قال الأستاذ أبو سعد رحمه اللهّ: كل مشرك رأى في منامه أو رآه غيره كأنّه في الجنة، أو على أساور من فضة، فإنّه يسلم لقوله تعالى: " وحُلوا أسَاوِرَ من فَضّة " .
فإن رأى كأن أقواما معروفين قاموا من موضع لابسين ثيابا جددا مسرورين، فإنه يحيا لهم وتعقبهم أمور ويتجدد لهم إقبال ودولة فإن كانوا محزونين أو ثيابهم دنسة، فإنهم يفتقرون ويرتكبون الفواحش.
ومن رأى له أرجلاً كثيرة، فقيل أنّه للغني مرض لأنّه يحتاج إلى أرجل كثيرة تنوب عنه، وربما دلت على ذهاب البصر حتى احتاجوا إلى من يقودهم. ودلت في الشرار على الحبس حتى يكون عليهم حفظة، فلا يمشون منفردين.
من رأى أنه خرج مع القوم إلى موسم من المواسم فإنه خروج من هم وغم وإن كانوا في حرب وكرب كشف الله عنهم ذلك، وقيل خلاص من أسر أو سجن أو قيل فرح وسرور، وربما دل على راحة وأمن الخاطر وقيل رؤيا الموسم تعبر على ستة أوجه عرس وطهور ووليمة وغزو وأمر مشهور وسفر.
ومن رأى أنه صار قاضيا حصل له ضرر وبلاء وإن كان عالما يليق به القضاء صار قاضيا واستقامت أحواله ومن رأى قاضيا معروفا فإنه يصيب خيرا وبركة وإن كان القاضي مجهولا ورأى أنه قضى له بأمر فإنه كما قضى له ومن رأى قاضيا وبيده ميزان فإنه يحكم بين الخلق بالحق ومن رأى قاضيا دخل عليه أو أجلسه إلى جنبه أو مكان مرتفع فإن ذلك عز ودولة وربما دلت رؤية القاضي على خصومة ومنازعة وإن رأى المريض أن القاضي أرسل يستدعيه فربما يكون انقضاء أجله
إذا حلمت بالنساء فإن هذا ينبئ بالمكائد.
إذا تجادلت مع امرأة فإن هذا ينبئ أنك سوف تقع ضحية خداع وإحباط.
إذا رأيت امرأة داكنة الشعر بعنين زرقاوين وأنف أفطس فإن هذا يحدد حتماً انسحابك من سباق اتخذت فيه مظهراً منتصراً.
إذا كان أنفها رومانياً وعيناها زرقاوين فسوف يدفعك التملق إلى مضاربات تجارية خطيرة.
إذا كان شعرها أسمر محمراً مع هذا المزيج فسوف يزيد هذا الحلم من ارتباكك وقلقك.
إذا كانت شقراء فسوف تجد أن جميع ارتباطاتك مبهجة ومناسبة لميولك.
نادرة روى أن امرأة أتت النبي عليه الصلاة والسلام فقالت يا رسول الله رأيت كأن عمود سقف بيتي قد انكسر فقال: يأتي زوجك من السفر. أو كما قال فمضت المرأة وأقبل زوجها ثم بعد ذلك رأت كذلك فأتت النبي عليه الصلاة والسلام فلم تجده فأتت أبا بكر الصديق رضي الله عنه وقصت عليه الرؤيا فقال لها يموت زوجك والمراد بذلك أن رؤياها الأولى كان زوجها)
غائبا فأقبل وفي المرة الثانية كان زوجها حاضرا والفصول مختلفة.
من رأى أنه أوحى إليه أو إلى غيره بأمر على لسان ملك معروف الهيئة لا يشك فيه فإنه يعبر على ستة أوجه: يأولها ما يخبر به حق لقول النبي صلى الله عليه وسلم الدال معناه على ذلك، والثاني تفويض أمر إليه أو وصول خبر من السلطان على لسان واسطة ثم يعتبر الخبر ويعبر على ما يظهر مما قيل للرائي، والثالث علو شأن وارتفاع مكان وعز وإقبال، والرابع زيادة في العلم وصلاح في الدين وسياسة في الأمور، والخامس ربما يكون مضى من عمر الرائي أربعون سنة إذا كان مما يعبر عنه، والسادس قيل إنه كرامة من الله تعالى وعصمة.
وقال أبو سعيد الواعظ رؤيا الأمراض من الرطوبة يدل على التهاون بالفرائض والطاعات، والأمراض الحارة دليل على هم من قبل الملك، وأما الأمراض من اليبوسة فانها تؤول باسراف المال في غير مرضاة الله تعالى وأخذ ديون من الناس ولم يعزم على قضائها.
ومن رأى أن ميتا يغسل نفسه فإنه دليل على خروج عقبه من الهموم وزيادة في ما لهم، والمغتسل في الأصل تاجر نفاع ينجو بسببه أقوام من الهموم أو رجل شريف يتوب على يده أقوام مفسدون.
وأما الابرة فإنها تدل على طلب صلاح أشغال الرائي فمن رأى بيده إبرة ويخيط بها فإنه يدل ومن رأى إبرته انكسرت أو اعوجت فإنه يدل على تعكيس الأحوال وتفرقة الأشغال.
وأما الذبح فمن رأى أنه ذبح رجلا فإنه يظلمه وإن كان بينهما قرابة رأى أنه ذبحه ولم يخرج منه دم فإنه قطيعة بينهما وإن خرج منه دم فإنه صلة ومن رأى أن رجلا مذبوحا أو قوما مذبوحين فإنهم على ضلال وأصحاب أهواء وبدع ومن رأى أنه ذبح امرأة فإنه يطؤها وإن ذبح أنثى من حيوان فإنه يطأ امرأة أيضا وإن رأت إمرأة أن السلطان ذبحها فإنها تنكح رجلا
ومن رأى أن أبواب داره فتحت من مواضع معروفة أو مجهولة فإن أبواب دنياه تفتح له وإن رأى أن باب داره اتسع قدر ما لا تكون الأبواب على سعة ذلك فإنه يدخل على أهل الدار قوم بغير إذن في مصيبة أو ما يشبهها ومن رأى أن باب داره انسد فإنه مصيبة عظيمة في أهلها ومن رأى أنه يريد أن يغلق بابه فلا يستطيع فإن ذلك أمر يعسر عليه من قبل امرأة ومن رأى أنه يدخل على قوم من باب فإنه يظفر على أعدائه ويدحض حجة خصمائه ومن رأى أنه خرج من باب ضيق إلى سعة فإنه صالح ومن رأى أنه يطلب بابا لداره ولا يهتدي إليه فإن ذلك تحير في طلب الدنيا
وأما العضد: فإنّه أخ، فمن رأى في عضده زيادة، فهي صلاح أمر أخيه أو ابنه البالغ. ومن رأى في عضده نقصاناً، فهو مصيبة فيهما بقدر النقصان والزيادة. ورأى إنسان كأنّه نقص العضد، فقص رؤياه على معبر، فقال: تصير قليل العقل كثير الزهو.
الخصيتان: عري الأعداء التي يصلون بها إليه، فإن رأى خصيتيه قطعتا من غير أن ينتنا أو ينالهما مكروه، فإنّ أعداءه يظفرون بقدر ما نيل من خصيتيه، ولو رأى أنّ خصيتيه عظمتا أو لهما قوة فوق قدرهما، فإنه يكون منيعاً لا يصل إليه أعداؤه بسوء. وربما كان انقطاعهما انقطاع الإناث من الولد، إذا كان في الرؤيا ما يدل على الخير. لأنّ الخصيتين هما الأنثيين، والبيضة اليسرى يكون الولد منها، فإن رأى أنّها انتزعت منه مات ولده، ولم يولد له من بعده. فإن رأى أنّه وهبها لغيره بطيبة نفس منه، وبانت منه، فإنّه يولد له ولد لغير رشد وينسب الولد إلى غيره. فإن رأى أنّ خصيتيه في يد رجل معروف، فإنّ ذلك الرجل يظفر به. فإن كان الرجل شاباً فهو عدوه، ومن رأى أنّه آدر، فإنّه يصيب مالاً لا يؤمن عليه أعداؤه. ورأى رجل كأنّ له عشرة ذكور وليست له خصية، فقص رؤياه على معبر فقال له: يولد لك عشر بنين، ولا يولد لك أنثى.
وأما العانة: فنقصانها صالح في السنة، وزيادتها مال وسلطان يناله من جهة رجل أعجمي. فإن رأى كأنّه نظر إلى عانته فلم ير عليها شعراً كأنّه لم ينبت قط، دل على حجر عليه في المال أوخسران يقع له. فإن كان عليه شعركثير حتى تسحبه في الأرض، فإنّه ينال مالاً كثيراً مع فساد دين، وتضييع سنين ومروءة.
والسيف مع غيره من السلاح سلطان والقتال بالسيف منازعة لقوم. والضرب بالسيف بسط اللسان، واليدين إذا كانت فيها سلاطة تشبه بالسيف. والسيف على الانفراد بغير شيء من السلاح، فإنّه ولد غلام. فإن رأى سيفاً في يده قد رفعه فوق رأسه مخترطاً وهو لا ينوي أن يضرب به، نال سلطاناً مشهوراً له فيه صيت. وقال ابن سيرين الأقرب من السيف إن كان ينبغي له السلطان فالسلطان، وإلا فهو ولد ذكر.
من رأى أن به امتلاء فإنه يؤول على وجهين: لسعة وتغير البدن، وقيل رؤياه للتاجر تدل على صدقه فإن خرج منه شيء بين يدي شاب فإنه يفشي سره لعدوه، وربما يحصل ثم يذهب.
وأما الصقر فإنه مختلف فيه منهم من قال إنه سلطان الطيور ومنهم من قال العقاب سلطان الطيور وتأويله في علم التعبير كتأويل العقاب لكونهما منسوبين إلى سلطنة الطيور.
وأما الزئبق فقيل من رأى أنه دخل في مكان الزئبق وأخرج منه شيئا فإنه يؤول بأن امرأته تمكر معه وأكله يؤول بالغم والهم والضرر والخسارة وبيعه يؤول بالأمن من مكر المرأة.
وأما القدح فإنه يؤول بالمرأة فمن رأى أنه أعطى قدحا وبه ماء يشرب وشرب منه فإنه يتزوج امرأة أو يشتري جارية ويحصل له منها ولد صالح يستريح به وإن كان فيه نبيذ وشرب منه فإنه يدل على حصول ولد مفسد سيء الفعال لا يستريح منه.
والدهان يؤول على أوجه فمن رأى أنه يدهن حائطا أو سقفا أو شيئا من متاع الدنيا فإنه يكون مغرورا بها ويكتسب بالحيلة ويكون فاسدا في دينه ويشغل الناس بالباطل ويترك الدين والهدى خصوصا إن كان تماثيل لقوله تعالى ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون.)
وأما الرئة فإنه فرح الإنسان وسروره فمن رأى في ذلك ما يسر أو يحزن فإنها يؤول في ذلك
وأما الطحال فهو مال وقيل دين وربما كان قوام البدن فمن رأى في ذلك ما يزين أو يشين فهو منسوب لذلك وقال بعضهم رؤية الطحالات من جميع الحيوان مال فمما يؤكل لحمه حلال ومما لا يؤكل حرام
ومن رأى أنه يقسم ماله فإن كان مع ذلك ما يستدل به على الخير فإنه يزوج ولده أو من أهله ويقسم بينهم ماله في بر وصلاح وإن دل على غير ذلك فإنه يتفرق أمره وحاله بحياة أو موت ومن رأى أنه من أهل المال والسعة فإنه يتغير أمره أو سقوطه عن ماله أو موت يعاجله وإن رأى أنه من أهل الفقر وضيق المعيشة فإنه صلاح في دينه وثبات لحاله أو لعقبه بعده
وأما السنور فإنه لص فمن رأى سنورا دخل دارا فإنه يدخل هناك لص فإن ذهب السنور بشيء فإنه يذهب اللص بشيء هناك ومن رأى أنه ذبح سنورا أو قتله فإنه يصيب لصا أو يظفر به ومن رأى أنه أصاب من لحم السنور وشحمه فإنه يصيب مال اللص أو مما يسرق ومن رأى أنه نازع سنورا حتى خدشه أو تناوله فإنه يصيبه مرض طويل ثم يبرأ أو هم شديد ثم يفرج وإن كان السنور هو المغلوب برئ من مرضه أو من همه عاجلا وإن كان السنور وحشيا فإنه أشد في المرض والهم
** رؤيا فيها ولاة الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن الرؤيا التي راها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولها بعض الصحابة -رضي الله عنهم- ماجاء في حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال:(أرى الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله صلى الله عليه وسلم ونيط عمر بأبي بكر ونيط بعمر) قال جابر: فلما قمنا من
عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: أما الرجل الصالح فرسول الله صلى الله عليه وسلم وأما ما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من نوط بعضهم ببعض
فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم .
في تأويل رؤيا الصوم والفطر
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: اختلف المعبرون في تأويلهم الصوم، فقال بعضهم من رأى أنّه في شهر الصوم، دلّت رؤياه على غلاء السعر وضيق الطعام. وقال بعضهم أنّ هذه الرؤيا تدل على صحة دين صاحب الرؤيا، والخروج من الغموم، والشفاء من الأمراض، وقضاء الديون.
إن رأى كأنه تزوج بامرأة ميتة، ورأى أنها حية، ودخل بها ولم يمسها، لكنه تحول إلى دارها واستوطنها، دلت رؤياه على موته وكذلك رؤيا المرأة، جارية مجرى رؤية الرجل في كل ذلك.
فإن رأى للرجل سوأة كسوأة المرأة، فإنّه يصيبه ذل وخضوع. فإن رأى أنه ينكح في ذلك الفرج، فإنّ الفاعل به يظفر بحاجته منه أو من سميه، إن لم يكن لذلك موضعاً. وقيل أنّ استحالة فرج المرأة ذكراً، دليل علىِ بذاءة لسانها وتسلطها على زوجها بالكلام. ومن رأى أنّه يمتص فرج امرأة، نال فرجاً ضعيفاً قليلاً. ومن نظر إلى فرج امرأة أو غيرها نظر شهوة أو مسه، فإنه يتجر تجارة مكروهة.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن بكر بن هارون، عن أبي محمد المرعشي، عن أحمد بن محمد بن الحجاج، قال: تفقهت للشافعي ولمالك ولأحمد بن حنبل رضي الله عنهم، وجميع من يوصل إليه الفقه، فاختلفت على أقاويلهم واختلافاتهم في المسائل، فأحببت أن آخذ بأصح أقوالهم، فسألت الله تعالى أن يريني النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فوقع في روعي أنّك سترى ليلة الجمعة، فلما كان ليلة الجمعة في السحر وأنا قد فرغت من وردي، وقد قعدت على ظهري منتظراً المؤذن، غلبتني عيناي فوقع في روعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قادم علي، فدخل رجل نجراني عليه طيلسان وثياب بيض فسلم وجلس، ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وقبلت بين عينيه ورأيته على النعت الذي كان معي، وعلى الصفة التي كانت معي، ومعه جماعة من أصحابه، فجلس وجلست بين يديه، فسألته من مسائل ثم انتهيت إلى ما كان في نفسي من الفقه، فسألته عن مسألة فقال: إني على ما يقول هذا، وأومأ إلى الداخل قبله. ثم سألته عن أخرى، فقال: على ما يقول هذا ثم سألته على مسائل الاختلاف فكان يومي بيده ويقول على ما يقول هذا فوقع في روعي أنّه أحمد بن حنبل. فقلت يا رسول الله لقد ابتلي فيك. فصبر فقال لي: انظر ما فعل الله به، ثم التفت إليّ فقال: تصلي معنا الغداة، فقلت يا رسول الله ما أحوجني إلى ذلك. فأقيمت الصلاة وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا وهو يقول: سلام عليكم ورحمة الله. فسلمت عن يميني ثم انتبهت وأنا مستقبل القبلة.