كثيرا ما يجمعني المجلس أو الحديث بمن يقول لي: أنا لا أحلم...:
وتراه يبدي انزعاجه أحيانا !
وتراه يقول هذا متهكما أحيانا ! ولسان حاله؛ لست ممن يهتم بتخصصك !
وبتحليل عدد من الشخصيات التي تعيش هذه الظاهرة، يمكننا القول بأن هذه الظاهرة موجودة ابتداءا، وقد ظهر لي بأن أهم الأسباب التي تقف خلفها ما يلي:
1/ النسيان. فكثير ممن يحلم أو يرى الرؤيا، قد ينساها، أو يُنسيها، وهذا لحكمة العزيز القدير. ولذا فقد يوجد من يتذكر فجأة حلما رآه، أو رؤيا صادقة رآها.
2/شدة الاستغراق في النوم ممن يعاني مثل هذه الظاهرة، ولذا فمن يستغرق جدا في نومه يشبه الميت، وهذا النوع قليلا ما يتذكر ما يراه في نومه.
3/ من يعمل تارة نهارا وتارة ليلا، وتارة ليلا وتارة نهارا، وهكذا دواليك، وهؤلاء في الغالب لا يتذكرون أحلامهم أو رؤاهم، وقد توصلت لهذه الفئة الأخيرة مؤخرا وبعد استقصاء وفحص مكثفين، وأنشره هنا لأول مرة؛ والسبب خلف عدم تذكر رؤاهم أو أحلامهم، أنهم لا يرتاحون في نومهم كما يرتاح الذين لهم نظام ثابت في النوم ليلا، وهؤلاء الذين ينامون ليلا، هم من يحصل على فوائد النوم الكبرى .
4/ من لديه مواقف شخصية ضد هذا العلم بسبب بعض المفسرين، وسواء كان السبب صحيحا، أو خاطئا، فتراه يعادي هذا العلم بهذه الوسيلة، فيقول بأنه لا يحلم أو لا يرى الرؤيا.
5/أنة قليل الرؤي فعلا.
هذه بعض أسباب هذه الظاهرة، والله أعلم.
كيف أتخلص من مشكلة توقع الشرور بمن حولي , ان رأيت فيهم حلما مفجعا ؟
هذا نموذج من أسئلة كثيرة , ما فتئت تتري , ولا أخفيكم أنني كنت ممن أعيش هذة المشكلة , حيث أني أري ما سيحدث للبعض من حولي , ومن ثم أعيش في هم وقلق بانتظار ما قد يحدث ، وهذه المشكلة موجودة عند بعض الناس كذلك، في حال اليقظة !! ومن جهة نظري أن احساسهم بالشئ قبل وقوعة قد يكون من نوع الالهام ; وهو أن يتحدث الواحد عن شئ ويحري الله الحق علي لسانة .وقد وافقة القران في ستة مواضع.
وقد كان عمر بن الخطاب ملهما ؛ يجري الحق على لسانه ، وقد وافقه القرآن في ستة مواضع
وقد جاء في صحيح مسلم من طريق عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال ، قال عمر :
[ وافقت ربي في ثلاث : مقام إبراهيم ، وفي الحجاب ، وفي أسارى بدر ].
وأيضا حين احتج نساء النبي عليه في الغيرة ، قال : عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن ، فنزلت الآية بذلك.
وجاء في حديث صحيح عند مسلم موافقته في منع الصلاة على المنافقين [ انظر شرح النووي على صحيح مسلم 15/167 ]
وجاءت أيضا موافقته في تحريم الخمر ، قال النووي : فهذه ست وليس في لفظ الحديث السابق عن عمر ما ينفي زيادة الموافقة ، والله أعلم ،
وأعود للموضوع السابق ، فأقول:
وقد يكون بسبب آخر وهو الإحساس المرهف بالشعور بالآخرين ، والعيش مع مشاكلهم ، كما يحدث لبعض الأمهات أو الآباء مع أولادهما مثلا ، فقد يشعر الأب أو الأم بمعاناة أحد الأبناء وهو في غربة ، أو محنة.
وقد يقول مثلا : إني أحس بأن صدري منقبض على فلان أو فلانة ، وقد يحدث هذا الأمر من غيرهم ممن يتميز بهذه الصفات ، من بعض الفئات ، كبعض رجال الأمن ، أو الأطباء ، أو المدرسين ، أو الممرضين والممرضات ، وغيرهم ممن يحمل شعورا نحو من هو مسؤول عنه .
ويمكن دفع هذه المشكلة بطريقتين :
1/ إن كان هذا الحدس جاء من خلال حلم ، فدفعه بما ورد من الاحترازات عن الرؤيا المكروهة ، وهي تدفع هذا الشيء الذي يخاف حدوثه بإذن الله . وعلى من ابتلي بهذه الخاصية الإلحاح على الله بالدعاء لدفع هذا الأمر عنه ، ولن يرى شيئا من هذا بإذن الله .
2/ وإن كان هذا الحدس جاء من خلال الإلهام ، فدفعه من خلال الدعاء بأن يزيل الله عنه هذه الخاصية ، والله قمن أن يستجيب للعبد مسألته ، وبخاصة لمن ألح بالدعاء ، والله أعلم .
الحلم
يدل في المنام على رفع قدر الإنسان على قدر ما وصل إليه في المنام، أما إذا كان لا يليق به فيكون دليلاً على أنه يرتكب أوزاراً أو ذنوباً، أو دليلاً على داء شديد ينزل به.
قال الأستاذ أبو سعد رحمه اللهّ: الأصل في رؤيا الصلاة في المنام أنّها محمودة ديناً ودنيا، وتدل على إدراك ولاية ونيل رسالة، أو قضاء دين، أو اداء أمانة أو إقامة فريضة من فرائض الله تعالى. ثم هي على ثلاثة أضرب، فريضه وسنة وتطوع، فالفريضة منها تدل على ما قلنا، وأنّ صاحبها يرزق الحج ويجتلب الفواحش، لقوله تعالى: " إن الصَلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ " .
والسنّة تدل على طهارة صاحبها وصبره على المكاره، وظهور اسم حسن له، لقوله تعالى: " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُول الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " . وشفقة على خلق الله تعالى، وعلى أنّه يكرم عياله ومن تحت يده، ويحسن إليهم، فوق ما يلزمه ويجب عليه في الطعام والكسوة، ويسعى في أمور أصدقائه فيورثه ذلك عزاً. والتطوع يقتضي كمال المروءة وزوال الهموم.
عنوان البخاري في صحيحة : باب : الرؤيا من الله , وهكذا معناة مطلقا وورد في الحديث : "
الرؤيا الصادقة من الله والحلم من الشيطان " وظاهر هذا القول : أن التي تضاف الي الله لا يقال لها حلم والتي تضاف الي الشيطان لا يُقال لها رؤيا ، وهو تصرف شرعي يقوم علي التفاؤل والا فالكل يسمي رؤيا ، وقد جاء في حديث اخر (الرُّؤْيَا ثَلاَثَةٌ)
ثم ذكر الحديث وفية أطلق علي كل نوع اسم رؤيا , ويؤيد التفاؤل قولة صلي الله علية وسلم " الرؤيا الحسنة من الله " وفي رواية : " الرؤية الصالحة " فسماها حسنة
هذه المسألة من المسائل التي توقفت عندها كثيرا ، وبعد البحث الطويل في صفات أهل الجنة ، وأهل النار أقول :
الجنة دار نعيم ، وأي نعيم ، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي الذي يرويه البخاري في كتاب الجنة وصفة نعيمها من طريق أبي هريرة رضي الله عنه: [ أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ] .
وجاء في صفتهم قوله صلى الله عليه وسلم عنهم ، كما جاء في البخاري كذلك ، في نفس الموضع السابق : [........ لا يبولون ، ولا يتغوطون ، ولا يمتخطون ، ولا يتفلون ، أمشاطهم الذهب ، ورشحهم المسك ، ومجامرهم الألوة ، وأزواجهم الحور العين ، أخلاقهم على خلق رجل واحد ، على صورة أبيهم آدم ، ستون ذراعا في السماء ] .
وهذا النعيم أبـدي ، والنار دار شقاء أبدي كذلك ، وقد ثبت في الصحيح كذلك ما رواه البخاري من طريق أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [....يا أهل الجنة ! خلود فلا موت ، ويا أهل النار ! خلود فلا موت ] .
والنوم من صفات النقص في حق أهل الجنة ، وقد جاء في الحديث من طريق أبي هريرة مرفوعا : [ النوم أخو الموت ، ولا ينام أهل الجنة ] ، وهذا الحديث صححه العلامة الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة ، ج/1 ص: 74 ح:1087 كما أنه ينافي العذاب الأبدي لأهل النار ، فهم يتمنون أن يخفف الله عنهم العذاب ، ولكن ليس لهم إلا الحسرة كما جاء عنهم قوله تعالى [ وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون ] مريم:39 .
ما حكم نسبة الحلم إلى الشيطان؟ وما حكم من نسبه له مجازاً فقط؟
ورد كما مرَّ بنا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: (( الرؤيا الصادقة من الله والحلم من الشيطان ))،
وقد وجدت الكثير من العلماء الثقات مَن ينسب له الحلم مجازاً من مثل المازري في شرح صحيح مسلم وابن حجر في فتح الباري وهو يتكلم عن الرؤيا الصالحة:
( فهو بالنسبة إلى ما لا دخول للشيطان فيه، وأما ما له فيه دخل فنسبته إليه نسبة مجازية).
قُلتُ: ولكن الصحيح أنَّ الأفعال تنسب إلى فاعلها؛ لأنه هو الذي ابتدأها وفعلها وتنسب إلى الله عزَّ وجلّ لأنه هو الذي قدّرها وخلقها كما
قال تعالى: { مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ }
أي فعلاً وابتداءً. وقال سبحانه: { كُلٌّ مِّنْ عِندِ الله } أي خلقهاً وتقديراً.
ومن هذا أفعال الشيطان من الوسوسة والتسويل والإغراء والعقد على قافة الآدمية، كلها تنسب للشيطان حقيقة؛ إذْ هو المباشر لها وهذا وروده كثير في القرآن الكريم
قال تعالى: { الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ } ،
وقال سبحانه:{ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ }
وقال كذلك { وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّصِحِينَ }
وقال تعالى { وَإِنِّي جَارُُ لَكُمْ }
وكذلك مما يدلّ على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم
(( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم....)) مسلم شرح النووي ( 6/65 )
وقوله صلى الله عليه وسلم:
(( الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)) متفق عليه.
وهذا وأمثاله حقيقة نسبتها إلى الشيطان نسبة حقيقية؛ لأنه الفاعل المباشر لها، وإن كانت كلها بتقدير الله عزَّ وجلّ وخلقه وإرادته سبحانه وتعالى.
إذا قوله صلى الله عليه وسلم: ((الحلم من الشيطان))، يجب أن يقال هي على ظاهرها والحلم يكون من نوع إغوائه وتخويفه لبني آدم.
قال القاضي وغيره:
( هو على ظاهره وأن الله تعالى جعل له قوة وقدرة على الجري في باطن الإنسان مجاري دمه).
أما بالنسبة للرؤيا التي هي من عند الله ، فلا علاقة لها بالجسد و بالمادة كما قلت ، بل هي متعلقة بالروح ، فهي وحي إلهي يُسيِّره الله بمشيئته وإرادته كيفما يشاء سبحانه وتعالى ، وكذلك الحلم ؛ فهو من الشيطان كما ناقشناه حقيقة لا مجازا . ووجهة النظر هذه شرعية للمتأمل ، ولكن هناك وجهة نظر أخرى توّصلتْ - بعد إجراء العديد من التجارب المعملية - التي تم فيها فحص الدماغ عند بعض الحيوانات كالقطط إلى وجود مجموعة من الخلايا العصبية في مكان ما من الدماغ ، تتحكم بحركة الحيوان ، أو جموده أثناء النوم ، ولأن التجارب تعضد بعضها ، ولأن بعض الحيوانات ُتشاهد وهي نائمة تصدر بعض الحركات أو تصرخ ، مما جعل هؤلاء العلماء يحكمون بإمكانية الحلم عند هذه الحيوانات ، وهذا قد يكون مقبولا ؛ أعني إمكانية حلمها ، وإمكانية كونه صادرا عن بعض الخلايا العصبية ، لكنه حينها يكون من نوع الأضغاث ، كما قررناه عند الحديث عن : أحلام الحيوان ، أما الرؤيا ، والحلم فمحلهـما هو ما قررناه ، ومنطلقه شرعي للمتأمل المنصف ، وآمل أني وضحت هذه المعلومة . والله أعلم .
من المعلوم أن الله سبحانه وتعالى قد ميّز الإنسان على الحيوان بالعقل، والعقل كما هو معلوم مما يرتكز عليه عند التكليف،
ولذلك رفع الله القلم عن المجنون، وإذا كنا قد قرّرنا أن الأحلام منها ما هو بشارة لصاحبه أو إنذار له ، وهذه متعذرة عند الحيوان لعدم وجود العقل لديها؛
الذي هو مناط التكليف كما قلنا، فإننا نقرر هنا أن الحيوان ليس عنده الرؤى التي ترد بمعنى البشارة أو النذارة، ولكن قد يوجد عندها القدرة على مشاهدة بعض الأحلام التي عاشت أحداثها،
ولكن أين الآلة التي تخرج لنا هذه الأحلام في ظل عدم قدرتها على الكلام والتحاور والفهم؟
وقد سألت الكثير من المختصين ومربي الحيوانات الأليفة وقرّروا أن حيواناتهم أثناء الليل يشاهد عليها الكثير من الاضطراب أو الحركة أو تغيير في حركة الفم أو الصراخ وهي نتيجة أحلام لهذه الحيوانات.
كما وجدت دراسة لأحد المعاهد في الولايات المتحدة الأمريكية
باسم: ( MIT News )
وكانت الدراسة بعنوان:
Animals have Complex dreams
MIT researcher proves
صادرة في تاريخ 24 – 1 – 2001
ومما أثبتته هذه الدراسة ما يلي:
أن الحيوانات تحلم، وإن أي مالك للحيوانات يمكن أن يرى ويكتشف هذه الحقيقة،
وقد يبدو هذا الأمر غريباً ولكنها الحقيقة، فعقل الحيوان ينشط أثناء النوم كما هو عند العمل، ويختلف نوم الحيوان ما بين نوم عميق ونوم بسيط،
وأُجريت العديد من التجارب على الفئران ثبت من خلالها أن الفئران في نومها تنتقل من مرحلة إلى مرحلة ومما هو معلوم أن الحلم يحدث عند الإنسان في مرحلة النوم العميق، ويحدث للفئران نفس الشيء.
فالحيوانات لديها أحلام مركبة ومعقدة _ كما اثبتت الدارسة _ وهي تحلم بأحداث محددة من التي تحصل لها في اليقظة.
والخلاصة التي أتوصل لها هي:
1_ أن الحيوانات لديها القدرة على النوم وعلى الاستغراق فيه.
2_ تشاهد الحيوانات بعض الأحلام التي تعيش أحداثها أو عاشت أحداثها.
3_ ليس في أحلام الحيوانات النوع الأول والثاني وأقصد به الرؤى المبشرة، أو الأحلام المنذرة.
4_ لا قدرة للحيوان على قص الحلم، لعدم قدرتها على الكلام وإنما يتوصل على حدوث أحلامها من تعبيرات وجوهها أثناء النوم.
5_ السبب في تعذر النوع الأول والثاني من أنواع الأحلام عند الحيوانات هو عدم وجود العقل، ولذلك أشبهت المجنون الذي رفع عنه التكليف ولا يحاسب على تصرفاته، بل قد لا يشعر بما يحيط به أو يُدبّر له، ولذلك يلاحظ مثلاً في عيد الأضحى أن الحيوانات التي حُبست ليلة العيد لا يظهر عليها انفعالات غير طبيعية أثناء نومها مع أنها في الصباح ستذبح، وهذا بسبب عدم إحساسها ووعيها لعدم وجود العقل لديها، ونفس الشيء ينطبق على الطفل الذي لم يُميّز وعلى المجنون فقد ينامان ملء عينيهما، حتى ولو كان الصباح فيه إعلان إعدامهما !!
كيف يحلم الصم؟؟
هل يسمعون الصوت في أحلامهم؟
هل يأتيهم الكابوس؟
هل يختلف من ولد أصما، في الأحلام ومشاهدتها وتخيل أصوات ما يشاهدونه، ومن أصابه الصمم لاحقا ؟
هذه عدة أسئلة قد تخطر ببال كل مهتم، أو متخصص بعلم تعبير الأحلام، كما ويلفت نظر كل من يحب هذا الفن أيضا؛ فكيف يحلم الأصم؟ وكيف يمكن تفسير أحلامه؟ وهل لغته الرمزية كافية للفهم ؟ وحين يقوم شخص من الأسوياء بترجمة هذه اللغة الحركية بعد تلقيها منهم، إلى لغة منطوقة؛ فهل يكون هذا كافيا، ومن ثم يمكن أن تعبر رؤاهم؟ وهل لغة المترجم هنا تكون مؤدية للمعنى الدقيق الذي يريده الأصم؟
في البداية، فهناك فرق بين من ولد أصما، ومن ولد قادرا على السماع، ولكنه أصيب فيما بعد بالصمم....ولكل واحد من هذين القسمين طريقته في الحلم... وهذا ما سأفصله في المقال التالي...
فمن ولد قادرا على السماع، ثم أصيب بصمم كلي، فغالبا سيرى الحلم، ولن يسمع الصوت، ولكنه حين يقص عليك رؤيته التي شاهدها، بعد إصابته بالصمم ، سيخبرك بما شاهده، وسيقيس ما يراه من أمور جدّت عليه، وهو لم يسمعها، على ما كان يختزله ومحتفظا به في ذاكرته قبل أن يصاب بالصمم.
وأما من ولد أصما، فهؤلاء جميعا لا يستطيعون سماع الأصوات أبدا، فيشاهدون المناظر والمشاهد المختلفة في أحلامهم بلا صوت، وقد يرى مشاهد متعددة، لبشر أو لجمادات، أو يرى أبويه مثلا، أو أقاربه، أو أصدقاءه وغير ذلك، وبالاختلاط بهم والسماع منهم، وجد أنهم يكثر لديهم رؤية من يتفق معهم بالإعاقة هذه؛ وتعليل هذا أنهم شديدو القرب منهم عاطفيا، أومكانيا، فلا غرابة أن يكونوا قريبين من أرواحهم أيضا، إذا ما صعدت حال النوم، والأرواح كما ورد في الصحيح، جنود مجندة فما تقارب منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، فيجتمع النائم في النوم بعامة، بصفيه وخليله من أهل الدنيا، ويقاس على هذا هؤلاء الصم، فلذا يكثر لديهم رؤية الصم.
وبعد أن عرفنا كيفية رؤية الصم للرؤى، فتبقى لدينا مسألة مهمة جدا؛ وهي كيف يمكن تفسير رؤاهم؟ وهل ستكون لغة الإشارة - سواء من المترجم أو من الأصم نفسه - كافية، في فهم ما يصدر عنهم من لغة مرموزة للمعبر؟
أقول، هنا أمر مهم جدا، فاللغة التي يحتكم لها في التعبير، هي لغة المتكلم حين يقصها الأصم للسامع، سواء كان السامع هو المعبر وهنا اللغة تكون ما يفهمه المعبر حسب ثقافته هو، أو كان السامع هو المترجم لمن سيعبر، وهنا سيحتكم للغة المترجم وثقافته، فلا بد من أن يعي المعبر هذا، ويحاول أن يكون أمينا في النقل لرؤى مثل هؤلاء، فقد يكون الأصم يريد كلمة، أو جملة معينة، ويقوم المترجم لرموزه بالتعبير بكلمة، أو جملة أخرى....وهذا موهم جدا، بخاصة حين تكون الكلمة المستبدلة، تؤدي لمعنى آخر مختلف تماما....عند التعبير ،وهذه المهمة يجب أن ينتبه لها المعبر، فيتأكد قبل التعبير من الرمز الذي أراده الأصم، وهذا يتأتى بسؤاله لمن قام بالترجمة له....أو بسؤال الأصم نفسه عن مقصوده بإشارته بشكل دقيق، لأن بعض الإشارات في لغة الصم تدل على دلالات لفظية متعددة، كما فهمته من المترجمين لها، وكما رأيته في لغتهم المصورة، وقد أخذت رؤيا لأصم في برنامجي وعلى الهواء مياشرة في قناة الراية، وحين بدا المترجم للأصم بترجمته، استغربت من كلمة قالها، وكان يريد بها التعبير عن مكان خروج الأصبع في الحذاء، فقال خاتم!! وحين سألته إذا كان هذا هو ما عبر عنه الأصم بنفسه؟ أجاب بالنفي وأن هذا من كلامه هو؛ فهو يسمي هذا الجزء في الحذاء بالخاتم....في حين تجد من يسمي هذا النوع مثلا ذو الأصبع من الأحذية، وقس على هذا الكثير من الكلمات ذات المعاني الواسعة مثلا، فقد يريد الأصم شيئا، ويتم نطقه من المترجم بشيء آخر مختلف في لغة التعبير، ويعرفها أو يهتم بالتفريق بينها، المعبر دون غيره . . .
وروي أنّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى وهونازل بالطائف، كأنّه جيء بقدح من لبن فوضع بين يديه، فانصب القدح. فأولها أبو بكر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله ما أظنك مصيباً من الطائف في عامك هذا شيئاً، فقال: أجل، لم يؤذن لي فيه، ثم ارتحل صلى الله عليه وسلم.
وأتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت عساً من لبن جيء به حتى وضع، ثم جيء بعس آخر فوضع فيه. فوسعه، فجعلت أنا وأصحابي نأكل من رغوته، ثم تحول رأس جمل، فجعلنا نأكله بالعسل. فقال: أما اللبن ففطرة، وأما الذي صبه فيه فوسعه، فما دخل في الفطرة من شيء، وأما أكلكم رغوته فيقولن الله تعالى: " فأمَا الزَّبَدُ فَيَذْهب جَفَاء " . وأما البعير فرجل عربي، وليس في الجمل شيء أعظم من رأسه، ورأس العرب أمير المؤمنين، وأنتم تغتابونه وتأكلون من لحمه، وأما العسل، فشيء تزينون به كلامكم. وكان ذلك في زمان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.
وأتى ابن سيرين رجل فقالت: رأيت كأنّي ارتضع إحدى ثدييّ، فقال: ما تعمل؟ فقال: أكون مع مولاي في الحانوت، فقال: اتق الله في مال مولاك.
ورأى عدي بن أرطأة لقحة مرت به وهو على باب داره، فعرض عليه لبنها، فلم يقبل. ثم عرض عليه ثانية، فلم يقبل. تم عرض عليه مرة أخرى فقبله فقال سيرين: هي رشوة لم يقبلها، ثم عاد فقبلها وأخذها.
ورأى أمير المؤمنين هارون الرشيد، كأنّه في الحرم يرتضع من أخلاف ظبية. فسأل الكرماني مشافهة عن تأويلها، فقال: يا أمير المؤمنين، الرضاع بعد الفطام حبس في السجن، ومثلك لا يحبس، ولكنك منحبس بحب جارية قد حرمت. فكان كذلك.
وأما الرعاف: فإنّه إن كان كثيراً رقيقاً، دل على إصابة مال دائم. وإن كان غليظاً، دل على سقط يولد له. فإن رأى أنّ أنفه رعف، وكان ضميره أنّ الرب ينفعه، فإنه يصيب من رئيسه خيراً. وإن كان ضميره أنّه يضر به، فإنّه يصيب من رئيسه شراً، ويكون وبالاً عليه، وينال بعده ضرراً. فإن كان هو الرئيس، فإنّه يرى بجسده بقدر ما رأى من القوة والضعف، وكثرة الدم وقلته. فإن رعف قطرة أو قطرتين، فإنه منفعة. فإن رعف رطلاً أو رطلين وكان ضميره أنّه منفعة لبدنه، فإن صحة البدن صحة الدين، فهو يخرج من إثم ويصح دينه. وإن كان في ضميره أنه يضره في بدنه، فإن ضرر البدن ضرر الدين أو اكتساب إثم. فإن ذهبت قوته بعد خروج الدم، فإنّه يفتقر وإن قوي فإنّه يستغني، لأنّ القوة غنى الرجل. فإن تلطخ بدمه ثيابه، فإنّه يصيب من ذلك مالاً مكروهاً وإثماً. فإن لم تلطخ بشيء، فإنّ صاحبه يخرج من إثم. فإن رأى أن الرعاف يقطر في الطريق، فإنّه يؤدي زكاة مال ويتصدق بها على قارعة الطريق. وقيل إن الرعاف إصابة كنز، والعطاس تيقن أمر مشكوك.
ما المراد بالتنويم المغناطيسي، وهل يحلم المنوَّم تنويماً مغناطيسياً؟
التنويم المغناطيسي: حالة شبيهة بالنوم الطبيعي، وليست نوماً طبيعياً ........ويمكن إحداث التنويم المغناطيسي لدى الشخص المسترخي بطرق، ومنها:
أ _ تكرار بعض الكلمات.
ب _ تكرار بعض الحركات.
ج _ التحديق في نقطة لا معة مما يؤدي إلى تعب عضلات العين.
والملاحظ أن المنوَّم بهذه الطريقة لا يفقد شعوره وانتباهه، بل يظل خاضعاً لإيحاءات المنوم وأوامره، بل قد يوجهه إلى الإيمان بفكرٍ، أو فكرةٍ ما، كما يلاحظ أنه لا يمكن تنويم شخص رغم أنفه.
ويوجد ما يسمى بالتنويم المسرحي؛ وهو بعيد كل البعد عن التنويم المغناطيسي، ويعتمد في مجمله على التمثيل المصطنع، للوصول إلى تسلية المشاهد للعروض هذه فقط، ولا يعتمد عليه، وليس ضمن ما يتكلم به الباحث هنا.
~.~.~.~.~.~.~
والخلاصة:
أن حالة المنوَّم بهذه الطريقة، سواء كان القصد به التنويم المسرحي، أم التنويم الطبي في العيادة، وتحت إشراف الطبيب المعالج، ليست حالة طبيعية يتولَّد معها الرؤيا الصادقة
تساءلت عن مسألة علمية مهمة في علم التعبير، وهي ما عنونت له مقالتي هذه، فأقول عنها:
بداية فالرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، وهذا ثابت بنص السنة الصريحة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
[الرؤيا من الله والحلم من الشيطان] متفق عليه.
والشيطان تعهد بعداوة دائمة لكل إنسان، فعداوته لا تنفك عنهم في النوم فيأتي بالأحلام المفزعة لهم، أو اليقظة بما سيرد من صنوف للأذى، والله سبحانه وتعالى يقول:
[وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ] أي نسبب له شيطانا جزاء له على كفره " فهو له قرين " قيل في الدنيا , يمنعه من الحلال , ويبعثه على الحرام , وينهاه عن الطاعة , ويأمره بالمعصية ; وهو معنى قول ابن عباس .
ولذا فالأحلام المفزعة تكثر على من ابتعد عن الذكر وهجر الطاعة وصلاة الجماعة، وتأمل قول الله تعالى عن أوليائه: [ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة...] وفسرت البشرى بالرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له.
فالأحلام تقل أو تنعدم على أولياء الله، لأن أعمالهم جعلتهم في معزل عن أذى الشيطان الرجيم، ومن أهمها الإيمان والتقوى.
وأما النبي صلى الله عليه وسلم فلا يرى الحلم أبدا، وهكذا بقية الأنبياء والدليل على ذلك حديث:
عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرين من الجن، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير]﴾ صحيح مسلم.
ومن أعطي هذه الكرامة في اليقظة، فلا يمنع من إعطائها له في النوم، فلا يرى الحلم أبدا بمعناه الشرعي الذي قررناه في بداية هذا المقال. والله أعلم