ومن رأى أنه قد خرج من ميت شيء من الأشياء كالبول والغائط والقيح والدم والبصاق والبلغم وما أشبه ذلك فهو على وجهين قيل لا تأويل له لكونه لا يمكن صدور ذلك منه، وقيل يؤول لكل شيء من ذلك من معنى ما تقدم ويجيء على عقبه، وربما كان بنوع غير ذلك مما يراه المعبرون بفراسة في المعنى، وقال آخرون غير ذلك وتقدم أنه إذا رأى في حق الميت ما لا يمكن وقوعه منه يعبر بالنظير أو السمى أو العقيب ونحو ذلك.
وإن كا عاملاَ بمعصية الله أو هاماً بها، كانت رؤياه له نذيراً. فإن رأى كأنّ القيامة قد قامت وهو واقف بين يدي الله عزّ وجلّ، كانت الرؤيا أثبت وأقوى، وظهور العدل أسرع وأوحى .
ومن رأى أن ذكره جمع حتى صار كالكبة فإنه يؤول على ستة أوجه مال وادخاره بحيث لا ينفع وقصر أولاده وعجزهم عن ادراك ما بلغه من المناصب ومولود فيه نقص وعاهة ونقص عمره وتعسير أموره وتكدر في جاهه، ومن رأى أن ذكره استحال فإنه عجز بعد قوة.
كذلك لو رأى أنّ يده أو يديه جميعاً إلى عنقه ضمتا من غير طوق مطوّق في عنقه، وكان مع ذلك شيء يدل على أعمال البر، نحو مسجد أو في سبيل من سبل الله عزّ وجلّ، فإنّه كف عن المعاصي.
ن رأى أنه قائم بين يدي الله تعالى ناكسا رأسه يدل على أنه يصل إليه ظالم لقوله تعالى " ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم " .
وقال الكرماني من أعطاه الله تعالى شيئا في منامه سلط الله البلاء والمحنة على بدنه في الدنيا.
فإن رأى أنّه موقوف بين يدي الله عزّ وجلّ: في ذلك اليوم، فهو كذلك، وأشد الأمر وأقواه. وكذلك لو رأى من أعلام القيامة شيئاً من نحو نشر من القبور أو بعث لأهلها، أو طلوع الشمس من مغربها، حتى يصير إلى فصل القضاء والثواب والعقاب.
هل يمكن لغير المسلم ؛ كاليهودي أو النصراني ، أن يعبر الرؤيا أو يفسرها ، أم أن هذا العلم خاص بالمسلمين فقط ....؟
جوابنا على هذا السؤال هو أننا يجب أن نعلم شيئا مهما ، وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال في الصحيح : { لم يبق من النبوة إلا المبشرات . قالوا وما هي يا رسول الله ؟ قال الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرا له . } ، فقد وضع الأصل للرؤيا ، وهو ديني في المقام الأول ؛ لأن من قال هذا الكلام ، ثبت أنه يعبر الرؤيا مستعينا بالقرآن الكريم ، والقرآن هو كلام الله المعجز في كل زمان ومكان ، ولذا غالبا ما يكون في بعض الرؤى بعضا من الأمور المغيبة ، التي إن استعنا بالقرآن في فك رموزها نرى الصدق والتحقق فيها .
وكذلك ثبت أنه يعبر الرؤيا من خلال الوحي الثاني ؛ وهو السنة المطهرة ، والتي صارت مرجعا للمعبرين بما حوته من الأمثال النبوية ، وصاحبها وصفه الله بقوله : [ إن هو إلا وحي يوحى. علمه شديد القوى ] . ومن يرجع في تعبيره إلى واحد من هذين المصدرين ، فإنه يبرع أيما براعة ، ولكن هناك تعبير باستخدام أمور أخرى أو بالاستعانة بأمور أخرى ، كالاستعانة بالفراسة ، أو بمعرفة حال الرائي عن قرب ، أو الاستعانة بمعرفة أحوال المجتمع ، وهذه يمكن لغير المسلم القيام بها ، ولكن لا أحبذ تسميته تعبيرا للرؤيا ، وإنما تحليلا للمجتمع أو الشخصية ، أو دراسة لها ، وهذا لكون التعبير فتوى وتسميتها لها منطلق قرآني ، أو ديني ، وينزه عنه غير المسلم ، كما لا يجوز التجرؤ عليها من غير المسلمين ، ولو مسمى فقط .
كما أنه لابد من معرفة الأدوات الرئيسية للتعبير ، وهما القرآن والسنة في المقام الأول ، وهذه قد لا تكون متوفرة لغير المسلم ، ولا يرجع لها غير المسلمين . وقد ذكرت بعض المراجع وأثبتت وجود بعض المعبرين من غير المسلمين وقسمتهم أقساما ، ومنها :
1/ المعبرون من الفلاسفة ، مثل : أفلاطون ، وبطليموس .
2 / المعبرون من الأطباء ، مثل : جالينوس ، وأبقراط .
3 / المعبرون من اليهود ، مثل : حيي بن أخطب ، وكعب بن الأشرف .
4 / المعبرون من النصارى ، مثل : حنين بن إسحاق ، وأبو مَخلد .
5 / المعبرون من المجوس ، مثل : كسرى أنو شر وان ، وكشمور ، وهرمز .
6 / المعبرون من مشركي العرب ، مثل : أبو جهل ، وأبو طالب ، وعبد الله بن أبي .
7 / المعبرون من الكهنة ، مثل : سطيح ، وأبو زرارة ، وعوسجة .
8 / المعبرون من السحرة ، مثل : عبد الله بن هلال ، وقرط بن زيد الأبلي .
ولكن يلاحظ من تتبع تعبيرات هؤلاء ، اعتمادهم على أمور لا علاقة لها بالقرآن أو السنة في التعبير ، بل تراهم يعتمدون على الكهانة ، أو الجن ، أو السحر بأنواعه ، وغيرها من طرق محاولة معرفة الغيب المحرمة .
أهل الملل السابقة هل يهتمون بالأحلام ؟
نعم جاء ما يدل على هذا ؛ ومن ذلك : جاء في سفر التكوين : إصحاح/8:40 ،ص:66 ما يلي: قال يوسف لصاحبي السجن :[ أليست لله التعابير قصا علي ] . وجاء في تعبير يوسف للملك قوله : [ أن الحلمين حلم واحد . وتكرر لأن الأمر مقرر من قبل الله ، والله مسرع ليصنعه]، سفر التكوين :إصحاح /32:41 ، ص:69 . وهناك غيرها كثير من النقول ولكن هذه نماذج ،، والله أعلم.
ومن رأى أن ملكا في يديه سوارا فإنه يؤول بظهور أمر قبيح على يديه في ذكر جميل وإن كانت الأساور من معدن من المعادن أو شيء من النباتات فإنه يؤول لكل منها على ما يظهر في أصول التعبير لذلك المعدن وقيل رؤيا السوار من حيث الجملة من أي معدن كان تؤول للنسوة بالرجال المنسوبة في الخاصة إلى ذلك المعدن وللرجال بنسوة كذلك.
ما المستند علية في قلب المعني في التعبير , كالبكاء يعبر بالفرح , والموت في الحياة ؟
مما هو شائع بين المعبرين من مناهج التعبير; التعبير بقلب المعني , كالبكاء يعبر بفرح , والموت يعبر بحياة , وهذا أري استخدامة عند وجود معني سئ , فيقلب تفاؤلا , ومما وجدتة من أدلة تعضد هذا المنهج ما جاء في قولة تعالي : ( اذا يريكهم الله في منامك قليلا ولو أرئكهم كثيرا لفشلتم ولتنزعتم في الأمر ولكن الله سلم انة عليم بذات الصدور (43)واذ يريكموهم اذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا والي الله ترجع الأمور (44)(الأنفال : 43 , 44 ) .
قال مجاهد : أراهم الله اياة في منامة قليلا , وأخبر النبي صلي الله علية وسلم أصحابة بذلك فكان تثبيتا لهم .
قال سيد قطب : والرؤيا صادقة في دلالتها الحقيقية , فقد راهم النبي قليلا وهم كثير عددهم , ولكن قليل غناؤهم , قليل وزنهم في المعركة . . . الخ .
ولما تقابل الطرفان وجها لوجة تكررت الرؤيا النبوية الصادقة في صورة عيانية من الجانبين , بحيث يري المؤمنون الكافرين قلة , ويري الكافرون المؤمنين قلة , بحيث أن كلا من الفريقين أغري بخوض المعركة .
والسبب في أن الكافرين يرون المؤمنين قلة ; كما قال الرازي : ألا يستعد الكافرون كا الاستعداد , وأن يجترؤوا علي المؤمنين معتمدين علي قلتهم , ثم تفجؤهم الكثرة فيدهشوا ويتحيروا . . . الي أن قال : وفي التقليل من الطرفين معارضة تعرف بالتأمل .
اذا الكافرون كانوا في الحقيقة كثير , والمؤمنون قلة , ورؤية النبي صلي الله علية وسلم لهم قليل في الرؤيا , جاء لحكمة عظيمة , وهي أن يجرأ الله المؤمنين علي الكافرين في ميدان القتال , وهذا مما ساعد المؤمنين علي تحقيق النصر , والله أعلم .
ويوجد صورة قريبة من هذة , فالأقارب أحيانا ينوب بعضهم عن الاخر في المنام , فقد نري العم , ويكون المعني عم اخر , وقد نري أحد الاخوة , ويكون المعني منصرفا لأخ اخر , وهكذا .
أما معنى الأحلام المشابهة لرؤية رايت عروق تخرج من يدي كال في المنام فيؤول إلى التالي