وقال خالد الاصفهاني أولت بتوفيق الله رؤيا الظلم بعدم الافلاح لقوله لا أفلح من ظلم، وربما دل الظلم على الخراب وقد تقدم بقية الكلام على الظلم في الباب السابع عشر في فصل رؤيا الظلم.
وقال أبو سعيد الواعظ رؤيا الأمراض من الرطوبة يدل على التهاون بالفرائض والطاعات، والأمراض الحارة دليل على هم من قبل الملك، وأما الأمراض من اليبوسة فانها تؤول باسراف المال في غير مرضاة الله تعالى وأخذ ديون من الناس ولم يعزم على قضائها.
** مراني رسول الله صلى الله عليه وسلم
رؤياه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وقع في معركة أحد
عن أبي موسى -رضى الله عنه-عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل
فذهب وهلى إلى أنها اليهامة أو هجر فإذا هي المدينة يثرب ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفا فانقطع صدره فإذا هو ما أصيب
من المؤمنين يوم أحد .
ثم هززته أخرى فعاد أحسن ما كان فإذا هو ما جاء الله به من الفتح واجتماع المؤمنين ورأيت فيها أيضا بقرا والله خير فإذا هم النفر
من المؤمنين يوم أحد وإذا الخير ما جاء الله به من الخير بعد وثواب الصدق الذي اتانا الله بعد يوم بدر .
وعن أبن عباس -رضي الله عنمها-قال: تنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار يوم بدر وهو الذي رأي فيه الرؤيا
يوم أحد فقال: رأيت في سيفي ذا الفقار فلا فأوله فلا يكون فيكم ورأيت أني مردف كبشا فأولته كبش الكتيبة ورأيت أني في درع
حصينة فأولتها المدينة ورأيت بقرا تذبح فبقر والله خير فبقر والله خير.
فكان الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل عمه حمزة بن عبد المطلب والبقر التي تذبح هو ما حصل في المسلمين من القتل
يوم أحد .
أخبرنا أبو علي الحسن بن الحسن بن شيظم البلخي قال: حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا أحمد بن أبي صالح الكرابيسي قال: سمعت إبراهيم الدلال ابن أخي مكي بن إبراهيم يقول: سمعت ابن عيينة يقول: رأيت سفيان الثوري في النوم، فقلت ما صنع الله بك؟ قال فذكر شيئاً. قلت بما نجاك الله؟ قال بقلة معرفتي بالناس. قال فقلت له أوصني. قال: أقلل من معرفة الناس.
ومن رأى ادريس يحسن أمره ويكون عاقبته محموده وقيل من رأى ادريس يدل على اجتهاد في العبادة وان يكون فيها بصيرا فإن ادريس كان أعدل أهل زمانه وأعرفهم بالحكمة.
قال بعض المعبرين رؤيا أهل التقوى خير فمن رأى أنه سلك طريق شيء من ذلك فإنه يسلك الطريق المجيدة ويكون الله تعالى معه في جميع أحواله لقوله تعالى " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون " وأما المعصية فتعبيره ضد ذلك.
قال الأستاذ أبو سعد رحمه اللهّ: كل مشرك رأى في منامه أو رآه غيره كأنّه في الجنة، أو على أساور من فضة، فإنّه يسلم لقوله تعالى: " وحُلوا أسَاوِرَ من فَضّة " .
وقوة الطحال: فرج، فإنّه قوام البدن، ومن رأى كأنّ إنساناً قطع مرارة إنسان بأسنانه فمات فيه، فإنّ القاطع يحقد عليه حقداً عظيماً يهلكه فيه. فإن خرج دمه وشر القاطع، فإنّه يحلل ماله على نفسه لجهله وشره.
والبصاق: فهو مال الرجل وقدرته. فمن رأى أنّه يبصق، فإنّه يقذف إنساناً. فإن كان مع البصاق دم، فهوكسب من حرام. فإن بصق على حائط فإنّه ينفق ماله في جهاد، أو يشغل ماله في تجارة. فإن بصق على الأرض، اشترى ضيعة أو أرضاً.فإن بصق على شجرة، نكث عهداً أوحنث في يمين. فإن بصق على إنسان، فإنه يقذفه.
والبصاق الحار، دليل طول العمر. وأما البارد فدليل الموت.
ومنازعة الشمس الخروج على الملك، ونقصان شعاع الشمس انحطاط هيبة الملك. فإن رأى الشمس انشقت نصفين فبقي نصفها وذهب الآخر، فإنه يخرج على الملك خارجي، فإن تبع النصف الباقي النصف الذاهب وانضما وعادت شمساً صحيحاً، فإن الخارجي يأخذ البلد كله، فإن رجع النصف الذاهب إلى النصف الباقي وعادت شمساً كما كانت عاد إليه ملكه وظفر بالخارجي. فإن صار كل واحد من النصفين شمساً بمفرده، فإن الخارجي يملك مثل ما مع الملك من الملك، ويصير نظيره، ويأخذ نصف مملكته. فإن رأى الشمس سقطت، فهي مصيبة في قيم الأرض أو في الوالدين. فإن رأى كأن الشمس طلعت في دار فأضاءت الدار كلها، نال أهل الدار عزة وكرامة ورزقاً.
ومن رأى أنه ابتلع الشمس، فإنه يعيش عيشاً مغموماً. فإن رأى ذلك ملك مات.
ومن أصاب من ضوء الشمس، أتاه الله كنزاً ومالاً عظيماً. ومن رأى الشمس نزلت على فراشه، فإنه يمرض ويلتهب بدنه. فإن رأى كأنه يفعل به خير، دل على خصب ويسار، ويدل في كثير من الناس على صحة. ومن أخذت الشمس منه شيئاً أو أعطته شيئاً، فليس بمحمود. ومن دلائل الخيرات أن يرى الإنسان الشمس على هيأتها وعادتها، وقد تكون الزيادة والنقص فيها من المضار. ومن وجد حر الشمس فأوى إلى الظل، فإنه ينجو من حزن. ومن وجد البرد في الظل فقعد في الشمس ذهب فقره، لأن البرد فقر. ومن استمكن من الشمس وهي سوداء مدلهمة، فإن الملك يضطر إليه في أمر من الأمور.
وحكي أن قاضي حمص رأى كأن الشمس والقمر اقتتلا فتفرقت الكواكب، فكان شطر مع الشمس، وشطر مع القمر. فقص رؤياه على عمر بن الخطاب رضي اللهّ. فقال له: مع أيهما كنت؟ قال: مع القمر. فقرأ عمر: " فَمَحَوْنَا آيَةَ الليّلِ وَجَعَلْنا آية النّهارِ مُبْصِرَة " . وصرفه عن عمل حمص، فقضي أنه خرج مع معاوية إلى صفين فقتل.
ومن رأى الشمس والقمر والنجوم اجتمعت في موضع واحد وملكها، وكان لها نور وشعاع، فإنه يكون مقبول القول عند الملك والوزير والرؤساء. فإن لم يكن نور، فلا خير فيه لصاحب الرؤيا. فإن رأى الشمس والقمر طالعين عليه، فإن والديه راضيان عنه. فإن لم يكن لهما شعاع، فإنهما ساخطان عليه. فإن رأى شمساً وقمراً عن يمينه وشماله أو قدامه أو خلفه، فإنه يصيبه هم وخوف أو بلية وهزيمة، ويضطر معها إلى الفرار، لقوله تعالى: " وَجُمِعَ الشّمسُ والقَمَرُ يَقُولُ الإِنسانُ يَوْمَئِذٍ أيْنَ المَفَر " . وسواد الشمس والقمر والنجوم وكدورتها، تغير النعم في الدنيا. وكسوف الشمس، حدث بالملك.
ومن رأى سحاباً غطى الشمس حتى ذهب نورها، فان الملك يمرض. فإن رآها وهي لا تتحرك في السحاب ولا تخرج منه، فإن الملك يموت، وربما كانت الشمس عالماً من العلماء فإن انجلى السحاب، انجلى الغم عنه.
القمر: في الأصل وزير الملك الأعظم، أو سلطان دون الملك الأعظم، والنجوم حوله جنود. ومنازله ومساكنه، أو زوجاته وجواريه. وربما دل على العالم والفقيه وكل ما يهتدي به من الأدلة، لأنه يهدي في الظلمات، ويضيء في الحنادس. ويدل على الولد والزوج والسيد، وعلى الزوجة والإِبنه، لجماله ونوره، يشبه به ذو الجمال من النساء والرجال، فيقال كأنه البدر وكأنه فلقة قمر. ثم يجري تأويل حوادثه ومزاولته كنحو ما تقدم في الشمس، وربما دل على الزيادة والنقص، لأنه يزيد وينقص، كالأموال والأعمال والأبدان، مع ما سبق من لفظ المرور، مثل مريض يراه في أول الشهر قد نزل عليه أو أتى به إليه، فإنه يفيق من علته ويسلم من مرضه. وإن كان في نقصان الشهر، ذهب عمره وتقرب أجله على مقدار ما بقي من الشهر، فربما كان أياماً وربما كان جمعاً أو شهوراً أو أعواماً، بأدلة تزاد عند ذلك في المنام أو في اليقظة. وإن نزل في أول الشهر، أو طلع على من له غائب فقد خرج من مكانه وقدم من سفره. وإن كان ذلك في آخر الشهرِ، بعد في سفره وتغرب عن وطنه. ومن رآه عنده أو في حجره أو في يده، تزوج زوجاً بقدر ضوئه ونوره، رجلاً كان أو امرأة.
رأت عائشة رضوان الله عليها ثلاثة أقمار سقطت في حجرتها، فقصت رؤياها على أبيها رضي الله عنه، فقالت لها: إن صدقت رؤياك، دفن في حجرتك ثلاثة هم خير أهل الأرض.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي بن حماد، عن أبي سعيد إسماعيل بن إبراهيم، قال: سمعت أبا إسحاق الخواص بالشام يقول: كان رجل يخدم داود الطائي ويكنى بأبي عبد الله. فقال له: إن مت فاغسلني ولا تخبر بي أحداً. قال فلما أن مات رأيته في المنام على نجيب في هودج له أربعة آلاف باب، بستور مرخاة، والريح تخفق، فقلت يا داود ادع الله أن يلحقني بك. فقال: احفظ عني ثلاثاً: داوِ قروح بطنك بالجوع، واقطع مفاوز الدنيا بالأحزان، وآثر حب الله تعالى على هواك ولا تبال متى تلقى.
قال السالمي: رؤية الكرسي خير على كل حال ما لم يكن فيه ما ينكر في الشريعة، فإن كان فيه ما ينكر فليس بجيد في حق الرائي إما في الدين أو في أمر يطلبه من أمور الدنيا.
ومن رأى أن ميتا يغسل نفسه فإنه دليل على خروج عقبه من الهموم وزيادة في ما لهم، والمغتسل في الأصل تاجر نفاع ينجو بسببه أقوام من الهموم أو رجل شريف يتوب على يده أقوام مفسدون.
عن أبن عباس -رضي الله عنهما- قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام بنصف النهار أشتعث أغبر معه قارورة فيها دم
يلتقطه أو يتتبع فيها شيئا قال: قلت: يارسول الله ماهذا؟ قال: (دم الحسين وأصحابه لم أزل أتتبعه منذ اليوم) .
قال عمار أحد رواة الحديث: فحفظنا ذلك اليوم فوجدناه قتل ذلك اليوم .
إذا رأى في منامه العلم، يدل على اهتدائه، لقوله تعالى: " وإنّه لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ فَلاَ تَمْترُنَّ بِهَا " . والعلم للمرأة زوج. والعلم الذي ينسب إلى العالم الزاهد، إن كان أحمر فهو فرج، وسرور. وإن كان أسود، فإنّه يرى منه سؤدد. وقيل الأعلام السود تدل على المطر العام، والبيض تدل على المطر العبور، والحمر حرب.
ومن رأى أنه في السماء، فإنه يأمر وينهي. وقيل أن السماء الدنيا وزارة، لأنها موضع القمر، والقمر وزير، والسماء الثانية أدب وعلم وفطنة ورياسة وكفاية، لأن السماء الثانية لعطارد. ومن رأى أنه في السماء الثالثة، فإنه ينال نعمة وسروراً وجواري وحلياً وحللاً فرشاً، ويستغني ويتنعم، لأن سيرة السماء الثالثة للزهرة. ومن رأى أنه في السماء الرابعة، نال ملكاً وسلطنة وهيبة، أو دخل في عمل ملك أو سلطان، لأن سيرة السماء الرابعة للشمس. فإن رأى أنه في الخامسة، فإنه ينال ولاية الشرط أو قتالاً أو حرباً أو صنعة مما ينسب إلى المريخ، لأن سيرة السماء الخامسة للمريخ، فإن رأى أنه في السماء السادسة، فإنه ينال خيراً من البيع والشراء، لأن سيرة السماء السادسة للمشتري، فإن رأى أنه في السماء السابعة، فإنه ينال عقاراً وأرضاً ووكالة وفلاحة وزراعة ودهقنة في جيش طويل، لأن سيرة السماء السابعة لزحل، فإن لم يكن صاحب الرؤيا لهذه المراتب أهلاً، فإن تأويلها لرئيسه أو لعقبه أو لنظيره أو لسميه
ومن رأى أن ريحا هاجت فإنه يهيج في الناس هم وخوف بقدر ذلك ومن رآها قلعت الشجر أو هدمت الدور فإن ذلك مصائب تنزل في ذلك الموضع ومن رأى ريحين تقابلتا فهما جيشان متقابلان ومن رأى أن الريح تحمله من موضع إلى آخر فإنه يسافر سفرا بعيدا أو يصيب رفعة ومن رأى أنه ملك الريح فإنه يصيب سلطانا
ومن رأى أن ميتا ناوله شيئا من المأكل والمشرب ولم يأكله فإنه ينقص من ماله بقدره وأن أكله فهو خير ومنفعة وإن ناوله شيئا من متاع الدنيا فهو حصول خير ووصل أمل ومن رأى ميتا ناوله شيئا من ملبوسه ويلبسه فإنه حصول غم ومرض وإن لم يلسه وتركه حتى أخذه الميت ولبسه فإنه دليل على رحلته من الدنيا عاجلا وقال ابن سيرين من رأى أن ميتا ناوله ثوبين مغسولين فإنه حصول غنى ومن رأى أن ميتا قد أعاره ثوبه ثم طلبه منه فإنه دليل على فقه ذلك الميت من الخير ومن رأى أن ميتا ناوله ثوبا عتيقا فيدل على افتقار الرائي وإن كان الثوب جديدا فيدل على غناه وعلو قدره ومن رأى أن ميتا ناوله شيئا من القرآن أو كتب الفقه وما أشبه ذلك فإنه دليل على حصول توفيق الطاعات ومن رأى أنه قد باع للميت شيئا فإنه دليل على غلاء ذلك الشيء ومن رأى أنه قد وهب للميت شيئا ورده عليه فإنه حصول مضرة ونقص وقال بعضهم من رأى أن الميت أعطاه شيئا من محبوبات الدنيا فهو خير يناله من حيث لا يحتسب ومن رأى أن الميت يعلمه علما فإنه يصيب صلاحا في دينه بقدر ذلك ومن رأى أنه نزع ثيابه وألبسها للميت فإنه لاحق به هذا إن علم أنها خرجت من ملكه ولا يضره ذلك وكل شيء يراه الحي أنه أعطاه لميت فليس بمحمود إلا في مسألتين إذا رأى أنه أعطى عمه أو عمته شيئا فإنه يصيب ميراثا ورؤية العم والعمة على أي وجه كان سلامة من عدم ومن رأى أن ميتا اشترى طعاما فإنه يكون قليل الوجود وإن باعه يكون كسادا ومن رأى أنه يلقن الموتى فإنه يعظ ويرجع ضالين عن ضلالتهم
ومن رأى أن عليه طوقا من ذهب أو فضة أو غيرهما فقد أمعن في فساد دينه ومن رأى أن عليه منطقة غير محلاة فإنه يصيب ولدا أو أخا أو رجلا يستظهر به من الناس فإن كانت محلاة فإنه يصيب مالا يشتهر به أو ولدا يسود أهل بيته ومن رأى أكثر من منطقة فهو أجود
في رؤيا الملائكة عليهم السلام
سمعت أبا الفضل أحمد بن عمران الهروي بمكة حرسها الله تعالى. قال سمعت أبا بكر بن القاري، يقول: سمعت أبا بكر جعفر بن الخياط الشيخ الصالح يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم جالساً معه جماعة من الفقراء، متسمين بالتصوف، فإذا بالسماء قد انشقت، فنزل جبريل ومعه ملائكة بأيديهم الطسوت والأباريق، فكانوا يصبون الماء على أيدي الفقراء ويغسلون أرجلهم، فلما بلغوا إلي مددت يدي فقال بعضهم لبعض: لا تصبوا الماء على يديه، فإنّه ليس منهم فقلت يا رسول الله فإن كنت لست منهم فإنّي أحبهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن مع من أحب، فصب الماء على يدي حتى غسلتهما.
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: رؤية الملائكة في النوم إذا كانوا معروفين مستبشرين، يدل على ظهور شيء لصاحب الرؤيا، وعزّ وقوة وبشارة ونصرة بعد ظلم، أو شفاء بعد مرض، أو أمن بعد خوف، أو يسر بعد عسر، أو غنى بعد فقر، أو فرج بعد شدّة. وتقتضي أن يحج صاحبها أو يغزو فيستشهد.
في تأويل رؤيا المسجد والمحراب والمنارة ومجالس الذكر
أخبرنا عبد الله بن حامد الفقيه، قال أخبرنا إبراهيم بن محمد الهروي، قال أنبأنا أبو شاكر ميسرة بن عبداللهّ، عن أبي عبد الله العجلي، عن عمرو بن محمد، عن العزيز بن أبي داود، قال: كان رجل بالبادية قد اتخذ مسجداً، فجعل في قلبه أحجار، فكان إذا قضى صلاته، قال يا أحجار أشهدكم أن لا إله إلا اللهّ. قال فمرض الرجلِ فمات، فعرج بروحه، قال فرأيت في منامي أنّه قال أُمر بي إلى النار، فرأيت حجراً من تلك الأحجار قد عظم، فسد عني باباً من أبواب جهنم، قال حتى سد بقية الأحجار أبواب جهنم.
أخبرنا الحسن بن بكير بعكا قال: حدثنا أبو يعقوب إسحق بن إبراهيم الأذرعي عن عبد الرحمن بن واصل، عن أبي عبيد التستري، قال: رأيت كأنّ القيامة قد قامت، وقد اجتمع الناس، فإذا المنادي ينادي: أيها الناس، من كان من أصحاب الجوع في دار الدنيا، فليقم إلى الغداء. فقام الناس واحداً بعد واحد، ثم نوديت يا أبا عبيد قم، فقمت وقد وضعت الموائد، فقلت لنفسي: ما يسرني أتى. ثم أخبرنا أبوالحسن الهمذاني بمكة حرسها الله، قال حدثنا محمد بن جعفر، عن أحمد بن مسروق، محال: رأيت في المنام كأنّ القيامة قد قامت، والخلق مجتمعون، إذ نادى مناد الصلاة جامعة، فاصطف الناس صفوفاً، فأتاني ملك عرض وجهه قدر ميل، في طول مثل ذلك، قال تقدم فصل بالناس، فتأملت وجهه، فإذا بين عينيه مكتوب جبريل أمين الله، فقلت فأين النبي صلى الله عليه وسلم، فقال هو مشغول بنصب الموائد لإخوانه من الصوفية، وذكر الحكاية.
وأما الساعدان: في التأويل، فقريبان أو صديقان مثل الأخ والولد البالغ، ينتفع منهم ويعتمد عليهم. فإن رأى رجل امرأة حاسرة الذراعين، فإنّها الدنيا، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج. والذراع إذا ألمت، فإنّها تدل على حزن، وبطلان الأشياء التي تعمل باليد، وعلى عدم الخدم. والشعر على الذراعين دين.
وانبساط الكف: سعة الدنيا، وانقباضها ضيق الدنيا، والشعر على الكف دين وحزن. وقيل: هو مال ينبو عن يده. والشعر على ظاهره الكف، ذهاب مال.
الخصيتان: عري الأعداء التي يصلون بها إليه، فإن رأى خصيتيه قطعتا من غير أن ينتنا أو ينالهما مكروه، فإنّ أعداءه يظفرون بقدر ما نيل من خصيتيه، ولو رأى أنّ خصيتيه عظمتا أو لهما قوة فوق قدرهما، فإنه يكون منيعاً لا يصل إليه أعداؤه بسوء. وربما كان انقطاعهما انقطاع الإناث من الولد، إذا كان في الرؤيا ما يدل على الخير. لأنّ الخصيتين هما الأنثيين، والبيضة اليسرى يكون الولد منها، فإن رأى أنّها انتزعت منه مات ولده، ولم يولد له من بعده. فإن رأى أنّه وهبها لغيره بطيبة نفس منه، وبانت منه، فإنّه يولد له ولد لغير رشد وينسب الولد إلى غيره. فإن رأى أنّ خصيتيه في يد رجل معروف، فإنّ ذلك الرجل يظفر به. فإن كان الرجل شاباً فهو عدوه، ومن رأى أنّه آدر، فإنّه يصيب مالاً لا يؤمن عليه أعداؤه. ورأى رجل كأنّ له عشرة ذكور وليست له خصية، فقص رؤياه على معبر فقال له: يولد لك عشر بنين، ولا يولد لك أنثى.
وأما العانة: فنقصانها صالح في السنة، وزيادتها مال وسلطان يناله من جهة رجل أعجمي. فإن رأى كأنّه نظر إلى عانته فلم ير عليها شعراً كأنّه لم ينبت قط، دل على حجر عليه في المال أوخسران يقع له. فإن كان عليه شعركثير حتى تسحبه في الأرض، فإنّه ينال مالاً كثيراً مع فساد دين، وتضييع سنين ومروءة.
النصل: في النشابة رسالة في بأس وقوة. والنصل من رصاص رسالة في وهن. ومن صفر متاع الدنيا، ومن ذهب رسالة من كراهية. وإن كانت نشابته بغير نصل، فإنّه يريد رسالة إلى امرأة ولا يصيب رسولاً، فإن كانت بلا فواق، فإنّ الرسول غير حازم. واضطراب السهم خوف الرسول على نفسه. فإن رأى أنّه رمى سهماً فأصاب، فإنّه إن رجا ولداً، كان ذكراً.
فإن رأى القمر غاب، فإن الأمر الذي هو طالبه من خيرِ أو شر قد انقضى وفات.
فإن رآه طلع، فإن الأمر في أوله. ومن رأى القمر تاماً منيراً في موضعه من السماء، فإن وزير الملك ينفع أهل ذلك المكان. ومن نظر إلى القمر فرأى مثال وجهه فيه، فإنه يموت. ومن رأى كأنه تعلق بالقمر، نال من السلطان خيراً. ومن رأى كأن القمر أظلم والرائي ملك، فإن رعيته يؤذونه وينكرون أمره. ومن رأى القمر صار شمساً، فإن الرائي يصيب خيراً وعزاً ومالاً من قبل أمه أو امرأته. ومن رأى القمر موافقه وهو موافق القمر، فإنه يدل على المسافرين والملاح والمنجم لرطوبته وحركته، ولأن المنجم يعرف ما يحتاج إليه القمر.
وحكي أن ابن عباس رضي الله عنه، رأى في المنام كأن قمراً ارتفع من الأرض إلى السماء بأشطان، فقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ذاك ابن عمك، يعني نفسه عليه أفضل الصلاة وأزكى التحيات.
وحكي أن امرأة جاءت إلى ابن سيرين وهو يتغذى، فقالت: رأيت كأن القمر دخل الثريا ومنادياً ينادي أن ائتي ابن سيرين فقصي عليه رؤياك. فقبض يده عن الطعام وقال لها: ويلك كيف رأيت؟ فأعادت عليه فأربد لونه وقام وهو آخذ ببطنه، فقالت أخته مالك؟ فقال زعمت هذه أني ميت إلى سبعة أيام فمات في السابع.
ورأى رجل كأنه نظر إلى السماء وتأمل القمر فلم يره، ونظر إلى الأرض فرأى القمر قد تلاشى. فقص رؤياه على معبر فقال: إن كان صاحب هذه الرؤيا رجلاً فإنه صاحب كيمياء وذهب، فيذهب ماله، وإن كان فقيراً فيسقط في الثرى.
وإن رأت ذلك امرأة، قتل زوجها. وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت كأن القمر في دارنا. قال: السلطان ينزل بمصركم.
واحتجاب القمر بالحجاب يجري في ذلك مجرى الشمس.
الهلال: يدل أيضاً على الملك والأسير والقائد والمقدم والمولود البارز من الرحم المستهل بالصراخ وعلى الخبر الطارىء، والفتح القادم من الناحية التي طلع منها، وعلى الثائر والخارجي إذا طلع من غير مكانه، أو كانت معه ظلمة، أومطر بالدم أو ميازيب تسيل من غير مطر. وعلى قدوم الغائب، وعلى صعود المؤذن فوق المنار، ؟؟نقص 262 من الكتاب رجاله، وإن كان عروسة فالنجوم نساؤها. فمن رأى قمرين يتقاتلان في السماء مع كل واحد منهما نجوم، كان ذلك اختلافاً أو حرباً بين ملكين أو وزيرين أو رجلين عظيمين، والغائب منهما مغلوب، يستدل عليه بناحيته في الأفق ومكانه في السماء، فيضاف إلى ملك ذلك الملك في الأرض. وكذلك إذا رأى كوكبين يقتتلان ومعهما نجوم تتبع كل واحد منهما. وإن لم يكن معهما نجوم، ورأى ذلك في خاصيته أو بيته وكان له زوجتان أو شريكان، كان الاختلاف بينهما باللسان أو باليد. وإن رأت ذلك امرأة أو عبد، أو رآهما يقاتلان على رأسه أو سقطا، كذلك يتقاتل عليهما الزوج أو السيد مع أخيه أو مع رجل شريف من جنسه. وقد يدل ذلك في العبد على خصام يقع بين بائعه ومشتريه، وقد يدل في المرأة على شر يدور بين ولديها أو بين بنتيها أو بين والدها وزوجها، أو بين زوجها وابنها
ومن رأى أحداً من الصحابة رضي الله عنهم فليتأول من اشتقاق اسمه مثل سعد وسعيد فإنه يكون سعيدا ومسعودا وسديد الرأي وربما حسنت أفعاله وقيل من رأى أحداً منهم يكون في طريق دين الإسلام قوياً ذا رياضة وصادق الأقوال وحسن الافعال، وربما يقتدى بأفعال من رآه منهم لقوله عليه السلام: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم.
ومن رأى أنه بشاذروان جالس وأصحابه حلوه فإنه ينال سرورا وفرحا ورزقا واسعا وحصول مرام، وقيل رؤيا الشاذروان إذا لم يكن له وتحقق أنه لغيره فإنه يتغير عليه أحوال الدنيا، وربما مات في غربة.
المنديل إِذا كَانَ من قطن أَو كتَّان فَإِنَّهُ حُصُول مَنْفَعَة من رجل زكي وَإِذا كَانَ من ابريسم أَو قَز فحصول مَنْفَعَة من رجل غير مصلح.
وَمن رأى أَن منديله ضَاعَ فَإِنَّهُ يدل على خسارة شَيْء يسير من مَاله.
وأما الأسنان: فإنّهم أهل بيت الرجل، فالعليا هم الرجال من أهل البيت، والسفلى هم النساء، فالناب سيد بيته، والثنية اليمنى الأب، والثنية اليسرى العم وإن لم يكونا فأخوان أو ابنان، فإن لم يكونا فصديقان شقيقان، والرباعية ابن العم، والضواحك الأخوال والخالات، ومن يقوم مقامهم في النصح، والأضراس الأجداد، والبنون الصغار، والثنية السفلى اليمنى الأم، واليسرى العمة، فإن لم يكون فأُختان أو ابنتان أو من يقوم مقامهما، والرباعية السفلى بنات العم وبنات العمات، والناب السفلى سيدة أهل بيتها، والضواحك السفلى بنات الخال والخالة وأضراس السفل الأبعدون من أهل بيت الرجل، من النساء والبنات الصغار.
وحركة بعض الأسنان، دليل على من هو تأويله في المرض، وسقوطه وضياعه دليل على موته أو غيبته عنه غيبة من لا يعود إليه، فإن أصابه بعدما فقده، فإنّه يرجع، وتآكله دليل على بلاء يصيب من ينتسب إليه. واصطكاك الأسنان على جدال بين أهل بيته. فإن رأى في أسنانه قلحاً، فهو عيب بأهل بيته يرجع إليه. ونتن الأسنان قبح الثناء على أهل البيت، وكلال الأسنان ضعف حال أهل بيته، وتنقية الأسنان من القلوحة، يدلي على بذل المالي في نفي الهموم عنهم. وبياض الأسنان وطولها وجمالها، زيادة قوة ومال وجاه لأهل البيت. فإن رأى كأنه نبت مع ثنيته مثلها، فإنّ أهلِ بيته يزيدون. فإن رأى كأنّ النابت معها يضرها، كان الزائد في أهل البيت عاراً ووبالاً عليه.
فإن رأى كأنّه قلع أسنانه، دلت رؤياه على قطع رحمه، أو ينفق ماله على كره منه. فإن رأى كأنّه يرمي أسنانه بلسانه، فسدت أمور أهل بيته بكلام يتكلّم به. فإن رأى كأنّ أسنانه من ذهب، فإن كان من أهل العلم والكلام حمدت رؤياه، وإلا فلا تحمد، لأنّها تدل في غير العلم وأهله، على مرض أو حريق، فإن رأى كأنّها من فضة، دلت على خسران في المال. فإن رآها من زجاج أو خشب، دلت على الموت. فإن رأى مقاديم أسنانه سقطت فنبت مكانها أخرى، دلت على تغيير أموره وتدابيره.
وقيل أنّ من رأى أسنانه العليا سقطت في يده، فهو مال يصير إليه. فإن رآها قطت في حجره، فهو ابن، لقوله تعالى: " ويكلم الناس في المهد " . يعني في حجر. فإن رآها سقطت إلى الأرض، فهي الموت. فإن رأى كأنّه أمسك الساقط من ضانه فلم يدفنه، فإنّه يستفيد بدل من هو مثله في الشفقة والنصيحة وكذلك التأويل في سائر الأعضاء إذا أصابتها آفة فلم يدفنها. فإن رأى كأنه نبت في قلبه أسنان، دل على موته، وقيل أنّ سقوط الأسنان يدل على عائق يعوق فيما يريده، وقيل هو دليل قضاء الديون. فإن رأى كأنّ جميع أسنانه سقطت، وأخذها في كمه أو حجره، فإنه يعيش عيشاً طويلاً حتى تسقط أسنانه، ويكثر عدد أهل بيته. وإن رأى كأنّ جميع أسنانه قطت وذهبت عن بصره، فإنّ أهل بيته يموتون قبله، وربما كان ذلك موت ذوي سنه. من الناس ،وأقرانه في العمر. فإن رأى كأنّ الناس يلكوه بأضراسهم أو يعضوه، فإنّه يمكنه أن يتضع للناس فلا يتضع، وقيل ينبغي أن يجعل الفم بمنزلة المنزل، والأسنان بمنزلة السكان، فما كان فيها من ناحية اليمنى فهو يدل على الذكور، وما كان من اليسرى فهو يدل على الإناث، في جميع الناس إلا قليلاً منهم. وقيل من رأى أسنانه تنكسر فإنه يقضي دينه قليلاً قليلاً. فإن تساقط أسنانه بلا وجع، يدل على أعمال تبطل. فإن رأى كأنّها تسقط بلا وجع، يدل على ذهاب شيء مما في منزله. ومقاديم الأسنان إذا سقطت، منعت من أن يفعل الإنسان شيئاً مما يعمل بالكلام والقول. فإن كان مع ذلك وجع أو خروج دم أو لحم، فإنّ ذلك يبطل أو يفسد الأمر الذي يراد.
وأما الأصحاء والأحرار والمسافرون، إذا سقطت جميع أسنانهم، دل على مرض طويل ووقوع في السل من غير أن يموتوا، وذلك أنّ الإنسان لا يمكنه أن ينال الغذاء القوي بلا أسنان، لكنه يستعمل الإحساء والعصارات، وإنّما لا يموتون لأنّ الموتى لا تسقط أسنانهم، والشيء الذي لا يعرض للموتى هو مخلص للمرضى فلهذا السبب صار محموداً في المرض. وإن تساقطت أسنانهم جميعاً فإنّه يدل على سرعة نجاتهم من المرض، وأما التجار المسافرون فيدل على خفة حملهم، وخاصة إن رأى أنّ تلك الأسنان تتحرك، فإن رأى كأنّ بعض أسنانه قد طال وازداد عظماً، دل على جدال وخصومة في منزل. ومن كانت أسنانه سوداً متآكلة معوجة، فرأى سقوطها، فإنه ينجو من جميع الشدائد. فإن رأى كأنّ أسنانه تسقط وهو يأخذها بيده أو بلحيته وفي حجره، فذلك يدل على أنّ أولاده تنقطع، فلا يولد له، وما يلد فلا يبقى ولا يتربى.
وحكي أنّ رجلاً رأى أسنانه كلها سقطت، فاغتم لذلك غماً شديداً، وقص رؤياه على معبر، فقال: تموت أسنانك كلها قبلك، فكان كذلك. ورأى اخر كأنّه أخذ ثلاث أسنان من فمه في كفه، وضم عليهم أنامله، فعرض له أنّه وجد درهماً ونصفاً.
وأما شعر الجسد: فنباته للرجل حمل امرأته. وكثرة شعر الجسد للمكروب زيادة كربه، وتساقطه ذهاب كربه. وكثرة شعر الجسد للمسرور، زيادة سرور وغنى، وسقوطه ذهاب غناه. وزيادة شعر البدن للغني مال، وللفقير دين يجتمع. ومن تنور وكان غنياً، فإنّه يذهب ماله بالإستلاب. وإن كان فقيراً، فإنّه يقضي دينه بالجد والتعب والمطالبة. فإن رأى شعر جسده أبيض، فإنّه إن كان غنياً نالت خسراناً في ماله، وأشرف على الفناء. وإن كان فقيراً فإنّه دين يمكنه قضاؤه. وأما استحالة شعر جسده شعر بهيمة أو سبع، فتدل على وقوعه في الشدائد.
ضيق الصدر ضلال. فإن رأى ذمي أنّ صدره ضيق، نال خسراناً في ماله. وقيل إنّ سعة صدر الإنسان سخاوة، وضيقه بخله. وكثرة الشعر على الصدر دين يركبه، فإن رأى كأنّ صدره تحول حجراً فإنّه يكون قاسي القلب. جاء ابن سيرين رجل فقال: رأيت شعراً كثيراً نبت في صدري، وأنا أعقده. فقال: عقدت أمانة فأديتها. وسعة الصدر أيضاً تدل على العلم. وأما الثدي، فامرأة الرجل وابنته، فجماله جمالها، وفساده فسادها. فمن رأى امرأة معلقة بثديها، فإنّها تزني وتلد ولداً من الزناء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أُسري بي رأيت امرأة معلقة بثديها، فقلت يا جبريل من هذه؟ فقال إنها ولدت من الزناء.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّ لي ثدياً عظيماً قد بلغ الغابة،، إنك تزني بمحرمٍ. وذلك لأنّ الثدي منه ومن جلده، وذلك محرم. وإنما يكون بر هذه الرؤيا نكاحا حراماً.
وقيل إن رأى رجل في ثدييه لبناً، فإن كان عزباً فإنّه يتزوج ويولد له، وإن كان براً دل على يساره، وإن كان شاباً دلت على طوله عمره. وأما المرأة الشابة إذا رأت ذلك دل على حملها وولادتها، وأما العجوز فإذا رأته دل على فقرها وذهاب مالها، لعذارء إذا رأته دل على عرسها، والصغيرة إذا رأته دل على موتها. وطول ثدي الرجل حتى يضربا صدره، دليل على هوى في غير رضا الله تعالى، وقيل هو دليل على صوت للأولاد. فإن لم يكن له ولد، دل على الفقر والحزن. وطوله ثدي المرأة فوق الحد، دليل على غاية الحزن. فإنّ النساء إذا أصابهن حزن جذبن أثداءهن وخدشنها. ومن رأى كأنّه يرتضع امرأة، فإنّه يمرض، إلا أن تكون امرأته حبلى، فإنّها تلد ابناً. وإن كان صاحب الرؤيا امرأة، فإنها تلد بنتاً.
والبطن: من ظاهر ومن باطن مالك الرجل وولده، أو قرابة من عشيرته، أو خزانته ومأوى عياله. وصغره قلة هؤلاء، وكبره كثرة هؤلاء. وصغره من غير جوع قلة المال، فإن رأى أنّه جائع، فإنّه يكون حريصاً، ويصيب مالاً بقدر مبلغ الجوع منه.
وقيل إن عظمٍ البطن أكل الربا، والمشي على البطن اعتياد على المال. فإن رأى أنّ بطنه صار صغيراً، فإنّه يكون كثير الأمتعة. والشبع ملاله من المال، والعطش سوء حال في دينه، والري صلاح في دينه.
أخبرنا أبو يعقوب إسحاق بن بدران الفقيه بمكة، قال حدثنا إبراهيم بن محمد، قال حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: قال محمد حدثني مالك بن ضيغم، قال سمعت بكر بن معاذ يذكر عن عنبسة الخواص، أنّ رجلاً من الصدر الأول دخل المقابر، فمر بجمجمة بادية من بعض القبور، فحزن حزناً شديداً وواراها بالثرى، ثم التفت يميناً وشمالاً، فلم ير أحداً ولم ير إلا قبراً. قال فحدث نفسه فقال: لو كشف لي عن بعضهم فسألته عما أرى. قال فأتى في منامه فقيل له: لا تغتر بتشييد القبور من فوقهم، فإنَّ القوم قد بليت خدودهم في التراب، فمن بين مسرور ينتظر ثواب الله، ومن بين مغموم أشفى على عقابه، فإياك والغفلة عما رأيت. فاجتهد الرجل بعد ذلك اجتهاداً كثيراً حتى مات.
وقال جعفر الصادق من رأى آدم عليه السلام إن كان أهلاله يصيب السيادة والولاية العظيمة لقوله تعالى " اني جاعل في الأرض خليفه " وإن لم يكن أهلاله يتوب لقوله تعالى " فتاب عليه وهدى " .
ومن رأى أنه جامع امرأة ميتة معروفة فإنه حصول خير وبلوغ ما يؤمله من حيث لا يحتسب، وإن كان الميت رجلاًمعروفا فحصول الخير لذلك الرجل والصدقة والأجر والاحسان من الرائي، وإن كان الميت رجلاًمجهولا لم يعرفه فإنه ظفر ونصرة على الأعادي.
وهو على أوجه منهاج الحق وطرق الرشاد وحاكم عادل ودليل للخير وأمر محمود، وقد تقدم الكلام فيما يراه الإنسان في ذلك جميعه من أمور شتى في الباب الثالث والعشرين فإنها محل ذكر ذلك لكون الصادر فيها من فعل الإنسان في يقظته، وقد نبهت عليها وذكرت المعنى لئلا تصير الأرض خالية من ذكر الطريق.
ومن رأى أنه في سفينة فإنه هم أو مرض أو حبس أو أمر يحول بينه وبين النهوض في أمره وقد تكون السفينة نجاته مما يخاف ويحذر وقد تكون امرأة فإن كان عزبا تزوج ومن رأى أنه ينشئ سفينة أو يملكها أو اشتراها أو وهبت له أو هو فيها فإنه يتزوج امرأة أو يشتري جارية ومن رأى أنه كان في سفينة فخرج منها إلى البر فإنه ينجو من الكرب والحبس والهم والحزن والمصيبة والسقم ومن رأى أن السفينة تواصل المسير فإن الهم أضعف وأعجل بخروج صاحبه منه وإن كان مسجونا دام سجنه أو مريضا طال مرضه أو رام سفرة تعذرت عليه أو طلب أمرا لم يصل إليه ومن رأى أن السفينة قائمة به في الماء الراكد كان ذلك أشد لهمه وأبعد لنجاته وقيل من رأى أنه في سفينة البحر أو في النهر فإنه يداخل سلطانا أو ذا سلطان ومن رأى أنه يصعد إلى سفينة من وسط البحر بعدما أيقن بالهلاك فإن كان مذنبا تاب من ذنبه أو فقيرا استغنى أو مريضا أفاق أو طالب علم أدركه أو مهموما زال همه أو عزبا تزوج أو أصاب جارية ومن رأى أنه في سفينة وغرقت وسلم هو فإنه يغرق في أمر دنياه وتكون عاقبته إلى خير ومن رأى أن سفينته انكسرت به ثم تفوقت ألواحها فإن ذلك مصيبة في والد أو عم أو مثلهما من الخطر عنده وربما دل على موت صاحبها ومن رأى أن سفينته تجري في الهواء فإنه موته لا محالة
وقال جعفر الصادق رضي الله عنه: رؤيا الأنبياء أو أحد منهم يؤول على أحد عشر وجهاً رحمة ونعمة وعز وعلو قدر ودولة وظفر وسعادة ورياسة وقوة أهل السنة والجماعة والخير في الدنيا والآخرة وراحة لأهل ذلك المكان.
فمن رأى أنه تقيأ وكان ذلك سهلا عليه فإنه يدل على التوبة من المعصية والرجوع إلى الله تعالى أو رد الحق إلى أهله وإن عسر عليه ذلك يكون عقوبة والتسهيل خير يناله، وإن رأى ذلك المريض فهو موته، وإن رأت ذلك امرأة حبلى فانها تسقط.
ومن رأى ميتا قد ناوله ثوبا مخيطا ليس من ملبسه وتناوله ولبسه ثم قلعه وناوله للميت ثم لبسه الميت فإنه دليل على موت أهل بيته ولو لم يناول ذلك الثوب للميت لما حصل له ذلك النقص بل كان يزيد ماله.
ومن رأى سليمان فإنه يعلو قدره ويصل إلى مرتبة السلطان ان كان ممن يليق به ويزداد ماله ونعمته وقيل نفاذ أمر وحصول خير على كل حال، وقيل من رأى سليمان فإنه يدل على السفر والرجوع عنه عن قريب وربما ينال سلامة لاشتقاق الاسم.