الماء: يدل على الإسلام والعلم، وعلى الحياة والخصب والرخاء، لأنّ به حياة كل شيء كما قال الله تعالى: " لأسْقَيْنَاهًمْ مَاءً غَدَقَاً لِنَفْتِنَهًمْ فيهِ " . وربما دل على النطفة، لأنّ الله تعالى سماها ماء، والعرب تسمي الماء الكثير نطفة، ويدل على المال لأنّه يكسسب به، فمن شرب ماء عذباً صافياً من بئر أو سقاء ولم يستوعب آخره، فإن كان مريضاً أفاق من علته ودامت حياته ولم تتعجل وفاته، وإن لم يكن مريضاً تزوج إن كان عزباً لتلذذه بشربه ونزول الماء من أعلاه إلى ذكره، وإن كان متزوجاً ولم ينكح أهله في ليلة اجتمع معها وتلذذ بها. وإن لم يكن شيء من ذلك، أسلم إن كان كافراً، ونال علماً إن كان صالحاً وللعلم طالباً، وإلا نال ديناً حلالاً إن كان تاجراً، إلاّ أن يدخل على الماء ما يفسده، فيدل ذلك على حرامه وإثمه، مثل أن يشربه من دور أهل الذمة، فإما علم فاسد أو وطء رديء أو مال خبيث.
وإن كان الماء كدراً أو مراً أو منتناً فإنّه يمرض أو يفسد كسبه أو يتمرر عيشه أو يتغير مذهبه، لكل إنسان على قدره وما يليق به وبالمكان الذي شرب منه والإناء الذي كان فيه. وأما من حمل ماء في وعاء، فإن كان فقيراً أفاد مالاً، وإن كان عزباً تزوج، وإن كان متزوجاً حملت زوجته أو أمته منه، إن كان هو الذي أفرغ الماء في الوعاء أو زوجته أو خادمه من بئره أو وزيره أو قريبه.
وأما جريان الماء في البيوت ودخوله إلى الدور فلا خير فيه، فإن كان ذلك عاماً في الناس دخلت عليهم فتنة أو مغرم أو سبي أو أسقام أو طواعين، وإن كان ذلك في دار مخصوصة نظرت في أمرها، فإن كان فيها مريض مات فسعى الناس إليه في نعيه بالبكاء والدموع. وكذلك إن سالت في البيت ميازيب أو انفجرت فيه عيون فإنها عيون باكية على موت المريض، أو عند وداع المسافر، أو في شر ومضاربة بين ساكنيه، أبلاء يحل فيه من مرض أوسلطان.
وكذلك جريان الماء أو ركوده يؤذن باجتماع جمع من الناس. وجريانه في أماكن النبات يؤذن بالخصب، وكثرته وغلبته على المساكن والدور من عيون الأرض أو سيولها بلاء من الله عزّ وجلّ على أهل ذلك المكان، إما طاعون جارف أو سيف مبيد إن تهدمت له المساكن وغرق فيه الناس، وإلا كان عذاباً من السلطان أو جائحة من الجوائح.
فإن رأىِ أنّه أعطي ماء في قدح، دل ذلك على الولد، وإن شرب ماء صافياً في قدح نال خيراً من ولده أو زوجته، لأنّ الزجاج من جوهر النساء والماء جنين. وقال بعضهم: من رأى كأنّه يشرب ماء سخناً أصابه غم، فإن رأى أنّه ألقى في ماء صاف سر مفاجأة. وقيل أنِّ عين الماء لأهل الصلاح خير ونعمة، لقوله تعالى: " فيهمَا عَيْنَان تَجْرِيَان " . ولغير أهل الصلاح مصيبة.
وانفجار الماء من حائط حزن من الرجال مثل أخ أو صهر أو صديق، فإن رأى أن الماء انفجر وخرج من الدار فإنّه يخرج من الهموم كلها، وإن لم يخرج منها فإنه هم دائم. فإن كان ذلك المكان صافياً فهو حزن في صحة جسم. وهذا كله في العين إذ لم تكن جارية، فإن كانت جارية فهو خير جار لصاحبه حياً وميتاً إلى يوم القيامة. وقال بعضهم من رأى كأنّ في داره عين ماء جارية، فإنّه يشتري جارية. وإذا رأى كأنّ عيوناً انفجرت فإنّه ينال أموالاً في توبيخ.
والماء الصافي رخص الأسعار وبسط العدل، ومن رأى كأنّه شرب ماء كثيراً أكثر من عادته في اليقظة فإن عمره يطول. وقيل إنَّ شرب الماء سلامة من العدو ومضغه معالجة الكد والشدة في المعيشة. وبسط اليد في الماء تقليب مال وتصرف فيه.
والماء الراكد أضعف من الماء الجاري في كل حال، وقيل أنّ الماء الراكد حبس فمن رأى أنّه سقط في ماء راكد فهو في حبس وغم، والماء المالح غم، وأما الأسود إذا نزح من البئر فإنّها امرأة يتزوجها ولا خير فيها. وقيل أنَّ رؤية الماء الأسود خراب الدور، وشربه ذهاب البصر. والماء الآسن عيش نكد، والماء المنتن مال حرام، والماء الأصفر مرض، وغور الماء عزل وذل وزوال النعمة، لقوله تعالى: " قُلْ أرَأَيْتُمْ إنْ أصبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرَاً فَمَنْ يَأتِيَكُمْ بمَاءٍ مَعِينٍ " .
والماء الحار الشديد الحرارة إذا رأى كأنّه استعمله بالليل أو بالنهار أصابته شدة من قبل السلطان، وإذا رأى كأنّه استعمله بالليل أصابه فزع من الجن. والماء الكدر عسر وتعب، وشربه مرض. وزبد الماء مال لا خير فيه. ومن شرب من ماء البحر وهو كدر، أصابه هم من الملك. وِمن رأى كأنّه نظر في ماء صاف فرأى وجهه فيه كما يراه في المرآة، فإنّه ينال خيراً كثيراً. فإن رأى وجهه فيه حسناً فإنّه يحسن إلى أهل بيته. وصب الماء إنفاق المال في غير ظروفه من صرة أو ثوب دليل الغور، لأنّه يظن أنّه أحرزه ولم يحرزه. والوضوء من ماء لا يكره، صافياً كان أو كدراً، حاراً أو بارداً بعد أن يكون نظيفاً يجوز به الوضوء، لأنّ الوضوء أقوى في التأويل من مخارج الماء واختلافه. ويكره من العيون ماء كدر لم يجر.
والمشي فوق الماء غرور ومخاطرة، فإن خرج منه قضيت حوائجه. ومن رأى أنّه في ماء عميق كثير ونزل فيه فلم يبلغ قعره، فإنّه يصيب دنيا كثيرة ويتمول، وقيل بل يقع في أمر رجل كبير.
والاغتسال بالماء البارد توبة وشفاء من المرض، والخروج من الحبس وقضاء الدين والأمن من الخوف. ومن رأى كأنّه يشرب ماء كثيرأ عذباً كان طول حياة وطيب عيش، فإن شربه من البحر نال مالاً من الملك، وإن شربه من النهر ناله من رجل حاله في الرجال كحال ذلك النهر في الأنهار، وإن استقاه من بئر أصاب مالاً بحيلة ومكر. ومن رأى أنّه يستقي ماء ويسقي به بستاناً وحرِثاً أفاد مالاً من امرأة، فإن أثمر البستان أو سنبل الزرع أصاب من تلك المرأة مالاً وولداً، وسقي البستان والزرع مجامعة امرأته.
والماء في قدح زجاج ولد، فإن انكسر القدح وبقي الماء ماتت الأم وبقي الولد، وإن ذهب الماء وبقي القدح مات الولد وبقيت الأم.
سئل ابن سيرين عن امرأة رؤي لها أنّها تسقي الماء، فقال: لتتق الله هذه المرأة ولا تسعى بين الناس بالكذب.
وجاءه رجل فقال: رأيت كأنّي أشرب من خرق ثوبي ماء لذيذاً بارداً فقال: اتق الله ولا تخلون بامرأة لا تحل لك، فقال: إنّما هي امرأة خطبتها إلى نفسي.
سورة المطففين من قرأها فإنه يخشى الله تعالى ويوفي الكيل والميزان.
وقال الكرماني يكون عادلا يؤدي الأمانات إلى أهلها وقيل يبخس الكيل أو يستحسن ذلك.
وقال جعفر الصادق يكون منصفا مع كل أحد.
في رؤيا الملائكة عليهم السلام
سمعت أبا الفضل أحمد بن عمران الهروي بمكة حرسها الله تعالى. قال سمعت أبا بكر بن القاري، يقول: سمعت أبا بكر جعفر بن الخياط الشيخ الصالح يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم جالساً معه جماعة من الفقراء، متسمين بالتصوف، فإذا بالسماء قد انشقت، فنزل جبريل ومعه ملائكة بأيديهم الطسوت والأباريق، فكانوا يصبون الماء على أيدي الفقراء ويغسلون أرجلهم، فلما بلغوا إلي مددت يدي فقال بعضهم لبعض: لا تصبوا الماء على يديه، فإنّه ليس منهم فقلت يا رسول الله فإن كنت لست منهم فإنّي أحبهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن مع من أحب، فصب الماء على يدي حتى غسلتهما.
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: رؤية الملائكة في النوم إذا كانوا معروفين مستبشرين، يدل على ظهور شيء لصاحب الرؤيا، وعزّ وقوة وبشارة ونصرة بعد ظلم، أو شفاء بعد مرض، أو أمن بعد خوف، أو يسر بعد عسر، أو غنى بعد فقر، أو فرج بعد شدّة. وتقتضي أن يحج صاحبها أو يغزو فيستشهد.
المكحلة: وأما من أولج مردوداً في مكحلة ليكحل عينه، فإن كان عذباً تزوجِ، وإن كان فقيراً أفاد مالاً، وإن كان جاهلاً تعلم، إلا أن يكون كحله رماداً أو زبدا أو رغوة أو عذرة أو نحوه، فإنّه يطلب حراماً من كسب أو فرج أو بدعة. والمكحلة في الأصل امرأة داعية إلى الصلاح.
إذا قابلت أحد معارفك وتحدثت بسرور معه فإن هذا ينبئ أن عملك سوف يسير بلطف وأنه سوف يكون ثمة خلاف قليل فحسب في شؤونك العائلية.
إذا بدوت على خلاف معه، أو انهمكت في حديث بصوت عال، فسوف تدور حولك باهتياج إرباكات وإذلالات. إذا شعرت بالخجل من لقاء أحد معارفك أو إذا قابلته في وقت غير مؤات فهذا يدل على أنك ستكون مذنباً بالتصرف على نحو غير مشروع وسوف تفشي الأطراف الأخرى السر.
إذا اعتقدت فتاة أن لديها معارف كثراً فإن هذا يدل على أنها سوف تمتلك مصالح واسعة وأن حبها سيكون جديراً بالاكتساب. إذا كانت دائرة معارفها صغيرة فلن يحالفها الحظ في اكتساب امتيازات اجتماعية.
والمغازلي: رجل يفشي أسرار الناس. والمشاط رجل يجلي هموم الناس. والفصاد إن فصد بالطول، فإنه يتكلم بالجميل ويؤلف بين الناس، وإن فصد بالعرض فإنه يلقى العداوة بينهم وينم ويطعن على أحاديثهم.
المفازة: اسمها مستحب، وهي فوز من شدة إلى رخاء، ومن ضيق إلى سعة، ومن ذنب إلى توبة، ومن خسران إلى ربح، وٍ من مرض إلى صحة. ومن رأى أنّه في بر، فإنّه يناله فسحة وكرامة وفرحاً وسروراً، بقدر سعة البر والصحراء وخضرتها و زرعها.
المرآة: فمن نظر وجهه فيها من العزاب فإنّه ينكح غيره ويلقي وجهه، وإن كان عنده حمل أتى مثله ذكراً كان الناظر أم أنثى، وقد يدل على فرقة الزوجين، حتى يرى وجهه في أرض غيره وفي غير المكان الذي هو فيه، وقد تفرق فيه بنية الناظر فيها وصفته وآماله، فإن كان نظره فيها ليصلح وجهه أو ليكحل عينيه، فإنّه ناظر في أمرِ أخوته مروع متسنن وقد تدل مرآته على قلبه، فما رأى عليها من صدأ كان ذلك إثماً وغشاوة على قلبه. والناظر في مرآة فضة يناله مكروه في جاهه. والنظر في المرآة للسلطان عزله عن سلطانه، ويرى نظيره في مكانه، وربما فارق زوجته وخلف عليها نظيره0
وقيل المرآة مروأة الرجل ومرتبته على قدر كبر المرِآة وجلالتها، فإن رأى وجهه فيها أكبر فإنَّ مرتبته فيها ترتفع، وإن كان وجهه فيها حسناَ فإنَّ مروأته تحسن، فإن رأى لحيته فيها سوداء مع وجه حسن وهوعلى غير هذه الصفة في اليقظة، فإنّه يكرم على الناس ويحسن فيهم جاهه في أمر الدنيا. وكذلك إن رأى لحيته شمطاء مكهلة مستوية. فإن رآها بيضاء فإنّه يفتقر ويكثر جاهه ويقوى دينه. فإن رأى في وجهه شعراً أبيض حيث لا ينبت الشعر، ذهب جاهه وقوي دينه، وكذلك النظر في مرآة الفضة يسقط الجاه. وقال آخر: المرآة امرأة، فإن رأى في المرآة فرج امرأة أتاه الفرج.
والنظر في المرآة المجلوة يجلو الهموم، وفي المرآة الصدئة سوء حال. فإن رأى كأنّه يجلو مرآة فإنّه في هم يطلب الفرج منه. فإن لم يقدر على أن يجلوها لكثرة صدئها فإنه لا يجد الفرج. وقيل إنّه إذا رأى كأنّه ينظر في مرآة فإن كان عزباً تزوج، وإن كانت امرأته غائبة اجتمع معها. وإن نظر في المرآة من ورائها ارتكب من امرأته فاحشة، وعزل إن كان سلطاناً، ويذهب زرعه إن كان دهقانَاَ. والمرأة إذا نظرت في المرآة وكانت حاملاً فإنّها تضع بنتاً تشبهها، أو تلد ابنتها بنتاً. فإن لم يكن شيء من ذلك تزوج زوجها أخرى عليها نظيرها، فهِي تراها شبهها. وكذلك لو رأى صبي أنّه نظر في مرآة وأبواه يلدان، فإنّه يصيب أخاً مثله ونظيره. وكذلك الصبية لو رأت ذلك أصابت أختاً نظيرتها، وكذلك إذا رأى رجل ذلك وكانت عنده حبلى ولد له ابن يشبهه.
المريض: إذا خرج متكلماً، أفاق. وإذا خرج صامتاً مات. والمقلوب في التأويل تعاقب الأشياء في التفسير، واشتراكها في التغيير، كالحجامة ربما كانت صكاً يكتب في عنقه. وكذلك الصك المكتوب حجامة.
ومن رأى أنّه يسقي الناس الماء: فإنّه يعمل من خيرِ أعمال البر، بعد أن لا يكون منه فيما يسقي طول على أحد، ولا يبغي ولا يأخذ ثمناً، فإن رأى أنّه يشرب ماء لذيذاً عذباً، فإنّه يصيب حياة طيبة.
سورة المسد من قرأها يكون كثير المكر والحيل فليتق الله وليحذر عقابه.
وقال الكرماني يكون له امرأة سوء نمامة وقيل ذهاب مال وخسران.
وقال جعفر الصادق تسعى جماعة في ضرره ولم يظفروا به.
فأما سفينة البحر المالح فإنها ان كانت للمسلمين فهو خير، وإن كانت للكفار فهي غنيمة وفائدة تسمى عند أرباب المراكب قرقورة، وأما الغراب فيؤول بقطاع الطريق وبالغزاة، وربما كان حربا وفتنة.
مَن رأى في منامه أنه يشم مرزنجوشاً فإن جسمه يصحّ في تلك السنة. وإن غرس مرزنجوشاً فيولد له ولد صحيح الجسم. وإن رأت امرأة أنها تشمّ مرزنجوشاً فإنها تلد ولداً ذكراً مؤمناً. ويدل المرزنجوش على التزوج.
المؤذن
هو في المنام دال على الداعي إلى الخير، أو السمسار، أو العاقد للزيجات أو حاجب الملك أو المنادي في السجن. فإن أذن أذاناً تاماً، وكان ذلك في أشهر الحج، ربما دلّ على الحج. وربما دلّ الأذان على السرقة. وإن أذنت المرأة في مئذنة الجامع ظهر في البلد بدعة عظيمة. وإن أذن الصبيان الصغار استولى الجهال على الُملك، خاصة إن كان الأذان في غير وقته. والمؤذن المجهول بمنزلة السلطان على رعيته.
الموسى
وهو أداة من فولاذ يحلَق بها. وهو في المنام ولد ذكر لأنه يختن الولد. وإذا قطع به فهو انصرام أمر هو بصدده، وإذا شرح به لحماً أو جرح حيواناً فذلك لسانه الخبيث الذي يتسلط به على الناس بالأذى. وتدل رؤية الموسى على الحقد والعداوة واللسان المؤلم. انظر أيضاً السكين.
فأما الصلاة على الميت، فكثرة الدعاء والاستغفار له، فإن رأى كأنه الإمام عليه عند الصلاة عليه، ولي ولاية من قبل السلطان المنافق. ومن رأى كأنه خلف إمام يصلي على ميت، فإنه يحضر مجلسا يدعون فيه للأموات.
المعلف: عز، لأنّه لا يكون إلا لمن له الظهور والدواب، وقيل أنّه امرأة الرجل. ومن رأى كأنّ في بيته معلفاً يعتلف عليه دابتان، فإنّه يدل على تخليط في امرأة مع رجلين، إما امرأته أو غيرها من أهل الدار.
وأما الجحر: في الأرض أو الحائط، فإنّه الفم. فمن رأى جحراً خرج منه حيوان، فإنّه فم يخرج منه كلام بمنزلة ذلك الحيوان وتأويله.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت جحراً ضيقاً خرج منه ثور عظيم، فقال: الجحر هو الفم تخرج منه الكلمة العظيمة ولا يستطيع العود إليه.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّ يزيد بن المهلب عقد طاقاً بين داري ودراه. فقالت ألك أم؟ قال نعم. قال: هل كانت أمة؟ قال لا أدري فأتى الرجل أمه فاستخبرها فقالت صدق، كنت أمة ليزيد بن المهلب، ثم صرت إلى أبيك.
الموز: وأما الموز فإنه لطالب الدنيا رزق يناله بحسب منبته، ولطالب الدين يبلغ فيه بحسب إرادته قوة في عبادته. وشجرة الموز تدل على رجل غني مؤمن حسن الخلق، ونباتها في دار دليل على ولادة ابن، قال الله تعالى: " وطَلَح مَنْضُود " ، وهو الموز، وليس يضر معه لونه ولا حموضته ولا غير أوانه، وهو مال مجموع. وشجرته من أكرم الشجر، وورقها أفضل الورق وأوسعها، ويكون تأويل ذلك حسن خلق من تنسب إليه شجرته.
وكل ثمر حلو سوى ما وصفت مما يغلب عليه صفرة اللون أو يكون حامضاً، لم يدرك في وقته المعروف، فإنه رزق ومال وخير. ويكون بقاؤه بقدر بقاء ذلك الثمر مع الثمار، وخفة مؤونته وتعجيل طلوعه ومنفعته لأهله، إلا العنب الأسود والتين، فإنه لا خير فيهما على حال.
ومن رأى أنه أصاب من الثمر شيئاً فإن ذلك لا بأس به في وقته إذا كان فيه ما يستحب مما وصفت من أنواع الخير من الرزق والدين ومن العلم. فإن كان ضميره أن تلك الثمار من ثمار الجنة، فإنه علم ودين لا شك فيه، وإلا فعلى ما وصفت الشجرة الموقرة، رجل مكثر. ومن التقط من شجرة وهو جالس، فإنه مال يصيبه بلا كد ولا تعب. فإن كلمته الشجرة بما وافقه، كان ما يقال من ذلك أمراً عجباً يتعجب الناس منه. وقيل إن الشجرة امرأة، وذلك إذا كان معها ما يشبه المرأة، وينبغي لتلك المرأة أن تكون أم ملك أو امرأة أو بنت ملك، أو خادم ملك.
فمن رأى قلم القدرة وهو يكتب في اللوح المحفوظ وفسر قراءة الكتابة فإن الرؤية تكون كما هي مكتوبة، وإن لم يفسر الكتابة فإنه يكون متفكرا في خلق الله، ورؤية القلم ما لم يكن فيه حادث فهي جيدة، وإن كان فيه حادث فهو تشوش خاطر أو تعطيل ما يقصده من أمور الدنيا.
من رأى أنه يخطب على المنبر وهو أهل لذلك يحصل له علو وقدر وعز وجاه، وإن لم يكن أهلا لذلك فإن كان في السفر يتعذر رجوعه بالسلامة، وإن كان غنيا يفتقر وإن كان فقيراً مرض وأصابه بلاء وشدة، وإن كان جاهلاً فحقارة في أعين الناس، وإن كان من أهل الذمة يدل على إسلامه أو قرب أجله، وإن كان سلطاناً مصلحاً يدل على عدل وإنصافه، وإن كان مفسدا يتوب الله عليه، وإن كان امرأة فيفتضح زوجها، وقيل يشتهر على رؤوس الأشهاد بكلام لا خير فيه، وقيل انها تتزوج وربما تطلق أو تأتي بولد من الزنا وعلى كل حال لا خير فيه.
ومن رأى أن له فرجا كفرج المرأة فإنه ذل وخضوع وحقارة وإن كان في خصام يصالح خصمه وإن رأت المرأة أن لها ذكرا مثل الرجل ولحية كلحيته فإن كان لها ولد ساد على قومه وإن كانت حاملة أتت بغلام وإن لم تكن حاملا فانها لا تلد ولدا ابدا وربما تنصرف الرؤيا إلى ملكها أو زوجها أو أبيها أو اخيها وقيل حصول شرف لأحد محارمها.
صندوق بريد الولايات المتحدة الأمريكية
إذا رأيت في الحلم صندوق بريد الولايات المتحدة الأمريكية فهذا يعني أنك على وشك الدخول في صفقات غير شرعية. إذا وضعت الرسالة في صندوق بريد فهذا يعني أنك ستكون مسؤولاً عن بعض المشاكل والهموم التي تحصل.
هي في المنام رجل يؤلف بين الناس، ويدعوهم إلى صلاح دينهم. فإن رأى الإنسان أن المنارة انهدمت فهو موت الرجل، أو تفرّق جماعته واختلاف أحوالهم. ومنارة المسجد الجامع صاحب البريد، أو رجل يدعو إلى دين اللّه والهدى. ومن رأى أنه سقط من منارة في بئر فإنه يتزوج امرأة سليطة، أو تذهب دولته. ومن رأى أنه صعد منارة عظيمة من خثسب وأذّن فيها، فإن يصيب ولاية وقوة ورفعة في نفاق. ومن رأى أنه قائم على منارة يسبح اللّه تعالى ويهلل فإنه ينال عزاً ورفعة في الدنيا، وتسبيحه غم وحزن يفرجه اللّه تعالى عنه، والمنارة وزير، وربما دلّت المنارة على مؤذنيها. ومنارة السراج في المنام خادم المنزل فمهما يرى فيها من نقص أو زيادة فانسبه إلى الخادم. ورأس المنارة رأس الخادم. وقد تكون المنارة امرأة. انظر الشمعدان.
قال الأستاذ أبو سعد رحمه الله: الأصل في رؤيا الميت و الله أعلم، أنك إذا رأيت ميتا في منامك يعمل شيئا حسنا، فإنه يحثك على فعل ذلك، وإذا رأيته يعمل عملا سيئا، فإنه ينهاك عن فعله ويدلك على تركه. ومن رأى كأنه نبش عن قبر ميت، فإنه يبحث عن سيرة ذلك الميت في حال حياته دينا ودنيا، ليسير بمثل سيرته. فإن رأى الميت حيا في قبره، نال برا وحكمة ومالا حلالا. وإن وجد ميتا في قبره فلا يصفو ذلك المال. قال بعضهم: من رأى كأنه أتى المقابر، فنبش عنها، فوجدهم أحياء أو أمواتا، فإنه يدل على وقوع موت ذريع في تلك الناحية أو البلدة، و الله أعلم.
ومن هذا الباب مسائل كثيرة، تجيء في الباب التاسع والثلاثين، والثامن والثلاثين، فمن أحبها فليطلبها هنالك.
وجهة المصلي
من رأى في المنام أنه يصلي نحو المشرق فإنه رجل رديء المذهب، كثير البهتان على الناس، جريء على المعاصي لأنه وافق اليهود. وإن كان وجهه إلى ما يلي المشرق فهو رجل من المبتدعة، وإن المشرق قبلة النصارى، وإن كان وجهه مما يلي ظهر الكعبة فقد نبذ الإسلام بارتكاب كبيرة من المعاصي، أو يمين كاذبة. أو قذف محصنة، ولا يجتنب الفواحش، وإن المجوس قد رخصوا لأنفسهم ارتكاب كل محرّم. فإن رأى أنه لا يعرف القبلة فإنه يتحيز في دينه. وإن رأى أنه يصلي نحو الكعبة فإن دينه مستقيم.
الوقوع في الماء
من رأى في المنام أنَّه وقع في الماء الكثير العمق، ونزل فيه ولم يبلغ قعره فإنه يصيب دنيا كثيرة، لأن الدنيا بحر عميق. وقيل: من رأى أنَه وقع في الماء فإنه ينال سروراً ونعمة.
وأما الملح: فقد اختلف فيه، فمنهم من قال إنّ الأبيض منه زهد في الدنيا وخير ونعمة. وكرهه ابن سيرين. وقيل إنّ المبرز منه، هم وشغل وشغب ومرض ودراهم فيها هم وتعب. ومن أكل الخبز به، اقتنع من الدنيا بشيء يسير. والمملحة جارية ملحية، وقيل من وجد ملحاً وقع في شدة أومرض شديد.
المساميري يأمر الناس بالتودد. والبائع والمشتري مختلفين، فمن رأى أنه يبيع شيئاً أو يشتريه فإنه مضطر محتاج، لأن الإنسان لا يبيع إلا وقت اضطراره فإذا اضطر باعه واشترى شيئاً، والاضطرار يخرج الإنسان إلى الحيل. ومن رأى أنه باعِ شيئاً من نوع محبب فإنه يقع في تشويش واضطراب ومخاطرة ويرجو بذلك ظفراً ونجاة من المهلكة. فإن رأى أنه باع شيئاً مكروهاً فلا خير فيه. فإن اشترى شيئاً من نوع محبوب فإن ذلك التدبير نجاة مما يحاذره. فإن كان من نوع مكروه فإن ذلك التدبير خطأ ويناله منه هم وحزن.
المهى: رئيس مبتدع، حلال المطعم، قليل الأذى، مخالف للجماعة. والأيل رجل غريب في بعض المفاوز أو الجبال أو الثغور، له رياسة ومطعمه حلال. ومن رأى كأن رأسه تحول رأس أيل، نال رياسة وولاية. ودواب الوحش في الأصل رجال الجبال، والأعراب، والبوادي، وأهل البدع، ومن فارق الجماعة في رأيه.
المدينة: تدل على أهلها وساكنيها، وتدل على الاجتماع والسواد الأعظم والأمان والتحصين، لأن موسى حين دخل إلى مدين قال له شعيب: لا تخف نجوت، وربما دلت القرية على الدنيا، والمدينة على الآخرة، لأن نعيمها أجل، وأهلها أنعم، ومساكنها أكبر. وربما دلت المدينة على الدنيا، والقرية على الجبالة، وذلك إنها بارزة منعزلة عنها مع غفلة أهلها. ربما دلت المدينة المعروفة على دار الدنيا، والمجهولة على الآخرة. وربما دلت المدينة المجهولة الجميلة على الجنة، والقرية السوداء المكروهة على النار، لنعيم أهل المدن، وشقاء أهل المرى.
فمنِ انتقل في منامه من قرية مجهولة إلى مدينة كذلك، فانظر في حاله، فإن كان كافراً أسلم، وإن كان مذنباً تاب، وإن كان صالحاً فقيراً حقيراً، فإنه يستغنى ويعز، وإن كان مع صلاحه خائفاً أمن، وإن كان صاحب سرية تزوج، وإن كان مع صلاحه عليلاً مات، وإن كان ذلك لميت تنقلت حاله وابتدلت داره، فإنما هناك داران إحداهما أحسن من الأخرى، فمن انتقل من الدار القبيحة إلى الحسنة الجميلة نجا من النار، ودخل الجنة إن شاء اللهّ.
وأما من خرج من مدينة إلى قرية مجهولتين، فعلى عكس الأول، وإن كانتا معروفتين اعتبرت أسماؤهما وجواهرهما، فتحكم للمنتقل بمعاني ذلك، كالخارج من باغاية إلى مدينة مصر، فإنه يخلص من بغي ويبلغ سؤله ويأمن خوفه، لقوله تعالى: " ادْخُلوا مِصْرَ إنْ شاءَ الله آمِنين " . فإن كان خروجه من سر من رأى إلى خراسان، انتقل في سرور إلى سوء قد آن وقته. وكذلك الخارج من المهدية والداخل إلى سوسة، خارج عن هدى وحق إلى سوء وفساد، على نحو هذا ومأخذه في سائر القرى والمدن المعروفة.
وأما أبواب المدينة المعروفة، فولاتها أو حكامها ومن يحرسها ويحفظها. وأما دورها فأهلها من الرؤساء وكبراء محلتها، وكل درب دال على من يجاوره، ومن يحتاج إليه أهل تلك المحلة في مهماتهم وأمورهم، ويردّ عنهم حوادثهم بجاهه وسلطانه، أو بعلمه وماله. وقال بعضهم: المدينة رجل عالم، إذا رأيتها من بعيد، وقيلِ: المدينة دين، والخروج من المدينة خوف، لقوله تعالى: " فَخَرَجَ مِنْهَا خائِفاً يَتَرَقّب " ودخول المدينة صلح فيما بينه وبين الناس، يدعونه إلى حق، قال الله تعالى: " ادخُلوا في السِّلم كافّةً " ، وهو المدينة، فإن رأى أن مدينة عتيقة، قد خربت قديماً فإنه يظهر أو يولد هناك عالم أو إمام، يحدث هناك ورعاً ونسكاً. ومن رأى أنه دخل بلداً فرأى مدينة خربة لا حيطان لها ولا بنيان ولا آثار، فإنه إن كان في ذلك اليوم علماء ماتوا وذهبوا ودرسوا، ولم يبق منهم ولا من ذريتهم أحد، فإن رأى أنه يعمر، فإنه يولد من نسل العلماء الباقين ولد يظهر فيه سيرة أولئك العلماء، ومن رأى مدينة أو بلداً خاليين من السلطان، فإن سعر الطعام يغلو هناك، فإن رأى مدينة أو بلداً مخصبة حسنة الزرع، فذلك خير حال أهلها، وقال بعضهم: إذا كانت المدن هادئة ساكنة، فإنها في الخصب في ليل على الجدب، وفي الجدب دليل الخصب.
والأفضل أن يرى الإِنسان المدن العامرة الكثيرة الخصب، فإنها تدل على رفعة وخصب، وإن رأى الجدبة القليلة الأهل، دلت على قلة الخير وبلدة الإنسان تدل على الآباء، مثال ذلك: أن رجلاً رأى كأن مدينته وقعت من الزلازل، فحكم على والده بالقتل.
وحكي أن وكيعاً كان مع قتيبة لما سار من الري إلى خراسان، فرأى وكيع في منامه كأنه هدم شريف مدينته ونسفها، فسأل المعبر فقال: أشراف يسقطون من جاههم على يدك ويوسمون، فكان كذلك.
المزرعة: تدل على المرأة، لأنها تحرث وتبذر وتسقى وتحمل وتلد وترضع إلى حين الحصاد. واستغناء النبات عن الأرض، فسنبله ولدها أو مالها، وربما دل على السوق، وسنبله أرزاقها وأرباحها وفوائدها لكثرة أرباح الزرع وحوائجه وربحه وخساراته، ويدل على ميدان الحرب وحصيد سنبله حصيد السيف. وربما دل على الدنيا وسنبله جماعة الناس صغيرهم وكبيرهم وشيخهم وكهلهم، لأنهم خلقوا من الأرض وسبوا ونبتوا كنبات الزرع، كما قال تعالى: " و الله أنبتكتم من الأرض نباتاً " . وقد تدل السنابل في هذا الوجه على أعوام الدنيا وشهورها وأيامها، وقد تأولها يوسف الصديق عليه السلام بالسنين، وقد تدل على أموال الدنيا ومخازنها ومطامرها، لجمع السنبلة الواحدة حباً كثيراً. وربما دلت المزارع على كل مكان يحرث فيه للآخرة، يعمل فيه للأجر والثواب، كالمساجد والرباطات وحلق الذكر وأماكن الصدقات، لقوله تعالى: " مَنْ كَانَ يُريدُ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ في حَرْثِهِ، وَمَنْ كَانَ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا " .
فمن حرث في الدنيا مزرعة، نكح زوجته. فإن نبت زرعه حملت امرأته. وإن كان عزباً تزوج. وإلا تحرك سوقه وكثرت أرباحه، وربما سلفه وفرقه. وإلا تألف في القتال جمعه إن كان مقصده.
فمن رأى زرعاً يحصد: فإن كان ذلك ببلد فيه حرب أو موقف الجلاد والنزال هلك فيه من الناس بالسيف كنحو ما يحصد في المنام بالمنجل. وإن كان ذلك ببلد لا حرب فيه ولا يعرف ذلك به، وكان الحصاد منه في الجامع الأعظم أو بين المحلات أو بين سقوف الدور، فإنه سيف الله بالوباء أو الطاعون. وإن كان ذلك في سوق من الأسواق كثرت فوائد أهلها، ودارت السعادة بينهم بالأرباح. وإن كان ذلك في مسجد أو جامع من مجامع الخير، وكان الناس هم الذين تولوا الحصاد بأنفسهم دون أن يروا أحداً مجهولاً يحصد لهم، فإنها أجور وحسنات ينالها كل من حصد. وأما رؤية الحصاد في فدادين الحرث، فإن كان ذلك بعد كمال الزرع وطيابه، فهو صالح فيه. وإن كان قبل تمامه فهو جائحة في الزرع أو نفاق في الطعام.
الشفرة: اللسان، وكذلك المبرد. وأما المسن: فامرأة وقيل رجل يفرق بين المرء وزوجه وبين الأحبة.
وأما الموس: فلا خير في اسمها من امرأة أو خادم أو رجل يتسمى باسمها أو مثلها، إلاّ أن يكون يشرّح بها لحماً أو يجرح حيواناً، فهي لسانه الخبيث المتسلط على الناس بالأذى.
ومن أخبر في المنام بأمر، فإن كان المخبر من أهل الصدق كان ما قاله كما قاله. وإن كان إقراراً على نفسه فهو إخبار عما ينزل به، ويكون ذلك مثل قوله. ومن تكلم في غير صناعته مجاوبَاً لغيره، فالأمر عائد عليه في نفسه. وإن كان ذلك من علمه وصناعته، فالأمر عائد على السائل. ومن تحول اسمه أو صفته أو جسمه، ناله من الخير والشر على ما انتقل إليه وتبدل فيه.
سورة المزمل من قرأها فإنه يحب مواظبة الصلاة بالليل.
وقال الكرماني انه يحيي الليل بالطاعات والعبادات وقيل ربما يكون معتادا في الليل للقيام بالذكر وقد غفل عن ذلك فليواظب عليه.
وقال جعفر الصادق يحصل له التوفيق للطاعة والعبادة.
المنديل
هو في المنام دال على الرفق أو الزوجة أو الولد، خاصة إن كان مطرزاً، فإنه يدل على المعاني اللطيفة والفضل الكثير لأنه يتوقى به من الحر والبرد، ويحمل به ثم يُصلّى عليه، وهو أمان وإمارة للأخذ والعطاء، ويُنفَض به الغبار عن الوجه والثياب. والمنديل خادم. ومن رأى أنه يعقد منديلاً من مناديل الصباغين فإنه يتزوج امرأة زانية.
ومن رأى كأن قوما مجهولين زينوه وألبسوه ثيابا فاخرة، من غير سبب موجب لذلك من عيد أو عرس وأنهم تركوه في بيت وحيدا، فذلك دليل موته، والثياب الجدد البيض تجديد أمره.
وكذلك لورأى على الميت تاجا أوخواتيم، أورآه قاعدا على سرير، ولورأى على الميت ثيابا خضرا، دل على أن موته كان على نوع من أنواع الشهادة، كما تدل مثل هذه الرؤيا على حسن حال الميت في الآخرة، فكذلك تدل على عقبه في الدنيا.
ومن رأى كأن ميتا ناداه من حيث لا يراه، فأجابه وخرج معه بحيث لا يقدر أن يمتنع منه، فإنه يموت في مثل مرض ذلك الميت الذي ناداه، أو في مثل سبب موته من هدم أو غرق أو فجأة.
فإن رأى كأنه يقبل ميتا مجهولا، نالت مالا من حيث لا يحتسب. فإن قبل ميتا معروفا، فإنه ينتفع من الميت بعلمه أو ماله. فإن رأى كأن ميتا معروفا قبله، نال من عقبه خيرا. فإن رأى ميتا مجهولا قبله، فهو قبوله الخير من موضع لا يرجوه.
المجبر: ملك ذو صنائع يؤلف الحقوق والحكام على الاستقامة، وهو في الأصل صالح لاسمه دال على كل من تجري الخيرات على يديه في الدين والدنيا، كالسلطان والحاكم والفقيه والكثير الصدقة، وكالإسكاف والخياط والشعاب والبناء والبيطار وأمثالهم. فمن رأى أنّه وقف إلى جابر في داء نزل به أو كسر أصابه، فانظر إلى حال السائل وحقيقة الداء ومكانه، حتى تعلم من الجابر بذلك من إشراكه في التأويل، فإن قال رأى قرحة خرجت في عنقه، فوقع على جابرِ ففتحها له بالحديد حتى سال جميع ما فيها، فيكون ذلك شهادة في عنقه أو نذراً أو ديناً يفرج عنه منه على يد حاكم أو عالم. ومن رأى مفاصله تفصلت أو عظامه تفرقت فضمها المجبر بعضها إلى بعض حتى عاد جسمه صحيحاً، دل على أنّه يفصل ثوباً ويدفعه إلي خياط يخيطه. وإن كان ذاك في اليد اليمنى خاصة فعمل عليها المجبر جبارة وربطها إلى عنقه، فإنّه رجل يجبره بمعروفه فيعتق يديه عن الصانع والأعمال ويمنعها عن قبول الصدقات. وإن كان ذلك في رجليه جميعاً أو في إحداهما، فإنّ تأويله في نحو ذلك إلا أن يكون له دابة فإنّي أخشى أن تنزل بها حادثة، فيحتاج فيها إلى البيطار.
المزبلة: هي الدنيا، وبها شبهها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف عليها. والزبل الماء لأنّه من تراب الأرض، وفضول ما يتصرف الخلق فيه ويتعيشون به، من عظام وخزف ونوى وتبن ونحو ذلك، مما هو في التأويل، أموال. فمن رأى نفسه على مزبلة غير مسلوكة، فانظر إلى حاله وإلى ما يليق به في أعماله، فإن كان مريضاً أو خائفاً من الهلاك بسبب من الأسباب، بشَرته بالنجاة، أو بالقيام إلى الدنيا المشبهة بالمزبلة. وإن رأى ذلك فقير استغنى بعد فقره، وكسب أموالاً بعد حاجته وإن كان له من يرجو ميراثه ورثه، لأنّ الزبل من جمع غيره ومن غير كسبه. والمزبلة مثل مال مجموع من ههنا ومن ههنا بلا ورع ولا نحر، لكثرة ما فيها من التخليط والأوساخ والقاذورات. وإن كان أعزب تزوج. وكان الأزبال شوارها وقشها المقشش من كل ناحية، والمشترى من كل مكان، والمستعار من كل دار. فإن لم تكن ذلك، فالمزبلة دكانه وحانوته، ولا يعدم أن يكون صرافاً أو خماراً أو سفاطاً أو من يعامل الخدم والمهنة كالفران. وإن كان يليق به القضاء والملك والجباية والقبض من الناس ولي ذلك، وكانت الأموال تجيء إليه، والفوائد تهدى إليه، والمغارم والمواريث، لأنّ الزبل لا يؤتى به إلى المزبلة، إلا من بعد الكنس. والكنس دال على الغرم وعلى الهلاك والموت. وربما كانت المزبلة للملك بيت ماله، وللقاضي دار أمينة وصاحب ودائعه. وأما من يقرأ فوق مزبلة، فإن كان والياً عزل، وإن كان مريضاً مات، وإن كان فقيراً تزهد وافتقر.
المبقلة: المبقلة رجال ذوو إحسان، فمن رأى أنّه جمع من بستانه باقة بقل فإنّه يجمع عليه من قرابات نسائه شر وخصومة. فإن كانت طاقة بقل، فإنّها نذير له ليحذر من الشر، فإن عرف جوهرها، فإنّها حينئذٍ ترجع إلى الطبائع. واليابس من البقل مال يصلح به الأموال. وأكثر المعبرين يجعلون البقول هماً وحزناً، وتكون البقلة النابتة رجلاً إن كان موضعها مستنشعاً مجهولاً فيه ذلك. وكذلك جميع النباتات إذا كان الأصل والأصلان في بيت أو دار أو مسجد مستشنع فيه نبات ذلك. فإنّه رجل قد دخل على أهل ذلك الموضع بمصاهرة أو مشاركة، وقد بلغنا أنّ رجلاً أتى إلى سعيد بن المسيب فقال: رأيت كأنّ بقلاً أخضر قد نبت في بيت عائشة رضي الله عنها والناس ينظرون إليه متعجبين، فجاء عبد الملك بن مروان فاقتلع ذلك البقل. فقال له سعيد بن المسيب: إن صدقت رؤياك فإنّ الحجاج يطلق أسماء بنت جعفر بن أبي طالب. فعرض أنّ عبد الملك خاف ميل الحجاج إلى أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأجل أسماء، فكلفه أن يطلقها فطلقها.
الملح: فقال القيرواني أنّه يدل على مال عليه التراب من الأموال، لأنّه من الأرض، سيما أنّ به صلاح أقوات النفس، فهو بمنزلة الدراهم والأموال التي بها صلاح الخلق ومعايشهم. ويدل أبيضه على بيض الدراهم، وأسوده على سود الدراهم، ومطيبه على الذهب. والمال الحلال، وربما دل على الدباغ، لأنّ كليهما أموال وعروض وغنائم، وهو دباغ بالحقيقة، وربما دل على الفقه والسنن والأديان، لأنّ به صلاح ما به معاشه، ويخشى منه كقول بعض الحكماء في فساد العلماء:
بالملح يصلح ما يخشى تغيره ... فكيف بالملح إن حلت به الغير
وربما دل الشفاء من الأسقام، لما جاء في بعض الآثار أنَّ فيه شفاء من اثنين وسبعين داء. وربما دلت السبخة على دار العلم، وحلقة الذكر، ودكان المتطبب، ومعدن الفضة والأندر والجرين، وعلى المرأة العقيم ذات المال والغلات، فمن استفاد ملحاً في المنام أو ورثه وهب له أو نزل عليه من السماء أو استقاه بالرشاء نظرت إلىِ حاله، فإن كان سقيماً بشرته بالصحة. وإن كان طالباً للعلم ظفر بالفقه، وإن كان طالباً للدنيا عبرته له بالمال، وخليق أن تكون فائدته وكسبه له من أسباب الملح أو الملوحة، كالجلاد والدباغ والمسافر في البحر والصياد وبائع الزيتون والملوحة وإن مرّ بسبخة في منامه وأخذ من ملحها في وعائه وأداه إلى بيته، فإما دواء يأخذ من طبيب، أو جواب يأخذه من فقيه، أو مال يأخذه من عجوز عقيم، أو سلعة من الملوحات يشتريها من بائعها أو جلابها أو عاملها أو أصلها ومكانها.
وقال جابر المغربي: من رأى القمر في يده أو عنده يدل على أنه يخطب امرأة، فإن كان القمر هلالا فإنها تكون المرأة دونه في الأصل والنسب، وإن كان نصف القمر مظلما تكون المرأة من أولاد الموالي، وإن كان بدرا تكون أعلى منه في الأصل والنسب، وإن رأت هذه الرؤيا امرأة يطلبها بعل ويكون حكم ذلك في التعبير على ما تقدم.