهما ممن لهم مدد من إخوانهم من الشياطين ، فإن صناعتهم لا تصح من صادق ولا من بار ولا من متعبد بالشريعة ، بل هم أشبه بالسحرة الذين كلما كان أحدهم أكذب وأفجر وأبعد عن الله ورسوله ودينه كان السحر معه أقوى وأشد تأثيرا ، بخلاف علم الشرع والحق ، فإن صاحبه كلما كان أبر وأصدق وأدين كان علمه به ونفوذه فيه أقوى وبالله التوفيق. انتهى كلامه .
وهنا أقول لمن يعارض التعبير منا أو يزعم أننا ندعي الغيب ما رأيك بعد هذا البيان
أولا :إن كانت الرؤية منقولة ، فلا بد أن يكون المتحدث ، أو الناقل للرؤيا أمينا في النقل ، وأن يكون ضابطا لها ، وعالما بألفاظها ، ووقت رؤيتها ، كما لو كان صاحبها تماما ، وأن يخبرني ابتداءً بحالة صاحبها ، أو يكون عالما بحالة صاحبها عند السؤال عنه .
ثانيا :وإن كانت الرؤيـا لصاحبها ، فأفضل أن يخبرني ابتداء بوقت الرؤيا ؛ من يوم أو أسبوع ، صيفا أو شتاء ...الخ ، وأن يخبر بأسماء من رآهم في المنام ، وأن يوضح حالته الاجتماعية ؛ وقت الرؤية ، وحالته الوظيفية ، وهي أدوات لازمة لي ، والله أعلم .
وقد أكد لي معالي الشيخ الدكتور سعد الشري عضو هيئة كبار العلماء , في حوارة معي في برنامجي بالتلفاز في حلقة من الحلقات التي خرجت بها في أثناء بث برنامجي بقناة الراية , علي أنة يجب علي السائلين عن رؤاهم الا يكون قصدهم التشفي في اظهار معائب لفلان أو فلانة , لو قدر رؤيتها في المنام مثلا , وقال فضيلتة : بأنة وجد من يقول رأيت فلانا أو فلانة وهو يعمل كذا وكذا , علي سبيل التشفي وفضح المعائب , وهذا مما لا يجوز اظهارة , بل المطلوب ستر عورات المسلمين والمسلمات , وهذة فائدة رائعة أفدت منها من فضيلتة شخصيا بورك لنا في علمة .
ومن رأى ميتا معروفا، مات مرة أخرى وبكوا عليه من غير صياح ولا نياحة فإنه يتزوج من عقبه إنسان، ويكون البكاء دليل الفرج فيما بينهم، وقيل من رأى ميتا مات موتا جديدا، فهو موت إنسان من عقب ذلك الميت وأهل بيته، حتى يصير ذلك الميت كأنه قد مات مرة ثانية.
قد يري الانسان شيئا من الأمور الحديثة فكيف يمكن تعبريها ؟
هذا السؤال مهم جدا ولة علاقة بسؤال سبق طرحة هو : هل يمكن تعليم التعبير ؟ أو هو توقيف وفراسة علي البعض ولا يمكن تعليمة ؟ ونحن من خلال تتبع النصوص وجدنا ان رسول الله صلي الله علية وسلم كان يعرض أحيانا الرؤيا علي الصحابة , ويسمع منهم التعبير , ويعلمهم أحيانا التعبير ولذا برع البعض منهم في هذا العلم واذا كان هذا ما توصلنا الية هنا هو الصحيح فيلزم منة أن نحاول معرفة تعبير ما لم يرد في كتب الأقدمين من الأمور الحديثة الناشئة في هذا العصر .
قال الأشعري : ان أصل التعبير بالتوقيف من قبل الأنبياء وعلي ألسنتهم , وتعقبة ابن بطال بقولة : وهو كما قال , لكن الوارد عن الأنبياء في ذلك وان كان اصلا لا يعم جميع المرائي .
فلا بد للحاذق في هذا الفن أن يستدل بحسن نظرة فيرد ما لم ينص علية الي حكم التمثيل , ويحكم لة بحكم النسبة الصحيحة فيجعل أصلا يلحق بة غيرة كما يفعل الفقية في فروع الفقة .
ومن الأمثلة علي الأمور التي قد تري وهي حديثة لا تجدها في كتب التعبير ولم يسبق لأحد ممن كتب في هذا الفن الكتابة عنها ما يلي .
ما المستند علية في قلب المعني في التعبير , كالبكاء يعبر بالفرح , والموت في الحياة ؟
مما هو شائع بين المعبرين من مناهج التعبير; التعبير بقلب المعني , كالبكاء يعبر بفرح , والموت يعبر بحياة , وهذا أري استخدامة عند وجود معني سئ , فيقلب تفاؤلا , ومما وجدتة من أدلة تعضد هذا المنهج ما جاء في قولة تعالي : ( اذا يريكهم الله في منامك قليلا ولو أرئكهم كثيرا لفشلتم ولتنزعتم في الأمر ولكن الله سلم انة عليم بذات الصدور (43)واذ يريكموهم اذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا والي الله ترجع الأمور (44)(الأنفال : 43 , 44 ) .
قال مجاهد : أراهم الله اياة في منامة قليلا , وأخبر النبي صلي الله علية وسلم أصحابة بذلك فكان تثبيتا لهم .
قال سيد قطب : والرؤيا صادقة في دلالتها الحقيقية , فقد راهم النبي قليلا وهم كثير عددهم , ولكن قليل غناؤهم , قليل وزنهم في المعركة . . . الخ .
ولما تقابل الطرفان وجها لوجة تكررت الرؤيا النبوية الصادقة في صورة عيانية من الجانبين , بحيث يري المؤمنون الكافرين قلة , ويري الكافرون المؤمنين قلة , بحيث أن كلا من الفريقين أغري بخوض المعركة .
والسبب في أن الكافرين يرون المؤمنين قلة ; كما قال الرازي : ألا يستعد الكافرون كا الاستعداد , وأن يجترؤوا علي المؤمنين معتمدين علي قلتهم , ثم تفجؤهم الكثرة فيدهشوا ويتحيروا . . . الي أن قال : وفي التقليل من الطرفين معارضة تعرف بالتأمل .
اذا الكافرون كانوا في الحقيقة كثير , والمؤمنون قلة , ورؤية النبي صلي الله علية وسلم لهم قليل في الرؤيا , جاء لحكمة عظيمة , وهي أن يجرأ الله المؤمنين علي الكافرين في ميدان القتال , وهذا مما ساعد المؤمنين علي تحقيق النصر , والله أعلم .
ويوجد صورة قريبة من هذة , فالأقارب أحيانا ينوب بعضهم عن الاخر في المنام , فقد نري العم , ويكون المعني عم اخر , وقد نري أحد الاخوة , ويكون المعني منصرفا لأخ اخر , وهكذا .
فائدة في بيان قص الرؤيا وتعبيرها فمنهم من قال أنه جائز في كل الأوقات ويرجع من طلوع الشمس إلى وقت الزوال ومنهم من قال لا يجوز بغير شمس ومنهم من قال من طلوع الشمس إلى فائدة لا ينبغي أن تقص الرؤيا إلا على معبر ويجب على من لا يعرف علم التعبير أن لا يعبر رؤيا أحد فإنه ياثم على ذلك لأنها كالفتوى وهي في الحقيقة علم نفيس وقد ورد في الحديث ما معناه أن الإنسان إذا لم يعلم الجواب وسكت عنه فإنه يؤجر.
تطلق كلمه (تعبير) على تفسير الرؤيا خاصة .
والتعبير هو: العبور من ظاهر الرؤيا إلى باطنها. وهذا رأي الراغب. وقيل: النظر في الشيء فيعتبر بعضه ببعض حتى يحصل على فهمه
وهذا حكاه الأزهري.
وأصل التعبير مشتق من: العبر, وهو التجاوز من حال إلى حال , وفرق علماء اللغة بين تجاوز الماء وغير الماء، فقالوا: تجاوز الماء بسباحة أو سفينة أو غيرها يطلق عليه: العبور.
وقالوا: الاعتبار والعبرة هي الحاله التي يتوصل بها من معرفة المشاهد
إلى ما ليس بمشاهد.
يقال: عبرت بالتخفيف أي فسرت الرؤيا.
و: عبرت بالتشديد للمبالغة فى ذلك.
وفي التنزيل: " ان كنتم للرءيا تعبرون "(1) أي تصلون إلى نهايتها وتذكرون مالها.
والمعبر: اسم فاعل من الفعل عبر , يقال: عبر الرؤيا عبرا وعبارة أي فسرها.
وقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه من أبرز الصحابة شهره بتأويل
الرؤى وتعبيرها وكيف لا وأستاذه هو رسول الله معلم الأمة جميعها, قد وصفه أحد الصحابة كما في"الفتح"(2): "وكان من أعبر الناس للرؤيا بعد رسول الله صلي الله علية وسلم " . كما أن من الذين اشتهروا بتعبير الرؤى الامام ابو بكر محمد بن سيرين الأنصاري بالولاء البصري المولود سنة 33 ة والمتوفى سنة 110 ة وينسب له كتاب (تعبير الرؤيا) وهو مطبوع وذكره ابن النديم في الفهرست, وهو غير الكتاب المتداول بين الناس له باسم: (منتخب الكلام في تفسير الأحلام) , وانظر الأعلام للزر كلي ( 257 ) تجد ترجمة وافية وعملا جبارا للزركلي وانتهى فيه الى عدم صحة نسبة الكتابين لابن سيرين.
وهناك عالم اخر هو: عبدالغني بن اسماعيل النابلسي وهو من المتصوفة , وله العديد من المؤلفات ومنها: (تعطير الأنام في تعبير المنام ) ويحتوي على أمور وتصورات وأسماء وذوات قد لا تحدث الا نادرأ كما قد يستحيل رؤية البعض الاخره وهذا وان كان من المتصوفة غير أنه والحق يقال قد أوفى وزاد في هذا المجال , وقد أثنى على عمله الكثير من الأدباء كالأستاذ محمد قطب , ثم أقول: انني في هذا الجزء سأتحدث عن مناهج المعبرين والأمور اللازمة التي يجب توفرها في المعبر , وقبل هذا ألفت الى وجود الكثير من المعبرين حديثأ وقديمأ , ولست هذا أبحث في أسمائهم وانما سأتحدث عن المنهج الذي عليه كثير منهم من خلال متابعتي لهذا الموضوع. . فأقول: معبرو الرؤى حديثأ ينقسمون إلى ثلاثة أقسام :
1 - القسم الأول: وأصحاب هذا القسم لا يعبر الأ قليلا ويتحرج من التعبير ويغلق باب تعلم التعبير, وان قيل له سؤال عن التعبير وكيفيته
أجاب: بأنه فراسة تولد مع المرء ويمنع من تعلمه , ووجهة النظر هذه سمعناها قديما من بعض مشائخنا الأفاضل رحم الله من مات منهم , وبارك
لنا في عمر الموجودين.
ب - القسم الثاني: وهولاء عكس القسم الأول , يتوسعون في التعبير, ويكثرون من السؤال عن الرؤي في كل مجلس , بالمشافهة والنقل وحتى
بالكتابة لصاحبها أو لغيره , وبعض هولاء تجده يخبرك بالتأويل وكيفية التأويل للرؤيا المسؤول عنها.
ج - القسم الثالث : قسم بين هولاء وهولاء يعبر ولكن بالمشافهة فقط , ويشترط كون صاحب الرؤيا هو السائل ويمنع النقل الا في أضيق الحدود , وهولاء , يحتاطون كتيرا عن التعبير: ويخبرونك عن كيفية التأويل أحيانأ.
ولعل التساهل في تعبير الرؤى , وفتح الباب في كل مجلس ومحاضرة شيء حادث في هذه الأيام , وأنا هنا لست ضد تعبير الرؤى كعلم , ولكن ضد التساهل في التعبير الرؤي , وفتح الباب في كل مجل ومحاضرة شئ حادث في هذة الأيام وأنا هنا لست ضد تعبير الرؤي كعلم ولكن ضد التساهل في التعبير وعدم التحري وعدم السؤال عن حال الرائي والسؤال عن الرؤيا وألفاظها ووقتها فهذه أشياء مطلوبة للمعبر للتمكن من التعبير الأمثل ,
ولذا تجد من المعبرين الذين يتساهلون في سماع الرؤى ينص على أن درجة الصحة في تعبيره بالقراءة عليه لا تتجاوز الخمسين في المائة !!
ولا أقول ان المتساهلين هم الملامون فقط , بل أن أصحاب القسم الأول كذلك مخطئون - في رايي المتواضع - فتعبير الرؤى ليس فراسة فحسب , بل فراسة وتعلم وممارسة ومهارة تكتسب وتنمي وتتقن , فهي تختلف من شخص الى اخر; نعم هي فراسة عند يوسف بن يعقوب عليهما الصلاة والسلام كما قال تعالى "وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم" (يوسف: 6 ).
قال ابن عباس في تفسيره: ( ويعلمك من تأويل ألأحاديث )
أي من تعبير الرؤيا , ويعلمك كذلك معرفة ما يؤول اليه أحاديث الناس (3)).
نعم هي فراسة عند يعقوب , وعند ابراهيم الخليل ودانيال ومحمد عليهم الصلاة والسلام هذا من الأنبياء , وكذلك من الصحابة عند أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبدالله بن عباس وعبدالله بن عمرو بن العاص وأنس بن مالك
وسلمان الفارسي وحذيفة بن اليمان وعائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين , وغيرهم.
ولكن عند غيرهم لا. . . , ليس كلها فراسة بل فيها فراسة والهام , واستنباط من القران والسنة واللغة والأمثال,وغيرها مما هو معلوم لكل مهتم بهذا الفن.
جاء في الحديث الصحيح المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله علية وسلم يقول: "لم يبق من النبوة الأ المبشرات" ، قالوا: وما المبشرات ؟ قال:"الرؤيا الصالحة "(4) وهذا لفظ البخاري.
وجاء في المسند للامام أحمد قال صلي الله علية وسلم : "الرؤيا الصالحة يرأها المسلم او ترى له"(5).
والمعنى: أن الوحي ينقطع بموته صلي الله علية وسلم ولا يبقى ما يعلم منه ما سيكون إلأ الرؤيا يرأها المؤمن ,وكذا الالهام فان فيه اخبارأ بما سيكون ويقع لغير الأنبياء كما أخبر النبي صلي الله علية وسلم عن عمر في قوله قد كان في الأمم قبلكم محدثون - أي ملهمون وقيل: مصيبون وقال البخاري: يجري الصواب على ألسنتهم . فإن يكن في امتي منهم احد فإن عمر بن الخطاب منهم " متفق عليه (6).
وقد أخبر كثير من الأولياء عن أموو مغيبة , فكانت كما اخبروا وهذا من الالهام , وقد نتساءل ما الإلهام ولماذا قل اليوم؟ فأقول: قال الامام ابن حجر في الفتح: وكان السر في ندور الإلهام في زمنه صلي الله علية وسلم وكثرته من بعده , غلبة الوحي اليه صلي الله علية وسلم من في اليقظة وارادة إظهار المعجزات منه , فكان من
المناسب أن لا يقع لغيره منه في زمانه شيء, فلما انقطع الوحي بموته وقع الالهام لمن اختص الله به للأمن من اللبس في ذلك. . وفي انكار وقوع ذلك مع كثرته واشتهاره مكابرة ممن أنكره. وقد فصل ابن حجر في الفتح الفرق بين الالهام والرؤيا وذكر أن الالهام هو: ما حرك القلب لعلم يدعر الى العمل به من غير استدلال وحكاه عن أبي زيد الدبوسي من أئمة الحنفية , قال والذي عليه الجمهور أنه لا يجوز العمل به الا عند فقد
الحجج كلها في باب المباح , وذكر كلامأ اخر نفيسا.
وقد كان الرسول صلي الله علية وسلم أحيانأ يقص الرؤيا على الصحابة فيعبرها أحدهم فيقره على تعبيره , وهذا من باب التعليم منه صلي الله علية وسلم ومما يروى في هذا ما جاء عن ابن شهاب قال: راى النبي صلي الله علية وسلم رؤيا فقصها على أبي بكر فقال: " يا أبا بكر , رايت كأني استبقت انا وانت درجة فسبقتك بمرقأتين ونصف " والمرقاه : الدرجة.
فقال أبو بكر: يا رسول الله , يقبضك الله الى رحمته ومغفرته وأعيش بعدك سنتين ونصفأ. وهذا الحديث ذكره السيوطي في الخصائص الكبرى وعزاه لابن سعد لكنه مرسل (7). وهذه فراسة من أبي بكر.
قال ابن القيم في كتابه (مدارج السالكين) (8):
"ان الفراسة كانت وستظل منزلة من منازل:" إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " (9) وما ذاك الا لأنها نور يقذفه الله في قلب عبده يفرق به بين الحق والباطل والحالي والعاطل والصادق والكاذب.
وقوله الحالي والعاطل: الحالي هو من تزين وتحلى، والعاطل ضدة ,
يقال : عطلت المرأة أي خلت من الحلي فهي عاطل , والمراد أنة يفرق بين الشئ وضدة
وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان , فمن كان أقوى إيمانأ فهو أحد فراسة.
وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه : أفرس الناس ثلاثة : العزيز في يوسف حيث قال لامرأته: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ) (يوسف: 21 ).
وابنة شعيب حين قالت : "استئجره" (القصص: 36).
وأبو بكر في عمر رضي الله عنهما حين استخلفة.
وقد كان كثير من الصحابة رضي الله عنهم يتحلون بها , وكان الصديق رضي الله عنه في مقدمتهم فهو أعظم الأمة فراسة وبعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فإنه ما قال لشيء: أظنه كذا إلا كان كما قال ,
ويكفي في فراسته موافقته ربه في المواضع المعروفة - والتي ليست مجال حديثنا(10) , وكما قلت أيضا: فراسة الصحابة أصدق الفراسة , وأصل هذا
النوع من الفراسة من الحياة والنور اللذين يهبهما الله تعالى لمن يشاء من عباده , فيحيا القلب بذلك ويستنير فلا تكاد فراستة تخطئ , وهذا مصداق قوله تعالى :" أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " (الانعام: 122 ).
واذا كان تعبير الرؤى بالفراسة يوجد بكثرة عند السلف الصالح فلا يعني أنه يمتنع عند غيرهم , لكن الفرق عندي من حيث القلة والكثرة فحسب , فقد يوجد في هذا العصر من يهبه الله الفراسة , وقد جاه في الحديث : " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله"(11).
وجاء في الحديث القدسي الذي رواه البخاري من طريق أبي هريرة قال أبو هريرة قال: قال رسول الله صلي الله علية وسلم : ان الله قال : من عادى لي وليا فقد اذنته بالحرب , وما تقرب الى عبدي بشيء أحب الي مما افترضته عليه , وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه , فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به , وبصره الذي يبصر به , ويده التي يبطش بها , ورجله التي يمشي بها , وان سألني لأعطينه , ولئن استعاذ بي لأعيذنه. وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وانا أكره مساءته "(12) , والمراد أنه يجعله ينتفع بما يسمع من العلم والحكمة والمواعظ الحسنة والتجارب النافعة ويجعله كذلك يرى بنور الله ما في السموات والأرض من ايات فيزداد إيمانه ويقينه.
قال العلأمة المناري في كتابه تعليقا على الحديث الذي سبق: "اتقوا فراسه المؤمن".
الفراسة: هي الاستدلال بهيئات الإنسان وأشكاله , والوانه واقواله, على أخلاقه وفضائله, ورذائله , وقد تبه الله على صدقها بقوله :" إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ " (الحجر: 75 ) , وقوله: "تعرفهم بسيمهم (البقرة: 277 ), وهي في اللغة مشتق من قولهم فرس السبع الشاة, وأطلق على السبع لانه يفترس المسافات جريأ , فكانت الفراسة اختلاس العارف النظر في الشخص مثلا والتعرف على حاله , وهي نوعان:
الأول: نوع يحصل للإنسان عن خاطر لا يعرف سببه ء وهو ضرب من الإلهام وهو الذي يسمى صاحبه المحدث كما في خبر: " ان يكن في هذه الأمة محدث فهو عمر"(13) وقد يكون هذا الإلهام حال اليقظة أو المنام , هذا هو النوع الأول , وحقيقتها أنها: خاطر يهجم على القلب يثب عليه كوثوب الأسد على فريسته، وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان فمن كان أقوى إيمانأ فهو أحد فراسة.
والثاني: يكون بصناعة متعلمه , وهي معرفة ما في الألوان والأشكال وما بين الأمزجة والأخلاق , والأفعال الطبيعية , ومن عرف ذلك وكان ذا فهم ثابت ,قوي على الفراسه(14) .
.
.
والخلاصة التي أتوصل إليها بعد كل هذا الحديث. . . يوجد من يعبر الرؤيا فراسة ، ويوجد من يعبرها إلهامأ، ويوجد من يعبرها صناعة وتعلما، ولكن يجب التنبيه هنا إلى أن الأفضل ألأ يقول الإنسان عن نفسه أن تعبيره من باب الفراسة أو الإلهام لأن هذا من تزكية النفس والله سبحانه وتعالى يقول:" فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بكم اتقي " (النجم: 32 ).
كما أن تعبير الرؤى لا يقوم على الفراسة فحسب بل يقوم عليها ، وعلى غيرها من الإلهام ، ومن البراعة في علم التعبير القائم على معرفة القران والسنة ومعرفة أصول هذا الفن من التأويل بالمعنى أو باشتقاق الأسماء ومثال هذا ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلي الله علية وسلم : " رأيت ذات ليلة فيما يرى النأئم كأنا في دارعقبة بن رافع ، فأتينا برطب من رطب ابن طاب - وهو رجل من أهل المدينة ينسب له هذا النوع من الرطب الجيد - قال صلي الله علية وسلم : فأولت الرفعة لنا في الدنيا
والعاقبة لنا في الاخرة ، وأن ديننا قد طاب "(15) ، أي كمل واستقرت أحكامه. فالرسول صلي الله علية وسلم أول عقبة: بالعاقبة، ورافع : بالرفعة ، وطاب: باستقرار الدين واكتمال أحكامه.
أمر اخر غير ألتأويل بالأشتقاق:
التأويل مما ضرب به المثل ومثاله : ما أخرجه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر أن النبي صلي الله علية وسلم قال: "رأيت كأن امرأة سوداء ثائرة الراس خرجت من المدينة - حتي قامت بمهيعة وقيل: مهيعة على وزن عظيمة، وهي الجحفة - وهي أسماء أماكن في المدينة - فأولت أن وباء المدينة نقل إليها "(16) .
قال المهلب: هذه الرؤيا من قسم الرؤيا المعبرة وهي مما ضرب به المثل ، ووجه التمثيل أنه اشتق من اسم (السوداء ) كلمتين هما: السوء ، والداء فلو ركبت الكلمتين مع بعضهما لخرج لك كلمة: سوداء ، فالرسول الكريم صلي الله علية وسلم خروجها بما جمع من اسمها ، وتأول كذلك ثوران شعرها ، أن ما يثير الشر يخرج من المدينة.
ولاحظ هنا أن ليس كل سواد مكروهأ في المنام إذ الرؤى كما قلت لك: يجب النظر فيها من عدة أمور ، ومنها زمن الرؤيا ، وقد كانت المدينة ذلك الوقت أرضأ موبوءة ، ولذلك ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: " قدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله "(17) ، وقد دعا الرسول الكريم صلى الله علية وسلم أن ينقل الله وباءها إلى الجحفة فقال: " اللهم حبب الينا المدينة وانقل حماها الى الجحفة " (18) , ولذا قد يرى راء رؤيا وفيها لون السواد , فيعبر له مشتقأ من السيادة لا من السوء , وهكذا والمهم هنا تنوع التعبير وطرقه , وتنوع تعبير الرسول صلي الله علية وسلم للرؤى ورسول الله كان مع أصحابه يعبر الرؤيا ويخبرهم سبب تعبيره كالمثال السابق . . . خذ هذا المثال أيضا: عن أبي موسى عن النبي صلي الله علية وسلم قال: رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر فإذا هي المدينة يثرب ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفا فانقطع صدره فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد ثم هززته أخرى فعاد أحسن ما كان فإذا هو ما جاء الله به من الفتح واجتماع المؤمنين ورأيت فيها أيضا بقرا والله خير فإذا هم النفر من المؤمنين يوم أحد وإذا الخير ما جاء الله به من الخير بعد وثواب الصدق الذي آتانا الله بعد يوم بدر " . هذا نص مسلم (19).
فالملاحظ هنا أن الرسول صلي الله علية وسلم يخبر الصحابة بالرؤيا وتعبيره لها وهذا من التعليم منه , ومنها أيضأ ما أخرجه أحمد في مسنده بسنده عن أنس أن رسول الله صلي الله علية وسلم قال:" رأيت فيما يرى النأئم كأني مردف كبشأ وكآن ظبة سيفي انكسرت , فأولت اني أقتل صاحب الكتيبة , وان رجلا من أهل بيتي يقتل " (20) .
فقتل رسول الله صلي الله علية وسلم طلحة بن أبي طلحة صاحب لواء المشركين , وقتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه.
قال النووي في شرح صحيح مسلم تعليقا على حديث ابن عباس: أن رسول الله كان مما يقول لأصحابه: " من راى منكم رؤيا فليقصها أعبرها لة . . . " الخ (21) ,
قال القاضي : معنى هذه اللفظة عندهم كثيرا ما كان يفعل كذا ، وكأنه قال : من شأنه . وفي الحديث الحث على علم الرؤيا والسؤال عنها وتأويلها ، قال العلماء : وسؤالهم محمول على أنه صلى الله عليه وسلم يعلمهم تأويلها وفضيلتها واشتمالها على ما شاء الله تعالى من الإخبار بالغيب وقد جاء في الحديث الصحيح عند البخاري قال صلي الله علية وسلم : بينما أني نائم أتيت بقدح لبن فشربت منة حتي اني لأرى الري . . . " (22) الحديث وقد سبق ذكرة وقد أول الرسول صلي الله علية وسلم اللبن بالعلم , ويهمنا هنا ونحن نتحدث عن مشروعية تعليم الرؤيا والسؤال عنها ما جاء من رواية أبي بكر بن سالم أنة صلي الله علية وسلم قال لهم : " اولوها " , قالوا يا رسول الله هذا علم أعطاكه الله , فملأك منة , ففضلت فضلة فأعطيتها عمر , قال : " أصبتم " , وهنا انتقل صلي الله علية وسلم من اخبار الصحابة بتعير الرؤي الي سؤالهم عنها . فهو صلي الله علية وسلم كما يقول ابن حجر في الفتح : كان يجيد تعبير الرؤيا وكان لة مشارك في ذلك منهم لأن الاكثار من هذا القول لا يصدر الي ممن تدرب فية ووثق باصابتة .
وقال اثناء تعليقه على الحديث: في الحديث مشروعية إلقاء العالم المسا ئل واختبار اصحابه في تأويلها.
وقال في موضع اخر: فضيلة تعبير الرؤيا , لما تشتمل عليه من الاطلاع على بعض الغيب وأسرار الكائنات(23).
كذلك يحتاج المعبر الى الإلمام بالأمثال في القران ومعانيه , واعتبار الاشعار والأمثال واشتقاق اللغة ومعانيها وأن يكون عالما بما يجري على ألسنة الناس , ويحتاج المعبر كذلك الى معرفة الكثير عن حال الرائي , فلا عيب آن يسأله عن عمله أو وظيفته , وعمره , وحالته الاجتماعية وكل ما يراه ضروريا مما يستدل به على علم مسألته أو رؤياه , والمعبر هنا كالطبيب لو حجب عنه المريض معلومات عن حالته المرضية فقد يخطئ في التشخيص
وقد يصف له دواء خاطئأ ، ويجب عدم الا ستعجال من السائل والمسؤول ، وقد نقل عن ابن سيرين رحمه الله أنة كان اذا وردت الية مسالة رؤيا مكث فيها مليأ من النهار يسأل صاحبها عن نفسه وصناعته وعن قومه ، وهذا بالطبع قد يحصل للمعبر المتمكن وليس عيبا أن يتروي مثل هذا الوقت ، ولا شك أن أكثر ما روي عن ابن سيرين ليس فيه أن يحتاج لوقت طويل حال تعبيره وتأمله ، لكن ذكرته لأن وجود هذا منه على ندرته ومع براعته فى التعبير دليل على أهمية التروى ، والتروى مفيد للتثبت من عبارات الراوى والتعرف على حالته من حيث الصلاح والصدق والعدالة ووقت الرؤيا . . وغير ذلك
من الأمور التي قد يحتاجها المعبر، كما يجب عدم الضجر أو الغضب من أسئله المعبر - خاصة - عند عدم معرفه بحال السائل كما يقع كثيرا في هذا العصر نتيجة الاتصالات الهاتفيه من اشخاص - ذكورا أو إناثأ - لا يعرفهم المعبر، فقد يحتاج للسؤال عنهم أسئله قد يرفضها البعض من السائلين ويفسرها بالتدخل فى خصوصياته. كذلك السؤال عن الدين مهم للمعبر، ويجب على المسؤول الصدق في الجواب فصلاح الانسان أو فسقة ، ذو
علاقة قوية برؤياه ، فأ ل هذا الفن مثلا قالوا : ان أكل العسل للمسلم تأويله حلاوه القران والذكر فى قلبه ، وهو للكافر حلاوة الدنيا وغنيمتها ، فالرؤى تتغاير على حسب الديانة والمذاهب والبلدان ويجب -عند نقل الرؤيا - أتقان
نقلها للمعبر، واخباره عن صاحبها ذكرا أو انثى ، حالته الاجتماعية عمره. . . الخ ، وكل ما يراه المعبر ضروريأ لتعبير الرؤيا المنقولة وقد ذكر ابن حجر فائدة على قول الرسول صلى الله علية وسلم : " من رؤيا فليقصها أعبرها له "(24) قال القرطبي: " فليقصها " ليذكر قصتها ويتبع جزئياتها حتى لا يترك منها شيئا من قصصت الأثر اذا اتبعته. وقد سأل الرسول صلي الله علية وسلم واستفسر وهو رسول الله , جاء فى الحديث: أن رجلا اسمه مطيع بن الاسود رأي في منامه أنه أهدى اليه جراب من تمر, فذكر ذلك للنبي صلي الله علية وسلم فقال: " هل بأحد من فتياتك حمل ؟ " قال: نعم ، بامرأة من بنى .ليث. . وهى أم عبد الله ،
قال صلي الله علية وسلم : " انها ستلد غلاما " , فولدت غلاما , فأتي به النبي صلي الله علية وسلم فسماه عبد الله وحنكة بتمرة ودعا له بالبركة. .وهذا الحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (25) وعزاه الى الطبراني ولم يخرج في واحد من الكتب التسعة.
77
________________________
( 1 ) يوسف : 43
( 2 ) ابن حجر . مرجع سابق – ( 434 12 )
( 3 ) الفير وزابادي - تفسير ابن عباس . مرجع سابق ص 193
( 4 ) رواه البخاري في كتاب التعبير باب المبشرات, انظر الفتح ( 12 375 ) - مرجع سابق - ورواه 0 أحمد في مسند أبي هريرة - مرجع سابق.
( 5 ) )خرجه مسلم في كتاب الصلاة باب النهي عن قراءة القران في الركوع والسجود كما في النووي ( 4 / 196 ) - مرجع سابق -.
( 6 ) أخرجه البخاري في كتاب فضائل الصحابة باب فضائل عمر بن الخطاب كما في الفتح (7/ 42 ) - مرجع سابق - , ومسلم في كتاب فضائل الصحابة باب فضائل عمر بن الخطاب كما في النووي ( 15 / 166 ) - مرجع سابق- .
( 7 ) جلال الدين السيوطي - الخصائص الكبرى - ( 2 / 115 ).
( 8 ) مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد واياك نستعين لمحمد بن أبي بكر أيوب الزرعي - دار الكتاب العربي - بيروت , ط 2, في ( 1393 - 1973 ) تحقيق: محمد الفقي. (ص 115 ).
( 9 ) الفاتحة: 5 .
( 10 ) جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم من طريق ابن عمر عن عمر قال : قال :عمر: (وافقت ربي في ثلاث: في مقام إبراهيم وفي الحجاب وفي اسارى بدر ) انظر: النووي شرح صحيح مسلم ( 16715 ) , ولا شك في فضله رضي الله عنه كما قال حين احتج نساء النبي عليه في الغيرة : عسى ربه إذ طلقكن أن يبدله أزواجأ خيرا منكن فنزلت الاية بذلك , وجاء في الحديث الذي ذكره مسلم أيضأ موافقته في منع الصلاة على المنافقين ونزول الأية بذلك ( 16715 ) وجاءت أيضأ موافقته في تحريم الخمر , قال النووي : فهذه ست وليس في لفظ الحديث السابق ما ينفي زيادة الموافقة , والله أعلم.
( 11 ) رواه الترمذي في كتاب تفسير القران باب تفسير سورة الحجر. ورواه الطبراني والبخاري في التاريخ , وحكم عليه الألباني بالضعف.
( 12 ) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق باب التواضع ( 11 / 341 ) كما في الفتح - مرجع سابق - .
( 13 ) يشير إلى الحديث الذي سبق ذكره في فضل عمر وسبق تخريجه ص 58 .
( 14 ) محمد الرازي المشتهر بخطيب الأمي - الفراسة دليلك إلى معرفة أخلاق الناس وطبائعهم وكأنهم كتاب مفتوح - تحقيق مصطفى عاشور - نشر مكتبة القران ص21 – 22 .
( 15 ) أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الرؤيا كما في النووي ( 15 / 31 ) - مرجع سابق - .
( 16 ) أخرجه البخاري في كتاب التعبير باب إذا رأى أنه أخرج الشئ من كؤة وأسكنه موضعا اخر ( 12 / 425 ) وفي باب: المرأة السوداء ( 12 / 426 ) - مرجع سابق -.
( 17 ) أخرجه البخاري في كتاب فضائل المدينة باب كراهية النبي صلي الله علية وسلم أن تعرى المدينة الفتح ( 99/4 ) - مرجع سابق - ومسلم في كتاب الحج باب فضل المدينة والترغيب في سكنى المدينة شرح النووي ( 9 /0 15 ) - مرجع سابق -.
( 18 ) أخرجه البخاري في كتاب فضائل المدينة , باب كراهية النبي صلي الله علية وسلم ان تعرى المدينة كما في الفتح - مرجع السابق . ( 4 / 99 ) , وكما في النووي شرح صحيح مسلم . مرجع سابق . في كتاب الحج باب فضل المدينة والترغيب في سكنى المدينة ( 1509 ).
( 19 ) متفق عليه واللفظ لمسلم انظر: الفتح الباري , كتاب المناقب في احاديث علامات النبوة ( 6276 ) - مرجع سابق - . والنووي على شرح مسلم في كتاب الرؤيا ( 3115 )
• مرجع سابق ..
( 20 ) رواه أحمد في باقي مسند المكثرين في مسند أنس بن مالك.
( 21 ) رواه مسلم في كتاب الرؤيا كما في النووي ( 3015 ) - مرجع سابق - .
( 22 ) بينما أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه حتى إني لأرى الري . . تقدم تخريجه ص30 .
( 23 ) ابن حجر فتح الباري - مرجع سابق - ( 440 , 437 , 39412 )0
( 24 ) تقدم خريجه ، ص 65 .
( 25 ) الهيثمي - مرجع سابق - (7/184)
** نقلا عن الدكتور فهد العصيمي
س: هل ما يراه النأس في منامهم من صور و رموز عند تشابهها تكون ذات تعبير واحد ؟
ج : هذا السؤال يرد كثيرا , فهل ما يراه الإنسان في نومه له تعبير واحد لا يتغير, بمعنى أن قن رأى مثلا الشمس والقمر فيكونان رمز أبويه , أمة وأبيه , قياسأ على رؤية يوسف , ومن رأى بقرة فتدل على السنة كما عبرها يوسف , وهكذا. . والجواب: لا, فالرؤى يتنوع تعبيرها من شخص إلى اخر, ومن وقيت الى اخر فالرسول صلي الله علية وسلم عبر رؤياه حين رأى البقر التي تنحر, بقتل أصحابه يوم أحد ، رضي الله عنهم ، ويوسف عليه الصلاة والسلام عبر البقر السمان بالسنوات الخصبة التي يكثر فيها الرزق ، والبقر العجاف ، بالسنوات القحط التي يقل فيها الرزق والمطر.
والمرجع في هذا إلى المعبر للرؤيا، وتأملة في ألفاظها ، وتأملة في حال صاحبها وزمان الرؤيا ، وكل هذا يستخلص منه المعبر التعبير، فالشمس مثلا لها أوجه متعددة من حيث التعبير والمرجع في هذا الى المعبر. قيل لأحد المعبرين : رايت الشمس والقمر دخلا جوفي ، فقال تموت ، واحتج بقوله تعالى:
وقال حابس بن سعد الطائي وقد ولاة عمر القضاء , يا أمير المؤمنين:
اني رايت الشمس والقمر يقتتلان ، والنجوم بينهما نصفين.
فقال عمر: مع أيهما كنت ؟ قال : مع القمر على الشمس.
قال عمر: كنت مع الأية المحمودة ، اذهب فلست تعمل لي عملا، ولا تقتل الأ في لبس من الأمر. . فكان كما قال عمر رضي الله عنه ، فقتل يوم صفين`1`)، ويوسف حين رأى رؤياه عبر الشمس والقمربأبويه.
فالشمس والقمر لو تأملت ، لم ترد بمعنى واحد في هذه الرؤى ، ولذا يظهر لك خطأ منتشر بين الناس - وبخاصة -العامة منهم ، فعندما يرون الموتى مثلا يظنون أنه كناية عن قرب الأجل ، أو مؤشر على رسالة أو وصية لم تنفذ ، وعندما يبكي في المنام يقولون: هو فرح ، وهذا غير صحيح كما ظهر لنا من خلال الأدلة السابقة.
هل تعبر الرؤيا بشكل واحد , أم تختلف حسب الزمان والمكان والهيئات ؟
مما ينبغي أن يفهمة المعبر وأن يعية جيدا ; أن الرموز قد تختلف حسب الزمان والمكان , ولذا فقد يعبر المعبر رؤيا في وقت أو مكان معينين بتعبير , ويعبر نفس الرؤيا بتعبير مختلف , بسبب اختلاف الزمان أو المكان , وهذا بالمناسبة يحصل كثيرا , وقد يعجب منة البعض من قليلي البضاعة في العلم .
كما أن صاحب الرؤيا ايضا لة دور في اختلاف التعبير ; حسنا أو سوء حسب صلاحة وعدالتة ونحو ذلك من أمور تتعلق بالرائي , ولعل مما يذكر هنا تأييد لما قلتة , قصة الطفيل حين خرج مع جيش المسلمين في قتال المرتدين في اليمامة , وكان معة ابنة عمرو بن الطفيل , قال الطفيل رضي الله عنة :
قال : وخرجت الي بعث مسيلمة ومعي ابني عمرو ، حَتَّى إذا كنت ببعض الطريق رأيت رؤيا ، رأيت كأن رأسي حلق ، وخرج من فمي طائر ، وكأن امرأة أدخلتني في فرجها ، وكأن ابني يطلبني طلبا حثيثا ، فحيل بيني وبينه ، فحدثت بِهَا قومي ، فقالوا : خيرا ، فقلت : أما أنا فقد أولتها ، أما حلق رأسي فقطعه ، وأما الطائر فروحي ، والمرأة الأرض أدفن فيها ، فقد روعت أن أقتل شهيدا ، وأما طلب ابني إياي ، فما أراه إلا سيعذر في طلب الشهادة ، ولا أراه يلحق في سفره هَذَا ، قَالَ : فقتل الطفيل يوم اليمامة ، وجرح ابنه ، ثم قتل يوم اليرموك شهيدا في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنة .
قال ابن القيم في "زاد المعاد " بعد القصة (3627) :
واما تعبيرة حلق رأسة بوضعة ,فهذا لأن حلق الرأس وضع شعره على الأرض وهو لا يدل بمجرده على وضع رأسه، فإنه دال على خلاص من همٍّ أو مرض أو شدة لمن يليق به ذلك، وعلى فقر ونكد وزوال رياسة وجاه لمن لا يليق به ذلك، ولكن في منام الطفيل قرائن اقتضت أنه وضع رأسه، منها: أنه كان في الجهاد ومقاتلة العدو ذي الشوكة والبأس. ومنها: أنه دخل في بطن المرأة التي رآها وهي الأرض التي هي بمنزلة أمه، ورأى أنه قد دخل في الموضع الذي خرج منه، وهذا هو إعادته إلى الأرض، كما قال تعالى: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم} طه : 155، فأول المرأة بالأرض إذ كلاهما محل الوطء، وأول دخوله في فرجها بعوده إليها كما خلق منها، وأول الطائر الذي خرج من فيه بروحه، فإنها كالطائر المحبوس في البدن، فإذا خرجت منه كانت كالطائر الذي فارق حبسه فذهب حيث شاء؛ ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم "أن نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة ",
اخرجة أحمد والنسائي ومالك . ومعني يعلق : أي يأكل ويرعي.
فتأمل كلام ابن القيم هذا وتعلم أن تعبر و تقيس كل رؤيا حسب صاحبها والزمن الذي رئيت فيه، وتأمل مدارسة الصحابة بعضهم البعض في علم تعبير الرؤى، لتعلم أن هذا علم يمكن تعلمه وتعليمه ولو خالفنا في هذا الرأي من خالفنا، والله أعلم.
لا يخفى على أي مهتم بهذا الفن أن هذا العلم شريف جدا ، ولذلك امتن الله على نبيه يوسف بقوله تعالى [وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ...] ، وكان نبينا محمد [صلى الله عليه وسلم ] يعبر الرؤى وكثيرا ما سأل الصحابة كما في حديث سمرة بن جندب : كان النبي [صلى الله عليه وسلم ] إذا صلى الصبح أقبل عليهم بوجهه فقال : هل رأى أحد منكم البارحة رؤيا .
والحقيقة أن لي وجهة نظر في هذه المسألة ؛ أقصد إمكانية تعلم ، وتعليم هذا العلم ، وهي أنه يمكن تعلمه ، وتعليمه .
وقد يكون في هذا الرأي غرابة لدى البعض ؛ وذلك لكون هذا العلم أشبه بالإلهام والفراسة ، وكأن فيه تشبها بالرسل ، فوجد الحرج من هذه الجهة ولكن آمل أن نطرح هذه المسألة للنقاش ليكون طرحنا موضوعيا .
وإليكم أهم ما يجعلني أميل لهذا الرأي ، وقد تكلمت عليه بالتفصيل في كتابي :تعبير الرؤيا مصطلحات معاصرة أسئلة وأجوبة،ص:96، وما بعدها، الناشر : دار التدمرية .
قال النووي تعليقا على حديث سمرة السابق :
فيه استحباب السؤال عن الرؤيا ، والمبادرة إلى تأويلها ، وتعجيلها أول النهار ، وفيه إباحة الكلام في العلم وتفسير الرؤيا ، ونحوهما .15/30
وقال ابن حجر تعليقا على الحديث السابق كما في الفتح 12/437:
الحث على تعليم علم الرؤيا وعلى تعبيرها ، وترك إغفال السؤال عنه ، وفضيلتها لما تشتمل عليه من الاطلاع على بعض الغيب ، وأسرار الكائنات .
وقال ابن عبد البر كما في التمهيد 1/313 تعليقا على الحديث السابق : وهذا الحديث يدل على شرف علم الرؤيا وفضلها ، لأنه [ صلى الله عليه وسلم ] إنما كان يسأل عنها لتقص عليه ، ويعبرها ، ليعلم أصحابه كيف الكلام في تأويلها.
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما في مجموع مؤلفاته 5/130 :
علم التعبير علم صحيح يمن الله به على من يشاء من عباده.
وقال في موضع آخر 5/143 :
عبارة الرؤيا علم صحيح ذكره الله في القرآن ولأجل ذلك قيل : لا يعبر الرؤيا إلا من هو من أهل العلم بتأويلها ، لأنها من أقسام الوحي .
وقد نبه الشاطبي رحمه الله في الموافقات 2/415 :
أنه ما من مزية ومنقبة أعطيها النبي [صلى الله عليه وسلم] سوى ما استثني ، إلا وقد أعطيت أمته نموذجا ، وهذا يعلم بالاستقراء ، ومن ذلك أنه أعطي الوحي له ، ولأمته أعطيت الرؤيا الصالحة .
وقال الإمام مالك ، وقد سئل : أيفسر الرؤيا كل أحد ؟ فقال : أبالنبوة يلعب ، ثم قال : لا يعبر الرؤيا إلا من أحسنها . فإن رأى خيرا أخبره ، وإن رأى مكروها فليقل خيرا أو ليصمت .
وقال الإمام ابن السعدي في تفسيره 2/442 : ومنها أي الفوائد على الآية السابقة :أن فيها أصلا لتعبير الرؤيا فإن علم التعبير من العلوم المهمة التي يعطيها الله من يشاء من عباده .
وقال أيضا 2/449 : ومنها أن علم التعبير من العلوم الشرعية ، وأنه يثاب الإنسان على تعلمه ، وتعليمه .
ومما يدل على وجود التعلم والتعليم عند الصحابةـ أشرف الخلق ـ ما ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يسأل أسماء بنت عميس الخثعمية عن تعبير الرؤيا كما في تهذيب التهذيب لابن حجر 12/399 .
وذكر ابن سعد في الطبقات 7/124 : أن سعيد بن المسيب كان من أعبر الناس للرؤيا ، وكان أخذ ذلك عن أسماء بنت أبي بكر ، وأخذته أسماء عن أبيها أبي بكر، وأبو بكر أخذ هذا العلم من الرسول الكريم ، الذي كان يدعه أحيانا يعبر بعض الرؤى ، ويصوبه أحيانا ، وقد يخطئه شانه شأن أي معلم وتلميذه ، وقد كان هذا التلميذ بارعا في الكثير من المواقف التي امتحن فيها ، ولذلك نجده بعد إحدى المرات ، وكان يعبر رؤيا رآها الرسول يقول الرسول له إعجابا بتعبيره : كذلك قال الملك . ، ولكن حصل له أيضا أن أخطأ في اجتهاده ، وكان الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] لا يجامله ، بل يخطئه ولذا قال له مرة بعد أن عبر عنده : أخبرني يا رسول الله بأبي أنت أصبت أم أخطأت ؟ فقال النبي : أصبت بعضا وأخطأت بعضا .
كذلك حصل لعائشة رضي الله عنها مواقف تعليمية مع أبيها ، فكانت تعرض عليه الرؤى ، وحصل لها مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعض المواقف ، ولذا فقد عنفها مرة حين عبرت رؤيا لامرأة بأن زوجها يموت وتلد غلاما فاجرا بقوله :
[ مه يا عائشة إذا عبرتم الرؤيا للمؤمن فاعبروها له على الخير .... ] والشاهد من الحديث طلب الرسول من عائشة أن تسلك منهجا محددا في التعبير ، وهو صرفها على الخير .
وقد ذكر الإمام ابن خلدون في مقدمته ص:389 أن هذا العلم من العلوم الشرعية وهو حادث في الملة عندما صارت العلوم صنائع وكتب الناس فيها ، وتعبيره موجود في السلف والخلف ، ولم يزل هذا العلم متناقلا بين السلف .
هل يختلف تعبير الرؤيا تبعاً لاختلاف بلاد الرائي؟
ج:نعم، يختلف التعبير تبعاً لاختلاف حال الرائي وهيئته كما ذكرنا، ويدخل في هذا صناعته، ومكانته، وديانته، وعمره...
والسؤال هنا عن البلد ومعرفته مهم في التعبير،
فالبلاد الحارة تختلف عن البلاد الباردة، والبلد البترولي الذي يعتمد على البترول، يختلف عن البلد الزراعي، والبلد الذي يعتمد عى مياه البحر وصيده يختلف عن البلد الذي يقع في الصحراء ويعتمد على صيد البر، والبلد ذو الطبيعة الجبلية يختلف عن البلد ذي الطبيعة المستوية..
فالبلد الصحراوية مثلاً رؤية الثلج لهم تعْبر بالرزق أو الخصب أو قدوم المطر.
ورؤية المزارع الخضراء لأهل البلد الزاعي قد تدل على البيع الوفير للمحاصيل، وسلامة المحصول من الآفات، وهي لغير أهل هذا البلد قد لا تكون بمثل هذا التعبير الدقيق بما يتعلق بالمحاصيل الزراعية. وهكذا،
وعادات البلد مهمة فلو رأى إنسانٌ في بلد أنه يمارس عادة بلده وهي مستنكرةُ عند المعبر فعلى المعبّر ألا يعجل ويسأل الرائي عن عاداته في بلده فربما هي حميدة في الوقت الذي يراها المعبر مستنكرة،
والعادات مرجعها إلى العرف السائد، وهو يختلف من بلد إلى آخر.
هل يمكن تعبير رؤى المجنون , المريض قبل دخوله غرفة العمليات ، مريض الأعصاب, والكبير في السن ؟ ويري الكاتب التالي :
1) المجنون قد يخبرنا برؤية رآها ويمكن تعبيرها ، ولكن لا شك أن الجنون درجات ،فالبعض منهم قد يكون قادرا على إخراج ما رآه ، وقادرا على إفهام من يحدثه ، وأما المرضى المنجوليين ، ففي الغالب أنهم لا يقدرون على إيصال ما رأوه ، ولذا فقد يتعذر التعبير لهم . 2) المرضى الذين يرون ما قبيل العمليات ما يدل على بشائر لهم ، فهذا يعبر ، وقد يساعدهم المعبر المتفائل على الرغبة في الشفاء ويقوي عزائمهم ، وأما ما يرى بعد العمليات وما بعد تأثير البنج أو أثناءه ، فلا وهي من الهلوسة ، كما يفعل ذلك من غاب بسبب المسكر عافانا الله وإياكم .
3) وما جاء في القسم الثالث ، فهم مثل المجنون الذي يستطيع أحيانا إفهام المعبر ، فيجري عليه ما قلناه هناك .
4) كبار السن ؛ ممن ابتلوا بمرض الزهايمر ، يؤخذ بما يقولونه أثناء كونهم في لحظات يقدرون فيها على الحوار ، ومن ذلك إذا ما قصوا رؤيا مثلا .
جانب القران جانب الحديث جانب اللغة العربية جانب الرموز
وقت الرؤيا الرئي ماذا عنة ؟
فالمعبّر عند قصّ الرؤيا عليه، ينظر لجوانب متعددة وضّحتها في الرسم السابق ويلاحظ أنَّ الأقسام العلوية هي ذات علاقة باللفظ،
والأقسام التي في الأسفل لها علاقة بصاحب الألفاظ أو صاحب الرؤيا والزمن الذي رؤيت فيه الرؤيا.
ولنضرب هنا مثالاً بما رواه البخاري في صحيحه:
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون وعليهم قُمُص، منها ما يبلغ الثُّدِيَّ ومنها ما يبلغ دون ذلك، ومرَّ عمر بن الخطاب وعليه قميص يجرُّه ))،
قالوا: ماذا أوَّلت ذلك يا رسول الله ؟
قال: (( الدِّين ))
فتح الباري 12/413 _ النووي 15/159
الرسول صلى الله عليه وسلم هنا عبر القميص بالدِّين،
ولسائل أن يقول: لماذا عبّر الرسول صلى الله عليه وسلم القميص هنا بالدِّين؟
لو نظرنا للقرآن لزال عنا هذا التساؤل،
قال تعالى: { وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ } [ الأعراف: 26 ]
ولذا عبّرها الرسول صلى الله عليه وسلم هنا بالدِّين كما أنَّ هناك علاقة من حيث المعنى، فالقميص يستر العورة في الدنيا، والدِّين يسترها في الآخرة، ويبعد عنها كل مكروه.
إذاً الرسول صلى الله عليه وسلم هنا من خلال تفرّسه بالرؤيا فسّرها من الجانب الأقوى فيها وهو القرآن الكريم،
والأمثلة على هذا كثيرة،
ومنها: تعبير السفينة بالنجاة، والخشب بالمنافقين، والحجارة بقسوة القلب، وأكل لحم الرجل بغيبته، والنعاس بالأمن ... وغيرها.
ويضرب أمثلة أخرى لإمكانية فك رموز الرؤى من خلال السنة المطهرة فرؤية النخلة قد تعبر بالرجل المؤمن لتشبيه الرسول للرجل المسلم بالنخلة،
والحديث عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مَثَلُ المُسْلم، فحدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البوادي قال عبد الله : فوقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت. ثم قالوا حدثنا ما هي يا رسول الله. قال: هي النخلة )).
[ فتح الباري 1/145 ]
_ ورؤية قارورة الماء تعبر بالمرأة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيح
((رفقاً يا أنجشة بالقوارير )) [ فتح الباري 10/ 538 ] ،
_ ورؤية الثوب تعبر بالدين كما عبر الرسول صلى الله عليه وسلم الثوب الذي رآهُ لعمر وهو يجره بالدين.
إذا من هنا أستطيع أن أوضّح للقارئ الكريم [ مراحل تعبير الرؤيا ].
في الشكل التالي:
الرؤيا
النظر فيها وتأمل جوانبها من حيث :
أ - الرموز والألفاظ للرؤيا هل لها علاقة ب :
القران الكريم - السنة النبوية - اللغة العربية واشتقاقاتها
ثم ب - صاحب الرؤيا من حيث : حالتة الاجتماعية وجنسة ووظيفتة
ثم ج - وقت الرؤيا وهل هي حديثة أم قديمة , صيفا أو شتاء . . .
ومثال آخر ما رواه مسلم في صحيحه في كتاب الرؤيا:
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( رأيت ذات ليلة فيما يرى النائم كأنّا في دار عُقبة بن رافع، فأُتينا برُطَب ابن طاب فأوَّلتُ الرِّفعة لنا في الدنيا والعاقبة لنا في الآخرة، وأنَّ ديننا قد طاب)).
لا حظ تعبير الرسول صلى الله عليه وسلم لهذه الرؤيا تجده قد عّبرها من جانب اللغة واشتقاقاتها دون الربط بين التعبير وجانب القرآن، والسنّة مثلاً وهذا نلاحظه من خلال تأمّلك للتعبير.
فالرسول صلى الله عليه وسلم
أوّل عقبة في الرؤيا: بحُسن العاقبة في الحقيقة وهذا في الآخرة،
وأوّل رافع في الرؤيا: بالرِّفعة والانتصار وهذا في الدنيا،
وأوّل الرطب من رطب ابن طاب: باستقرار الدَّين وكمال أحكامه،
ومن المعروف أن الرطب هو آخر مراحل النضج بالنسبة للتمور ولهذا والله أعلم عبّرها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم باستقرار الدِّين وكماله وانتهاء أحكامه.
وأخذ من كلمة طاب معنى الاستقرار أيضاً.
ولو تساءلنا عن سبب تعبيرها من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من جانبها اللغوي والاشتقاقي،
فالجواب: لأنه أقوى في هذه الرؤيا من الجوانب الأخرى، والمعبّر وهو هنا رسول الله من فراسته وعلمه الذي هو من علم الله ، فهو لا ينطق عن الهوى عبّرها من هذا الجانب.
لذا فالمعبرون عند قصّ الرؤيا عليهم يبحثون عن الجانب الأقوى أو جانب الرؤيا الجيد والذي من خلاله يفترسون هذه الرؤيا ولا يخفى على القارئ الكريم أنَّ افتراسهم للرؤيا هو معرفة تعبيرها من خلال النظر والتأمّل فيها.
ومن رأى من مجلدات التعبير أو قرأ منها شيئا فإنه يصل إليه حديث من شخص جليل القدر ويحصل له من ذلك الحديث امتنان وخير وشرف لقوله عز وجل " وعلمتني من تأويل الأحاديث " .
نادرة رأى شخص سفل من أصحاب الجهل أنه سار سلطانا وهو جالس بتخت المملكة فقص ذلك على بعضهم ونسب الأمر إلى من يشبهه وهو بهذه الصفة ولم يعين نفسه فعبرها له أن يضرب ويشهر به وربما يكون حصول مصيبة فعن قليل حصل له ذلك بعينه.
نادرة روى أن بعض الخلفاء قال لمعبر إني رأيت جميع أسناني سقطت فقال جميع أقارب مولانا)
أمير المؤمنين يموتون فتغير من ذلك واستدعى بعابر غيره وقص عليه الرؤيا فقال له إن صدقت رؤيا مولاي أمير المؤمنين فإنه يكون أطول عمرا من أقاربه فأقبل عليه وأحسن إليه والمعنى واحد والعبارة متفاوتة.
أما معنى الأحلام المشابهة لرؤية شخص يشكو التعب في المنام فيؤول إلى التالي