إذا رأيت الشيطان في الحلم فسوف تقدم على مغامرة خطرة ويجب أن تحفظ على مظهرك محترماً. إذا حلمت أنك قتلته فإن هذا يدل على أنك ستبتعد عن رفقة السوء والشر وسط أمسى وأرقى. فإذا جاء إليك في شكل الأدب فإن ذلك تحذيراً من صداقات زائفة وخاصة الأصدقاء المجاملين المنافقين. وإذا جاءك الشيطان في شكل الثروة أو القوة فلن تتمكن من استخدام تأثيرك ونفوذك لتأمين الانسجام مع الآخرين أو لرفع مستواهم. إذا جاءك الشيطان في شكل الموسيقى فاعلم أنك ستركع أمام إغوائه وسحره. إذا جاءك في شكل امرأة ساحرة فسوف تحطم كل أفكارك ومشاعرك اللطيفة في سبيل معانقة هذا الشخص الكريه. إذا حلمت أنك تعمل على تحصين نفسك ضد الشيطان فسوف تتمكن من نزع واقتلاع رباط الملذات الذاتية والعمل على إعطاء الآخرين كل ما يستحقونه.
إذا حلم المزارعون بالشيطان فهذا يعني محصولاً ذابلاً وموتاً بين المواشي، كما يعني مرضاً في العائلة. ويجب على الرياضيين أن يعتبروا هذا الحلم بمثابة تحذير للاعتناء بأمورهم إذ أنه من المحتمل أن يخاطروا بتجاوز قوانين الدولة. أما بالنسبة للواعظ فإن هذا الحلم برهان لا يمكن إنكاره على إفراطه في الحماس. ويتحتم عليه ألا يعبد الله عن طريق جلد جيرانه بسياط لسانه.
إذا حلمت بالشيطان شخصاً ضخماً متأنقاً على نحو جليل ويرتدي عدداً من الجواهر البراقة في يديه وجسمه ويحاول أن يقنعك بالدخول إلى مسكنه، فإن هذا يحذرك من أشخاص سيئين يسعون إلى تحطيمك عن طريق التملق الماكر. ويتحتم على الفتاة البريئة أن تبحث عن مكان آخر بين الأصدقاء بعد هذا الحلم، وأن تتجنب الاهتمامات الغريبة بها لا سيما تلك التي يبديها نحوها الرجال المتزوجون.
من المحتمل أن تتعرض المرأة ذات الشخصية الضعيفة إلى سلب مجوهراتها ونقودها من قبل غرباء ظاهرياً. كن حذراً من صحبة الشيطان حتى في الأحلام.
الشيطان دائماً نذير يأس. إذا حلمت أن نفوذه يطغي عليك فسوف تسقط في أفخاخ ينصبها لك أعداء في زي أصدقاء. ويعني هذا الحلم للعاشق أنه سوف يفقد إخلاصه بسبب اللهو الداعر.
الشيطان
هو في المنام عدو في الدين والدنيا، مكار خداع، حريص مكابر، لا يبالي ولا يكترث. ورؤيا الشيطان فرح وشطط وشهوة. ومن رأى الشيطان يتخبطه فإنَّه يأكل الربا. ومن رأى أن الشيطان يتبعه فإن عدوه يغره ويغويه. ومن رأى أنَه يناجي الشيطان فإنه يناجي رجلاً من أعدائه. ومن رأى أن الشيطان نزل عليه فإنه ينال إفكاً وإثما. ومن رأى أنَه يترأس على الشياطين وهم له مطيعون نال رياسة وشرفاً، وهيبة وجاهاً. ومن رأى أنه قيّد الشياطين نال نصراً وقوة. ومن رأى أنه يعادي الشيطان فإنه رجل مؤمن صادق مطيع للّه تعالى. ومن رأى الشيطان فرحاً مسرورا اشتغل بالشهوات. وربما دلّت رؤية الشيطان على الجواسيس ومسترقّي السمع، أو دلّت على الهمز واللمز. ومن رأى أنه صار شيطاناً عبس بالناس وبادر لأذيتهم.
ومن رأى كأنّ طائفاً من الشيطان مسه وهو مشتغل بذكر الله تعالى، دلت رؤياه على أنّ له أعداء كثيرة يريدون إهلاكه، فلا ينالون منه مرادهم، لقوله تعالى: " إنَّ الذِينَ اتّقُوا إذا مَسّهُم طائِفٌ مِنَ الشّيْطَانِ تَذَكّرُوا " .
فإن رأى كأن الشيطان قد مسه، فإنّ له عدواً يقذف امرأته ويغويها، وقيل إنّ هذه الرؤيا تدل على فرجِ صاحبها منِ غم، أو شفاء من مرض، لقوله تعالى: " واذْكُرْعبدنا أيُوبَ إذْ نَادَى ربّهُ أني مًسّنِي الشّيْطَان " .
ومن رأى كأنّ الشيطان خوفه، فى دلت رؤياه على إخلاصه في دينه، وعلى أمن من خوف هو فيه، بدليل قوله تعالى: " فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُون إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين " .
ومن رأى كأنّ الشيطان نزع لباسه، عزل عن ولاية إن كان والياً، أو أُصيب بضيعة إن كان صاحب ضيعة، لقوله تعالى: " يا بني ادمَ لَا يَفْتِنَنّكُمْ الشّيْطَانُ " .
ومن رأى أنه يناجي شيطانا فإنه يشاور أعداءه ويظاهرهم في قهر أهل الصلاح فلا يستطيعون ذلك لقوله تعالى إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله.
ما حكم نسبة الحلم إلى الشيطان؟ وما حكم من نسبه له مجازاً فقط؟
ورد كما مرَّ بنا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: (( الرؤيا الصادقة من الله والحلم من الشيطان ))،
وقد وجدت الكثير من العلماء الثقات مَن ينسب له الحلم مجازاً من مثل المازري في شرح صحيح مسلم وابن حجر في فتح الباري وهو يتكلم عن الرؤيا الصالحة:
( فهو بالنسبة إلى ما لا دخول للشيطان فيه، وأما ما له فيه دخل فنسبته إليه نسبة مجازية).
قُلتُ: ولكن الصحيح أنَّ الأفعال تنسب إلى فاعلها؛ لأنه هو الذي ابتدأها وفعلها وتنسب إلى الله عزَّ وجلّ لأنه هو الذي قدّرها وخلقها كما
قال تعالى: { مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ }
أي فعلاً وابتداءً. وقال سبحانه: { كُلٌّ مِّنْ عِندِ الله } أي خلقهاً وتقديراً.
ومن هذا أفعال الشيطان من الوسوسة والتسويل والإغراء والعقد على قافة الآدمية، كلها تنسب للشيطان حقيقة؛ إذْ هو المباشر لها وهذا وروده كثير في القرآن الكريم
قال تعالى: { الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ } ،
وقال سبحانه:{ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ }
وقال كذلك { وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّصِحِينَ }
وقال تعالى { وَإِنِّي جَارُُ لَكُمْ }
وكذلك مما يدلّ على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم
(( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم....)) مسلم شرح النووي ( 6/65 )
وقوله صلى الله عليه وسلم:
(( الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)) متفق عليه.
وهذا وأمثاله حقيقة نسبتها إلى الشيطان نسبة حقيقية؛ لأنه الفاعل المباشر لها، وإن كانت كلها بتقدير الله عزَّ وجلّ وخلقه وإرادته سبحانه وتعالى.
إذا قوله صلى الله عليه وسلم: ((الحلم من الشيطان))، يجب أن يقال هي على ظاهرها والحلم يكون من نوع إغوائه وتخويفه لبني آدم.
قال القاضي وغيره:
( هو على ظاهره وأن الله تعالى جعل له قوة وقدرة على الجري في باطن الإنسان مجاري دمه).
1/ أن ما كان موافقا لمرضاة الله ، وموافقا لما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ فهو من الملَك- بفتح الميم واللام - ، وما كان غير موافق لمرضاته فهو من إلقاء الشيطان .
2/ أن ما أثمر إقبالا على الله ، وإنابة إليه ، وذكرا له وزيادة في الهمة ، فهو من إلقاء الملَك. وما أثمر ضد ذلك فهو من إلقاء الشيطان .
3/ أن ما أورث أنسا ونورا في القلب ، وانشراحا في الصدر فهو من الملك ، وما أورث ضد ذلك ، فهو من الشيطان .
4/ أن ما أورث سكينة وطمأنينة ، فهو من الملك . وما أورث قلقا وانزعاجا واضطرابا فهو من الشيطان . فالإلهام الملكي ، يكثر في القلوب الطاهرة النقية المؤمنة ، فللملك بها اتصال ، وبينه وبينها مناسبة ، فإنه طيب طاهر ، لا يجاور إلا قلبا يناسبه ، فتكون لمة الملك بهذا القلب أكثر من لمة الشيطان .
وأما القلب المظلم الذي قد اسود بدخان الشهوات والشبهات ، فإلقاء الشيطان ولمته به أكثر من لمة الملك ، والذي جعل القلب مظلما ، كما لا يخفى على القارئ والقارئة ، الذنوب والمعاصي ، ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :
إن العبد إذا أذنب نُكت في قلبه نكتة سوداء ....الحديث ، ويدل عليه قوله تعالى { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } . انظر : الروح لآبن القيم : 380 ص .