ومنازعة الشمس الخروج على الملك، ونقصان شعاع الشمس انحطاط هيبة الملك. فإن رأى الشمس انشقت نصفين فبقي نصفها وذهب الآخر، فإنه يخرج على الملك خارجي، فإن تبع النصف الباقي النصف الذاهب وانضما وعادت شمساً صحيحاً، فإن الخارجي يأخذ البلد كله، فإن رجع النصف الذاهب إلى النصف الباقي وعادت شمساً كما كانت عاد إليه ملكه وظفر بالخارجي. فإن صار كل واحد من النصفين شمساً بمفرده، فإن الخارجي يملك مثل ما مع الملك من الملك، ويصير نظيره، ويأخذ نصف مملكته. فإن رأى الشمس سقطت، فهي مصيبة في قيم الأرض أو في الوالدين. فإن رأى كأن الشمس طلعت في دار فأضاءت الدار كلها، نال أهل الدار عزة وكرامة ورزقاً.
ومن رأى أنه ابتلع الشمس، فإنه يعيش عيشاً مغموماً. فإن رأى ذلك ملك مات.
ومن أصاب من ضوء الشمس، أتاه الله كنزاً ومالاً عظيماً. ومن رأى الشمس نزلت على فراشه، فإنه يمرض ويلتهب بدنه. فإن رأى كأنه يفعل به خير، دل على خصب ويسار، ويدل في كثير من الناس على صحة. ومن أخذت الشمس منه شيئاً أو أعطته شيئاً، فليس بمحمود. ومن دلائل الخيرات أن يرى الإنسان الشمس على هيأتها وعادتها، وقد تكون الزيادة والنقص فيها من المضار. ومن وجد حر الشمس فأوى إلى الظل، فإنه ينجو من حزن. ومن وجد البرد في الظل فقعد في الشمس ذهب فقره، لأن البرد فقر. ومن استمكن من الشمس وهي سوداء مدلهمة، فإن الملك يضطر إليه في أمر من الأمور.
وحكي أن قاضي حمص رأى كأن الشمس والقمر اقتتلا فتفرقت الكواكب، فكان شطر مع الشمس، وشطر مع القمر. فقص رؤياه على عمر بن الخطاب رضي اللهّ. فقال له: مع أيهما كنت؟ قال: مع القمر. فقرأ عمر: " فَمَحَوْنَا آيَةَ الليّلِ وَجَعَلْنا آية النّهارِ مُبْصِرَة " . وصرفه عن عمل حمص، فقضي أنه خرج مع معاوية إلى صفين فقتل.
ومن رأى الشمس والقمر والنجوم اجتمعت في موضع واحد وملكها، وكان لها نور وشعاع، فإنه يكون مقبول القول عند الملك والوزير والرؤساء. فإن لم يكن نور، فلا خير فيه لصاحب الرؤيا. فإن رأى الشمس والقمر طالعين عليه، فإن والديه راضيان عنه. فإن لم يكن لهما شعاع، فإنهما ساخطان عليه. فإن رأى شمساً وقمراً عن يمينه وشماله أو قدامه أو خلفه، فإنه يصيبه هم وخوف أو بلية وهزيمة، ويضطر معها إلى الفرار، لقوله تعالى: " وَجُمِعَ الشّمسُ والقَمَرُ يَقُولُ الإِنسانُ يَوْمَئِذٍ أيْنَ المَفَر " . وسواد الشمس والقمر والنجوم وكدورتها، تغير النعم في الدنيا. وكسوف الشمس، حدث بالملك.
ومن رأى سحاباً غطى الشمس حتى ذهب نورها، فان الملك يمرض. فإن رآها وهي لا تتحرك في السحاب ولا تخرج منه، فإن الملك يموت، وربما كانت الشمس عالماً من العلماء فإن انجلى السحاب، انجلى الغم عنه.
القمر: في الأصل وزير الملك الأعظم، أو سلطان دون الملك الأعظم، والنجوم حوله جنود. ومنازله ومساكنه، أو زوجاته وجواريه. وربما دل على العالم والفقيه وكل ما يهتدي به من الأدلة، لأنه يهدي في الظلمات، ويضيء في الحنادس. ويدل على الولد والزوج والسيد، وعلى الزوجة والإِبنه، لجماله ونوره، يشبه به ذو الجمال من النساء والرجال، فيقال كأنه البدر وكأنه فلقة قمر. ثم يجري تأويل حوادثه ومزاولته كنحو ما تقدم في الشمس، وربما دل على الزيادة والنقص، لأنه يزيد وينقص، كالأموال والأعمال والأبدان، مع ما سبق من لفظ المرور، مثل مريض يراه في أول الشهر قد نزل عليه أو أتى به إليه، فإنه يفيق من علته ويسلم من مرضه. وإن كان في نقصان الشهر، ذهب عمره وتقرب أجله على مقدار ما بقي من الشهر، فربما كان أياماً وربما كان جمعاً أو شهوراً أو أعواماً، بأدلة تزاد عند ذلك في المنام أو في اليقظة. وإن نزل في أول الشهر، أو طلع على من له غائب فقد خرج من مكانه وقدم من سفره. وإن كان ذلك في آخر الشهرِ، بعد في سفره وتغرب عن وطنه. ومن رآه عنده أو في حجره أو في يده، تزوج زوجاً بقدر ضوئه ونوره، رجلاً كان أو امرأة.
رأت عائشة رضوان الله عليها ثلاثة أقمار سقطت في حجرتها، فقصت رؤياها على أبيها رضي الله عنه، فقالت لها: إن صدقت رؤياك، دفن في حجرتك ثلاثة هم خير أهل الأرض.
فإن رأى جارية: متزينة مسلمة، مممع خبراً ساراً من حيث لا يحتسب. كانت كافرة، سمع خبراً ساراً مع خناً. فإن رأى جارية عابسة الوجه، سمع خبراً وحشاً. فإن رأى جارية مهزرلة، أصابه هم وفقر. فإن رأى جارية عريانة خسر تجارته وافتضح فيها، فإن رأى أنّه أصاب بكراً، ملك ضيعة مغلة، وأتجر تجارة رابحة، والجارية خير على قدر جمالها ولبسها وطيبها. فإن كانت مستورة فإنّه خير مستور مع دين. فإن كانت متبرجة، فإن الخير مشمهور. وإن كانت متنقبة، فإنّ الخير ملتبس. وإن كانت مكشوفة، فإنّه خير يشيع. والناهد خير مرجو.
والقلب: شجاعة الرجل، وسماحته وجراءته وجلادته وجوده وسخاؤه وغلظته وصلاحه وفساده راجع إلى البدن، لأنّه ملك البدن، والقائم بتدبيره. وخروج القلب من البطن، حسن الدين والإخلاص، والتفريغ عنه هو الاهتداء إلى الحق وقيل القلب يدل علىِ امرأة صاحب الرؤيا، فإنها هي المدبرة لأموره، فإن رأى كأن قلبه تقطع فإن كان عليلاً برىء وشفي وفرج عن كربه.
القيد، فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحب القيد وأكثره الغل، والقيد ثبات في الدين. فإن كان من فضة، فهو ثبات في أمر التزويج، وإن كان من صفر، فثبات في أمر مكروه. وإن كان من رصاص، فثبات في أمر فيه وهن وضعف. وإن كان حبلاً فهو ثبات في الدين، لقوله تعالى: " واعْتَصِمُوا بِحَبْل الله " . وإن كان من خشب، فهو ثبات في نفاق. وإن كان من خرقة أو خيط، فهو مقام في أمر لا دوام له.
وإن كان المقيد صاحب دين أو في مسجد، فهو ثباته على طاعة الله تعالى وإن كان ذا سلطان ورأى مع ذلك تقلد سيف، فهو ثباته على طاعة الله تعالى. وإن كان من أبناء الدنيا، فهو ثباته في عصارتها. والقيد للمسافر عاقة عن سفره، وللتجار متاع كاسد يتقيدون به. والمهموم دوام همه. وللمريض طول مرضه. ومن رأى أنّه مقيد في سبيل اللهّ، فهو يجتهد في أمر عياله مقيماً عليهم. وإن رأى أنّه مقيد في بلدة أو في قرية، فهو مستوطنها فإن رأى أنّه مقيد في بيت، فهو مبتلي بامرأة. فإن رأى القيد ضيقاً فإنّه يضيق عليه الأمر فيها. والقيد للمسرور دوام سروره وزيادته. وإن كان المقيد رأى أنّه ازداد قيداً آخر، فإن كان مريضاً فإنّه يموت فيه. وإن كان في حبس طال حبسه. ومن رأى أنّه مرِبوط إلىِ خشبة، فإنّه محبوس في أمر رجل منافق. ومن رأى أنّه مقيد وهو لابس ثياباً خضراً، فمقامه في أمر الدين واكتساب ثواب عظيم الخطر، وإن كانت بيضاء، فمقامه فى أمر علم وفقه وبهاء وجمال. فإن كانت حمراء، فمقامه في أمر لهو وطرب. وإن كانت صفراء، فمقامه في مرض. ومن رأى أنّه مقيد بقيد من ذهب، فإنّه ينتظر مالاً قد ذهب له. فإن رأى أنّه مقيد في قصر من القوارير، فإنّه يِصحب امرأة جميلة وتدوم صحبتها معه. وإن كان على سفر أقام بسبب امرأة. ومن رأى أنّه مقرون مع رجل آخر في قيد، دل على أكتساب معصية كبيرة يخاف عليها انتقام السلطان. لقوله تعالى: " وتَرَى المُجْرِمينَ يَوْمئِذٍ مُقَرَّنِينَ في الأصْفَادِ " . وقيل أنّ القيد في الأصل هرم وفقر. وقال بعضهم أنّ المقيد يدل على السفر، لأنه يغير المشية.
وأما الزبرجد فإنه يدل على الخير والسرور والكثير منه منفعة ومال. وقال أبو سعيد الواعظ الزبرجد يدل على الرجل الثابت القوي العالي الهمة الحسيب أو مال حلال طيب.
ومن رأى أنه حوسب وقع في محنة وعذاب ومن رأى ميزانه قد رجح حسن عمله وأطاع به وإلا فعلى قدر ما رآه ومن رأى الميزان دل على انبساط العدل وارتفاع الظلم ومن رأى أنه مر على الصراط سليما نجا من شدة وفتن وبلاء وإن سقط منه في النار يقع في فتنة وبلاء وإن رأى أنه قائم عليه تستقيم على يديه أمور معوجة ومن رأى أنه شرب من الحوض فإنه يموت على الإسلام
وأما السباع فمن رأى أنه هرب من أسد فإنه نجاة له مما يحاذر ويكون له عاقبة الظفر ومن رأى أنه ينحر أسدا ولم يعاينه فإنه أمن له من عدوه ومن رأى أنه عاين الأسد دون أن يخالطه فإنه يصيبه فزع من سلطان ولا يضره ذلك وربما كانت رؤيته في المنام كذلك موعظة تدل على الموت وقرب الأجل ومن رأى الأسد في بيته فإنه يصيب سلطانا وخيرا وطول حياة وربما كانت تذكرة للموت وإن كان فيه مريض مات ومن رأى أنه قاتل الأسد فإنه يقاتل عدوا مسلطا فإن رأى أنه غلب الأسد فإنه يقهر عدوه ومن رأى أنه يضاجع الأسد أو يخالطه فإنه يداخله عدو له ومن رأى أنه ينكح لبوة فإنه ينجو من شدائد كثيرة ويعلو أمره ويكون مرجوا في الناس مهيبا ومن رأى أنه يأكل لحم أسد فإنه سلطان عظيم ومن رأى أنه أصاب شعر أسد أو جلده أو أنه يأكل من أعضائه فإنه يصيب مال عدو مسلط
وأما الطير فمن رأى أنه أصاب نسرا أو ملكه وكان له مطواعا فإنه يصيب مالا عظيما ويستمكن من سلطان أو ذي سلطان ومن رأى أنه أصاب من لحم النسر ومن ريشه فإنه يصيب مالا من سلطان وشرفا ورفعة ومن رأى أنه يركب على ظهر نسر فإنه يظفر بسلطان قوي ومن رأى أنه احتمله فطار به حتى بلغ السماء أو دونها فإنه يسافر سفرا بعيدا في سلطان ويعلو ذكره فإن رأى أنه لم يرجع من السماء إلى الأرض فإنه لا يتم له أمره ويزول عنه سلطانه وماله
في تأويل رؤيا الصوم والفطر
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: اختلف المعبرون في تأويلهم الصوم، فقال بعضهم من رأى أنّه في شهر الصوم، دلّت رؤياه على غلاء السعر وضيق الطعام. وقال بعضهم أنّ هذه الرؤيا تدل على صحة دين صاحب الرؤيا، والخروج من الغموم، والشفاء من الأمراض، وقضاء الديون.
قال الأستاذ أبو سعد رحمه اللهّ: من رأى الجنة ولم ير دخولها، فإن رؤياه بشارة بخير عمل عمله أو يهم بعمله، وهذه رؤيا متصف ظالم. وقيل من رأى الجنة عياناً، نال ما اشتهى وكشف عنه همه.
ورؤيا الشيخ والكهل المجهولين: تدل على جد صاحبها. فإذا رآهما أو أحدهما ضعيفاً، فهو ضعف جده. وإذا رآهما أو أحدهما قوياً، فهو قوة جده. فإن رأى شاباً كأنّه تحول شيخاً، فإنّه يصيب علماً وأدباً، فإن رأى كأنّه اتبع شيخاً، اتِبع خيراً خصباً. فإن رأى شيخاً رستاقياً، اتخذ صديقاً غليظاً. ومن رأى شيخاً تركياً، اتخذ صديقاً فإن كان مسلماً، سلم من شره.
ومن رأى امرأة حسناء دخلت داره، نال سروراً وفرحاً. والمرأة الجميلة مال لا بقاء له، لأنّ الجمال يتغيّر. فإن رأى كأدن امرأة شابة أقبلت عليه بوجهها، أقبل أمره بعد الإدبار. والمرأة العربية الادماء المجهولة الشابة المتزينة، يطول وصف خيرها ونفعها في التأويل والسمينة من النساء في التأويل، خصب السنة. والمهزولة جدبها، وأفضل النساء التأويل العربيات الأدم، والمجهولة منهن خير من المعروفة، وأقوى والمتصنعات منهن في الزينة والهيئة، أفضل من غيرهن.
وكل مواتاة العربيات والأدم ومعاملتهن في التأويل خير بقدر مواتاتهن، ولهن فضل على من سواهن من النساء. وإٍذا رأت امرأة في منامها امرأة شابة، فهي عدوة لها على أية حالة رأتها. وإذا رأت عجوزا فهي جدها.
وأما الأسنان: فإنّهم أهل بيت الرجل، فالعليا هم الرجال من أهل البيت، والسفلى هم النساء، فالناب سيد بيته، والثنية اليمنى الأب، والثنية اليسرى العم وإن لم يكونا فأخوان أو ابنان، فإن لم يكونا فصديقان شقيقان، والرباعية ابن العم، والضواحك الأخوال والخالات، ومن يقوم مقامهم في النصح، والأضراس الأجداد، والبنون الصغار، والثنية السفلى اليمنى الأم، واليسرى العمة، فإن لم يكون فأُختان أو ابنتان أو من يقوم مقامهما، والرباعية السفلى بنات العم وبنات العمات، والناب السفلى سيدة أهل بيتها، والضواحك السفلى بنات الخال والخالة وأضراس السفل الأبعدون من أهل بيت الرجل، من النساء والبنات الصغار.
وحركة بعض الأسنان، دليل على من هو تأويله في المرض، وسقوطه وضياعه دليل على موته أو غيبته عنه غيبة من لا يعود إليه، فإن أصابه بعدما فقده، فإنّه يرجع، وتآكله دليل على بلاء يصيب من ينتسب إليه. واصطكاك الأسنان على جدال بين أهل بيته. فإن رأى في أسنانه قلحاً، فهو عيب بأهل بيته يرجع إليه. ونتن الأسنان قبح الثناء على أهل البيت، وكلال الأسنان ضعف حال أهل بيته، وتنقية الأسنان من القلوحة، يدلي على بذل المالي في نفي الهموم عنهم. وبياض الأسنان وطولها وجمالها، زيادة قوة ومال وجاه لأهل البيت. فإن رأى كأنه نبت مع ثنيته مثلها، فإنّ أهلِ بيته يزيدون. فإن رأى كأنّ النابت معها يضرها، كان الزائد في أهل البيت عاراً ووبالاً عليه.
فإن رأى كأنّه قلع أسنانه، دلت رؤياه على قطع رحمه، أو ينفق ماله على كره منه. فإن رأى كأنّه يرمي أسنانه بلسانه، فسدت أمور أهل بيته بكلام يتكلّم به. فإن رأى كأنّ أسنانه من ذهب، فإن كان من أهل العلم والكلام حمدت رؤياه، وإلا فلا تحمد، لأنّها تدل في غير العلم وأهله، على مرض أو حريق، فإن رأى كأنّها من فضة، دلت على خسران في المال. فإن رآها من زجاج أو خشب، دلت على الموت. فإن رأى مقاديم أسنانه سقطت فنبت مكانها أخرى، دلت على تغيير أموره وتدابيره.
وقيل أنّ من رأى أسنانه العليا سقطت في يده، فهو مال يصير إليه. فإن رآها قطت في حجره، فهو ابن، لقوله تعالى: " ويكلم الناس في المهد " . يعني في حجر. فإن رآها سقطت إلى الأرض، فهي الموت. فإن رأى كأنّه أمسك الساقط من ضانه فلم يدفنه، فإنّه يستفيد بدل من هو مثله في الشفقة والنصيحة وكذلك التأويل في سائر الأعضاء إذا أصابتها آفة فلم يدفنها. فإن رأى كأنه نبت في قلبه أسنان، دل على موته، وقيل أنّ سقوط الأسنان يدل على عائق يعوق فيما يريده، وقيل هو دليل قضاء الديون. فإن رأى كأنّ جميع أسنانه سقطت، وأخذها في كمه أو حجره، فإنه يعيش عيشاً طويلاً حتى تسقط أسنانه، ويكثر عدد أهل بيته. وإن رأى كأنّ جميع أسنانه قطت وذهبت عن بصره، فإنّ أهل بيته يموتون قبله، وربما كان ذلك موت ذوي سنه. من الناس ،وأقرانه في العمر. فإن رأى كأنّ الناس يلكوه بأضراسهم أو يعضوه، فإنّه يمكنه أن يتضع للناس فلا يتضع، وقيل ينبغي أن يجعل الفم بمنزلة المنزل، والأسنان بمنزلة السكان، فما كان فيها من ناحية اليمنى فهو يدل على الذكور، وما كان من اليسرى فهو يدل على الإناث، في جميع الناس إلا قليلاً منهم. وقيل من رأى أسنانه تنكسر فإنه يقضي دينه قليلاً قليلاً. فإن تساقط أسنانه بلا وجع، يدل على أعمال تبطل. فإن رأى كأنّها تسقط بلا وجع، يدل على ذهاب شيء مما في منزله. ومقاديم الأسنان إذا سقطت، منعت من أن يفعل الإنسان شيئاً مما يعمل بالكلام والقول. فإن كان مع ذلك وجع أو خروج دم أو لحم، فإنّ ذلك يبطل أو يفسد الأمر الذي يراد.
وأما الأصحاء والأحرار والمسافرون، إذا سقطت جميع أسنانهم، دل على مرض طويل ووقوع في السل من غير أن يموتوا، وذلك أنّ الإنسان لا يمكنه أن ينال الغذاء القوي بلا أسنان، لكنه يستعمل الإحساء والعصارات، وإنّما لا يموتون لأنّ الموتى لا تسقط أسنانهم، والشيء الذي لا يعرض للموتى هو مخلص للمرضى فلهذا السبب صار محموداً في المرض. وإن تساقطت أسنانهم جميعاً فإنّه يدل على سرعة نجاتهم من المرض، وأما التجار المسافرون فيدل على خفة حملهم، وخاصة إن رأى أنّ تلك الأسنان تتحرك، فإن رأى كأنّ بعض أسنانه قد طال وازداد عظماً، دل على جدال وخصومة في منزل. ومن كانت أسنانه سوداً متآكلة معوجة، فرأى سقوطها، فإنه ينجو من جميع الشدائد. فإن رأى كأنّ أسنانه تسقط وهو يأخذها بيده أو بلحيته وفي حجره، فذلك يدل على أنّ أولاده تنقطع، فلا يولد له، وما يلد فلا يبقى ولا يتربى.
وحكي أنّ رجلاً رأى أسنانه كلها سقطت، فاغتم لذلك غماً شديداً، وقص رؤياه على معبر، فقال: تموت أسنانك كلها قبلك، فكان كذلك. ورأى اخر كأنّه أخذ ثلاث أسنان من فمه في كفه، وضم عليهم أنامله، فعرض له أنّه وجد درهماً ونصفاً.
القيء: فدليل التوبة على طيب نفس منه. وإن تعذر عليه وكره طعمه، كانت على كراهة منه، ومن تقيأ وهو صائمِ ثم انغمس فيه، فإنّ عليه ديناً يقدر علىِ قضائه ولا يقضيه، فيأثم فيه. فإن شرب لبناً وتقيأ لبناً وعسلاً، فهو توبة فإن ابتلع لؤلؤاً وتقيأ عسلاً، فإنّه يتعلمِ تفسير القرآن، فإن تقيأ لبناً ارتد عن الإسلام. فإن تقيأ طعاماً، فإنه يهب إنساناً شيئاً. فإن عاد في قيئه، عاد في هبته. فإن شرب خمراً ولم يسكر وتقيأ، أخذ مالاً حراماً ثم رده. وإن سكر وتقيأ فإنّه بخيل لا ينفق على عياله إلاّ القليل، ويندم علىِ إنفاقه. فإن رأى كأنّ أمعاءه تخرج من فيه، دلت على موت أولاده. وقيلِ إذا رأى فواقاً وقيئاً ذريعاً مع الفواق، دل على موته. وقيل من رأى كأنّه تقيأ دماً كثيراً حسن اللون، دل على أنّه يولد له مولود. فإن سال الدم في وعاء، عاش الولد. وإن سال على الأرض، مات الولد سريعاً. وهذه الرؤيا للفقير مال، وملك كثير، وهذه الرؤيا مذمومة لمن أراد أن يخدع إنساناً، لأنّ أمره ينكشف.
وأما الضراط: فمن رأى أنّه بين قوم خرجت منه ضرطة من غير إرادة، فإنّه يأتيه فرج من غم وعسر ويكون فيه شنعة. فإن ضرط متعمداً وكان له صوت عال ونتن، فإنه يتكلم بكلام قبيح، أويعمل عملاً قبيحاً وينال منه سوء الثناء على قدر نتنه، والتشنيع بقدرذلك الصوت. فإن رأى له نتناً من غير صوت، فإنّه ثناء قبيح من غيرتشنيع على قدر نتنه، وإذا ضرط بين قوم، فإنّهم إن كانوا في غم أو هم فرج عنهم، وإن كانوا في عسر تحول يسراً. فإن ضرط بجهد، فإنّه يؤدي ما لا يطيق. فإن ضرط سهلاً، فإنه يؤدي ما يطيق.
أما البيض: إذا رؤي في وعاء دل على الجواري، لقوله تعالى: " كَأنّهُنّ بيضٌ مَكْنُونٌ " . فإن رأى كأنّ دجاجته باضت، فإنّه يرزق ولداً. والبيضِ المطبوخ المميز عن القشر رزق هنيء. فإن رأى كأنّه أكله نيئاً، فإنّه يأكل مالاً حراماً، أو يصيبه هم، أو يرتكب فاحشة. وأكل قشر البيض، يدل على أنّه نباش للقبور. فإن رأى كأنّه خرجت من امرأته بيضة، ولدت ولداً كافراً، لقوله تعالى: " ويخرجً المَيتَ من الحيِّ " . فإن رأى كَأنّه وضع بيضة تحت الدجاجة فتشققت عن فروج، فإنّه يحيا له أمر ميت ويولد له ولد مؤمن، لقوله تعالى: " يخْرِجُ الحَيَّ من المَيّتِ " وربما يرزق بعدد كل فروج ابناً. فإن وضع بيضاً تحت ديك، فأخرج فراريج، فإنّه يحضر هناك معلم يعلم الصبيان. فإن كسر بيضة افتضِّ بكراً وإن لم يمكنه كسرها عجز عنها. فإن ضرب البيضة ضربة وكانت امرأته حاملاً، فإنّه يأمرها أن تسقط. فإن رأى غيره كسر بيضة وردها عليه، افتض ابنته رجل. ومن وطِىء كمه فخرج منه بيضة، فإنّه يطأ أمته ويولد له منها جارية. فإن رأى عنده بيضاً كثيراً، فإنّ عنده مالاً ومتاعاً كثيراً يخشى فساده. وهذا كله في البيض النيء.
ومن رأى بيضاً سليقاً، فإنّه يصلح له أمر قد تمادى عليه وتعسر، وينال بإصلاحه مالاً ويحيا له أمر ميت، فإن أكله بقشره، فهو نباش. فإن تجشأه، أكل مال امرأة وأسرف فيه. فإن أكله، فإنّه يتزوج امرأة عندها مال.
وبيض الكرِكي ولد مسكين. وبيض الببغا جارية ورعة، وقيل من رأى أنّه أُعطي بيضة، رزق ولداً شريفاً. فإن انكسرت البيضة مات الولد. وقيل: البيض للأطباء المزوقين ولمن كان معاشه منه دليل خير. وأما لسائر الناس. فإنّ البيض القليل، يدل على المنافع، لأنّه يؤكل. والبيض الكثير، فإنّه يدل على هموم وغموم، ويدل مراراً على الأشياء الخفية. وقيل الكبار من البيض، البنون. والصغار، بنات، وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت كأني آكل قشوِر البيض فقال اتقِ الله فإنك نباش تسلب الموتى، ورأى رجل عزب كأنّه وجد بيضاً كثيراً، فقص رؤياه على معبر، فقال: هو للعزب امرأة، وللمتزوج أولاد. ورأى رجل كأنّه يقشر بيضاً مطبوخاً فقص رؤيا على معبر، فقال: تنال مالاً من جهة بعض الموالي. ورأى مملوك كأنّه أخذ من مولاته بيضة سليقاً، فرمى بقشرها، واستعمل ماليها، فولدت مولاته ابناً، فأخذ المملوك ذاك المولود اورباه وذلك بأمر زوج المرأة، فصار سبباً لمعاش ذلك المملوك.
ومن رأى أنه في السماء، فإنه يأمر وينهي. وقيل أن السماء الدنيا وزارة، لأنها موضع القمر، والقمر وزير، والسماء الثانية أدب وعلم وفطنة ورياسة وكفاية، لأن السماء الثانية لعطارد. ومن رأى أنه في السماء الثالثة، فإنه ينال نعمة وسروراً وجواري وحلياً وحللاً فرشاً، ويستغني ويتنعم، لأن سيرة السماء الثالثة للزهرة. ومن رأى أنه في السماء الرابعة، نال ملكاً وسلطنة وهيبة، أو دخل في عمل ملك أو سلطان، لأن سيرة السماء الرابعة للشمس. فإن رأى أنه في الخامسة، فإنه ينال ولاية الشرط أو قتالاً أو حرباً أو صنعة مما ينسب إلى المريخ، لأن سيرة السماء الخامسة للمريخ، فإن رأى أنه في السماء السادسة، فإنه ينال خيراً من البيع والشراء، لأن سيرة السماء السادسة للمشتري، فإن رأى أنه في السماء السابعة، فإنه ينال عقاراً وأرضاً ووكالة وفلاحة وزراعة ودهقنة في جيش طويل، لأن سيرة السماء السابعة لزحل، فإن لم يكن صاحب الرؤيا لهذه المراتب أهلاً، فإن تأويلها لرئيسه أو لعقبه أو لنظيره أو لسميه
الشمس: في الأصل الملك الأعظم، لأنها أنور ما في السماء من نظرائها، مع كثرة نفعها وتصرف كل الناس في مصالحها، وربما دلت عن ملك المكان الذي يرى الرؤيا فيه، وفوقه أرفع منه تدل السماء عليه، وهو ملك الملوك وأعظم السلاطين، لأن الله سبحانه وتعالى ملك الملوك وجبار الجبابرة ومدير السماء ومن فيها والأرض ومن عليها. وربما دلت الشمس على سلطان صاحب الرؤيا، إذا رآها خاصة دون الجماعة والمجامع، كأميره وعريفه أو أستاذه أو والده، أو زوجها إن كانت امرأة، وربما دلت على المرأة الشريفة كزوجة الملك أو الرئيس أو السيد أو ابنته، أو أمه أو زوجة الرائي، أو أمه أو ابنته، أو جمالها. والشعراء يشبهون جمال العذارى بالشمس في الحسن والجمال. وقد قيل أنها كانت في رؤيا يوسف عليه السلام دالة على أمه، وقيل بل على خالته زوجة أبيه، وقيل بل على جدته، وقيل بل كانت دالة على أبيه والقمر على أمه،كل ذلك جائز في التعبير، فإن دلت الشمس على الوالد فلفضلها على القمر بالضياء والإشراق، وإن دلت على الأم فلتأنيثها وتذكير القمر، فما رؤي في الشمس من حادث، عاد تأويله على من يدل عليه ممن وصفناه على أقدار الناس ومقادير الرؤيا ودلائلها وشواهدها. وإن رؤيت ساقطة إلى الأرض، أو ابتلعها طائر، أو سقطت في البحر أو احترقت بالنار وذهبت عينها، أو اسودت وغابت في غير مجراها من السماء، أو دخلت في بنات نعش، مات المنسوب إليها. وإن رأى بها كسوفاً أو غشاها سحاب و تراكم عليها غبار أو دخان حتى نقص نورها، أو رؤيت تموج في السماء بلا استقرار، كان ذلك دليلاً على حادث يجري على المضاف إليهِا، إما من مرض أو هم أو غم أو كرب أو خبر مقلق، إلا أن يكون من دلت عليه مريضاً في اليقظة، فإن ذلك موته، وإن رآها قد اسودت من غير سبب غشيها ولا كسوف، فإن ذلك دليل على ظلم المضاف وجوره، أو على كفره وضلالته وإن أخذها في كفه أو ملكها في حجره أو نزلت عليه في بيته بنورها وضيائها، تمكن من سلطانه وعز مع ملكه، إن كان ممن يليق به ذلك، أو قدوم رب ذلك المنزلة إن كان غائباً، سواء رأى ذلك ولده أو عبده أو زوجته، لأنه سلطان الجميع وقيم الدار، وإلا ولدت الحامل ان كانت له جارية أو غلاماً يفرق بين الذكر والأنثى بزيادة تلتمس من الرؤيا، مثل أن يأخذها فيسترها تحت ثوبه، أو يدخلها في وعاء من أوعيته، فيشهد بذلك فيها بالإناث المستورات، ويكون من يدل عليه جميلاً مذكوراً بعلم أو سلطان. وإن كانت في هذه الحال مظلمة ذاهبة اللون، غدر بالملك في ملكه، أو في أهله، إن لاق ذلك به وإلا تسور عليه سلطان، أو عداه عليه عامل، أو قدم غائب، أو مات من عنده من المرضى، والحوامل سقط جنينها، أو ولدت ابناً يفرق بين هذه الوجوه، بزيادة الأدلة.
وإن رآها طالعة من المغرب أو عائدة بعد غروبها أو راجعة إلى المكان الذي منه طلوعها، ظهرت آية وعبرة يستدل على ما هيأتها بزيادة أدلتها. وربما دل ذلك على رجوع المنسوب إليها عما أمله من سفر أو عدل أو جور، على قدر منفعة طلوعها ومغيبها، وأوقات ذلك. وربما دل على نكسة المنسوب إليها من المرضى، وربما دل مغيبها من بعد بروزها لمن عنده حمل، على موت الجنين من بعد ظهوره. وربما دل على قدوم الغائب من سفره والأموال العجيبة، وربما دل مغيبها على إعادة المسجون إلى السجن بعد خروجه، وربما دل على من أسلم من كفره، أو تاب من ظلمه على رجوعه إلى ضلالته. وإن رأى ذلك من يعمل أعمالاً خفية صالحة أو رديئة، دل على سترته وإخفاء أحواله، ولم تكشف أستاره لذهاب الشمس عنه، إلا أن يكون ممن أهديت إليه في ليلته زوجة، أو اشترى سرية، قال الزوجة ترجع إلى أهلها، والسرية تعود إلى بائعها. وقد يدل أيضاً طلوعها من بعد مغيبها لمن طلق زوجته على ارتجاعها، ولمن عنده حبلى على خلاصها، ولمن تعذرت عليه معيشته أو صنعته على نفاقها، وخاصة إن كان صلاحها بالشمس كالقصار والغسال وضرائب اللبن وأمثال ذلك، ولمن كان مريضاً على موته، لزوال الظل المشبه بالإنسان مع قوله تعالى: " ثمَّ جَعَلْنا الشّمْسَ عليْهِ دليلاً ثَمّ قبَضْناهُ إليْنا قَبْضَاً يَسيرا " ولمن كان في جهاد أو حرب، على النصر، لأنها عادت ليوشع بن نون عليه السلام في حرب الأعداء له، حتى أظهره الله عليهم، ولمن كان فقيراً في يوم الشتاء، على الكسوة والغنى، وفي يوم الصيف على الغم والمرض والحمى والرمد.
وجلوس الميت في الشمس في الصيف دلالة على ما هو فيه من العذاب والحزن، من أجل مصاحبة السلطان، أو من سبب من نزلت الشمس عليه على قدره وناحيته.
ومن رأى أنه تحول شمساً، أصاب ملكاً عظيماً على قدر شعاعها. ومن أصاب شمساً معلقة بسلسلة، ولي ولاية وعدل فيها. وإن قعد في الشمس وتداوى فيها، نال نعمة من سلطان، ومن رأى أن ضوء الشمس وشعاعها من المشرق إلى المغرب، فإن كان أهلاً للملك نال ملكاً عظيماً، وإلا رزق علماً يذكر به في جميع البلاد، ومن رأى أنه ملك الشمس أو تمكن منها، فإنه يكون مقبول القول عند الملك الأعظم. فمن رآها صافية منيرة قد طلعت عليه، فإن كان والياً نال قوة في ولايته، وإن كان أميراً نال خيراً من الملك الأعظم، وإن كان من الرعية رزق رزقاً حلالاً، وإن كانت امرأة رأت من زوجها ما يسرها. ومن رأى الشمس طلعت في بيته، فإن كان تاجراً ربح في تجارته، وإن كان طالباً للمرأة أصاب امرأة جميلة، وإن رأت ذلك امرأة تزوجت واتسع عليها الرزق من زوجها.
وضوء الشمس هيبة الملك وعدله، ومن كلمته الشمس نال رفعة من قبل السلطان، ومن رأى الشمس طلعت على رأسه دون جسده، فإنه ينال أمراً جسيماً ودنيا شاملة. وإن طلعت على قدميه دون سائر جسده، نال رزقاً حلالاً من قبل الزراعة، فإن طلعت على بطنه تحت ثيابه والناس لا يعلمون، أصابه برص، وكذلك على سائر أعضائه من تحت ثيابه. ومن رأى بطنه انشق وطلعت فيه الشمس، فإنه يموت، فإن رأت امرأة أن الشمس دخلت من جربانها وهو طوقاً ثم خرجت من ذيلها، فإنها تتزوج ملكاً ويقيم معها ليلة، فإن طلت على فرجها، فإنها تزني، وإن رأى أن الشمس غابت كلها وهو خلفها يتبعها، فإنه يموت، فإن رأى أنه يتبع الشمس وهي تسير ولم تغب، فإنه يكون أسيراً مع الملك. فإن رأى الشمس تحولت رجلاً كهلاً، فإن السلطان يتواضع للهّ تعالى ويعدل وينال قوة، وتحسن أحوال المسلمين، فإن تحولت شاباً، فإنه يضعف حال المسلمين ويجور السلطان. فإن رأى ناراً خرجت من الشمس فأحرقت ما حواليها، فإن الملك يهلك أقواماً من حاشيته، فإن رأى الشمس احمرت، فإنه فساد في مملكته. فإن رآها اصفرت، مرض الملك. فإن اسودت يغلب، وتتم عليه آفة. فإن رأى أنها غابت فاته مطلبه.
وكل ما رؤي في غير مكانه وفي ضد موضعه فمكروه، كالنعل في الرأس، والعمامة في الرجل، والعقد في اللسان. وكل من استقضى أو استفتى أو استحلف ممن لا يليق به ذلك، نالته بلايا الدنيا واشتهر بذلك وافتضح.
إن رأى أنّه دخل جهنم: ثم خرج منها في يومه ذلك، فإنّ ذلك براءة أصحاب المعاصي والكبائر، وذلك نذير ينذره ليتوب ويرجع. فإن رآها ولم يصبه مكروه منها، فإنَّ ذلك من غموم الدنيا وبلاياها، يصيبه من ذلك على قدر ما يناله منها أو رآه. فإن رأى أنّه لم يزل فيها لم يدر متى دخلها، فذلك لا يزال مضيقاً عليه متفرقاً أمره مخذولاً ذليلاً حتى يخرج منها. فإن رأى أنّه يأكل من طعامها أو شرابها أو ناله من حرها أو أذى من خزانها. فإنّ كل ذلك أعمال المعاصي منه. وقال القيرواني: أما من أدخل جهنم، فإن كان كافراً مريضاً مات، وإن كان مؤمناً تقياً مرض واحتم، لأنّ الحمى من فيح جهنم، وافتقر وسجن. وإن كان سوقياً أتى كبيرة، أو داخل الكفرة والفجرة في دورهم، أو خالطهم في أعمالهم وأسواقهم. وقال إنَّ دخول الجنة للحاج، يتم حجه ويصل إلى الكعبة بيت الله المؤدية إلى الجنة. وإن كان كافراً أو مذنباً رأى ذلك في غيره، أسلم من كفره وتاب. وإن كان مريضاً مات المؤمن من مرضه، وأفاق الكافر من علته، لأنّ الجنة آخرة للمؤمنين، والدنيا جنة الكافرين. وإن كان عزبَاً تزوج امرأة، لأنّ الجنة دار الزواج والإنكاح. وإن كان فقيراً استغنى، وقد يرث ميراثاً. ويدل دخولها على السعي إلى الجماعة، أو إلى دار علم وحلق ذكر وجهاد ورباط، وإلى كل مكان يؤدي إليها.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي بن حماد، عن أبي سعيد إسماعيل بن إبراهيم، قال: سمعت أبا إسحاق الخواص بالشام يقول: كان رجل يخدم داود الطائي ويكنى بأبي عبد الله. فقال له: إن مت فاغسلني ولا تخبر بي أحداً. قال فلما أن مات رأيته في المنام على نجيب في هودج له أربعة آلاف باب، بستور مرخاة، والريح تخفق، فقلت يا داود ادع الله أن يلحقني بك. فقال: احفظ عني ثلاثاً: داوِ قروح بطنك بالجوع، واقطع مفاوز الدنيا بالأحزان، وآثر حب الله تعالى على هواك ولا تبال متى تلقى.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن بكر بن هارون، عن أبي محمد المرعشي، عن أحمد بن محمد بن الحجاج، قال: تفقهت للشافعي ولمالك ولأحمد بن حنبل رضي الله عنهم، وجميع من يوصل إليه الفقه، فاختلفت على أقاويلهم واختلافاتهم في المسائل، فأحببت أن آخذ بأصح أقوالهم، فسألت الله تعالى أن يريني النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فوقع في روعي أنّك سترى ليلة الجمعة، فلما كان ليلة الجمعة في السحر وأنا قد فرغت من وردي، وقد قعدت على ظهري منتظراً المؤذن، غلبتني عيناي فوقع في روعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قادم علي، فدخل رجل نجراني عليه طيلسان وثياب بيض فسلم وجلس، ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وقبلت بين عينيه ورأيته على النعت الذي كان معي، وعلى الصفة التي كانت معي، ومعه جماعة من أصحابه، فجلس وجلست بين يديه، فسألته من مسائل ثم انتهيت إلى ما كان في نفسي من الفقه، فسألته عن مسألة فقال: إني على ما يقول هذا، وأومأ إلى الداخل قبله. ثم سألته عن أخرى، فقال: على ما يقول هذا ثم سألته على مسائل الاختلاف فكان يومي بيده ويقول على ما يقول هذا فوقع في روعي أنّه أحمد بن حنبل. فقلت يا رسول الله لقد ابتلي فيك. فصبر فقال لي: انظر ما فعل الله به، ثم التفت إليّ فقال: تصلي معنا الغداة، فقلت يا رسول الله ما أحوجني إلى ذلك. فأقيمت الصلاة وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا وهو يقول: سلام عليكم ورحمة الله. فسلمت عن يميني ثم انتبهت وأنا مستقبل القبلة.
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد ويحيى عن محمد بن إبراهيم العدوي، عن أبي عمرو عبد الرحمنِ بن أبي وصافة، عن أبي القاسم البزار، قال: قال علي بن الموفق: حججت نيفاً وخمسين حجة، وجعلت ثوابها للنبي صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم، ولأبوي، وبقيت حجة واحدة. قال: فنظرت إلى أهل الموقف بعرفات وضجيج أصواتهم، فقلت اللهم إن كان في هؤلاء واحد لم يتقبل حجة فقد وهبت له هذه الحجة، ليكون ثوابها له. قال فبت تلك الليلة بالمزدلفة فرأيت ربي تبارك وتعالى في المنام، فقال: يا علي بن الموفق عليّ تسخى؟ قد غفرت لأهل الموقف ومثلهم معهم وأضعاف ذلك، وشفعت كل رجل منهم في أهل بيته وخاصته وجيرانه، وأنا أهل التقوى وأهل المغفرة.
قال جعفر الصادق رضي الله عنه: رؤيا الله تعالى في المنام تؤول على سبعة أوجه حصول نعمة في الدنيا، وراحة في الآخرة، وأمن وراحة، ونور وهداية، وقوة للدين، والعفو والدخول إلى الجنة بكرمه، ويظهر العدل ويقهر الظلمة في تلك الديار، ويعز الرائي ويشرفه وينظر إليه نظرة الرحمة.
وقال أبو سعيد الواعظ: من رأى كأنه قائم بين يدي الله تعالى والله ينظر إليه فإن كان من الصالحين فليحذر الله تعالى لقوله تعالى " يوم يقوم الناس لرب العالمين " .
وقال جعفر الصادق رضي الله عنه: رؤية الكرسي تؤول على ستة أوجه العدل والعز والولاية وعلو الأمر والقدر والجاه وأما الكرسي الذي يؤلفه النجار فهو امرأة بقدر ذلك الكرسي.
قال السالمي: رؤية الكرسي خير على كل حال ما لم يكن فيه ما ينكر في الشريعة، فإن كان فيه ما ينكر فليس بجيد في حق الرائي إما في الدين أو في أمر يطلبه من أمور الدنيا.
ومن رأى شيثاً يكون عيشه طيباً ويحصل له مال وأولاد، وقيل من رأى شيئاً فإنه يدل على أنه وصى ومقدم على أمور عظام وانه يوفي بالوصية ويؤديها حقها لأن شيثاً كان وصيا على وجه الأرض.
ومن رأى ادريس يحسن أمره ويكون عاقبته محموده وقيل من رأى ادريس يدل على اجتهاد في العبادة وان يكون فيها بصيرا فإن ادريس كان أعدل أهل زمانه وأعرفهم بالحكمة.
من رأى أحداً من أصحاب الوظائف الدينية فهو خير وبركة ونعمة وإن كان من أصحاب الوظائف الدنيوية فازدياد رزق وتجديد أمر وقيل شروع في مهم وإن كان من أرباب البيوت فتعبيره قريب من شغله مثاله البيا البابية فنظافة وصلافة، والشريدارية أمانة ونظافة، والفراشين ذهاب غم وأنس ما لم يصدر منهم كنس فإن صدر فليس بمحمود وسيأتي بيانه، والركبدارية شجاعة وإقدام وقيل وكذب وإفساد وفلسفة كذلك خدام الاصطبل، وأما الهجانة فعلى وجهين إما بشارة وإما مصيبة، وإما المبردارية والكلانرة فلا خير ولا خيرة وقيل نجاسة في الأثواب، وأما رؤيا الطيور فيأتي تعبيره في بابه وأما رؤيا جماعة المطبخ فكثرة كلام يقع وتعب في طلب الرزق، وأما السقاؤون فديانة وتقي وخصب وربما يعمل عملا حسنا، وأما البوابون فمن رأى أنه صار بوابا ولم يعاين الباب فإنه تقضي حوائجه خاصة والله أعلم بالصواب.
وقال أبو سعيد الواعظ رؤيا الجبهة والوجه جميعا تدل على ثلاثة أوجه مال وعز وامرأة حسنة وجاه وقاصد الإنسان، والصدغان ابنتان شريفتان مباركتان فمهما رأى في ذلك فهو منسوب لهما وقاله الكرماني أيضاً ووافقه السالمي.
وقال خالد الاصفهاني أولت بتوفيق الله رؤيا الظلم بعدم الافلاح لقوله لا أفلح من ظلم، وربما دل الظلم على الخراب وقد تقدم بقية الكلام على الظلم في الباب السابع عشر في فصل رؤيا الظلم.
وأما الحيض فمن رأى أن زوجته حاضت فإن أمور الدنيا تتعوق عليه وإن كانت زوجته صالحة فإنه تحير في دينه وإن رأت المرأة أنها حائض فإنه يحصل لها مال بقدر الحيض وإن كانت عقيمة فإنها تلد وإن كانت عجوزا دل على انقضاء أجلها وإن كانت طفلة دل على زوال بكارتها ومن رأى أنه حائض سواء كان رجلا أو امرأة واغتسل من الحيض ولبس ثوبه فإنه يدل على نجاح دينه ودنياه ومن رأى أنه يجامع امرأة حائضا ودفق منها عليه فإنه حصول مال
** رؤيا أم سلمة في قتل الحسين .
فعن رزين -وهو الجهني- قال: حدثتني سلمى -وهي البكرية- قالت: دخلت على أم سلمة وهي تبكي فقلت: ما يبكيك؟ قالت:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تعني في المنام وعلى رأيه ولحيته التراب فقلت: مالك يارسول الله؟ قال: (شهدت قتل
الحسين انفا) وفي رواية قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام يبكي وعلى رأسه ولحيته التراب .
وقد انتقم الله تبارك وتعالى من قتلة الحسين رضي الله عنه على يد المختار بن أبي عبيد الثقفي الكذاب فتتبعهم وقتلهم وقد رأى
الشعبي في ذلك رؤيا رواها الطبراني في (الكبير) عن الشعبي قال: رأيت في النوم كأن رجالا نزلوا من السماء معهم حراب
يتتبعون قتلة الحسين رضي الله عنه قما لبث أن نزل المختار فتلهم .
قال الهيثمي: إسناده حسن .
63 - عن عمران بن عبدالله قال : رأي الحسن بن علي - رضي الله عنهما - فيما يري النائم بين عينيه مكتوباً: (قل هو الله أحد) - سورة الأخلاص، الآية :2).
فقصها على سعيد بن المسيب فقال : إن صدقت رؤياك فقد حصر أجلك، قال: فُسمً في تلك السنة ومات - رحمة الله عليه
والصلب: موضِع الرزانة، وموضع الولد والقوة، فمن رأى صلبه قوياً، رزق عقلاً وقيل ولداً قوياً، وقيل الصلب رجل شديد يعتمد عليه، وطول القد بالمقدار محمود، وفوق الحد دليل على قرب الأجل، وذهاب الحياة، وكذلك قصره دليل على قصر العمر والجاه. والسمن والقوة في البدن قوة الدين والإيمان فإن رأى كأنّ جسده جسد حية، فإنّه يظهر ما يكتم من العداوة. فإن رأى كأنّ له إلية كإلية الكبش، فإن له ولداً مرزوقاً يعيش بعده. ومن رأى أن جسده من حديد أو من حجارة، فإنّه يموت. فإن رأى زيادة في جسده من غير مضرة، فهو زيادة في النعمة عليه، وجاء رجل خاملِ الذكر، قليل المال إلى معبر فقال: رأيت كأنّ جسدي ازداد وتضاعف، وكان لي نوراً وبهاء، وكأني تزهدت، وأنا أسيح في الجبال والمفاوز. فقال المعبر: ستكون أهلاً لذلك، وتصيب ملكاً وتصير ذا مال وعز. فلم يلبث أن خرج مع الغزاة، وكان شجاعاً، فهزم المشركين ونال مالاً وغنائم.
وقوة الطحال: فرج، فإنّه قوام البدن، ومن رأى كأنّ إنساناً قطع مرارة إنسان بأسنانه فمات فيه، فإنّ القاطع يحقد عليه حقداً عظيماً يهلكه فيه. فإن خرج دمه وشر القاطع، فإنّه يحلل ماله على نفسه لجهله وشره.
وأما السرة: فامرأة الرجل وحبيبته من جواريه وهمته. فما رأى بسرته من قبح الحال أو جمال أو سوء حال، فهو فيهن. وقيل من كان له والدان فرأى سرته عليلة فإنّ ذلك يدل على علة الوالدين، ومن لم يكن له والدان، فإنّ ذلك يدل على أوطانه التي ولدوا فيها. وأما من كان في غربة، فإنّه يدل على رجوعه.
وأما المشاورة فكل فاسق شاور عفيفاً، إلى التوبة. وكلِ عفيف شاور فاسقاً، فقد دنا إلى بدعة. وإن شاور عفيفاً أراد صلاحاً، وإن شاور فاسقاً فاسق حصل له ترياق من السموم.
فإن نقى أذنيه من وسخ أو قيح: فإنّه يأتيه أخبار سارة. ومن رأى كأنّه يأكل من وسخ أذنه، فإنّه يأتي الغلمان أو يرتكب فاحشة.
رؤيا الرعد خوف من عامل الملك أو من أعوانه، وإن كان مع الرعد مطر يكون الأمن والرخاء وإن كان الرعد شديداً والمطر قليلا يدل على خوف الرائي من دعاء والديه عليه ومن سمع صوت الرعد في وقت نزول المطر فإنه يدل على حصول الخير والبركة والرخاء في ذلك المكان.
ومن رأى سليمان فإنه يعلو قدره ويصل إلى مرتبة السلطان ان كان ممن يليق به ويزداد ماله ونعمته وقيل نفاذ أمر وحصول خير على كل حال، وقيل من رأى سليمان فإنه يدل على السفر والرجوع عنه عن قريب وربما ينال سلامة لاشتقاق الاسم.
وقال أيضاً رؤيا السجود على خمسة أوجه حصول مقصود دولة ونصر وظفر والامتثال لأمر الله لقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم " الآية وقيل ان الصلاة على الميت دعاء مستجاب وقيل شفاعة تقبل.
فصل في رؤيا المصحف الشريف رؤياه تؤول بالعلم والحكمة فمن رأى أنه يقرأ في المصحف أو ينظر فيه يدل على انتشار علمه وحكمته وعدله في الخلق وربما يحصل له ميراث وقيل يرزقه الله حكمة وصلاحا في الدين.
ومن رأى أنه اشترى مصحفا فإنه يتفقه في الدين ومن رأى أنه أحرق مصحفا يدل على فساد دينه وقلة عقله وفساد عقيدته.
فمن رأى أنه تقيأ وكان ذلك سهلا عليه فإنه يدل على التوبة من المعصية والرجوع إلى الله تعالى أو رد الحق إلى أهله وإن عسر عليه ذلك يكون عقوبة والتسهيل خير يناله، وإن رأى ذلك المريض فهو موته، وإن رأت ذلك امرأة حبلى فانها تسقط.
وفرق بين الفساق والبركة فأما البركة فهي المتسعة جدا التي تكون بالفلاة، وأما إذا كانت في البيوت المسقوفة فتسمى بحرة، وربما تسمى بركة، وأما الفسقية فهي التي تكون بالبيوت والحمامات وما أشبه ذلك.
(ان كنت تراها أفضل اجابة اضغط)
{{#dreams}}
تفسير حلم {{{title}}} [تفسير {{writer}}({{voto}}صوت])