قضاء الدين
مَن رأى أنه أدى حقاً أو قضى ديناً فإنه يصل رحماً، أو يطعم مسكيناً ويتيسّر له أمر كان قد عسر عليه في الدنيا أو إعانة أو شهادة أو كفارة أو حج أو زكاة. وقيل: إن أداء الحق رجوع عن السفر، كما أن الرجوع عن السفر أداء الحق.
ومن رأى أن ساقية خرجت من خلال الدور والبيوت فإنها حياة طيبة إذا كان ماؤها عذبا، وإن كان مالحا فهو مضرة أو سوء ينشر، ويقال إن الساقية امرأة فما رؤى فيها من زين أو شين فهو في المرأة.
هو في المنام مصلح. وتدل رؤية الدقاق للذهب والقصدير على الراحة والكسب بالشر والخصومات، أو على فساد ما يُرجَى صلاحه. وربما دلّ على إنفاق المال من الذهب والفضة على أهل الشر و الخصومات، والكذب والافتراء. والدقاق وأصحاب الأمتعة قوم آثروا دنياهم على دينهم إذا أخذوا أثمانها، فإذا باعوها ولم يأخذوا ثمنها، وكان في بيعهم ما لا يفسِد دينهم فإنهم يؤثرون دينهم على دنياهم ويكونون لله شاكرين. فإن باعوها وأخذوا ثمنها فإنهم يفسدون دينهم وينالون رزقهم بالكلام والخصومة، ويؤثرون الصحة على المعيشة والخير.
الديك
هو في المنام ربّ الدار كما أن الدجاجة ربّة الدار. والديك أيضاً عبد. ومن وُهب له فروج فيولد له غلام مملوك، وقيل: بل هو رجل محارب من نسل المماليك. وقيل: هو رجل له أخلاق رديئة، يتكلم تارة بكلام حسن، ويهذي تارة. وقيل: الديك غلام له مودة، ومن أخذه فهو إصلاح فيما بينه وبين رجل آخر. ومن رأى أنه ذبح ديكاً فإنه لا يجيب المؤذن. وقيل: من رأى الديك في المنام فإنه يزداد حكمة، أو اجتماعا بالعلماء، والانتفاع بهم. ومن رأى أنه صار ديكاً مات وشيكاً. ومن رأى أن ديكا قد نقره نقرة أو نقرتين فسيقتله رجل من العجم. وإذا كان الديك أبيض فهو مؤذن. وقيل: من رأى أنه صار ديكاً يصير مملوكاً أو مؤذناً عالماً بالأوقات. والديك يدل على الخطيب والقارئ، ربما دلّ على الرجل الذي يأمر بالمعروف ولا يأتيه، لأنه يذكر بالصلاة ولا يصلي. وربما دلّ الحارس. ومن رأى ديكاً دخل إلى منزله والتقط حبات الشعير فإن المؤذن يسرق له شيئاً. والديك يدل على رجل له علوّ همة وصوت حسن. والديوك الصغار مماليك صغار أو صبياًن أو أولاد أو مماليك، وكذلك الفراريج الإناث جوار أو عبيد أو وصائف. ومَن ملك ديكا رزق ولداً ذكرا، واشترى مملوكاً أو داراً، أو قدم له غائب أو جاءه خبر منه. ومن أصاب ديكاً احمر فإنه يستفيد عبداً آبقاً خبيثا. ومَن رأى أنه يقاتل ديكا فإنه ينازع رجلاً أعجمياً، فإن أصابه مكروه من الديك فيصيبه من الرجل الأعجمي ما يكره بقدر ما أصابه من الديك. انظر أيضاً الدجاجة.
وأما الدماغ: فإنّه يدل على العقل، ومن رأى أنّ له دماغاً كبيراً، دل على كثرة عقله، فإن رأى كأنّه لا دماغ له، دل على جهله وقلة عقله. وقيل أنّ الدماغ مال نزر مدخور طاهر. فإن رأى كأنّه أكل دماغه أو مخ بعض عظامه، فإنه يأكل ماله. وقال بعضهم أكل دماغ الميت، يوجب سرعة الموت.
من رأى كأنّه يبول دماً فإنّه يأتي امرأة وهي حائض.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّي أبول دماً، فقال: فإنك تأتي امرأتك وهي حائض، قال نعم.
وقيل إنّ صاحب هذه الرؤيا، إن كانت امرأته حبلى سقطت.
إن رأى بين يديه قصعة فيها ثرلد كثير الدسم حتى لا يمكنه أكلها، دل على أنّه يجمع مالاً ويأكله غيره. فإن رأى كأنّ بين يديه ثريداً كثير الدسم وليس بطيب الطعم، وهو يسرع في أكله حتى يستريحٍ منه، دلت رؤياه على أنّه يتمنى الموت من ضيق الحال.
وصاحب البستان قيم امرأة. والحطاب ذو نميمة. وصاحب الدجاج والطير نخاس الجواري. والفاكه ينسب إلى الثمرة الذي باعها. ومن باع مملوكاً فهو صالح له ولا خيرِ فيه لمن اشتراه، ومن باع جارية فلا خير فيه وهو صالح لمن اشتراه. وكل ما كان خيراً للبائع فهو شر للمبتاع.
الدب: الرجل الشديد في حاله، الخبيث في همته، الغادر، الطالب للشر في صنعة، الممتحن في نفسه، وقيل هو عدو لص أحمق مخالف مخنث محتال على الحجيج والقوافل، يسرق زادهم، وهو الممسوخ. فمن ركب دباً نال ولاية، وإلا دخل عليه خوف، وهم، ثم ينجو. وقيل أنه يدل على امرأة، وذلك أن الدب كان امرأة ومسخ.
الديك: في أصل التأويل عبد مملوك أعجمي، أو من نسل مملوك. وكذلك الدجاج، لأنّهم عند ابن آدم مثل الأسير، لا يطيرون، ويكون رب الدار من المماليك، كما أنّ الدجاجة ربة الدار من الخادمات والجواري: والديك أيضاً يدل على رجل له علو همة، وصوت كالمؤذن، والسلطان الذي هو تحت حكم غيره، لأنّه مع ضخامته وتاجه ولحيته وريشه داجن لا يطير، فهو مملوك، لأنّ نوحاً عليه السلام، أدخل الديك والبدرج السفينة، فلما نضب الماء ولم تأته الإذن من الله تعالى، في إخراج من معه في السفينة، سأل البدرج نوحاً أن يأذن له في الخروج ليأتيه بخبر الماء، وجعلِ الديك رهينة عنده، وقيل إنّ الديك ضمنه فخرج وغدر ولمِ يعد، فصار الديك مملوكاً، وكان شاطراً طياراً فصار أسيراً داجناً، وكان البدرج ألوفاً فصار وحشياً. وهو طائر أكبر من الدجاج، أحمر العينين مليح. وقيل إنّ الديك رجل جلد محارب له أخلاق رديئة، يتكلم بكلام حسن بلا منفعة، وهو على كل الأحوال إما مملوك أو من نسل مملوك. وقيل من ذبح ديكاً دل على أنّه لا يجيب المؤذن، وقال بعضهم: من رأى أنّه تحول ديكاً مات وشيكاً. والديوك الصغار مماليك أو صبيان أولاد مماليك. وكذلك الفراريج الإناث أولاد جوار أو عبيد أو وصائف. وجماعة الطيور سبي وأموال رقيق، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: رأيت كأنّ ديكاً نقرني نقرة أو نقرتين، أو قال ثلاثة، وقصصتها على أسماء بنت عميس فقالت: يقتلك رجل من العجم المماليك.
وجاء رجل إلى أبي عون الضراب فقال: رأيت كأنّ ديكاً كبيراً صاح بباب بيتك هذا. فجاء أبو عون إلى ابن سيرين فقص عليه تلك الرؤيا فقال له ابن سيرين: لئن صدقت رؤياك، لتموتن أنت بعد أربعة وثلاثين يوماً، وكان له خلطاء وندماء على الشراب، قال فرفع ذلك كله، وتاب إلى الله تعالى من يوم الرؤية، ومات فجأة كما قال ابن سيرين. فقيل لابن سيرين: كيف استخرجت ذلك؟ قال من حساب الجمل، لأنّ الدال أربعة، والياء عشرة، والكاف عشرين.
قفصِ الدجاج: يدل على دار، فإن رأى كأنّه ابتاع قفصاً وحصر فيها دجاجة، فإنّه يبتاع داراً وينقل إليها امرأته. وإن وضع القفص على رأسه وطاف به السوق فإنّه داره وتشهد به الشهود عليه.
آثار الديار
تدل الآثار في المنام على الذكريات والمواعظ. وربما دلّت على السنين أو عدد الأيام بمَنْ كان مهاجراْ من أهل بلده. وتجديد الآثار يدل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
رؤيته في المنام دالة على الهم والنكد، إلا أن يكون له ولد عقه، فإنه يرجع إلى طاعته، وربما دلّت رؤيته على البشارة والأمن من الخوف. وقيل: من رأى اسحق عليه السلام أصابته شدة من بعض الكبراء والأقرباء، ثم يفرج اللّه عنه، ويرزقه عزاً وشرفاً، ويكثر الملوك والرؤساء الصالحون من نسله، هذا إذا رآه على جماله وكمال حاله، فإن رآه متغير الحال ذهب بصره، وربما دلّت رؤيته على الخروج من هم إلى فرج، ومن ضيق إلى سعة ومن معصية إلى طاعة، ومن عقوق إلى صلة. ومن رأى أنه تحول إلى صورة إسحاق عليه السلام ولبس ثوبه فإنه يشرف على الموت، ثم ينجو منه.
إسرافيل عليه السلام
من رآه في منامه ينفخ في الصور، وظن أنه سمعه وحده دون غيره فإنه يموت. وإن كان يظن أن أهل ذلك الموضع سمعوا ظَهَرَ في ذلك الموضع موت ذريع. وقيل: هذه الرؤيا تدل على بسط العدل بعد انتشار الظلم. ورؤية اسرافيل عليه السلام دالة على تجهيز الجيش والأسفار والمشقة والخوف والجزع والتوعد وقضاء الديون والمجازاة بالأعمال. وتدل رؤيته أيضاً على عمران الخراب. وقيل: إن نفخته الأولى تدل على الوباء، والثانية تدل على الحياة والخلاص من الطاعون.
من رآهم في منامه في الصفات الحسنة كان ذلك دليلاً على حسن اعتقاده فيهم وأتباعه لسنتهم. وربما دلّت رؤيتهم على حركات الجنود وإرسال البعثات. وربما دلّت على انتشار العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. كما تدل رؤيتهم على الألفة والمحبة والأخوة والمساعدة والسلامة من العداوة والحسد، وزوال الغل من الصدور، لأنهم رضي اللّه عنهم كانوا على ذلك. فإن كان الرائي فقيراً استغنى لأنهم رضي اللّه عنهمِ فتحوا الدول. وإن كان الرائي غنياً آثر الآخرة على الدنيا وبذل نفسه وماله في مرضاة اللّه تعالى. وقد تدل رؤيتهم رضي اللّه عنهم على الأبنية الشريفة كالمساجد وطهارة النسب والقبائل والعشائر. ويدل إعراضهم عن الرائي أو شتمهم له في المنام على الوقوع فيما شجر بينهم، وتفضيل بعضهم على بعض، وبغضهم له، وتدل رؤيتهم على التوبة والإقلاع عما سوى اللّه تعالى. وتدل رؤيتهم رضي اللّه عنهم على الخير والبركة حسب منازلهم ومقاديرهم المعروفة في سيرهم وطريقتهم. وربما دلّت رؤية كل واحد منهم على ما نزل به وما كان في أيامه من فتنة أو عدل. ومن رأى أنه حشِر مع أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم فإنه ممن يطلب الاستقامة في الدين. ومن رأى أحداً من الصحابة فليتأول له بالاشتقاق مثل سعد وسعيد فإنه يكون سعيدا. وربما كان له من سيرته وأفعاله نصيب. ومن رأى أحداً منهم حياً، أو أن جميعهم أحياء، دلّت رؤياه على قوة الدين، ودلت على أن صاحب الرؤيا ينال عزاً وشرفاً ويعلو أمره. فإن رأى كأنه صار واحداً منهم تناله شدائد ثم يُرزَق الظفر. وإن رآهم في منامه مراراً ضاقت معيشته. أما الأنصار وأبناؤهم وأحفادهم فرؤيتهم في المنام تدل على التوبة والمغفرة. وتدل رؤية المهاجرين على حسن اليقين والثقة بالله تعالى، والخروج عن الدنيا والزهد فيها، والصدق في القول والعمل.
الخضر عليه السلام
تدل رؤيته في المنام على الرخص بعد الغلاء، والخصب وكثرة النعم، والأمن مما هو فيه من شدة وكآبة. ومن رأى الخضر عليه السلام فيطول عمره ويحج.
دانيال عليه السلام
من رآه في المنام ينال علماً، ويناله الأذى من ملك جبار. ومن رأى كأنه قد حمل دانيال عليه السلام على عاتقه، فوضعه على جدار، أو كلّمه، أو بشّره ببشارة، أو ألعقه بيده عسلاً صار إماماً من أئمة التعبير.
دخول الدار وغيرها
من رأى في المنام أته دخل دار رجل فإنَّه يغلبه على دنياه. ومن رأى أنه دخل دار الإمام، واستقر فيها واطمأن، فإنه يداخله في خواص أمره. ودخول الإمام العدل إلى مكان يدلّ على نزول البركة والعدل فيه. وإن كان إماماً جائرا فدخوله فساد ومصائب، وإن كان قد اعتاد الدخول إلى ذلك المكان فلا يضره. ومن رأى أنَّه دخل الجنة فهو يدخلها إن شاء اللّه تعالى، وذلك بشارة له بها لما قدم لنفسه أو يقدمه من خير. ومن رأى أنه دخل جهنم ثمّ خرج منها، فإن ذلك يراه أصحاب المعاصي والكبائر، وهو نذير ينذره ليتوب ويرجع. وقيل: من دخل جهنم، سواء كان كافراً أو مؤمنا، أصابته الحمى وافتقر وسجن، وإن كان سوقيا أتى كبيرة، أو داخل الكفّار والفجّار وقيل: إنَّ دخول الجنة للحاج دليل على أنَّه يتم حجه، ويصل إلى الكعبة، وإن كان كافراً أسلم، وإن كان مريضاً مؤمنا شفي من مرضه، وإن كان كافراً تخلص من كفره، وإن كان عازباً تزوج، وإن كان فقيراً استغنى، وقد يرث ميراثاً. ومن دخل داراً مجهولة البناء والتربة والموضع والأهل، وكانت منفردة عن الدور، لا سيما إن رأى فيها موتى يعرفهم فهي الدار الآخرة فإنه يموت، فإن دخلها وخرج منها، فإنَّه يشرف على الموت ثم ينجو. ومن رأى نفسه في الدار الآخرة وكان مريضاً أفضى إليها سالماً معافى من فِتَن الدنيا وشرورها، وإن كان غير مريض فهي بشارة على قدر عمله من حج أو جهاد أو زهد أو عبادة أو علم أو صدقة أو صلة أو صبر على مصيبة. ومنٍ رأى أنه يدخل الدار الآخرة ويرى ما فيها فإن الرؤيا فيمن كان حسن الفعال يفعل بعلم واستطاعة، ويدل على بطالة ومضرة، ومن كان خائفاً أو مهموما أو مغموماً ذهب خوفه وهمه وغمه، ومن رأى أنه عاد من الآخرة بعد دخوله إليها، فإنه يرجع من الغربة إلى بلاده. وإن بَعُدَ الوقت دلّ على أنَّه يبقى في الغربة. ودخول مكة في المنام للعاصي توبة، وللكّافر إسلام، وللأعزب زوجة، وإن كان الرائي مخاصماً دلّ على انتصاره في مخاصمته، ويدل دخوله مكة على الأمن من الخوف. ومن دخل مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام وكان خائفاً أمن، وربما دلّ دخول المقام على تولية المنصب الجليل كالملك، أو التصدي لإفادة العلم، أو يرث وراثة من أبيه أو أمه. ودخول البيت والمسجد الحرام دليل على دخول البيت بعروس. ويدل دخول المسجد الحرام على الأمن من الخوف وصدق الوعد. والدخول إلى السوق اجتهاد في طلب الرزق. والدخول إلى الدار يدلّ على قصد الزواج. والدخول إلى المسجد استقالة من الذنوب. والدخول إلى الكنيسة فساد الدين.
يدل في المنام على أسباب العلو والرفعة، والإقبال في الدنيا والآخرة، وربما دلّ على مراحل السفر، ومنازل المسافرين التي ينزلونها منزلة منزلة ومرحلة مرحلة، وربما دلّ على أيام العمر المؤدية إلى النهاية، وقد يدل على خادم الدار، وعلى العبد. فمن صعد درجا مجهولاً، ووصل إلى آخره، وكان مريضاً فإنَّه يموت. وأما النزول من الدرج فإن كان مسافراً قدم من سفر، وإن كان رئيسا نزل عن رئاسته وعُزِل من عمله، وإن كان راكبا مشى على رجليه، وإن كانت له امرأة مريضة هلكت، فنزل عنها إن كان هو المريض فإن كان نزوله إلى مكان معروف أو إلى أهله وبيته أفاق من علته، وإن كان نزوله إلى مكان مجهول لا يدريه، أو إلى قوم موتى كان يعرفهم فكما تقدم، وإن كان سقوطه في حفرة أو بئرِ مطمور إلى أسد افترسه أو إلى طائر اختطفه فإنَ الدرج أيام عمره. والدرج إن كان من لبن كان صالحا، وإن كان من الأجر كان مكروهاً. وقال بعضهم: الدرج أعمال الخير، أولها الصلاة والثانية الصوم والثالثة الزكاة والرابعة الصدقة والخامسة الحج والسادسة الجهاد والسابعة القرآن. وكل المراقي في أعمال الخير إذا كانت من طين أو لبن، ولا خير فيها إذا كانت من آجر. والمراقي في الطين للولي رفعة وعز مع دين، وللتجارة ربح مع دين، وإن كانت من حجارة فإنها رفعة مع قسوة قلب، وإن كانت من خشب فإنها رفعة مع رياء ونفاق، وإن كانت من ذهب فإن صاحبها ينال دوله وخصباً وخيراً، وإن كانت فضة فإنَّه ينال جواري بعدد كل مرقاة، وإن كانت من صغر فإنه ينال متاع الدنيا. ومن صعد مرقاة استفاد فهما وفطنة يرتفع بهما. وقيل: الدرجة رجل زاهد عابد، ومن اقترب منه نال رفعة ونسكاً. وكل درجة للوالي ولاية. والدرج المبني يدل على تيسير الأمور. وإذا صار الدرج الخشبي بناءً دلّ على الثبات في الأمور، وستر ما يُرجَى ستره. والارتقاء في الدرج رفعة ينالها الصاعد تدريجياً. والدرجات منازل في الجنة. ومن ارتقى درجاً بعدها فانَّه يعيش سنين على عددها. والخمس درجات هي الصلوات الخمس، فما حدث فيها من نقص فهو في الصلوات.
الدرهم
يدل في المنام على الولد لمن عنده حامل. وقيل: يدل على الذِكر والتسبيح، وقد يدل على الضرب المؤلم. ومنهم من يرى أن الدراهم لمن أصابها في المنام أنه يصيب مثل عددها في اليقظة. وإن كانت الدراهم في صرة أو في كيس أو جراب فإنه سيودع سراً يحفظه لصاحبه. والدراهم تدل على الكلام، فإن كانت جيادا فإنها علم وكلام حسن وقضاء حاجة أو صلاة. وعدد الدراهم عدد أعمال البر. والدراهم الواسعة تدل على دنيا واسعة. ومَن رأى على عضده دراهم مشدودة فإنها صنعة يكتسبها. ومَن رأى أن له على إنسان دراهم فإن له عليه شهادة حق، فإن أعطاه إيّاها مكسّرة انحرف عن الشهادة. ومَن رأى أن أضاع درهماً صحيحا نصح جاهلا ولم يسمع منه لأنه أضاع الكلام الصحيح. وأصوات الدراهم والدنانير تدل على الكلام الحسن. والدراهم التي لا نقش عليها تدل على كلام فيه ورع. والدراهم التي عليها الصور تدل على بدعة لحاملها وضاربها. والدراهم المقطعة خصومة لا تنقضي. ورؤيا أخذ الدراهم خير من دفعها. ومَن رأى أن معه عشرة دراهم فصارت خمسة فإنه ينقص ماله إلى ذلك الحد، وإن كانت الدراهم خمسة فصارت عشرة زاد ماله إلى ذلك الحد. والدراهم النقية صفاء دِين صاحب الرؤيا وحسن معاملته لكل إنسان، والدراهم المنثورة في المنام كلام حسن. ومَن رأى بيده درهماً فأصبح فلساً أصابه إفلاس، وإن كان بيده فلس فأصبح درهماً نال ربحا وخيراً ونصيحة، وإن عاد درهمه نصفاً فإنه يخسر نصف ما بيده من المال وكذلك أو عاد ربعاً. وإن أصبح الدرهم دينارا فإنه يكسب، وإن أصبح الدرهم قطعة ذهب فهو ذهاب. ووجود الدراهم ربح وسرور. والدرهم البهرج غش وكذب ومخرقة ومعيشة في حرام وإتيان الكبائر. وقيل: مَن أعطي دراهم جيادا فإنه يُبكَى عليه، وإن دفع هو الدراهم إلى أحد بكى عليه. ومن رأى أنه ضاع له درهم أو سرق منه فإنه يشكو ولده أو يصيبه ما يكره منه. ومَن رأى أنه انتزع منه أو ذهب عنه ذهاباً لا رجوع فيه مات ولده. ومَن سرق درهماً وتصدّق به فإنه يروي ما لا يسمعه. وقال بعضهم: الدراهم في الرؤيا دليل شر، وجميع ما خُتِم بالسكة، والدراهم الرديئة كلام سوء. والدراهم مراهم تداوى بها جراح القلوب، وتدرأ عن المحزون الحزن، وتدل أيضاً على الهم. فإن كانت مزيّفة كانت دالة على الغش في القول أو الفعل والنفاق والرياء في العمل. والدراهم الواضحة ولاية أو كورة أو مال مجموع، وتدل على الحبس والضرب، أو على البيع والشراء، وهي أمن من الخوف، أو سعة في الرزق. وإذا كانت الدراهم مخلوطة مع الدنانير دلّت على إجابة الدعاء وقضاء الحاجات والشفاء من الأمراض، والمغشوش منها كلام رديء، أو خادم لا خير منه، وربما دلّت على قضاء الحاجات بشكل عنيف.
الدكان
إذا شوهدت الدكان في المنام على باب الدار فهي صديق لامرأة صاحب الدار، أو صِاحب الرؤيا. ومن رأى أنَه جالس على دكان فإنَه ينال ولاية وعزا وشرفاً ورتبة ونعمة إن كان أهلاً لذلك.
فمن رآه في المنام دلّ على الشهادة. ومن رآه غضبان فإنه يموت على غير توبة. ومَن صارع عزرائيل أو غلبه فإنه ينجو من مرض، وإن غلبه عزرائيل فإنه يموت. وقيل: مَن رأى عزرائيل طال عمره وإن عزرائيل عليه السلام أطول عمراً من جميع الخلائق. وقيل: مَن رأى عزرائيل فإنه يدخل في أمر لا بد له منه. وقيل: رؤياه خوف عظيم. ومَن صار في صورة عزرائيل فإنه يقهر الناس وتجري على يديه أمور عظيمة. ومَن رأى أنه يقبل ملك الموت فيصيبه ميراث. ورؤية عزرائيل عليه السلام دالة على تفرقة الجمع، وموت المرضى، والهدم والحريق، والأخبار المزعجة، مما يوجب الصراخ واللطم والبكاء. وربما دلّت رؤياه على كساد المعاش، والقعود عن الكسب، والسجن ونسيان العلم، وترك الصلاة ومنع الزكاة، وغلاء الأسعار. وربما دلّت رؤيا إسرافيل وعزرائيل على إرغام الأعداء وتكذيب المكذبين بالبعث والنشور.
ومن رأى إسحاق عليه السلام، أصابه شدة في بعض الكبراء أو الأقرباء، ثم يفرج الله عنه ويرزق عزاً وشرفاً وبشراً وبشارة، ويكثر الملوك والرؤساء والصالحون من نسله، هذا إذا رآه على جماله وكمال حاله، فإن رآه متغير الحال ذهب بصره نعوذ بالله.
ومن رأى موسى وهارون عليهما السلام، أو أحدهما، فإنّه يهللك على يديه جبار، ظالْم، وإن رآهما وهو قاصد حرباً رزق الظفر. وحكي أنّ جارية لسعيد بن المسيب، رأت كأنّ موسى عليه السلام ظهر بالشام وبيده عصا، وهو يمشي على الماء. فأخبرت سعيداً برؤياها، قال إن صدقت رؤياك فقد مات عبد الملك بن مروان. فقيل لْه بم علمت ذلك؟ قال: لأنّ الله تعالى بعث موسى ليقصم الجبارين، وما أجد هناك إلا عبد الملك بن مروان، فكان كما قال.
ومن رأى أيوب عليه السلام، ابتلى في نفسه وماله وأهله وولده، ثم يعوضه الله من كل ذلك، ويضاعف له، لقوله تعالى: " ووهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ ومِثْلَهُمْ " .
فإن رأى كأنّه يدعو لنفسه خاصية، رزق ولداً لقوله تعالى: " إذْ نَادى رَبّهُ نِدَاءً خَفِيّاً " .
فإن كان يدعو ربه في ظلمة ينجو من غم، لقوله تعالى: " فَنَادى في الظُلَماتِ " . وحسن الدعاء دليل على حسن الدين، والقنوت دليل على الطاعة، وكثرة ذكر الله تعالى دليل على النصر، لقوله تعالى: " وَذَكَرُوا الله كَثِيراً واْنَتَصرُوا مِنْ بَعْد ما ظُلِموا " .
إن رأى دبره فإنّه يناله منه أدبار، إن كان شاباً. وإن كان شيخاً معروفاً، فإنه يوقعه هو بعينه في أدبار، وإن كان مجهولاً فإنّه ينال ادباراً من حيث لا يشعر. فإن كشف عنه رجل حتى أظهر عجزه، فإنه يفضحه في أهله.
أما الدمع: فالبارد منه فرح، والحار غم، ومن رأى الدمع على وجهه من غير بكاء، فإنّه يطعن في نسبه، وينفذ فيه القول من طاعته. فإن رأى الدموع تمور في عينيه، فإنّه يدخر مالاً حلالاً في أمر الدين، لا يريد إظهاره فإن سال على وجهه، فإنه يطيب قلباً بإنفاقه.
وأما الدم الفاسد: فإنه يدل على المرض في جميع الناس عاماً. فإن كان الدم قليلاً كالنفثة، دل على أهل البيت والقرابة، وعلى نيل الشر ثم يتخلص منه. وقيل أنّ قيء الدم توبة من إثم أو مال حرام، ويؤدي أمانة في عنقه.
وأما البول: فهو في التأويل مال حرام، فمن رأى كأنّه بال في موضع مجهول تزوج في ذلك الموضع امرأة، ويلقي فيها نطفته بمصاهرة أهل الموضع أو جاره، وقيل رأى كأنّه يبول، فإنّه ينفق نفقة تعود إليه، لقوله تعالى: " وَمَا أنْفَقْتم مِنْ شَيءٍ فهوَ يخلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقين " . فإن رأى كأنّه بال في بئر فإنّه ينفق من كسب مال حلال. فإن رأى كأنّه بال على سلعة، فإنّه نجس على تلك السلعة فإن بال في محراب، فإنّه يولد له ولد عالم.
ومن رأى أنه قد أُغشي عليه، فلا خير فيه ولا يحمد في التأويل والقوة، تدل على اطهار بدعة تحل به عقوبة الله تعالى، وقيل عامة الأمراض، في الدين، لقول الله تعالى: " في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ " . إلا أنّها توجب صحة البدن. فإذا رأى هذه الرؤيا من كان في حرب، أصابه جراحة. لقوله تعالى: " أوْ كُنْتُم مَرْضَى أنْ تَضَعُوا أسلحتكم " .
يعني جرحى.
فإن رأى كأنّه سرح الدم بعد الفصد، فإنّه يتوب من ذنب، لأنّ خروج الدم توبة. فإن كان الدم أسوِد، فإنّه مصر على ذنب عظيم لأنّ الدم إثم وخروجه توبة. فإن رأى كأنّه أخذ مبضعاً ففصد به امرأته طولاً، فإنّها تلد بنتاً. وإن فصدها عرضاً، فإنّه يقطع بينها وبين قراباتها. فإن رأى كأنّه ينوي الفصد فإنّه ينوي أن يتوب.
ضرب الدف: هم وحزن ومصيبة، وشهرة، لمن يكون معه، فإن كان بيد جارية، فهو خير ظاهر مشهور على قدر هيئتها وجوهرها، وهو ضرب باطل مشهور، وإن كان مع امرأة فإنّه أمر مشهور وسنة مشهورة في السنين كلها. وإن كان مع رجل فإنّه شهرة، والمعازف والقيان كلها في الأعراس مصيبة لأهل تلك الدار.
الدراعة: امرأة أو نجاة من هم وكرب، فإن كان عليه دراعة وبيده قلم وصحيفة، فإنّه قد أمن الفقر بالخدمة للملك.
وأما الفرو في الشتاء فخيريصيبه وغنى، وفي الصيف خير يصيبه في غم.
أما الديباج والحرير: وجميع الثياب الإبريسم لا يصلح لبسها للفقهاء، فإنّه يدل على طلبهم الدنيا ودعوتهم النساء إلى البدعة، وهي صالحة لغير الفقهاء، فإنّها تدل على أنّهم يعملون أعمالاً يستوجبون بها الجنة، ويصيبون مع ذلك رياسة. وتدل أيضاً على التزوج بامرأة شريفة، أو شراء جارية حسناء.
من رأى كأنّه يصنع درعاً: فإنّه يبني مدينة حصينة. ولبس الدرع أيضاً يدل على أخ ظهير، أو ابن شفيق. ولبسه للتجارة فضل يصير إليه من تجارة دائمة، وأمن وحفظ. وقيل الدرع مال وملك. وقيل إنّ ما كان من السلاح تغطي مثل الترس والبيضة والجوشن والصدور والساق، فإنّه يدل على ثياب كسوة، والجوشن مثل الدرع، إلا أنّه أحصن وأحفظ وأقوى. وقيل إنّ لبسه يدل على التزويج بامرأة قوية عزيزة، وحسناء ذات مال. وأما المغفر والبيضة، فمن رأى على رأسه مغفراً أو بيضة، فإنّه يأمن نقصان ماله، وينال عزاً وشرفاً. وقيل إنّ البيضة إذا كانت ذات قيمة مرتفعة، دلت على امرأة غنية جميلة، وإذا كانت غير مرتفعة، دلت على امرأة قبيحة وقيل من رأى بيضة حديد، بلغ وسيلة عظيمة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رأيت كأنّي في درع حصينة، فأولتها المدينة. وأني مردف كبشاً، فأولته كبش الكتيبة. ورأيت كأنّ بسيفي ذي الفقار فلاً، فأولته فلاً يكون فيكم. ورأيت بقراً تذبح، فأولته القتلى من أصحابي " .
والساعدان من الحديد هما من رجال قراباته، فمن رؤي عليه ساعدان، فإنّه يقوى على يدي رجل من قراباته. وقيل إنّه يصحب رجلين قويين عظيمين وربما وقع التأويل على ابنه أو أخيه. ومن رأى عليه ساقين من حديد، فهما ولد وقوة في سفر.
قيل من شرب دم الناس ارعوى من إثم ونجا منه. ومن وقع في بئر من دم فإنّه يبتلى بدم أو مال حرام. وسيلان الدم من الجسم صحة وسلامة. وإن كان غائباً رجع من سفره سالماً.
وذكر رجل من الأزد قال: صلّى معنا رجل من عظمائنا صلاة العشاء الآخرة صحيحاً بصيراً، فأصبح وهو أعمى، فأتنياه وقلنا له ما هذا الذي طرقك؟ قال: أتيت في منامي فأخذت، فذهب بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا هو قاعد وبين يديه طشت مملوء دماً، قال إنك كنت فيمن قاتل الحسين؟ قلت نعم، فأخذ إصبعي هاتين يعني السبابة والوسطى فغمسهما في الدم ثم قال بهما هكذا في عيني. وأومأ بإصبعيه، قال: فأصبحت لا أبصر شيئاً.
وجاء رجل إلى ابن المسيب فقال: رأيت كأنّ في يدي قطرة من دم، وكلما غسلتهما ازدادت إشراقاً. فقال: أنت رجل تنتفي من ولدك فاتق الله واستلحقه.
وقال سفيان رأيت كأنّ على ثوبي دماً، فلما أصبحت خرجت إلى المسجد، وكان على بابه معبر فقصصت رؤياي عليه، فقال: يكذب عليك. فكان كما قال.
وأما ضراب الدراهم والدنانير، فقد قال ابن سيرين أنّه صاحب نميمة وغيبة ينقل الكلام. وقيل أنّ الضراب رجل بار لطيف الكلام إذا لم يأخذ عليه أجراً، وقيل هو رجل يفتعل الكلام جيداً حسناً. فإن رأى أنّه يضرب الدنانير والدراهم بباب الإمام وكان أهلاً للولاية نالها. وقيل إن ضراب الدنانير يحافظ على الصلوات ويؤدي الأمانة وضرب الدراهم الرديئة كلام رديء وقول بلا عمل.
الدجاجة: امرأة رعناء حمقاء، ذات جمال، من نسل مملوك أو من أولاد أمة أو سرية، أو خادمة، ومن ذبحها افتض جارية عذراء، ومن صادها أفاد مالاً حلالاً هينئاً، ومن أكل لحمها فإنّه يرزق مالاً من جهة العجم، ومن رأى الدجاجة والطاوسة يهدران في منزله، فإنّه صاحب بلايا وفجور، وقيل الدجاجة وريشها مال نافع.
الدور: وأما الدور، فهي دالة على أربابها، فما نزل بها من هدم أو ضيق أو سعة أو خير أو شر، عاد ذلك على أهلها وأربابها وسكانها. والحيطان رجال، والسقوف نساء، لأنّ الرجال قوامون على النساء، لكونها من فوقها، ودفعها للاسواء عنها، فهي كالقوام، فما تأكدت دلالته رجع إليه وعمل عليه. وتدل دار الرجل على جسمه وتقسيمه وذاته، لأنّه يعرف بها وتعرف به، فهي مجده وذكره واسمه وسترة أهله، وربما دلت على ماله الذي به قوامه، وربما دلت على ثوبه لدخوله فيه، فإذا كانت جسمه، كان بابها وجهه، وإذا كانت زوجته، كان بابها فرجه، وإذا كانت دنياه وماله، كان بابها الباب الذي يتسبب فيه ومعيشته، وإذا كانت ثوبه، كان بابها طوقه.
وقد يدل الباب إذا انفرد على رب الدار، وقد يدل عليه منه الفرد الذي يفتح ويغلق، والفرد الآخر على زوجته الذي يعانقها في الليل، وينصرف عنها في الدخول والخروج بالنهار، ويستدل فيها على الذكر والأنثى بالشكل والغلق، فالذي فيه الغلق هو الذكر، والذي فيه العروة هو الأنثى زوجته، لأنّ القفل الداخل في العروة ذكر، ومجموع الشكل إذا انفلق كالزوجين، وربما دلا على ولدي صاحب الدار ذكر وأنثى، وعلى الأخوين والشريكين في ملك الدار.
وأما اسكفة الباب ودوراته وكل ما يدخل فيه منه لسان، فذاك على الزوجة والخادم، وأما قوائمه، فربما دلت على الأولاد الذكران أو العبيد والأخوة والأعوان. وأما قوائمه وحلقة الباب، فتدل على إذن صاحبه وعلى حاجبه وخادمه، فمن رأى شيئاً من ذلك نقصاً أو حدوثاً أو زيادة أو جدة، عاد ذلك على المضاف إليه بزيادة الأدلة وشواهد اليقظة.
وأما الدار المجهولة سوى المعروفة، فهي دار الآخرة، لأنّ الله تعالى سماها داراً فقال: " وتلكَ الدّارُ الآخِرة " . وكذلك إن كانت معروفة لها اسم، تدل على الآخرة، كدار عقبة أو دار السلام، فمن رأى نفسه فيها وكان مريضاً، أفضى إليها سالماً معافى من فتن الدنيا وشرها، وإن كان غير مريض، فهي له بشارة، على قدر عمله، من حج أو جهاد أو زهد أو عبادة أو علم أو صدقة أو صلة أو صبر على مصيبة، يستدل على ما أوصله إليها، وعلى الذي من أجله بشر به زيادة الرؤيا وشواهد اليقظة، فإن رأى معه في المنام كتباً يتعلمها فيها، فعلمه أداه إليها. وإن كان فيها مصلياً، فبصلاته نالها، وإن كان معه فرسه وسيفه، فبجهاده بلغها، ثم على المعنى، وأما اليقظة، فينظر إلى أشهر أعمالها عند نفسه وأقربها بمنامه من سائر طاعاته، إن كانت كثيرة ففيها كانت البشارة في المنام.
وأما من بنى داراً غير داره في مكان معروف أو مجهول، فانظر إلى حاله، فإن كان مريضاً أو عنده مريض، فذلك قبره، وإن لم يكن شيء من ذلك، فهي دنيا يفيدها إن كانت في مكان معروف، فإن بناها باللبن والطين، كان حلالاً وإن كانت بالآجر والجص والكلس، كانت حراماً من أجلِ النار التي توقد على عمله. وإن كان بناؤه الدار في مكان مجهول ولم يكن مريضاً، فإن كانت باللبن فه وعمل صالح يعمله للآخرة، أو قد عمله. وإن كانت بالآجر، فهي أعمال مكروهة يندم في الآخرة عليها، إلا أن يعود إلى هدمها في المنام، فإنّه يتوب منها، وأما الدار المجهولة البناء والتربة والموضع والأهل المنفردة عن الدور، ولا سيما إن رأى فيها موتى يعرفهم، فهي دار الآخرة، فمن رأى أنّه دخلها، فإنّه يموت إن لم يخرج منها، فإن دخلها وخرج منها، فإنّه يشرف على الموت ثم ينجو، ومن رأى أنّه دخل داراً جديدة كاملة المرافق وكانت بين الدور في موضع معروف، فإن كان فقيراً استغنى، وإن كان غنياً ازداد غنى، وإن كان مهموماً فرجِ عنه، وإن كان عاصياً تاب، وعلى قدر حسنها وسعتها، إن كان لا يعرف لها صاحباَ، فإن كان لها صاحب، فهي لصاحبها، وإن كانت مطينة، كان ذلك حلالاً، وإن كانت مجصصة كانت ذلك حراماً.
ولسعة الدار سعة دنياه وسخاؤه، وضيقها ضيق دنياه وبخله، وجدتها تجديد عمله، وتطيينها دينه، وأما إحكامها فإحكام تدبيره، ومرمتها سروره، والدار من حديد طول عمر صاحبها ودولته. ومن خرج من داره غضبان، فإنّه يحبس، لقوله تعالى: " وذا النوِن إذ ذهب مغاضبا " . فإن رأى أنّه دخل دار جاره، فإنّه يدخل في سره. وإن كان فاسقاً فإنّه يخونه في امرأته ومعيشته.
وبناء الدار للعزب امرأة مرتفعة يتزوجها، ومن رأى داراً من بعيد نال دنيا بعيدة، فإن دخلها وهي من بناء وطين ولم تكن منفردة عن البيوت والدور، فإنّه دنيا يصيبها حلالاً. ومن رأى خروجه من الأبنية مقهوراً أو متحولاً، فهو خروجه من دنياه أو مما يملك على قدر ما يدل عليه وجه خروجه.
حكي أن رجلاً من أهل اليمن أتى معبراً فقال: رأيت كأني في دار لي عتيقة فانهدمت علي. فقال: تجد ميراثاً، فلم يلبث أن مات ذو قرابة فورثه ستة آلاف درهم. ورأى آخر كأنه جالس على سطح دار من قوارير، وقد سقط منه عريان فقص رؤياه على معبر فقال: تتزوج امرأة من دار الملك جميلة ولكنها تموت عاجلاً، فكان كذلك.
وبيوت الدار نساء صاحبها، والطرز والرقاق رجال، والشرفات للدار شرف الدنيا ورياسة، وخزانها أمناؤه على ماله من أهل داره، وصحتها وسط دولة دنياه، وسطحها اسمه، ورفعته، والدار للإمام العدل ثغر من ثغور المسلمين، وهدم دار الملك المتعزز نقص في سلطانه. وكون الرجل على سطح مجهول نيل رفعة واستعانة برجل رفيع الذكر، وطلب المعونة منه.
وقالت النصارى من رأى كأنّه يكنس داره أصابه غم أو مات فجأة، وقيل إنّ كنس الدار ذهاب الغم، و الله أعلم بالصواب، وقيل إنّ هدم الدار موت صاحبها.
الدرج: تدل على أسباب العلو والرفعة والإقبال في الدنيا والآخرة، لقول معرب: ارتفعت درجة فلان، وفلان رفيع الدرجة. وتدل على الإملاء والاستدراج لقوله تعالى: " سَنَسْتَدْرِجُهمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُون " . وربما دلت على مراحل السفر ومنازل المسافرين التي ينزلونها منزلة منزلة ومرحلة مرحلة. وربما دلت على أيام العمر المؤدية إلى غايته. ويدل المعروف منها على خادم الدار وعلى عبد صاحبها ودابته، فمن صعد درجاً مجهولاً نظرت في أمره، فإن وصل إلى آخره وكان مريضاً مات، فإن في دخل في أعلاه غرفة وصلت روحه إلى الجنة، وإن حبس دونها حجب عنها بعد الموت، وإن كان سليماً ورام سفراً خرج لوجهه ووصل على الرزق إن كان سفره في المال، وإن كان لغير ذلك استدلت بما أفضى إليه أو لقيه في حين صعوده، مما يدل على الخير والشر وتمام الحوائج ونقصها، مثل أن يلقاه أربعون رجلاً أو يجد دنانير على هذا العدد، فإنَّ ذلك بشارة بتمام ما خرج إليه، وإن كان العدد ثلاثين لم يتم له ذلك، لأنّ الثلاثين نقص، والأربعون تمام، أتمها الله عزّ وجلّ لموسى بعسر، ولو وجد ثلاثة وكان خروجه في وعدٍ تم له، لقوله تعالى في الثلاثة: " ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوب " . وكذلك إن أذن في طلوعه وكان خروجه إلى الحج، تم له حجه، وإن لم يؤمل شيئاً من ذلك، ولا رأى ذلك في أشهر الحج، نال سلطاناً ورفعة، إما بولاية أو بفتوى أو بخطابة أو بأذان على المنار، أو ينجو ذلك من الأمور الرفيعة المشهورة.
وأما نزول الدرج، فإن كان مسافراً قدم من سفر، وإن كان مذكوراً رئيساً نزل عن رياسته. وعزل عن عمله، وإن كان راكباً مشى راجلاً، وإن كانت له امرأة عليلة هلكت، وإن كان هو المريض نظرت، فإن كان نزوله إلى مكان معروف، أو إلى أهله وبيته، أو إلى تبن كثير أو شعير، أو إلى ما يدل على أموال الدنيا وعروضها، أفاق من علتها. وإن كان نزوله من مكان مجهول لا يدريه أو برية أو إلى قوم موتى قد عرفهم ممن تقدمه، أو كان سقوطه تكويراً، أو سقط منها في حفرة أو بئر أو مطمورة، أو إلى أسد افترسه، أو إلى طائر اختطفه، أو إلى سفينة مرسية أقلعت به، أو إلى راحلة فوقها هودج، فسارت به، فإنّ الدرج أيام عمره، وجميع ما أنزل إليه منها موته حين تمّ أجله وانقضت أيامه. وإن كان سليماً في اليقظة من السقم، وكان طاغياً أو كافراً، نظرت فيما نزل إليه، فإن دلّ على الصلاح كالمسجد والخصب والرياض والاغتسال ونحو ذلك، فإنّه يسلم ويتوب، وينزل عما هو عليه ويتركه ويقطع عنه وإن كان نزوله إلى ضد ذلك مما يدل على العظائم والكبائر والكفر، كالجدب والنار العظيمة المخيفة والأسد والحيات والمهاوي العظام، فإنه يستدرج له ولا يؤخذ بغتة حتى يرد عليه ما يهلك فيه، ويعطب عنده ولا يقدر على الفرار منه.
وتجدد بناء الدرج، يستدل به على صلاح ما يدل عليه من فساده، فإن كان من لبن كان صالحاً، وإن كان من آجر كان مكروها. وقال بعضهم: الدرجة أعمال الخير أولها الصلاة والثانية الصوم والثالثة الزكاة والرابعة الصدقة والخامسة الحج والسادسة الجهاد والسابعة القرآن. وكل المراقي أعمال الخير لقوله صلى الله عليه وسلم: اقرأ وارق: فالصعود منها إذا كان من طين أو لبن، حسن الدين والإسلام، ولا خير فيها إذا كانت من آجر، وإن رأى أنّه على غرفة بلا مرقاة ولا سلم صعد فيه، فإنه كمال دينه وارتفاع درجته عند الله لقوله تعالى: " نرفع درجات من نشاء " .
والمراقي من طين. للوالي رفعة وعز مع دين، وللتجار تجارة مع دين وإن كانت من حجارة، فإنه رفعة قساوة قلب. وإن كانت من خشب، فإنّها مع نفاق ورياء. وإن كانت من ذهب، فإنّه ينال دولة وخصباً وخيراً. وإن كانت من فضة، فإنه ينال جواري بعدد كل مرقاة، وإن كانت من صفر، فإنّه ينال متاع الدنيا. ومن صعد مرقاة استفاد فهماً وفطنة يرتفع به. وقيل الدرجة رجل زاهد عابد، ومن قرب منه نال رفعة ونسكاً، لقوله تعالى: " يَرْفعُ الله الّذِينَ آمنوا مِنْكُمْ والّذِينَ أوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ " . وكل درجة للوالي ولاية سنة.
والسلم الخشب: رجل رفيع منافق، والصعود فيه إقامة بنية، لقوله تعالى: " أوّ سلُماً في السّماءِ فَتَاتِيهُمْ بآية " . وقيل انّ الصعود فيه استعانة بقوم فيهمِ نفاق، وقيل هو دليل سفرِ. فإن صعد فيه ليستمِع كلاماً من إنسان، فإنّه يصيب سلطاناً لقوله: " أمْ لَهُمْ سُلّم يَسْتمِعونَ فيهِ فَلْيَأتِ مُسْتمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مبِينِ " . وقال رجل لابن سيرين: رأيت كأنّي فوق سلم، فقال: أنت رجل تستمع علىَ الناس. والسلم الموضوع على الأرض مرض، وانتصابه صحة.
الطاق: الواسعة دليل على حسن خلق المرأة، والضيقة دليلِ على سوء خلقها. والرجل إذا رأى أنّه جالس في طاق ضيق، فإنّه يطلق امرأته جهاراً، وإن كان موضعه من الطاق واسعاً، فإنّ المرأة تطلق من زوجها سراً. والصفة رئيس يعتمده أهل البيت.
مرافق الدار: المطبخ: طباخة. والمبرز: امرأة، فإن كان واسعاً نظيفاً غير ظاهر الرائحة، فإنّ امرأته حسنة المعاشرة، ونظافته صلاحها، وسعته طاعتها، وقلة نتنه حسن بنائها. وإن كان ضيقاً مملوءاً عذرة لا يجد صاحبه منه مكاناً يقعد فيه، فإنّها تكون ناشزة. وإن كانت رائحته منتنة فإنّها تكون سليطة وتشتهر بالسلاطة. وعمق بئرها تدبيرها وقيامها في أمورها. وإن نظر فيها فرأى فيها دماً فإنّه يأتي امرأته وهي حائض، فإن رأى بئرها قد امتلأت فإنّه تدبيرها ومنعها للرجل من النفقة الكبيرة مخافة التبذير، فإن رأى بيده خشبة يحرك بها في البئر، فإنّ في بيته امرأة مطلقة. فإن كانت البئر ممتلئة لا يخاف فورها، فإنّ امرأته حبلى. ومن رأى أنّه جعل في مستراح، فإنّه يمكر به، فإن أغلق عليه بابه، فإنّه يموت. وقد تقدم في ذكر الكنيف والمبرز في أول الباب ما فيه كفاية.
وأما الدنانير: فإنّ الدينار الأحمر العتيق الجيد دين حنيفي خالص، والدينار الواحد ولد حسن الوجه، والدنانير كنز وحكمة أو ولاية وأداء شهادة، فمن رأى أنّه ضيع ديناراً مات ولد أو ضيع صلاة فريضة. والدنانير الكثيرة إذا دفعت إليك أمانات وصلوات، ومن رأى أنّه ينقل إلى منزله أوقار دنانير فهو مال ينقلِ إليه، لقوله تعالى: " فالحامِلاتِ وِقْرا " . فإن رأى في يده ديناراً فإنّه قد ائتمن إنساناً على شيء فخانه.
الدملج: فهو للنساء زينة وفخر وجمال، وإن عدد عليهن فهو افتتاح خيرهن وسرورهن من قيمهن. والدملج للرجال قوة على يد أخيه، لأنّ العضد أخ وكذلك الساعد. وإن كان من ذهب ورأى كأنّه عليه، دل على أنّه يضرب بالسياط، والضيق منه أقوى في التأويل.
الدلو: رجل يستخرج أموالاً بالمكر، فمن رأى أنّه يدلو من بئر ماء ويحوي الماء في إنائه، فإنّه يحوي مالاً من مكر. فإن رأى أنّه يفرغه في غير إناء، فإنّه لم يلبث معه ذلك الماء حتى يذهب وتذهب منافعه عنه. فإن سقاه بستانه فإنّه يصيب به امرأة ويصيب منها إصابة. فإن أثمر البستان أصاب منها ولداً على نحو ما يرى من تمام ذلك. فإن رأى بئراً عتيقة فسقى منها إبلاً أو أناساً أو بهائم، فهو يعمل خير الأعمال وأشرفها من البر على قدر قوته وجده فيه، وهو بمنزلة الراعي الذي يفرغ الماء من البئر على رعيته من الإبل والشاء. ومن رأى أنّه يدلو من بئر عتيقة ويسقي الحيوان، فهو مراء لدين أو لدنيا بقدر قوته عليها. وإن رأى أنّه يدلو لنفسه خاصة، فهو يبلغ في عمله بمصلحة دنيا بمقدار قوته لنزعة الدلو لدنياه خاصة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت كأني على قليب أنزع على غنم سود، ثم أخذ أبو بكر الدلو بعد ونزع ذنوباً أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف و الله يغفر له، ثم أخذ الدلو من بعده عمر بن الخطاب وخالط الغنم غنم بيض فاستحالت الدلو في يده غرباً، فلم أر عبقرياً من الرجال يفري فريك يا ابن الخطاب.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن عباس فقال: رأيت كأنّي أدليت دلواً في بئر وامتلأ ثلثا الدلو وبقي الثلث. فقال: غبت عن أهلك منذ ستة أشهر وامرأتك حامل وستلد لك غلاماً. فقال: ما الدليل؟ قال: لأني جعلت البئر امرأة، والبشارة التي كانت في الجب كان يوسف عليه السلام، فعلمت أنّه غلام، وأما ثلثا الدلو فستة أشهر، والثلث الباقي ثلاثة أشهر. فقال: صدقت قد ورد كتابها بأنّها حامل منذ ستة أشهر.
الدخان: هول وعذاب من الله تعالى وعقوبة من السلطان. فمن رأى دخاناً يخرج من حانوته فإنّه يقع فيه خير وخصب بعد هول وفضيحة، ويكون ذلك من قبل السلطان. فإن كان دخان تحت قدر فيها لحم نضيج، فإنّه خير وخصب وفرج بعد هول يناله. ومن رأى الدخان قد أضله، فهو حمى تأخذه. ومن أصابه حر الدخان، فهو غم وهم.
والحطب: نميمة، وإيقاده بالنار سعاية إلى السلطان.
والمذبة: دالة على الرجل الذاب والرجل المحب.
وأما المروحة: فتدل على كل من يستراح إليه في الغم والشدة.
والدرج: بشارة تصل بعد أيام، خصوصاً إذا كان فيه لؤلؤ وجوهر. وكذلك تخت الثياب.
ومن رأى المصطفى صلى الله عليه وسلم فإنه يحصل له الفرج بعد الغم ويقضى دينه، وإن كان محبوساً أو مقيداً فإنه يخلصه من حبسه وقيده ويأمن من خوفه، وإن كان في ضيق وقحط توافرت النعمة والخير عليه، وأما إذا كان غنياً فإنه يزداد غنى وقال أبو هريرة رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل بي وقيل رؤيته عليه السلام تدل على سعادة العقبى، وقيل ان كان مغلوباً ينتصر على أعدائه وإن كان مريضاً شفاه الله تعالى.
ومن رأى أن النور يصعد من ضريح النبي صلى الله عليه وسلم فإنه بهاء في دينه وذاته، ومن رأى أنه بين القبر والمنبر فإنه يدل على أنه من أهل الجنة لقوله عليه السلام: ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة.
وما هو خلف المدينة فإنه امرأة وكل شيء يتعلق بالسور من القريب والبعيد والدون والجيد والزائد والناقص فإن رؤياه من الخير والشر على هؤلاء المذكورين، وأما الشراريف والمساقط فلهما تعبير بمفردهما.
وقيل من رأى أنه يحاصر قوما ورمى عليهم بأنواع آلات القتال فإنه ينازع مع قوم ويرميهم بالكلام فإن أصاب ما رمى به شيئا أثر كلامه، وإن لم يصب لم يؤثر وكذلك ان رأى أنه يرمي عليهم من أعلى شيء مما ذكر.
وقيل من رأى أنه على تل ولا يستطيع النزول من عليه فإنه موته، وقيل صعود التل زواج بامرأة شريفة القدر أو حصول أمل وهو على كل حال محمود ما لم يكن فيه ما ينكر مثله في اليقظة.
ومن رأى أن ماء البحر هاج وتلاطمت أمواجه واسودت به الدنيا فإنه دليل على الفساد والعصيان وكثرة الاثم والذنوب لقوله تعالى " يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب " .