وأما التجرد فمن رأى أنه عريان فقد تجرد لأمر أمعن فيه ومن رأى أنه عريان في سوق أو في ملأ من الناس ورأى عورته بارزة وهو مستح من ظهورها للناس وكان عليه بعض ثيابه فإنه ينكشف ويظهر أمره للناس وربما دل على انتهاك ستره وإن تجرد في مسجد فإنه يتجرد عن ذنوب لبر يفعله فيه وإن رأى أنه عريان ولم ير عورته بارزة فإن كان مريضا برئ من مرضه أو مهموما ذهب همه أو مديونا قضي دينه وربما دل ذلك على التوبة والعري من الذنوب أو يتعرى من الدنيا ويتغطى بالآخرة وقيل يصاب في ماله أو يقال عنه ما يكره وقيل التجرد للرجل الصالح خير وخروج من الهم وللعاصي هم وغم وهتك ستر ومن رأى أنه يجري وهو عريان فإنه يتهم بتهمة يكون منها بريا وإن رأى ذو سلطان أنه سلب ثيابه حتى تجرد فلا يلبث أن يعزل وإن رأت امرأة أنها عريانة أو مكشوفة الرأس في محفل من الناس فإنها مصيبة تدخل عليها في زوجها ومن يعز عليها أو نفسها ومالها
والتجرد: مع الاشتغال بعمل، دليل على تجلده فيه وظفره بمراده. فمن رأى كأنّه عريان متجرد من ثوبه، فإن له أعداء في الموضع الذي رأى فيه، وهو يغلبهم. فإن لم تكن عورته مكشوفة، فإنّه لا يغلبهم. فإن غطى عورته بشيء أو بيده، فإنّه ينقاد لهم ويهرب منهم. فإن رأى على وسطه مئزراً فقط، فإنّه يجتهد في العبادة. وإن رأى نفسه متجرداً في طلب شيء، نال ذلك الشيء بقدر تجرده وأما العري إذا لم يكن معه اشتغال بعمل، فهو محنة وترك طاعة وهتك ستر.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّ رجلاً قائماً وسط المسجد يعني مسجد البصرة، متجرداً، بيده سيف يضرب به صخرة فيفلقها، فقال له ابن سيرين: ينبغي أن يكون هذا الرجل الحسن البصري. فقال الرجل: هو و الله هو. فقال ابن سيرين: قد علمت أنّه الذي تجرد في الدين، يعني لموضع المسجد وإنّ سيفه الذي كان يضرب به لسانه الذي يفلق بكلامه الحجر بالحق في الدين.