من رأى أنه قبض الشمس في السماء بيده أو جعلها في ملكه أو صار شمسا أو صار في مكانها أو أخذ من ضوئها يحصل له السلطنة إن كان يليق به ذلك وإلا يحصل للرائي عظمة وأبهة على مقداره ويتقرب عنده أو يتوب عنه.
فائدة في بيان قص الرؤيا وتعبيرها فمنهم من قال أنه جائز في كل الأوقات ويرجع من طلوع الشمس إلى وقت الزوال ومنهم من قال لا يجوز بغير شمس ومنهم من قال من طلوع الشمس إلى فائدة لا ينبغي أن تقص الرؤيا إلا على معبر ويجب على من لا يعرف علم التعبير أن لا يعبر رؤيا أحد فإنه ياثم على ذلك لأنها كالفتوى وهي في الحقيقة علم نفيس وقد ورد في الحديث ما معناه أن الإنسان إذا لم يعلم الجواب وسكت عنه فإنه يؤجر.
ورؤية الشمس تؤول بالسلطان فمن رأى أنه ملكها أو استمكن منها نال من السلطان جاها ومن رآها ولا شعاع لها فإنه نقصان من ملك السلطان وهبوطها يدل على عزل أو مرضه أو موته ومن رأى أنها كسفت أو حال دونها دخان متراكم وسحاب كثيف أو اسودت أو اصفرت أو سقطت من السماء أو صار جرمها أعظم أو أصغر أو أبعد أو أقرب أو أنور أو أظلم اعتبر حال الملك بما يناسبه ومن رأى أن الشمس سجدت له فإن السلطان يميل إليه ويخضع له أو يقع عدل واسع من جهته ومن رأى أنه تنازع هو والشمس فإن السلطان ينازعه بقدر ذلك ومن رأى أن شمسين اصطدمتا فهما ملكان يتقابلان ومن رأى أنه يسجد للشمس أو القمر دل على أنه ارتكب ذنبا عظيما فليتب منه ومن رأى أن الشمس طلعت في بيته فإن كان عزبا تزوج من أهل بيت السلطان ونال من سلطانه بقدر ما رأى من ضوئها ومن رأى أن الشمس قد غابت أو على أن تغيب فإن الأمر الذي هو فيه أو طالبه من خير أو شر قد انقضى ومن رأى أن الشمس طالعة من غير مطلعها فإنه آية وحدث يحدث ومن رأى أنه قد أصابه حر الشمس حصل له ظلم من الملك أو نوابه وتؤول الشمس أيضا بالزوجة إذا كانت لسلطان أو رئيس أو جميلة وتؤول أيضا بالذهب على حسب ما يقتضيه حال المرئي له وقد تؤول الشمس مع القمر بالأبوين فإن سقط أحدهما أو ذهب نوره هلك أحد الأبوين
هل يمكن تعلم تعبير الأحلام ؟
أو هي موهبة يهبها الله لمن يشاء من عبادة , كما هو شائع بين قطاع كبير من معبري الأحلام , ومن الناس ?
وهل هو علم يمكن أن يكتسب ويتعلم ومن ثم يتقدم صاحبة فية - حسب مواهبة - أو يستمر علي مستوي واحد فية نتيجة لقدراتة , التي لا يمكنة تجاوزها ؟
وهل هي فراسة يقطع بها صاحبها , أم تخمين وظن , والظن يخطي ويصيب ؟
ان الواضح لمن يقرأ هذا الكتاب , أن صاحبة يميل الي أن علم التعبير علي رفيع ، واختص بالله به بعضا من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كيوسف وابراهيم ويعقوب ومحمد ، وبرع فية الكثير من الصحابة الأجلاء كابي بكر ، وعمر ، وعائشة ، وغيرهم ، ولكن ليس هذا العلم فراسة تولد مع صاحبها ، وليس الهامأ فحسب ، و ان كان المعبر للرؤيا من أصحاب هذين النوعين أفضل ورأيه أصوب ، لكن هذا لا يجعلنا نغلق باب تعليم الرؤيا لغير هذين النوعين !
نعم من يعبر الرؤيا من باب الفراسة أو الالهام مقدم علي غيرة ، ولكن لي هنا تساؤل بسيط :
من الذي يصنف على انة من هذين النوعين من غير الرسل م من غير السلف الصالح ، من الصحابة والتابعين المشهود لهم ؟
ومن الذي يملك أن يعطي الاخرين هذا الحق غير الرسل - عليهم الصلاة والسلام . ؟ ولعل منهم محمد صلي الله علية وسلم حين شهد لبعض صحابته بتفوقهم في بعض العلوم والمعارف ، ولذا فقد شهد لابي بكر رضي الله عنه بتفوقة في هذا الجانب ، ولعمر في جانب الالهام ، ولابن عباس في علم التفسيروهكذا ، يوجد الكثير من الاسئلة ، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام قال فية الله سبحانة :" وما ينطق عن الهوي (3) ان هو الا وحي يوحي (4)" .
من هذا المنطلق نحلل السؤال للتوصل لإجابته من خلال فهمنا للنصوص ، وبإستعراضنا للقصص التي وردت عن كبار المعبرين ، فماذا نجد ؟
نجد أن هذا العلم منحة الهية في أصلة ، ولكنه يمكن تعلمية وتعلمه من خلال دراسة كيفية التعبير عند اولئك المصطفين به ، من الرسل والصالحين ، أو من برع فيه ممن جاء بعدهم ممن شهد له بهذا من اهل العلم .
ومما يسند وجهة النظر هذة ، بروز الكثير من الصحابة في هذا الجانب وتعلمهم إياه على يدي رسول الله صلي الله علية وسلم . ولعلنا ننظر عند قول أبي بكر للرسول صلي الله علية وسلم في احدى المرات حين قص عليه الرسول رؤيا وهي :
عن ابن شهاب قال : رأى النبي صلي الله علية وسلم رؤيا فقصها على أبي بكر فقال : " يا أبا بكر ، رأيت كاني استبقت أنا وأنت درجة فسبقتك بمرقاتين ونصف " ، فقال:يا رسول الله ، يقبضك الله الي رحمتة ومغفرته وأعيش بعدك سنتين ونصفأ ، ذكره السيوطي في الخصائص الكبري وعزاة لابن سعد ´1`).
وهنا نجد الرسول صلي الله علية وسلم بسكوته علي تعبير أبي بكر فكانما يعطيه شهادة الصحة لهذا التعبير. . نجده في موقف اخر يقول رؤيا اخرى وهي : قال صلي الله علية وسلم : " رأيت كأني أتيت بكتلة تمر فعجمتها في فمي فوجدت فيها نواة اذتني فلفظتها, ثم أخذت اخري فعجمتها فوجدت فيها نواة فلفظتها ، ثم أخذت ثالثة فعجمتها فوجدت فيها نواة فلفظتها " ، فقال أبوبكر: دعني فلأعبرها ، قال: قال: " اعبرها " .
قال: هو جيشك الذي بعثت يسلم ويغنم فيلقون رجلا فينشدهم ذمتك فيدعونة . قال : " كذلك قال الملك " . رواة أحمد في مسندة ، هنا لاحظ أن الرسول صلي الله علية وسلم حين طلب منة أبو بكر أن يعبرها لا
يجامل في الحق ولولا معرفته ببراعة أبي بكر ما وافق على طبلة ، ولاحظ هنا أن الرسول الكريم بقولة هذة . المرة لأبي بكر:" كذلك قال الملك " ، يعطيه شهادة عالية على صحة كلامه .
وقد يقول قائل اذا : ان أبا بكر ممن ألهموا هذا العلم فلا مجال للخطأ عنده ، ويرد على وجهة النظر هذه أن من صوب لأبي بكر وشهد لة ، هنا ، خطأة في موضوع اخر وهذا يثبت أن هذا علم يتعلم ، قد ينجح صاحبة في تعلمة وقد يفشل وقد يخطئ.
انظر لهذا الموقف الاخر . عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يحدث أن رجلا اتي رسول الله صلي الله علية وسلم فقال :
" إني رايت الليلة في المنام ظلة`1` تننظف`2` السمن والعسل ، فأرى الناس يتكففون منها `3` فالمستكثر والمستقل ، و اذا سبب `4`) واصل من الارض الى السماء ، فاراك اخذت ب فعلوت ، ثم أخذ بة رجل من بعدك فعلا ، تم أخذ بة رجل اخر فعلا ، ثم اخذ بة رجل اخر فانقطع بة ثم وصل لة فعلا .
فقال ابو بكر : يا رسول الله ، بأبي انت والله لتدعني فلاعبرنها
فقال لة رسول الله : " أعبرها " ، وفي رواية لابن ماجه : " عبرها "
قال أبو بكر : اما الظلة فالاسلام .
وأما الذي ينطف من العسل والسمن ، فالقران حلاوته تنطف فالمستكثر من القران والمستقبل .
وأما السبب الواصل من السماء الى الارض ، فالحق الذي أنت عليه تأخذ به فيعليك الله ، ثم يأخذ بة رجل فيعلو به ، ثم يأخذ به رجل اخر
فيعلو به ، ثم يأخذ به رجل فينقطع به ، ثم يوصل لة فيعلو به . فاخبرني يا رسول الله بأبي أنت اصبت أم أخطأت ؟
فقال النبى صلي الله علية وسلم : "أصبت بعضا وأخطأت بعضا ؟
قال أبو بكر: فوالله يا رسول الله لتحدثني بالذي أخطأت ؟
قال : " لا تقسم " , متفق علية .
ولي مع هذا الحديث وقفة طويلة وهي :
ان أبا بكر هنا لم يصب في بعض تعبيره وبهذا يرد على قائل يقول : ان ابا بكر ممن يعبر الرؤيا فراسة أو الهامأ فلا مجال ولا سبيل للأستشهاد بحكاية تعلمة لتعبير الرؤيا. فهو ومن معة قبل النبوة لم يرد عنهم تعبير الرؤى . وانما هم في وجهة نظرى خريجون من مدرسة معلم الأمة ، الذي كان يسألهم عند رؤاهم ، وكان كثيرا ما قال لهم كما مر بنا : " من رأى منكم رؤيا " . كما في صحيح مسلم`2` ، وقد قال أهل العلم : أن من فوائد هذا الحديث:
الحث على علم الرؤيا والسؤال عنها وتأويلها ، وكان الرسول صلي الله علية وسلم يعلمهم تأويل الرؤى وفضائلها ، وما اشتملت علية من الاخبار بالغيب ، فهذه كما ترى دروس يومية من الرسول صلي الله علية وسلم على مسامع الصحابة ، ليس فيها تلقين فحسب ، بل تلقين ومحاورة وافهام واستنباط ، وهولاء الذين برعوا فى تعبير الرؤى منهم هم كالتلاميذ بين يدي أستاذهم ، فمنهم من برع في علم التفسير، ومنهم من برع في الفقه ، ومنهم من برع في علم المواريث ، ومنهم من برع في علم الحديث ، فلا عجب أن يوجد منهم من برع في علم التعبير. واذا سلمنا بهذة . النظرية نظرية التعلم ، فيمكن كذلك أن يبرع
في زمننا بعض العلماء في علم التعبير ويمكن لهؤلاء ان يدرسوا هذا الفن لغيرهم وهذا الرأي قد يكون غريبا على البعض في هذا العلم بخاصه ولكن ربما تحرجهم من هذا العلم كونه اشبه بالالهام والفراسه وكأن فيه تشبها بالرسل فوجد الحرج من هذه الجهه ,ومن وجهه نظرالكاتب ان هذا الرأي قاصر وفيه الزام للاخرين بما لا يلزم وهذا يقال لمن يعنف من يحاول السؤال عن الرؤى وتعلم التعبير قال النووي تعليقا على حديث سمره بن جندب :كان النبي اذا صلى الصبح اقبل عليهم بوجهه فقال "هل رأى احد منكم البارحه رؤيا؟".
فيه استحباب السؤال عن الرؤيا والمبادرة الى تأويلها وتعجيلها اول النهار وفيه اباحه الكلام في العلم وتفسير الرؤيا ونحوها.
قال الامام ابن السعدي في تفسيرة ( 2 / 442 ) تعليقأ على الاية التي امتن الله بها على يوسف بتأويل الأحاديث: ان فيها اصلا لتعبير الرؤيا فإن علم التعبير من العلوم المهمة التي يعطيها الله لمن يشاء من عباده ، وأن هذا العلم يثاب الإنسان على تعليمة وتعلمه .
ولذا ثبت أن عمر بن الخطاب كان يسأل أسماء بنت عميس الخثعمية عن تعبيرالرؤيا كما في تهذيب التهذيب لابن حجر ( 12399 ).
وذكر ابن سعد في الطبقات ( 7124 ): أن سعيد بن المسيب كان من أعبر الناس للرؤيا ، وكان أخذ ذلك من أسماء بنت أبي بكر وأخذته اسماء عن أبيها وأخذة ابو بكرعن الر سول الكريم صلي الله علية وسلم .
وقال ابن عبد البر كما في التمهيد ( 1 / 313 ) تعليقأ على حديث سمرة ايضأ : وهذا الحديث يدل على شرف علم الرؤيا وفضلها ; لانة صلي الله علية وسلم انما كان يسال عنها لتقص عليه ويعبرها ; و ليعلم اصحاب كيف الكلام في تأويلها
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما في مجموع مؤلفاتة ( 5 130 ) علم التعبير علم صحيح يمن الله بة علي من يشاء من عبادة .
وقال ايضأ ( 5 143 ) : عبارة الرؤيا علم صحيح ذكره الله فى القران ولاجل ذلك قيل : لا يعبر الرؤيا إلا من هو من أهل العلم بتأويلها ، لأنها من أقسام الوحي .
وقد نبة الشاطبي رحمة الله في الموافقات ( 2 415 ) : أنة ما من مزية و منقبة اعطيها النيي صلي الله علية وسلم سوى ما استثني ، إلا وقد أعطيت أمته نموذجأ ، وهذا يعلم بالاستقراء ، ومن ذلك أنة أعطي الوحي لة ، ولامتة أعطيت الرؤيا الصالحة .
وقال ابن حجر:
الحث على تعليم علم الرؤيا وعلي تعبيرها وترك إغفال السؤال عنة وفضيلتها لما تشتمل عليا من الاطلاع على بعض الغيب واسرار الكائنات ا.هـ كلامه.فاذا توفر في المتعلم ادوات هذا العلم من المعرفه بالقران والسنه والبراعه باللغه العربيه والامثال السائره ودقائق هذا العلم فما المانع ان يتعلم التعبير ومن ثم يعبر؟
اظن ان هذا حق مشروع والعلم واسع ولا يحاط به لكن لا بد من وجهه نظري من التتلمذ على من يجيد هذا العلم ويجيد تصديره للاخرين ممن وهبهم الله تبسيط المعلومه وتسهيلها على المتلقين وعلينا الا نفتح المجال للعامه الذين ليس عندهم ادوات هذا الفن من الذين يحلون لانفسهم ويحرمون بناء على حلم عابر.
واليك صورأ بسيطة من سخف عقول البعض منهم :
لقد حرر البعض فلسطين بالأحلام وصلى البعض الاخر في القدس ،
وتواعد البعض في ساحة الحرم المكي بانتظار أن يخسف بالجيش الذي سيأتي ويطهر بيت الله من تدنيسهم وأسقطت طائرات وصرفت وصفات طبية بناء على أحلام وهكذا القائمة تطول فهل ياترى أصبحت أمتنا أمة أحلام؟
حتى العبادة دخلتها الأحلام من أوسع أبوابها ، انظر الى ليلة القدر تجدها حددت من خلال الرؤى ، وانظر للصدقة تجد دافعها الأكبرما يقولة الموتي لهولاء العامة !
ان الكثير من الناس يرى باب الصدقة مفتوحأ ولا يتصدق حتى يفسر لة حلم على أنة مقصر في بابها .
هل تريدون امثة أكثر، وصورا أعظم ، والله ان منهم من رمى امراتة بالزني بسبب حلم شاهد فية امرأتة فعبرة لنفسة من خلال قراءة بعض الكتب أنها زانية فطلقها!
بل ان هناك من يزعم أن رسول الله صلي الله علية وسلم جاءه في المنام فأمرة ونهاه ، فلما أصبح شرع يعلم الناس ويعمل بما في هذه الرؤى !
ان المتصفح مثلا للانترنت يشاهد الكم الها ئل من التحليلات والاطروحات التي ان تصفحها وجدها ترتكز على رؤيا من هنا او هناك ، ولعل من طرائف ما قرأت من يؤكد أن المهدي كان من حجاج عام كذا وكذا، وحادثة طعن أحد الحجاج بزعم طاعنة انة المسيح الدجال بناء على رؤيا راها ليلة الحادثة !
إن الكاتب يتسائل سؤالا مهمأ: متى تفيق خذه الامة من أحلامها وتلحق بالعلم في زمن العلم ؟
العلم لة شروطة وأدواته وطرائقة ، التي لا يمكن تجاوزها ، فعلم التعبير من أشرف العلوم ولا يجدر بأي إنسان ان يعبر الرؤى فلا بد من المعرفة بالقران وألفاظة فاذا رأى أحد مثلا شيئا ما ، علية أن ينظر في القران الكريم اولا فان وجد علاقة بين الرؤيا واية من الايات ربط بينهما وهنا أضرب أمثلة : السفينة مثلا قد تعبر بالنجاة لقولة تعالي : وَقَوْله تَعَالَى : " فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَاب السَّفِينَة " ( العنكبوت : 15 ) .
والخشب قد يعبر بالمنافقين لقولة تعالي : " كأنهم خشب مسندة " ( المنافقون : 4 ) .
والطفل الرضيع قد يعبر بالعدو لقولة تعالي :" فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ۗ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ " (8) .
والرماد قد يعبر بالعمل الباطل لقولة تعالي : مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ ( ابراهيم : 18 ) .
وهكذا السنة ، فالرسول صلي الله علية وسلم وضع الأصول والقواعد الأساسية لهذا الفن ، وكان يخبر الصحابة بادابها وأنواعها ويسألهم عن رؤاهم ويعبرها لهم ، مما قد ذكرت أمثلة وجانبا منة في ثنايا الكتاب فلا داعي للتكرار ، لكن يجب أن يعلم هنا أن رؤي الأنبياء حق فهي وحي من الله واجب التنفيذ علي ظاهرها ، أو هي ترد علي صورة رموز وهذة الرموز يفسرها الرسول صلي الله علية وسلم لصحابتة ومن ثم يشاهدونها تتحقق كوقائع مادية ملموسة . وهذا من الخبرات التي مر بها هولاء الصحابة فاستفادوا منها ، وأفادوا فيما بعد رضي الله عنهم .كذلك لا بد من المعرفة بأصول هذا الفن من أن وقت الربيع هو من أفضل الأوقات للرؤي بدليل قولة صلي الله علية وسلم : " اذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب . . . " (1) رواة مسلم ، وقد أشرت لة وأن معناة اذا تساوي ليلة ونهارة وهذا وقت الربيع يحصل أكثر من غيرة . .
كذلك علية أن يعلم بمقادير الناس الذين يقصون رؤاهم علية فرؤيا العمال البسطاء غير رؤيا أصحاب المناصب والعلماء ، وأن يعلم ببلدانهم ومذاهبهم ووقت الرؤيا .
كذلك علية أن يعلم أن السباع والطيور – الا ما ندر – هي في التعبير رجال وأن القمح والشعير والعسل والصوف والحديد غالبا أموال ، وهكذا هذا الفن لة قواعدة وهي ليست سهلة المنال بل لا بد من دراستها والتتلمذ علي يد مجيد متقن لها لمن أراد التعلم ، والله أعلم .
ما الفرق بين تعبير الأحلام والكهانة ؟ أو ماذا عن طرق الناس في ادعاء علم الغيب ، وهل تفسير الأحلام من ادعاء علم الغيب ؟ وكيف ترد على من يقول إن تعبير الأحلام ضرب من ضروب الكهانة أو التنجيم..!؟
هذا الكلام متناقل بين الناس ، وهو موجود ، وأصحاب هذا الكلام بحاجة إلى أن يسألوا أنفسهم أولا سؤالا : ما الفرق بين من يمسك كرة بلورية ويدعي أنه من خلالها يشاهد المستقبل ، أو يسألك عن اسم أمك ؛ وهو هنا يسخر بالزواج و يلحقك بالزنى الذي ُيدعى من ُولد بواسطته لأمه ، أو يطلب منك رفع إحدى يديك ويقرأ ما فيها من خطوط بكفك ومن ثم يخبرك بما سيحصل لك ، أو يخط بالرمل ، أو يسألك عن برجك....، وغيرها من الطرق التي توجد عند أصحاب الأبراج والمشعوذين، ما الفرق بينها، وبين من يربط الرؤيا بآيات القرآن الكريم، أو السنة المطهرة ، ويقول في بدء التفسير ما ورد وما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو ثبت عن صحابته ، مثل : [ خيرا رأيت وشرا كفيت ، إن صدقت رؤياك حصل كذا وكذا] ويقول قبل تفسيره أو بعده : والله أعلم ؟
أظن الفرق واضح لكل منصف ولكل من يتجرد من الهوى ،أما من يحارب هذا المجال لأسباب شخصية ، أو كان معاديا لبعض مناهج المعبرين الذين أدخلوا في التعبير ما ليس منه ، كالعبادات ، وعلامات الساعة ، أو التنبؤ بأحداث ستقع ، والجزم بها ، وتحديد مدد محددة لوقوعها ، ويظن عن غير علم بمنهجنا ، وغير متابعة لما نطرحه ، وقد يكون لم يشاهد حلقة واحدة من هذا البرنامج ، ولكنه لا يزال راكبا موجة المعارضة ، يظن أننا من هؤلاء القوم ، أقول قف ..... ولا تستمر في معارضتك حتى ترى حجتنا ، وتسمع لقولنا ، ولا تكن كحاطب ليل .
وأدعو كل منصف لقراءة ما قاله ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد [ 4/255] قال لما تعرض لطرق الناس في ادعاء معرفة الغيب :
ويكفي الاعتبار بفرع واحد من فروعه وهو عبارة الرؤيا ، فإن العبد إذا أنفذ فيها وكمل اطلاعه جاء بالعجائب .وقد شاهدنا نحن وغيرنا من ذلك أمورا عجيبة يحكم فيها المعبر بأحكام متلازمة صادقة سريعة وبطيئة ، ويقول سامعها هذه علم غيب ! وإنما هي معرفة ما غاب عن غيره بأسباب انفرد هو بعلمها وخفيت على غيره ...... إلى أن قال :
بخلاف علم الرؤيا ، فإنه حق لا باطل ؛ لأن الرؤيا مستندة إلى الوحي المنامي ، وهي جزء من أجزاء النبوة. ولهذا كلما كان الرائي أصدق وأبرأ وأعلم كان تعبيره أصح ، بخلاف الكاهن والمنجم وأضرابهما ممن لهم مدد من إخوانهم من الشياطين ، فإن صناعتهم لا تصح من صادق ولا من بار ولا من متعبد بالشريعة ، بل هم أشبه بالسحرة الذين كلما كان أحدهم أكذب وأفجر وأبعد عن الله ورسوله ودينه كان السحر معه أقوى وأشد تأثيرا ، بخلاف علم الشرع والحق ، فإن صاحبه كلما كان أبر وأصدق وأدين كان علمه به ونفوذه فيه أقوى وبالله التوفيق. انتهى كلامه .
وهنا أقول لمن يعارض التعبير منا أو يزعم أننا ندعي الغيب ما رأيك بعد هذا البيان
أولا يجب أن يعلم هنا أنه ليس صحيحا أن كل الرؤى تتحقق ، حتى ولو كان الرائي مؤمنا ، فقد لا تتحقق رؤيا المؤمن مباشرة ، وقد تتأخر ، وقد لا تتحقق مطلقا ، كذلك رؤيا المؤمن قد تكذب ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :[ إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب ، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا ، ورؤيا المسلم جزء من خمسة وأربعين جزءا من النبوة ] متفق عليه واللفظ لمسلم .
ومن رأى ما يسره ، فالأفضل له أن يعرضها على من يعبرها له . وأما من رأى ما يفزعه ، أو يحزنه ، فلا يقصها على أحد ، وليعمل ما ورد من الاحترازات . وبعض الناس قد يقول لماذا لا ندع الرؤى أو الأحلام ليتكفل بها الزمن أو الوقت ، وهي وجهة نظر تحترم ، ودائما أقول : رأيي خطأ يحتمل الصواب ، ورأي غيري صواب يحتمل الخطأ،ولكن على هؤلاء عدم لوم الذين يبحثون عن تعبير رؤاهم أو حتى أحلامهم ؛ فقد يكون فيها بشارة ، أو نذارة لصاحبها ، وكان الإمام أحمد رحمه الله يقول :الرؤيا تسر المؤمن ولا تغره. وقد ينتفع الرائي بما يراه في نومه ، قال الإمام الذهبي في السيرٍٍٍٍ[1/81]ٍٍ في رؤيا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ، أنه يدخل الجنة حبوا ، مع أنه من أهل الجنة ، وأحد العشرة المبشرين ، قال : إسناده حسن.فهو وغيره منام ، والمنام له تأويل ، وقد انتفع ابن عوف رضي الله عنه بما رأى، وبما بلغه ، حتى تصدق بأموال عظيمة أطلقت له ـ ولله الحمد ـ قدميه ، وصار من ورثة الفردوس فلا ضير . والله أعلم ،،
سورة الشمس
من قرأها أو قرئت عليه كما قال نافع وابن كثير أنه يحل في بلد مع سلطان عادل، أو يرزق النصر والظفر في سائر الأشياء، وقيل: يرزق ولدا صالحا، ويكون أمنا في دنياه، غير خائف في أخرته.
الشمس
هي في المنام الملك الأعظم أو الخليفة أو الأب أو الأمير. ومن رأى أنه تحول شمساً فإنه يصب ملكاً. وإن أصاب شمساً معلقة بسلسلة ولي ولاية وعدل فيها. وإن قعد في الشمس ودنا منها فإنه ينال من ملك نعمة ومالا، وقوة وتأييداً، فإن أضاء شعاعها فإنه يُرزَق علماً يُذكرَ به في الخافقين. وإن رآها صافية منيرة وكان والياً نال قوة في ولايته، وإن طلعت في بيته تزوج، وإن رأتها امرأة تزوجت، وإن رآها تاجر ربح في تجارته. وضوء الشمس هيبة الِملك وعدله. وإن رأى الشمس تكلمه أصاب رفعة من الخليفة، وكذلك القمر. وإن رأى الشمس طلعت على رأسه فإنه ينال أمراً جسيماً، وإن طلعت على قدميه نال زراعة كثيرة، وإن رأى أنها طلعت على بطنه أصابه البرص، فإن بزغت على صدره فإنه يمرض. ومن رأى أن الشمس غابت وهو خلفها يتبعها فإنه يموت. وإن رأى الشمس قد خرج منها نار فأحرقت النجوم حولها فإن الملك يطرد حاشيته. فإن رأى أن الشمس احمرت فهو فساد في مملكته، فإن رأى أنها اصفرّت فإنه يمرض، فإن اسودت فإنه يُغلب. فإن رأى أنها غابت فالأمر الذي يطلبه قد انقضى. فإن غدر بالشمس فإنه يغدر بالملك. وإن سقطت الشمس على الأرض مات أبوه. وإن رأى أن الشمس طلعت في الدار فإنه ينال عزاً وكرامة وشرفاً وجاهاً. ومن رأى أنه ابتلع الشمس فإنه يموت. وإن رأى الشمس تغيرت عن حالها فتقع فتنة. وإن رأى أن الشمس تطلع من المغرب فإن ذلك يدل على ظهور الأشياء الخفية، وإن كان مريضاً فإنه يُشفَى، وإن كان في سفر فإنه سيعود. وإذا رأى الإنسان أن الشمس مظلمة فإنه دليل رديء لجميع الناس، فيدل على البطالة أو المرض أو الشدة. وإن رأى الشمس تنزل في فراشه وتهدده فإنها تدل على مرض شديد. ومن رأى أن الشمس قد نشرت عليه أنواراً فإنه يصحب الخليفة. وحر الشمس إذا اشتد وأصابه ناله هم من السلطان. وإن رأى أنه يهرب من الشمس فإنه يفرّ من زوجته أومن سلطان أو من مكروه. وإن رأى سحاباً غطى الشمس حدث للملك حادث. وإذا طلعت الشمس على الأرض فهو دليل قحط أو احتراق. وربما كانت الشمس عالماً يُهتدَى به. وإن رأى بها كسوفاً أو تراكم عليها الغبار أو الدخان كان ذلك دليلاً على حادث من مرض أو هم أو غم أو كرب. وربما دلّ مغيبها على إعادة السجين إلى السجن بعد خروجه. ومن رأى شمساً وقمراً في جميع الجهات أصابه هم أو خوف أو هزيمة. ومن رأى أنه سجد للشمس أو للقمر فإنه يرتكب إثماً عظيماً. وربما دلّت الشمس على الأرزاق والهدى واتباع الحق والشفاء من الأمراض، وربما دلّت على السفر. وربما دلّت الشمس على من سمي بها كشمس الدين، كالبدر يدل على بدر الدين. ورؤية الشمس والقمر والنجوم دليل على البلاء أو السجن أو الحسد من الأهل. ورؤية الشمس تدل على السراج لقوله تعالى: (وجعل الشمس سراجاً). وطلوع الشمس من مغربها دليل على الخوف والجزع وتسلط السلطان على الرعية أو قدوم الغائب أو الردة عن الدين وفسق التائبين. ومن رأى أن الشمس أحرقت الزراعة أو أضرّ حرها بالناس دلّ ذلك على أمراض ووباء وظلم من الأكابر. انظر أيضاً القمر.
نظارة شمسية
إذا حلمت بنظارة شمسية فإن هذا يحذرك من أصدقاء ذوي سمعة سيئة سوف يتوددون إليك لتقرضهم أموالك بحماقة. إذا حلمت فتاة بنظارة شمسية فإن هذا يعني أنها سوف تصغي إلى تحريض سوف يفسد حظها.
الشمس: في الأصل الملك الأعظم، لأنها أنور ما في السماء من نظرائها، مع كثرة نفعها وتصرف كل الناس في مصالحها، وربما دلت عن ملك المكان الذي يرى الرؤيا فيه، وفوقه أرفع منه تدل السماء عليه، وهو ملك الملوك وأعظم السلاطين، لأن الله سبحانه وتعالى ملك الملوك وجبار الجبابرة ومدير السماء ومن فيها والأرض ومن عليها. وربما دلت الشمس على سلطان صاحب الرؤيا، إذا رآها خاصة دون الجماعة والمجامع، كأميره وعريفه أو أستاذه أو والده، أو زوجها إن كانت امرأة، وربما دلت على المرأة الشريفة كزوجة الملك أو الرئيس أو السيد أو ابنته، أو أمه أو زوجة الرائي، أو أمه أو ابنته، أو جمالها. والشعراء يشبهون جمال العذارى بالشمس في الحسن والجمال. وقد قيل أنها كانت في رؤيا يوسف عليه السلام دالة على أمه، وقيل بل على خالته زوجة أبيه، وقيل بل على جدته، وقيل بل كانت دالة على أبيه والقمر على أمه،كل ذلك جائز في التعبير، فإن دلت الشمس على الوالد فلفضلها على القمر بالضياء والإشراق، وإن دلت على الأم فلتأنيثها وتذكير القمر، فما رؤي في الشمس من حادث، عاد تأويله على من يدل عليه ممن وصفناه على أقدار الناس ومقادير الرؤيا ودلائلها وشواهدها. وإن رؤيت ساقطة إلى الأرض، أو ابتلعها طائر، أو سقطت في البحر أو احترقت بالنار وذهبت عينها، أو اسودت وغابت في غير مجراها من السماء، أو دخلت في بنات نعش، مات المنسوب إليها. وإن رأى بها كسوفاً أو غشاها سحاب و تراكم عليها غبار أو دخان حتى نقص نورها، أو رؤيت تموج في السماء بلا استقرار، كان ذلك دليلاً على حادث يجري على المضاف إليهِا، إما من مرض أو هم أو غم أو كرب أو خبر مقلق، إلا أن يكون من دلت عليه مريضاً في اليقظة، فإن ذلك موته، وإن رآها قد اسودت من غير سبب غشيها ولا كسوف، فإن ذلك دليل على ظلم المضاف وجوره، أو على كفره وضلالته وإن أخذها في كفه أو ملكها في حجره أو نزلت عليه في بيته بنورها وضيائها، تمكن من سلطانه وعز مع ملكه، إن كان ممن يليق به ذلك، أو قدوم رب ذلك المنزلة إن كان غائباً، سواء رأى ذلك ولده أو عبده أو زوجته، لأنه سلطان الجميع وقيم الدار، وإلا ولدت الحامل ان كانت له جارية أو غلاماً يفرق بين الذكر والأنثى بزيادة تلتمس من الرؤيا، مثل أن يأخذها فيسترها تحت ثوبه، أو يدخلها في وعاء من أوعيته، فيشهد بذلك فيها بالإناث المستورات، ويكون من يدل عليه جميلاً مذكوراً بعلم أو سلطان. وإن كانت في هذه الحال مظلمة ذاهبة اللون، غدر بالملك في ملكه، أو في أهله، إن لاق ذلك به وإلا تسور عليه سلطان، أو عداه عليه عامل، أو قدم غائب، أو مات من عنده من المرضى، والحوامل سقط جنينها، أو ولدت ابناً يفرق بين هذه الوجوه، بزيادة الأدلة.
وإن رآها طالعة من المغرب أو عائدة بعد غروبها أو راجعة إلى المكان الذي منه طلوعها، ظهرت آية وعبرة يستدل على ما هيأتها بزيادة أدلتها. وربما دل ذلك على رجوع المنسوب إليها عما أمله من سفر أو عدل أو جور، على قدر منفعة طلوعها ومغيبها، وأوقات ذلك. وربما دل على نكسة المنسوب إليها من المرضى، وربما دل مغيبها من بعد بروزها لمن عنده حمل، على موت الجنين من بعد ظهوره. وربما دل على قدوم الغائب من سفره والأموال العجيبة، وربما دل مغيبها على إعادة المسجون إلى السجن بعد خروجه، وربما دل على من أسلم من كفره، أو تاب من ظلمه على رجوعه إلى ضلالته. وإن رأى ذلك من يعمل أعمالاً خفية صالحة أو رديئة، دل على سترته وإخفاء أحواله، ولم تكشف أستاره لذهاب الشمس عنه، إلا أن يكون ممن أهديت إليه في ليلته زوجة، أو اشترى سرية، قال الزوجة ترجع إلى أهلها، والسرية تعود إلى بائعها. وقد يدل أيضاً طلوعها من بعد مغيبها لمن طلق زوجته على ارتجاعها، ولمن عنده حبلى على خلاصها، ولمن تعذرت عليه معيشته أو صنعته على نفاقها، وخاصة إن كان صلاحها بالشمس كالقصار والغسال وضرائب اللبن وأمثال ذلك، ولمن كان مريضاً على موته، لزوال الظل المشبه بالإنسان مع قوله تعالى: " ثمَّ جَعَلْنا الشّمْسَ عليْهِ دليلاً ثَمّ قبَضْناهُ إليْنا قَبْضَاً يَسيرا " ولمن كان في جهاد أو حرب، على النصر، لأنها عادت ليوشع بن نون عليه السلام في حرب الأعداء له، حتى أظهره الله عليهم، ولمن كان فقيراً في يوم الشتاء، على الكسوة والغنى، وفي يوم الصيف على الغم والمرض والحمى والرمد.
وجلوس الميت في الشمس في الصيف دلالة على ما هو فيه من العذاب والحزن، من أجل مصاحبة السلطان، أو من سبب من نزلت الشمس عليه على قدره وناحيته.
ومن رأى أنه تحول شمساً، أصاب ملكاً عظيماً على قدر شعاعها. ومن أصاب شمساً معلقة بسلسلة، ولي ولاية وعدل فيها. وإن قعد في الشمس وتداوى فيها، نال نعمة من سلطان، ومن رأى أن ضوء الشمس وشعاعها من المشرق إلى المغرب، فإن كان أهلاً للملك نال ملكاً عظيماً، وإلا رزق علماً يذكر به في جميع البلاد، ومن رأى أنه ملك الشمس أو تمكن منها، فإنه يكون مقبول القول عند الملك الأعظم. فمن رآها صافية منيرة قد طلعت عليه، فإن كان والياً نال قوة في ولايته، وإن كان أميراً نال خيراً من الملك الأعظم، وإن كان من الرعية رزق رزقاً حلالاً، وإن كانت امرأة رأت من زوجها ما يسرها. ومن رأى الشمس طلعت في بيته، فإن كان تاجراً ربح في تجارته، وإن كان طالباً للمرأة أصاب امرأة جميلة، وإن رأت ذلك امرأة تزوجت واتسع عليها الرزق من زوجها.
وضوء الشمس هيبة الملك وعدله، ومن كلمته الشمس نال رفعة من قبل السلطان، ومن رأى الشمس طلعت على رأسه دون جسده، فإنه ينال أمراً جسيماً ودنيا شاملة. وإن طلعت على قدميه دون سائر جسده، نال رزقاً حلالاً من قبل الزراعة، فإن طلعت على بطنه تحت ثيابه والناس لا يعلمون، أصابه برص، وكذلك على سائر أعضائه من تحت ثيابه. ومن رأى بطنه انشق وطلعت فيه الشمس، فإنه يموت، فإن رأت امرأة أن الشمس دخلت من جربانها وهو طوقاً ثم خرجت من ذيلها، فإنها تتزوج ملكاً ويقيم معها ليلة، فإن طلت على فرجها، فإنها تزني، وإن رأى أن الشمس غابت كلها وهو خلفها يتبعها، فإنه يموت، فإن رأى أنه يتبع الشمس وهي تسير ولم تغب، فإنه يكون أسيراً مع الملك. فإن رأى الشمس تحولت رجلاً كهلاً، فإن السلطان يتواضع للهّ تعالى ويعدل وينال قوة، وتحسن أحوال المسلمين، فإن تحولت شاباً، فإنه يضعف حال المسلمين ويجور السلطان. فإن رأى ناراً خرجت من الشمس فأحرقت ما حواليها، فإن الملك يهلك أقواماً من حاشيته، فإن رأى الشمس احمرت، فإنه فساد في مملكته. فإن رآها اصفرت، مرض الملك. فإن اسودت يغلب، وتتم عليه آفة. فإن رأى أنها غابت فاته مطلبه.
فإن رأى أنّ الشمس طلعت خاصة من بين ظلمة: على موضع خاص ينكر ذلك لها وليس لها نور كنورها المعروف، فإنَّ ذلك بلية تنزله في ذلك الموضع، من حرب أو حريق أو طاعون أو برسام أو نحوه. فإن رأى أنها طلعت خاصاً أو عاماً بنورها تاماً وهيئتها ليس معها ظلمة تخالطها، ولا شاهد يشهد بالمكروه فيها فإنَ ذلك مطالعة الملك الأعظم أهل ذلك الموضع بخير وإفضال عليهم وصلاح لأمرهم، أو إذا غلب الماء وطمى وتموج، كان تأويله عذاباً. وكذلك النار متاع للخلق ومنافع لهم. فإن لم تغلب وتتأجج وكانت مطيعة، فهي خادمه. فإذا غلبت وأكلت ما أتت عليه وخرجت من الطاعة، فتأويلها الحرب والقتل والطاعون والبرسام والعذاب. وكذلك الريح إذا هبت ساكنة لينة، فهي تستريح الخلق إليها وتلقح النبات لهم، وتنبت الأشجار، وفيها المنافع، فإذا هي عصفت وعفت كان تأويلها عذاباً على أهل ذلك الموضع. وكذلك البرق والرعد.
ومن رأى أنه أخذ الشمس بيده لكن لا من السماء ولا نور لها ولا شعاع وأنها لم تكن مظلمة يحصل له الفرج من الغموم وإن كانت مظلمة ولم يكن في مكان يحتاج السلطان إلى الرائي في أمر من الأمور.
ومن رأى الشمس مضيئة قد طلعت في بيته خاصة يخطب امرأة من أقاربه وإن رآها طلعت في بيت غيره يخطب امرأة من الأجانب وفي كلاهما يحصل له خير ومنفعة من أهل تلك المرأة.
وقال أبو سعيد الواعظ: من رأى الشمس تدور حول السماء وهو ناظر إليها فإنه يكون مرشداً للملك يقتدى برأيه وربما كانت الشمس أميرا عظيم المزية توليته عن الخليفة وربما كانت امرأة جميلة أو جملة من الذهب.
ومن رأى من أشراط القيامة شيئا مثل النفخ في الصور وطلوع الشمس من المغرب وخروج الدابة أو نحو ذلك فإن تأويله فتنة تظهر فيهلك فيها قوم وينجو آخرون، وينبغي للرائي أن يتوب وخروج الدجال رجل ذي بدعة وضلالة يظهر في الناس، والنفخ في الصور طاعون أو إنذار السلطان في بعث أو غيره أو قيامة تكون في البلد أو سفر عام إلى الحج والحشر ومجئ الله تعالى لفصل القضاء واجتماع الخلق للحساب عدل من الله تعالى يكون في الناس بإمام عادل يقدم عليهم أو يوم عظيم يراه الناس ويشهدونه.
سورة الشمس من قرأها فإنه يفسد على يده بعض الأشغال.
وقال الكرماني إنه يتوب وينعم على فعله وقيل يكون ميله للعلماء.
وقال جعفر الصادق يكون ذا فهم وحذق عالماً عاملاً.
نادرة روى أن بعض الخلفاء قال لمعبر إني رأيت جميع أسناني سقطت فقال جميع أقارب مولانا)
أمير المؤمنين يموتون فتغير من ذلك واستدعى بعابر غيره وقص عليه الرؤيا فقال له إن صدقت رؤيا مولاي أمير المؤمنين فإنه يكون أطول عمرا من أقاربه فأقبل عليه وأحسن إليه والمعنى واحد والعبارة متفاوتة.
ورؤية الشمس تؤول بالسلطان فمن رأى أنه ملكها أو استمكن منها نال من السلطان جاها ومن رآها ولا شعاع لها فإنه نقصان من ملك السلطان وهبوطها يدل على عزل أو مرضه أو موته ومن رأى أنها كسفت أو حال دونها دخان متراكم وسحاب كثيف أو اسودت أو اصفرت أو سقطت من السماء أو صار جرمها أعظم أو أصغر أو أبعد أو أقرب أو أنور أو أظلم اعتبر حال الملك بما يناسبه ومن رأى أن الشمس سجدت له فإن السلطان يميل إليه ويخضع له أو يقع عدل واسع من جهته ومن رأى أنه تنازع هو والشمس فإن السلطان ينازعه بقدر ذلك ومن رأى أن شمسين اصطدمتا فهما ملكان يتقابلان ومن رأى أنه يسجد للشمس أو القمر دل على أنه ارتكب ذنبا عظيما فليتب منه ومن رأى أن الشمس طلعت في بيته فإن كان عزبا تزوج من أهل بيت السلطان ونال من سلطانه بقدر ما رأى من ضوئها ومن رأى أن الشمس قد غابت أو على أن تغيب فإن الأمر الذي هو فيه أو طالبه من خير أو شر قد انقضى ومن رأى أن الشمس طالعة من غير مطلعها فإنه آية وحدث يحدث ومن رأى أنه قد أصابه حر الشمس حصل له ظلم من الملك أو نوابه وتؤول الشمس أيضا بالزوجة إذا كانت لسلطان أو رئيس أو جميلة وتؤول أيضا بالذهب على حسب ما يقتضيه حال المرئي له وقد تؤول الشمس مع القمر بالأبوين فإن سقط أحدهما أو ذهب نوره هلك أحد الأبوين
س: هل ما يراه النأس في منامهم من صور و رموز عند تشابهها تكون ذات تعبير واحد ؟
ج : هذا السؤال يرد كثيرا , فهل ما يراه الإنسان في نومه له تعبير واحد لا يتغير, بمعنى أن قن رأى مثلا الشمس والقمر فيكونان رمز أبويه , أمة وأبيه , قياسأ على رؤية يوسف , ومن رأى بقرة فتدل على السنة كما عبرها يوسف , وهكذا. . والجواب: لا, فالرؤى يتنوع تعبيرها من شخص إلى اخر, ومن وقيت الى اخر فالرسول صلي الله علية وسلم عبر رؤياه حين رأى البقر التي تنحر, بقتل أصحابه يوم أحد ، رضي الله عنهم ، ويوسف عليه الصلاة والسلام عبر البقر السمان بالسنوات الخصبة التي يكثر فيها الرزق ، والبقر العجاف ، بالسنوات القحط التي يقل فيها الرزق والمطر.
والمرجع في هذا إلى المعبر للرؤيا، وتأملة في ألفاظها ، وتأملة في حال صاحبها وزمان الرؤيا ، وكل هذا يستخلص منه المعبر التعبير، فالشمس مثلا لها أوجه متعددة من حيث التعبير والمرجع في هذا الى المعبر. قيل لأحد المعبرين : رايت الشمس والقمر دخلا جوفي ، فقال تموت ، واحتج بقوله تعالى:
وقال حابس بن سعد الطائي وقد ولاة عمر القضاء , يا أمير المؤمنين:
اني رايت الشمس والقمر يقتتلان ، والنجوم بينهما نصفين.
فقال عمر: مع أيهما كنت ؟ قال : مع القمر على الشمس.
قال عمر: كنت مع الأية المحمودة ، اذهب فلست تعمل لي عملا، ولا تقتل الأ في لبس من الأمر. . فكان كما قال عمر رضي الله عنه ، فقتل يوم صفين`1`)، ويوسف حين رأى رؤياه عبر الشمس والقمربأبويه.
فالشمس والقمر لو تأملت ، لم ترد بمعنى واحد في هذه الرؤى ، ولذا يظهر لك خطأ منتشر بين الناس - وبخاصة -العامة منهم ، فعندما يرون الموتى مثلا يظنون أنه كناية عن قرب الأجل ، أو مؤشر على رسالة أو وصية لم تنفذ ، وعندما يبكي في المنام يقولون: هو فرح ، وهذا غير صحيح كما ظهر لنا من خلال الأدلة السابقة.
هل يختلف تعبير الرؤيا تبعاً لاختلاف بلاد الرائي؟
ج:نعم، يختلف التعبير تبعاً لاختلاف حال الرائي وهيئته كما ذكرنا، ويدخل في هذا صناعته، ومكانته، وديانته، وعمره...
والسؤال هنا عن البلد ومعرفته مهم في التعبير،
فالبلاد الحارة تختلف عن البلاد الباردة، والبلد البترولي الذي يعتمد على البترول، يختلف عن البلد الزراعي، والبلد الذي يعتمد عى مياه البحر وصيده يختلف عن البلد الذي يقع في الصحراء ويعتمد على صيد البر، والبلد ذو الطبيعة الجبلية يختلف عن البلد ذي الطبيعة المستوية..
فالبلد الصحراوية مثلاً رؤية الثلج لهم تعْبر بالرزق أو الخصب أو قدوم المطر.
ورؤية المزارع الخضراء لأهل البلد الزاعي قد تدل على البيع الوفير للمحاصيل، وسلامة المحصول من الآفات، وهي لغير أهل هذا البلد قد لا تكون بمثل هذا التعبير الدقيق بما يتعلق بالمحاصيل الزراعية. وهكذا،
وعادات البلد مهمة فلو رأى إنسانٌ في بلد أنه يمارس عادة بلده وهي مستنكرةُ عند المعبر فعلى المعبّر ألا يعجل ويسأل الرائي عن عاداته في بلده فربما هي حميدة في الوقت الذي يراها المعبر مستنكرة،
والعادات مرجعها إلى العرف السائد، وهو يختلف من بلد إلى آخر.
قد يري الانسان شيئا من الأمور الحديثة فكيف يمكن تعبريها ؟
هذا السؤال مهم جدا ولة علاقة بسؤال سبق طرحة هو : هل يمكن تعليم التعبير ؟ أو هو توقيف وفراسة علي البعض ولا يمكن تعليمة ؟ ونحن من خلال تتبع النصوص وجدنا ان رسول الله صلي الله علية وسلم كان يعرض أحيانا الرؤيا علي الصحابة , ويسمع منهم التعبير , ويعلمهم أحيانا التعبير ولذا برع البعض منهم في هذا العلم واذا كان هذا ما توصلنا الية هنا هو الصحيح فيلزم منة أن نحاول معرفة تعبير ما لم يرد في كتب الأقدمين من الأمور الحديثة الناشئة في هذا العصر .
قال الأشعري : ان أصل التعبير بالتوقيف من قبل الأنبياء وعلي ألسنتهم , وتعقبة ابن بطال بقولة : وهو كما قال , لكن الوارد عن الأنبياء في ذلك وان كان اصلا لا يعم جميع المرائي .
فلا بد للحاذق في هذا الفن أن يستدل بحسن نظرة فيرد ما لم ينص علية الي حكم التمثيل , ويحكم لة بحكم النسبة الصحيحة فيجعل أصلا يلحق بة غيرة كما يفعل الفقية في فروع الفقة .
ومن الأمثلة علي الأمور التي قد تري وهي حديثة لا تجدها في كتب التعبير ولم يسبق لأحد ممن كتب في هذا الفن الكتابة عنها ما يلي .
جانب القران جانب الحديث جانب اللغة العربية جانب الرموز
وقت الرؤيا الرئي ماذا عنة ؟
فالمعبّر عند قصّ الرؤيا عليه، ينظر لجوانب متعددة وضّحتها في الرسم السابق ويلاحظ أنَّ الأقسام العلوية هي ذات علاقة باللفظ،
والأقسام التي في الأسفل لها علاقة بصاحب الألفاظ أو صاحب الرؤيا والزمن الذي رؤيت فيه الرؤيا.
ولنضرب هنا مثالاً بما رواه البخاري في صحيحه:
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون وعليهم قُمُص، منها ما يبلغ الثُّدِيَّ ومنها ما يبلغ دون ذلك، ومرَّ عمر بن الخطاب وعليه قميص يجرُّه ))،
قالوا: ماذا أوَّلت ذلك يا رسول الله ؟
قال: (( الدِّين ))
فتح الباري 12/413 _ النووي 15/159
الرسول صلى الله عليه وسلم هنا عبر القميص بالدِّين،
ولسائل أن يقول: لماذا عبّر الرسول صلى الله عليه وسلم القميص هنا بالدِّين؟
لو نظرنا للقرآن لزال عنا هذا التساؤل،
قال تعالى: { وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ } [ الأعراف: 26 ]
ولذا عبّرها الرسول صلى الله عليه وسلم هنا بالدِّين كما أنَّ هناك علاقة من حيث المعنى، فالقميص يستر العورة في الدنيا، والدِّين يسترها في الآخرة، ويبعد عنها كل مكروه.
إذاً الرسول صلى الله عليه وسلم هنا من خلال تفرّسه بالرؤيا فسّرها من الجانب الأقوى فيها وهو القرآن الكريم،
والأمثلة على هذا كثيرة،
ومنها: تعبير السفينة بالنجاة، والخشب بالمنافقين، والحجارة بقسوة القلب، وأكل لحم الرجل بغيبته، والنعاس بالأمن ... وغيرها.
ويضرب أمثلة أخرى لإمكانية فك رموز الرؤى من خلال السنة المطهرة فرؤية النخلة قد تعبر بالرجل المؤمن لتشبيه الرسول للرجل المسلم بالنخلة،
والحديث عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مَثَلُ المُسْلم، فحدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البوادي قال عبد الله : فوقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت. ثم قالوا حدثنا ما هي يا رسول الله. قال: هي النخلة )).
[ فتح الباري 1/145 ]
_ ورؤية قارورة الماء تعبر بالمرأة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيح
((رفقاً يا أنجشة بالقوارير )) [ فتح الباري 10/ 538 ] ،
_ ورؤية الثوب تعبر بالدين كما عبر الرسول صلى الله عليه وسلم الثوب الذي رآهُ لعمر وهو يجره بالدين.
إذا من هنا أستطيع أن أوضّح للقارئ الكريم [ مراحل تعبير الرؤيا ].
في الشكل التالي:
الرؤيا
النظر فيها وتأمل جوانبها من حيث :
أ - الرموز والألفاظ للرؤيا هل لها علاقة ب :
القران الكريم - السنة النبوية - اللغة العربية واشتقاقاتها
ثم ب - صاحب الرؤيا من حيث : حالتة الاجتماعية وجنسة ووظيفتة
ثم ج - وقت الرؤيا وهل هي حديثة أم قديمة , صيفا أو شتاء . . .
ومثال آخر ما رواه مسلم في صحيحه في كتاب الرؤيا:
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( رأيت ذات ليلة فيما يرى النائم كأنّا في دار عُقبة بن رافع، فأُتينا برُطَب ابن طاب فأوَّلتُ الرِّفعة لنا في الدنيا والعاقبة لنا في الآخرة، وأنَّ ديننا قد طاب)).
لا حظ تعبير الرسول صلى الله عليه وسلم لهذه الرؤيا تجده قد عّبرها من جانب اللغة واشتقاقاتها دون الربط بين التعبير وجانب القرآن، والسنّة مثلاً وهذا نلاحظه من خلال تأمّلك للتعبير.
فالرسول صلى الله عليه وسلم
أوّل عقبة في الرؤيا: بحُسن العاقبة في الحقيقة وهذا في الآخرة،
وأوّل رافع في الرؤيا: بالرِّفعة والانتصار وهذا في الدنيا،
وأوّل الرطب من رطب ابن طاب: باستقرار الدَّين وكمال أحكامه،
ومن المعروف أن الرطب هو آخر مراحل النضج بالنسبة للتمور ولهذا والله أعلم عبّرها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم باستقرار الدِّين وكماله وانتهاء أحكامه.
وأخذ من كلمة طاب معنى الاستقرار أيضاً.
ولو تساءلنا عن سبب تعبيرها من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من جانبها اللغوي والاشتقاقي،
فالجواب: لأنه أقوى في هذه الرؤيا من الجوانب الأخرى، والمعبّر وهو هنا رسول الله من فراسته وعلمه الذي هو من علم الله ، فهو لا ينطق عن الهوى عبّرها من هذا الجانب.
لذا فالمعبرون عند قصّ الرؤيا عليهم يبحثون عن الجانب الأقوى أو جانب الرؤيا الجيد والذي من خلاله يفترسون هذه الرؤيا ولا يخفى على القارئ الكريم أنَّ افتراسهم للرؤيا هو معرفة تعبيرها من خلال النظر والتأمّل فيها.
إذا حلمت برؤية شروق الشمس الساطعة فإن هذا ينبئ بأحداث سعيدة وأفراح وازدهار الأحوال ومستقبل باسم. إذا رأيت الشمس في وقت الظهر فهذا يدل على نضوج طموحاتك التي سوف تتحقق قريباً وعلى السلام والرضى اللذين ستعيشهما. إذا رأيت غروب الشمس فإن أفراحك وثروتك سيكونان في أحسن حال. يتحتم عليك الانتباه إلى مصالحك والحذر. أما رؤية الشمس وراء الغيوم فتدل على أنك عرضة لهجوم المشاكل والصعوبات لكن الفرح قريب منك. إذا رأيت الشمس في وضع الخسوف فاعلم أن أوقاتاً صعبة خطرة في انتظارك لكنك ستجتازها وتصبح أحوالك العائلية وتجارتك أفضل مما كانت عليه.
ومنازعة الشمس الخروج على الملك، ونقصان شعاع الشمس انحطاط هيبة الملك. فإن رأى الشمس انشقت نصفين فبقي نصفها وذهب الآخر، فإنه يخرج على الملك خارجي، فإن تبع النصف الباقي النصف الذاهب وانضما وعادت شمساً صحيحاً، فإن الخارجي يأخذ البلد كله، فإن رجع النصف الذاهب إلى النصف الباقي وعادت شمساً كما كانت عاد إليه ملكه وظفر بالخارجي. فإن صار كل واحد من النصفين شمساً بمفرده، فإن الخارجي يملك مثل ما مع الملك من الملك، ويصير نظيره، ويأخذ نصف مملكته. فإن رأى الشمس سقطت، فهي مصيبة في قيم الأرض أو في الوالدين. فإن رأى كأن الشمس طلعت في دار فأضاءت الدار كلها، نال أهل الدار عزة وكرامة ورزقاً.
ومن رأى أنه ابتلع الشمس، فإنه يعيش عيشاً مغموماً. فإن رأى ذلك ملك مات.
ومن أصاب من ضوء الشمس، أتاه الله كنزاً ومالاً عظيماً. ومن رأى الشمس نزلت على فراشه، فإنه يمرض ويلتهب بدنه. فإن رأى كأنه يفعل به خير، دل على خصب ويسار، ويدل في كثير من الناس على صحة. ومن أخذت الشمس منه شيئاً أو أعطته شيئاً، فليس بمحمود. ومن دلائل الخيرات أن يرى الإنسان الشمس على هيأتها وعادتها، وقد تكون الزيادة والنقص فيها من المضار. ومن وجد حر الشمس فأوى إلى الظل، فإنه ينجو من حزن. ومن وجد البرد في الظل فقعد في الشمس ذهب فقره، لأن البرد فقر. ومن استمكن من الشمس وهي سوداء مدلهمة، فإن الملك يضطر إليه في أمر من الأمور.
وحكي أن قاضي حمص رأى كأن الشمس والقمر اقتتلا فتفرقت الكواكب، فكان شطر مع الشمس، وشطر مع القمر. فقص رؤياه على عمر بن الخطاب رضي اللهّ. فقال له: مع أيهما كنت؟ قال: مع القمر. فقرأ عمر: " فَمَحَوْنَا آيَةَ الليّلِ وَجَعَلْنا آية النّهارِ مُبْصِرَة " . وصرفه عن عمل حمص، فقضي أنه خرج مع معاوية إلى صفين فقتل.
ومن رأى الشمس والقمر والنجوم اجتمعت في موضع واحد وملكها، وكان لها نور وشعاع، فإنه يكون مقبول القول عند الملك والوزير والرؤساء. فإن لم يكن نور، فلا خير فيه لصاحب الرؤيا. فإن رأى الشمس والقمر طالعين عليه، فإن والديه راضيان عنه. فإن لم يكن لهما شعاع، فإنهما ساخطان عليه. فإن رأى شمساً وقمراً عن يمينه وشماله أو قدامه أو خلفه، فإنه يصيبه هم وخوف أو بلية وهزيمة، ويضطر معها إلى الفرار، لقوله تعالى: " وَجُمِعَ الشّمسُ والقَمَرُ يَقُولُ الإِنسانُ يَوْمَئِذٍ أيْنَ المَفَر " . وسواد الشمس والقمر والنجوم وكدورتها، تغير النعم في الدنيا. وكسوف الشمس، حدث بالملك.
ومن رأى سحاباً غطى الشمس حتى ذهب نورها، فان الملك يمرض. فإن رآها وهي لا تتحرك في السحاب ولا تخرج منه، فإن الملك يموت، وربما كانت الشمس عالماً من العلماء فإن انجلى السحاب، انجلى الغم عنه.
القمر: في الأصل وزير الملك الأعظم، أو سلطان دون الملك الأعظم، والنجوم حوله جنود. ومنازله ومساكنه، أو زوجاته وجواريه. وربما دل على العالم والفقيه وكل ما يهتدي به من الأدلة، لأنه يهدي في الظلمات، ويضيء في الحنادس. ويدل على الولد والزوج والسيد، وعلى الزوجة والإِبنه، لجماله ونوره، يشبه به ذو الجمال من النساء والرجال، فيقال كأنه البدر وكأنه فلقة قمر. ثم يجري تأويل حوادثه ومزاولته كنحو ما تقدم في الشمس، وربما دل على الزيادة والنقص، لأنه يزيد وينقص، كالأموال والأعمال والأبدان، مع ما سبق من لفظ المرور، مثل مريض يراه في أول الشهر قد نزل عليه أو أتى به إليه، فإنه يفيق من علته ويسلم من مرضه. وإن كان في نقصان الشهر، ذهب عمره وتقرب أجله على مقدار ما بقي من الشهر، فربما كان أياماً وربما كان جمعاً أو شهوراً أو أعواماً، بأدلة تزاد عند ذلك في المنام أو في اليقظة. وإن نزل في أول الشهر، أو طلع على من له غائب فقد خرج من مكانه وقدم من سفره. وإن كان ذلك في آخر الشهرِ، بعد في سفره وتغرب عن وطنه. ومن رآه عنده أو في حجره أو في يده، تزوج زوجاً بقدر ضوئه ونوره، رجلاً كان أو امرأة.
رأت عائشة رضوان الله عليها ثلاثة أقمار سقطت في حجرتها، فقصت رؤياها على أبيها رضي الله عنه، فقالت لها: إن صدقت رؤياك، دفن في حجرتك ثلاثة هم خير أهل الأرض.
هل تعبر الرؤيا بشكل واحد , أم تختلف حسب الزمان والمكان والهيئات ؟
مما ينبغي أن يفهمة المعبر وأن يعية جيدا ; أن الرموز قد تختلف حسب الزمان والمكان , ولذا فقد يعبر المعبر رؤيا في وقت أو مكان معينين بتعبير , ويعبر نفس الرؤيا بتعبير مختلف , بسبب اختلاف الزمان أو المكان , وهذا بالمناسبة يحصل كثيرا , وقد يعجب منة البعض من قليلي البضاعة في العلم .
كما أن صاحب الرؤيا ايضا لة دور في اختلاف التعبير ; حسنا أو سوء حسب صلاحة وعدالتة ونحو ذلك من أمور تتعلق بالرائي , ولعل مما يذكر هنا تأييد لما قلتة , قصة الطفيل حين خرج مع جيش المسلمين في قتال المرتدين في اليمامة , وكان معة ابنة عمرو بن الطفيل , قال الطفيل رضي الله عنة :
قال : وخرجت الي بعث مسيلمة ومعي ابني عمرو ، حَتَّى إذا كنت ببعض الطريق رأيت رؤيا ، رأيت كأن رأسي حلق ، وخرج من فمي طائر ، وكأن امرأة أدخلتني في فرجها ، وكأن ابني يطلبني طلبا حثيثا ، فحيل بيني وبينه ، فحدثت بِهَا قومي ، فقالوا : خيرا ، فقلت : أما أنا فقد أولتها ، أما حلق رأسي فقطعه ، وأما الطائر فروحي ، والمرأة الأرض أدفن فيها ، فقد روعت أن أقتل شهيدا ، وأما طلب ابني إياي ، فما أراه إلا سيعذر في طلب الشهادة ، ولا أراه يلحق في سفره هَذَا ، قَالَ : فقتل الطفيل يوم اليمامة ، وجرح ابنه ، ثم قتل يوم اليرموك شهيدا في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنة .
قال ابن القيم في "زاد المعاد " بعد القصة (3627) :
واما تعبيرة حلق رأسة بوضعة ,فهذا لأن حلق الرأس وضع شعره على الأرض وهو لا يدل بمجرده على وضع رأسه، فإنه دال على خلاص من همٍّ أو مرض أو شدة لمن يليق به ذلك، وعلى فقر ونكد وزوال رياسة وجاه لمن لا يليق به ذلك، ولكن في منام الطفيل قرائن اقتضت أنه وضع رأسه، منها: أنه كان في الجهاد ومقاتلة العدو ذي الشوكة والبأس. ومنها: أنه دخل في بطن المرأة التي رآها وهي الأرض التي هي بمنزلة أمه، ورأى أنه قد دخل في الموضع الذي خرج منه، وهذا هو إعادته إلى الأرض، كما قال تعالى: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم} طه : 155، فأول المرأة بالأرض إذ كلاهما محل الوطء، وأول دخوله في فرجها بعوده إليها كما خلق منها، وأول الطائر الذي خرج من فيه بروحه، فإنها كالطائر المحبوس في البدن، فإذا خرجت منه كانت كالطائر الذي فارق حبسه فذهب حيث شاء؛ ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم "أن نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة ",
اخرجة أحمد والنسائي ومالك . ومعني يعلق : أي يأكل ويرعي.
فتأمل كلام ابن القيم هذا وتعلم أن تعبر و تقيس كل رؤيا حسب صاحبها والزمن الذي رئيت فيه، وتأمل مدارسة الصحابة بعضهم البعض في علم تعبير الرؤى، لتعلم أن هذا علم يمكن تعلمه وتعليمه ولو خالفنا في هذا الرأي من خالفنا، والله أعلم.
هل يمكن تعبير رؤى المجنون , المريض قبل دخوله غرفة العمليات ، مريض الأعصاب, والكبير في السن ؟ ويري الكاتب التالي :
1) المجنون قد يخبرنا برؤية رآها ويمكن تعبيرها ، ولكن لا شك أن الجنون درجات ،فالبعض منهم قد يكون قادرا على إخراج ما رآه ، وقادرا على إفهام من يحدثه ، وأما المرضى المنجوليين ، ففي الغالب أنهم لا يقدرون على إيصال ما رأوه ، ولذا فقد يتعذر التعبير لهم . 2) المرضى الذين يرون ما قبيل العمليات ما يدل على بشائر لهم ، فهذا يعبر ، وقد يساعدهم المعبر المتفائل على الرغبة في الشفاء ويقوي عزائمهم ، وأما ما يرى بعد العمليات وما بعد تأثير البنج أو أثناءه ، فلا وهي من الهلوسة ، كما يفعل ذلك من غاب بسبب المسكر عافانا الله وإياكم .
3) وما جاء في القسم الثالث ، فهم مثل المجنون الذي يستطيع أحيانا إفهام المعبر ، فيجري عليه ما قلناه هناك .
4) كبار السن ؛ ممن ابتلوا بمرض الزهايمر ، يؤخذ بما يقولونه أثناء كونهم في لحظات يقدرون فيها على الحوار ، ومن ذلك إذا ما قصوا رؤيا مثلا .
لا يخفى على أي مهتم بهذا الفن أن هذا العلم شريف جدا ، ولذلك امتن الله على نبيه يوسف بقوله تعالى [وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ...] ، وكان نبينا محمد [صلى الله عليه وسلم ] يعبر الرؤى وكثيرا ما سأل الصحابة كما في حديث سمرة بن جندب : كان النبي [صلى الله عليه وسلم ] إذا صلى الصبح أقبل عليهم بوجهه فقال : هل رأى أحد منكم البارحة رؤيا .
والحقيقة أن لي وجهة نظر في هذه المسألة ؛ أقصد إمكانية تعلم ، وتعليم هذا العلم ، وهي أنه يمكن تعلمه ، وتعليمه .
وقد يكون في هذا الرأي غرابة لدى البعض ؛ وذلك لكون هذا العلم أشبه بالإلهام والفراسة ، وكأن فيه تشبها بالرسل ، فوجد الحرج من هذه الجهة ولكن آمل أن نطرح هذه المسألة للنقاش ليكون طرحنا موضوعيا .
وإليكم أهم ما يجعلني أميل لهذا الرأي ، وقد تكلمت عليه بالتفصيل في كتابي :تعبير الرؤيا مصطلحات معاصرة أسئلة وأجوبة،ص:96، وما بعدها، الناشر : دار التدمرية .
قال النووي تعليقا على حديث سمرة السابق :
فيه استحباب السؤال عن الرؤيا ، والمبادرة إلى تأويلها ، وتعجيلها أول النهار ، وفيه إباحة الكلام في العلم وتفسير الرؤيا ، ونحوهما .15/30
وقال ابن حجر تعليقا على الحديث السابق كما في الفتح 12/437:
الحث على تعليم علم الرؤيا وعلى تعبيرها ، وترك إغفال السؤال عنه ، وفضيلتها لما تشتمل عليه من الاطلاع على بعض الغيب ، وأسرار الكائنات .
وقال ابن عبد البر كما في التمهيد 1/313 تعليقا على الحديث السابق : وهذا الحديث يدل على شرف علم الرؤيا وفضلها ، لأنه [ صلى الله عليه وسلم ] إنما كان يسأل عنها لتقص عليه ، ويعبرها ، ليعلم أصحابه كيف الكلام في تأويلها.
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما في مجموع مؤلفاته 5/130 :
علم التعبير علم صحيح يمن الله به على من يشاء من عباده.
وقال في موضع آخر 5/143 :
عبارة الرؤيا علم صحيح ذكره الله في القرآن ولأجل ذلك قيل : لا يعبر الرؤيا إلا من هو من أهل العلم بتأويلها ، لأنها من أقسام الوحي .
وقد نبه الشاطبي رحمه الله في الموافقات 2/415 :
أنه ما من مزية ومنقبة أعطيها النبي [صلى الله عليه وسلم] سوى ما استثني ، إلا وقد أعطيت أمته نموذجا ، وهذا يعلم بالاستقراء ، ومن ذلك أنه أعطي الوحي له ، ولأمته أعطيت الرؤيا الصالحة .
وقال الإمام مالك ، وقد سئل : أيفسر الرؤيا كل أحد ؟ فقال : أبالنبوة يلعب ، ثم قال : لا يعبر الرؤيا إلا من أحسنها . فإن رأى خيرا أخبره ، وإن رأى مكروها فليقل خيرا أو ليصمت .
وقال الإمام ابن السعدي في تفسيره 2/442 : ومنها أي الفوائد على الآية السابقة :أن فيها أصلا لتعبير الرؤيا فإن علم التعبير من العلوم المهمة التي يعطيها الله من يشاء من عباده .
وقال أيضا 2/449 : ومنها أن علم التعبير من العلوم الشرعية ، وأنه يثاب الإنسان على تعلمه ، وتعليمه .
ومما يدل على وجود التعلم والتعليم عند الصحابةـ أشرف الخلق ـ ما ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يسأل أسماء بنت عميس الخثعمية عن تعبير الرؤيا كما في تهذيب التهذيب لابن حجر 12/399 .
وذكر ابن سعد في الطبقات 7/124 : أن سعيد بن المسيب كان من أعبر الناس للرؤيا ، وكان أخذ ذلك عن أسماء بنت أبي بكر ، وأخذته أسماء عن أبيها أبي بكر، وأبو بكر أخذ هذا العلم من الرسول الكريم ، الذي كان يدعه أحيانا يعبر بعض الرؤى ، ويصوبه أحيانا ، وقد يخطئه شانه شأن أي معلم وتلميذه ، وقد كان هذا التلميذ بارعا في الكثير من المواقف التي امتحن فيها ، ولذلك نجده بعد إحدى المرات ، وكان يعبر رؤيا رآها الرسول يقول الرسول له إعجابا بتعبيره : كذلك قال الملك . ، ولكن حصل له أيضا أن أخطأ في اجتهاده ، وكان الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] لا يجامله ، بل يخطئه ولذا قال له مرة بعد أن عبر عنده : أخبرني يا رسول الله بأبي أنت أصبت أم أخطأت ؟ فقال النبي : أصبت بعضا وأخطأت بعضا .
كذلك حصل لعائشة رضي الله عنها مواقف تعليمية مع أبيها ، فكانت تعرض عليه الرؤى ، وحصل لها مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعض المواقف ، ولذا فقد عنفها مرة حين عبرت رؤيا لامرأة بأن زوجها يموت وتلد غلاما فاجرا بقوله :
[ مه يا عائشة إذا عبرتم الرؤيا للمؤمن فاعبروها له على الخير .... ] والشاهد من الحديث طلب الرسول من عائشة أن تسلك منهجا محددا في التعبير ، وهو صرفها على الخير .
وقد ذكر الإمام ابن خلدون في مقدمته ص:389 أن هذا العلم من العلوم الشرعية وهو حادث في الملة عندما صارت العلوم صنائع وكتب الناس فيها ، وتعبيره موجود في السلف والخلف ، ولم يزل هذا العلم متناقلا بين السلف .
أما معنى الأحلام المشابهة لرؤية تعب من حراره الشمس في المنام فيؤول إلى التالي