وقال جعفر الصادق رؤيا الملح الأبيض على خمسة أوجه دراهم وحياء وفعل خير ومال كثير وخادم حسن والملح المر يؤول على خمسة أوجه دراهم مردودة وكلام سيء وحزن وغم وعدم حركة.
الحلم بثعلب الماء غاطساً وسابحاً في الماء يعني السعادة والحظ الجيد. إذا كنت عازباً فهذا يعني أنك ستتزوج بعد فترة قصيرة وتعيش سعيداً. وبالنسبة للزوجات عليهن بعد هذا الحلم أن يتوقعن حب وعطف أزواجهن.
ومن رأى ماء محرزا في شيء من الأشياء فهو دليل عمره فما شربه منه وكان قدر ما مضى من عمره، وإن تأخر منه شيء تؤول على قدره، وإن شرب الجميع دل على فراغ أجله، وأما جميع المياه التي تستخرج بالعلاج من أي شيء كان فهو رزق ومنفعة.
وقال ابن سيرين رؤيا الرياحين والمشمومات جملة إذا كانت مقتطفة فيحتاج إلى اعتبارها إذا كانت قليلة فإنه سريع، وإن كانت تمكث فهو هم بطيء، وأما المنثور فهو على ثلاثة أوجه أما رؤيا الأصفر منه فيدل على تغير اللون، وأما الأحمر والأصفر فلا بأس برؤيتهما، وأما البان فإنه يدل على الثناء الحسن.
ومن رأى أن في ذلك ماء يسقى به شجره أو شجرا أخضر فإنه يدل على تقربه إلى ملك ذلك المكان وتصرفه في أمور مملكته ان كان أهلا لذلك، وإن لم يكن أهلا فهو حصول نعمة على كل حال.
ومن رأى أن له ماء ورد كثيرا يعطي لكل أحد منه فإنه يدل على انتشار اسمه في ذلك المكان بالخير والاحسان ويمدحه كل الناس وإن كان عالما فإن الناس ينتفعون بدعائه.
ومن رأى أنه حوسب وقع في محنة وعذاب ومن رأى ميزانه قد رجح حسن عمله وأطاع به وإلا فعلى قدر ما رآه ومن رأى الميزان دل على انبساط العدل وارتفاع الظلم ومن رأى أنه مر على الصراط سليما نجا من شدة وفتن وبلاء وإن سقط منه في النار يقع في فتنة وبلاء وإن رأى أنه قائم عليه تستقيم على يديه أمور معوجة ومن رأى أنه شرب من الحوض فإنه يموت على الإسلام
وأما التقوى فإنها السبب الأقوى قال بعض المعبرين رؤية أهل التقى خير وأما المعصية فتعبيرها ضد ذلك وربما دلت رؤية من يرتكب شيئا من ذلك على خلل الأمور وانعكاس الأحوال إلا أن يكون من أهل التقى
هل تعبر الرؤيا بشكل واحد , أم تختلف حسب الزمان والمكان والهيئات ؟
مما ينبغي أن يفهمة المعبر وأن يعية جيدا ; أن الرموز قد تختلف حسب الزمان والمكان , ولذا فقد يعبر المعبر رؤيا في وقت أو مكان معينين بتعبير , ويعبر نفس الرؤيا بتعبير مختلف , بسبب اختلاف الزمان أو المكان , وهذا بالمناسبة يحصل كثيرا , وقد يعجب منة البعض من قليلي البضاعة في العلم .
كما أن صاحب الرؤيا ايضا لة دور في اختلاف التعبير ; حسنا أو سوء حسب صلاحة وعدالتة ونحو ذلك من أمور تتعلق بالرائي , ولعل مما يذكر هنا تأييد لما قلتة , قصة الطفيل حين خرج مع جيش المسلمين في قتال المرتدين في اليمامة , وكان معة ابنة عمرو بن الطفيل , قال الطفيل رضي الله عنة :
قال : وخرجت الي بعث مسيلمة ومعي ابني عمرو ، حَتَّى إذا كنت ببعض الطريق رأيت رؤيا ، رأيت كأن رأسي حلق ، وخرج من فمي طائر ، وكأن امرأة أدخلتني في فرجها ، وكأن ابني يطلبني طلبا حثيثا ، فحيل بيني وبينه ، فحدثت بِهَا قومي ، فقالوا : خيرا ، فقلت : أما أنا فقد أولتها ، أما حلق رأسي فقطعه ، وأما الطائر فروحي ، والمرأة الأرض أدفن فيها ، فقد روعت أن أقتل شهيدا ، وأما طلب ابني إياي ، فما أراه إلا سيعذر في طلب الشهادة ، ولا أراه يلحق في سفره هَذَا ، قَالَ : فقتل الطفيل يوم اليمامة ، وجرح ابنه ، ثم قتل يوم اليرموك شهيدا في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنة .
قال ابن القيم في "زاد المعاد " بعد القصة (3627) :
واما تعبيرة حلق رأسة بوضعة ,فهذا لأن حلق الرأس وضع شعره على الأرض وهو لا يدل بمجرده على وضع رأسه، فإنه دال على خلاص من همٍّ أو مرض أو شدة لمن يليق به ذلك، وعلى فقر ونكد وزوال رياسة وجاه لمن لا يليق به ذلك، ولكن في منام الطفيل قرائن اقتضت أنه وضع رأسه، منها: أنه كان في الجهاد ومقاتلة العدو ذي الشوكة والبأس. ومنها: أنه دخل في بطن المرأة التي رآها وهي الأرض التي هي بمنزلة أمه، ورأى أنه قد دخل في الموضع الذي خرج منه، وهذا هو إعادته إلى الأرض، كما قال تعالى: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم} طه : 155، فأول المرأة بالأرض إذ كلاهما محل الوطء، وأول دخوله في فرجها بعوده إليها كما خلق منها، وأول الطائر الذي خرج من فيه بروحه، فإنها كالطائر المحبوس في البدن، فإذا خرجت منه كانت كالطائر الذي فارق حبسه فذهب حيث شاء؛ ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم "أن نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة ",
اخرجة أحمد والنسائي ومالك . ومعني يعلق : أي يأكل ويرعي.
فتأمل كلام ابن القيم هذا وتعلم أن تعبر و تقيس كل رؤيا حسب صاحبها والزمن الذي رئيت فيه، وتأمل مدارسة الصحابة بعضهم البعض في علم تعبير الرؤى، لتعلم أن هذا علم يمكن تعلمه وتعليمه ولو خالفنا في هذا الرأي من خالفنا، والله أعلم.
ومن رأى أنه دخل ماء وهو بثيابه ولم تبتل أو كان مستورا فإنه يؤول بقوة الدين وصحة اليقين والتوكل على الله في جميع الأمور وتكون أموره مستقيمة في الدنيا والآخرة.
ومن رأى أنه شرب ماء أكثر مما يشربه في اليقظة فإن عمره يطول، وإن شرب الماء صافيا فإنه يدل على سلامته من عدو ودفع كد وشدة في المعيشة، وبسط اليد في الماء تصرف في الأمور.
ومن رأى أنه أحرز ماء بمالا يمكن الحرز فيه فإنه يعتمد على من لا ينفعه، وأما الماء إذا كان في شيء من الأواني فيؤول بكل واحد على قدر ما يأتي في فصله في الباب الثاني والسبعين.
ومن رأى تبنا على وجه ماء فتعبير ذلك الماء ان كان بحرا بالملك أو نهرا فهو رؤياه كما تقدم أو غيره مما ذكرناه في الباب الثامن والثلاثين فيكون تأويل ذلك أن من ينسب إليه ذلك الماء الذي على وجه التبن فهو غشاش ظاهره يخالف باطنه لما هو جار بين الناس: كأنك ماء تحت تبن، وربما كان من جمعه من وجه الماء يحصل له مال ينسب إليه ذلك وفي الجملة ليس بمحمود وكراهية للرائي أبدا.
وقال الكرماني من رأى أن بيده منشارا أو أعطى له فإنه حصول ولد هذا إذا كان له أولاد وإن لم يكن فيؤول بحصول دواب من جنس ماله وإن لم يكن له دواب فإنه يؤول بحصول نظير ما يملك.
ومن رأى أن في القنينة ماءا أو حلابا يشرب منه فإنه يدل على المال من ذلك الخادم وأما القصعة إذا كانت فارغة فليست بمحمودة وربما دلت على التعطيل وإذا كان فيها ما يؤكل ويستعمل منه فإنه يؤول بالسفر وحصول الخير والمنفعة.
ومن رأى أنه حوسب وقع في محنة وعذاب ومن رأى ميزانه قد رجح حسن عمله وأطاع به وإلا فعلى قدر ما رآه ومن رأى الميزان دل على انبساط العدل وارتفاع الظلم ومن رأى أنه مر على الصراط سليما نجا من شدة وفتن وبلاء وإن سقط منه في النار يقع في فتنة وبلاء وإن رأى أنه قائم عليه تستقيم على يديه أمور معوجة ومن رأى أنه شرب من الحوض فإنه يموت على الإسلام
من رأى أنه يقرأ شيئا من القرآن ولا يعرف ما قرأه أو نسيه فإن كان مريضا شفاه الله أو مهموما فرج الله همه وقيل من رأى أنه يقرأ القرآن فإنه يتكلم بالحق ومن رأى أنه يقرأ آية الرحمن فهو حصول خير وإن كانت آية عذاب فضد ذلك ومن رأى أنه قرأ القرآن وأتمه فإنه ينقضي أجله على خير وقيل من رأى أنه ختم القرآن يحصل له بلوغ مقصوده وإن قرأ نصفه فقد انقضى نصف عمره ومن رأى أن أحدا يقرأ القرآن وهو يسمعه فهو يتبع القرآن وإن رأى ذلك ولم يفهم ما يقوله فضد ذلك ومن رأى أنه يقرأ بمكان لا تجوز القراءة فيه دل على أن في دينه خللا ومن رأى أنه قرأ بعض سورة كان حكمه كمن قرأ تلك السورة فتعبير تعبيرها
ومن رأى أن عليه طوقا من ذهب أو فضة أو غيرهما فقد أمعن في فساد دينه ومن رأى أن عليه منطقة غير محلاة فإنه يصيب ولدا أو أخا أو رجلا يستظهر به من الناس فإن كانت محلاة فإنه يصيب مالا يشتهر به أو ولدا يسود أهل بيته ومن رأى أكثر من منطقة فهو أجود
وأما طير الماء فهو أفضل الطير وأخصبه فمن رأى أنه أصاب طيرا من طيور الماء فإنه يصيب مالا وخصبا ورياسة ويدرك ما أراد بقدر ذلك الطير الذي أصابه في عظمه وريشه ومن يسمع في المنام أصوات الأوز والبط أو نحوهما من طير الماء في دار أو بلد فإنه صوت مصيبة في ذلك الموضع وبيض الأوز من رأى أنه يملكه مال كثير يأخذه ومن رأى أنه يملك جماعة فراخ من طير الماء فإنها هم لصاحبه
وأما رؤية الحيتان ودواب الماء فمن رأى أنه اصطاد سمكا أو نحوه طريا فإنه يصيب مالا وغنيمة وخيرا على قدرها في الكثرة والكبر وإن كانت حيتانا صغارا فإنها هموم وأحزان تصيبه في طلب رزقه وإن كانت كبارا وصغارا فإنها بمنزلة الكبار ومن رأى أنه اصطاد حوتا طريا من ماء صاف فأكل منه فإنه يصيب قرة عين وإن كان الماء كدرا أصابه هم وحزن وإن اصطاد صغارا مما يكره الناس فإنه يقع بينه وبين أصهاره خصومة شديدة وصيد سمك كبار من نهر عميق خير ما يكون لصاحبه ومن رأى أنه أصاب سمكة أو سمكتين فإنه يصيب امرأة أو امرأتين ومن رأى أنه أصاب حوتا مالحا فإنه يصيبه هم من قبل الملوك ولا خير في الحوت المالح ومن رأى أنه طلب حوتا في حوض أو بركة فانفلت منه فليبادر غريمه فإنه يريد أنه يجحد ماله ومن رأى حوتا كبيرا فاغرا فاه فإنه سجن له ومن رأى أنه أصاب في بطن سمكة لؤلؤة أو لؤلؤتين أو أكثر فإنه يصيب من امرأة يتخذها غلاما أو غلامين أو أكثر على قدر اللآلئ وإن أصاب في بطنها خاتما فإنه دولة وعز لصاحب الرؤيا ومن رأى سمكة خرجت من إحليله فإنه يولد له جارية
تطلق كلمه (تعبير) على تفسير الرؤيا خاصة .
والتعبير هو: العبور من ظاهر الرؤيا إلى باطنها. وهذا رأي الراغب. وقيل: النظر في الشيء فيعتبر بعضه ببعض حتى يحصل على فهمه
وهذا حكاه الأزهري.
وأصل التعبير مشتق من: العبر, وهو التجاوز من حال إلى حال , وفرق علماء اللغة بين تجاوز الماء وغير الماء، فقالوا: تجاوز الماء بسباحة أو سفينة أو غيرها يطلق عليه: العبور.
وقالوا: الاعتبار والعبرة هي الحاله التي يتوصل بها من معرفة المشاهد
إلى ما ليس بمشاهد.
يقال: عبرت بالتخفيف أي فسرت الرؤيا.
و: عبرت بالتشديد للمبالغة فى ذلك.
وفي التنزيل: " ان كنتم للرءيا تعبرون "(1) أي تصلون إلى نهايتها وتذكرون مالها.
والمعبر: اسم فاعل من الفعل عبر , يقال: عبر الرؤيا عبرا وعبارة أي فسرها.
وقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه من أبرز الصحابة شهره بتأويل
الرؤى وتعبيرها وكيف لا وأستاذه هو رسول الله معلم الأمة جميعها, قد وصفه أحد الصحابة كما في"الفتح"(2): "وكان من أعبر الناس للرؤيا بعد رسول الله صلي الله علية وسلم " . كما أن من الذين اشتهروا بتعبير الرؤى الامام ابو بكر محمد بن سيرين الأنصاري بالولاء البصري المولود سنة 33 ة والمتوفى سنة 110 ة وينسب له كتاب (تعبير الرؤيا) وهو مطبوع وذكره ابن النديم في الفهرست, وهو غير الكتاب المتداول بين الناس له باسم: (منتخب الكلام في تفسير الأحلام) , وانظر الأعلام للزر كلي ( 257 ) تجد ترجمة وافية وعملا جبارا للزركلي وانتهى فيه الى عدم صحة نسبة الكتابين لابن سيرين.
وهناك عالم اخر هو: عبدالغني بن اسماعيل النابلسي وهو من المتصوفة , وله العديد من المؤلفات ومنها: (تعطير الأنام في تعبير المنام ) ويحتوي على أمور وتصورات وأسماء وذوات قد لا تحدث الا نادرأ كما قد يستحيل رؤية البعض الاخره وهذا وان كان من المتصوفة غير أنه والحق يقال قد أوفى وزاد في هذا المجال , وقد أثنى على عمله الكثير من الأدباء كالأستاذ محمد قطب , ثم أقول: انني في هذا الجزء سأتحدث عن مناهج المعبرين والأمور اللازمة التي يجب توفرها في المعبر , وقبل هذا ألفت الى وجود الكثير من المعبرين حديثأ وقديمأ , ولست هذا أبحث في أسمائهم وانما سأتحدث عن المنهج الذي عليه كثير منهم من خلال متابعتي لهذا الموضوع. . فأقول: معبرو الرؤى حديثأ ينقسمون إلى ثلاثة أقسام :
1 - القسم الأول: وأصحاب هذا القسم لا يعبر الأ قليلا ويتحرج من التعبير ويغلق باب تعلم التعبير, وان قيل له سؤال عن التعبير وكيفيته
أجاب: بأنه فراسة تولد مع المرء ويمنع من تعلمه , ووجهة النظر هذه سمعناها قديما من بعض مشائخنا الأفاضل رحم الله من مات منهم , وبارك
لنا في عمر الموجودين.
ب - القسم الثاني: وهولاء عكس القسم الأول , يتوسعون في التعبير, ويكثرون من السؤال عن الرؤي في كل مجلس , بالمشافهة والنقل وحتى
بالكتابة لصاحبها أو لغيره , وبعض هولاء تجده يخبرك بالتأويل وكيفية التأويل للرؤيا المسؤول عنها.
ج - القسم الثالث : قسم بين هولاء وهولاء يعبر ولكن بالمشافهة فقط , ويشترط كون صاحب الرؤيا هو السائل ويمنع النقل الا في أضيق الحدود , وهولاء , يحتاطون كتيرا عن التعبير: ويخبرونك عن كيفية التأويل أحيانأ.
ولعل التساهل في تعبير الرؤى , وفتح الباب في كل مجلس ومحاضرة شيء حادث في هذه الأيام , وأنا هنا لست ضد تعبير الرؤى كعلم , ولكن ضد التساهل في التعبير الرؤي , وفتح الباب في كل مجل ومحاضرة شئ حادث في هذة الأيام وأنا هنا لست ضد تعبير الرؤي كعلم ولكن ضد التساهل في التعبير وعدم التحري وعدم السؤال عن حال الرائي والسؤال عن الرؤيا وألفاظها ووقتها فهذه أشياء مطلوبة للمعبر للتمكن من التعبير الأمثل ,
ولذا تجد من المعبرين الذين يتساهلون في سماع الرؤى ينص على أن درجة الصحة في تعبيره بالقراءة عليه لا تتجاوز الخمسين في المائة !!
ولا أقول ان المتساهلين هم الملامون فقط , بل أن أصحاب القسم الأول كذلك مخطئون - في رايي المتواضع - فتعبير الرؤى ليس فراسة فحسب , بل فراسة وتعلم وممارسة ومهارة تكتسب وتنمي وتتقن , فهي تختلف من شخص الى اخر; نعم هي فراسة عند يوسف بن يعقوب عليهما الصلاة والسلام كما قال تعالى "وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم" (يوسف: 6 ).
قال ابن عباس في تفسيره: ( ويعلمك من تأويل ألأحاديث )
أي من تعبير الرؤيا , ويعلمك كذلك معرفة ما يؤول اليه أحاديث الناس (3)).
نعم هي فراسة عند يعقوب , وعند ابراهيم الخليل ودانيال ومحمد عليهم الصلاة والسلام هذا من الأنبياء , وكذلك من الصحابة عند أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبدالله بن عباس وعبدالله بن عمرو بن العاص وأنس بن مالك
وسلمان الفارسي وحذيفة بن اليمان وعائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين , وغيرهم.
ولكن عند غيرهم لا. . . , ليس كلها فراسة بل فيها فراسة والهام , واستنباط من القران والسنة واللغة والأمثال,وغيرها مما هو معلوم لكل مهتم بهذا الفن.
جاء في الحديث الصحيح المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله علية وسلم يقول: "لم يبق من النبوة الأ المبشرات" ، قالوا: وما المبشرات ؟ قال:"الرؤيا الصالحة "(4) وهذا لفظ البخاري.
وجاء في المسند للامام أحمد قال صلي الله علية وسلم : "الرؤيا الصالحة يرأها المسلم او ترى له"(5).
والمعنى: أن الوحي ينقطع بموته صلي الله علية وسلم ولا يبقى ما يعلم منه ما سيكون إلأ الرؤيا يرأها المؤمن ,وكذا الالهام فان فيه اخبارأ بما سيكون ويقع لغير الأنبياء كما أخبر النبي صلي الله علية وسلم عن عمر في قوله قد كان في الأمم قبلكم محدثون - أي ملهمون وقيل: مصيبون وقال البخاري: يجري الصواب على ألسنتهم . فإن يكن في امتي منهم احد فإن عمر بن الخطاب منهم " متفق عليه (6).
وقد أخبر كثير من الأولياء عن أموو مغيبة , فكانت كما اخبروا وهذا من الالهام , وقد نتساءل ما الإلهام ولماذا قل اليوم؟ فأقول: قال الامام ابن حجر في الفتح: وكان السر في ندور الإلهام في زمنه صلي الله علية وسلم وكثرته من بعده , غلبة الوحي اليه صلي الله علية وسلم من في اليقظة وارادة إظهار المعجزات منه , فكان من
المناسب أن لا يقع لغيره منه في زمانه شيء, فلما انقطع الوحي بموته وقع الالهام لمن اختص الله به للأمن من اللبس في ذلك. . وفي انكار وقوع ذلك مع كثرته واشتهاره مكابرة ممن أنكره. وقد فصل ابن حجر في الفتح الفرق بين الالهام والرؤيا وذكر أن الالهام هو: ما حرك القلب لعلم يدعر الى العمل به من غير استدلال وحكاه عن أبي زيد الدبوسي من أئمة الحنفية , قال والذي عليه الجمهور أنه لا يجوز العمل به الا عند فقد
الحجج كلها في باب المباح , وذكر كلامأ اخر نفيسا.
وقد كان الرسول صلي الله علية وسلم أحيانأ يقص الرؤيا على الصحابة فيعبرها أحدهم فيقره على تعبيره , وهذا من باب التعليم منه صلي الله علية وسلم ومما يروى في هذا ما جاء عن ابن شهاب قال: راى النبي صلي الله علية وسلم رؤيا فقصها على أبي بكر فقال: " يا أبا بكر , رايت كأني استبقت انا وانت درجة فسبقتك بمرقأتين ونصف " والمرقاه : الدرجة.
فقال أبو بكر: يا رسول الله , يقبضك الله الى رحمته ومغفرته وأعيش بعدك سنتين ونصفأ. وهذا الحديث ذكره السيوطي في الخصائص الكبرى وعزاه لابن سعد لكنه مرسل (7). وهذه فراسة من أبي بكر.
قال ابن القيم في كتابه (مدارج السالكين) (8):
"ان الفراسة كانت وستظل منزلة من منازل:" إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " (9) وما ذاك الا لأنها نور يقذفه الله في قلب عبده يفرق به بين الحق والباطل والحالي والعاطل والصادق والكاذب.
وقوله الحالي والعاطل: الحالي هو من تزين وتحلى، والعاطل ضدة ,
يقال : عطلت المرأة أي خلت من الحلي فهي عاطل , والمراد أنة يفرق بين الشئ وضدة
وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان , فمن كان أقوى إيمانأ فهو أحد فراسة.
وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه : أفرس الناس ثلاثة : العزيز في يوسف حيث قال لامرأته: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ) (يوسف: 21 ).
وابنة شعيب حين قالت : "استئجره" (القصص: 36).
وأبو بكر في عمر رضي الله عنهما حين استخلفة.
وقد كان كثير من الصحابة رضي الله عنهم يتحلون بها , وكان الصديق رضي الله عنه في مقدمتهم فهو أعظم الأمة فراسة وبعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فإنه ما قال لشيء: أظنه كذا إلا كان كما قال ,
ويكفي في فراسته موافقته ربه في المواضع المعروفة - والتي ليست مجال حديثنا(10) , وكما قلت أيضا: فراسة الصحابة أصدق الفراسة , وأصل هذا
النوع من الفراسة من الحياة والنور اللذين يهبهما الله تعالى لمن يشاء من عباده , فيحيا القلب بذلك ويستنير فلا تكاد فراستة تخطئ , وهذا مصداق قوله تعالى :" أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " (الانعام: 122 ).
واذا كان تعبير الرؤى بالفراسة يوجد بكثرة عند السلف الصالح فلا يعني أنه يمتنع عند غيرهم , لكن الفرق عندي من حيث القلة والكثرة فحسب , فقد يوجد في هذا العصر من يهبه الله الفراسة , وقد جاه في الحديث : " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله"(11).
وجاء في الحديث القدسي الذي رواه البخاري من طريق أبي هريرة قال أبو هريرة قال: قال رسول الله صلي الله علية وسلم : ان الله قال : من عادى لي وليا فقد اذنته بالحرب , وما تقرب الى عبدي بشيء أحب الي مما افترضته عليه , وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه , فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به , وبصره الذي يبصر به , ويده التي يبطش بها , ورجله التي يمشي بها , وان سألني لأعطينه , ولئن استعاذ بي لأعيذنه. وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وانا أكره مساءته "(12) , والمراد أنه يجعله ينتفع بما يسمع من العلم والحكمة والمواعظ الحسنة والتجارب النافعة ويجعله كذلك يرى بنور الله ما في السموات والأرض من ايات فيزداد إيمانه ويقينه.
قال العلأمة المناري في كتابه تعليقا على الحديث الذي سبق: "اتقوا فراسه المؤمن".
الفراسة: هي الاستدلال بهيئات الإنسان وأشكاله , والوانه واقواله, على أخلاقه وفضائله, ورذائله , وقد تبه الله على صدقها بقوله :" إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ " (الحجر: 75 ) , وقوله: "تعرفهم بسيمهم (البقرة: 277 ), وهي في اللغة مشتق من قولهم فرس السبع الشاة, وأطلق على السبع لانه يفترس المسافات جريأ , فكانت الفراسة اختلاس العارف النظر في الشخص مثلا والتعرف على حاله , وهي نوعان:
الأول: نوع يحصل للإنسان عن خاطر لا يعرف سببه ء وهو ضرب من الإلهام وهو الذي يسمى صاحبه المحدث كما في خبر: " ان يكن في هذه الأمة محدث فهو عمر"(13) وقد يكون هذا الإلهام حال اليقظة أو المنام , هذا هو النوع الأول , وحقيقتها أنها: خاطر يهجم على القلب يثب عليه كوثوب الأسد على فريسته، وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان فمن كان أقوى إيمانأ فهو أحد فراسة.
والثاني: يكون بصناعة متعلمه , وهي معرفة ما في الألوان والأشكال وما بين الأمزجة والأخلاق , والأفعال الطبيعية , ومن عرف ذلك وكان ذا فهم ثابت ,قوي على الفراسه(14) .
.
.
والخلاصة التي أتوصل إليها بعد كل هذا الحديث. . . يوجد من يعبر الرؤيا فراسة ، ويوجد من يعبرها إلهامأ، ويوجد من يعبرها صناعة وتعلما، ولكن يجب التنبيه هنا إلى أن الأفضل ألأ يقول الإنسان عن نفسه أن تعبيره من باب الفراسة أو الإلهام لأن هذا من تزكية النفس والله سبحانه وتعالى يقول:" فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بكم اتقي " (النجم: 32 ).
كما أن تعبير الرؤى لا يقوم على الفراسة فحسب بل يقوم عليها ، وعلى غيرها من الإلهام ، ومن البراعة في علم التعبير القائم على معرفة القران والسنة ومعرفة أصول هذا الفن من التأويل بالمعنى أو باشتقاق الأسماء ومثال هذا ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلي الله علية وسلم : " رأيت ذات ليلة فيما يرى النأئم كأنا في دارعقبة بن رافع ، فأتينا برطب من رطب ابن طاب - وهو رجل من أهل المدينة ينسب له هذا النوع من الرطب الجيد - قال صلي الله علية وسلم : فأولت الرفعة لنا في الدنيا
والعاقبة لنا في الاخرة ، وأن ديننا قد طاب "(15) ، أي كمل واستقرت أحكامه. فالرسول صلي الله علية وسلم أول عقبة: بالعاقبة، ورافع : بالرفعة ، وطاب: باستقرار الدين واكتمال أحكامه.
أمر اخر غير ألتأويل بالأشتقاق:
التأويل مما ضرب به المثل ومثاله : ما أخرجه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر أن النبي صلي الله علية وسلم قال: "رأيت كأن امرأة سوداء ثائرة الراس خرجت من المدينة - حتي قامت بمهيعة وقيل: مهيعة على وزن عظيمة، وهي الجحفة - وهي أسماء أماكن في المدينة - فأولت أن وباء المدينة نقل إليها "(16) .
قال المهلب: هذه الرؤيا من قسم الرؤيا المعبرة وهي مما ضرب به المثل ، ووجه التمثيل أنه اشتق من اسم (السوداء ) كلمتين هما: السوء ، والداء فلو ركبت الكلمتين مع بعضهما لخرج لك كلمة: سوداء ، فالرسول الكريم صلي الله علية وسلم خروجها بما جمع من اسمها ، وتأول كذلك ثوران شعرها ، أن ما يثير الشر يخرج من المدينة.
ولاحظ هنا أن ليس كل سواد مكروهأ في المنام إذ الرؤى كما قلت لك: يجب النظر فيها من عدة أمور ، ومنها زمن الرؤيا ، وقد كانت المدينة ذلك الوقت أرضأ موبوءة ، ولذلك ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: " قدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله "(17) ، وقد دعا الرسول الكريم صلى الله علية وسلم أن ينقل الله وباءها إلى الجحفة فقال: " اللهم حبب الينا المدينة وانقل حماها الى الجحفة " (18) , ولذا قد يرى راء رؤيا وفيها لون السواد , فيعبر له مشتقأ من السيادة لا من السوء , وهكذا والمهم هنا تنوع التعبير وطرقه , وتنوع تعبير الرسول صلي الله علية وسلم للرؤى ورسول الله كان مع أصحابه يعبر الرؤيا ويخبرهم سبب تعبيره كالمثال السابق . . . خذ هذا المثال أيضا: عن أبي موسى عن النبي صلي الله علية وسلم قال: رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر فإذا هي المدينة يثرب ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفا فانقطع صدره فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد ثم هززته أخرى فعاد أحسن ما كان فإذا هو ما جاء الله به من الفتح واجتماع المؤمنين ورأيت فيها أيضا بقرا والله خير فإذا هم النفر من المؤمنين يوم أحد وإذا الخير ما جاء الله به من الخير بعد وثواب الصدق الذي آتانا الله بعد يوم بدر " . هذا نص مسلم (19).
فالملاحظ هنا أن الرسول صلي الله علية وسلم يخبر الصحابة بالرؤيا وتعبيره لها وهذا من التعليم منه , ومنها أيضأ ما أخرجه أحمد في مسنده بسنده عن أنس أن رسول الله صلي الله علية وسلم قال:" رأيت فيما يرى النأئم كأني مردف كبشأ وكآن ظبة سيفي انكسرت , فأولت اني أقتل صاحب الكتيبة , وان رجلا من أهل بيتي يقتل " (20) .
فقتل رسول الله صلي الله علية وسلم طلحة بن أبي طلحة صاحب لواء المشركين , وقتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه.
قال النووي في شرح صحيح مسلم تعليقا على حديث ابن عباس: أن رسول الله كان مما يقول لأصحابه: " من راى منكم رؤيا فليقصها أعبرها لة . . . " الخ (21) ,
قال القاضي : معنى هذه اللفظة عندهم كثيرا ما كان يفعل كذا ، وكأنه قال : من شأنه . وفي الحديث الحث على علم الرؤيا والسؤال عنها وتأويلها ، قال العلماء : وسؤالهم محمول على أنه صلى الله عليه وسلم يعلمهم تأويلها وفضيلتها واشتمالها على ما شاء الله تعالى من الإخبار بالغيب وقد جاء في الحديث الصحيح عند البخاري قال صلي الله علية وسلم : بينما أني نائم أتيت بقدح لبن فشربت منة حتي اني لأرى الري . . . " (22) الحديث وقد سبق ذكرة وقد أول الرسول صلي الله علية وسلم اللبن بالعلم , ويهمنا هنا ونحن نتحدث عن مشروعية تعليم الرؤيا والسؤال عنها ما جاء من رواية أبي بكر بن سالم أنة صلي الله علية وسلم قال لهم : " اولوها " , قالوا يا رسول الله هذا علم أعطاكه الله , فملأك منة , ففضلت فضلة فأعطيتها عمر , قال : " أصبتم " , وهنا انتقل صلي الله علية وسلم من اخبار الصحابة بتعير الرؤي الي سؤالهم عنها . فهو صلي الله علية وسلم كما يقول ابن حجر في الفتح : كان يجيد تعبير الرؤيا وكان لة مشارك في ذلك منهم لأن الاكثار من هذا القول لا يصدر الي ممن تدرب فية ووثق باصابتة .
وقال اثناء تعليقه على الحديث: في الحديث مشروعية إلقاء العالم المسا ئل واختبار اصحابه في تأويلها.
وقال في موضع اخر: فضيلة تعبير الرؤيا , لما تشتمل عليه من الاطلاع على بعض الغيب وأسرار الكائنات(23).
كذلك يحتاج المعبر الى الإلمام بالأمثال في القران ومعانيه , واعتبار الاشعار والأمثال واشتقاق اللغة ومعانيها وأن يكون عالما بما يجري على ألسنة الناس , ويحتاج المعبر كذلك الى معرفة الكثير عن حال الرائي , فلا عيب آن يسأله عن عمله أو وظيفته , وعمره , وحالته الاجتماعية وكل ما يراه ضروريا مما يستدل به على علم مسألته أو رؤياه , والمعبر هنا كالطبيب لو حجب عنه المريض معلومات عن حالته المرضية فقد يخطئ في التشخيص
وقد يصف له دواء خاطئأ ، ويجب عدم الا ستعجال من السائل والمسؤول ، وقد نقل عن ابن سيرين رحمه الله أنة كان اذا وردت الية مسالة رؤيا مكث فيها مليأ من النهار يسأل صاحبها عن نفسه وصناعته وعن قومه ، وهذا بالطبع قد يحصل للمعبر المتمكن وليس عيبا أن يتروي مثل هذا الوقت ، ولا شك أن أكثر ما روي عن ابن سيرين ليس فيه أن يحتاج لوقت طويل حال تعبيره وتأمله ، لكن ذكرته لأن وجود هذا منه على ندرته ومع براعته فى التعبير دليل على أهمية التروى ، والتروى مفيد للتثبت من عبارات الراوى والتعرف على حالته من حيث الصلاح والصدق والعدالة ووقت الرؤيا . . وغير ذلك
من الأمور التي قد يحتاجها المعبر، كما يجب عدم الضجر أو الغضب من أسئله المعبر - خاصة - عند عدم معرفه بحال السائل كما يقع كثيرا في هذا العصر نتيجة الاتصالات الهاتفيه من اشخاص - ذكورا أو إناثأ - لا يعرفهم المعبر، فقد يحتاج للسؤال عنهم أسئله قد يرفضها البعض من السائلين ويفسرها بالتدخل فى خصوصياته. كذلك السؤال عن الدين مهم للمعبر، ويجب على المسؤول الصدق في الجواب فصلاح الانسان أو فسقة ، ذو
علاقة قوية برؤياه ، فأ ل هذا الفن مثلا قالوا : ان أكل العسل للمسلم تأويله حلاوه القران والذكر فى قلبه ، وهو للكافر حلاوة الدنيا وغنيمتها ، فالرؤى تتغاير على حسب الديانة والمذاهب والبلدان ويجب -عند نقل الرؤيا - أتقان
نقلها للمعبر، واخباره عن صاحبها ذكرا أو انثى ، حالته الاجتماعية عمره. . . الخ ، وكل ما يراه المعبر ضروريأ لتعبير الرؤيا المنقولة وقد ذكر ابن حجر فائدة على قول الرسول صلى الله علية وسلم : " من رؤيا فليقصها أعبرها له "(24) قال القرطبي: " فليقصها " ليذكر قصتها ويتبع جزئياتها حتى لا يترك منها شيئا من قصصت الأثر اذا اتبعته. وقد سأل الرسول صلي الله علية وسلم واستفسر وهو رسول الله , جاء فى الحديث: أن رجلا اسمه مطيع بن الاسود رأي في منامه أنه أهدى اليه جراب من تمر, فذكر ذلك للنبي صلي الله علية وسلم فقال: " هل بأحد من فتياتك حمل ؟ " قال: نعم ، بامرأة من بنى .ليث. . وهى أم عبد الله ،
قال صلي الله علية وسلم : " انها ستلد غلاما " , فولدت غلاما , فأتي به النبي صلي الله علية وسلم فسماه عبد الله وحنكة بتمرة ودعا له بالبركة. .وهذا الحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (25) وعزاه الى الطبراني ولم يخرج في واحد من الكتب التسعة.
77
________________________
( 1 ) يوسف : 43
( 2 ) ابن حجر . مرجع سابق – ( 434 12 )
( 3 ) الفير وزابادي - تفسير ابن عباس . مرجع سابق ص 193
( 4 ) رواه البخاري في كتاب التعبير باب المبشرات, انظر الفتح ( 12 375 ) - مرجع سابق - ورواه 0 أحمد في مسند أبي هريرة - مرجع سابق.
( 5 ) )خرجه مسلم في كتاب الصلاة باب النهي عن قراءة القران في الركوع والسجود كما في النووي ( 4 / 196 ) - مرجع سابق -.
( 6 ) أخرجه البخاري في كتاب فضائل الصحابة باب فضائل عمر بن الخطاب كما في الفتح (7/ 42 ) - مرجع سابق - , ومسلم في كتاب فضائل الصحابة باب فضائل عمر بن الخطاب كما في النووي ( 15 / 166 ) - مرجع سابق- .
( 7 ) جلال الدين السيوطي - الخصائص الكبرى - ( 2 / 115 ).
( 8 ) مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد واياك نستعين لمحمد بن أبي بكر أيوب الزرعي - دار الكتاب العربي - بيروت , ط 2, في ( 1393 - 1973 ) تحقيق: محمد الفقي. (ص 115 ).
( 9 ) الفاتحة: 5 .
( 10 ) جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم من طريق ابن عمر عن عمر قال : قال :عمر: (وافقت ربي في ثلاث: في مقام إبراهيم وفي الحجاب وفي اسارى بدر ) انظر: النووي شرح صحيح مسلم ( 16715 ) , ولا شك في فضله رضي الله عنه كما قال حين احتج نساء النبي عليه في الغيرة : عسى ربه إذ طلقكن أن يبدله أزواجأ خيرا منكن فنزلت الاية بذلك , وجاء في الحديث الذي ذكره مسلم أيضأ موافقته في منع الصلاة على المنافقين ونزول الأية بذلك ( 16715 ) وجاءت أيضأ موافقته في تحريم الخمر , قال النووي : فهذه ست وليس في لفظ الحديث السابق ما ينفي زيادة الموافقة , والله أعلم.
( 11 ) رواه الترمذي في كتاب تفسير القران باب تفسير سورة الحجر. ورواه الطبراني والبخاري في التاريخ , وحكم عليه الألباني بالضعف.
( 12 ) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق باب التواضع ( 11 / 341 ) كما في الفتح - مرجع سابق - .
( 13 ) يشير إلى الحديث الذي سبق ذكره في فضل عمر وسبق تخريجه ص 58 .
( 14 ) محمد الرازي المشتهر بخطيب الأمي - الفراسة دليلك إلى معرفة أخلاق الناس وطبائعهم وكأنهم كتاب مفتوح - تحقيق مصطفى عاشور - نشر مكتبة القران ص21 – 22 .
( 15 ) أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الرؤيا كما في النووي ( 15 / 31 ) - مرجع سابق - .
( 16 ) أخرجه البخاري في كتاب التعبير باب إذا رأى أنه أخرج الشئ من كؤة وأسكنه موضعا اخر ( 12 / 425 ) وفي باب: المرأة السوداء ( 12 / 426 ) - مرجع سابق -.
( 17 ) أخرجه البخاري في كتاب فضائل المدينة باب كراهية النبي صلي الله علية وسلم أن تعرى المدينة الفتح ( 99/4 ) - مرجع سابق - ومسلم في كتاب الحج باب فضل المدينة والترغيب في سكنى المدينة شرح النووي ( 9 /0 15 ) - مرجع سابق -.
( 18 ) أخرجه البخاري في كتاب فضائل المدينة , باب كراهية النبي صلي الله علية وسلم ان تعرى المدينة كما في الفتح - مرجع السابق . ( 4 / 99 ) , وكما في النووي شرح صحيح مسلم . مرجع سابق . في كتاب الحج باب فضل المدينة والترغيب في سكنى المدينة ( 1509 ).
( 19 ) متفق عليه واللفظ لمسلم انظر: الفتح الباري , كتاب المناقب في احاديث علامات النبوة ( 6276 ) - مرجع سابق - . والنووي على شرح مسلم في كتاب الرؤيا ( 3115 )
• مرجع سابق ..
( 20 ) رواه أحمد في باقي مسند المكثرين في مسند أنس بن مالك.
( 21 ) رواه مسلم في كتاب الرؤيا كما في النووي ( 3015 ) - مرجع سابق - .
( 22 ) بينما أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه حتى إني لأرى الري . . تقدم تخريجه ص30 .
( 23 ) ابن حجر فتح الباري - مرجع سابق - ( 440 , 437 , 39412 )0
( 24 ) تقدم خريجه ، ص 65 .
( 25 ) الهيثمي - مرجع سابق - (7/184)
** نقلا عن الدكتور فهد العصيمي
ما المستند علية في قلب المعني في التعبير , كالبكاء يعبر بالفرح , والموت في الحياة ؟
مما هو شائع بين المعبرين من مناهج التعبير; التعبير بقلب المعني , كالبكاء يعبر بفرح , والموت يعبر بحياة , وهذا أري استخدامة عند وجود معني سئ , فيقلب تفاؤلا , ومما وجدتة من أدلة تعضد هذا المنهج ما جاء في قولة تعالي : ( اذا يريكهم الله في منامك قليلا ولو أرئكهم كثيرا لفشلتم ولتنزعتم في الأمر ولكن الله سلم انة عليم بذات الصدور (43)واذ يريكموهم اذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا والي الله ترجع الأمور (44)(الأنفال : 43 , 44 ) .
قال مجاهد : أراهم الله اياة في منامة قليلا , وأخبر النبي صلي الله علية وسلم أصحابة بذلك فكان تثبيتا لهم .
قال سيد قطب : والرؤيا صادقة في دلالتها الحقيقية , فقد راهم النبي قليلا وهم كثير عددهم , ولكن قليل غناؤهم , قليل وزنهم في المعركة . . . الخ .
ولما تقابل الطرفان وجها لوجة تكررت الرؤيا النبوية الصادقة في صورة عيانية من الجانبين , بحيث يري المؤمنون الكافرين قلة , ويري الكافرون المؤمنين قلة , بحيث أن كلا من الفريقين أغري بخوض المعركة .
والسبب في أن الكافرين يرون المؤمنين قلة ; كما قال الرازي : ألا يستعد الكافرون كا الاستعداد , وأن يجترؤوا علي المؤمنين معتمدين علي قلتهم , ثم تفجؤهم الكثرة فيدهشوا ويتحيروا . . . الي أن قال : وفي التقليل من الطرفين معارضة تعرف بالتأمل .
اذا الكافرون كانوا في الحقيقة كثير , والمؤمنون قلة , ورؤية النبي صلي الله علية وسلم لهم قليل في الرؤيا , جاء لحكمة عظيمة , وهي أن يجرأ الله المؤمنين علي الكافرين في ميدان القتال , وهذا مما ساعد المؤمنين علي تحقيق النصر , والله أعلم .
ويوجد صورة قريبة من هذة , فالأقارب أحيانا ينوب بعضهم عن الاخر في المنام , فقد نري العم , ويكون المعني عم اخر , وقد نري أحد الاخوة , ويكون المعني منصرفا لأخ اخر , وهكذا .
خوض في الماء
إذا خضت وأنت تحلم في ماء نظيف صاف فمعناه أنك ستعيش سعادة قصيرة زائفة.
إذا كان الماء عكراً فأنت مهدد بالمرض أو ستحدث لك حادثة مؤلمة.
إذا حلمت بالأولاد يخوضون في ماء صاف فهذا فأل حسن حيث ستتوفق في عملك.
إذا حلمت أنها تخوض في ماء صاف مزبد فسوف تتحقق أحلامها وأمانيها العاطفية.
طاحونة ماء
إذا رأيت طاحونة ماء في الحلم والماء النظيف ينصب عليها فهذاينبئ بازدهار على مستوى العمل والعلاقات الاجتماعية. إذا كان الماء عكراً فيدل على أنك سوف تمنى بخسارة ومشاكل بدلاً من أفراح كنت تنتظرها.
هو في المنام حياة طيبة، فمن رآه في داره فهو سعادة ومال مجموع وغنيمة وزواج، لقوله تعالى: (وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً). ومن رأى أن الماء صاف غزير رخص السعر وبسط العدل. ومضغ الماء يدل على شدة الكد في المعيشة، والشرب منه سلامة من العدو، وسنة مخصبة لشاربه. وإن شرب في النوم من الماء أكثر مما كان يشرب في اليقظة دلّ على طول عمر. وقال ابن سيرين رحمه اللّه تعالى: الماء في النوم فتنة في الدين، لقوله تعالى: (ماء غدقاً لنفتنهم فيه). وهو بلاء لقوله تعالى: (إن اللّه مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني، ومن لم يطعمه فإنه مني، إلا من اغترف غرفة بيده). ومن رأى أنه يُعطَى ماءً في قدح، كان ذلك دليل ولد. ومن رأى أنه يشرب في قدح ماء صافياً نال خيراً من ولده وزوجته، وإن الزجاج من جوهر النساء، والماء جنين. ومن رأى أنه يشرب ماء ساخناً، أصابه غم شديد.
ومن رأى أنه في ماء فهو فتنة وبلاء وغم. ومن رأى أن له خابية ماء صاف فهو مال موروث. ومن رأى أنه يستقي الماء فهو يسعى بين الناس بالكذب. والماء الراكد حبس. والماء المنتن عيش نكد. والماء الحار إذا استعمل في النهار عذاب وعقوبة، وإذا استعمل في الليل فهو فزع من الجن. والماء المالح كد في المعيشة. والماء الكدر مال حرام. والماء الأسود خراب. والماء الأصفر مرض. ومن رأى أنه يشرب ماء البحر أصابه هم من الملك أو مرض. وقيل: الماء الكدر سلطان جائر. ومن اغتسل في ماء كدر وكان في شدة تخلص منها، وإن كان. مريضاً شفاه اللّه تعالى، وإن كان سجيناً نجا. والماء المالح غم. ومن رأى أنه يمشي فوق الماء فإن ذلك قوة الإيمان واليقين بالله تعالى، وقيل: إنه يسافر أو يخاطر. ومن وقع في ماء عميق فإنه يصيب دنيا، ويتمول منها، وإن الدنيا بحر عميق، وقيل: ينال سروراً ونعمة. ومن رأى أنه نظر في ماء صاف فرأى فيه وجهه حسناً فإنه يحسن إلى أهله وجيرانه. ومن رأى أنه صب ماء في بحر فإنه ينفق على امرأة. والماء الغالب هم وعذاب وفتنة. ومن رأى أن الماء قد زاد في بلدة وجاوز الحد فتقع هناك فتنة عظيمة واختلاف ويهلك الأشرار. والماء العذب رزق حلال وطيب قلب وعلم وحياة لمن أشرف على الموت، لقوله تعالى: (وجعلنا من الماء كل شيء حي). وربما دلّ الماء على الزوجة للعازب، وعلى الزوج للعازبة وربما دلّ شرب الماء على مشروب الفقراء. ومن صار الماء العذب مالحاً ارتد عن دينه أو تعسرت أموره. وإن حمل ماء في وعاء حملت زوجته. وزيادة الماء في أوان نقصه، أو نقصه في أوان زيادته دليل على الجور والغلاء. وانفجار الماء في مكان هم وغم. والماء الأخضر مرض طويل. ومن شرب ماء أسود ذهب بصره. ومن رأى أنه أُريق عليه ماء ساخن فإنه يسجن أو يمرض أو يصيبه هم شديد أو فزع من الجن. ومن رأى أن ثيابه ابتلت بالماء فإنه يقيم على سفر أو يحبس عن أمر قد همّ به. ومن رأى أنه حمل ماء في صرة أو ثوب أو فيما لا يمكن حمل الماء فيه، فإنه في غرور من ماله أو حاله أو حياته. ومن رأى أنه أعطي ماء في كأس وكانت له امرأة حامل وانكسر الكأس فإن المرأة تموت، وإن ذهب الماء ولم ينكسر الكأس فإن الولد يموت وتسلم المرأة. والاغتسال بالماء البارد توبة، وشفاء من المرض، وخروج من الحبس وقضاء الدين والأمن من الخوف. ومن استقى ماء من بئر أصاب مالاً بحيلة ومكر.
مقياس الماء
تدل رؤيته في المنام على نزول الغيث والرحمة من اللّه تعالى، والرخاء بعد الشدّة، وإن رأى الماء قد بلغ حدّه دلّ على البشارة والأفراح والخصب. وربما دلّ مقياس الماء على أهلة أشهر الحج والأعياد، وربما دلّ على الفرح والسرور. ويدل على دار الملك.
ماء
إذا حلمت بماء صاف فإن هذا ينبئ أنك سوف تدرك بابتهاج النجاح والمتعة. وإذا كان الماء موحلاً، فسوف تكون في خطر وسوف تحل الكآبة مكان البهجة.
إذا رأيت المياه ترتفع في منزلك فهذا يعني أنك سوف تجاهد لمقاومة الشرور وإذا لم تر المياه تغر فسوف تتعرض لتأثيرات خطيرة.
إذا رأيت نفسك تدفع المياه إلى الخارج وقد أصبحت قدماك مبللتين فإن هذا ينذر بأن المتاعب والمرض والشقاء سوف تلقي على كاهلك أعباء صعبة، ولكن سوف تحبطها بيقظتك. ويمكن تطبيق الشيء نفسه على المياه العكرة التي ترتفع في السفن.
إذا سقطت في ماء موحل فإن هذا ينبئ بأنك سوف ترتكب كثيراً من الأخطاء المريرة وسوف تعاني من حزن شديد من جراء ذلك.
إذا شربت ماء معكراً فإن هذا يعني المرض، ولكن شرب ماء صاف ومنعش يؤدي إلى تحقيق الآمال الخيرة.
إذا لعبت في الماء فإن هذا يعني يقظة مفاجئة للحب والعاطفة.
إذا رش الماء على رأسك فإن هذا يعني أن يقظتك العاطفية للحب سوف تقابل بالتبادل الأكيد. تسرد فتاة تدرس الأحلام الحلم التالي وحدوثه المجازي في عالم اليقظة: " بدون أن أعرف كيف، كنت أركب قارباً في الحلم وخضت مياه زرقاء وصافية حتى وصلت إلى رصيف القوارب الذي وجدته أبيض كالثلج ولكن كان خشناً ومشقوقاً. في المساء التالي زارني رجل ممتع ولكنه بقي إلى ما بعد الوقت الذي تسمح به الأمهات وقد تعرضت لتقريع عنيف من أجل ذلك " .
لقد كان الماء الأزرق والقارب الأبيض الجميل دلائل خيبة الأمل في الرمز.
ماء النشادر
إذا شوهد ماء النشادر في الحلم فإن هذا يعني أن الحالم سوف يشعر باستياء من سلوك صديق. وسوف يلي هذا الحلم مشاجرات وتمزق صداقات.
إذا رأت فتاة زجاجات صافية من ماء النشادر فإن هذا ينبئ أنها ستخدع بشخصية ونوايا شخص تعتبره هي ودوداً.
في رؤيا الأنبياء والمرسلين عموماً ورؤيا محمد خصوصاً
سمعت أبا بكر أحمد بن الحسيين بن مهران المقري، قال: اشتريت جارية أحسبها تركية، ولم تكن تعرف لساني، ولا أعرف لسانها، وكان لأصحابي جوار يترجمن عنها، قال فكانت يوماً من الأيام نائمة، فانتبهت وهي تبكي وتصيح وتقول: يا مولاي علمني فاتحة الكتاب، فقلت في نفسي انظر إلى خبثها، تعرف لساني ولا تكلمني به، فاجتمع جواري أصحابي وقلن لها: لم تكوني تعرفين لسانه والساعة كيف تكلّمينه؟ فقالت الجارية: إني رأيت في منامي رجلاً غضبان وخلفه قوم كثير، وهو يمشي، فقلت من هذا؟ فقالوا موسى عليه السلام. ثم رأيت رجلاً أحسن منه ومعه قوم وهو يمشي، فقلت من هذا؟ فقالوا محمد صلى الله عليه وسلم، فقلت أنا أذهب مع هذا فجاء إلى باب كبير وهو باب الجنة، فدق ففتح له ولمن معه ودخلوا، وبقيت أنا وامرأتان، فدققنا الباب ففتح، وقيل من يحسن أن يقرأ فاتحة الكتاب يؤذن له، فقرأتا فأذن لهما، وبقيت أنا. فعلمني فاتحة الكتاب، قال فعلمتها مع مشقة كبيرة، فلما حفظتها سقطت ميتة.
قال الأستاذ أبو سعد رحمه اللهّ: رؤيا الأنبياء صلوِات الله عليهم، أحد شيئين، إما بشارة وإما إنذار. ثم هي ضربان: أحدهما أن يرى نبياً على حالته وهيئته، فذلك دليل على صلاح صاحب الرؤيا وعزه وكمال جاهه وظفره بمن عاداه، والثاني يراه متغير الحال عابس الوجه، فذلك يدل على سوء حاله وشدة مصيبته، ثم يفرج الله عنه أخيراً، فإن رأى كأنّه قتل نبياً، دل على أنّه يخون في الأمانة وينقض العهد لقوله تعالى: (فبمَا نقضِهِم ميثَاقَهًمْ وكُفْرِهِمْ بِآياتِ الله وَقَتْلِهِم الأنْبياءَ بِغَيْرِ حَق).
هذا على الجملة، وأما على التفصيل: فإن رأى آدم عليه السلام على هيئته نال ولاية عظيمة إن كان أهلاً لها. لقوله تعالى: (إنِّي جَاعِلٌ في الأرض خليفةً) فإن رأى أنّه كلمه، نال علماً لقوله تعالى: (وَعًلّمَ آدم الأسماء كُلّها).
ومن شرب من ماء زمزم، فإنّه يصيب خيراً، وينال ما يريده من وجه بر. فإن رأى أنه حضر المقام أو صلى نحوه، فإنّه يقيم الشرائع ويحافظ عليها. ويرزق الحج والأمن.
الوقوع في الماء
من رأى في المنام أنَّه وقع في الماء الكثير العمق، ونزل فيه ولم يبلغ قعره فإنه يصيب دنيا كثيرة، لأن الدنيا بحر عميق. وقيل: من رأى أنَه وقع في الماء فإنه ينال سروراً ونعمة.
طير الماء: أفضل الطير في التأويل، لأنهن أخصب عيشاً وأقل غائلة. ومن أصابها أصاب مالاً وغنيمة، لقوله تعالى: " ولَحْم طَيْرٍ ممّا يَشْتَهون " ، والطائر رجل من الرجال، بمنزلة ذلك الطائر في الطيور في قدرته وسلاحه وطعمته وقوته وريشه وطيرانه وارتفاعه في الجو، فمن رأى أنّه يأكل لحم البط، فإنّه يرزق مالاً من قبل الجواري، ويرزق امرأة موسرة، لأنّ البط مأواه الماء ولا يمله، وقيل إنّ البط رجال لهم خطر، أصحاب ورع ونسك وعفة. ومن كلمته البط، نال شرفاً ورفعة من قبل امرأة.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّي أخذت كثيراً من طيرالماء فجعلت أذبح الأول فالأول، فقال: إن لم تر ماء فإنّه رياش تصيبه.
ومن رأى الطير يطرق فوق رأسه، نال ولاية ورياسة، لقوله تعالى: " والطير محْشورَةً كُلٌّ لهُ أوّابٌ " ، فإن رأى طيوراً تطير في محله، فإنهّم الملائكة.
وحكي أنّ بعض الغزاة رأى كأنّ حلاقاً حلق رأسه وخرج من فيه طائر أخضر فحلق في السماء، وكأنّه عاد في بطن أمه تالياً: " منْها خَلَقناكُم وفيها نُعِيدكم ومنهاِ نخرِجُكُم تارَةً أُخرى " فقصها على أصحابه، ثم عبرها لنفسه فقال: أما حلق رأسي فضرب عنقي، وأما الطائر، فروحي، وصعوده، إلى الجنة، وأما عودي، بطن أمي بالأرض فقتل ثاني يوم رؤياه.
وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت كأنّ طائراً جاء من السماء فوقع بين يدي فقال: هي بشارة تأتيك فتفرح بها.
الماء: يدل على الإسلام والعلم، وعلى الحياة والخصب والرخاء، لأنّ به حياة كل شيء كما قال الله تعالى: " لأسْقَيْنَاهًمْ مَاءً غَدَقَاً لِنَفْتِنَهًمْ فيهِ " . وربما دل على النطفة، لأنّ الله تعالى سماها ماء، والعرب تسمي الماء الكثير نطفة، ويدل على المال لأنّه يكسسب به، فمن شرب ماء عذباً صافياً من بئر أو سقاء ولم يستوعب آخره، فإن كان مريضاً أفاق من علته ودامت حياته ولم تتعجل وفاته، وإن لم يكن مريضاً تزوج إن كان عزباً لتلذذه بشربه ونزول الماء من أعلاه إلى ذكره، وإن كان متزوجاً ولم ينكح أهله في ليلة اجتمع معها وتلذذ بها. وإن لم يكن شيء من ذلك، أسلم إن كان كافراً، ونال علماً إن كان صالحاً وللعلم طالباً، وإلا نال ديناً حلالاً إن كان تاجراً، إلاّ أن يدخل على الماء ما يفسده، فيدل ذلك على حرامه وإثمه، مثل أن يشربه من دور أهل الذمة، فإما علم فاسد أو وطء رديء أو مال خبيث.
وإن كان الماء كدراً أو مراً أو منتناً فإنّه يمرض أو يفسد كسبه أو يتمرر عيشه أو يتغير مذهبه، لكل إنسان على قدره وما يليق به وبالمكان الذي شرب منه والإناء الذي كان فيه. وأما من حمل ماء في وعاء، فإن كان فقيراً أفاد مالاً، وإن كان عزباً تزوج، وإن كان متزوجاً حملت زوجته أو أمته منه، إن كان هو الذي أفرغ الماء في الوعاء أو زوجته أو خادمه من بئره أو وزيره أو قريبه.
وأما جريان الماء في البيوت ودخوله إلى الدور فلا خير فيه، فإن كان ذلك عاماً في الناس دخلت عليهم فتنة أو مغرم أو سبي أو أسقام أو طواعين، وإن كان ذلك في دار مخصوصة نظرت في أمرها، فإن كان فيها مريض مات فسعى الناس إليه في نعيه بالبكاء والدموع. وكذلك إن سالت في البيت ميازيب أو انفجرت فيه عيون فإنها عيون باكية على موت المريض، أو عند وداع المسافر، أو في شر ومضاربة بين ساكنيه، أبلاء يحل فيه من مرض أوسلطان.
وكذلك جريان الماء أو ركوده يؤذن باجتماع جمع من الناس. وجريانه في أماكن النبات يؤذن بالخصب، وكثرته وغلبته على المساكن والدور من عيون الأرض أو سيولها بلاء من الله عزّ وجلّ على أهل ذلك المكان، إما طاعون جارف أو سيف مبيد إن تهدمت له المساكن وغرق فيه الناس، وإلا كان عذاباً من السلطان أو جائحة من الجوائح.
فإن رأىِ أنّه أعطي ماء في قدح، دل ذلك على الولد، وإن شرب ماء صافياً في قدح نال خيراً من ولده أو زوجته، لأنّ الزجاج من جوهر النساء والماء جنين. وقال بعضهم: من رأى كأنّه يشرب ماء سخناً أصابه غم، فإن رأى أنّه ألقى في ماء صاف سر مفاجأة. وقيل أنِّ عين الماء لأهل الصلاح خير ونعمة، لقوله تعالى: " فيهمَا عَيْنَان تَجْرِيَان " . ولغير أهل الصلاح مصيبة.
وانفجار الماء من حائط حزن من الرجال مثل أخ أو صهر أو صديق، فإن رأى أن الماء انفجر وخرج من الدار فإنّه يخرج من الهموم كلها، وإن لم يخرج منها فإنه هم دائم. فإن كان ذلك المكان صافياً فهو حزن في صحة جسم. وهذا كله في العين إذ لم تكن جارية، فإن كانت جارية فهو خير جار لصاحبه حياً وميتاً إلى يوم القيامة. وقال بعضهم من رأى كأنّ في داره عين ماء جارية، فإنّه يشتري جارية. وإذا رأى كأنّ عيوناً انفجرت فإنّه ينال أموالاً في توبيخ.
والماء الصافي رخص الأسعار وبسط العدل، ومن رأى كأنّه شرب ماء كثيراً أكثر من عادته في اليقظة فإن عمره يطول. وقيل إنَّ شرب الماء سلامة من العدو ومضغه معالجة الكد والشدة في المعيشة. وبسط اليد في الماء تقليب مال وتصرف فيه.
والماء الراكد أضعف من الماء الجاري في كل حال، وقيل أنّ الماء الراكد حبس فمن رأى أنّه سقط في ماء راكد فهو في حبس وغم، والماء المالح غم، وأما الأسود إذا نزح من البئر فإنّها امرأة يتزوجها ولا خير فيها. وقيل أنَّ رؤية الماء الأسود خراب الدور، وشربه ذهاب البصر. والماء الآسن عيش نكد، والماء المنتن مال حرام، والماء الأصفر مرض، وغور الماء عزل وذل وزوال النعمة، لقوله تعالى: " قُلْ أرَأَيْتُمْ إنْ أصبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرَاً فَمَنْ يَأتِيَكُمْ بمَاءٍ مَعِينٍ " .
والماء الحار الشديد الحرارة إذا رأى كأنّه استعمله بالليل أو بالنهار أصابته شدة من قبل السلطان، وإذا رأى كأنّه استعمله بالليل أصابه فزع من الجن. والماء الكدر عسر وتعب، وشربه مرض. وزبد الماء مال لا خير فيه. ومن شرب من ماء البحر وهو كدر، أصابه هم من الملك. وِمن رأى كأنّه نظر في ماء صاف فرأى وجهه فيه كما يراه في المرآة، فإنّه ينال خيراً كثيراً. فإن رأى وجهه فيه حسناً فإنّه يحسن إلى أهل بيته. وصب الماء إنفاق المال في غير ظروفه من صرة أو ثوب دليل الغور، لأنّه يظن أنّه أحرزه ولم يحرزه. والوضوء من ماء لا يكره، صافياً كان أو كدراً، حاراً أو بارداً بعد أن يكون نظيفاً يجوز به الوضوء، لأنّ الوضوء أقوى في التأويل من مخارج الماء واختلافه. ويكره من العيون ماء كدر لم يجر.
والمشي فوق الماء غرور ومخاطرة، فإن خرج منه قضيت حوائجه. ومن رأى أنّه في ماء عميق كثير ونزل فيه فلم يبلغ قعره، فإنّه يصيب دنيا كثيرة ويتمول، وقيل بل يقع في أمر رجل كبير.
والاغتسال بالماء البارد توبة وشفاء من المرض، والخروج من الحبس وقضاء الدين والأمن من الخوف. ومن رأى كأنّه يشرب ماء كثيرأ عذباً كان طول حياة وطيب عيش، فإن شربه من البحر نال مالاً من الملك، وإن شربه من النهر ناله من رجل حاله في الرجال كحال ذلك النهر في الأنهار، وإن استقاه من بئر أصاب مالاً بحيلة ومكر. ومن رأى أنّه يستقي ماء ويسقي به بستاناً وحرِثاً أفاد مالاً من امرأة، فإن أثمر البستان أو سنبل الزرع أصاب من تلك المرأة مالاً وولداً، وسقي البستان والزرع مجامعة امرأته.
والماء في قدح زجاج ولد، فإن انكسر القدح وبقي الماء ماتت الأم وبقي الولد، وإن ذهب الماء وبقي القدح مات الولد وبقيت الأم.
سئل ابن سيرين عن امرأة رؤي لها أنّها تسقي الماء، فقال: لتتق الله هذه المرأة ولا تسعى بين الناس بالكذب.
وجاءه رجل فقال: رأيت كأنّي أشرب من خرق ثوبي ماء لذيذاً بارداً فقال: اتق الله ولا تخلون بامرأة لا تحل لك، فقال: إنّما هي امرأة خطبتها إلى نفسي.
وحكي عنه أيضاً أنّ رجلاً أتاه فقال: رأيت كأني عمدت إلى أصل زيتون فعصرته وشربت ماءه. فقال له ابن سيرين: اتق الله فإنَّ رؤياك تدل على أنَّ امرأتك أختك من الرضاعة. ففتش عن الأمر فكان كما قال.
ومن رأى أنّه يسقي الناس الماء: فإنّه يعمل من خيرِ أعمال البر، بعد أن لا يكون منه فيما يسقي طول على أحد، ولا يبغي ولا يأخذ ثمناً، فإن رأى أنّه يشرب ماء لذيذاً عذباً، فإنّه يصيب حياة طيبة.
السعي بين الصفا والمروة: فهو العمل بالمشي أو بالمقام. وقد قال الله تعالى: " ثَمّ أدْبَرَ يَسْعَى فَحَشَرَ فَنَادىَ " . وإنما بعث في المدائن حاشرين ولم يبرح من مكانه، فربما كان ذلك سعياً بين حصنين وثغرين، أو بين صفين أو عالمين، أو رجلين صالحين، أو زوجتين أو ابنتين، أو بين سوقين بالنداء والسمسرة، أو بين صناعتين بالفائدة والربح.
ومن رأى بيت ماء فإنه يدل على اختلاء في حرام، وأما فعل الإنسان فيه فقد تقدم في فصول البول والغائط في الباب الحادي والعشرين، وبيوت المطابيخ فتؤول بالسعي إلى اكتساب المعيشة وقوام الأمور، وأما الكانون فإنه على وجهين رئيس البيت وامرأة جليلة.
ومن رأى أنه يشرب من البحر ماء حارا فإنه حصول مصيبة وهم وغم لقوله تعالى " وسقوا ماء حميما " ، وإن كان كريه الطعم والرائحة فهو حصول غلبة من خصمه، وربما كان نكد عيش من قبل الملك.
ومن رأى أن ماء البحر هاج وتلاطمت أمواجه واسودت به الدنيا فإنه دليل على الفساد والعصيان وكثرة الاثم والذنوب لقوله تعالى " يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب " .
ومن رأى أنه يدلي دلوا في بئر يستقي منه ماء فإن كان عنده حامل أتت بغلام لقوله تعالى " وأسروه بضاعة " ، وإن كان عنده عليل أفاق، وإن كان مسجونا نجا وخرج، وإلا يوصل إلى السلطان في حاجة، وربما كان البئر امرأة تشتهي، وربما كن البئر موته.
ومن رأى عينا انفرجت وخرج منها الماء حتى ملأ الدار فإنه يخرج من الهموم كلها، وربما كان لأهل الفساد حزنا بسبب صحة جسم هذا إذا لم تكن جارية، فإن كانت جارية فهو خير وبركة لقوله تعالى " فيها عين جارية " .
وقال جابر المغربي من رأى أن السيول والمياه طفحت إلى أن غطت العالم فإنه حصول عقوبة لأهل ذلك المكان لقوله تعالى " فأرسلنا عليهم الطوفان " ، وربما دل السيل إذا خرب الأماكن على ظلم الملك وجوره.